عزيزي "إنكي" .. لأكلّمك بصراحة .. لا أحبّ طريقتك التي اتبعتها هنا في اقتباس عبارات من الرد ثمّ إلحاقها بنقد .. أنت بهذه الطريقة .. وخصوصاً بموضوع كهذا .. تقوم بتفكيك بنية الرد إلى بنى أوّلية عديمة القيمة .. ومن ثمّ تلحقها بنقد يزيد الطين بلّة ..
لا تتوقّع منّي أو من غيري أن نأتيك بدليل جامع مانع مختصر بعبارة واحدة يدحص ادّعاءاتك بعد وجود بداءات وعي عروبي قديم .. فلست سآتيك بآية قرآنيّة أو قانون فيزياء لأبرهن صحّة كلامي ..

تحدّثنا هنا عن بداءات لوعي "عروبي" موجود منذ القدم .. وأنا فضّلت الاستشهاد بأنّ قيام الدولة الإسلاميّة كموحّدة للقبائل العربيّة دليل على وجود هذه "البداءات" بحيث أنّ عجلة التاريخ قد سارت في طريقها المحتوم مادياً معتمدة على هذه "البداءات" .. وقد ضربت بعض الأمثلة والدلائل على وجود هذا الميل العروبي حتّى قبل محمّد ..
وسواءً شئنا أو أبينا فإنّ الدولة الإسلاميّة في نشوئها كانت دولة عربيّة المحتوى قرشيّة القيادة .. وقد ظلّ "محمّد" يدعو إليها لمدّة عشر سنوات "قبل الهجرة" بجملته التي تتكرّر عشرات الآلاف من المرّات في كتب التاريخ : أتريدون كلمة "تدين" لكم بها "العرب" و"تخضعون" بها "الفرس والعجم" .. !!

وفي كلّ مرّة كان المحاور يهبّ (ومنهم مرّة كان أبو لهب) متسائلاً عن هذه "الكلمة" السحريّة التي تحقق قوميّة عربية تتعالى على كلّ الخلافات والعصبيّات التي حدّت الجماعات العربيّة في ذاك الوقت .. ومن ثمّ تخضع كبرى الإمبراطوريّات من حولها لها ..
هذه "الكلمة" التي توحّد العرب متعددي الآلهة والعبادات والانتماءات القبليّة هي : شهادة أنّ لا إله إلا الله .. وأن محمّداً رسول الله ..
فالأرباب التي يقدّسها القبائل المتعدّدة والتي جمعت في "الكعبة" .. كانت تحتاج لأن تُختزل في إله واحد ليتمّ الاتحاد الكلّي بين أتباعها .. ويبدو أنّ "سادات" قريش قد وعوا هذه الحقيقة حتّى قبل وجود "محمّد" .. حنينهم لنبيّ قديم وحّدهم سمّوه "إبراهيم" كان واضحاً في حركة "الأحناف" .. التي كان "عبد المطّلب" زعيم قريش من أهم شخصيّاتها .. وهو الذي نبذ الأرباب جميعاً ودعا إلى إله في السماء فوق كلّ هذه الأرباب ينبذ هذه الصراعات بين الأعراب ليدينوا بإله واحد .. وتكتمل السلسلة بـ"زيد بن عمرو بن نفيل" و"أميّة بن الصلت" وغيرهم كثيرون لتصل إلى محمّد .. ذاك الذي لم يكن "معجزة عصره" .. بل إنّه جزء من حركة التاريخ التي كانت تسعى بهذا الاتجاه من الأحداث .. سواءً بدعوات هؤلاء "الأحناف" (ومحمّد منهم) .. أو بـ"سادة الملأ" ومصالحهم الماديّة .. الذين دعوا أيضاً لإله واحد .. لكنّهم حافظوا على الأرباب .. ولم تكن دعوتهم تلك إلا لتبرير تعاملاتهم مع العرب وجمعهم لآلهتهم في "كعبة واحدة" .. ولم تكن "سيادتهم" سيادة قبليّة عاديّة .. بل إنّها "ندوة" سادات قبائل عربيّة متعددة تقاسمت المصالح ووجدت مصالحها مع القبائل العربيّة المجاورة وإن لم تكن لتتمكّن من ضمّها إليها ..

يتحدّث سيّد القمني في تحليله للأحداث في تلك المرحلة عن "الوضع الاقتصادي" الذي حكم "قبائل العرب" في تلك المرحلة وعن مدى تأثيره في نشوء شكل اجتماعي وصّفه بأنّه "عروبي في باطنه .. قبلي في ظاهره" .. حيث أنّ التفاوت الطبقي ضمن القبيلة خلخل الولاء لها لصالح الميل "الأممي" الأوسع .. أغنياء العرب وجدوا مصالحهم مع بعضهم البعض .. والفقراء وجدوا عزاءهم مع بعضهم .. ومع ذلك فكان حل القبيلة غير ممكن إلا بتجربة واضحة المعالم كتجربة محمّد ..

ثم كم هي كثيرة هي الأحاديث التي كان بها "محمّد" يخدّر الإعراب حولة بسلطة عربيّة تمتدّ على بلاد "فارس" و"بلاد الروم" .. وقصّة "سراقة بن مالك" الذي وعده الرسول بسواري كسرى إنّ كفّ سيفه عنه معروفة .. ولسخرية القدر أنّه حاز فعلاً على هذين السوارين في عهد "عمر بن الخطّاب" ..

هذا بالنسبة لي يدلّ على وجود "وعي" لذات عربيّة يمكن أن يكون لها وطأة قدم .. ويمكن أن يكون لك قراءةً أخرى لهذه الأحداث .. لكن صدّقني فإنّ قراءة الأحداث التاريخيّة بشكل منفصل دون ربط لم يكن يوماً وسيلة ناجعة في استخلاص النتائج (كأن تستشهد لي بمعركة أو موقعة تظهر أنّ محمّد أخضع بالسيف) .. وصدّقني أيضاً أنّي أرى قراءتك وجهاً آخر للقراءة الإسلاميّة التي تجعل من محمّد ذلك الرجل المعجزة التي وحّد المتناقضات دون أن يكون بينها رابط مشترك .. أمّا هم فيجدون "القرآن الحق" هو موحّد العرب الذي لا حجّة تعلو حجّته .. و أمّا أنت فتولي لسيف محمّد تلك الأهميّة التي لا أفهم لها كيف أن تتمّ دون وجود أتباع من حوله أبدوا ذاك الاستعداد لحرب "الأحمر والأسود" من أجله ..وليس "الأوس" ولا "الخزرج" هم من تبعوه فقط .. بل القبائل من حوله وأهله في "مكّة" من البيت الهاشمي .. وما تبعوه إلا لأنّه كان قوّة "مجمّعة" لا "مفرّقة" .. ابتدأت بتجميع "الأوس والخزرج" المستعدّة سلفاً لهذا التجمّع ولا ينقصها إلا "الدفعة" .. وانتهت بتجميع قبائل جمعتها بالأصل صلات عديدة .. نقصها "الدفعة" ليعلوها راية واحدة ..

إن كان "هتلر" هو رجل النازيّة .. فإنّه ما كان ليسطع إن لم يكن هناك استعداد "نازي" مهّد له .. فليس سيف أو بندقيّة هتلر هي من ترسم التاريخ .. ولم يكن الأشخاص يوماً قوّاداً للتاريخ ومسيّري لحركة التاريخ .. بل المجتمعات هي من تفرز هؤلاء الأشخاص من صميمها وصميم إشكالاتها الثقافيّة والاقتصاديّة .. وإن كنت لا أجد في "نيتشة" مفلسفاً لنازيّة هتلر .. لكنني أجد في فلسفته "ناتجاً" للإشكالات التي طبعت تلك المرحلة بطابعها وانتهت بنازية هتلر ..

بالطبع .. حديثي كلّه عن "بداءات" انتماء عروبي لم يصل لمرحلة "النضوج" .. ومن الطبيعي أنّ تتعرّض التجربة "لنكوصات" عبر تاريخها الطويل .. وليس في التاريخ أي تجربة لم تتعرّض لذلك .. يا رجل حتّى "العلمانيّة" هي نتاج نضال مئات السنين .. ولم تتبلور بدون صراعات طبقيّة هي من صميم حركة التاريخ .. كما كلّ القوميّات الأوروبيّة حكمتها هذه الصراعات حتّى وصلت لما هي عليه ..


في النهاية .. هي قراءة أرى فيها بداءات انتماء عروبي .. ولست أجبر أحداً على تبنّيها أو تصديقها .. بل أفرح إن قدّم أحدهم قراءة منطقيّة مختلفة للتاريخ دون أن يختزل "كلامي" باعتراضاته المجزّأة ..

خوليو

الحس الوطني القومي موجود منذ القدم ..

وإلا لما اطلق كعب بن لؤي ( قبل الاسلام ) على يوم الجمعة " يوم العروبة " وهذا قبل ان تأتي الرسالة المحمدية لتجذر المفهوم وتوسعه فيما بعد .

أعتقد أن مشكلة العزيز "إنكي" في الرد على هذا الموضوع، هي أنه يتصور أمر ما معين غير موجود فعلياً، يتصور فكراً لدى محاوريه لم يفكروه، وأقوالاً لم يتقولوها، ثم يرد على هذا الأساس، فيعتقد أن من يحاوره بعثي عفلقي حصري. كما أن أحداً لم يقل في هذا الموضوع، من المنافحين عن العروبة، أن القومية العربية كأيدولوجيا كانت موجودة في غابر العصور والدهور، بل تحدث القوم عن "نزعة قومية"، وبداءات عروبية، والمثير للاهتمام أنه بمعرض فهمه للعروبة يذهب بنا لترجمتها الإنكليزية، وكأن العرب ترجموا الكلمة من الإنكليزية أساساً، أو كأنها مصطلح علمي استنبطه أو نحته العرب في أحد مجامع لغتهم في القرن العشرين.

أخيراً، ورفداً لما جاء في ردود الأعزاء العلماني وخوليو، أضيف أن الشاعر القروي رشيد سليم الخوري، من شعراء المهجر، كان من المدافعين أيضاً عن العروبة التي وردت في أشعاره كمفهوم ناضج عن القومية العربية التي تنحي الدين وتنازع المذاهب لصالح القومية بشكلها الحديث. فمن أشعاره مثلاً:

بلادك قدِّمها على كـلِّ ملَّـة *** ومن أجلها أَفطِر ومن أجلها صُمِ!
فما مسَّ هذا الصوم أكبادَ ظلَّمٍ *** ولا هزَّ هذا الفـطرُ أرواح نـوَّمِ
هبونيَ عيداً يجعل العُربَ أمَّـةً *** وسيروا بجثماني على دين بَرهمِ!!
فقد مزَّقت هذي المذاهب شملنا *** وقد حطمتنا بين نابٍ ومنسمِ
سلامٌ على كفرٍ يوحِّد بينــنا *** وأهلاً وسهلاً بعـده بجهـنَّم

وأيضاً:

أرضيتُ أحمدَ والمسيحَ بثورتي *** وحماستي، وتسامحي وحناني
يا مسلمون ويا نصارى دينكم *** دينُ العروبةِ واحدٌ لا اثنـانِ


بالطبع هذه ليست منظومة فكرية متكاملة، بل صفحة فكرية وشعرية وثقافية تؤكد وجود دفع وتأثير عروبي النزعة عميق في المجتمعات العربية، وأن الفكر القومي العربي لم يكن بدأة أو طفرة أو حالة مصطنعة أوجدتها هذه القوة العالمية أو تلك.

خالص تحياتي.

الدكتورة وفاء سلطان تسحق علماء المسلمين-الجزء1

http://www.youtube.com/watch?v=kdQuJhPbpoQ...feature=related


الدكتورة وفاء سلطان تسحق علماء المسلمين-الجزء2

http://www.youtube.com/watch?v=60CJEECgEo4...feature=related

الدكتورة وفاء سلطان تسحق علماء المسلمين-الجزء3

http://www.youtube.com/watch?v=ZQyEdLarw8c...feature=related





الدكتورة وفاء سلطان تسحق علماء المسلمين-الجزء4
http://www.youtube.com/watch?v=Jv5z-wnyVzE...feature=related


الدكتورة وفاء سلطان تسحق علماء المسلمين-الجزء5

http://www.youtube.com/watch?v=GP4lrA6ceFw...feature=related

سلام
الموضوع فيه عدة شقوق :
العرب الأصليين سكان جزيرة العرب ولغتهم الطبيعية هى العربية
سكان الشعوب المفتوحة لم يكونوا عرب ولم يكونوا يتكلموا اللغة العربية .. لكن بعد " فتحهم " فقد تعرب البعض إختياراً وتعرب الباقى إجباراً
تم إجبار الناس على القومية العربية فى مصر بعد 1955 ، وهى إنتماء بديل عن الإنتماء الإسلامى لممارسة الجهاد الإسلامى من خلفه
عرب القرن السابع لم يخرجوا من أجل العروبة أو نشر العروبة لكن خرجوا من أجل الإسلام ونشر مملكة الإسلام
العرب الأصليين لم يتحمسوا فى الزمن الحديث للعروبة لكن تحمست لها الشعوب المفتوحة ليثبتوا انهم ليسوا " مفتوحين " فقط لكن " فاتحين " أيضاً ، وقد فشلوا فى فتوحاتهم وأفلسوا