كلمة المؤلف

نحن
الفقير إلى الله تعالى
سبارتاكوس الإسبرطي
نتقدم إليكم بباكورة منجزاتنا لعام 2005 كعربون محبة وتقدير للفكر العربي الديني المستنير.

هذا تفسير حديث لكتاب ديني نكن له احتراما كبيراً، قلنا لذاتنا أن جميع مفسري القرآن لم يكونوا على درجة كافية من الفقه بدليل أن العديد من الفقهاء المعاصرين ينكرون على بعض المفسرين الكبار الكثير من تفسيراتهم لكلام الله عز وجل. وبما أننا نمتلك الخبرة اللغوية الكافية لكتابة موضوع إنشاء، ارتأينا أن ننشئ موضوعاً متعلقاً بهذا الخصوص.

وعن الأسلوب الفقهي الذي اعتمدناه في تفسيرنا نقول: البساطة. فقد افترضنا أن كلام رب العالمين لم يكن بالغموض الذي يغيّبه عن أذهان أضعف العقول لأن الله وجّه دينه لجميع البشر وليس للأذكياء فقط. لذلك، فقد تغاضينا عن الفكرة الشائعة التي تقول أن كلام الله يحتاج لدرجات محددة من الفهم وليس كل الناس قادرين على فهمه. هذه الفكرة مرفوضة والسبب كما أسلفنا أن الله وجه كتابه للبشر أجمعين ويمكن لكل ذي عين نال درجة محو الأمية في العربية أن يقرأ ويفهم.

وبما أن النص الأصلي مكتوب من قبل كائن لا يمكن مقارنته بالبشر، فلن تجد في تفسيرنا دائماً تفسيراً، ستجد أحياناً تساؤلات هي أقرب للشك. وهنا لا بد لنا من الاعتراف أحياناً بأن المقدرة اللغوية لإله تفوق مثيلتها عند البشر، وكدليل بسيط على ذلك نقول: أليس الله من خلق اللغة؟ ومن أكثر إتقاناً للأمر من مبدعه؟

كما أننا حاولنا بقدر المستطاع الابتعاد عن الأسلوب الجزل الذي امتاز به أئمة فقهاء العرب لأننا نوجه كتابنا للجميع، ولا نرغب أن يحتاج تفسيرنا لمفسرين. فكما كان كلام الله بلا لبس أو غموض توجب أن يكون التفسير بالدرجة نفسها.

ما يميز تفسيرنا عن بقية التفاسير هو أننا قمنا بإيضاح ما نرى أنها آيات مدسوسة على الكتاب من قبل اليهود والنصارى، وأشرنا لذلك مع تبيان أدلتنا العلمية واللغوية والمنطقية على ذلك.

وما عليك يا قارئنا الكريم إلا أن تدعو لنا إن وجدت فائدة في ما كتبناه، أو تدعو علينا إن وجدت غير ذلك. أما مناقشتنا فيما وصلنا له من علم ورأي وخبر يقين فلا يحكم بيننا إلا العالِم الأكيد بما يُعتقد أنه خفايا الكلم وهو صاحب الكتاب، فمعذرة، لن نقبل المراجعة إلا من صاحب العلاقة بالذات وفي أوقات الدوام الرسمي.

وإنّا وإن ادّعينا أن غيرنا لن يفهم أكثر منا بكثير بتفسير كلام ربنا، فإننا لا ندّعي أننا أكثر فهماً منهم بكثير. لذلك، فتفسيرنا قد يحتمل الخطأ وهذا ما يدعونا أن نعلن صراحة أن هذا الكتاب غير صالح لاعتماده كمرجع ديني فقهي ولا لتدريسه لطلبة الشريعة!

والله ولي التوفيق.

الفصل اللأول
سورة البقرة
الجزء الأول

الآية1
لم
لام، ميم
حرفان متتاليان من أبجدية العرب، ترتيبهما على التوالي: 23، 24. في الإعراب هو حرف جزم. أما هنا فلا محل له من الإعراب لانعدام الاتفاق على المعنى والعلاقة بينه وبين ما بعده، وهي حكمة لا يعرفها سوى الله، وكل من تسول له نفسه التفكير بغير ذلك فهو ينسب لنفسه معرفة توازي معرفة الله، أو على الأقل أنه يعرف خفايا النفس والنيات الإلهية.

الآية2
ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ
الجار والمجرور ( فيه ) متعلقان ب (الكتاب)، والمعنى: أكيد أن ذلك الكتاب فيه هدى للمتقين. وليس كما زعم البعض أن (الكتاب لا ريب فيه)، يستقيم المعنى عندما نضع علامات الترقيم بالشكل التالي: ذَلِكَ الْكِتَابُ، لاَ رَيْبَ، فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ.

الآيات 3، 4، 5
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
يخبرنا الرب هنا عن صفات (المتقين) في الآية2. فهو يشترط للتقوى شروطاً كثيرة: الإيمان بالغيب، الصلاة، الإنفاق، الإيمان بالآخرة، والإيمان بمحمد وبما أنزل إليه ولمن قبله، ثم يضيف إلى أن هؤلاء هم على هدى منه وأنهم مفلحون. وبمقارنة بين هؤلاء المتقين وغيرهم من بقية الأديان لا نجد الفرق إلا الإيمان بمحمد وما أنزل إليه. وليس هذا بالقليل يا إخوة، فمحمد عند الله أغلى بكثير.

الآيتان 6، 7
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ
الوقت الإلهي ثمين أيها الأخوة، إنه أثمن من أن يضيع على إقناع الكافرين. ومن الأسهل أن يتوجه الله إلى المؤمنين مباشرة ويطلب منهم الإيمان. لا، ليست أحجية. لكن الله يدرك بحكمته الفائقة أن المؤمنين به فقط هم من سيؤمنون به، وهذه لا يدركها البشر بقدرتهم العقلية المحدودة. فالنذير إذاً أرسله الله للمؤمنين فقط، لأنهم هم الذين بحاجة للنذير وللهداية. وقد اختار الله المؤمنين للهداية، أما الكفرة فهو من ختم على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم، لذلك يا أخوتي لا يجوز لنا أن نتعرض لهم بسوء لأن هذه هي مشيئة إلهنا. كما لا يجوز لنا أن نلهث وراءهم في المنتديات وما شابه لندعوهم للإيمان لأننا بهذا نخالف مشيئته في الختم على قلوبهم.

الآيات 8 - 15
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
في الآيات السابقة صفات بشرية منسوبة لله تعالى لذلك نعتقد بأنها مدسوسة على الكتاب من قبل اليهود والنصارى. فالله يا إخوة تعالى عن مخاطبة خلقه كما يخاطب الرجل زملاءه! فالإنسان خلال حديثه عن جماعة يقول لصديقه مثلاً: قالوا أننا سفهاء، بل هم السفهاء. الإنسان قد يرد الشتيمة بمثلها لكن الله لا يفعل. والله يا أصدقاء لا يستهزئ لأنه وقور، وهو يحب خلقه، فإن رأى ضلالة من إنسان سعى أن يزيلها عنه ولا يمد له في طغيانه.

الآيات 16 - 20
أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
هذه الآيات تابعة لما قبلها، تنسب لله أفعالاً تعالى عنها علوّاً كبيرا. فهذا المثل الضعيف لا يمكن أن يصدر عن إله. فلنتخيل قوماً في ليل دامس أوقدوا ناراً للإنارة، لماذا يأتي الله فجأة ويطفئ نارهم ليتركهم في ظلمات لا يبصرون؟ أو لماذا يضحك عليهم بالبرق والرعد ليمشوا به ثم يوقفه ليضحك عليهم؟ أو لماذا يذهب بأبصارهم ويؤكد لنا نحن المؤمنين أنه قادر على أن يذهب بأبصارهم، فنحن نعرف قدرته. هذه الآيات تنسب لله صفات إنسانية بشعة وهذا ما يدفعنا أن نطالب بنسخها من الكتاب الكريم لأنها مدسوسة عليه.

الآية21
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
الله كلي القدرة لا يجد في ذاته شأناً يقل عن آلهة الوثنيين الذين خلقوا البشر للخدمة والعبادة، لذلك يطلب من خلقه أن يعبدوه. والحكمة من العبادة لا يعرفها بشر، فبعض الكافرين والملحدين قالوا أن الله يستمتع بعبادة خلقه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً فنحن البشر لا علم لنا بما يستمتع ربنا به. وبعض اللادينيين قالوا أن الله خلق البشر ولم يطلب منهم عبادة معينة، ونقول: لماذا هو الله إذا إذا لم يعبده البشر؟ إن الله يجب أن يعبد وإلا أدخلنا جميعاً إلى جحيمه وحرمنا من جنته بما فيها من طيبات وفواكه وأنهار وحسان. لذلك يا إخوتي علينا أن نعبده وإلا لبقينا في جهنم بدون فواكه وطيبات.

الآية22
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ
الله خلق لنا الأرض لننام عليها، لذلك، فإنه لكفر مبين أن نستورد أفكاراً غربية كافرة نستعملها للنوم مثل السرير وما شابه. أخي المؤمن، ضع فراشك على الأرض واخش ربك، لا تنم على سرير مرتفع عن الأرض فهذه خيلاء كما أباطرة وقياصر الروم وكما يفعل الغربيون الكافرون. وأولئك الذين يدّعون كذباً أنهم أرسلوا إنساناً إلى الفضاء لمدة طويلة وأنه ينام في الفضاء وليس على الأرض سيخلدون في جهنم ينعمون بنارها. أيضاً، كفر من قال أن السماء فضاء فهي بناء. وقد كفر أيضاً من قال أن المطر أصله بخار من الأرض تجمع في السماء، فالله قال أنه ينزله من السماء ولم يقل أنه يرفعه من الأرض ثم ينزله.
بعض الناس جعل لله أنداداً، بئس ما فعلوا، فليطلبوا من آلهتهم ثمراً ورزقاً، هل ينبت ربهم لهم تفاحاً؟ كلا! ربنا من ينبت التفاح بدليل أنه قال أنه هو من يخرج الثمرات، ونحن نعلم ذلك.

الآيتان 23، 24
وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ
يفخر الله بكتابه، ويتحدى البشر أن يأتوا بمثله. حاشا لنا يا رب العالمين، من نحن لنكتب مثلك؟ الرب الذي شق البحر لموسى يفخر بكتابه، والرب الذي خلق الكون يفخر بكتابه، ما معنى هذا يا إخوتي؟ ألا يعني أن هذا الكتاب هو خير معجزة؟ أيهما أقوى تأثيراً على قلوب الكافرين أهي معجزة شق البحر والعصا التي تبتلع الأفاعي أم كتاب؟ إن معجزة شق البحر لم تفلح في جعل قوم موسى يؤمنون بالله بل عادوا إلى عبادة العجل الذهبي، أما القرآن فقد نجح في جعل ملايين الناس مؤمنة بمحمد ورب محمد. لقد أدرك الله أن المعجزات السحرية لا تنجح في جذب الناس للإيمان لذلك أرسل لنا أكبر معجزة في الكون وهي القرآن. ألا يحق له أن يفخر بذلك ويتحدى البشر أن يفعلوا مثله؟ صحيح أنه لم يتحداهم أن يشقوا البحر كما فعل هو لموسى لأن تلك معجزة سحرية فلو جاء ساحر آخر وفعل ذلك فماذا سيكون موقف الله؟ أما المعجزة الخالدة: القرآن، فمهما كتب البشر يمكن لله أن يقول لهم بسهولة: هذا ليس مثله. أرأيتم يا إخوتي مقدار حكمة الله؟ اعبدوه لعلكم تفلحون

الآية25
وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
يبشرنا رب العالمين أننا إذا آمنا وعملنا الصالحات فسنستمتع بالجنة والأنهار والثمار والفواكه الطيبة. وهذه الجنة هي لنا فقط نحن المؤمنين المسلمين الذين كنا في بداية ديننا في صحراء حيث لا أنهار إلا ما سمعنا من أخبار عنها، ولا فواكه إلا ما وردنا من البلاد البعيدة. أما غداً يا إخوتي فستغدو كل الأنهار والفواكه لنا. وهؤلاء الذين يعيشون في أراض كلها أنهار وفواكه سيحرمون منها في الجنة غداً، وإن غداً لناظره قريب.

الآيتان 26، 27
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ
أيضاً نعتقد أن الآيتين السابقتين مدسوستين. لنحتكم للمنطق: الله يُضل الفاسقين، وكأن الموضوع نكاية والله تعالى عن هكذا أفعال بشرية. نكاية بالفاسقين فإنه يضلهم بدلاً من أن يهديهم. هذا المعنى يؤكد بشرية الآيتين وأنهما مدسوستين على القرآن الشريف. الله هنا يستسهل، فهداية غير الفاسقين اسهل. ما الذي يتكلفه رب العالمين إذا أراد هداية الفاسقين؟ وما الذي يخسره إذا هداهم؟ أرسل الرب دينه يا إخوتي ليهدي البشر جميعهم، وأي آية تنص على عكس ذلك فهي مدسوسة وليست من كلام الله عز وجل.

أيضاً فإن قول رب العالمين لهؤلاء أنهم هم الخاسرون هو قول بشري تماماً. فعندما يشعر المرء بيأس من إنسان آخر يقول: هو الخاسر! أما الله، فأسمى وأجل شأناً من أن يتقول بعبارة كهذه.

الآية28
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
يخاطب الله عبيده بصفة المفرد الغائب ! وهذه يا أعزائي معجزة لغوية لا تجوز لغير الله. فلو أنه قال مثلاً: ( كيف تكفرون بي ) لضحك عبيده منه، لذلك آثر تلك الصيغة البليغة. أما قصة أن يميتهم ثم يحييهم ليعود يميتهم ويحييهم فهذا يا إخوة هو عمل الإله، فهو يحيي ويميت، وعندما لا يجد أمراً آخراً يفعله فإنه يلجأ لهذه التسلية الممتعة. لاحظوا معي: خلق الله الكون والكائنات، أمر الكون بأوامر ثابتة، وأمكر الكائنات بثوابت أخرى بانتظار يوم الحساب. حسناً! وما الذي سيفعله الرب ريثما يحين يوم الحساب؟ الله لا يلعب، ولا يحب تسليات البشر كلعب الورق وكرة القدم، وهو كبير جداً على مشاهدة التلفزيون أو التواصل عبر الإنترنت مع صديق لأن الرب لا صديق له، فصديق الرب رب مثله وبما أنه وحيد فهو بلا صديق. إذا، لا مجال إلى بالإماتة ثم الإحياء بهدف إعادة الإماتة. فاتعظوا يا مؤمنين!

الآية29
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
يخبر تعالى عبيده أنه هو من قام بخلق كل ما يحيط بهم في الأرض لأجلهم، فهو من خلق الحمير والدواجن والخضار للبشر. خلق الحمير لكي يركبها الإنسان وهذه منّة عظيمة للبشر الجاحدين، وخلق لهم الدواجن والخضار ليأكلوها وهم يكفرون به.
أيضاً، فالعكس صحيح. فهو من خلق البشر للحمير التي لولا البشر الذين يركبوها ويطعموها لماتت من الجوع، والحمير تسبح خالقها لأن كل ما في الكون يسبح خالقه. فاتعظوا يا إخوتي! الحمير مؤمنة والبشر يكفرون.

بعد أن خلق الله البشر والحمير والدواجن والخضار اتجه نحو السماء فسواهن!
نعم يا إخوتي: سواهن. لأن السماء عند الله ليست كلمة تدل على المفرد كما تعني لنا نحن البشر، بل هي تدل على جمع مؤنث. لذلك من الخطأ أن يقول الناس: السماء زرقاء مثلاً، وعليهم أن يقولوا: السماء زرقاوات. وهل نفهم نحن في اللغة مثل رب العالمين؟ أيضاً يخطئ الإنسان عندما يقول: أمسك الفرّان العجين فسواه أرغفة. والصواب أن يقول: أمسك الفران العجين فسواها أرغفة.
ولكي نتأكد أن علمنا اللغوي هو أدنى من علم الله أسرع مباشرة بالقول: وهو بكل شيء عليم لكي لا نطبق قواعدنا اللغوية على مؤلفاته الأدبية الفريدة المعجزة.

الآية30
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
قبل أن يخلق الله الإنسان، لم يكن يجد أحداً ليتكلم معه غير الملائكة، والله يا إخوتي كائن اجتماعي، يحب أن يحدث غيره ويتسامر معه ويخبره عن أمور ينوي هو أن يفعلها. وهكذا، لم يجد الله غير الملائكة ليخبرهم عن آخر ما قرر أن يفعله وهو أن يجعل في الأرض خليفة. ولو أن الله لم يقل للملائكة أنه سيجعل في الأرض خليفة لكان عمله ناقصاً، فلا يجوز أن يقوم أي كان بأي عمل بدون أن يخبر عنه حتى ولو كان إلها على ما يبدو. فمن كلام الله نعرف أن الإبلاغ عن الأمر قبل إتيانه هو ضرورة إلهية وإلا لجعل الله في الأرض خليفة بدون أن يخبر الملائكة عن ذلك مسبقاً.
ولكن الله عندما أراد أن يخلق الملائكة لم يكن معه أحد ليبلغه بنيته بخلق الملائكة، لذلك نتوقع أنه أخبر نفسه بذلك، وهكذا نفهم أنه أبلغ عن نيته.

أعطى الله للملائكة موهبة فهمه على الطاير وموهبة معرفة الغيب مثله تماماً؛ فبمجرد أن قال لهم أنه سيجعل في الأرض خليفة عرفوا أن هذا الخليفة سيفسد فيها ويسفك الدماء.

يتقول البعض بأن الله عندما عرف من الملائكة أن الإنسان سيفك الدماء وسيفسد في الأرض وأصر على خلقه فهو يتحمل نتيجة فعلته. وهذا الكلام مردود عليه بأن الله قال أنه يعلم ما لا يعلمون ( أي الملائكة )، فعلم الملائكة لا يرتقي لعلم الله، لذلك فهو لا يتحمل نتيجة فعلته، وعلى الإنسان أن يتحمل كل أعمال الله.

والقول أن الملائكة هي مخلوقات سامية هو قول خاطئ تماماً، فالملائكة مخلوقات لها أفعالها السيئة، وها هم قد مزقت الغيرة والحسد قلوبهم عندما علموا أن الله سيجعل خليفته مخلوقاً آخر سواهم، فسارعوا للذم به وأنه سيفسد ويسفك الدماء. ولم يتكتفوا بتلك الدسيسة بل زادوا أن مننوا على الله أنهم يسبحون بحمده ويقدسون له. لذلك فهم كانوا من الممانعين أساساً لفكرة خلق الإنسان، لكن الله أرغمهم على السكوت بقوله أنه يعرف ما لا يعرفون، فكظموا غيظهم مكرهين.

طبعا يا زميلنا الجديد لا ننسى أن نرحب بك،

وبعد الترحيب نود أن نلفت نظرك إلى ما يسمى بالتواتر.

والتواتر لمن لم يعلمه إنما هو نقل مستفيض لجمع يؤمن تواطؤهم على الكذب والخطأ عن مثلهم إلى مصدر الحدث بما هو منتهاه إلى الحس.

ومن أمثلة التواتر خروج الإسكندر المقدوني من اليونان وغزوه العالم.
ومن أمثلة التواتر وقوع مذبحة صبرا وشاتيلا.
ومن أمثلة التواتر هو كتاب الله العزيز، فكل آياته قد كتبت بين يدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبإملائه، وبإشراف أمين الوحي جبريل عليه السلام، فإسقاطك من الكتاب ما هو منه لا يكون إلا أحد أمرين:
1- إن كنت عالما بأن الله قد أنزل الكتاب، فتلك جرأة على الرب.
2- إن كنت لا تقر بالكتاب على أنه من عند الله، فهو فوق كونه جرآة، فهو أيضا استهزاء بمن يعتقده.

الآيات 31 - 33
وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ
البديهيات يا أخوة ليست بحاجة لبرهان وإثبات، وعندما قال الله في الآية 30 أنه سيجعل في الأرض خليفة فمن البديهي أنه يقصد آدم. لذلك قال مباشرة في الآية 31 أنه علم آدم كذا وكذا.
بعد أن خلق الله آدم، وهو الذي قال عنه للملائكة أنه خليفته في الأرض، وجد نفسه في حرج من الملائكة الذين شعروا بالغيرة والحسد من هذا المخلوق الجديد. وبما أنه خير الماكرين فقد توصل لحيلة بارعة تخرس الملائكة إلى الأبد. فانفرد بآدم جانباً، وبدأ يهمس له بأسماء المخلوقات جميعها. وبما أن الأعمار في تلك الحقبة كانت أمراً مختلفاً فلم يكن للزمن أي قيمة، وهكذا قضى الله وقتاً طويلاً في تعليم آدم أسماء المخلوقات على الأرجح كان هذا الوقت يعادل خمساً وعشرين سنة إذا اعتبرنا أن ابونا آدم كان كان شديد العبقرية فهو سيتفوق على أكثر علماء أحياء عصرنا فهما. وإذا عرفنا أن عالم الأحياء في عصرنا بحاجة إلى أربعين سنة لمعرفة اسماء كل مخلوقات الله الحية منها والمندثرة لعرفنا أن 25 عاماً هي فترة قصيرة نسبياً. وبما أن الملائكة هم مخلوقات من نور فهم لا أعصاب لهم ولا يشعرون بالملل يا إخوتي من الإنتظار.
وليتم الله حيلته، استدعى الملائكة وطلب منهم أن يخبروه بأسماء مخلوقاته إن كانوا صادقين فعجزوا. عندئذ توجه الرب لآدم وطلب منه أن ينبئهم بأسمائها فسارع آدم لتلاوة كل تلك الأسماء وعلى الأرجح أنه قضى في ذلك خمس سنوات والملائكة مدهوشون من معرفته العبقرية بكل تلك الأسماء.
يطرح بعض الكفار شبهة مفادها ما يلي:
الملائكة لا تعرف أسماء المخلوقات، فلو أن آدم قال أي اسم لأي مخلوق فلن تعرف الملائكة ذلك. ومن هنا فإن الله لم يعلم آدم الأسماء بل قال له: انظر يا فتى! هؤلاء الملائكة يحسدونك على محبتي لك وسأمكر بهم وأنا خير الماكرين، سأطلب منك أن تعطي مخلوقات أسماءاً وعليك أن تلفظ أي اسم لي مخلوق وسيصبح اسمه، اتفقنا؟ فابتسم آدم وهز براسه دليل الموافقة، وتمت الخدعة.
ولهؤلاء نقول: ليس الرب مضطراً لخدعة كهذه، ولماذا؟ فالوقت بالمجان، ولن يضير آدم أن يعرف الأسماء الحقيقية التي أعطاها الله لمخلوقاته.

بعد أن تمت الحيلة بنجاح، توجه الرب للملائكة فخوراً بأنه يعرف ما لا يعرفون.
أنظر يا أخي المؤمن، أنت عندما تعرف أمراً لا يعرفه زملاؤك، الن تقول لهم أنك تعرف أكثر منهم؟ وها هو رب العالمين يعطينا مثلاً على ذلك لأنه قال للملائكة: أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ. لذلك يا أخي المؤمن عليك أن تقول للناس ذلك بعد كل معلومة تعطيهم غياها. ولوزارات التربية في الكون نقول: يجب أن يبدأ كل مدرس درسه أن يقول لتلاميذه: أنا أعلم ما لا تعلمون، وبعد إنهاء الدرس يجب أن يقول: ألم أقل لكم أنني أعلم ما لا تعلمون. اقتداءاً بفخر رب العالمين بمعرفته.

الزميل الكريم
شكرا لترحيبك

أنا إسبرطي، ولا علاقة لي بمقدونيا ولا بإسكندرها.

أذكرك بأننا أعلنا أننا لا نقبل اعتراضاً إلا من صاحب العلاقة. فهل حضرتك مؤلف الكتاب؟

ومع ذلك، ولأن سلامك قد سبق كلامك سنقول: الاحتمالان اللذان ذكرتهما لهما ثالث وهو: نحن نعلم أن الله قد أنزل الكتاب، ونعلم أن الكتاب تعرض للدس.

النص إلهي، والتواتر بشري، وسلامة الفهم عزيزة.

يرجى التقيد بالشروط المذكورة في المقدمة:
مناقشتنا فيما وصلنا له من علم ورأي وخبر يقين فلا يحكم بيننا إلا العالِم الأكيد بما يُعتقد أنه خفايا الكلم وهو صاحب الكتاب، فمعذرة، لن نقبل المراجعة إلا من صاحب العلاقة بالذات وفي أوقات الدوام الرسمي.

مرحباً بك يا عبد.

سيدى اانت مسلم

كيف تقول ( آيات مدسوسة على الكتاب من قبل اليهود والنصارى، وأشرنا لذلك مع تبيان أدلتنا العلمية واللغوية والمنطقية على ذلك.

من اين اتيت بهذا انت وعالمك المبجل ثم ان العلماء مثل ابن كثير وغيرة عندنا افقة واحسن من الف عالم من من تدعون انهم مسلمون وتذكر الامة ستنقسم الى 73 فرقة كما اخبرنا الرسول كلهم فى النار عدا واحدة فقط فقيل للرسول من هى الناجية فقال من يستن بسنتى وسنة صحابتى وتابعيهم العلماء الذى تتهمهم بانهم استخدموا كلمات غير مفهومة هم من اهل السلف الصالح وتحياتى لك

عبد الرحمن ويصا