[color=tomato]

منطق السياسة وسياسة المنطق عند ابن رشد- على هامش كتاب الضروري في السياسة.[/co

lor]


يمكن النظر إلى الكتاب السياسي الرشدي الموسوم بـ الضروري في السياسة[1] على أنه كتاب في منطق النظر السياسي، بمعنى أنه يقدم المنطق الذي يحكم القول السياسي من خلال هذه السبارات التي نميز بها بين أنواع التربية التي تلقن في المدن، وهذه المعايير المنطقية لترتيب المدن وتصنيفها، وهذه العلل الثابتة لتحول المدن وتغيرها. كما أنه الكتاب، الذي يوشك أن يكون الوحيد من بين الكتب الرشدية، الذي يضع المنطق في سياقه من العلوم التي ينبغي أن تلقن في المدن، ويبرز أهمية المنطق في سياسة المدينة الأمر الذي يجليه أكثر كتاب ابن رشد تلخيص الخطابة الذي يمكن اعتباره كتابا في سياسة المنطق بالقصد الأول، باعتباره أدوات بلاغية أساسية في تدبير المدن وسياستها.
عن منطق السياسة أولا:
1 ـ كان ابن رشد يعتقد أن صناعة السياسة قد كملت في عصره كباقي الصنائع، لذا أجراها على المجرى الصناعي وانتقائه الضروري- الكلي، على عادته في كثير من كتبه، كما وجدها في جمهورية أفلاطون، بعدما افتقد كتاب السياسة لأرسطو فلم يحصل عليه.[2]
إن القول السياسي في عصر ابن رشد كمل بالمعلمين أفلاطون وأرسطو، أفلاطون قدم المادة السياسية، أما أرسطو فقدم الأساس الفلسفي الذي يقوم عليه النظر السياسي والممارسة السياسية والذي يتفرع إلى أساسيين؛ أساس أخلاقي نجده في الأخلاق إلى نيقوماخس الذي تمرس ابن رشد بإشكالاته في تلخيصه المفقود في أصله العربي، وأساس طبيعي نجده في كتاب النفس الذي كتب فيه ابن رشد في إهاب أفلاطوني- أرسطي. لكن كيف استطاع ابن رشد أن يجمع بين الروح السياسية الأفلاطونية والروح الأخلاقية الأرسطية في ممارسة علمية واحدة رغم تباين الممارسة العلمية عند الفيلسوفين؟
إذا كانت الشقة الفلسفية بين الفيلسوفين تبعد كثيرا أو قليلا في حديثهما الفلسفي في الطبيعيات والإلهيات فإن حديثهما السياسي- الأخلاقي، المضمخ بعطر الفضيلة، يكاد يخرج من مشكاة علمية واحدة. وقد تنبه بعض الدارسين إلى أن الروح الأفلاطونية تسكن كتاب الأخلاق إلى نيقوماخوس، وهو ما يبدو أنه انسجم مع العقلية السياسية- الأخلاقية لفيلسوف قرطبة. ومن هنا حرص ابن رشد على أن يقيم العلم السياسي كما قدمه أفلاطون على أساس من منطق خاص تظهر فيه روح أرسطية واضحة.
2 ـ تشكل الفضيلة منطقا أخلاقيا للقول السياسي والممارسة السياسية؛ القول الأخلاقي يعدد الفضائل بإطلاق ويحصيها، أما القول السياسي فيرشد إلى شروط عمل الفضائل وينبه إلى طرق تعليمها وتثبيتها وكذلك إلى سبل إزالة الرذائل وقلعها من النفوس الشريرة.
إن العلم المدني عند ابن رشد هو قول في الأخلاق ليس غير، قسمه الأول بحث نظري في الفضائل الأخلاقية، وقسمه الثاني نظر في كيفية اشتغال هذه الفضائل، ومن هنا تظل الفضيلة الأخلاقية المنطق الثابت والغاية الأولى للعلم المدني. إن السياسة هنا مغمورة في أرضية أخلاقية تنطلق منها لخدمتها من خلال مفهوم التدبير[3]. ولذلك كانت سياسة المدينة وتدبيرها عند ابن رشد "أنسب للمتكهلين الذين يجمعون بين العلوم النظرية والتجربة المكتسبة بطول العمر"[4]، أي لهؤلاء الذين لهم معرفة نظرية بالفضائل وخبرة الزمان في التمرس بها والتربية عليها.
3 ـ إن فهم القول السياسي عند ابن رشد يصبح غير ذي قيمة إذا استبعد المنطق السيكلوجي الذي يقوم عليه؛ إذ إن البحث في أخلاق النفس ضروري للسياسي لفهم آليات الاشتغال السياسي، إن تباين السياسات مرتبط بتباين أخلاق النفس، وعلاقة أجزاء النفس ببعضها مرآة لفهم حالة المدينة؛ فإذا كانت أجزاء المدينة لا يفضل بعضها بعضا كان الاجتماع أحرارا، وإذا كانت أجزاء النفس خاضعة للجزء الغضبي كان الاجتماع الإنساني هو الاجتماع الإنساني اجتماع الكرامي أو الغضبي، وإذا كانت النفس الشهوانية هي المهيمنة فإن الاجتماع الإنساني الفاضل يكون اجتماع يسار أو شهوة، أما إذا كان الجزء الناطق العملي من النفس هو الذي له السيادة على جميع أجزاء النفس فإن المدينة التي تنشأ عن ذلك هي المدينة الفاضلة التي يحكمها هذا الجزء العاقل من النفس[5].
3 ـ ثم إن استقراء أنواع كثيرة من الحكم، والنظر في التجارب التربوية التي عرفتها كثير من الشعوب وبخاصة الشعوب المحلية التي أنتج فيها القول السياسي، كل ذلك كفيل بأن يضع اليد على منطق من النظر السياسي والممارسة السياسية، منطق يسمح بعمل تربوي يروم إبداع نماذج بشرية متميزة في حراسة المدن أو في حكمها، كما يسمح بفهم منطق تحول الدول وإنشائها.
أ ـ إن الحديث عن المدن وعن طبائعها يستلزم الحديث عن التربية التي يعاد بها إنتاج الأفراد، ومن هنا يحدد ابن رشد منطقا للعمل التربوي بموجبه ينشأ خاصة صنفا الحفظة والفلاسفة؛ الصنف الأول توكل إليه مهمة حفظ المدينة وحراستها، وهو الصنف الذي خصص له ابن رشد المقالة الأولى، والصنف الثاني توكل إليه مهمة رئاسة المدينة. ولابن رشد عناية خاصة بهما.
يقصد الفعل التربوي عند ابن رشد إلى تعليم الأخلاق والتربية عليها، كما يقصد إلى تحقيق الفضائل في النفوس؛ نفوس الحفظة ونفوس المهيئين للرئاسة، بل ونفوس أهل المدينة برمتهم. ويؤكد ابن رشد على مبدإ تربوي هام يشكل ثابتا منطقيا في الممارسة التربوية ويتمثل في ضرورة البعد عن التربية بالنواميس العملية، كما يفعل كثير من واضعي النواميس، مؤكدا على ضرورة التربية بالشرائع والنواميس الكلية. والعلة في ذلك عند ابن رشد، أن الناس يستطيعون "بأنفسهم [ إذا تشبعوا بما هو كلي تربويا] أن يتوصلوا إلى النواميس الجزئية والأخلاق الحميدة كتكريم الآباء والإنصات بحضرة من هم أكبر منهم وغير ذلك من النواميس العملية"[6].
أما سبيل حصول هذه الفضائل، فيكون بطريقين؛ طريق الإقناع باستعمال الأقاويل الخطبية والشعرية التي تحرك نحو الأخلاق الحميدة. أما الطريق الثاني فسبيل الإكراه والعقاب بالضرب[7]. وأما سبيل تعليم الأخلاق فيكون أيضا بطريقين؛ أحدهما الرياضة والثاني الموسيقى؛ ويشدد ابن رشد على أهمية هذين الفنين؛ فأهمية الموسيقى في التربية يكمن في أنها عشق للحسن بالذات ولذلك لا يضاهي عشقـ[ها] عند أهلها لذة من اللذات[8] ومن هنا دورها الكبير في تهذيب النفس وتحصيل الفضائل[9] وأهمية الرياضة تكمن في إكساب الصحة للجسم. والفنان معا يشكلان ثابتا في تربية الحفظة وفي تربية الفيلسوف كذلك، لكن لهذا الأخير سيرورة تربوية متميزة؛
إن الفيلسوف عند ابن رشد شخص نشأ على الموسيقى، وارتاض بركوب الخيل إلى أن بلغ العشرين من عمره، ثم بعد ذلك ضرب إلى الكتب الفلسفية على الترتيب الذي يراه ابن رشد من البداية بالمنطق ثم علم العدد ثم الهندسة ثم الهيئة ثم الموسيقى ثم علم المناظر ثم علم الأوزان ثم العلم الطبيعي ثم ما بعد الطبيعة[10]، محذرا من البداية بالفلسفة قبل هذا السن خوفا من انحرافات فكرية وأخلاقية كما وقع لمتفلسفة زمان ابن رشد. ثم عند سن الثلاثين ينتهي نظرهم الفلسفي لتوضع تحت إمرتهم، في سن الخامسة والثلاثين، قيادة الجيش قبل أن يستحقوا الرياسة والحكم في سن الخمسين، لينتقلوا عند التعب بفعل السنين إلى جزيرة السعداء، حلم ابن باجة القديم.
ب ـ خصص ابن رشد مقالتين من كتابه للحديث عن منطق المدن ومنطق تحولها؛ فخصص المقالة الثانية لسياسة المدينة الفاضلة وخصص المقالة الثالثة للسياسات غير الفاضلة[11]. وإذا كان بين المدينة الفاضلة وبين أخس أنواع المدن الفاضلة، وهي مدينة وحدانية التسلط، تقابلا كبيرا، فإن المنطق المتدرج بين هذين المتقابلين يفرض تراتب وسائط مختلفة لتبلغ المدن التي تحدث عنها ابن رشد خمسة مدن[12]هي على التوالي: المدينة الفاضلة، المدينة الكرامية، المدينة الشهوانية، المدينة الجماعية، مدينة وحدانية التسلط. فما هو المنطق الذي يحكم هذه المدن؟ وكيف تتحول مدينة إلى أخرى؟
ب1 ـ يشكل حاكم المدينة الثابت المنطقي لكل أنواع المدن، إذ إن حاله حاسم في طبع المدينة بطابعه؛ فالمدينة الفاضلة رئيسها ملك فاضل، ورئيس المدينة الكرامية يحب الكرامة، ورئيس المدينة الشهوانية يحب الشهوة، ورئيس المدينة الجماعية يحب الحرية، أما رئيس وحدانية التسلط فيحب التسلط. ونأخذ هنا نموذجا على المنطق الذي يحكم المدن بالمدينة الفاضلة[13]، ونتوسل لذلك بالسؤال التالي: ما الذي يجعل من الضرورة أن يتولى قيادة هذه المدينة فيلسوف؟
يقرب ابن رشد الجواب عن هذه القضية من خلال قياس تمثيلي يؤسس فيه النظر السياسي إلى هذه المسألة على النظر السيكولوجي- الأخلاقي، "فيرى نسبة الفضائل في أجزاء المدينة.. كنسبة القوى النفسانية في أجزاء النفس. فتكون المدينة حكيمة في جزئها النظري الذي تسود به في جميع أجزائها على النحو الذي يكون به الإنسان حكيما بجزئه الناطق الذي يسود به على قواه النفسانية الأخرى.. المرتبطة بالعقل.. وهذا هو العدل [ عند ابن رشد].. أن يعمل كل واحد في المدينة العمل الذي هو مهيأ له بطبعه، وأن يقوم به بأكمل وجه يستطيع.. وهذا إنما يحصل بالضرورة في أجزاء النفس إذا قادها سلطان العقل، ويحصل في أجزاء المدينة إذا قادها أهل العلوم النظرية ومن على رأسهم أي الفيلسوف"[14].
ب2 ـ لتحول المدن منطق خاص لا يفتأ ابن رشد يشدد عليه، وأول تحول يبدأ هو تحول المدينة الفاضلة وتغيرها تغيرا يحط من قدرها، ويبدأ هذا التغير بفساد رئيس المدينة الفاضلة، وهذا الفساد إنما يقع في عقب رئيس المدينة الفاضلة إذا لم يختر أو يختار السادة نظائرهم من الأزواج فيولد لهم ولدان يفتقدون الخصائص المنشودة. وينشأ هؤلاء الولدان ويثبتون في صنف الحفظة يقومون بحماية المدينة ولا يستطيعون التحول عن هذه الصنف، فيبدأ التغير المؤذن بتحول المدينة. وكما تتحول المدينة الفاضلة إلى مدينة كرامية تتحول هذه الأخيرة إلى مدينة شهوانية وهذه إلى مدينة تغلب وهذه إلى مدينة متسلطة، وهذا التحول ليس تحولا اعتباطيا بل هو تحول يحكمه منطق خاص مقدمته الأساسية رئاسة المدينة.
عن سياسة المنطق ثانيا:
يحتل المنطق عند أبي الوليد مكانة هامة في تفكيره العلمي، ويبرز هذا الدور أكثر عند فحص مكانته في سياسة المدينة سواء من حيث إنه يشكل أحد الدعائم العلمية لبناء شخصية الحاكم- الفيلسوف، كما أنه يشكل أحد الأدوات التي تعتمد في تربية الناس وتوجيههم إلى الفضائل!
1 ـ يؤكد ابن رشد على أهمية البداية بتعليم المنطق عند تربية الفيلسوف مخلفا بذلك أفلاطون الذي يرى البداية بتعليم الرياضات أنسب، لكن لم البداية بالمنطق عند ابن رشد؟
يقارن ابن رشد بين الفائدة من المنطق والفائدة من الرياضيات لينتهي إلى أن الأصوب هو البداية بالمنطق؛ فأكثر منافع الرياضيات عند ابن رشد التدريب وإعداد العقل، إذ إن موضوعاتها تتميز بيسر التعليم وبعدم مخالطتها لشوائب المادة التي تكدرها. ولمفارقة موضوعاتها للمادة بالقول، فهي ضرورية في البداية عند أفلاطون للتمرن فيها. لكن هذا الأمر لا يجعلها تهيئ دارسها للكمالات الإنسانية، في حين أن علم المنطق يفعل ذلك لأنه إنما وضع أصلا لتقوية العقل، لا لتمرينه وتدربه، وذلك لينال بهذه التقوية العصمة من الخطإ فيما يحتاج إليه من معرفة فلسفية ضرورية. فضلا عن ذلك فالعلاقة بين العلمين؛ التعاليم والمنطق، علاقة انفصال إذ لا يحتاج تعليم أحدهما إلى الآخر؛ فعلوم التعاليم لا يحتاج فيها إلى المنطق لسهولتها وقلة ارتباطها بالمادة، وعلم المنطق ليس ضروريا لتحصيل علم التعاليم، فإذا تم تعليم المنطق بعد تعليم التعاليم كان تعلمه على جهة الأفضل، في حين "أننا –كما يقول ابن رشد- لما كنا نطلب بهذا التعليم صنفا من الناس هم على أحسن ما يكون فينبغي البداية بعلم المنطق"[15].
إن البداية بالمنطق في التعليم ضروري عند ابن رشد لبلوغ العقل درجة التمييز بين الأقاويل، إذ إن بعض الناس يعرض له عند عدم التأدب بصناعة المنطق أن يطلب في كل علم أقاويل برهانية من جنس التعاليم[16]، وهذا الأمر عرض لجالينوس، إذ أداه جهله بالطرق المنطقية إلى الاعتقاد ببرهانية أقاويل أفلاطون كلها عند تلخيصه لجمهوريته[17]، وهو الأمر الذي جعل ابن رشد ينبه على مواضع اختلافه مع جالينوس كلما سنحت له فرصة لذلك.
إن ابن رشد في انتصاره هذا للبداية المنطقية في التعليم يقتفي سبيل أرسطو الذي سمى صناعة المنطق علم الأدب وجعل "منها عامة لجميع العلوم ومنها خاصة بعلم علم، وليس يمكن أن يكون الإنسان أديبا في تعلم كل صناعة إلا بتعلم العام منها والخاص، وقد جرت عادة أرسطو أن جعل العام منها في علم المنطق والخاص في علم علم"[18].
لا شك أن ابن رشد عندما يؤكد على أهمية البداية بصناعة المنطق أو بـ "علم الأدب" كما يسميها إنما يشير إلى الجزء العام أو الكلي من المنطق والذي تضمه مباحثه الثمانية المشهورة[19] والتي تعد بجهة ما خادمة للبرهان؛ فمنفعة البرهان هي "المنفعة الأولى من منافع علم المنطق وهو الوقوف على الحق في كل الأمور"[20] و"هو حصول العلم البرهاني في جميع الموجودات على أتم طباعها أن تحصل للإنسان". أما القياس فـ "الفحص عنه من أجل الفحص عن البرهان"[21].. وكذلك الجدل والخطابة والشعر كذلك في خدمة البرهان عند ابن رشد، بل إن وجود هذه الأشكال الخطابية ونشأتها مرتبطة بهذه الوظيفة حيث "تأخذ" القول البرهاني وتقدمه للقارئ في شكل يستطيع فهمه واستيعابه. فجهة استعمال الأقاويل البلاغية والشعرية في المخاطبة البرهانية -كما يقول ابن رشد- "إنما هو لأن يكون بذلك حصول البرهان أيسر وأسهل وأوضح"[22]. وهو ما يفتح على فهم الأهمية السياسية للمنطق في المدينة.
2 ـ إن الفيلسوف-الحاكم لا بد أن يبدأ تأدبه بصناعة المنطق لتمييز القول البرهاني عن غيره من الأقاويل أولا، إذ الفيلسوف هو وحده القادر مثلا على الحكم على اللذات، وهو القادر لذلك على إدراك جميع اللذات على أفضل ما تكون عليه، وهذه القدرة المتميزة إنما ينفرد بها لأنه وحده القادر على نهج البرهان[23]، وبنهج البرهان هذا يمتلك القدرة على تعليم الخاصة.
لكن الفيلسوف-الحاكم لا بد له ثانيا أن يتأدب بعلم الأدب هذا ليتمكن من تعليم الجمهور وتحصيل أهل مدينته الفضائل بالطرق الإقناعية والشعرية[24]؛ فبهذه الطرق يستطيع تقريب المعاني البرهانية إلى الجمهور وتربيتهم على الفضائل. إن الجمهور، الساكنة الكبرى للمدينة، أقرب إلى طلب الفضيلة منه إلى طلب حقائق الأشياء، لذا يجب سلوك طريق الإلغاز معهم "والسبب في ذلك أن الناس لا يتم وجودهم إلا بالاجتماع، والاجتماع لا يمكن إلا بالفضيلة، فأخذهم بالفضائل أمر ضروري لجميعهم، وليس الأمر كذلك في أخذهم بمعرفة حقائق الأشياء إذ ليس كلهم يصلح لذلك.."[25]. ولأخذ الخاصة بحقائق الأشياء وأخذ العامة بالفضائل لا بد من دراية بالطرق المنطقية، على اختلاف لويناتها وحجيتها، وخبرة بتوظيفها السياسي، وتلتقي الشخصيتان الفلسفية والفقهية لابن رشد في انسجامهما الكبير عندما يؤم الفقه والفلسفة كلاهما الفضيلة. وتقدم الأدوات المنطقية سبل التمكين لها. لكن لذلك حديث آخر ليس هنا موضعه..
إن كتاب الضروري في السياسة كتاب في منطق السياسة وسياسة المنطق، تلك رؤية من رؤى مختلفة نقدمها هنا بمناسبة صدور هذا الكتاب الذي أتحف به الخزانة الرشدية الأستاذ أحمد شحلان ...


[1] - ظهرت نشرتان عربيتان لهذا الكتاب المفقود في أصله العربي؛ الأولى بعنوان ابن رشد: تلخيص السياسة، قام بترجمتها عن اللغة الإنجليزية كل من د.حسن مجيد العبيدي وفاطمة كاظم الذهبي وصدر عن دار الطليعة ببيروت في طبعة أولى بتاريخ فبراير 1997. أما النشرة الثانية فقام بها الأستاذ أحمد شحلان الذي رجع مباشرة إلى الترجمة العبرية للنص الرشدي، فنقلها إلى اللغة العربية مع مدخل ومقدمة وشروح للمشرف على المشروع الدكتور عابد الجابري الذي اختار لها اسم الضروري في السياسة. ويبدو أن هذه النشرة، بما بذل فيها من جهد علمي في إخراجها، جبت ما قبلها.
[2] - الضروري في السياسة، ص73.
[3] - نفسه، ص74.
[4] - نفسه، ص79.
[5] - الضروري في السياسة، ص180.
[6] - نفسه، ص114.
[7] - نفسه، ص79-80.
[8] - نفسه، ص97.
[9] - نفسه، ص86.
[10] - نفسه، ص162.
[11] - الضروري في السياسة، ص167.
[12] - حول تنظير ابن رشد لهذا المنطق المتدرج، كما سماه الأستاذ محمد مفتاح، انظر الضروري في السياسة، ص167-168.
[13] - لتفصيل الحديث عن هذه المسائل وغيرها من المسائل الفلسفية-السياسية-الشيقة التي يثيرها هذا الكتاب الرشدي مناسبة أخرى ليس هنا موضعها.
[14] - الضروري في السياسة، ص77.
[15] - الضروري في السياسة، ص162.
[16] - مقالة الألف الصغرى من تفسير ما بعد الطبيعة، ص46.
[17] - الضروري في السياسة، ص206.
[18] - مقالة الألف الصغرى، ص48.
[19] - وهي على التوالي: المقولات، العبارة، القياس، البرهان، الجدل، السفسطة، الخطابة، الشعر. حول هذه المباحث وأهمية هذا الترتيب ينظر كتاب الفارابي، إحصاء العلوم نشرة علي بو ملحم دار ومكتبة الهلال، ط1، 1996، ص38-48.
[20] - ابن رشد، شرح البرهان، تح. عبد الرحمن بدوي، ط1، 1984، الكويت، ص460.
[21] - تلخيص كتاب القياس، تح.محمود قاسم، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1983، ص62.
[22] - تلخيص الخطابة، تح. عبد الرحمن بدوي، وكالة المطبوعات الكويت، دار القلم، لبنان، ص252.
[23] - الضروري في السياسة، ص206.
[24] - نفسه، ص136.
[25] - مقالة الألف الصغرى، ص43.

عزيزي ‘براهيم مواضيعك شيقه جداا ومفيدة وثريه بالمعلومات :thumbup::thumbup::thumbup:

ارجو ان تضعها في ساحاتي فكر حر او الفلسفة

أخي الكريم

شكرا على انفعالك العقلي العميق مع كتاباتي

أنا عضو جديد وليس لي خبرة بهذه الأمور : هل يحق وضع النصوص هناك وكيف.

أنتظر توجيهاتك

مع خالص مودتي

.

Array
.
[/quote]

ما شاء الله !
مداخلة رائعة !
سر على بركة الله ، يا بطل !


[movedown]:Asmurf:[/movedown]