الزميل المحترم وليد,
اشكرك علي اتاحة الفرصة لمثل هذه النقاشات الراقية التي افتقدها تماما في حياتي اليومية, في مثل هذا الموضوع اجد متنفسا بعيدا عن النقاشات العقيمة مع مجتمع الدروشة المسيطر حولنا.
:wr:

Array

لا تكن متشائما - فنحن نتكلم عن فترة زمنية هي في عرف التاريخ قصيرة جدا.
و إن كنت أصدقك القول - لا أعلم أي منا هو المتشائم. فحالة الفوضى التي أظنها على الأعتاب قد تكون أقسى كثيرا من مجرد هذا الثبات العقيم.
.....
.....

[/quote]

اتفق معك ان بالنسبة لدولة تملك تاريخ 7000 سنة تبدوا عشرات السنوات شئ متواضع, و مهما طالت هذه الانتكاسة فسوف تنتهي, لكن هذه السنين هي كل عمرنا, و ما يظهر في الافق هو هاجس ان نعيش و نموت و بلادنا بهذا التدني و الانحدار دون ان ننعم بسعادة ان نراها تتقدم و تتطور, و الاسؤ ان نترك الاجيال القادمة بعدنا في مواجهة المجهول.

تشاؤمك بالنسبة لسيناريو الفوضي ربما هو ما يدفعني لاستبعادة, حساسية المنطقة و طبيعة المصالح المتداخلة و المعقدة تجعل ابقاء الوضع علي ما هو عليه مع عمليات ترميم خفيفة هو سيد الموقف, اما الفوضي فكلفتها عالية جدا و علي جميع الاطراف, و اكاد اقول ان كل القوي الداخلية لا يفيدها سيناريو الفوضي, فالطبقة السياسية بالكامل من حكومة و اخوان و احزاب معارضة في اي مرحلة فوضي سوف يتراجع دورها, فالجميع ,علي خلاف ما يطفو علي السطح من صراعهم ,مشتركين رضوا ام ابوا فيما وصلت اليه البلاد و مصلحة كل فريق تقتضي استبعاد التحولات الجزرية, ربما تضغط الحكومة و يزايد الاخوان و تتجرأ قليلا المعارضة, لكن الجميع يعرف الحدود التي لا يجب تجاوزها.

اما الاطراف الخارجية, فبعد احداث العراق ثم فلسطين اكاد اجزم انهم في اشد الحيرة و لا يعرفون كيف يتصرفون مع تعقيدات منطقتنا و هو ما دفعم بعد مرحلة الضغوط علي الحكومات و المطالبة باحداث اصلاحات إلي العودة لنقطة الصفر فما يهمهم الان هو الخروج من المستنقع و ليس تنظيفه!

اما علي مستوي العقل الفردي و الجمعي فانا اتفق معك في ان الاسئلة تتزايد, لكن الازمة في تمرسنا ايضا علي الاجابات الخاطئة, لننظر مثلا لازمة الفتاوي, فهي تعكس من وجهة نظري تردي لا نهائي, يجعل رجل الدين يطرح اي شئ و مهما بلغت سذاجته فهو في ثقة ان الناس قد وصلت للمرحلة التي سوف تتقبل اي شئ ما ان يرفع في وجوههم القرآن او كتاب حديث او حتي اجتهاد شيخ توفي من عدة قرون.
المناخ العام جعلهم يصدقون ذلك, اما ما يحدث, فهو ان البعض لازال لديه بعض المقاومة, كما ان المزايدة من بعض الفصائل الاسلامية الاخري لم تترك لاصحاب هذه الفتاوي فرصة للتمادي علي الاقل حتي اشعار اخر ينحدر فيه المجتمع اكثر و تضعف مقاومة من يعارضهم ممن يصرون علي القليل "و ليس الكثير" من المنطق.
و لكن كيف تخلصت العقول من هذه الازمة, ببساطة لقد اتسع دهاء رجال الدين, لكي يعودوا لعملية التأييف و التلاعب بالكلمات و المعاني مع تقديم كبش فداء "صاحب فتوي الرضاعة". لقد تم استبعاد نقد البنية التي انتجت هذه الفتاوي لمصلحة اظهارها علي انها اخطاء فردية.

اما تناقضات الاخري من الديموقراطية و الحرية الدينية و حقوق المرأه و الانسان و الدستور.........الخ, فالاسلام كفلها جميعا!. سوف تجد من يؤكد لك ان حقوق اهل الذمة في الاسلام افضل للمسيحين من المواطنة الكاملة, و ان الحرية الدينية كفلها الاسلام "لا تسأل كيف فهذا السؤال اكبر بكثير من قدرتنا العقلية", و ان الاسلام كرم المرأة بينما اهانتها الحضارة الحديث "سوف تسمع هذا الكلام من النساء انفسهم", اما الدستور فالشريعة مصدره و كل ما يلزمه هو تفعيل هذه المادة و التخلص من البنود الكافرة التي يتضمنها.
و في جميع الاحوال و في البداية و النهاية فأي تناقض يصادف هذه العقول له اجابتين حاسمتين
1. لا تحكم علي الاسلام بما يفعله المسلمين.
2. المشكلة في فهمنا و طريقة تطبيقنا للدين و ليس في طبيعة مرجعيته لكل امور حياتنا من سياسة و اقتصاد و علم......الخ من الاساس.
و يظل و ابدا طرح العلمانية كبديل هو امر غير مقبول, ففكرة دع الخلق للخالق و لنعمل علي بناء مجتمعنا علي اساس من العقل و المنطق و العلم هو هراء و انحراف و ضلال!
و لذلك فكلما زادت فتاوي و تضاعفت التناقضات سوف تتراكم المبررات.
و لكن اؤيدك ايضا ان هناك نسبه من العقول لم تعد تتحمل هذه التناقضات, لكن نسبه هذه عقول و معدل تراكمها لا يبشر بفرج قريب, علي انه يعطي امل اننا سوف نصل في النهاية لكن بعد عمر طويييييييييييييييييييل.

انا لا انفي التأثير الخارجي, الثقافي و السياسي, بل و لا انكر قوته و احيانه طغيانه فهو صوت الحرية و العقل, لكني اري اقوي ما فيه هو ترسبه التدريجي و البطئ في عقولنا, و مثل هذه المؤثرات لا تؤدي إلي فوضي و لكن مجموعة من التغيرات الطفيفة المتراكمة تغير ملامح الصورة علي المدي البعيد.



Array

بالرغم مما قد يبدو من إستيعابنا لأدوات التكنولوجيا جزئيا و إستخدامها لمصالحنا - إلا أننا يجب ألا ننسى أن تلك الأدوات و هذه التكنولوجيا تقف على بنية معرفية مخالفة بل و مناقضة لما نحن عليه - و سوف تظل تمثل شوكة في حلق من يستخدمها و لو في مصلحته مؤقتا.
فتلك البنية العرفية العلمية تحديدا هي حصان طرواده الذي إخترق العالم الإسلامي مسببا كل التفاعلات اللاحقة وصولا لما نحن عليه الآن.
لذلك و على مستوى شخصي أجدني أحترم شكري مصطفى مثلا بدعوته لهجرة الحداثة (و من قبله سيد قطب) أكثر من الإخوان المسلمين مثلا و غيرهم من أهل التقية. حيث أنه لكي تكون متوافقا مع نفسك و عقلك فإما العزلة التامة أو الإندماج (و لا أقصد الذوبان).و كما قال نزار قباني:
لا توجد منطقة وسطى ما بين الجنة و النار.

[/quote]

اتفق معك تماما و لكن اختلف في معدل حدوثه في مجتمعنا, فكلما زاد الوعي العلمي و التكنولوجي اهتزت البنية الاصولية التقليدية لا جدال في ذلك و لكن هذه البنية بالتحايل و استخدام هذه الادوات ضد الثقافة المنتجة لها لا تلاشي تأثيرها او توقفه بل تضعفه, و هو ما يزيد من الزمن المطلوب للتحول, فالاعجاز العلمي و المواقع الاسلامية علي الانترنت لم تمنع تغلغل العلم و ثورة الاتصالات هي فقط حاولت اسلمتها و عطلت وعي الناس و ادراكهم لطبيعته هذه المنجزات لكن في النهاية لا يمكن انكار ان الحداثة تكسب ارضا جديدة.

لا اخفي عليك احيانا اتمني سيناريو الفوضي علي الرغم من قسوته و لكن ربما يكون اقصر الطرق و اكثرها فاعلية........... لكني اعود إلي نفسي و اشفق مما سوف يصاحبه من خراب, و الاكثر رعبا ان تبدأ الفوضي ثم تتطاول او تنتهي علي مرحلة من الهدنة لا تحسم فيها التناقضات التي انتجت الفوضي من الاساس ثم نعيش في نتظار فوضي جديدة .

اطيب تحياتي
:wr:

Array
برايي ان قناة الجزيرة كانت اول لبنة .. لخلق الفوضى الخلاقة في الوطن العربي... هذه القناة المشبوهة ... و الوسخة... دمرت مثقفي الوطن العربي.. و ارضخت مثقفيها لجهل غوغائها و خزعبلاته... حتى صار المثقف العربي يزايد على الجهلة الاميين في التعصب للرجعية و التخلف...
هذه القناة تقول الشيء و عكسه.. تتلاعب بالمصطلحات و الكلمات ... تمزج الحقيقة بالاكاذيب لتخلق جدلا... غير بناء و مدمر حقيقة... هدفها هو الجدل بذاته و ليس الحوار.. لا تريد التوصل الى حلول ...بل تريد اذكاء النيران بانواعها ...
اعتقد ان عمر خطة الفوضى الخلاقة ترجع الى على الاقل 10 سنيين ... او اكثر بقليل...ربما كانت ضمن خطط مرحلة ما بعد اسقاط الاتحاد السوفييتي... رغم انها برزت للاعلام... مع حرب العراق الاخيرة...
[/quote]
الزميل المحترم / القرامطي (f)
أهلا بك

أتفق معك في كل ما قد أسلفته عن قناة الجزيرة. فهي مثال حي على التناقض و العقم و الفوضى.

لكن هل قناة الجزيرة هي أداة لخلق الفوضى أم هي نتيجة و مظهر متقدم من مظاهر الفوضى الموجودة فعلا؟
هل هي مدفوعة و مقادة بواسطة قوى لغرض خلق أو التعجيل بوضع الفوضى أم هي مجرد مثال صارخ على التناقض الذي هو منتج أولي للفوضى؟

أم أنها يمكن أن تكون جميع الإحتمالات السابقة متحدة في دائرة لا متناهية من الفعل و رد الفعل - و هو ما أرجحه شخصيا. فهي فاعل و نتيجة بنفس الوقت.

كما أني أميل معك لحد ما لعدم التصديق بأن الغرب بقيادة الولايات المتحدة غبي لهذه الدرجة التي يظهر عليها. و لا أعتقد نهائيا بموضوع فشله في العراق و لا قصة المستنقع و لا غيره.
فهدف إشاعة الديموقراطية في ظرف عدة أشهر ثم الإنسحاب لم يكن أبدا على أجندة الغرب - اللهم إلا أجندته المعلنة - لكن تعجيل الفوضى كان و مازال هو الهدف.

تعجيل الفوضى و ليس خلق الفوضى - فالفوضى لا يمكن تخليقها من عدم و بذور الفوضى كامنة فينا و كل ما يحاول الغرب فعله هو عملية هدم آمنة - نسبة له بالطبع - و يمكن تشبيه ذلك بعمليات الهدم الآمن و السريع المدروس جيدا للمباني الكبيرة و ناطحات السحاب بواسطة متفجرات توضع بزوايا و أبعاد شديدة الدقة - مما يدفع بالمبنى للسقوط السريع و بنفس لوقت السقوط الآمن (سقوط عمودي فوق نفسه و ليس أفقي فوق ما حوله) بدون أن يسبب خسائر لأي منشأ آخر يجاوره.

فالوضع بالشرق الأوسط جد خطير نسبة لهم - و كلما طال الزمن في حالة السقوط الحر غير المدروس - كلما زادت إحتمالات سقوط شظايا و مخلفات خطيرة هنا و هناك يطاله الجزء الأكبر منها.

تحياتي و إحترامي ,,,

بادئ ذي بدء أود أن أعتذر عن تأخري في إستكمال الموضوع بشكل غير متقطع. و خصوصا للزملاء المحترمين / morgen و ماجد الدومري و د. بهجت.

و أود أن أشير أن ما حفزني لإستكمال هذا الطرح هو موضوع الزميل الفاضل بهجت (قبيل الطوفان و الذي أراه يبحث في نفس الموضوع من وجهة نظر مختلفة. و قد أحببت أن أساهم معه في محاولة إثراء طرحه المتميز دائما.

تلخيص واجب

كنا قد وصلنا لنتيجة أن أسئلتنا بالمداخلات السابقة لا تنفي التدخل الغربي سواءا كان بغرض طيب أو خبيث - لكنها تنفي أن يكون ذلك التدخل المقصود (العوامل الخارجية الإيجابية) سبب رئيسي و مباشر في هذه التناقضات و الإنهيارات على مستوى جميع بنياتنا.
حيث أن تصدع كيان ما لمجرد تعريته للعوامل الخارجية (عن قصد أو بدون - نتيجة لمؤامرة أو لمغامرة) يدل على حالة فساد و ضعف كامنة بداخل هذا الكيان - حيث أنه و بنفس التوقيت توجد كيانات موازية و على العكس تماما فهي تنتعش بتعرضها لنفس الظروف الخارجية.

ثم كان التساؤل:
هل كانت بنياتنا دائما هكذا حالها تتخذ العزلة شرطا للبقاء و الإستمرار مثل بعض أنواع الكائنات اللاهوائية مثلا و التي تموت فور تعرضها للهواء؟؟
أم أنه قد جد جديد على البيئة الخارجية تلك (الهواء) و تغيرت مكوناتها بحيث تصيب تلك البنيات في مقتل؟؟

ثم عدنا و نفينا ذلك الفرض كما نفاه التاريخ.
فمنذ بداية الحضارة الإسلامية حتى عهد قريب و بالرغم من التناحر الدموي - الطبيعي بمقاييس هذا العصر - لم يوجد أبدا و للإنصاف ما يهدد البنيات الفكرية الإسلامية حال تعرضها لأي فكر معاصر له.
فواقع الأمر كان فصل الكلام - حتى العقائدي منه - للسيف غالبا. و بعد ذلك أو قبله فلا تهديد يذكر من المسيحية أو اليهودية أو غيرها من الأديان السماوية و غير السماوية على الإسلام - و العكس صحيح أيضا.
فعلى المستوي الفكري لم - و لا - توجد أي ميزة فكرية مقنعة لأي من تلك الأديان على الأخرى - بل و لا توجد حتى أية أرضية مشتركة لحالة حوار حقيقية بين تلك البنيات على وجه الإطلاق.
فكل الأديان تنتمي لذات البيات الفكرية الميتافيزيقية غير القابلة للإثبات أو النفي بالتجريب أو المشاهدة بأدوات مشتركة بين البشر حتى يتم الفصل فيها لصالح هذا أو ذاك.
و أربعة عشر قرنا إضافيا من الزمان - بل و الدهر كله - لن يكون كافية لإنهاء اللغط أو الجدل السفسطائي بين إثنين فقط ينتميان لديانتين مختلفتين - نظرا لإنعدام وجود أية آداة مشتركة بينهما كفيلة بإنهاء تلك المناقشة العقيمة.

و قادنا ذلك النفي تباعا للسؤال المشروع:
ماذا عن الآن - بداية من الإنفتاح على الغرب بثقافته الحالية بعد فترة من الثبات - هل تغيرت تلك الثقافة؟ و تغيرت معها البيئة المحيطة للكوكب بالكامل؟

هل تغير ما كان يبدو من قبل مجموعة من العوالم المنفصلة؟
هل أصبح يوجد ما هو مشترك في الحوار - مما يهدد ثقافتنا بل و كامل بنياتنا بالتعرض له؟ و ما هي تلك الأدوات المشتركة في الحوار بيننا و بينهم و التي لم تكن موجودة من قبل لتهددنا؟

و بتعبير آخر هل وجدت أرضية مشتركة للحوار بغض النظر عن المعتقدات و الجنس و الدين؟

و تباعا هل إنطبقت نظريات الأطر الثقافية و إستحالة الحوار بيننا و بين الغرب قديما - ثم عادت و تخلت عن دورها حاليا؟ و لماذا؟
و ذلك هو موضوع مداخلاتنا القادمة.

تحياتي للجميع ,,,

Arrayأتفق معك في كل ما قد أسلفته عن قناة الجزيرة. فهي مثال حي على التناقض و العقم و الفوضى.[/quote]


كنت قد كتبت فى السابق موضوعا لم ير النور بعنوان "الجزيرة المفترى عليها" يتعارض جملة وتفصيلا مع تلك المقولة وخلاصة الموضوع أن الإعلام العربى يمكن تقسيمه إلى مرحلتين; مرحلة ماقبل الجزيرة ومرحلة مابعد الجزيرة وحتى نستطيع تقييم الجزيرة فيجب أن ننظر أولا إلى ماكان قبلها.

كأحد الناجين من هولوكوست الإعلام المصرى فلايوجد أدنى وجه للمقارنة بين إعلام إختارناك إختارناك وياسادات ياحبيبنا ياسادات ياقائدنا وبين قناة كالجزيرة وأصاب بالذهول المختلط بالريبة والشكوك عندما أرى شخصا ينتقد الجزيرة ويهاجمها متناسيا ومتجاهلا ما الذى كان قبلها!

الإعلام المصرى ياسادة كان يشوش على صورة الملك فاروق إذا ظهرت بالصدفة فى فيلم قديم.... هذا هو إعلام ماقبل الجزيرة!

كشاهد حى على إعلام السادات( وهو الإسم الصحيح بالمناسبة للإعلام المصرى فى عهد السادات) كان بالإضافة للتشويش على صورة فاروق فلاأتذكر أنى رأيت فيه أى شئ عن عبد الناصر سلبا أو إيجابا ولاحتى صورته! وكأن الرجل لم يكن موجودا ناهيك عن نقاش حول سياساته ونفس الشئ حدث فى إعلام مبارك بالنسبة لكل من عبد الناصر والسادات وهذا فيما يتعلق بالجانب السياسى الشئ الذى ينطبق على كافة الأمور الأخرى سواء إقتصادية أو إجتماعية أو أى شئ أخر.

حد يقدر يقولى ماذا حدث فى 18,19 يناير ومن المحرك الرئيسى لتلك الأحداث بمعلومات موثقة بعيدا عن كلام المصاطب واللت والعجن بتاع الرئيس المؤمن!

حد يقدر يقولى بمعلومات موثقة من كان وراء أحداث الأمن المركزى وماذا حدث بالظبط وما الدافع له بعيدا عن مواضيع التعبير الحكومية!

حد يقدر يقولى ماذا حدث بالظبط فى مذبحة الأقصر97 ومن هم الجناة وما الدافع لإرتكابهم جريمتهم!

فى عالم ماقبل الجزيرة نحن كنا بالفعل نعيش خلف ستار حديدى ولانسمع سوى مواضيع تعبير الحكومة والتسبيح بحمد كائنا من كان فى السلطة حتى أشرقت شمس الجزيرة بإذن ربها ولاعجب أن تجد نفسها فى حالة عداء مع كل الأنظمة العربية!

أحد الأشياء التى أثارت جدلا داخل قناة الحرة الأمريكية الموجهة للعالم العربى لغسل دماغه هو إذاعة خطاب لحسن نصر الله! وتمت إقالة مدير القناة لهذا السبب لأن أمريكا تصنف حزب الله على إنه منظمة إرهابية ولأمريكا أن تصنف من تريد على إنه إرهابى وتفعل مايحلو لها بقناتها ولكن who cares? إذا كان الإسرائيليون أنفسهم يستمعون لحسن نصر الله ويثقون به أكثر مما يثقوا بحكومتهم!

هل تريدون من الجزيرة أن تتبع السياسة الأمريكية وتمنع إذاعة خطاب حسن نصر الله!

نفس الجزيرة التى أذاعت خطاب حسن نصر الله هى من أستضافت وفاء سلطان.... طبعا سيقفز البعض ويقول هم أعتذروا عن إستضافتها بعد ذلك وحقيقة الأمر أن المشاهد العربى لم يتعود بعد على أسلوب وفاء سلطان ولذلك قامت الدنيا ولم تقعد وأضطرت الجزيرة للإعتذار للإحتفاظ بمشاهديها لكن هل يتصور أحد فيكم أن تقترب وفاء سلطان من عتبة باب التلفزيون المصرى أو السعودى.

كام مرة ظهر سعد الدين إبراهيم فى التلفزيون المصرى وكام مرة ظهر فى الجزيرة?

كام مرة ظهر برهان الدين غليون على شاشة تلفزيون حكومى عربى وكام مرة ظهر فى الجزيرة?



الجزيرة كانت بمثابة حجر ضخم ألقى فى بحيرة راكدة ومتعفنة ونقطة تحول فى الإعلام العربى لاينكرها سوى جاحد أو متواطئ مع الأنظمة القمعية العربية وكانت السبب والدافع لظهور غيرها من القنوات المحترفة كالعربية والهرة الأمريكية!

Array
الجزيرة كانت بمثابة حجر ضخم ألقى فى بحيرة راكدة ومتعفنة ونقطة تحول فى الإعلام العربى[/quote]

neutral (f)

نعم. ما أسلفته في الإقتباس عاليه صحيح تماما. و تشترك في ذلك أحجارا أخرى منها الأكبر و الأصغر - من الإنترنت للفضائيات وصولا للكتب المدرسية.

بداية و حتى نتأكد من توحيد مفاهيم و مصطلحات الحوار أحب أن أوضح بعض النقاط:

(*) مصطلح "الفوضى" تم إستخدامه في هذا الحديث فارغا من أي مدح أو قدح. فالفوضى هي حالة السيولة و إنعدام إتزان قديم - لم يعد من الممكن إستمراره - لصالح إعادة ترتيب لوضع جديد. فالحالة من فقدان بنيات المجتمع المعرفية و الأخلاقية القديمة غير القابلة للإستمرار حتى تبني بنيات أخرى هي ما عنيته بالفوضى. و هذا بغض النظر عن مظاهر تلك الفوضى - دموية كانت أم سلمية و بغض النظر كذلك عن إنطباعنا الذهني على المصطلح (و هو سئ غالبا).

تباعا فما عنيته ب "الفوضى" في هذا الموضوع يساوي تماما ما عنيته أنت "بتحريك الماء في بحريرة راكدة و متعفنة" فتلك البحيرة تمثل بنيات المجتمع المهترئة و ذلك العفن هو نتيجة قرون من الركود.

و تباعا أيضا - فالجزيرة - شاءت أم أبت - هي من أدوات و محركات الفوضى إن لم تكن من أكبرها و هذا لطبيعة إنتشارها. و هذا بغض النظر تماما عن تعمدها ذلك من عدمه كونها متآمرة من عدمه - حيث لن يحدث ذلك أي فرق في موضوع حديثنا - بل و لن نبالغ إن قررنا أن غرض وأو هدف أي من اللاعبين في وضع السيولة الحالي قد يكون جد مخيب لآماله. فالكل قد يستخدم تكتيكات من شأنها تدمير أهدافه النهائية.

و الجزيرة في ذلك ليست اللاعب الوحيد - أو الحجر الوحيد الذي ينهمر على تلك البحيرة الأسنة - فمن باقي الفضائيات و منها ما قد تفضلتم بذكره إلى الإنترنت إلى الحكومات المحلية و صولا للولايات المتحدة بل و حتى كتب الفيزياء و العلوم الإجتماعية وصولا للأداب و الفنون.
و كما قد تلاحظ فمن اللاعبين من هو مغرض علني - يلعب بنية معلنة من دفع أو تعجيل الفوضى - مثل الولايات المتحدة و بعضا من منابرها الإعلامية - و منه من ليس له هدف محدد و لكنه يساهم بنفس القدر - و منه المحايد التام مثل كتب العلوم و الإنسانيات - بل و الأغرب منهم من يأتي هدفه النهائي معاكسا تماما - و لكنه و للغرابة يساهم بنفس القدر إن لم يكن أكثر في تعجيل الفوضى و منها إن لم أكن مخطئا - مجموعة الجزيرة.

- فعلى مستوى مباشر (السياسي): تعمل الجزيرة بكل جهد - كما تفضلتم بذكره - على فضح أغلب الأنظمة العربية الديكتاتورية و تعرية ممارساتها القمعية في سبيل أهداف - حتى بالنسبة للعلمانيين - هي سامية مثل الديموقراطية و الحرية و الشفافية و حقوق الإنسان .. إلخ. إلا أنه و للمفارقة الغريبة فذلك الجهد التكتيكي المنظم لخلخلة تلك الأنظمة الفاسدة - و فاقدة الشرعية أصلا - لن يصل بالمنطقة سوى لتقويض الأهداف النهائية لنفس القناة.
و هو ما يعود بنا لمفارقة أخلاقية غير محلولة. فلا يوجد بعد تلك الأنظمة الفاسدة فاقدة الشرعية سوى الحكم الثيوقراطي. و لك أن تتخيل إنتخابات جد حرة و نزيهة تجري بمصر غدا صباحا = حكم الإخوان = تدمير كافة القوى الديمقراطية و العلمانية و التنويرية.
و هذا بالإضافة لما قد تلاحظونه فمجموعة الجزيرة ليست ضد أي من التنظيمات الدينية الأصولية الإسلامية - بل و ربما بما فيها القاعدة نفسها. و هو عود لنفس المأزق الأخلاقي و المفصل في مقدمة هذا الشريط (أنقر هنا).

- أما على المستوى غير المباشر: فنشر و العمل على تثبيت قيم مثل الديموقراطية و حقوق الإنسان في ناهيك عن التنوير العلمي كما في الوثائقية يعود في نهاية الأمر ليصطدم بشدة - و على المدى الأبعد بكافة بنيات المجتمع المتعمدة.

(*) أما "التناقض" في آداء مجموعة الجزيرة فواضح على عدة مستويات:

- التناقض على المستوى السياسي الأخلاقي: و هو كما سبق ذكره في الدعوى لكل من قيم مثل حقوق الإنسان و الديموقراطية - جنبا لجنب مع إتجاهات إسلامية واضحة. و بالرغم مما قد يبدوا من توافق ظاهري إلا أنه لابد أن يفضي لموقف (أن أتبع تكتيكات من شأنها تدمير هدفي - أو على العكس - أتبنى تكتيكات لا أؤمن بها لتحقيق هدفي).
- و على مستوى أعمق: فلو قارنت قناة مثل الجزيرة الوثائقية مع أخرى مثل Discovery فالأخيرة ذات خط علمي ثابت و واضح - على عكس ما سوف تلاحظه في الثانية - فبجانب البرامج ذات الطابع العلمي الصرف (المستوردة من الأولى و أخواتها) ستجد أخرى ذات صبغة إسلامية (كمثال نحو النور عن نساء غربيات أسلمت) و الأمثلة كثيرة.

و في النهاية أتفق معك تماما - الجزيرة على المستويات التقنية و المهنية - هي نقلة هائلة إعلاميا. لكن و للأسباب عاليه فهي على مستوى المحتوى مرآة لما يعيشه واقعنا من تناقض و فوضى - مظهر من مظاهره أكثر منه آداة. و كما قد أسلفت للزميل القرامطي:

Arrayأتفق معك في كل ما قد أسلفته عن قناة الجزيرة. فهي مثال حي على التناقض و العقم و الفوضى.

لكن هل قناة الجزيرة هي أداة لخلق الفوضى أم هي نتيجة و مظهر متقدم من مظاهر الفوضى الموجودة فعلا؟
هل هي مدفوعة و مقادة بواسطة قوى لغرض خلق أو التعجيل بوضع الفوضى أم هي مجرد مثال صارخ على التناقض الذي هو منتج أولي للفوضى؟

أم أنها يمكن أن تكون جميع الإحتمالات السابقة متحدة في دائرة لا متناهية من الفعل و رد الفعل - و هو ما أرجحه شخصيا. فهي فاعل و نتيجة بنفس الوقت.[/quote]

نحن لسنا بصدد توجيه الإتهام للجزيرة أو الدفاع عنها. فواقع الأمر أن الفوضى هي حالة نحن على أعتابها مرغمين و ليست شيئا ما يمكن توليده أو حتى تفاديه. قوى طبيعية مثل زمن الإنتقال من حالة مادية لأخرى - لا نستطيع إيقافها و جل ما نرجوه أن نستطيع التعامل مع نتائجها و ليس معها.

كل التقدير و الإحترام ,,,

ما الذي جد على عالمنا و مجتمعاتنا خلال عقود معدودة من الزمن لكي تبدأ بنياتنا في التحلل السريع؟
و ما الذي جد على الصراع الكلاسيكي بيننا و بين الآخر و الذي ظل على حاله لقرون. لكي نتفاجأ بضعفنا لدرجة أن مجرد وجود الآخر قد يكون كفيلا بسحقنا أمام أنفسنا على الأقل؟

حسنا - من الجهة الداخلية - جهتنا - فلا يوجد تغيير يذكر أو لا يذكر في جميع بنياتنا الفكرية منذ حوالي أربعة عشر فرنا من الزمان. فخلفيتنا المعرفية مازالت هي لم تتغير و كذلك منظوماتنا الأخلاقية و القانونية و غيرها مازالت تستمد من النص ذاته لم يحدث له تبديلا. بل و الأدهى فنحن نلتزم حتى ذات تفاسيرنا للنصوص و ذات الشريعة و نفس الفقه.

إذا كانت منظومتنا الفكرية لم تتأثر في إنفتاحها على فكر الآخر لأربعة عشر قرنا - و إذا كانت كذلك لم تتغير قيد أنملة للآن - فما الذي يدفعها للإهتراء الآن؟
هل يخرج الأمر عن كونه التغيير الذي حدث في البنية الفكرية / الخلفية المعرفية للآخر و إعتماده خلفية معرفية مخالفة تماما لما كان يؤمن به؟ خلفية معرفية لم نملك أمام سطوتها إلا الهزيمة؟ حسنا - لقد حدث بالفعل تغيير نوعي هائل فيما يعتمده الآخر من فكر و معرفة - فيما يطلق عليه القطيعة المعرفية.

فما هي تلك القطيعة المعرفية التي حدثت للآخر بحيث لم تغيره فقط بل غيرت وجه العالم و التاريخ؟
لو إفترضنا أنها الحالة حين لا يتغير مادة المعرفة أو موضوعها بل تتغير فيها المصدر أو الطرق الذي يستقي منه البشر معرفتهم. فالإنتقال من عصر المعرفة الدينية الميتافيزيقية لعصر المعرفة العلمية هي قطيعة معرفية كاملة. حيث إختلف مصدر المعرفة أصلا و ليس موضوعاتها من الكائنا الميتافيزيقية و نصوصها ليتجه للعالم بواقعه.

إننا - نحن و الآخر - قبل حدوث تلك القطيعة و للمفارقة و بالرغم من أن مصادر جميع البنيات الثقافية الدينية يشترك في كونه من الكائنات الميتافيزيقية إلا أنها و حيث أن تلك المصادر مقطوعة الصلة ببعضها أصلا فكل منها هو عالم فكري مقطوع الصلة بالآخر كلية. أي أيضا توجد قطيعة معرفية بشكل ما بينه و بين العالم الميتافيزيقي الإفتراضي الآخر في جوهر تكوينه.

بل و ينطبق هذا الحديث على معظم التاريخ الفلسفي بمختلف مقارباته - فمالا يقترب من العالم في نهاية طرحه لكي نختبره بشكل مشترك هو في الأول و الآخر مجرد نسق فكري صوري فارغ من المعنى بل و الجدوى. و هو منعزل بالضرورة عن غيره من الأنساق و البنيات. لا تختلف في ذلك الفلسفات الميتافيزيقية عن تلك المثالية عن المادية.
بل و قد لا نبالغ حين نرى أن تأثير الباراديجمات العلمية على البنيات الثقافية قد ينتج أنساقا لا تختلف كثيرا عما سبق تحت وطأة تعميم الصور التجريدية للباراديجمات على ما لم تفرض له.

أي أنه لم تكن لتوجد أية مشاكل على هذه الحالة - و لو إستمرت لأبد الدهر - لأي من خلفياتنا الدينية أو خلفياتهم اللهم إلا خطر السيف.

و العلوم نسق فكري جد مختلف - فالباراديجمات العلمية تملك قبلا و بالضرورة مصدر مشترك و هو العالم - مقاييس مشتركة و معايرة تسمح بالخطوة النهائية و هي تجربة التكذيب / التأكيد. و التي يمكن لأي متشكك القيام بها علنا.

و قد قادنا الحديث لما أعتبره أهم نقطة في هذا الموضوع - على الأقل لمجتمعاتنا المحلية - و هي نظرية الأطر الثقافية و إنعزالها عن بعض بالضرورة. و عدم إمكان قيام حوار بينها.

و دعنا نبدأ هذه الجزئية بتساؤل:
هل تلك اللغة المشتركة بين العلوم بمختلف مباحثها و باراديجماتها - هي لغة تقتصر على العلوم و المتعاملين فيه فقط؟ أم أنها أيضا لغة مشتركة بين البشر بغض النظر عن إنتماءاتهم و أديانهم و فكرهم و ذكاؤهم و تحضرهم ... إلخ؟

كنا قد قررنا أننا لو إفترضنا أن القطيعة المعرفية تحدث حين لا يتغير مادة المعرفة أو موضوعها بل تتغير فيها المصدر أو الطرق الذي يستقي منه البشر معرفتهم. و لذلك فالإنتقال من عصر المعرفة الدينية الميتافيزيقية لعصر المعرفة العلمية هي قطيعة معرفية كاملة. حيث إختلف مصدر المعرفة أصلا و ليس موضوعاتها من الكائنات الميتافيزيقية و نصوصها ليتجه للعالم بواقعه.
كما قد قررنا أنه بالرغم من أن مصادر جميع البنيات الثقافية الدينية يشترك في كونه من الكائنات الميتافيزيقية إلا أنها و حيث أن تلك المصادر مقطوعة الصلة ببعضها أصلا فكل منها هو عالم فكري مقطوع الصلة بالآخر كلية. أي أيضا توجد قطيعة معرفية بشكل ما بينه و بين العالم الميتافيزيقي الإفتراضي الآخر في جوهر تكوينه.

لكن و بالرغم من وجود القطيعة المعرفية في الحالتين إلا أنه يجب ألا يجرفنا تعميمنا لكي نعتبر جميع الحالات هي جزر معزولة يستحيل التواصل بينها.
ففي الحالة الثانية - حالة الثقافات ذات البنيات الدينية الميتافيزيقية - و بالرغم من إشتراكها جميعا في نفس نوعية مصدر المعرفة إلا أن كل منها فعليا يمثل جزيرة منعزلة نسبة للباقي.
و الحال جد مختلف في الحالة الأولى - حالة ثقافة ذات خلفية علمية و أي أخرى ذات بنية دينية - و حتى و إن بدا ظاهريا غير ذلك. فالمد دائما في إتجاه واحد من الثقافة العلمية للأخرى و ليس العكس.

و يرجع هذا الإختلاف لطبيعة المصدر المعرفي ذاته. حيث الفارق بين الخلفية المعرفية العلمية و كل ما خلافها.

الثقافات الدينية تستمد مصدرها دائما من بنيات ميتافيزيقية تحمل في أهم صفاتها عدم إمكان تجريب صدقها من عدمه. و إنه و إن كان الإنتقال من بنية دينية لأخرى ممكن إلا أنه و بنفس الوقت فإستحالة الإنتقال ممكنة أيضا. فالمعرفة الميتافيزيقية هي معرفة غير موضوعية. لا تحتوي على موضوع يمكن إختباره ناهيك عن قياسه و معايرته و هذا بشكل مشترك بين الذوات الواعية. حيث لا توجد تجربة تقرر وجود الإله من عدمه ناهيك عن تجارب للمفاضلة بين الآلهة المختلفة.
و البنيات الدينية كذلك تتبع القانون The whole or nothing - الكل أو لا شئ حيث أنه بإسقاط أي جزء في عقيدته أو نصوصه - سوف تتسلسل عملية الإسقاط لنهاية البنية وصولا للاشئ.

و تباعا فالثقافات الدينية تمثل و بطبيعتها جزرا منعزلة - لا توجد قوة على الأرض لإقناع إنسان بالإنتقال فيما بينها و تبقى تلك العملية ذاتية بحتة. و في الأغلب فعمليات الإنتقال بين تلك الثقافات لا تحكمها عمليات فكرية بقدر ما قد تحكمها عوامل أخرى مثل القوة و الإرهاب و العوامل الإقتصادية البحتة.

أما في حالة البنيات الثقافية ذات الخلفية العلمية فالأمر مختلف تماما. و من الخطأ معاملة العلوم ذات معاملة الميتافيزيقا أو الأيديولوجيات.
فما حدث حين القطيعة المعرفية بعد العلوم هو إعتماد المعرفة الموضوعية و التي تحتوي على موضوع يمكن إختباره ناهيك عن قياسه و معايرته و هذا بشكل مشترك بين الذوات الواعية كمصدر وحيد للمعرفة القياسية (المشتركة و الممكنة التبادل).
و إعتماد هذا النوع من المعرفة كمصدر وحيد لا يعني أبدا أنه مصدر جديد للمعرفة. فالمعرفة الموضوعية تلك تمثل المصدر الأقدم للمعرفة على وجه الإطلاق. بل و تمثل المصدر الوحيد للمعرفة للأجناس غير البشرية. و بالإضافة لكون تلك المعرفة القديمة تحمل البساطة و البداهة في طياتها فهي المعرفة الوحيدة القياسية و القابلة للتبادل بين الذوات الواعية.

فالإنسان / المجتمع المتدين - و بجانب آلهته و ميتافيزيقاته و نصوصه كمصدر معرفي يعتمد المعرفة العلمية بصفة قهرية و بحكم تكوينه المبدئي By Default.
فقد يختلف أصحاب الميتافيزيقات على آلهتهم و كائناتهم و نصوصهم إلى مالانهاية - لكنهم متفقين ضمنا على لون البحر و السماء و طبيعة الماء و طول الشجر نسبة لمعيار ثابت و هم لا يستطيعون الإختلاف على درجات الحرارة بتثبيت قياسهم و على سمية عنصر الزرنيخ - و على المتضرر منهم اللجوء لتجربته - و قد يختلفون على خالق الحجر لكنهم لا يملكون إختلافا على وزنه نسبة لوزن معاير أو على طوله نسبة لطول قياسي معاير - حتى لو كان طول قدم ملكهم.
و هم تباعا أيضا لا يستطيعون الإختلاف على قوانين نيوتن للمقذوفات الحرة لو قاسو مسافة سقوط ذلك المقذوف بواسطة نفس المعيار السابق - قدم الملك. و إن إختلفوا في من هو الذي يقف وراء ذلك العمل الرائع - سقوط المقذوف - من الآلهة المختلفة.
يمكننا أن نستمر في تلك الأمثلة وصولا للنسبية و نظرية الكم و أعقد النظريات العلمية. فالمعرفة الموضوعية - بسيطة الفهم كانت أم صعبة - كلها من هذا القبيل. هي معرفة قابلة للتبادل و ببساطة.

لم توجد مشاكل أبدا بين المعرفة ذات المصادر الميتافيزيقية و الأخرى الموضوعية إلا قريبا. بل على العكس فكل قد لعب دوره المقدر له. فالمعرفة الميتافيزيقية كانت تملأ الفجوات المجهولة و التي لم تستطيع المعرفة الموضوعية سبر غورها في وقتها.
فهي لم تأتي سابقة على المعرفة الموضوعية بل لاحقة لها و مكملة لما لم تستطع فهمه. و كان الأصل أن تكون مرنة - أي تنسحب من مكانها فور تمكن المعرفة الموضوعية من ملئه - فالجن يتراجع عن كونه مسببا للأمراض العضوية حال إمكان رؤية الجراثيم تحت المجهر و هكذا دواليك.
لكن و لأسباب عديدة ليست مجال موضوعنا الحالي - فالبنيات الدينية قد تيبست على وضعها بدون أي أمل في تغيير. فالجن قد رفض التراجع عن دوره حتى و هو يرى الجراثيم.

و كمثال توضيحي فقد يختلف صاحبا ثقافتين ميتافيزيقيتين مختلفتين عن ما يسبب الطاعون تحديدا - هل هو الشيطان - أم هو عقاب من الملائكة. لكن رؤية جراثيم الطاعون كافية تماما إنهاء هذا الخلاف. فالمعرفة الموضوعية الحسية هنا - و المشتركة بالضرورة - على بداهتها و بساطتها - قد أنهت خلافا كان ليستمر آلاف السنين. لكن قد لا تقف المسألة عند هذا الحد. فكل منهما سوف يفكر ألف مرة في نصوصه و في نياته السابقة في إيذاء الآخر بسبب موقفه المعارض - و هذا ألف مرة - أي سيحدث شرخ حتى في بنيتهما الأخلاقية.

إن ما نراه اليوم من مظاهر العزلة و التجزر لبعض الثقافات الدينية هي مجرد حالة دفاعية يائسة لبنياته و عفاريته و جنه ليس أكثر. لكنها أبدا و في نفس الوقت لا تستطيع إنكار المعرفة الموضوعية. إنها عزلة مصطنعة و تجزر مقصود و واعي. و تلك العزلة المقصودة - و المستحيلة - هي سبيلها لدفع هذا التناقض المؤلم.
و تلك الجزيرة المعزولة غارقة حتى أذنيها بمياه الثقافة الوافدة - و القديمة أصلا و لا يجد سبيلا لدفعها.

و المعرفة العلمية بصورتها الحالية لا تغير فقط من فهمنا للعالم و للواقع - بتغييرها لمصدر المعرفة ذاته - بل هي تطيح تباعا ببنيات أخرى - كأثر جانبي - مثل البنية الأخلاقية و غيرهها هادمة إياها و معتمدة أخرى يحل فيها الإنسان مكان الله.

إن طبيعة الصراع قد إختلفت. فبعد صراع لا منتهي بين بنيتين ميتافيزيقيتين لا يوجد أصلا ما يحسمه - قد أصبح بين بنية ميتافيزيقية لا حيلة لها على أرض الواقع و بين معرفة موضوعية مشتركة بين البشر لا نملك لها رفضا بل نحن مرغمين حتى على تدريسه لأبنائنا في حين لا نملك أدواتها.

لم تعد هناك من حاجة لصراعات دموية و لا سلمية و لا للمناظرات و المناقشات. مجرد وجود الآخر بعلمه و معرفته - وجوده السلبي - كفيل بإنهيار ما إعتمدناه قرونا من الزمن.

و المسألة بذلك مسألة وقت قبل ذوبان الجليد بين الجزر - فالعالم في طريقه للتوحد و ليس العكس. و ما نراه اليوم من مظاهر العولمة هي مجرد البداية.

ما نسميه اليوم صحوة دينية قد يكون صحوة حضارة تحتضر. فنحن في إنتظار الفوضى لا محالة.

يتبع ,,,

ملحوظة: المداخلة بعاليه تستند لمداخلة لي - بتصرف - سبق طرحها في شريط للزميل المحترم / بهجت هل الكون معقد أم بسيط؟

الزميل المحترم وليد شكرا علي هذا الشريط الرائع :97:
اما عما نغعل فلا نملك سوي الانتظار او تحين فرصه للهجرة

الزميل الجميل / fares (f)

إفتقدناك في النادي فترة طويلة. لعل المانع خيرا.

أتمنى لك التوفيق في كل ما تسعى له.

:97:

ما نسميه اليوم صحوة دينية قد يكون صحوة حضارة تحتضر. فنحن في إنتظار الفوضى لا محالة.

في خاتمة هذا الباب وجب علينا توضيح ما قد يلتبس ببعض النقاط.

الفوضى كما نعنيها في هذا المقال هي الحالة ما بين فقدان المجتمع لبنياته المعرفية - و تباعا أغلب بنياته الباقية و أولها الأخلاقية و القانوية - و إعتماده بنيات جديدة بالضرورة.
و تباعا سوف يختلف وصفنا للفوضى حسب المعسكر الذي نقف فيه. فهي "فوضى بناءة" بالنسبة للغرب و بعض من دعاة الإصلاح بمجتمعاتنا ذاتها و لأصحاب الطوائف المخالفة للسائد. و هي "فوضى هدامة" بالنسبة للأغلب الأعم في مجتمعاتنا و بالنسبة للنظم السياسية القائمة كذلك.

و بغض النظر عن وصفنا للفوضى - بناءة كانت أم هدامة - فالفوضى هي حالة قادمة لا محالة. حيث يدعي المقال إستحالة إستمرار الوضع العقيم الحالي لتناقضه الظاهر كما يدعي إستحالة النكوص الزمني لمجتمعاتنا عدة قرون - و هذا لظروف عدم إمكانية العزلة في ظل العولمة و الميديا و النظام العالمي الحالي.

و يجب علينا التفريق بين الفوضى كما سبق تعريفها و بين الظواهر التي قد تصاحب حالة الفوضى و التي قد تختلف من مجتمع لآخر حسب متغيرات إقتصادية و إجتماعية و أخرى كثيرا. فقد تكون فوضى دموية و قد تكون سلمية أو هي بين ذلك و ذاك.

و بالمثل فتوقيت الدخول لنفق الفوضى و كذا الخروج منه قد يختلف أيضا حسب نفس المتغيرات و التي من الممكن تصنيفها لمجموعتين رئيسيتين:

* عوامل دافعة للتفتت و الفوضى.
* عوامل مثبطة.

و كأمثلة على تلك العوامل:

- العامل الإقتصادي: الوفرة الإقتصادية مثبط قوي للتفكك و الفوضى و العكس صحيح حيث أن الفاقة من أكبر عوامل التعجيل بالفوضى.
- التجانس الإجتماعي (الطائفي و الإثني): تعدد الطوائف أو الإثنيات معجل قوي للفوضى بينما التجانس على العكس.
- مدى إنفتاح المجتمع النسبي على الآخر: كلما زاد زمن هذا الإنفتاح و درجته زاد ذلك من تفكك المجتمع و قل تباعا الزمن اللازم للفوضى.
- مدى قوة و ديكتاتورية النظام القائم و أجهزته الأمنية.

و طبقا للعوامل السابقة فأكثر الدول المرشحة للفوضى - و على عكس ما قد نظن - هي أكثرها إنفتاحا (نسبيا) أو ما قد يطلق عليه تقدما (نسبيا أيضا). و أقلها هي أكثرها إنغلاقا و عزلة.
فدول مثل العراق و لبنان و مصر و سوريا و المغرب العربي هي الأكثر ترشيحا من دول مثل ممالك الخليج. حيث تتزامن في تلك الدول عوامل تفكيك ضاغطة مثل العوز الإقتصادي (بالرغم من تعدد إمكاناتها) و الطائفية و الإنفتاح النسبي الأكبر على الآخر.

أما في دول و ممالك الخليج و على العكس تجتمع بها الوفرة الإقتصادية و الإنغلاق النسبي و أجهزة حاكمة أشد تنكيلا. و كل ذلك يثبط التفكك و الفوضى - إلى حين - حيث أن أهم عوامل ذلك التثبيط و هي العامل الإقتصادي يعتمد كليا على مصدر واحد و هو النفط و لم توجه مخصصاته لأي تنمية بشرية أو إنتاجية حقيقية.

و في النهاية قد يبدو مفيدا إستحضار بعض مظاهر الفوضى الآنية و محاولة إستقراء سيناريوهات مختلفة لها.

تحياتي للجميع ,,,

إلى الأخ وليد،

لا أريد الخوض في كل تفصيل ذكرته عن التشبيه الجزافي لحالة المجتمع العربي بلعبة الدومينو، ولا بالاتهامات الشاطحة لشتى فئات المجتمع بالتناقض، هذه الاتهامات المبني كثير منها على أحكام مسبقة هي ليست فقط غير موضوعية، بل إقصائية مثلها مثل الحركات الإسلامية المتشددة...

لكني فقط أريد أن ألخص تناقضك أنت كما حاولت تلخيص تناقض فئات مجتمعك: "زعماً منك بالرغبة بالانتقال بمجتمعك إلى مستوى حضاري أعلى، أنت تؤدلج لتبرير سياسة عسكرية وضعتها شركات المال والنفط والسلاح الأمريكية والبريطانية للمنطقة العربية من أجل إخضاعها لاستعمار مباشر يهدف إلى سرقة ثرواتها أولاً (العراق والخليج والسودان)، وإلى حماية ونصرة حليفها الاستراتيجي الديني (اسرائيل) ثانياً. وبالتالي فباسم تشخيص المشكلة وطرح الحلول لمجتمعك أنت تعمل على تدميره وهزيمته أمام أعدائه فوق دماره وهزيمته الحالية".

من الجميل أن يكون لدى الإنسان نظرية متكاملة بشأن موضوع ما، ولكن من الأجمل بكثير أن تكون هذه النظرية صحيحة ومبتكرة وليست مجرد تنغيم على استراتيجيات وضعها وينفذها سواه وليس له في الدفاع عنها لا ناقة ولا جمل (على افتراض حسن النية).