حاولت المبادرة الأوروبية انقاذ المسيحيين، فاتصل الرئيس الفرنسي بسوريا وطلب حيادها فالتزمت سوريا بالحياد، وحاولت فرنسا انقاذ لبنان من خلال مبادرة البطريرك فقدمت ضمانات ولم تحترم فرنسا هذه الضمانات، والسؤال اذا كان الرئيس ساركوزي يبدأ عهده بإعطاء ضمانات ولا يحترمها فالجواب هو ان مشكلة كبيرة عند الرئيس ساركوزي في ان يصدقه اللبنانيون والفلسطينيون والعرب ما لم يلتزم بالضمانات التي يقدمها.
عندما طلب موفدون من البطريرك صفير تقديم لائحة وعلى اساسها اختيار اسم منها ففعل البطريرك وتم توجيه ضربة قاضية لمصداقية البطريرك فوقع ضحية الخديعة من قبل القيادات السياسية.
لكن السؤال الأهم هو أين فرنسا الحرة، اين فرنسا الضامنة لكلمتها، فشرف فرنسا في مصداقيتها، وعندما تعطي فرنسا ضمانات لرأس الكنيسة المارونية فعليها احترامها.
وعندما يعطي الرئيس ساركوزي ضمانة وكلمة شرف فعليه احترامهما، فأين مصداقية الرئيس ساركوزي وأين مصداقية فرنسا التي نحبها؟
أسقط المسيحيون مبادرة فرنسا واضاعوا الفرصة عليهم في اختيار رئيس ماروني جديد للجمهورية وبدء مرحلة ازدهار جديدة.
ميشال عون ارتكب الخطأ المميت وسمير جعجع ارتكب الخطأ المميت ايضا في حسابات تشبه تماما ما قاله ذات يوم عن مطار حالات حتما، وذهب الاوروبيون خائفون، وبقي السؤال هل للرئيس ساركوزي مصداقية، هل لفرنسا مصداقية في ضمانات تقدمها ولا تحميها؟
خسر الشعب اللبناني كله مناسبة عظيمة لانتخاب رئيس جديد وبدء مرحلة جديدة، واذا كان الرئيس ساركوزي قد عقد قمة مع الأميركيين ومع الرئيس بوش تحديداً قبل إطلاق المبادرة الفرنسية واعطاء الضمانات وأرسل موفديه الى دمشق وطهران والرياض، فان المسيحيين في لبنان اضاعوا فرصة اعادة دورهم، وللأسف كانت فرصة ذهبية، لكن المسيحيين لم يعرفوا قيمة الوقت الثمين والفرصة الكبرى لإعادة دورهم في لبنان.
ما الذي سيجري؟ ضياع في الدولة، رئيس جمهورية مثل الرئيس لحود يذهب من الحكم تاركا بلادا محترقة وهو استلمها عمرانة، وعليه ان يصرح عن أملاكه وأمواله وهو لا يفعل، والعماد عون يعيش في الأنا الذاتية، وجعجع ما زال يعيش في المجلس الحربي.
أما حصة بقية المسؤولين الموارنة وبعض المسيحيين فظهرت في بعض تحركاتهم، فالمسيحيون اليوم أصبح دورهم «خزمتشيون» بعضهم لدى الطائفة الشيعية والبعض الآخر لدى الطائفة السنية.
أموال السنّة تأتي من السعودية، ومساعدات المنكوبين في الحرب الاسرائيلية تأتي من ايران للطائفة الشيعية.
اما المسيحيون فلا تأتيهم اموال، وهم يحزمون الحقائب ويسافرون، لا بل يهاجرون.
لو بقيت سوريا في لبنان لربما كان الأمر أفضل، ولكني اعتبر ان اللبنانيين قادرون على بناء وطنهم والمسيحيون قادرون على انقاذ وضعهم اذا وجدت الارادات الطيبة والنيات الحسنة، ولذلك ابتداء من اليوم على الشعب اللبناني ان يحاسب، ان يثور، ان يقول انني ارفض الاذلال، ارفض الفقر، ارفض الهجرة والتهجير، ارفض تفرد القيادات بقرارات عمياء وهوجاء، وان الشعب اللبناني يريد وطناً يعيش فيه محترماً، فالذي سيحصل في الأيام القادمة هو أن الفقر سيزداد، والوضع الاقتصادي سيتدهور، والهجرة ستزداد ايضا، الثقة بلبنان ستضعف طالما ان الاستقرار السياسي غائب كلياً، والفراغ حاصل.
نحن بحاجة الى وثيقة دستورية يتم التصويت عليها مع انتخاب رئيس جديد، وعنوان الوثيقة لبنان القوي بجيشه، لبنان القوي بمقاومته، لبنان القوي بوحدة شعبه.
لا يجب ان تنتصر علينا اسرائيل، والوثيقة الدستورية يجب ان تحدد سياسة دفاعية تحمي لبنان عبر جيشه ومقاومته، وتحمي لبنان بسياسة اقتصادية جديدة يذهب فيها السنيورة الى منزله وهو الذي منع حكومة الوحدة الوطنية وقام في التهريج بالسراي، واعتبر ان دعم الرئيس بوش وأميركا له يكفيان خارج دعم الشعب اللبناني، فمنع فرصة ذهبية لقيام حكومة وحدة وطنية، ولو وافقت الموالاة على حكومة وحدة وطنية لتم انتخاب رئيس للجمهورية بكل سهولة.
السنيورة مجرم أمام التاريخ، كان عليه الإستقالة منذ زمان، وتاريخه في الضرائب والديون عريق أو أن يقبل بحكومة وحدة وطـنية تضم كل الأطراف بدل الوصول الى الخلاف والفـراغ الرئاسـي.
لبنان من دون رئيس للجمهورية، فولاية الرئيس لحود انتهت منتصف ليل امس وغادر الى منزله، وانقضت المهلة الدستورية من دون التوصل الى انتخاب رئيس بسبب عدم التوافق على اسم من اللائحة التي قدمها البطريرك صفير.
لبنان دخل في الفراغ الرئاسي حيث فشلت كل الوساطات العربية والدولية في تذليل الانقسامات الحادة على الساحة الداخلية اللبنانية، وسقطت المبادرة تلو الاخرى واصبحت كرسي الرئاسة الاولى اي المركز الاول الماروني من دون رئيس.
http://www.journaladdiyar.com/Article_Fr...x?ID=70035
يتضمن المقال الأصلي ما هو أكثر.