توقفنا عند الحفرة التالية، كانت بالضبط مثل بقية الحُفر. في داخلها كان شِكل إمرأة، إذ عرِفتُ ذلك من صوتها. صرخت الى يسوع طالبةً إنقاذها من النيران.
نظر يسوع إلى المرأة وبمحبَّة قال، "حينما كنتِ على الأرض، دعوتكِ للمجئ إليَّ، ناشدتكِ على إستقامةِ قلبك معي قبل فوات الأوان. ُزرتكِ عدة مرات في ساعات منتصف الليل لأُخبِرُكِ عن حبي، ناشدتكِ، أحببتكِ، وجلبتكِ نحوي بروحي.
قلتِ، نعم يا رب، أنا سأتبعُكَ. بشِفاهكِ قلتِ إنكِ تحبينني لكن قلبكِ لم يعني ذلك. عرِفتُ أين كان قلبكِ. أرسلتُ دوماً رُسلي إليكِ لإخباركِ كي تتوبي عن خطاياك وتأتي إليَّ، لكنك لم تستمِعي لي. أردتُ إستخدامَكِ للكِرازة إلى الأخرين، لمساعدة الأخرين كي يجدونني. لكِنكِ أردتِ العالم ولم تريدينني. دعوتكِ، لكنكِ لم تستمِعي، ولم تندمي عن خطاياك."
قالت المرأة ليسوع، "هل تتذكر، يا رب، كيف ذهبتُ الى الكنيسة وكنتُ إمرأة جيدة. إنضممت الى الكنيسة، كنتُ عضو في كنيستِكَ. عرِفتُ أن دعوتكَ كانت لي. عرِفتُ انه عليَّ أن أُطيع دعوتك مهما كلَّف الأمر، وفعلتُ ذلك."
قال يسوع، "يا إمرأة، أنتِ لا زِلتِ مُمتلِئة بالأكاذيب والذنب. دعوتكِ، لكنكِ لم تستمِعي لي. نعم كُنتِ عُضواً في الكنيسة، لكن إنضمامك لكنيسة لا يُجلبك الى السماء. خطاياك كانت كثيرة، ولم تتوبي. جعلتِ أخرين يتعثرون بكلمتي. لم تغفري للأخرين عندمـا أسأءوا إليكِ. تظاهرتِ بحُبَّـكِ وبِخِدمتـكِ لي حينما كنتِ مع المسيحيين، ولكن حينمـا كنتِ بعيـداً عنهـم، فإنك كذبتِ، وخَدعتِ وسرقتِ. أعطيتِ إنتباهكِ لأرواح الإغواءِ وتمتعتِ بحياتكِ المزدوجة. كُنتِ تعرفين الإستقامة والطريق الضيّق."
"وكان لكِ لِسـان مزدوج. تحدثتِ عن إخوتـكِ وأخواتـكِ في المسيح. حكَمتِ عليهـم وفكّرتِ بأنـكِ أقدسَ منهم، فيما كان ذنبٌ عظيم في قلبكِ. هذا ما أعرِفهُ، إنكِ لم تستمعي الى روحي العَذب الملئ بالشفقة. كُنتِ تحكمين على الإنسان من الخارج، دون إعطاءَ إعتبار للحقيقة أنَّ الكثيرين منهم كانوا أطفالاً في الإيمان."
"نعم، قلتِ بأنكِ تحبيني بشِفاهكِ، لكن قلبكِ كان بعيداً عني. عرفتِ وفهمتِ طُرق الرَّب. لَعبتِ مع اللَّه، واللَّه يعلمُ كل الأشياء. إن كُنتِ خدمتِ اللَّه بِصدقٍ، لما كُنتِ هنا اليوم. لا تقدرين أن تخدمي إبليس واللَّه في أنٍّ واحد."
إلتفت يسوع إليَّ وقال، "سينحرِف الكثيرون عن الإيمان في الأيام الأخيرة، مُعطين إنتباهاً إلى الأرواح المغويةِ وخادِميـنَ للخطيئة. اخرجـوا من بينهـم، وإنفصلوا عنهـم. لا تمشـون في الطريق معهـم."
وفيما كُنـَّا ننصرِف، بدأت المرأة بلعنِ وشتمِ يسوع. كانت تصرخ وتبكي غاضبة. إستمرنا في المشي. شعرتُ بِضعف شديد في جسدي.
وكان في الحفرة التالية شِكل هيكل عظمي أخر. شممتُ رائحة الموت حتى قبل وصولنا إلى الحفرة. كان الهيكل العظمي هذا يُشابه الأخرين.
تسائلتُ ماذا فعلَتْ هذه النفسُ حتى فـُقدِت وباتت يائسة، بدون مستقبل عدا عن بقائها في هذا المكان المخيف طوال الأبدية. الجحيمُ أبديٌّ. وفيما كنتُ أسمع بُكاء النفوس في العذاب، كنت أبكي أنا أيضاً.
إستمعتُ فيما كانت المرأة تـُكلـِّم يسوع من داخل اللهيب في الحفرة. كانت تقتبسُ أياتٍ من كلمة اللَّه. فسألتُ "يا عزيزي الرَّب، ماذا تفعل هذه هنا؟"
قال يسوع، "إستمِعي"
قالت المرأة، "يسوع هو الطريق والحق والحياة. لا أحد يأتي الى الأب إلا به. يسوع هو نور العالم. تعال الى يسوع وهو سيُخلِّصك."
حينما تكلمت المرأة، كان العديد من النفوسِ المفقودة حواليها يستمعون إليها. قِسماً منهم كان يلعنُها. قسماً كان يطلبُ إليها أن تسكت. لكن قسماً أخر قال، "هل هناك أملٌ فعلاً؟" وقسماً أخر كان يقول، "يا يسوع ساعِدنا". نِداءات عظيمة من الأسى مَلئتْ الهواء.
لم أفهم ما الذي كان يجري. لم أعرِف لماذا كانت المرأة تكرِزُ بالأنجيل هناك.
عرِف الرَّب أفكاري فقال، "يا طفلتي، أنا دعوتُ هذه المرأة في عمر الثلاثين لِتكرِز بكلمتي وأن تكون شاهِدة للإنجيل. دعوتُ أخرين لأهدافٍ مختلفة في جسدي. ولكن، رجلٌ أم إمرأة، صبيٌّ أم فتاة، على السواء، لا يريد روحي. فإني أُغادِر.
"نعم، هي لَبَّتْ دعوتي لسنوات عديدة، ونمَت في معرِفة الرَّب. سمِعت صوتي، وفعلتْ العديد من الاعمالِ الحسنة لي. درسَتْ كلمة اللَّه. كانت تُصلي دائماً، والعديد من صلواتِها استجيبت. علَّمَتْ الكثير من الناس طريق القداسةِ. كانت أمينة في بيتها.
"مرت سنواتٌ حتى أتى اليوم الذي إكتشفتْ فيه أن زوجها كان على علاقةٍ مع إمرأة أخرى. ومع أنهُ طلب المَغفرة منها، إلا أن المرارة نمت فيها فلم تغفِر له وتحاول إنقاذ زواجها. نعم. زوجها كان على خطأ، وإنه إرتكب خطيئة عظيمة.
"لكن هذه المرأة كانت تعلمُ كلمتي. عرفتْ كيف تغفِر، وعلِمتْ أنه مع كُلَّ إغواءٍ هناك طريق للخروج. زوجها طلب المغفرة منها. لكنها لم تقبل. فبدلاًً عن ذلك، تجذر غضبها. ونما فيها الغضب. ولم تُسلِّم غضبها لي. بل صارت أكثر مَرارةٍ يوماً بعد يوم، وقالت في قلبها: أخدمُ اللَّه طوال الطريق، وزوجي يلاحِقُ إمرأة أخرى! وقالت لي: هل تعتقِد أن ذلك صواب؟"
"قلتُ لها، كلا. ليس ذلك صائباً. لكنه أتى إليكِ وندِم وقال بأنه لن يفعل ذلك مرة ثانية. يا إبنتي، انظُري داخِل نفسكِ، وسوف ترين بأنك سَبَبتِ هذا لنفسِكْ، لكنها قالت انا القديسة وهو الشرير." لم تستمع لي.
"مرَّ الوقتُ، ولم تعُد تُصلّي لي ولم تقرأ الإنجيل. صارت غاضِبة ليس فقط من زوجها بل أيضاً من الذين حولهُ. كانت تعرف أياتٍ من الكتاب المقدس عن غيب، لكنها لم تغفِر له."
" كما أنها لم تستمع لي. نمَتْ المرارة في قلبها، ودخلَتْ فيها خطيئة عظيمة. نما القتلُ في قلبها حيث مكانِ الحبُّ سابقاً. وفي يوم ما، قتلَتْ زوجها وقتلت المرأة الأخرى. سادَ عليها إبليس تماماً، فقتلَتْ نفسها."
نظرتُ الى تلك النفس المفقودة التي تخلـَّت عن المسيح وحكمَتْ على نفسها باللهيب والألم الى الأبد. إستمعتُ إليها فيما أجابت يسوع قائِلةً، "أنا سأغفر له الأن، يا رب: أخرجني من هنا. سأُطيعك الأن. أنظر يا رب. إني أكرِزُ بكلمتِكَ هنا. بعد ساعة ستأتي الشياطين وتأخُذني لكي يُعذبونني بصورةٍ أسوأ. لساعات طويلة سيُعذبونني. ولأني أكرِز بكلمتِك سيزيدونَ من عذابي أكثر. أرجوك، يا رب، أتوسل إليك اخرجني من هنا."
بكيتُ مع تلك المرأة الموجودةِ في الحفرة وطلبتُ الى الرَّب ان يحفظني مِن كل مرارة في قلبي قائلةً، "يا رب يسوع، لا تسمح لي أن يدخُلَ الحقد قلبي"
قال يسوع، "تعالي، لنذهب"
في الحفرة التالية كانت النفسُ رجلٌ مُغطـَّى في شكل هيكلي، صرخ هذا الى يسوع، "يا رب، ساعدني لأعرِفْ لماذا أنا هنا."
قال يسوع، "سلام، إهدأ. أنت تعلم لماذا أنت هنا."
توسَّل الرجل، "اخرحني من هنا، وسأكون أنساناً جيّداً"
قال الرَّب له، "حتى وأنتَ في الجحيم لا زِلتَ تكذِب."
إلتفت يسوع نحوي وقال، "هذا الرجل كان بعمر 23 عاماً حين أتى الى هنا. لم يستمِع الى الإنجيل. سمِع كلمتـي مرات عديـدة وكـان دائمـاً فـي بيتـي. أنـا جلبتـهُ بروحـي الى الخلاص، لكنـه أراد العالـم وشهواتِه. أحبَّ شرب الكحول ولم يبالي بنِدائي. نشأ في الكنيسة، لكنه لم يتعهد بنفسه لي. وفي يوم قال لي، سأُعطيكَ حياتي في يوم ما، يا يسوع. لكن ذلك اليوم لم يأتي. في ليلة ما بعد حفلةٍ، كان في سيارة تحطمَتْ وقـُتِل. خدعهُ إبليس حتى النهاية."
"قـُتل في الحال. لم يستمِع الى ندائي. أخرون قـُتِلوا أيضاً في الحادِث. إبليس يعمل لكي يقتل، ويسرِق ويحطِّم. إبليس اراد نفسُ هذا الرجلِ، وحطَّم هذه النفس مِن خلال عدم المبالاة، الخطيئة والسُّكر الشديد. تتحطَّمُ بيوت ونفوس كثيرة كل سنة بسبب الكحول."
لو إستطاعت الناس أن تدرك فقط أن شهوات ورغبات هذا العالم إنما هي لفترة قصيرة! إن جئت الى الرَّب يسوع، فإنه سيُحرِّرك من الشرّبِ المُسكِر. إدعو يسوع، وهو سيسمعُك ويساعدك. هو سيكون صديقك. تذكَّر هو يُحبُّك، وعنده القوة أيضاً لغفران خطاياك.
أيها المسيحيون المُتزوجون، يُحذركم يسوع من إرتكاب الزنا، ومِن رغبة الواحِد للجنس الأخر، حتى لو لم ترتكِب الزنا، فإنه محسوبٌ زِنى في قلبك.
أيها الشباب، إبتعدوا عن المخدرات وخطيئة الجنس. إن كنت قد أخطأت، فأن اللَّه سيغفِرُ لكَ. إدعوه طالما هناك وقتٌ. جد مسيحيين راشِدين وأقوياء في الإيمان، واسألهم إن كان بإمكانك التحدُّثَ إليهم عن مشاكِلك. ستكون مسروراً لأنك إستغلتَ الوقت الأن في هذا العالم قبل ان يفوت الوقتُ.
إبليس يأتي كملاك نور ليخدَع العالم. لا عجبَ أن خطايا العالم أغرت هذا الشاب حتى لو كان يعرِف كلِمة اللَّه المقدسة. قال في نفسهِ، حفلة أخرى، يسوع سيَفهم ذلك. لكن ليس للشيطان رحمة. لقد إنتظرَ الشاب متأخراً.
نظرتُ الى نفسُ هذا الرجل، وذكَّرني بأولادي. "أوه يا أللَّه، يا ريت يخدِمك أولادي!" أنا أعلم ان الكثيرين من الذين يقرأون هذا الكتاب لهم أحباب، قد يكونوا أطفالاً، لا تريدونهم أن يذهبوا الى الجحيم. تكلـَّمُوا إليهم عن يسوع قبل ان يمضي الوقت. قولوا لهم بأن يتوبوا عن خطاياهم وبأن اللَّه سيغفِرُ لهم ويجعلهم قديسين.
رنـَّت نِداءات الرجل في داخلي لأيام عديدة. لن أنسى أبداً نِداءه بالتأسُّف. أتذكرُ اللحم وهو مُعلـَّق ويحترق في النيران. لا أستطيع ان أنسى التعفن ورائحة الموت، والثقوبُ أخذِةً مكان العيون، نفوسٌ قذِرة رمادية والديدان تزحف عِبر العظام، وشكلُ ذلك الشاب وهو يرفع أذرُعِهِ نحو يسوع متوسِلاً فيما كنا ننصرف الى الحفرة التالية.
صليت، "يا عزيزي الرَّب، اعطيني القدرة للإستمرار."
سمِعتُ صوت إمرأة وهي تصرخ من اليأس. صُراخ الموتى كان في كل مكان.
بعد قليل، جئنا الى حُفرةٍ حيث تواجدت إمرأة. كانت تتوسل بيسوع بكل طاقتها لإخراجها من هناك. قالتْ، "يا رب، ألست هنا لفترة طويلة؟ أن عذابي أكثر مما يمكنني أن أتحملَّه. أرجوك يا رب، دعني أخرج!" تنهُداتِها هزَّت شِكلها، وكان ألم شديد في صوتها. علمتُ أنها تعاني كثيراً.
قلت، "يا يسوع، أليس هناك شيئاً تفعله؟"
حينئذ تكلَم يسوع الى المرأة قائلاً، "حينما كُنتِ على الأرض، دعوتكِ ودعوتكِ لتأتين إليَّ. ناشدتكِ لإستقامة قلبك معي، لمغفرة الأخرين، لفعل الصواب، للبقاء بعيداً عن الخطيئة. حتى إني زُرتكِ في ساعة منتصف الليل وجذبتكِ بروحي فترة تلو الأخرى. بشِفاهِك قلتِ أُحِبُّكَ، لكن قلبك كان بعيداً عني. ألم تعلمي أنه لا شئ يُخفى عن اللَّه؟ أنتِ خدعتِ الأخرين، لكنكِ لم تستطيعي أن تخدعيني. ومع هذا أرسلتُ أخرين إليكِ لتتوبي، لكنكِ لم تصغي. لم تستمعي، لم تلاحظي، وفي ساعة غضب طردتِ رُسلي. وضعتكِ حيث يكون بإمكانكِ سماع كلمتي. لكنكِ لم تعطي قلبكِ لي."
"لم تتأسفي، ولم تخجلي مما كنت تفعلينه. قسَّيتِ قلبكِ وطردتيني. والأن أنتِ مفقودة ومُحطمة الى الأبد. كان عليك أن تصغي لي."
حينئذٍ، نظرتْ الى يسوع وبدأت بشتمِ ولعنِ اللَّه. شعرتُ بوجود أرواح شريرة وعرِفتُ بأنـه هم الذين كانوا يشتمون ويلعنون. وأسفاه أن يكون الإنسان مفقوداً الى الأبد في الجحيم! قاوِموا إبليس فيما كنتم قادرين، وهو سيهرُب منكم.
قال يسوع، "العالم وكل ما فيه سيزول، لكن كلماتي ستبقى الى الأبد."