إنكار السنة والحديث والاقتصار على القرآن وكفى هو في نظري أول خطوة للمسلم نحو اللادينية.
طبعاً هناك أسباب متعددة لإنكار السنة بعضها اشتهاء نفسي والرغبة في التملص من التكاليف ليس أكثر والبعض منها يهدف إلى جعل الإسلام ديناً حضاريا علمانياً يتلائم مع حقوق الإنسان وحرياته الدينية والفكرية الخ ، لكنه يجد في السنة ما يصطدم بهذا الواقع ولذا فهو ينكرها حتى تتسنى لها فرصة وحرية أكبر لتأويل الحدود والآيات القرآنية على مزاجه وذلك بالتلاعب بالمصطلحات والتراكيب اللغوية القرآنية واستغلال مطاطيتها.
طبعاً كل هذه الأسباب لترك السنة لم أكن أقتنع بها عندما كنت على الدين. فحسب الفكر الإسلامي السلفي ، طالما أنك دخلت هذا الدين طواعية وأثبتَّ أصوله بـ"العقل والمنطق" فعليك بعد ذلك أن تسلم لفروعه حتى لو اختلفت مع القوانين الوضعية والحريات الإنسانية وإنه لمن فضل الكلام أن تسأل عن حكمة اللـه في أي فرع لأنك اقتنعت عقلاً بالنبوة وألوهية القرآن والسنة.
لكن ماجعلني أنكر السنة بالخصوص وأتحول إلى المذهب القرآني هو تعارضها مع الحقائق العلمية بشكل صارخ. على سبيل المثال لا الحصر ، الشمس هي التي تدور حول الأرض (1) ، الشمس تغرب في عين حمئة (2) ، طول آدم كان ستين ذراعاً في السماء ومازال الخلق ينقص في الطول ويتقزم إلى يومنا الحاضر (3) ، الحمى التي تصيب الإنسان سببها فيح من نار جهنم (4) ، ماء المرأة الأصفر إذا علا ماء الرجل طلع الولد أشبه بأمه وإن علا عليه ماء الرجل جاء أشبه بأبيه (5) ، وغيرها الكثير.
لكن اقتصاري على القرآن لم يدم كثيراً فسرعان ماتبين لي أنه لا يقل عن السنة من ناحية التناقضات مع الحقائق العلمية. فالماء الدافق (ماء الرجل/المرأة) يخرج من بين الصلب (أضلاع ظهر الرجل) والترائب (أضلاع صدر المرأة). واللـه خلق الإنسان الأول من طين بما يتنافى مع المعطيات العلمية الهائلة التي تدل على الأصل المشترك بين الإنسان والقردة العليا (6) ، وسد يأجوج ومأجوج موجود على الأرض ولكننا لا نعرف أين هو (7) ، والإنسان يعقل بالقلوب التي في الصدور وليس بالأدمغة التي في الرؤوس ، واللـه خلق الأرض وما عليها في أربعة أيام بينما خلق السماوات بما فيها من المجرات الكونية وبلايين الشموس في يومين فقط (8) ، وخلق المضغة عظاماً ثم كسو العظام باللحم ، والشهب في السماء هي لاصطياد الشياطين الذين يحاولون استراق السمع من السماء ، وغيرها الكثير.
طبعاً هناك محاولات فاشلة غير مقنعة لتوفيق هذا التناقضات مع العلم لكنها لا تسمن ولا تغني من جوع وتقوم بلي أعناق النصوص والآيات وإضفاء معاني علمية حديثة عليها هي أبعد ما تكون عن مقاصد الكتاب والسنة. أحترم كثيراً الشيخ ابن باز وابن عثيمين عندما اقرأ لهم انكارهم لدوران الأرض حول الشمس (9) وأعتقد أنهم صادقين مع أنفسهم ويقرأوا الإسلام كما هو بدون محاولات تزويق وتلميع علمي فاشلة.
بعد أن تبين لي أن القرآن لا يمكن أن يكون كلام اللـه العليم لأنه يناقض الحقائق العلمية في مواضع مختلفة ، فإنه يكفيك أن تقرأ أول كم إصحاح من سفر التكوين في الكتاب المقدس حول طريقة خلق الكون والإنسان الأول حتى تقتنع بتضييع وقتك إذا ما أكملت قراءة باقي أسفار الكتاب!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش:
(1) صحيح البخاري - بدء الخلق - صفة الشمس والقمر ، (
المصـدر انقـر هنــا).
(2) سنن أبي داوود - الحروف والقراءات (
المصــدر) ، وصححه الألباني (
المصــدر).
(3) صحيح البخاري - أحاديث الأنبياء - خلق آدم صلوات الله عليه وذريته (
المصــدر).
(4) صحيح البخاري - الطب - الحمى من فيح جهنم (
المصــدر).
(5) صحيح مسلم - الحيض - وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها (
المصــدر).
(6) للمزيد من الإطلاع حول توفيق تطور الإنسان مع قصة الخلق في الأديان الإبراهيمية ،
طالع موضوعي هنـــا.
(7) يمكن لأي إنسان أن يستخدام الاختراع العظيم Google Earth حتى يبحث عن الوجود المزعوم لسد يأجوج ومأجوج وهؤولاء القوم المحبوسين خلفه.
(8) الطريف في الأمر هو أنه بعدما تبين أن عمر كوننا 15 مليار سنة ، صار مفهوم خلقه في ستة أيام غير محدداً فاليوم هنا لم يعد 24 ساعة ولا يمكن أن يكون مقداره ألف سنة ولا حتى خمسمائة ألف سنة بل تحصل على مقدار اليوم بقسمة عمره على العدد 6! يعني مفهوم اليوم مطاطي يمكنك أن تقول اللـه خلق السماوات والأرض في عشرة أيام أو ثلاثة وعندها ستحصل على القيمة الزمنية لليوم بقسمة عمره على العدد 10 أو 3 على التوالي!
(9) راجع فتوى ابن عثيمين حول دوران الأرض حول الشمس في موقعه الشخصي (
هنـــا) ، وايضاً فتوى ابن بـاز حول إنكاره لدوران الأرض رغم اعترافه بثبوت كرويتها في موقعه الشخصي (
هنـــا) ، ولمزيد من التوسع في الأدلة التي استند إليها ابن باز من الكتاب والسنة يمكن مراجعة كتابه: الأدلة النقلية والعقلية حول ثبوت الأرض ودورانها حول الشمس.