بالعربي: حلقة خاصة.. تحية بيروتية لمحمود درويش
حلقة خاصة.. تحية بيروتية لمحمود درويش
درويش وماجدة الرومي وبداية التعارف
غياب درويش أكبر من غياب الأرض
بدايات محمود درويش الأولى
أواخر أيام درويش في فرنسا
مقطع من أمسية شعرية لمحمود درويش
جوائز حاز عليها درويش
قصة مارسيل خليفة مع محمود درويش
بيانات البرنامج
اسم البرنامج بالعربي
تقديم جيزال خوري
تاريخ الحلقة الخميس 14/8/2008
ضيوف الحلقة ماجدة الرومي (فنانة)
إلياس خوري (روائي)
ليلى شهيد (سفيرة فلسطين في بلجيكا)
مارسيل خليفة (فنان)
القضايا المثارة حلقة خاصة.. تحية بيروتية لمحمود درويش
درويش وماجدة الرومي وبداية التعارف
غياب درويش أكبر من غياب الأرض
بدايات محمود درويش الأولى
أواخر أيام درويش في فرنسا
جوائز حاز عليها درويش
قصة مارسيل خليفة مع محمود درويش
محمود درويش: هذه الأرض ليست سمائي، ولكن هذا المساء مسائي، والمفاتيح لي، والمآذن لي، والمصابيح لي، وأنا لي أيضاً، أنا آدم الجنتين فقدتهما مرتين.
حلقة خاصة.. تحية بيروتية لمحمود درويش
جيزال خوري: مسا الخير. "إن لم تكن حجراً يا حبيبي فكن قمراً، في منام الحبيب كن قمراً"، هكذا قالت امرأة لابنها في جنازته محمود درويش. تحية من المدينة التي عشقها وأحبته من بيروت: بيروت نجمتنا، بيروت خيمتنا، بيروت تفاحة والقلب لا يدمع. ماجدة الرومي التي حملت قصائده إلى كل المسارح، فمن "حاصر حصارك" إلى "نشيد السلام"، غنته بيروت أيضاً مع مارسيل خليفة من "خبز أمي" إلى "جواز السفر"، غنته بيروت حتى "نجوت من الموت حباً" كما قال، تحية لمحمود درويش أيضاً مع ليلى شهيد الصديقة القديمة الدائمة حاملة الحكايات والخبايا وشهادة صغيرة من صديقه الروائي إلياس الخوري. بداية مع ماجدة الرومي مساء الخير. ماجدة رومي اللي حبك كتير محمود درويش، واللي كان يعني يشوف فيك المرأة يمكن المثالية، كيف تعرفتِ عليه؟
درويش وماجدة الرومي وبداية التعارف
ماجدة الرومي: أنا أخدت كتب لإلو من عند ناس، وقرأت بهالكتب ولفتتني قصيدة "حاصر حصارك" كتير، و"بيروت لا". وقررت إنه هيدي القصيدة لازم نشتغل عليها، لازم نضيفها على الأشياء اللي عملتها للناس تقدر تصمد أكتر بظروف متل اللي كنا عايشينها بأواخر الثمانينات أوائل التسعينات، وهيك صار. والتقينا بعد هيك بباريس، وكان حاضن تجربتي تماماً، وأنا الصورة اللي لإلو بفكري صورة ملاك، ملاك، ملاك بشعره، ملاك بتصرفه، ملاك بكل التفاصيل الصغيرة..
جيزال خوري: صحيح أنا بدي أحكي شوي عن التفاصيل الصغيرة، وقت التقى فيك أولاً أنتِ نصفك فلسطيني، يعني هل كان موجوداً بوعيك محمود درويش؟ هل كنتِ بتسمعي شي عنه بالبيت؟ هل بتتذكري إنه كان في قصيدة مثلاً "سجل أنا عربي" اللي بفتكر الكثيرين من العالم العربي يعني بيوعوا إذا وعيوا على السياسة.
ماجدة الرومي: طبعاً يعني هدول قصائد عاشوا بوجداننا، ومارسيل إجا وأعطاهم بعد تاني، يعني هنّن كانوا حياة فصاروا حياتين بعدين لما تلحّنوا، وكنا نتعلق بهدول القصائد متل واحد بيتعلق بنجمة وصلت لإيديه يعني، الحقيقة إنه كتير مرجح أحلامنا هالشعر.
جيزال خوري: شو كان هو منتظر من ماجدة الرومي كمغنية؟ هل صحيح إنه كان عنده مشروع لإلك في الفن؟
ماجدة الرومي: مشروعي كان إني حقق نفسي بواحد من الكتب، كاتب لي: تقدمي أنتِ من ذهب، وأنا هاي الكلمة ما رح أنساها، ما رح أنساها. يعني إذا أنا من ذهب أو من شي تاني، أنا بدي أتقدم لأنه حلو الطموح بالحياة، وهيدي رسالة كافية منه لإلي لأعرف وين اتجاهي بعدين، يعني من الناس اللي أثروا فيّ بالعمق، بالعمق، بالعمق كتير، لدرجة إنه لما عرفت إنه مات حسيت إني أنا كتير ضعيفة، إني للحظة عايزة أستسلم، يعني عايزة أستسلم خلاص غالي ورا غالي ورا غالي ورا غالي بحس مين اللي عم يموت منا؟ يعني هم اللي راحوا لحياتهم الأبدية ولاّ نحن اللي واعيين لفكرة الموت؟ نحن اللي عم نموت؟ كل غالي ورا التاني، كل يوم أكتر بشوي، أنا بحس شقفة من قلبي سقطت معه.
جيزال خوري: ماجدة وقت أنتِ رحتِ طلبتِ منه القصيدة شو قلّك؟
ماجدة الرومي: كان مرحّب، وشوفي لما جينا نحكي ماديات بهالموضوع كان عنده انتفاضة، إنه هيدا كيف؟ يعني إنه هيدا مش شعر للبيع. يعني مش شعر للبيع. هيدا شاعر فرحان بصوت بيوهبها هالصوت، بس مش للبيع ولا لحظة.
جيزال خوري: أحبّ اللحن؟
ماجدة الرومي: بفتكر كان يحب أكتر "بيروت ست الدنيا".
جيزال خوري: كان يحب لحن القصيدة اللي لحنتيها اللي هي للشاعر نزار قباني.
ماجدة الرومي: إي بس أنا كنت دافع عن "بيروت لا" وكنت قلّه إنه الناس بتعشق هيدي القصيدة وبتتفاعل معها وبتحبها كتير، بس كان عنده تصميم إنه هو بيحب "بيروت ست الدنيا أكتر".
جيزال خوري: شو كانت تعني له بيروت؟ كنتوا تحكوا عن المدينة اللي هو عاش فيها عشر سنوات تقريباً أو تسع سنوات.
ماجدة الرومي: كان بيعشقها، بعتقد إنه من الناس اللي وقعوا بغرام هالمدينة هيدي، ودائماً عبّر ودائماً قال ويعني ما بعرف ليش اختار إنه لما هو ما يكون بفلسطين ما يكون ببيروت، إنه ليه مطرح تالت، كنت بشوفه بهالمدينة أنا، كنت بحسه بهالنبض الهستيري تبع بيروت، كنت بحسه هيك، لبقت له وهو لبق لها.
جيزال خوري: أنا سألته السؤال، وقت كان بدّو يترك باريس ليش ما بترجع على بيروت فقال رح كون عالمدينة الأقرب إلى فلسطين لأرجع حقيقة على فلسطين منشان هيك بفتكر رجع على عمان. أنتِ آخر شي تغنى لمحمود درويش نشيد السلام اللي غنيتيها تقريباً من ثلاث أشهر في وسط المدينة، عرف فيها محمود درويش؟ حكيتيه؟ كيف صارت؟
ماجدة الرومي: صدمة عمري، صدمة عمري إني أنا ما حكيته عنها لسبب إنه عم سجلها بأستوديو، قلت ببعت له ياها مسجلة استوديو بيفرح فيها أكتر، إنه ما كنت بعرف أنا إنه الوقت مش ناطرني، يعني ولا كنت بعرف إنه وضعه حرج لهالدرجة، ما كنت سمعت أو حدا حكى قدامي إنه رايح يعمل عملية أو وضعه الصحي دقيق، وإلا أكيد كنت بحب أحكي له، كنت بحب قله إنه بدي آخدها من عندك، كنت بدي قله إنه بختصر عمري بهالنشيد، واللي بدي قوله بهالأرض إنه ربنا بيحب السلام وإني بدي كون مع الناس اللي بتسعى تعمل سلام بهالأرض، إنه أنا كتير انصدمت، كتير انصدمت إنه في معي وقت قلّه، ولا مرة في وقت، ولا مرة في وقت ما بتعرفي مين بيروح قبل مين وأي ساعة بتجي، الواحد بدو يعمل شغلة يعملها دغري، تعلمت من ورا هالموضوع هيك، ويؤسفني كتير إني ما سمعها، كتير..
جيزال خوري: أبداً ما عرف بأمر هذه الأغنية.
ماجدة الرومي: لا ما عرف.
جيزال خوري: ماجدة شو الحكاية اللي بتضل براسك وقت كنتِ تلتقي فيه مثلاً لمحمود درويش اللي فكرتِ فيها أول ما عرفتي عن خبر موته؟
غياب درويش أكبر من غياب الأرض
ماجدة الرومي: فكرت إنه نحنا ما رح نكون نفسنا بغيابه، نحن كعرب جميعاً أنا ما عم بحكي فلسطينيين بس، فكرت إنه ضعفنا، ضعفنا، مش ضياع الأرض بيضعّفنا ضياع فكر من هالنوع بيقودنا وبيضعّفنا، حسيت ليه إنه يا رب ليه بتترك بهالأرض المجرمين وبتاخد هالناس يعني حرام بعده صغير بس 67 سنة، طيب اتركه شوي، يعني نحن بحاجة لإلو فعلاً نحن بحاجة لإلو، بركي الناس بتفكرني اليوم عم بحكي لأنه شاعر عظيم من عنا سقط عم بحكيكِ هدول الكلمتين، بس أقسم إنه هيدا كان لسان حالي بيني وبين نفسي وبيني وبين ربي، أنه أنا من الناس اللي يعني ما بتقلقهم الأرض إذا راحت خمسين ستين مئة مئتين معها وقت ترجع، بيقلقني فكر متل هيك يسقط، نحن عايزينه نقوى فيه، نحن عايزين نسند عليه، عايزين نلحقه يقودنا لنهار أفضل لمستوى عربي فكري أحسن، لوساعة الإبداع اللي ممكن نحسّها بوجود هدول الناس وقت كل شي بهيدا العالم العربي عم ياخد منحى تجاري، الحقيقة الحقيقة نحنا ضعاف بغياب هالفكر. الحقيقة في كبار يمكن أكيد في كبار، الدنيا دائماً فيها خير ودائماً فيها ناس مناح، بس محمود درويش بالذات بالذات محمود درويش موتته ضعّفتنا كتير.
جيزال خوري: ماجدة أنتِ عم تغني بمهرجانات بيت الدين ليلة السبت 9 أوغست، يعني ليلة موت محمود درويش، عرفتِ وأنتِ على المسرح؟
ماجدة الرومي: عبده وازن بعت لي خبر إنه بالكوما لأ ما عرفت، أنا للصبح لعرفت للأحد الصبح لعرفت إنه توفى.
جيزال خوري: أنتِ عرفتِ وأنتِ عالمسرح إنه هو بالكوما.
ماجدة الرومي: بالكوما، بس ما عرفت إنه..
جيزال خوري: لو عرفتِ شو كان صار؟ يعني شو كنتِ قلتِ له على المسرح؟
ماجدة الرومي: كنت أكيد يعني كنت بعمل ما بعرف شو كنت عملت بس أكيد كنت عملت تحية يعني أكيد كنت عملت تحية، يمكن كنت أنا غنيت عبيانو أو شقفة من "بيروت لا" أو شقفة من "نشيد السلام" يعني ما كنت تركت الليلة تمرّ بدون ما حييه، بس بفتكر إنه معي باقي زماني أنا بالحياة لحييه كل يوم باللي بقدر عليه واللي فيه، عالقليلة عاهده بهاللحظة وعلناً قدام كل وسائل الإعلام إنه يعني الأمانة بين إيدينا نحنا حاسين بوجودها وإنه على قدّ ما بتسمح الظروف والأيام والطاقة اللي بين إيدينا نحافظ عليها رح نعمل هيك، يعني بيتهيأ لي مش راح وهو بسلام عنده قلق بعتقد، بعتقد هيك.
جيزال خوري: كنتوا تحكوا سياسة؟
ماجدة الرومي: لأ لأ.
جيزال خوري: أبداً، ولا مرة حكى معك سياسة، ولا مرة قلك ليش أنتِ عم تحكي خطاب سياسي أو ليش عم تغني هذه الأغنيات؟
ماجدة الرومي: لا لأنه أنا ولا مرة اعتبرت حالي إني فهمانة بالسياسة، أنا دائماً قلت إني آخر حدا بيفهم فيها أنا، آخر حدا بيفهم فيها أنا، أنا قلت دائماً إني أنا عايزة عبر يعني كمواطنة من بلدي شو أنا بحس، يعني عايزة قول خلّصونا، يعني خلص يعني تعبنا هيدي اللي كنت عايزة أقوله، بعدين كنت من ناحية تانية بحس إنه الناس تعبانين، يعني أنا واجباتي تجاه الناس اللي أنا منهم واللي بحسهم أديش متألمين إني قدّ ما بقدر قدّ ما الله بيعطيني قوة إني أشحنهم معنويات ليقدروا يكفّوا الطريق، وإلا شو وظيفة الفن بالأخير؟ يعني أنا بحبّ الفن اللي بيسلّي مرات لما بيجي على بالي أتسلى، بس إذا كانت هاي مهمته الوحيدة بالعالم العربي منكون نحنا يعني المستقبل أكيد بخطر، أكيد إنه الفن له مهمة تانية ومهمته يعبّر عن وجع الناس وعن فرح الناس، يتأمل معهم، يحلم معهم، يفكر كبير معهم، يشوف مستقبل أحسن معهم، له مهمة خطيرة، وأنا لما بصلّي بقول يا رب ساعدني أعرف أتصرف بالأمانة اللي بين إيديّ متل ما تصرفوا هالكبار.
جيزال خوري: فيه قصيدة معينة حابة إنك كمان تلحنيها وتغنيها كتبها محمود درويش؟
ماجدة الرومي: هلأ عم تقولي لي عن أشياء بحب أرجع شوفهم.
جيزال خوري: يعني رح نسمع ماجدة الرومي بقصائد تانية لمحمود درويش؟
ماجدة الرومي: طبعاً أنا بكبر بهيدا الشعر، هيدا كان شرف لإلي عظيم أغني من شعره، كان إلي الشرف العظيم إنه واحدة من أكتر الأغاني اللي بتلاقي صدى بالمسرح لما بغنيها هي: "بيروت لا" و"حاصر حصارك". يعني الناس حافظة له هالمستوى من الشعر وبتغنيه كلمة بكلمة، هيدي يعني شي من الأشياء اللي بعتز فيها بمسيرتي.
جيزال خوري: إذا بتسمحي ماجدة الرومي بآخر هذا اللقاء عن محمود درويش إنا نسمع مقطع من حاصر حصارك اللي منشوف كمان الجمهور إن كان لبناني أو غير لبناني كيف بيتفاعل مع هذه الأغنية وشكراً.
ماجدة الرومي: ميرسي لإلك.
[فاصل إعلاني]
جيزال خوري: نعود إلى هذه الحلقة الخاصة تحية بيروتية لمحمود درويش مع صديقه الروائي إلياس خوري، أستاذ إلياس أنا قلت في البداية وفي المقدمة إنه أنت وليلى شهيد اللي كنتوا من أصدقائه رح تخبرونا بعض الحكايا والخبايا عن محمود درويش، لأن الحكايات هي اللي رح تخليه يعني أو تخليه موجود بذاكرتكم أنتم، شو أحلى حكاية لمحمود درويش؟
إلياس خوري: بس بتعرفي بالأدب العربي دائماً الشعراء بناخد الشعر الجاهلي ولا مرة الشعر خبّر حكايته بالشعر، بس دائماً في حكاية بتطلع على المعلقة، مثلاً عنترة ما منعرف قصته إلا بالسيرة، والسيرة هي برّات الشعر، فدائماً الحكاية هي برّات الشعر، وحكايات محمود درويش كتير هي يعني لا تنتهي، مش رح نحكي خبايا، رح نحكي حكايا.
جيزال خوري: خبايا ما رح نحكي.
بدايات محمود درويش الأولى
إلياس خوري: بعد ما إجا وقتها، بعد ما إجا وقتها هلأ، يمكن أهم شي بمحمود درويش إنه إيمتى بلّش كشاعر؟ ناس بيقولوا بلّش لما كتب سجل أنا عربي، ناس بيقولوا بلّش لما إجا على بيروت، ناس بيقولوا لما راح على باريس، ناس بيقولوا.. أنا في قصة بفتكر بتلخص كل البدايات، القصة بتقول إنه محمود كان عمره 12 سنة، وكان تلميذ بمدرسة بكفر ياسيف بالجليل، وكان يكتب شعر، يعني كان تلميذ يحب الرسم بس ما يرسم لأنه بيّه ما معه مصاري ليشتري له أقلام تلوين ومش عارف شو، فيكتب شعر، والأستاذ صدق إنه هيدا الولد شاعر، يعني قبضوه إنه شاعر وفي نهار قلّه إنه بكرة بتجي على المدرسة معك قصيدة بتقراها، فقام محمود بالليل كتب قصيدة على قدّ ما كان يعرف يكتب الولد يعني. وإجا تاني يوم وقدام كل المدرسة قرأ الالقصيدة، والقصيدة بتخبّر عن قصة ولد رجع على ضيعته لقى بيته مهبّط، ولقى أرضه مسروقة، وناس محتلين أرضه، ومعاناته كطفل عم يعيش غربة بقلب بلاده. والأولاد صفقوا والأستاذ انبسط فيه. تاني يوم على بكرة إجوا العسكر لأنه وقتها كان الجليل بتعرفي بقي بين الـ 42 والـ 66 تحت الحكم العسكري الإسرائيلي بالكامل. فإجوا العسكر أخدوه عند الحاكم العسكري اللي حقق معه، والتهمة كانت إنه عمل قصيدة وهدّده الحاكم العسكري إنه إذا بيضل يكتب هيك شعر، طبعاً ما فيه يحبسه لأنه ولد صغير بيمنع بيّه يشتغل، وكان بيّه لمحمود وقتها أرضهم راحت بالبروة، كانوا عايشين بضيعة اسمها دير الأسد، وكان بيّه يشتغل عامل حجار يعني عامل بناء، بس يصنع حجارة، فوقتها ارتعب محمود إنه إذا بيّه بطّل يشتغل ما بيعود فيه يروح عالمدرسة، ما بيعود فيه يقرأ كتب، ووقتها اكتشف أن الشعر قضية جدية كتير وأن الشعر هو سلاح للمقاومة، بفتكر هاي القصة بتلخص يمكن هالعلاقة العميقة اللي كانت بين هالولد اللي صار بعدين رجل وبين الأرض وبين فلسطين، لأنه منذ اللحظة الأولى محمود درويش اكتشف إنه ليكون شاعراً لازم يقاوم، وإنه إذا قاوم دخل على منطقة خطرة، وإذا دخل على منطقة خطرة لازم يعمل شعر حلو، وبالتالي هيدا اللي خلاه بالأخير..
جيزال خوري: هيدا اللي كوّنه.
إلياس خوري: يصير الشاعر الكبير والعظيم اللي هو.
جيزال خوري: إلياس خوري إيمتى آخر مرة حكيت معه؟
إلياس خوري: آخر مرة حكيت معه يوم الثلاثاء هو عمل عملية، يوم الأربعاء، الثلاثاء عمل تمييل والأربعاء عمل العملية الكبرى.
جيزال خوري: كان مرتاح؟
إلياس خوري : التمييل كان ملخبطه شوي، لأنه حكيمه الفرنسي قال له: ما يعمل تمييل بس كان مكفّى لأنه كان مقتنع، مش كان مقتنع أنا بفتكر كان عارف أدّيشها خطرة، بس كان عارف إنه ما عنده خيارات، ثم الأطباء طمّنوه أكتر من اللازم.
جيزال خوري: بفتكر إنه أكيد رح يبقى بقلب أصحابه وبذكرياتهم، ولكن أكتر شي رح يبقى بكتبه وبشعره، فأنا بدي أتشكرك وأحلى تحية لمحمود درويش أن نسمع محمود درويش.
محمود درويش: كيف أكتب فوق السحاب وصية أهلي؟ وأهلي يتركون الزمان كما يتركون معاطفهم في البيوت. وأهلي كلما شيّدوا قلعة هدموها لكي يرفعوا فوقها خيمة للحنين إلى أول النخل.
أواخر أيام درويش في فرنسا
جيزال خوري: سفيرة فلسطين في بلجيكا ليلى شهيد وقبلها في باريس وصديقة محمود درويش، طبعاً بيبقى الشعر بالنهاية وهو عرف إنه في هذه الحياة أكتر شي عمله هو الكتابة وكتابة الشعر العظيم. كنا ناطرين الحقيقة نوبل ما كنا ناطرين وفاة وموت محمود درويش، أنتِ كنت معه ومع فاروق مردم بيك بآخر جوله لإله شعرية بمنطقة آرل بفرنسا قبل 15 يوم، كيف كان؟
ليلى شهيد: كان متألقاً بطريقة تقريباً صوفية، الحقيقة أكتفيد اللي هو الناشر تبعه وفاروق مردم بيه رئيس قسم تحرير الأدب العربي اللي عملياً نشر كل الترجمات العظيمة تبع إلياس صنبر بالفرنسي أكتر من 12 كتاب نثر وشعر، عم يحتفل كان بالعيد الـ 30 تبع تأسيس الدار، وفرانسواز نيسان صاحبة الدار طلبت منه بشهر أيار إذا بيقبل إنه يكون هو الأديب الوحيد اللي جاية يحتفل بالـ 30 سنة، ويلقي شعر بالمسرح الروماني، المدرج الروماني بآرل، محمود قال ولا ممكن أنا بمدرج روماني بقرأ شعر بالعربي؟ ولا ممكن. ضلينا نقنّعه لحتى أقنعناه أنا وإلياس صنبر وفاروق مردم بيه، وما كناش عارفين وقتها إنه رح يكون بفترة هالقدّ هو باله مشغول بموضوع صحته، ولكن على كل حال بما أنه التزم أخذ الطائرة من عمان قادماً من رام الله مع إنه كان ناطر الفيزا لأميركا، وإجا على باريس وأخد الترين من باريس على آرل، ورحنا على آرل اللي كان فيها الاحتفالات..
جيزال خوري: كان عم يحكي عن عمليته، عن مرضه؟
ليلى شهيد: كان كتير رايق، كان كتير رايق، بس كان أولاً منرفز إنه الفيزا تأخرت ومشغول باله من العملية منشان بيعرف إنها صعبة. ولكن الشعر ومحيط الشعر ومحبي الشعر بيخلقوا الجوّ اللي بيحطّ مرهم على كل شي، أولاً آرل مدينة بتاخد العقل، وفيها آثار رومانية، وفرانسواز نيسان وأصحابه إلياس صنبر وفاروق مردم بيه وكل اللي بيحبوا الشعر الموجودين، وبريتون باخ، وجاك راليت كلهم موجودين. رحنا على المسرح وهو المفروض يقرأ شعر بالعربي، وديديا ساندر الممثل الفرنسي يقرأ بالفرنسي، وسمير جبران وإخوته يدقّوا، وهو بيعرف كل هيدا الفريق. بس أهم شي إنه قبل بنهار بالليل يعني بـ 13 تموز قال لي: بدنا نروح نشوف شو هو هالمدرج. قلت له: مدرج روماني متل ما شفت، قلّي: لا منحب نشوف. رحنا شفنا سمير عم يلعب مع إخوته بس هو كان مشغول باله إنه كيف هالمدرج اللي بياخد ألفين بني آدم ممكن يتعبّى مع شاعر بيقرأ باللغة العربية؟ تاني نهار الساعة 8 رحنا كلنا مع بعضنا عالمدرج، وإذ المدرج فيه ألفين واحد ناطرين. وتقريباً بساعة غروب الشمس بهالمكان الخارق عن العادة تحت السما كانت الأمسية يمكن ربما أجمل أمسية عمره عاملها. بس كمان كانت جميلة منشان لأنها هو كان هنا ومش هنا. يعني متل ما قال: أنا لست لي، كان هو عنده شعور إنه في مخاطرة، وكان هالقدّ مبسوط إنه ألفين فرنسي يمكن 10% منهم بس عرب قاعدين بيتصنتوا ما حدا منهم عطس وهو بيقرأ بالعربي، بيصفقوا بعد العربي، بقلّهم على شو عم تصفقوا بالعربي؟ وهنّن عم يصفقوا على موسيقى الشعر تبع محمود درويش.
جيزال خوري: وعلى صوته اللي بياخد العقل.
ليلى شهيد: وهو صوته متل ما سمعناه، وبعتقد إنه هيدي الأمسية والأمسية تبع رام الله..
جيزال خوري: بس ما حكى عن الموت، ما حكى..؟
ليلى شهيد: ما كانش يحكي غير عن الموت، أصلاً كل الشعر اللي كتبه بآخر عشر سنين هي كلها حوار مع الموت. بالأول حوار مع الموت اللي هي جدارية بعد العملية الأولى اللي كانت سنة 98، اللي كان حسّ حاله أنه غلب الموت. بس بآخر سنين كان حواره إنه أنا بعرف إنك أنت بالآخر رح تغلبني، منشان محمود أذكى مما يفكر إنه ممكن كل مرة يغلب الموت. ولكن استعمل المرض متل ما استعمل الجرح الفلسطيني بشعره بآخر عشر سنين بطريقة كتير كتير كتير عبقرية فيني قول وغنائية وجميلة منشان وظّف التساؤل الميتافزيقي والوجودي عن الحياة والموت اللي مش بس لكل شخص بس لكلنا لكل البشر اللي لازم يفكروا بالموت.
جيزال خوري: كان فيه وصية؟ قال لكم شي؟
ليلى شهيد: بتعرفي أنا ما بعرف إذا فيه وصية مكتوبة، ولكن وصية بمعنى إنه طلب منا نعمل شي لأ، على كل حال مش أنا. ولكن بعتقد وصيته بشعره، وصيته باللي كتبه بكل هالسنين بتعرفي إنه هو كتب آخر قصيدتين، واحدة كانت هدية منه لشعب فلسطين بأحلى أمسية برام الله اللي هي آخر أمسية، وكانت تقريباً اللي هي وصية للشعب الفلسطيني، كتب بالنكبة نص حلو كتير وكتب نقده على الخلاف الداخلي الفلسطيني..
جيزال خوري: يعني اللي كأنه أخد موقف، يعني هيدا اللي بدي أعرفه أخد موقف ضد حماس..
ليلى شهيد: أخد موقف كتير صريح ضد الاقتتال، وكان آخد موقف تجاه حماس بالموضوع الثقافي مشان تعرفي صار فيه خلاف بينه وبين حماس على موضوع الثقافة، وكيف بتصير من أول ما حماس ربحت الانتخابات تبع بلدية قلقيلية، ولكن بهذا النص أخد موقف ضد الاقتتال الداخلي وحتى تمسخر على اللي بيعتبروا إنه حرروا غزة وهم قسموا الوطن طرفين، وبعتقد هيدي وصيته الأساسية اللي هي العودة للوحدة الفلسطينية.
جيزال خوري: إذا بدك منسمع لأنه على بالنا نسمع محمود دائماً بـ"ليس لي وطن"، كمان بحب أقول إنه هالأمسية الشعرية كانت باليونيسكو بباريس مع الفنان مارسيل خليفة بس رح نسمعه ليس لي وطن.
مقطع من أمسية شعرية لمحمود درويش
محمود درويش: ليس لي وطن غيرك في الرحيل يحبكِ أكثر.. يفرغ الروح من آخر الكلمات يحبكِ أكثر..
جيزال خوري: ليلى شهيد كنا عم نحكي عن أحوال فلسطين وكأنه كانت أتعبته أحوال فلسطين، وكان يئسان نوعاً ما.. هل تعتبري إنه هالشاعر.. بحب تقولي لنا أولاً شو هي أهميته الفرنسية لأنه كنت حضرتك سفيرة بباريس وقت كان عم يتألق وكانت أشعاره موجودة بمحطات الميترو ما بعرف إذا بعدها مكتوبة، وأهميته العالمية وهل فلسطين اليوم الشابة بتلاقي حالها بمحمود درويش، أم هو لجيل آخر؟
ليلى شهيد: لأ أول شي بدي بلش مع آخر سؤال مشان نحن مبارح شفنا الجنازة..
جيزال خوري: عشرات الآلاف..
ليلى شهيد: وشفنا مئات الآلاف من الناس ببلد ممنوع التجول فيها، يعني تا تجي من نابلس ولا من القدس تجي على رام الله كتير صعب، ومع هذا إجو العالم يعني وشفتي مستوى سن الناس اللي ماشيين بالشارع، بعتقد يمكن الشباب بيحبوه بعد أكتر من الكبار، يعني محمود درويش ما تورط مع ولا حدا، ما خلا أي طرف سياسي يستعمله، ظل الكلمة الحرة، وظل كلمة الضمير.. وأنا أعتقد إنه مزج السياسي بالشاعري بالفلسفي بحب الحياة بحب الطبيعة الفلسطينية، كتب صفحات بتاخد العقل على زهر اللوز الأبيض، عن عصافير فلسطين، على ريحة القهوة، هيدي الأشياء خلته يكون كتير كتير كتير قريب من شعبه، وأعتقد إنه الشباب بيحبوه يمكن أكتر وبعتقد أحسن طريقة إنه نكرمه إنه نقرأ شعره، هلأ بعتقد إنه بالعالم الخارجي بدي طمئنك شي هو ما كان ناطر نوبل ولا كان بيحب نوبل..
جيزال خوري: نحن كنا ناطرين نوبل..
ليلى شهيد: أنتو يمكن بس هو أنا عاشرته 40 سنة وأنا مش ساذجة وهو كتير ذكي، بس لو حقيقة كان وراء نوبل كنت حسيت، ما بعتقد إنه هو كان كتير.. هو كان بيهمه أكتر شي إنه يظل يتألق ويتطور بالكتابة الشعرية، من شان هيك كان يهمه كتير قرائه بالعالم كله أول شي بالعالم اللي يقرأ لغة عربية، ولكن أيضاً بالعالم اللي يقرأ ترجمة، ولازم الواحد يقول الحقيقة إنه تألق أكثر شي بفرنسا مشان أفضل مترجم لمحمود درويش بأي لغة أجنبية كان الأستاذ إلياس سامبر اللي هو مؤرخ واللي هو كاتب وهو ترجمه باللغة الفرنسية، وأحسن ناشر كان فاروق مردم بيك صديقه وأيضاً ناشر كل الأدب العربي المعاصر، مشان هيك كأنه التقى ثلاثي سمح لمحمود.. محمود بيستحي..
جوائز حاز عليها درويش
جيزال خوري: بس حتى بالولايات المتحدة أخذ جائزة كبيرة جداً من سنة..
ليلى شهيد: إيه ولكن الترجمات باللغة الإنجليزية ضعيفة، محمود لأنه ما كان وراء نوبل عمره ما اهتم مين بترجم له، مش هو اللي اختار أنه الياس يترجم له الياس اللي اختار أنه يترجم له.
جيزال خوري: ست ليلى كمان إسرائيلياً محمود درويش.. يعني اليوم لو شفنا الصحافة الإسرائيلية هي تكرم محمود درويش كالعرب..
ليلى شهيد: ما في شك لازم يكون عندنا الشجاعة نقول الحقيقة، أنه.. وأنا بدي أحيي جهود ياريه ليريل، ياريه ليريل ست إسرائيلية اختارت أنها تكرس 300 ألف دولار ورثتهم من ست لها بالصدفة وهي ما عندها مصاري كثير لتا تنشر كل الأدب العربي المعاصر بالعبري، وهي قالت إذا ما عم يفهموا الإسرائيليين شيء على قضية فلسطين والعرب بالخطاب السياسي يمكن يفهموا بالخطاب الأدبي، نشرت غسان كنفاني وهدى بركات ومحمود درويش وإلياس خوري ومحمد برادة، حقيقة هيدا.. وحقيقة النشر باللغة العبرية بما فيهم من مترجمين عرب سمح للجمهور الإسرائيلي.. هلأ مش كل الإسرائيليين بيحبوا شعره فيه إسرائيليين بدهن يحاكموا.
جيزال خوري: صحيح هو طلب إنه يتعلم ولكن صار فيه جدل..
ليلى شهيد: يوسي ساريد اللي ما كان صاحبه ولا بيعرفه لمحمود درويش حب وقت ما كان وزير تعليم أنه يحطوا بالبرنامج التعليمي، ولكن إيهود باراك رفض وقال إنه بعد بكير علينا أنه ندخل محمود درويش بالتعليم العام بإسرائيل، ولكن أعتقد إن محمود اخترق الجدار مش بس جدار الجدار الحقيقي السمنتي يعني الجدار اللي بعقل الإسرائيليين من خلال شعره من أول كتاباته، مشان ما تنسي مثلاً أنه هو كتب أول قصيدة اللي بتحكي عن الجندي الذي يحمل زهرة الليلك. وهيدا الرجال اليوم هو مؤرخ إسرائيلي اسمه شلومو زانت أنا تعرفت عليه بالصدفة يلي عم يكتب عن تاريخ..
جيزال خوري: أنا بفتكر ماجد هو غنت هذه القصيدة واللي هو ما شافها محمود درويش اللي هي النشيدة، رح اسمعها بس بدي أسألك قبل كيف تصفيه لنا الصعيد الإنساني هواجسه أحلامه شو كانت؟
ليلى شهيد: على الصعيد الإنساني إن شاء الله أقدر أصفه، مثل البلور شفاف وخجول مثل الطفل الصغير ما حدا بيصدق، وأمير كأنه خلقان ببيت ملك وبيه فلاح وربيان ببيت فلاحين، وعنده تواضع تقريباً فلسفي مع أنه الناس كانت تفتكر أنه هو شايف حاله بس هو أنه خجول مشان هيك بيظل بعيد عن العالم، بس هو كان حافظ على خصوصيته تا يقدر يكرس انعزاله عن العالم ووحدانيته كان وحداني جداً باختيار شخصي، مشان هيك ما كمل حياته الزوجية ومن شان كرس الوحدانية من شان الكتابة، محمود كان يقرأ 10 ساعات بالنهار كل يوم ويمكن يكتب أربع ساعات، خلص النهار بين عشرة بالقراءة وبين أربعة بالكتابة ما بيضل كثير، وقرأ كل الأدب العربي من الجاهلية لليوم وقرأ كل الأدب الأجنبي المترجم من شعر..
جيزال خوري: أي مدينة أحب له؟
ليلى شهيد: ما في شك أنه هو أحب حيفا كثيراً اللي اشتغل فيها، ومن شان هيك كان حلو لو قدر يرجع لها، وأحب أيضاً جداً بيروت من شان بيروت بالعشر السنين اللي سكن فيها من 71، 72 للاجتياح في 82 كانت مثل مختبر لكل النقاش الفكري والأدبي والشعري والفني والثقافي والسياسي، وأيضاً مش بس هو حب بيروت، الفلسطينيين أحبوا بيروت مشان هالسنين المقاومة كانت هون بالرغم من كل الأخطاء اللي عملناها مع الشعب اللبناني.
جيزال خوري: من كل الدم اللي امتزج مع الشعب اللبناني..
ليلى شهيد: لازم نطلب السماح للأخطاء، ولكن أيضاً الفلسطينية ومنظمة التحرير ومثقفين من فلسطين استفادوا كثير من كون بيروت مركز ثقافي عربي هي ما كانت بس مركز ثقافي لبناني.
جيزال خوري: على كل حال كتب لها قصائد بتاخذ العقل.
ليلى شهيد: محمود حب بيروت من كل قلبه وكتب لها.. وكتب لها وكان كثير وفي لحبه لبيروت، ولكن أيضاً من بيروت انطلق إلى عواصم أخرى أنا أعتقد أحب كثيراً باريس مع أنه ما اختلط من شان.. يذكرني كثيراً بجون جونيه فيه كتّاب بيفهموا بيحسوا مادياً أنه لازم يحبوا المكان ولكن ما يختلطوا بأهل المكان أكثر من اللزوم تا يعبروا عن المكان بالكتابة، محمود درويش مثل جون جونيه إنسان كرس حياته للي بده يكتبه من شان هيكي ما خلى حياته الاجتماعية حياته الشخصية..
جيزال خوري: شو بتقولي له هلأ؟
ليلى شهيد: أقول له اشتقتلك..
جيزال خوري: رح نسمع.. شكراً ست ليلى شهيد، رح نسمع نشيد السلام مقطع صغير ماجدة الرومي غنته وللأسف ما قدر يسمعها.
ليلى شهيد: أعتقد أنه أهمية شعر محمود درويش أنه من أول يوم عمره ما محا الآخر دايماً ضمنه من أول قصائده، من سنة تقريباً كنت عم أحيي ذكرى مؤرخ مهم جداً وكان قاعد جنبي إسرائيلي اسمه شلومو زونت، قال لي بتعرفي محمود درويش؟ قلت له أكيد، قالي بتعرفي قريتي القصيدة اللي عم تغنيها ماجدة؟ قلت له كيف لكان، قال لي العسكري الجندي هو أنا، أنا كنت الجندي اللي بيحكي عنه محمود درويش، قلت له على مهلك تك تك تك ألو محمود فيه حدا بده يحكي معك، أعطيت التلفون لمحمود وشفته بلش يحكي بالعبري 10 دقايق وأنا مش فاهمة ولا كلمة، بعدين عطاني التلفون قلتله محمود مزبوط هو هذا؟ قال لي هو هذا، شلومو زنت كاتب أهم كتاب بده يطلع بالفرنساوي بعد أسبوعين عن تكوين الشعب الإسرائيلي، ويقول أنه الحقيقة بالتاريخ أنه يلي ورثوا سكان أرض فلسطين الأصلية بالشعب الفلسطيني مش الشعب الإسرائيلي لحاله، وأعتقد أنه الشعر عنده طريقة بدون الخطاب السياسي اليوم أنه يمكن يعبر بأفضل طريقة عن هالصراع اللي بيشبه أكثر تراجيدية يونانية من صراع سياسي.
جيزال خوري: صحيح، شكراً ليلى شهيد نتوقف لحظات ومنصير بالفقرة الأخيرة لهذه التحية البيروتية لمحمود درويش.
[فاصل إعلاني]
محمود درويش: أحبك.. نام عصفوران تحت يدي.. نامت موجة القمح النبيل على تنفسها البطيء.. ووردة حمراء نامت في الممر.. ونام ليلٌ لا يطول.. والبحر نام أمام نافذتي.. على إيقاع ريتا يعلو ويطفو..
قصة مارسيل خليفة مع محمود درويش
جيزال خوري: في هذه الفقرة الأخيرة من التحية البيروتية لمحمود درويش، نستقبل الفنان مارسيل خليفة، مارسيل بعدك واصل هلأ من عمّان كنت عم تودع صديقك محمود درويش منذ يومين، ارتبط كثير اسمك بمحمود درويش حتى أن الفنانة ماجدة الرومي بتقول مارسيل أعطى مسافة أخرى للشاعر محمود درويش، ولكن محمود معروف عنه عنده عدة مراحل في الشعر، عنده مرحلة كان يمكن سهل أنك تلحنها، ولكن المرحلة الأخيرة يعني بعد 11 كوكباً بجدارية بالتحديد بلش يحكي عن الموت خاصة، صار شوي كوني شعره هل كان في صعوبه لتلحينه؟ هل كان عندك مشروع جديد مع الفنان محمود درويش؟
مارسيل خليفة: من حوالي أسبوعين كان آخر اتصال تليفوني بيني وبين محمود حول عمل جديد اللي هو يتضمن مجموعة جديدة من الأعمال حتى من الكتب النثرية تبعونه، وكنت عندي مشروع يتضمن الرقص والموسيقى والغناء والشعر، وكان فيه هيك محطة يدخل فيها درويش على المسرح بالعمل، وبالطبع درويش ما سمع ولا شي من اللي عم أعمله إلا بس مقطع من "يطير الحمام" هذه القصيدة الكبيرة اللي دايماً كان عم يسألني عنها ووين صارت هي القصيدة كنت عم بوصل إليها منذ فترة، وأتصور إنه رح كفي العمل بس بدون محمود..
جيزال خوري: يعني بس هو أحسن تكريم لمحمود إنه الواحد يكفي أعماله ويقرأ أشعاره ويقرأ فكره، أنا يعني ما عندي كتير وقت مارسيل أنا بعرف إنك كتير تعبان واصل هلأ من عمّان، وبعتذر إنه يعني هيدا الوقت مبين أديش تعبان ومتأثر، بس أنا بدي تخبرني عن محمود درويش، حكايات.. شو الحكاية كل واحد من اللي عرفه فيه شي مطبوع براسه، يمكن كل شي بس في شغلة هيك بتأثر أو بتتذكرها من محمود درويش؟
مارسيل خليفة: محمود درويش أنا اشتغلت شغله مني لحالي بدون ما اسأله، وبقيت سبع سنوات آخذ قصائد وألحنها وينتشروا هالقصائد بدون ما أتعرف على محمود درويش ونحن في نفس المدينة، تعرفت على محمود درويش بعد سبع سنين، ولا مرة قال إنه كيف حدا عم ياخذ لي هالقصائد..
جيزال خوري: ما جرب يتصل فيك أو شي؟
مارسيل خليفة: ربما كان فيه ظروف.. كانت الحرب وكان كتير أشياء..
جيزال خوري: شو بيجمعكن أنت وياه؟
مارسيل خليفة: كتير أشياء، أول شي آخر كتاب بيكتب لي عليه موجود.. ياريت كنت جبته، يكتب لي عليه تحية يقول لي: إلى توأم قلبي.. فما بعرف أديه الموسيقى أعطت للشاعر درويش هذا الانتشار لأنه أنا بعرف كتير ناس ما بيعرفوا يقروا ويكتبوا رددوا القصائد حفظوها، وكمان بنفس الوقت يمكن لو ما يكون فيه هذا الشعر يمكن الموسيقى كانت راحت بمنحى آخر، يعني فيه تبادل مشترك في هذه العلاقة.
جيزال خوري: في أشياء إنسانية كمان هو حبه لأمه يعني اللي شفناها للأسف يعني كانت فيها حرقة القلب في آخر عمرها، وأنت اللي فقدت أمك بكير. فكنتوا بتحكوا عن العلاقة مع الأم مع المرأة؟
مارسيل خليفة: طبعاً كنت دايماً بسأل بهيدا الموضوع، كل قصائد الأم اشتغلتهن اللي هي أحن إلى خبر أمي، سلام عليك، ووصايا حورية، آخر قصيدة اللي كتبها لأمه، كمان اشتغلت رح تكون وصايا حورية ونحن نحب الحياة بالعمل الجديد.
جيزال خوري: هل هي المرأة الوحيدة اللي أحبها محمود درويش؟ يعني إذا بدنا نعمل.. نختصر حياته..
مارسيل خليفة: أتصور إذا واحد بيقرأ يا طيور الحمام بيشوف أديش حب محمود درويش، أديش أحب المرأة يعني كما أحب أمه كما أحب الأرض، لأنه أحب الأرض لوحدها أحب أمه لوحدها وأحب المرأة الحبيبة العاشقة الزوجة عندما كانت زوجة، ويعني كل واحد عنده محل..
جيزال خوري: أنا بدي أنهي بأحن إلى خبز أمي كتحية يعني طبعاً لمحمود درويش، شو بتقول له آخر شي؟ شو الكلمة اللي على بالك تقوله ياها؟
مارسيل خليفة: بقوله أحبك أكثر..
جيزال خوري: وأنا كمان بحب قول إنه مثلما قال هو في الرحيل الكبير أحبك أكثر في الرحيل الكبير، طبعاً نحب محمود أكثر قبلما أسمع أحن إلى خبز أمي، أنا بس بدي أقول إن أنت يعني عملت بيروت تفاحة وبيروت خيمتنا، بس فيه مقطع ما لحنته وأنا كنت بحب إنك تلحنه: وردة مسموعة بيروت.. صوت فاصل بين الضحية والحسام.. ولد أطاح بكل ألواح الوصايا والمرايا ثم نام شكراً مارسيل خليفة..
مارسيل خليفة: شكراً لك.
http://www.alarabiya.net/programs/2008/08/16/54932.html