فكرة الموضوع مقتبسة.
........................

الواقع تحت الشمس

قيل : إن الدعوة إلى تطبيق الشريعة في مجتمع غير شرعي، فكرة تعوزها روح العلم والورع معاً. لأنها مجرد شعار حزبي، مفصّل على مقاس حزب سياسي، يريد أن يكسب معركة السياسة بسلاح الدين.
..............

ما يطبقه المواطن في مجتمعاتنا كمسلك يسير عليه أناء النهار والليل أيضا، هو شريعة غير سماوية ، وضعتها تحت تصرفه بإغراء شديد ، معطيات الواقع. فالمواطن في مجتمعاتنا يملك عينان دقيقتان، ويستطيع رؤية الشمس في كبد النهار و في قلب الليل أيضا، فيدرك أن القانون العادل - سماوي أو وضعي - لا يمكن تطبيقه في مجتمعات مقهورة قبل قهر القهر ذاته، وأنه لا يملك إلا السير بالمتوفر من شريعة الواقع المزرية و المغمورة بالكثير من التقزز.
........
فالدين براء من تحريم الاختلاط بين الجنسين في الشمس، ورغم تحريم جميع الأديان والأعراف للرذيلة ، يدرك مواطننا أن استغلال الدين هنا، هو مجرد مبرر لتمرير الرذيلة المستترة بغلق باب الرزق الشريف أمام المرأة مما يجعل جسدها هو السلعة الوحيدة التي تملك تسويقها . لأن المرأة المحجبة التي تمنعها الأعراف المنغلقة من فرصة التأهيل لصراع الحياة، لا تستطيع أن تكسب عيشها دائماً بالحلال. إنها "تتزوج" على سنة الله ورسوله، لكن شريعة هذا الزواج الناجم عن العجز والبطالة، أمر يصعب إثباته شرعياً. فتتحول المرأة إلى شبه جارية محرومة من حقوقها في الطلاق والفرار ورفضها للعودة إلى بيت الطاعة بحراسة أحد أفراد الشرطة
..........
و منع الخمر في مجتمعاتنا جعلها وباءا سريا ينتشر بعيدا عن أشعة الشمس، و لم و لن يمنعها فعلا، ولم يضاعف عدد متعاطيها فقط، بل جعل المواطن يتجرعها في هلع وتخلف، مضيفا إليها الحشائش والمساحيق، ليس لأنه مواطن شره، بل لأن حياته ذاتها جوفاء تغمرها الكآبة والإجحاف في ضل ديكتاتورية السلطات و خراب المجتمع المستطرد.
..........
والبعض من مجتمعاتنا يحرم الفوائد المصرفية بحجة تحريم الربا، و الواقع أنه يحارب الادخار و يتابع تفقير المواطن في شماتة حاقدة، مادام لا يتابع التلاعب بالأسعار و الاحتكار و العمولات التي تتم في الغرف مغلقة الأبواب منعا لنور الشمس.
........
والمواطن يرى الشمس تحرم السحت والتبذير وتعده جريمة يعاقب عليها بالحرق في النار عدة مرات متتالية ، لكنه يشاهد السلطان و أسرته و كل الأذناب لا يكتفون بأكل القليل من السحت و ويقومون ببعض التبذير فقط ، بل ينهبون يوميا ثروات طائلة بدافع الانتهازية وشراء وهـْم الأمن و الكثير من الذمم و كل مديح الشعراء وما توفر من البرامج الفضائية أيضا.
.........
أشعة الشمس تنير الحقائق الصارخة وتفضح الكذب المحرم ، و مواطننا يعرف جيدا أن رجل الإعلام في خدمة السلطان لا يخشى قطع لسانه كما تنذره السماء، بل يخاطب زبائنه الرافضين لبضاعته بغضب و يعتبر خداعهم بما يبصقه من قي، شطارة و سياسة اعلامية محللة من السلطان مباشرة.
.........
و من الحقائق التي تداوم الشمس إنارتها، تحريم احتكار طاغية للسلطة ، لكن مواطننا لا يتمكن من قول ذلك حتى في منشور سري، و يدرك بامتياز أن الطاغية اسمه سعادة الزعيم الأوحد الذي سيسلم البلد خرابا في طريقه للمشنقة.
........
وتتوعد الشمس المواطن بسحبه على وجهه في سقر إن قتل إنسانا مظلوما، لكن المجند في خدمة الطاغية لا يعرف كيف يفهم هذا التهديد ، من دون أن يخالف أوامر المتسلط الذي لا بد من أن يشهر سلاحه لكي يدافع عنه ضد الجياع والمظلومين، تلك المسيرة التي بدأت بإبادة أسرة النبي شخصيا وقصف بيت الله بالمنجنيق.
........
وغير ذلك وفير، مما يجعل المواطن يفقد قدراته العقلية في محاولة لفهم قانون يقطع يد لص و يأمر بتقبيل يد لص آخر قائلا بتعمد فاسق، إن الله له شريعتان متضادتان ، لكن رحمة الله الواسعة ترحم ذلك المواطن بدفعه إلى التخلف العقلي و الاسترخاء في عالم مظلم متجاهلا أي شمس.
........
أعرف أن كلامي يحتوي على بعض التعميم الغير مستحب ، لكني أسلـِّـط بعض الأشعة على بعض أسباب تخلفنا التي زالت و بعضها في زوال وبعضها ما يزال ينشب مخالبه في أعناقنا بإصرار يدعمه التخلف الاجتماعي المتوالد من استمرار التكلس السياسي والكهنوتي.
.........

قيل بالخصوص:

أنها " الثقافة " المقموعة التي يمكن أن تبرر الشيء ونقيضه في سبيل البقاء في المكان أو الرضا من «آلهة» السياسة. فعندما تُنفى حرية الإنسان يصبح طوعاً للأوامر الصادرة، ولا حرية للوطن عندما يتخلى المواطن عن دوره. محمد الرميحي

...إن تقاليد الحكم في بلادنا تبيح إبعادنا عن المراقبة وتبيح الإدارة بدون شفافية وتبيح بقاء متسلط واحد مدى العمر وتبيح فرض الرقابة على الصحافة وكم الأفواه.كل هذا التراث عندما يصبح جزء من السلطة ينتشر الفساد..قاسيونأجمل تحية

فخري

تحية لك فخري على المقال
وأهلا وسهلا بك في المنتدى

شكرا لك على ترحيبك أخي ، و آمل أن نثابر على ازدهار المنتدى قدراستطاعتنا

كل الود والتقدير

جميل جدا

سلم يراعك

دي سيناترو : الف شكر علىاطرائك ، إن المتابعة الجيدة و اثراء الموضوع بالتعليقات ، هو امر يجعل المرء يحث فكره للكتابة
رغم ضيق وقته ، لأنه يعلم أن هناك من يقراء بامعان و يناقش بجدية.

كل الود

سلامي للجميع
انا جديده امس بس كيف سجلت بالمنتدى ...ارجوا ان تقبلوني بينكم ..عضوه و زميله :98:
اخي الفاضل ..فخري الليبي ..سعيده ان اجدك في هذا المنتدى ...و اعتقد انت كنت متواجد في نادي الشرفة ...و لن انسى القصة التي قرأتها لك هناك ..عن المرأه
و موضوعك هذا ايضا اعجبني ..انت كاتب رائع و فكرك خاص بك و مميز مزيدا من المواضيع المبدعه :redrose:
تحياتي للجميع:97:

شكراً أخ فخري الليبي

العفو سيدي... يالله لنثري المنتدى و نجعله يدهر معا..مين يزود ..

تحياتي

جميل