[SIZE=4]أين يمكن لي أن أتوارى..؟
كيف لي أخفاء جسمي ؟؟؟


أقل من اثنتي عشرة ساعة كانت كافية لكشف ثغرات خططي الأمنية
فاسمي الذي فكرت بإخفائه صغير وليس أسهل من أن أبلعه مع شربة ماء لأخفيه في بطني ولا أعود أظهره إلا في الموقف المناسب
أما ما صَعُبَ عليً واحترتُ في طرائق إخفاءه فكان جسدي الذي لا أملك متسعا لابتلاعه
فحملتُهُ وحمًلتُ عليه حقيبة ملابسي وودعت أهلي متوجها إلى أحد الأشخاص أخبربه بما حدث وطلبت منه أن يتوارى من فوره في أي مكان يجده مناسبا وان يمر على آخر ويبلغه كلامي
ولكني لم انتبه لحظتها أن من أحدثه كان جاهزا وحقيبته على كتفه فقد عرف بالأمر ودعته واتفقنا أن لا نعود إلى بيوتنا قبل أن أعطيهم إشارة بذلك
تركته وتوجهت إلى حي آخر كان علي أن اخبر كل من يعرف الذي اعتقل بذلك ليأخذوا احتياطاتهم اللازمة

الوقت مساء
قدماي لم تعد قادرة على حملي
الجميع أصبح لديه العلم , إلا واحدا
فقد طرقت بابه متأخرا ولم أجد في ببيته أحدا
كان ملاحقا منذ وقت لا بأس به لانكشاف أمره أثناء توزيعه لبيان التجمع الوطني الديمقراطي على زملائه في النادي
لم اهتم بأمره كثيرا فقد كان ملاحقا وهذا يفترض انه اتخذ الاحتياط اللازم
لم يكن ما جرى اليوم بداية حملة الاعتقال فقد كانت الحملة قد بدأت من حوالي الأسبوع وتم اعتقال العشرات
و ما زالت الأخبار تتوارد إلينا باستمرار الحملات التي بدأت أثناء توزيع بيان التجمع في جامعة دمشق وحلب وان عددا كبيرا من الأشخاص اصبحوا قيد الاعتقال

الوقت قارب السابعة مساءا وما زالت حقيبتي معلقة على كتفي وأنا أدور من شارع لشارع ومن حي لحي
الشوارع خالية إلا من دوريات الأمن التي ترابط في كل مفترق

الأحداث الدامية التي دارت خلال الشهور الماضية بين القوى الإسلامية من جهة والسلطة جعلت من المدينة مدينة مغلقة في هذا الوقت
إنها المشكلة الكبرى تواجهني , فأين ألقي بجسمي ..؟؟

أين اذهب والوقت لم يعد يسمح لي بالسير اكثر إن هذه المدينة الكبيرة لم يعد فيها متسع لجسد …أين اذهب ..؟؟ سؤال لم يعد عقلي قادرا على الإجابة عليه.!!

اقتربت مني سيارة الأجرة الوحيدة في تلك الساعات ومن غير إرادة مددت يدي مشيرا لها بالتوقف

وصعدت فيها من غير تدبر
سألني السائق عن وجهتي فقلت له إلى الحي الفلاني إنه حيٌنا عدت إليه وقصدت صديقا لم يكن على معرفة بما أنا عليه
نزلت .... و أغلقت باب السيارة وانتظرت انصرافها لأسير ما يقرب من مائتي مترا باتجاه باب بيت صاحبي قرعت عليه الباب ....... لم انتظر كثيرا قبل أن يفتح لي الباب
رحب بي متسائلا عن الحقيبة التي احملها على ظهري


بما أجيبه …….؟
أخبرته أنني اختلفت مع أهلي وحملت ثيابي وتركت منزلهم
هدأ صديقي من قلقي الواضح وحاول مراعاة مشاعري واستعجل أهل بيته بإحضار الطعام الذي لم أتذوقه يومها
لم يوقظني صديقي صباحا
فقد خلته توجه إلى عمله لكن الحقيقة أنه قد توجه إلى بيت أهلي لإصلاح ذات البين بيني بينهم ولكنهم على بساطتهم شرحوا له القصة بالتفصيل الممل
استيقظت على صوته وأبى معه يفتحون باب الغرفة التي نمت بها
دخل أبى وجلس على فراشي
رفعت رأسي مستقبلا وجه أبى الذي لم أراه في حياتي كما هو عليه اليوم
بادرني بالكلام : لقد داهموا بيتنا ليلا وكانوا يبحثون عنك وتقول أمك أن صديقك كان معهم في السيارة أمام المنزل
ثم يتابع مادحا :
لقد توقعتَ ما سيحدث أراك ذكيا ومحطاطا بشكل جيد
ثم تابع إذا كنت تشعر بالقدرة على ما أنت عليه فتابع وليباركك الله وأنا مستعد لكل مساعدة
ثم تابع معلقا على الأحداث السابقة يقول : إنهم مجرمون يقتلون ويعتقلون وما هم في النتيجة إلا لصوص نهبوا البلاد والعباد
اخذ يسرد الأمثلة لقصص القتل والتعذيب التي بتداولها أهل السوق
دخل صديقي الغرفة مبتسما وبين يديه طعام الفطور تناولنا طعامنا ولم أنطق بكلمة
لقد شعرت بالحرج من صديقي الذي كذبت عليه ولكنه كان في حديثه يحاول إخراجي من حرجي ذلك
أخبرتهم أخيرا بأنه علي مغادرة البيت بسرعة وطلبت من صديقي أن يتمسك بكذبتي في حال كان والدي مراقبا
لملمت حوائجي مسرعا وودعت صديقي وأبى وخرجت من الباب مسرعا بعد تكشٌفت الشارع
استقيت أول سيارة وقعت عليها وطلبت من السائق أن يأخذني إلى إحدى الضواحي
أوقفت السيارة قبل الوصول إلى مدخل الضاحية ونظرت طويلا إلى الخلف لم أرى أي سيارة تتبعنا نزلت في مكان بعيد عن بيت صديقي وتابعت إليه راجلا كان هذا الصديق لا يعرف أحدا ولا يعرفه أحد وكان عازبا ويقيم في بيت لوحده
قرعت الباب ودخلت عليه مباغتا بكلامي قائلا له أنني قد جئتك بالمصائب

لعلى سمعت قصصا مشابهة من سوريين يبدو انها قصة مشتركة لكم هائل من رجال سوريا الطيبين امام بطش وجبروت نظام يتصرف بوحشية لا ضوابط لها

قبل 24 عاما سمعت قصة من صديق سورى فى بيروت كما لو انه هو نفسه احمد كامل بل لربما هو احمد كامل او لربما احمد كامل هو اسم رمزى لحالة جماعية.. صديقى كان شاعرا وحساسا لااقصى درجة انتهى هروبة حتى وصل الى لبنان والعمل فى المقاومة الفلسطينية وسكن عند صديق لى الكاتب فيصل حورانى الموجود الان متنقلا بين فلسطين والنمسا

صديقنا رغم انه كان فى مأمن معنا وعمل مريح ذو طبيعة اعلامية وثقافية تناسبه.. لكن طوال الوقت كان يشعر بالخوف من كشف هويته لكى لا تصل اليه المخابرات السورية التى كانت فى لبنان...فى العام 1982 كانت هناك حرب وتم حصار بيروت وخرجنا بالبواخر وهو خرج معنا على نفس البواخر.و انا ذهبت لاكمل تعليمى الذى انقطعت عنه عاما كاملا .. اما هو فتوجه لتونس وبعدها للندن وهو الان هناك اقرا له احيانا واحيانا اخرى اشاهده فى برامج تلفزيونية تتعلق بالثقافة والادب

لربما يكون صديقى هذا هو نفسه احمد كامل

اكمل القصة يا احمد لارى اين ستنتهى المطاردة