التعارض بين الأدب والدين
مقدم الحلقة:
فيصل القاسم
ضيوف الحلقة:
ممدوح عدوان: شاعر وكاتب مسرحي
الشيخ/ محمد علي الجوزو: مفتي جبل لبنان
تاريخ الحلقة:
08/08/2000
- أسباب ثورة الإسلاميين على الأعمال الأدبية التي تمس المقدسات الإسلامية.
- الخطوط الفاصلة بين الأدب والعقيدة.
- القرآن الكريم صياغة أدبية رائعة.
http://www.aljazeera.net/channel/archive/a...ArchiveId=91530
ممدوح عدوان
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/BE21226...2D8624E6D41.htm
محمد علي الجوزو
فيصل القاسم
د. فيصل القاسم: تحية طيبة مشاهديَّ الكرام على الهواء مباشرة من بيروت..
استفحلت في الآونة الأخيرة في العديد من الدول العربية ظاهرة جر الكتاب والمبدعين والفنانين إلى المحاكم، ومقاضاتهم بدعوى التهجم على المقدسات، فقد ثارت ثائرة الإسلاميين في مصر على رواية "وليمة لأعشاب البحر" للأديب السوري حيدر حيدر، وقبلها بفترة سُجن الجامعي الكويتي الدكتور أحمد البغدادي ولوحقت الكويتيتان ليلي العثمان و عالية شعيب قضائيًّا، ناهيك عن الضجة التي أثيرت حول الفنان اللبناني مارسيل خليفة لغنائه مقطعًا من آية قرآنية كريمة، وقبل أسابيع تعرض الشاعر الأردني موسى الحوامدة لحملة مماثلة، وفي اليمن-أيضًا-أثيرت ضجة كبرى حول رواية " صنعاء مدينة مفتوحة" للروائي اليمني الراحل محمد عبد الولي.
لماذا أصبح طريق الشهرة لبعض الأدباء والمبدعين العرب ينحصر في التهجم على الإسلام والمسلمين والرسل والأنبياء؟ !
لماذا أصبح تجريح العقائد، وهتك الغيب والسخرية أو الازدراء بالمقدسات هو المعيار الوحيد لمقياس مدى توافر الحرية في المجتمع العربي؟
لماذا هذا الضيق والتبرم بالمقدسات، واعتبارها عبئًا ثقيلاً يراد إزاحته؟
هل حرية الإبداع حرية مطلقة؟ ألا يحق للمسلمين الغيورين على دينهم أن يتصدوا بكل ما أوتوا من قوة لكل من يحاول النيل من مقدساتهم؟
فإذا كان المساس بالصهيونية محرمًا في الديمقراطية الغربية..فكيف نستكثر على الإسلاميين أن يدينوا المساس بالمقدسات الإسلامية؟
لماذا يقدس البعض حرية الإبداع، ولا يقدسون المقدسات؟
لماذا أصبحت الإساءة إلى الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-جنحة مغتفرة؟ أما النيل من بعض الزعماء هو من الكبائر التي لا تُغتفر؟
وإذا كانت بعض الدول تحافظ على مشاعر وحريات مسؤولين وفنانين وفنانات وحكام، فلماذا لا تضع في الاعتبار قداسة الرموز الكبرى؟
لماذا يعتبر البعض إهانة الذات الإلهية والقرآن الكريم نوعًا من حرية الفكر والإبداع الأدبي؟
ماذا سيكون موقف وزراء الثقافة العرب لو أن الكُتَّاب توجهوا إليهم، لا إلى الله والقرآن الكريم والإسلام بشتائمهم الأدبية الرفيعة؟
ألا يرتق الإبداع إلا بإيراد النصوص الكاملة لتحقير الشخوص لمقدسات الأمة؟
ألم تصبح حرية الفكر والإبداع غطاءً وستارًا لضرب الإسلام؟
لماذا تتسم بعض كتب الأدب بقلة الأدب؟
لكن في المقابل ألم تصبح الأصولية الإسلامية هي العدو الرئيسي لحرية التعبير في العالم الإسلامي اليوم؟
ألم يخلُ عهد الرسول-صلى الله عليه وسلم- من أي ذكر عن أي محاكمات أو عقوبات ضد المنافقين، بل رفض الرسول الكريم قتل المنافقين حتى لا يقال: إن محمدًا يقتل أصحابه؟
لماذا يبدو المبدع العربي اليوم مُتهمًا حتى إثبات العكس؟
كم عدد الكتاب والكاتبات والمفكرين والفنانين الذين واجهوا هذا النوع من المحاكمات في السنوات الأخيرة؟
كيف ندين التعبير الشعري والقصصي والفني بقوانين وُضعت لضبط سلوك الأفراد في المجتمع؟
أليست الشخصيات في العمل الأدبي-عمومًا-لها حريتها الكاملة في طرح أفكارها التي تعارض التقاليد والقيم السائدة أو تـتفق معها؟
أليس حقل العمل الإبداعي مفتوحًا على الآراء والأفكار المتناقضة؟
وهذا الحقل لا يعبر بالضرورة عن أفكار المؤلف؟
لماذا يدس بعض الإسلاميين أنوفهم في أعمال أدبية لا يفقهون فيها؟
لماذا يطالبون الناس بعدم الاجتهاد إلا إذا كانوا من العلماء، ثم يقتحمون مجالات ليست من اختصاصهم؟
لماذا يحن العالم العربي إلى محاكم التفتيش، ويريد تكرارها؟
لماذا يحاول بعض الإسلاميين تأجيج الحرائق ضد العقل لإدخال العرب في ظلمات العصور الوسطى؟
ألم تصبح شرطة الفكر شرطة عقيمة؟
ألا تجعل شبكات الاتصال العالمية من الصعب على أي شرطة فكرية أن تملي على الناس أفكارهم ومشاعرهم؟
ألم تحول الإنترنت العالم إلى سوبر ماركت فوري فيه الطازج والعفن، وفيه الطاهر والنجس، فيه الخير وفيه الشر، وعلينا أن نعرف ما ننتقي وما نستثني؟
أما أن نُغلق الأجهزة أو نقذف بها من النوافذ بحجة الأخلاق والتقاليد فمعناه فك الارتباط بيننا وبين العصر.
أليس حريًّا بالإسلاميين أن يتذكروا أن نحلهم قد يلتقي مع ذباب الآخرين على طبق واحد؟
أسئلة أطرحها على الهواء مباشرة هنا في بيروت على سماحة الشيخ الدكتور محمد على الجوزو (مفتي جبل لبنان)، وعلى الشاعر والكاتب المسرحي ممدوح عدوان للمشاركة في البرنامج يرجى الاتصال بالأرقام التالية: من داخل لبنان: 620253
ومن خارج لبنان: 009611620254 ورقم الفاكس: 009611826581
[فاصل إعلاني]
أسباب ثورة الإسلاميين على الأعمال الأدبية التي تمس المقدسات الإسلامية
د. فيصل القاسم: ممدوح عدوان في البداية: لا شك أنك سمعت المقدمة، كان هناك الكثير من الأمثلة في العديد من الدول العربية، حيث ثارت ثائرة الإسلاميين وغير الإسلاميين ضد العديد من الكتاب بحجة التهجم على المقدسات، هل هي مجرد يعني هَبَّات ممن يوصفون بأنهم ظلاميون، أم أن لها أسبابا حقيقية فعلاً؟
ممدوح عدوان: أنا أرى أنه استغرابنا للصدام بين الإبداع والدين استغراب لا مبرر له، لأن الإبداع على نقيض الدين تمامًا، فالإنسان لما وجد على هذه الأرض شاف الطبيعة من حوله، وخافها، ولأنه خافها عبدها، أو عبد القوى التي رأى أنها تُسيِّر هذه الظواهر الطبيعية، فبممارسة الأديان الوثنية كان فيه آلهة: إله للرعد وإله للمطر وإله للعاصفة وإله للشمس وإله للبحر..إلى آخره.
ثم جاءت الأديان السماوية، وقالت: إن هناك إلها واحدًا هو القوة المسيرة لهذا الكون، بالمقابل كان فيه ناس ثانيين تعاملوا مع الطبيعة بطريقة ثانية، ها دول هم المبدعون، قالوا إن.. طبعاً بالمقابل لما كان التيار الديني يمجد الخالق من خلال هذه الطبيعة العظيمة، انوجد ناس ثانيين قالوا-حتى إذا كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين-إن هذه الطبيعة يمكن إعادة صياغتها، هذا الواقع يمكن إعادة تركيبه، وأطلقوا للمخيلة العنان، لكي تعيد صناعة العالم، هذه المخيلة كانت تسير في اتجاه معاكس تمامًا للاتجاه الديني، ومجرد أن المبدع يحس أنه مبدع، يعني هو يعطي نفسه صفة أنه قادر على-بين قوسين- الخلق.
بالتالي هو في وضع-سلفًا-معادي ومناقض للوضع الديني، لما بده يطرح إبداعه، طبعًا مش المبدع فقط، بل المبدعين والعلماء والمفكرين، ها دول كلهم تعاملوا مع العالم، إننا نستطيع إعادة صياغته وتركيبه، أو إننا يجب أن نفهم القوانين التي تُسير هذا العالم وهذه الطبيعة، سواء كان العالم مؤمن أو غير مؤمن، سواء إن قلنا: الله -سبحانه وتعالى- هو الذي يسير هذا الكون، لكنه يسيره بقوانين نستطيع أن نفهمها نحن البشر، ويجب أن نكتشفها، ودائماً بتاريخ العلم.. بتاريخ الإبداع كان دائماً المبدعون والعلماء والمفكرون يكتشفون قوانين من خلال تأملهم المتسائل للطبيعة، وكانوا حين يعلنون عن اكتشافهم يلاقون النفور والتكفير من المؤسسات الدينية، وتاريخ العلم مليء بأمثلة من هذا النوع.
يعني حتى المبدع وضعه وضع قلق ومتسائل، دائمًا يشك، الشك والتساؤل والقلق هي سر الإبداع وهي سر كل جديد حصل في العلم وتاريخ البشرية.
أنا أظن أنه المؤمن المطمئن ليس هو الذي يتساءل: لماذا تسقط التفاحة على الأرض؟ العالم المتسائل القلق الذي يريد أن يفهم هو الذي يتساءل: لماذا تسقط التفاحة من الشجرة على الأرض؟ فيكتشف قانون الجاذبية، كل الاكتشافات التي اُكتشفت في حينها، ووجهت برفض المؤسسة الدينية والعقل الديني.
فطبيعة الأشياء لما أنا بدي أطلق لمخيلتي العنان بدأت تمس مسائل بيعتبروها المتدينون أنها مُسَلَّم بها، ولها قدسيتها، ولا يجوز التطرق إليها أو المساس بها، وبالتالي لابد دائمًا من وقوع الصدام، الآن سأصطدم مع الشيخ محمد علي الجوزو، وأنا لا أصطدم بطبيعة الحال مع مجتمع بأكمله يقوم على أسس معينة بمقدار ما فضيلة الشيخ -أيضًا هو سلفًا- أي إبداع أو اكتشاف علمي هو يصطدم به.
لكني بدي أسأل سؤالين صغيرين للدكتور الأستاذ الجوزو باعتبار فيه صفة مشتركة بيناتنا الاثنين باعتبارنا صحفيين، فبدي أسأله سؤالين صحفيين، أعندك مانع..؟
د. فيصل القاسم [ مقاطعا]: طيب ممكن تسأله فيما بعد، لكن كي نبقى في صلب الموضوع، سمعت هذا الكلام: المبدعون والعلماء والمفكرون هم بطبيعة الأشياء على نقيض مع هذا العالم، وهم متقدمون على عصرهم-إذا صح التعبير-والتاريخ مليء بالأمثلة كما ذكر ممدوح عدوان كيف ترد؟
محمد على الجوزو: أولاً: يجب أن نفرق كلمة العلم لا تطلق على سجيتها بدون أي تحديد، العلم له أصول وله شروط، والذين اصطدموا -في الواقع- مع الكنيسة كانوا في الغرب، لم يكن هذا في الشرق أبدًا، وفي العالم الإسلامي لم يحدث أن صادر العلماء أي اكتشاف علمي، لم نعرف في تاريخنا..
د. فيصل القاسم [ مقاطعا]: لأن العرب لم يقدموا الكثير من الإبداعات العلمية.
محمد على الجوزو [ مقاطعا]: لا..قدموا الكثير.
د. فيصل القاسم [ مقاطعا]: في العصر الحديث.
محمد الجوزو [ مقاطعا]: لا..نحن نتكلم عن تاريخ، عن تراث، عن أمة، ولا نتكلم عن مرحلة، لأن نحن في مرحلة الهزيمة ومرحلة الضياع، هذه ليست المرحلة التي تعبر عن أمتنا، المرحلة التي تعبر عن أمتنا هي المراحل السابقة، والتي كانت في عصور الإسلام الأولى العصر الأموي، العصر العباسي، في العصر العباسي ازدهر العلم، وكان هناك اكتشافات وكان هناك رجال، علم الجبر نحن الذين اكتشفناه، وهو أساس العلم في العالم، إذن لم يكن هناك أية مصادرة للعلم الحقيقي.
نحن نتكلم عن ظاهرة-الآن-تريد أن تضع نفسها مكان العلم، وأن تدعي لنفسها بأنها تتحدث باسم العقل، وهي بعيدة كل البعد عن العلم، وعن العقل، أنا أريد أن آخذ آخر ظاهرة، التي تحدث الناس عنها كثيرًا، وادعوا بأن الإبداع في خطر، وأن هؤلاء الظلاميين قد صادروا حرية إنسان اسمه حيدر حيدر عندما صدر كتاب "وليمة لأعشاب البحر" هذا الكلام أريد أن أقدمه كدليل على أن العلم في مكان وهذه الرواية في مكان أخر، لا تتصل بالعلم ولا حتى تتصل بالعقل.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: نحن نقول: إبداع. نحن نقول إبداع..
د.محمد علي الجوزو [ مقاطعا]: ولا الإبداع، حتى الإبداع لا تتصل به.
الإبداع له شروط أيضًا، الشاعر الأديب يجب أن يرتفع بمجتمعه، وأن يرقى به، وأن يحاول أن يسمو به حتى يستطيع أن يواجه الأحداث التي يعيشها، أما أن ينحط به إلى الأسفل، أما أن يأتي، ويقدم رواية..
ممدوح عدوان[مقاطعاً] :لا يرتفع به، ولا ينحط به. لا يرتفع به ولا ينحط به..
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: اسمح لي، أنا لم أقاطعك عندما تكلمت، فأرجو أن تتكلم عندما انتهي أنا من كلامي هذا أساس، أنا لا أريد أن أحاول أن أدخل في جدل، الجدل صحيح قد يؤدي إلى نتيجة، لكن أريد أن أقدم أدلة وبراهين عن أي شيء أتكلم، وأريد أن أقدم أولا: هذا الكتاب يتحدث عن الشيوعيين، عن بعض الشيوعيين العراقيين، شيوعي عراقي ذهب إلى الجزائر، وعاش في الجزائر، يقول:
وقبل أن يلتحق الباهلي بحرب الأهوار كان يتحول في الجامعة بعد هزيمة حزيران نحو الماركسية، لقد سقط الرهان على الخط القومي البرجوازي بهزيمة عبد الناصر.
يعني يتحدث عن إنسان ماركسي اتجه إلى الماركسية.
د. فيصل القاسم: كي لا يكون موضوعنا تحليلاً للرواية بحد ذاتها، هناك الكثير من الأمثلة، أريد جوابًا على كلام ممدوح عدوان وخاصة الأخير منه.
د.محمد علي الجوزو: أنا أريد أن أبين عندما يتكلم هذا الإنسان في هذا الكتاب، ويقول: في البدء بدأ متوجسًا، حاول أن يسأل، لكنها صادرت أسئلته، يتحدث عن امرأة اسمها فلة بوعناب في الجزائر: اسمع يا خويا يا سي مهيار -يرحم والديك- أنا لست عاهرة، بل امرأة حرة اختار الرجل الذي يعجبني، ولا أعتقد فيك ذلك الرجل.
هذه عبارات استخدمت في هذه الرواية، عبارات أخرى في هذه الرواية-أيضًا-تنال من الدين وقدسية الدين، وأيضًا تزوِّر على الكلام، ولكن الله قال: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم..) ورسولنا المعظم كان مثالنا جميعًا، ونحن على سنته، لقد تزوج أكثر من عشرين امرأة بين شرعية وخليلة ومتعة..هذا غير صحيح، هذا اتهام للرسول-صلى الله عليه وسلم-بأشياء لا يمكن أبدًا أن نوافق عليها، وبعد ذلك يقول لك: أما أنتم فتريدون شيئًا، الله تعالى يقول في كتابه العزيز: ابتليتم بالمعاصي، هذه ليست آية، هذا أيضًا تدليس على القرآن.
ننتقل إلى قضايا أخرى، هنا فقرة مهمة جدًّا، وأريد إذا كان هذا مثالاً للإبداع، فليسمع المبدعون والقوميون واليساريون هذه العبارات التي يقولها الرجل، يقول - لا أريد أن أتكلم فيه بعض العبارات لن أمر بها لأنه يصعب أن أعرضها على شاشة التليفزيون: أما الثوار والمناضلون والقوميون والمثقفون والاشتراكيون، نخبة الشعب، طليعة الأمة، النور الساطع في الظلام العميق، القادة المعبودون، والآباء الروحيون، المتوجون بهالات القداسة والجلال والعظمة ها.ها.ها.يا للسفلس الثوري، وصرخت: كلهم تخرجوا من مدرسة العنابية، ومروا تحت قوس فخذيها.
هذه عبارات تسيء لمن؟ تسيء للأدب، وتسيء لكل الثوريين والقوميين والماركسيين والمثقفين مروا تحت فخذيها.
هذه عبارات يطلق عليها إبداع؟ !
أي إبداع هذا أن يقال هذا الكلام في بلد عندما صدرت هذه الرواية في الماضي لم يحس بها أحد، ولكن عندما صدرت في مصر عن مؤسسة رسمية قامت القيامة، لأن مصر بلد إسلامي له أخلاقه، له مبادئه، له قيمه، لم يستطع أن يتقبل مثل هذا الكلام، فكانت النتيجة أن أحدث فتنة، فتنة تسببت طبعاً بإصابة عدد من الطلاب الأزهريين عندما قاموا بالمظاهرة، وقامت القيامة..
أيضًا يقول:
المرأة التي سقطت سهوًا على شواطئ بونا حيث نسيها الله بعد أن اختار لها زاوية ضيقة من زوايا الجحيم قائلاً لها: امكثي هناك ملعونة إلى أبد الآبدين، فترد بصرخة شيطانية: في مؤخرتي الحياة أغلى وأنهار كالعسل..هل هذا كلام أدبي..؟ !
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: أنا أريد أن أسأل سؤالاً..يا شيخ هذا كلام أدبي، طبعًا كلام أدبي.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: لا، ليس كلامًا أدبيًّا..
د. فيصل القاسم [ مقاطعا]: من قال: إنه ليس كلامًا أدبيًّا؟
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: هذا كلام عاري عن الأدب.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: أنت تقول يا شيخ..
د.محمد علي الجوزو]مقاطعاً[: أنت قلت: هذه قلة أدب، وليس أدبًا.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: لا..أنا قلت هذا الكلام مجرد سؤال، أنا أريد أن أطرح عليك سؤالاً: هناك من يقول في هذه الحالة: إنكم تدسون أنوفكم في أشياء لا تعرفونها من خلال هذا العرض الذي تفضلت به قبل قليل.
لا تعرف أي شيء عن الأدب، ولا عن الإبداع.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: أولاً: اسمح لي هذه أردها إليك، نحن أساتذة الأدب، أنا تعلمت في مصر، في جامعة الأزهر، وفي كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، درست الأدب، وأنا أديب وشاعر، وأنا أعيش هذه القضية، هذا ليس بأدب على الإطلاق.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: هذا الكلام..
أنا أوجه هذا الكلام لممدوح عدوان أنا أوجه هذا السؤال، وأريد جوابًا، ممدوح عدوان.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: هذا ليس بأدب على الإطلاق، بل هو نوع من الأدب العاري، الذي لا يجوز، هذا يماثل عودة الشيخ إلى صباه، وهذه من الروايات الجنسية التي لا يجوز أن تنشر في المجتمع العربي بأي شكل من الأشكال، الإبداع شيء آخر غير هذا.
[موجز الأخبار]
الخطوط الفاصلة بين الأدب والدين
د. فيصل القاسم: ممدوح عدوان، سمعت ما قاله سماحة المفتي، جاء بالكثير من الأمثلة التي تثبت بأن ما يُقدم باسم الأدب هو في واقع الأمر لا علاقة له بالأدب لا من بعيد ولا من قريب، وأنا أريد أن أطرح سؤالاً ردًّا على كلامك اليوم..
ممدوح عدوان]مقاطعاً[: هذا لا يثبت، لا يثبت.
د. فيصل القاسم: دقيقة، أنا أريد أن أطرح، أنت قلت الكثير، وطرحت الكثير من النقاط أنه المبدعون والعلماء والمفكرون على نقيض من العالم، وأتيت بالكثير من الأمثلة، لكن هناك من يقول في الوقت نفسه: من الخطأ أن نخلط الفنون بالعقائد، فالعقائد منطقة تمثل قداسة معينة في حياة البشر مهما كانت درجة الخلاف بينهم، والفنون تبدأ بكل ما هو راقٍ وجميل، وتنتهي بالإسفاف والابتذال والكباريهات، وإذا تداخلت الفنون مع العقائد، فهذا باب خطير جدًّا، ولا ينبغي أن نقترب منه.
كيف ترد على مثل هذا الكلام؟
ممدوح عدوان: أولاً: ما فيه منطقة محظورة على الإبداع، الإبداع يعيد النظر بالحياة، ويعيد النظر بالواقع، ويعيد النظر بالتراث.
د. فيصل القاسم: في العقائد؟
ممدوح عدوان: وفي العقائد، وفي التاريخ، وفي كل شيء.
د. فيصل القاسم: وفي الدين؟
ممدوح عدوان: وفي كل شيء، لأنه هو أصلاً على صدام معه.
د.محمد علي الجوزو: هذا تدخل مباشر في أمور لا يعرفونها الأدباء اللي يدعون أن عندهم إبداع عم يتدخلون في منطقة لا شأن لهم بها، الدين يجب أن يكون له اختصاص.
كل إنسان له اختصاص، أن يتدخل في شأن الدين من هو عالم بالدين، أما أن يتدخل الجاهل بالدين في شأن الدين، ثم يطعن ويسب ويشتم ويتطاول على المقدسات، وإذا حاولنا نحن أن نرده إلى الصواب، وأن نقول له: هذا خطأ، قامت القيامة، وبدأت الأصوات ترتفع، وتقول: نحن نصادر الحريات..أي حرية؟ !
هل الحرية هي أن نسب، أن نشتم الدين؟ !
د. فيصل القاسم: هذا هو الكلام المهم، سماحة الشيخ نحن سألنا مثلاً: لماذا يدس الإسلاميون أنوفهم في أمور لا يعلمونها؟
أنتم يا ممدوح عدوان في هذه الحالة-المبدعين-تدسون أنوفكم في أشياء لا تعرفونها-أيضًا-ولا تعلمون بها.
ممدوح عدوان: نحن لا ننظر للدين، ولا نفتي في الدين، نحن حينما نلمس هذه المسائل..
د.محمد علي الجوزو[مقاطعاً]تسبون الدين.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: لا..أرجوك لا.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: هذا سب للدين.
ممدوح عدوان: لا.. استنى شوية هذا بدي أحكي عنه، نحن نبحث عن النوازع والعوامل التي تقف وراء سلوك البشر، من هذه العوامل أنا معك أحيانًا تكون دينية، وأحيانًا تكون غير دينية، وأحيانًا تكون دنيوية وجنسية وشهوانية ومالية وجشعة ، ناس وناس، بإعلان الذي حضرتك كنت تقدمه في خلال الأسبوع الماضي عن الندوة أن الأدب صار قلة أدب..الأدب لا يستطيع أن يكون مؤدبًا، هذه أنا أضيفها.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: نظرية جديدة؟ !
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: نعم جديدة.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: هذه ليست نظرية في الأدب العربي.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: سماحة المفتي عندما يقول..
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً] نحن نعرف الأدب في تاريخنا.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: كل الأدب العربي.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: الذين تخلوا عن الأدب لم يكونوا محل احترام.
ممدوح عدوان: سماحة الدكتور يقول: إنه بده الأدب يرتقي بالحياة، وما يجوز أن يقول كلمات من هذا النوع، أنتم معناتها أنكم تطالبون الأدب أن يقدم ناسًا بلاستيك، ناسًا مصنعين، ناسًا مقطرين بالقطارة، ها دول غير موجودون بالحياة، الأدب بده يعالج الحياة، أنت قرأت جملاً، عم تقول: شخصية من الشخصيات..
د.محمد علي الجوزو]مقاطعا] شخصية ساقطة.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: أعرف، شخصية من الشخصيات تقول هذا، هل في الحياة ساقطات أم لا؟
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: الحياة فيها ساقطات.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: هل هناك ناس تقول هذا الكلام أم لا؟
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: أولاً: أنت تقدم هذا لأبناء الجبل الصاعد من بنات وشباب، تقدم له هذا النسيج؟ هذا يقرؤه أناس معينين، عندهم مرض في أنفسهم، وعندهم ضعف في أفكارهم.
وعندهم تشتت ذهني، وضعف-للأسف الشديد-في كل مجالات الحياة.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: لا ها دول ناس يعرفون النفس البشرية على حقيقتها.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: أنا أقول إن هذا الرجل معقد جنسيًّا، وهو يحتاج إلى عرض على طبيب، لأنه لا يمكن-أبدًا-أن يكتب هذا الكلام إنسان عرف.. الجنس له وقاره-أيضًا-لا يقال بهذا الشكل على صفحات الصحف، هذا مثله مثل الصور العارية الجنسية التي تطاردها الدولة، وتمنع أن تقدمها للناس.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: فيه صور عارية.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: وهذه صور عارية.
ممدوح عدوان: استنى شوية فيه صور بذيئة عارية، وفيه صور عارية بلوحات عظيمة لكبار فنانين العالم، فإذن العري ليس مقياسًا لشيء، وهذه البذاءة اللفظية هكذا يتكلم البشر، ونحن نكتب عن البشر..
د.محمد علي الجوزو] مقاطعاً]: أولاً. أولاً هؤلاء ليسوا..
ممدوح عدوان]مقاطعاً] : أنا بدي.. اسمح لي، بدي أكمل إذا أردت: كان من الممكن لولا أنهم وقفوا عند بعض الكلمات التي تقولها الشخصيات، هلا فانكحوا ما طاب لكم من النساء أو العبارة تبع أنه ليست آية.. هو ليس حيدر حيدر الذي يقولها، شخصية من الشخصيات تقولها.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: هو حيدر حيدر الذي قال هذا الكلام على لسان هذه الشخصية.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: لا..على لسان الشخصية.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: فيه لعب بالألفاظ هنا.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: هل الشخصيات تمثل الكاتب؟ هل الشخصيات تمثل الكاتب..
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: أيوه تعبير عن الكاتب، وعن فكر الكاتب.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: للرد على الدكتور البوطي، قال نفس الكلام اللي عم تقوله فضيلتك.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: الدكتور محمد رمضان البوطي.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: نعم، قال: إن الشخصيات ظلال لنفسية الكاتب، الرواية فيها مناضل وخائن ويهودي وجاسوس، وفيه عاهرة وأم فاضلة، كلهم بيمثلوا نفسية الكاتب؟
د.محمد على الجوزو [مقاطعاً]: أولاً: الكاتب هو الذي صور كل هذه الشخصيات.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: عال تمام، لأن الحياة فيها هذه الشخصيات.
د.محمد على الجوزو [مقاطعاً]: أما.. أما أن يقول كلامًا في الدين لا يعرف شيء عنه، هو لا يحفظ أي آية من القرآن، هذا دليل جهله بالدين أم لا؟
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: شخصية من الشخصيات.
د.محمد علي الجوزو: كيف يتطاول على الدين؟
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: الشخصية جاهلة بالدين.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: ليس من حقه أن يتطاول على الدين.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: هو لا يتطاول على الدين.. الشخصية التي كتبها هي التي تطاولت على الدين.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: تطاول وأسف بشكل كبير، وليس مسموحًا له، هذا غير مسموح له.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: في الشارع تشوف الناس بيتطاولوا على الدين وبيحكوا كلامًا بذيء، ليش في الحياة الناس تطلع تقول كلامًا بذيئًا...
محمد على الجوزو [مقاطعاً]: الكلام البذئ يقال أنه بذئ.
الكلام البذيء يقال: إنه بذئ، وسب الدين يقال: إنه سب دين، وفيه عقوبات للذي يسب الدين، ويعتدي على الدين، ممنوع هذا، ولذلك عندما يأتي كاتب ويقدم رواية بهذا الأسلوب..
ممدوح عدوان]مقاطعاً]: هذا ليس خطابًا، هذه رواية.
د.محمد علي الجوزو: هذه الرواية إذا دخلت إلى بيوت الفاضلات من النساء، وإلى أطفالنا، هذه تفسد الذوق، تفسد الأخلاق، تسبب نوع من الانهيار الأخلاقي، هذه لا ترقى بالمجتمع أبدًا، ولا تحق لها أن تكون منتشرة بين أبناء المجتمع العربي.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: أيهما.. أيهما أشد خطرًا على الناشئة: أن يقرءوا بعض الكلمات البذيئة في رواية، أم نقرأ لمجموعة من رجال الدين الذين يدعون معرفة أسماء السماوات السبع وأسماء الملائكة والشياطين، ويصفون عرش الله، ويُقَوِّلون الأنبياء ما لم يقولوه؟
[فاصل إعلاني]
ممدوح عدوان: لولا انشغلوا بها العبارات الصغيرة كان ممكن أن تكون الرواية لصالحهم، لأنه الرواية عم بتقول بفشل المشروع الثوري والمشروع اليساري والمشروع الماركسي والمشروع القومي، كان ممكن هم إن يستثمروه، ليش حتى انتبهوا لها بعد سبع طبعات؟ !
أنا أظن أنه كانت اللحظة السياسية كانت غير مناسبة، وبالتالي هذه المعركة التي تدور حول هذه الرواية، وهذه الكتب كلها ليست معركة لا حول الدين، ولا حول الأدب، هي معركة سياسية، ويعتقد التيار الديني أن لديه من القوة السياسية الآن ما يستطيع به أن يضغط على السلطات العربية، وبطريقة بيتعاملوا مع الأدب في هذه المعركة مثل واحد مختطف طفل بده يبتز أهله، كلما ما بده يبتز أهله زيادة بيسمعهم بكاء الطفل، كلما بدهم يضغطوا على السلطة يمسكون الأدب ويصفعونه كفين، ويقولون: الأديب كافر والأديب هذا لماذا سمحتم له؟
لكي يضغطوا على الحكومة لتأخذ قرارات باسمه.
كيف لم تحكموا؟ ! أنتم ما حاكمين هيك عم تعملوا.. كيف.. الأدب يتعامل..
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: أرد عليه لو سمحت، النقطة هذه بالذات لو سمحت.. أولاً: هذا كلام خطير يا اللي عم بتقوله أنت، لأنه نحن الآن منذ أن ورثنا الاستعمار بأنظمة مرتبطة بهذا الاستعمار فكريا، لأنه أنظمتنا أكثرها ورثت أنظمة صنعها الاستعمار، ثم جاءت هذه الأنظمة، وتبنت مبادئ وقيم ليست من مبادئنا ولا من قيمنا في شيء.
في فترة من الفترات راجت قضية الماركسية في بلادنا، وأصبحت موضة على ألسنة الأدباء، وأصبحت الدولة تتبنى هذا التيار، وأصبح هؤلاء هم الذين يشكلون الفئة التي تسيطر على الإعلام، وعلى فكر الدولة، استغل هؤلاء وضعهم من بعض الحكام الجبابرة والطغاة، واستطاعوا أن يغيروا من الخريطة على الأرض، وأن يسلطوا هذه الدولة على المتدينين، وعلى المؤمنين، وعلى التيار الإسلامي، إذا استعرضنا الآن المساجين الموجودين في سجون الأمة العربية لوجدنا أن أكبر عدد من هؤلاء المساجين..
د. فيصل القاسم ]مقاطعاً]: هم من الإسلاميين.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: هم من الإسلاميين.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: نعم.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: وليسوا من المثقفين أو التنويريين الذين يتحدثون باسم التنوير، كلمة التنوير كلمة جاءت من قبل الغرب، كل هذه الكلمات المستعارة: النقد الكلمة الماركسية هذه، نقد الدين أساس لكل نقد، هذا ما يقوله (ماركس) نقد الدين أساس لكل نقد، جاء هذا التيار الماركسي، وأراد أن يطبق أنه هناك في هذه الأمة شئ اسمه الإسلام، والإسلام هو أساس وجود هذه الأمة، لو لم يكن هناك إسلام لما كانت الأمة العربية على الإطلاق، أساس الوجود في أي أمة، أساس العلاقات بين أبناء الأمة هو التاريخ واللغة، الإسلام هو الذي نشر اللغة العربية في هذه البلاد، وفي غيرها من البلاد العربية.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: ونَشَرَ هذه الثقافة أيضًا.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: ونشر هذه الثقافة.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: نعم.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: والتاريخ صنعة الإسلام..الآن أعداؤنا يريدون القضاء على الإسلام، وعلى اللغة العربية.
د. فيصل القاسم: من خلال؟
د.محمد على الجوزو: من خلال نقد الدين.
د. فيصل القاسم: ومن خلال الكتب، وما يسمى بالإبداع.
د.محمد على الجوزو: وما يسمى بالإبداع.
د. فيصل القاسم: نعم.
د.محمد علي الجوزو: الأخ نفسه كاتبٌ مقال هنا وأعجبني..
د. فيصل القاسم [مقاطعاً ]: طيب..قبل ذلك يا شيخ أنا أريد-كي نبقى في الموضوع-تعقيبًا على كلام ممدوح عدوان هناك من يقول: إن التدخل في الأدب لا يكون.. لا يكون إلا من خلال الأدب نفسه، أي النقد الأدبي الذي هو القاضي الطبيعي لأي نص أدبي، وللناقد الأدبي وحده الحق في تحديد جودة النص ومعاييره، نبقى في الموضوع: كيف ترد على هذا الكلام؟
د.محمد علي الجوزو: أرد على هذا في حدود الأدب، أما عندما يصيب هذا الأدب الأخلاق يصبح من حق العالم رجل الدين الذي يعرف معنى الأخلاق، والذي تقوم رسالته على أساس حماية الأخلاق بالذات، لأن الأمم هي الأخلاق:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همُّ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
من هنا من حق العالم أن يتدخل لتصحيح هذا الوضع المنحرف، ومن هون نقول: إن أكبر عدد من أدباء مصر كانوا علماء، يعني مصطفى صادق الرافعي هذا الكاتب الإسلامي الكبير كان عالمًا، أيضًا..نحن نعرف أن البارودي كان أيضًا من أكبر شعراء مصر وأدباء مصر، أمامي هنا ديوان هاشم الرفاعي شاعر من الشعراء العصريين أخذ جائزة في مهرجان دمشق عن قصيدة بعنوان "رسالة في ليلة التنفيذ" من أهم القصائد، كان شيخًا خريج الأزهر وخريج كلية دار العلوم، العلماء هم درسوا الأدب، وفهموا الأدب، ومن حقهم أن ينقدوا هذا الأدب إذا خرج عن إطار الأدب.
د. فيصل القاسم: ممتاز.
د.محمد علي الجوزو: من هنا فتدخل الأزهر مثلاً.. شيخ الأزهر عندما انتقد هذه الرواية كان يقوم بدوره كحريص على المجتمع المصري، والمجتمع العربي والإسلامي، أيضا رئيس جامعة الأزهر..
د. فيصل القاسم ]مقاطعاً] : هذا كلام مهم جدًّا.. ممدوح عدوان كيف ترد؟
يعني كلام في غاية الأهمية.
ممدوح عدوان: بدي أسأل أنا فضيلة المفتي: إنه بدهم يحموا الأخلاق من الأدباء..
د. فيصل القاسم ]مقاطعاً]: نعم.
ممدوح عدوان [مستأنفاً]: ألا يجب أن نحمي عقول الناس أيضًا من التضليل الذي يقوم به بعض رجال الدين؟ !
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: أولاً.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: دقيقة سماحة المفتي.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: اسمح لي.. اسمح لي بعض رجال الدين في هذا العصر سنة 2000م في شهر 8 بيحاربوا التليفزيون، وأنت فضيلتك طالع بالتليفزيون الآن، بيحاربوا التليفزيون، وبيعتبرونه من الكبائر.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: هذا غير صحيح.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: مش صحيح؟
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: كي نبقى في الموضوع. كي نبقى في الموضوع.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: يعتبرون.. يعتبرون أن من يقول بكروية الأرض هو كافر.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: هذا كلام-أيضًا-كذب على رجال الدين.
د. فيصل القاسم: كي.. كي يكون موضوعنا الإبداع وحرية الإبداع، وحدود حرية الإبداع إلى ما هنالك، لا نريد أن ندخل.. طيب أنا أريد.. أنا أريد أن اطرح عليك سؤالاً، لأنك قلت كلامًا خطيرًا، قلت مثلاً: إن الأدب لا يستطيع أن يكون إلا غير مؤدب، وإنه ليس هناك ضوابط.. أنا أريد.. أنا أريد أن أسال سؤالاً: هل الحياة قائمة على اللاحدود واللاضوابط؟
لماذا ينفرد في هذه الحالة الإبداع بأنه الشيء الوحيد في الحياة الذي لا ضابط له؟ وهل هو أكبر من الحياة أو أهم منها؟ وهل هو (تابو) مقدس لا يخضع لأي تفسير أو أي شيء من هذا الكلام؟ أنا أريد أن أسأل..
أنت تقول: أن العلماء والمفكرين والأدباء هؤلاء، دائمًا كانوا في صراع، ومن حقهم أن يكونوا في مثل هذه الحالة، ما الذي يمنع-في هذه الحالة-أي مخترع من الزعم بأن اختراعه لا يخضع للضوابط أو القوانين أو المعايير؟ نتكلم عن العلماء.
ولماذا يحتج العالم على تطوير-مثلاً-مشروع الاستنساخ ومحاولة تطبيقه على الإنسان بعد نجاحه على الحيوانات؟ وما الذي يمنع رجلاً كالدكتور ( إيان ويلموس) الذي قام بأول عملية استنساخ للنعجة ( دوللي)، من الزعم بأن لا حدود أخلاقية أو قانونية لاكتشافه، وأن موضوع الاستنساخ موضوع علمي -كما تقولون إن أعمالكم أعمال أدبية- لا يمكن أن يناقش إلا من الجانب العلمي فقط ولا علاقة للأخلاق والقوانين به؟ !
لماذا قامت بلدان مثل: إنجلترا والولايات المتحدة بتشريع قوانين لمنع الاستنساخ على البشر؟ أليس في هذا حَجْر على الإبداع العلمي؟ هذا سؤال أريد أن تجيب عليه.
ممدوح عدوان: الإبداع العلمي له جوانب..العلم جيد، هناك استخدام سيئ للعلم، واستخدام جيد للعلم وليس العلم بذاته هو السيئ، فكل التقدم العلمي ممكن من خلاله نعمل قنابل ذرية وندمر البشرية، وممكن نلوث البيئة، ونعمل ثقب الأوزون، وممكن بالعلم ذاته نكتشف، بالوقت اللي عم بتقولوا إن الأرض مو كروية، ولا تدور حول الشمس، امبارح جاء لنا خبر سبعة وأربعون كوكبًا مكتشفينه جد جديد..
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: هذا كلام غير صحيح يا أخي-الله يخليك-أنت عم تتهمنا اتهامات.. يا أخي أولاً..
ممدوح عدوان]مقاطعاً[: شو رأيك على الشيخ عبد العزيز بن باز؟
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
ممدوح عدوان: رحمه الله. شو رأيك فيه..
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: قال هذا الكلام في فترة، ثم تراجع عنه عندما شُرِح له.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: لم يتراجع عنه.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: أنا صديق الرجل -رحمه الله- وكان قد نفى هذا نهائيًّا.
د. فيصل القاسم: يا جماعة نحن لسنا بصدد.. نحن لسنا بصدد تجريح شخصيات دينية.
ممدوح عدوان: لا، أنا عم أقول: من يقول بدوران الأرض حول الشمس فهو كافر يُستتاب، وإلا يصبح ماله حلالاً مباحًا.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: الله يخليك.. الله يرضى عليك. الله يرضى عليك..أنت لا تأخذ رأي فرد في فترة معينة، نحن الآن في عصر فيه علماء كبار موجودين، وكلهم يتكلمون عن العلم، ويربط بين العلم والدين، لا يمكن أبدًا أن نقول هذا الكلام في عصر.. إحنا شوفنا الفضاء، وشوفنا كيف وصل الإنسان إلى القمر، هذا كلام يقال لما إذا بدنا نخدع الناس.
أما الحقيقة علماء الأمة منفتحون جدًّا أكثر مما تصور، فالدكتور أحمد زويل أخر عالم من العلماء الذين اكتشفوا هذا، واللي أخذ جائرة نوبل قال: أنا عندما اكتشفت هذا الاكتشاف هنا وقفت أسال لماذا؟ وكيف؟ يعني الإيمان زاد عندي العلم، العلم يخدم الدين، وليس ضد الدين على الإطلاق بالنسبة لنا كمسلمين.
د. فيصل القاسم: والإبداع.. والإبداع.
د. محمد علي الجوزو: والإبداع أيضًا، وهناك كتاب فعلاً عمله أحد الكتاب الأميركيين، وطبعته مؤسسة فرانكلين روزفلت وهو كتاب العلم يدعو للإيمان واسمه (كريسي موريسون) يعني قدم أدلة علمية تخدم الدين، العلم قوانين والقوانين والنظم هي التي تلتقي بالدين.
ممدوح عدوان: في فترة سابقة في عام 1999 م في القاهرة صدر كتاب للمحامي عيد الورداني وبموافقة الأزهر وفيه العبارات التالية: آيات الله كانت من الوضوح بحيث لا نحتاج إلى سواها.
الأرض لا تدور حول نفسها.
والشمس تجري حول الأرض يوميًّا، وتأخذ هدنة مدتها ثلاث دقائق تسجد فيها.
وجهنم تحت الأرض.
وسرعة الصوت تساوي سرعة الضوء.
وعنوان إبليس: عند ملتقى خط الاستواء. بخط طول 140 درجة.. هذا التخريف هذا التخريف يسيء لقول الناس أم لا يسيء؟ !
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: يا ابني الله يرضى عنك، احترم عقول الناس.
أنا لم أسمع بهذا الاسم على الإطلاق، ولم أعرف هذا الإنسان، وليس له صلة بالدين، لا تأتِ أنت بصورة شاذة، لكل قاعدة شواذ.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: هذه مسؤوليتك يا شيخ، لقد وافق عليه الأزهر، ولما صار ضجة في الصحافة سحب موافقته واعتذر.
د. فيصل القاسم: وافق عليه.
ممدوح عدوان: وافق عليه الأزهر..
د.محمد علي الجوزو: أين موافقة الأزهر؟ أتحمل الأزهر ما لم يحمل؟ !من قال هذا؟ !
أي كلام هذا؟ الأزهر أكثر وعيًا، وعلماء الأزهر أكثر وعيًا من أي إنسان، من هؤلاء العلمانيين الذين يدعون المعرفة، ولا يعرفون شيئًا، هم قادة الثورات علماء الأزهر، هم الذين حاربوا الاستعمار، هم الذين وقفوا في وجه كل مدارس التبشير التي أرادت أن تغير الهوية الإسلامية والعربية، هؤلاء علماء الأزهر لا يقال عن الأزهر هذا الكلام أبدًا، وليس مسموحًا أن يطعن الأزهر، لأنك أنت عم بتجيب لي بنقطة شاذة جدًّا ما سمعت بها، أنت تستطيع أن تأخذ الرأي العام، القاعدة العريضة.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: هو يريد أن يقول.. هو يريد أن يقول-كما سماه-إن تخريف بعض هؤلاء أضر أو أشد ضررًا بكثير مما يقدمه المبدعون والكتاب.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: نحن لا نعترف بهم. هنا في لبنان.. هنا في لبنان..
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: حاربوهم يا أخي بدلاً ما تحاربونا.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: نحن عم بنحاربهم، هنا في لبنان طلع رجل يقول نفس الكلام اللي عم بتقوله أنت: الأرض لا تدور، نحن نحاربه علنًا، ونرد عليه، وهذه معركة معروفة، وهذا أخذ جانب السلطة هو وجماعته لمحاربة من يحاربوننا، من قال لك: إننا نسكت عن مثل هذه الترهات، هذه لا تنسب إلى العلم ولا إلى العلماء.
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: نشأت.. نشأت حرب فتاوى بين الشيخ طنطاوي المفتي وبين والشيخ جاد الحق اللي هو كان شيخ للأزهر، حرب فتاوى بيناتهم حول الختان، وشهادات الاستثمار، وفوائد البنوك، وبعد أن توفي الشيخ جاد الحق صار طنطاوي هو إمام الأزهر، فمن منهما بده يمثل بقى الأزهر؟ !
د.محمد على الجوزو [مقاطعاً]: يا أخي هذا دليل على حيوية الإسلام، هذا دليل على الحوار اللي عم تقوله. في مجالنا الآن أمامنا قضايا كثيرة مستحدثة تهم العالم يا أخي يخليك..
ممدوح عدوان]مقاطعاً]:حيوية الطنطاوي..
حيوية الطنطاوي..استقبل حاخام إسرائيلي في الأزهر، وحين سئل قال: كل أعداء التطبيع..
د.محمد علي الجوزو]مقاطعاً]: لا..لا..لا نسمح بالتطاول على شيخ الأزهر، قال عن التطبيع أنه غير مسموح به الآن أبدًا، أنت لا تـتدخل في الشأن أبدًا.
د. فيصل القاسم: يا جماعة كي لا نتحول إلى محاكمة أشخاص، الشيخ محمد دياب من لبنان، تفضل يا سيدي.
د.محمد دياب: السلام عليكم..
د. فيصل القاسم: وعليكم السلام.
د. محمد دياب: تحية إسلامية مباركة وعطرة إلى سماحة الشيخ محمد علي الجوزو وإلك يا أخي فيصل، وجزاكم الله كل خير عن كل ما تقدموه للأمة، إذا كان خير فلكم الخير، وإذا كان شر فلكم الشر.
البداية يا أخي تحولت الجلسة.. تحولت هذه الجلسة إلى مداخلات كثيرة، يعني تطرق ممدوح.. الأخ ممدوح إلى معانٍ كثيرة علمية، وأرى أن الجلسة تحت حوار الأدب.
د. فيصل القاسم: والإبداع طبعًا. الإبداع والدين..
د. محمد دياب: والإبداع.. والإبداع، ولكن نحن نريد أن نقف عند الأدب، هل الأدب هو تعري النساء؟ هل الأدب هو عرض الفتيات الماجنات عبر الفضائيات؟ هل الأدب هو شتم الرسول صلى الله عليه وسلم؟ هل الأدب هو التعدي على الإسلام؟ !هل الأدب هو التعدي على الكنيسة؟
من أين جاءوا هؤلاء الرعاع؟ عليهم أن يجلسوا في منطقة منبوذة عن العالم، عليهم أن يجلسوا في بوتقة محددة بعيدة عنا، لا يشوهوا الإسلام، ولا يشوهوا المسيحية، نحن لسنا بذلك، نحن أمة محمد-صلى الله عليه وسلم-نحن رجال الأدب، علمنا حضرة النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل زمان ومكان الأدب، لماذا يقتحمون البيوت؟ لماذا يعتدون علينا؟ على حرماتنا، على نسائنا، على أطفالنا، على رجالنا، دعوا الإسلام لأهله، لا تعتدوا على الإسلام، في كل يوم نرى من يعتدي علينا وعلى إسلامنا، وعلى شرعنا، وعلى مقدساتنا، نحن نتوجه لكل الناس ممن لديهم الأخلاق، ممن لديهم الثقافة، ممن لديهم العلم، ممن لديهم الإبداع.
نحن أهل الدين، نحن أهل الإبداع، في عصر الجاهلية كانت هناك القصائد الإباحية، وممدوح عدوان يدافع اليوم عن عصر الجاهلية، يدافع عن حيدر حيدر، بالله عليكم كلمة أخيرة من خلال (الجزيرة): دعوا الإسلام لأهل الإسلام، دعوا الفتوى لأهل الفتوى، وإن أردتم أن تفسقوا في هذه الأرض فابتعدوا عنا.
د. فيصل القاسم: طيب-شيخ محمد دياب-الكثير من النقاط سيد محمد دياب، أشكرك جزيل الشكر، السيد الروائي حيدر حيدر من سوريا تفضل يا سيدي.
حيدر حيدر: أولاً: مساء الخير أيها الأصدقاء جميعًا.
د. فيصل القاسم: يا أهلاً وسهلاً..
حيدر حيدر: في هذه المداخلة التي بدأها فضيلة الشيخ وقع بما وقع فيه محمد عباس صاحب النداء التحريضي على القتل "من يبايعني على الموت" حين عمد إلى الاجتزاء والإدانة، ومن ثم الافتراء ومفردات الانحطاط التي لا تليق أبدًا برجل دين.
ثانيًا: نحن نقول بأن أهل الأدب هم الذين يحكمون على الأدب، ولا يمكن أن يكون هناك اجتزاء من عمل أدبي، كما لا يجوز أيضًا بالمقابل اجتزاء من عمل كالقرآن الكريم أو الحديث الشريف، فهل يقبل الشيخ أن نقول آية مجتزأة؟
وهل يقبل أن يكون العمل الأدبي مقروءًا بطريقة أحادية الجانب؟
أنا سأقول: ماذا في التراث الإسلامي القديم من أبي حيان التوحيدي في البصائر والذخائر، والإمتاع والمؤانسة، من أفكار جنسية أو إلحادية كما يزعمون، وكما يتهموننا به، يقول أبو حيان في الإمتاع والمؤانسة ومعذرة للكلام أرجو أن يُقبل الكلام، لأنني أريد أن أستشهد من التراث نفسه -بين قوسين- أن رجلاً قال لمتكلم: ما الدليل على صانع العالم؟ فقال: شِعْرة أمك فإنها تحلقها فتنبت، ويعلم أن لها منبتًا فقال الرجل: إذا كان هذا دليلاً على إثبات الصانع، فإن كلمة بظر أمك يدل على نفي الصانع، لأنها إذا قطعته لن ينبت.
وفي المطابقة الخامسة يقول: ما أعجب أمر أهل الجنة!قيل: وكيف؟ قال: لأنهم يبقون أبدًا هناك لا عمل لهم إلا الأكل والشرب والنكاح، أما تضيق صدورهم؟ !
أما يملون؟ !أما يربأون بأنفسهم عن هذه الحال الخسيسة، والتي هي مشاكلة لأحوال البهيمة؟ !! أما يأنفون؟ أما يضجرون؟ !
وقال الشيخ: إنني أفتري على زوجات الرسول أو إنني أقول: إن الرسول كان مزواجًا، كان الرسول -صلوات الله عليه وسلم- رجلاً من الدنيا، كما كان رجلاً يدعو إلى الآخرة، ويدعو إلى الخير، ويدعو إلى كل الأفعال، فكان رجل دنيا ورجل دين، إن بإمكاني أن أعدد سواء الزوجات اللواتي بقين، وسُميت كل منهن أمهات المؤمنين، أو اللواتي كن يعني ما يمكن أن نسميها بالأسماء الراهنة زوجات مؤقتات، سواء زواج متعة أو خليلات، فأقول: خديجة بنت خويلد وسودة بنت زمعة، عائشة بنت أبي بكر، حفصة بنت عمر بن الخطاب.
د.محمد علي الجوزو: أعوذ بالله.. أعوذ بالله من هذا الكلام.
د. فيصل القاسم: طيب..يا سيد حيدر كي لا يكون سرد دائم، أعتقد وجهة النظر قد توضحت بهذا الكلام، وأعتقد الكلام موجه لسماحة المفتي.
د.محمد علي الجوزو: أولاً..هذا الكلام مردود، ولا يمكن أبدًا، وأنا أربأ بأني أرد عليه؛ لأن هذا فعلاً اتهام للرسول -صلى الله عليه وسلم- اتهام سيئ جداً، يعني زاد الطين بلة الآن هو، لم يستشهد بشيء يشرفه بل زاد بالعملية، الرسول -صلى الله عليه وسلم- تزوج فعلاً، تعدد الزوجات.. ولكن كانت فيه ظروف لهذا التعداد، إحنا نعود إلى الكتب، ونشرح هذا الأمر، لكن هنا يقول تزوج أكثر من عشرين امرأة، بين شرعية وخليلة ومتعة هذا مش صحيح، ما في عنده خليلات للرسول-صلى الله عليه وسلم-ولم يتمتع أبدًا الرسول-صلى الله عليه وسلم-حتى نقول والله إن الرسول صار كذا.
بعدين: عم يقول إنني عم استشهد بأشياء مجتزأة، يمكن أنا أستشهد بالنصوص أو بالكلمات التي فيها مقاطع تمس الدين بالذات، هذا الجانب اللي أنا بيخصني، ما يهمني أنا ما يقوله في السياسة هذا أمر آخر، أما بالنسبة لي هنا يستشهد: في كتابه بكلمة إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا، هذه كلمة عامة، حكمة ليست بآية، هو ادعى على الله عز وجل شيئًا مش موجود، وكمان يقول: وصرخ مهدي ضاحكًا يا عمي الحاج الاستتار فإذا بمخابرات ربي-شوفت التطاول-تقرع علينا الأبواب الموصدة، يعني كلمات، عم يستهزئ فيها بالله عز وجل، ويستهزئ فيها بالدين، ويستهزئ فيها بالرسول، أنت لا تقرب إلى هذا المجال: أكتب ما تشاء، وما حد يقترب منك، لكن أبعد عن هذه القضايا الدينية.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: ابعد عن هذه القضايا الدينية، ويجب أن لا تمزج بين العقائد والفنون، وهذا خطير وهذا نوع من اللعب بالنار.
د.محمد علي الجوزو [مقاطعاً]: طبعًا، فمن خلال ما سمعت الآن هو عم يأخذ جانبًا منحط في التاريخ، ولا يأخذ الجانب اللامع والمشرق في الإسلام.
د. فيصل القاسم: تمام: ممدوح عدوان تفضل.
ممدوح عدوان: الشيخ اللي تحدث من الهاتف..
د. فيصل القاسم]مقاطعاً]: الشيخ محمد دياب.
ممدوح عدوان: محمد دياب..سأل أسئلة: هل الأدب هو الإساءة للدين؟ هل الأدب هو الفحش؟ هل الأدب..أنا أجيبه -براحة ضمير- إن الأدب لأ ليس كذلك، ونحن لدينا معايير في النقد الأدبي والأدب، كل ما هو متعمد سواء كان فضيلة أم رذيلة فهو إساءة للعمل الفني.
د. فيصل القاسم: وهذه إساءة، ما تفضل به سماحة المفتي إساءة.
د.محمد علي الجوزو: إساءة!
ممدوح عدوان: يترك كل شيء في سياقه، أما كل ما هو متعمد يسئ لفنية العمل، لكن بالمقابل ليست هناك منطقة حرام لا يدخلها، الإبداع والأدب.
وكما أنه لا حياء في العلم ولا حياء في الطب، ولا حياء في الدين.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: حتى لو مس عقائد.. حتى لو مس عقائد الناس، وتهجم على المقدسات والرموز؟
ممدوح عدوان [مقاطعاً]: الحياء نحس به. الحياء بنحس به نحن..
د. فيصل القاسم: كيف؟ طب يا رجل أنا أريد أن أطرح سؤالاً هل يتجرأ هؤلاء الكتاب الذين يتبجحون بالتهجم على المقدسات والأنبياء والرسل والذات الإلهية هل يستطيع أحد منهم أن يتهجم على شرطي في العالم العربي؟ !لا أحد يستطيع أن يتهجم على فنانة أو فنان أو