رغيد الصلح - باحث وكاتب لبناني: أستطيع أو أقترح أن يكون في إطار مسيرة تصحيحية لتفكيرنا الشائع لأنه بالفعل هنالك فرق كبير بين اليهودية والصهيونية يعني حتى كافة الأيديولوجيات كما أعتقد التي كانت سائدة وعندما يعني تفكر بنفسها وبالآخرين تضع فروقا وخطوطا واضحة بين اليهودية والصهيونية سواء يعني الإسلام كعقيدة دينية وسياسية أو القومية أو الماركسية والشيوعية واليسار كلهم يفرقون بين الاثنين ولكن هنالك نوع من النفس الشعبوي السائد الآن وهو مدفوع أحيانا بردود فعل ثأرية وغير عقلانية تصر على الخلط بين الاثنين وفي تقديري أن هذا الخلط يثير ارتياحا شديدا لدى الصهاينة لأن هذا ما يؤكدونه أن الصهيونية هي المعبر الحقيقي والوحيد عن اليهود وهي العقيدة السائدة بينهم.
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/A62FBE8...BC2EA9B9D0B.htm
من موسوعة المسيري
ما بعد الصهيونية: تعريـــف
Post-Zionism: Definition
«ما بعد الصهيونية» مصطلح سياسي يشير إلى مجموعة من العلماء الإسرائيلييين تشمل المؤرخين الجدد وعلماء الاجتماع الانتقادين. وقد تأثر بهم عدد من العاملين في حقول الثقافة والفن والأدب. ومن أهم حملة خطاب ما بعد الصهيونية بني موريس وموشي سميش وسيمحا فلابان وبار يوسف وأوري رام وسامي سموحا وباروخ كيفرلنج وتامار كاتريال وسارا كازير وجيرسون شافير وبارون إزراحي وشلومو سويرسكي وتوم سيجيف ويوناثان شابيترو يورين بن إليعازر وباجيل ليفي وإيلا شوحات وآفي شلايم وإيلان باي وغيرهم.
ويُستخدَم مصطلح «ما بعد الصهيونية» للإشارة إلى انحسار الأيديولوجية الصهيونية ودخول التجمُّع الصهيوني عصر ما بعد الأيديولوجيات. (كلمة «بعد» في الخطاب الفلسفي الغربي تعني أن النموذج المهيمن قد ضمر وذوي ولم يولد نموذج جديد يحل محله، أي أن ثمة أزمة على مستوى النموذج لم يظهر لها حل بعد ولعلها تعني أيضاً «نهاية»). ومن أهم مصطلحات الما بعد مصطلح «ما بعد الحداثة» الذي صيغ مصطلح «ما بعد الصهيونية» قياساً علىه.
ويرى البعض أن ما بعد الصهيونية معادية للصهيونية وأنها تعيد النظر في كل المقولات الصهيونية الأساسية، بينما يؤكد البعض الآخر أن ما بعد الصهيونية إنما هي امتداد للصهيونية. ويضيف بعض دعاة ما بعد الصهيونية أنفسهم (مثل بني موريس) أنه صهيوني يقوم بعمل إيجابي "من خلال البحث عن الحقيقة التاريخية". بل يرى بعض هؤلاء أن ما بعد الصهيونية هي تحقق للصهيونية، وأن السلام مع العرب هو الثمرة الطبيعية للإنجاز الصهيوني. وكما يقول بني موريس: "إن الكشف عن أعمال الطرد ومجازر ضد العرب في سنة 1948، وأعمال إسرائيل على امتداد الحدود في الخمسينيات، وعدم استعداد إسرائيل للقيام بتنازلات من أجل السلام مع دول عربية (الأردن وسوريا) بعد سنة 1948، ليس «دعاية معادية للصهيونية»، وإنما هو إضاءة لجانب من مسارات تاريخية مهمة، عتَّمت عليه عمداً طوال عشرات من الأعوام المؤسسة الإسرائيلية - بمن في ذلك الباحثون والصحافة - خدمة للحكومة وللأيديولوجيا السائدة".
وأعضاء هذا الفريق "الصهيوني" لا ينكرون شرعية ما يُسمَّى «القومية اليهودية» التي أدَّت إلى إقامة الدولة، ولكنهم يطالبون بإنهاء الرابطة النفسية والعائلية بين يهود إسرائيل والجماعات اليهودية خارجها (ونحن لا نأخذ موقفاً وسطاً بين الفريقين. انظر: «ما بعد الصهيونية، أو صهيونية ما بعد الحداثة والنظام العالمي الجديد»).
ومما يجدر ذكره أن ما بعد الصهيونية لها جذور تسبق تاريخ ظهورها في الثمانينيات. فتحدي الرواية الإسرائيلية للأحداث أمر قام به إسرائيل شاحاك من قبل بشكل منهجي شامل. أما يوري أفينيري فقد أكد في أكثر من مناسبة أن الصهيونية مثل البيوريتانية هي أيديولوجية الأصل التي انتهى دورها، وهناك من قال إن الصهيونية إن هي إلا حركة إنقاذ ليهود أوربا (من الكارثة المحيطة بهم) انتهى دورها مع إعلان الدولة الصهيونية، وعلى الجميع تقبلها دون الخوض في النقاش بخصوص الأصول. وهناك بطبيعة الحال الحركة الكنعانية التي نادت (حتى قبل قيام الدولة) بفصل الدولة الصهيونية عن يهود العالم وضرورة التفرقة بين الإسرائيليين (الكنعانيين) واليهود. وعلى مستوى التطور التاريخي لوحظ أن جيل الصابرا كان قد بدأ يبتعد عما يُسمَّى «التراث اليهودي» مما دعا جورج فريدمان إلى الإشارة لهم بأنهم «أغيار يتحدثون العبرية». بل إن بن جوريون نفسه طالب بحل المنظمة الصهيونية بعد تأسيس الدولة، فقد وصفها بأنها "السقالة" التي تفقد وظيفتها بعد الانتهاء من البناء. وأن مهمة يهود العالم هي الهجرة إليها وحسب، وبإمكان الدولة الصهيونية الوصول إليهم مباشرةً، دون وساطة المنظمة الصهيونية. وهو موقف لا يختلف كثيراً عن موقف الكاتب البريطاني، من أصل مجري، آرثر كوستلر .
وظهور ما بعد الصهيونية في الثمانينيات واكتسابها شيئاً من المركزية له أسباب عديدة يمكن أن نورد بعضها فيما يلي:
1 - انتشار العديد من مفاهيم ما بعد الحداثة. وقد استطاعت إسرائيل حتى حرب 1967 أن تعوق تأثير ما بعد الحداثة وما يصاحبها من نسبية مطلقة، فقد كانت دولة ريادية عمالية تؤسس اقتصاداً استيطانياً جماعياً، يكفل للمستوطنين كثيراً من المزايا والحقوق.
2 - الثورة المعرفية في العلوم الإنسانية في الغرب ورفض المسلمات البديهية التي سادت مثل مطلقات حركة التنوير والعقلانية والتقدم ورفض الرؤية التاريخية أحادي الخط والتمركز حول الغرب.
3 - يرى البعض أن الصهيونية قد حققت أهدافها على الصعيد القومي إذ أسست دولة قومية عادية طبيعية، سكانها طبيعيون. بل إن يهود العالم أنفسهم تم تطبيعهم من خلال وجود الدولة الصهيونية.
4 - كانت الصهيونية قبل عام 1948 تمثل أقلية لا تتمتع بإجماع عريض ولكن بعد قيام الدولة حدث إجماع عليها وعلى المقولات الصهيونية حتى حرب 1967. وبعد حرب الاستنزاف (1968 - 1970) وحرب أكتوبر (1973) والحرب في لبنان، فالانتفاضة، بدأت بأعداد غفيرة من الصهاينة في إعادة النظر في المقولات الصهيونية وبدأت ظاهرة الفرار من الخدمة العسكرية.
5 - يحس المستوطنون في إسرائيل أن ثمن الحروب المتكررة مرتفع للغاية وأنهم هم الذين يدفعون الثمن. فالمستوطن الصهيوني هو الذي يواجه في الوقت الحالي كارثة جماعية، لكل هذا بدأوا يبحثون عن بدائل للنموذج الصهيوني.
6 - على عكس الخوف من وقوع الكارثة الذي يمارسه سكان المستوطن الصهيوني يحس يهود الشتات بالطمأنينة، فالخوف لم يعد يطاولهم وهم يعيشون حياتهم بشكل طبيعي، إن لم يكن أفضل من أقرانهم الإسرائيليين.
7 - يرى بني موريس أن دولة إسرائيل دخلت، في الأعوام الأخيرة، حقبة ما بعد أيديولوجية، أي "ما بعد صهيونية"، بدأت فيها المصالح والقيم الخاصة والفردية تطغي على قيم الجماعة بكاملها. ومجتمع الريادة الصهيونية - في نهاية الأمر - هو مجتمع مؤجل فيه الاستهلاك، فكثير ممن استوطنوا في فلسطين فعلوا ذلك ليرفعوا مستواهم المعيشي.
8 - يرى بني موريس، كذلك، أن الإحساس بالازدحام الشديد في الدولة (الذي ينعكس يومياً في شوارع المدن وعلى أرصفتها) بدأ يحتل مكاناً ما في وعي إسرائيليين كثيرين، وهذا أمر من الممكن، ومن الضروري، أن يؤدي إلى تقييد الهجرة في المستقبل غير البعيد، لأسباب "عملية" لا أيديولوجية.
ويثير الجدل الدائر في إسرائيل بشأن ما يُسمَّى «ما بعد الصهيونية» مسائل متنوعة مثل: الهوية الإسرائيلية (أصولها والمكونات الدينية والصهيونية الداخلة في تكوينها) ونمط الدولة والمجتمع الإسرائيلي المرغوب فيهما (بناء الأمة والموقف من الديموقراطية الليبرالية والقيم الإنسانية العامة، والتعارض القائم بينها وبين القيم اليهودية القَبَلية والدينية) والسياسة الإسرائيلية تجاه العرب (سواء الأقلية الفلسطينية التي تحيا في إسرائيل، أم تجاه الشعب الفلسطيني القاطن في المناطق المحتلة)، والسياسة الإسرائيلية تجاه التوسع الصهيوني (مستقبل المناطق المحتلة ومصيرها) وعلاقة المستوطن الصهيوني بالجماعات اليهودية في الخارج.
وقد قام دعاة ما بعد الصهيونية بمراجعة المقولات الصهيونية الرئيسية وانتقادها، ومحاولة "نزع القداسة" عن كل أو بعض المقدَّسات الصهيونية. فوجَّه حملة خطاب ما بعد الصهيونية النقد لبعض الأفكار السائدة مثل "جمع المنفيين" و"بوتقة الصهر" والطبيعة العسكرية للمجتمع الإسرائيلي ونزعته التوسعية وشعار "الأمن فوق كل اعتبار". بل تناول بعضهم الأيقونة الصهيونية والغربية الكبرى، أي مسألة الهولوكوست.
وقد قام المؤرخون الجدد بمراجعة الرواية الصهيونية لحرب 1948. أما علماء الاجتماع الانتقاديون فقد قدَّموا نقداً جذرياً للصهيونية فدرسوا حركات الاحتجاج والفئات المضطهدة في المجتمع الإسرائيلي (الفلسطينيون والسود والسفارد والنساء) بحيث طبق بعضهم منظور كولونيالي على الدراسات التاريخية الصهيونية.
وقد خرج حملة خطاب ما بعد الصهيونية على النهج الصهيوني السائد والذي يقوم على ليّ عنق التاريخ والواقع من أجل إرساء المزاعم والادعاءات الصهيونية.
عبد الوهاب المسيري