نسمع على الدوام بصراع الحضارات. بتعبير الحضارة الغربية، والتي يدخل فيها اليابان، ونسمع بالحضارة الشرقية التي تتكون ( على ماعتقد) من الصين وروسيا ولربما العرب وجنوب شرق اسيا.. ونسمع بالحضارة الاسلامية، التي يعتقد البعض ان المقصود بها فترة العصر الاموي والعباسي والاندلس وليس مسلميي اليوم، حيث لااحد يجرؤ على ربط تعبير " الحضارة" بهم، في حين البعض الاخر يحاول اعطاء الانطباع ان تعبير " الحضارة الاسلامية" تعني (حصرا) الاسلام، لمجرد ان من كان في اعلى السلم الهرمي لتلك " الحضارة" من المسلمين، وعلى الرغم من ان بقية المسلمين لم يتمكنوا من الوصول الى النتائج نفسها في الجزيرة العربية مثلا..

ماهو المقصود من تعبير " الحضارة" حقا؟

من الممكن استخدام تعبير " الحضارة" على الانسان الاول الذي انتقل من حياة التنقل الى حياة الاستقرار لتنشأ " حضارة العبيديين"، ويقال انها اول الحضارات الانسانية، قبل السومريين. هنا نرى ان مجرد الانتقال من حالة التنقل الى حالة الاستقرار كان كافيا لوصفه " بالحضارة"، في حين لايقال ان للعرب اليوم حضارة. وشخصيا اعتقد ان المقصود بتعبير الحضارة هو تقديم " انجاز" بالمقارنة مع السائد في وقته، وهو انجاز مرتبط بالطبيعة الثقافية لمجموعة معينة.

اليوم يمكن القول بوجود حضارة غربية، وليس اوروبية، بإعتبار ان للغرب انجازات على خلفية ثقافية واحدة تجعل حتى اليابان تنتمي اليها، في حين لاتنتمي اليها الصين او روسيا. على العكس نجد ان روسيا والصين ينتميان الى مجموعة حضارية واحدة " الحضارة الشرقية" والتي تنطلق من قيم مشتركة من حيث الاساس، بإعتقادي هي القيم التي لاتزال تخضع الفرد وحاجاته لمصلحة الجماعة وتتغاضى عن الفرد على خلفية قيادة ذات سمات فردية.

ونلاحظ ان روسيا والصين، كلا منهما بطريقته الخاصة، اصبحوا يتقدمون اكثر بإتجاه الحضارة الغربية، ولكنهم لازالوا ضمن الحضارة الشرقية..

ولكن اين مكان العرب اليوم من الحضارة؟ هل لدينا (اليوم) حضارة؟ هل تتشكل مقومات الحضارة او نتوجه نحو خلق مكونات حضارية ام علينا ان نتشبه بالسلف على امل ان نصبح قادرين على الدخول في ملابسهم القديمة على انها " حضارتنا"؟ هل حضارة السلف هي حضارتنا فعلا او حتى حضارة دينية كما يعتقد البعض؟؟؟

اليوم نجد ان الاقليات الاثنية والدينية والثقافية تهاجر هاربة من العالم العربي والاسلامي على العموم () لتتحول المجتمعات الاسلامية الى مجتمعات وحيدة اللون، في حين نجد ان الحضارات العالمية على الدوام كانت حضارات ملونة. واليوم ايضا نجد ان الحضارة الغربية تجذب الالوان الاخرى لتصبح اكثر غنى ونصبح اكثر فقرا وكآبة، وهي صفات لاتبشر بالتوجه الحضاري..

ماهو رأيكم؟

Array
ونسمع بالحضارة الشرقية التي تتكون ( على ماعتقد) من الصين وروسيا ولربما العرب وجنوب شرق اسيا.. [/quote]

لا اعلم لماذا وضعت العرب في صف الصين وروسيا ضمن حضارة شرقية واحدة!. لا ارى هناك اي تقارب بين هذه الشعوب من ناحية الحضارات او العادات او حتى من ناحية الموقع الجغرافي.

ارى ان الصين وروسيا والعرب يسيرون بخطوط مختلفة تماماً و لهم حضارات مستقلة عن بعض.



:redrose:

موضوع اكثر من رائع وكم كنت اتمنى لو اسهبت قليلاً في حضارة الجزيرة العربية بالذات. الكثير هنا يتحدث عن الحضارات الاسلامية ويتم ربطها بالعروبة. خذ مثلاً الحضارة العربية في العراق البعض يتحدث ان ذلك يعود لخروج بعض العرب من الجزيرة وهجرتهم الى العراق. البعض ايضاً يربط الفتوحات الاسلامية بقياديين عرب خرجوا من الجزيرة العربية.

ماهو المقصود من تعبير " الحضارة" حقا؟
-------------------
الحضارة =المدنية + الثقافة .
الحضارة هي ، هي الهوية التي تكتسبها الجماعة بتفاعلها المستمر ضمن بيئة جغرافية محددة عبر الزمن، وما يحمله هذا الزمن من أحداث تاريخية متعددة ومتنوعة. انها الهوية التي تميز تلك الجماعة عن غيرها من الجماعات على مدى فترة زمنية قد تمتد لقرون . وهي ليست أي شكل من أشكال التنظيم للمجتمعات البشرية ، ولكنها شكل نوعي خاص يحمل سمات معينة ، ويهدف إلى غاية معينة ويتسم بالرقي المتميز عما سبق من حضارات .
و يمكننا التحدث عن الحضارة اليونانية ، او الفينيقية او البابلية او الكلدانية او المصرية الفرعونية او الرومانية او العربية الاسلامية او البوذية او حضارة الانكا في امريكا الجنوبية ....الخ . و لكن كون الولايات المتحدة الامريكية لم تتواجد منذ اكثر من 300 فهذا ليس مبررا ان نقول، بان ليس لها حضارة غمرت العالم اليوم و بات النموذج الامريكي و الحضارة الامريكية مثالا تطمح له كل شعوب الارض .

فالحضارة كلمة عامة شاملة للمفهومين : " المدنية " و " الثقافة " .

المدنية ، هي الجانب المادي للحضارة ، و يظهر ذلك في المظاهر العمرانية و الصناعية و الزراعية والمنتوجات الفنية بكل اشكالها .
اما الثقافة ، فهي جوهر الحضارة ، و الجانب الروحي الذي تتمتع به و يتعلق باللغة و الدين ( سابقا ) و الفنون . كما يتعلق بالقيم ، و الاخلاقيات، و معايير السلوك البشري الذي تستخدمه جماعة تلك الحضارة بشكل يتميز عن غيرها من حضارات .

ولا يمكن لحضارة ان تثبت تفوقا على حضارة اخرى ما لم تتجاوزها بمدنيتها من جهة و بثقافتها من جهة اخرى . و يقول الكاتب الاسلاموي سعيد حوى :

" فإذاً ، التقدم الحضاري إنما يكون ، عندما توجد ثقافة متقدمة ومدنية متقدمة ، والتخلف الحضاري يكون عندما تكون ثقافة متخلفة ومدنية متخلفة " .

و نستنتج من ذلك بان الفكر الاسلامي اليوم قد وصل الى حالة من التردي ، لا يمكن القبول بها ، و ذلك لتقصيره في خلق الجانب المدني القوي ، الذي يجب ان يدعم الجانب الروحي . ووصل انحدار العرب و المسلمين الى الدرجة التي ما عاد يمكن نكرانها .


و يكون المجتمع أرقى حضاريا بقدر ما يؤدي التكامل بين مدنيته و ثقافته الى وجـود حل لصالح الانسان ، و علاقته بالكون من حوله في كل ما يواجه من مشكلات . لذا فان ما توصلت اليه الحضارة الحديثة ، من مدنية تقنية ( تكنولوجية و وسائط نقل و اتصالات.... ) و عمران ( ابنية و حدائق منظمة و آبار نفط ، ...تعمل لصالح البلد ) و تطور اخلاقي و حقوقي ( يتمثل بشرعة حقوق الانسان ) قد رفــع من درجة رفاهية الانسان العادي الى سوية لم يبلغها اعظم الملوك او القياصرة او الاباطرة القدامى . و اكثر ما تتمثل الحضارة الحد
يثة ، ففي المجتمع الغربي ،و خاصة في المجتمع الامريكي (الولايات المتحدة الامريكية ) او ما يطلق عليه اسم حضارة اليانكي.


ولكن اين مكان العرب اليوم من الحضارة؟ هل لدينا (اليوم) حضارة؟
------------------
كما قلنا اعلاه في شرح معنى الحضارة ، فان العرب اليوم ما زالوا يعيشون على بقايا حضارة بائدة متكسلة فقدت حيويتها و فعاليتها الابداعية ،و لم يبق منها سوى النصوص الثقافية ، الاحفورية ، التي كانت ذات يوم ابداعية بشكل لا يمكن انكاره .


هل تتشكل مقومات الحضارة لدينا حاليا ؟ او نتوجه نحو خلق مكونات حضارية ؟
------------------
بالتاكيد لا ، فان الحضارة حسبما شرحناها آنفا ،هي تعبير عن الهوية . و العرب اليوم يعيشون هوية ممزقة ، مشوهة ، لا حدود واضحة لها ،و لا لون ،و لا طعم ،و لا تميز . العرب يعيشون على هامش الحضارة الامركية كغيرهم من شعوب العالم الثالث ، فلا ابداع لديهم و لا ما يمكن تمييزه بخصوصية ذات صبغة حضارية . اذا ، فالعرب لا يظهرون اية بوادر على تشكيل حضارة غير الحضارة التي يعيشون حاليا على روثها التاريخي ، و بقاياها السوسيولوجية المتفسخة ،و احافيرها الثقافية المتجمدة في نصوص مينتة ،وأقصد الحضارة الاسلامية .


ام علينا ان نتشبه بالسلف ؟
-----------------
ان التشبه بالسلف الصالح في مواجهة مشكلات لم يصادفها السلف ، هو مهزلة التناريخ و سخريته من الشعوب . فمشكلات كل عصر تختلف عن العصر الذي يليه . و لكل عصر حلول ما كان يمكن ان تطرح في وقت مضى ، طالما انها لم تنتج عن مشكلة سابقة . فالمجتمعات كائنات حية تتطور و تمرض و تواجه المشكلات . و لكل مشكلة حل يتناسب مع ظروف و خصوصيات المرحلة التي تعيشها تلك المجتمعات . ولو كان في العودة الى السلف الصالح حلا للمشكلات الحديثة على المجدتمع ، لكان قثما القرشي طرح تصورات اجداده ،و من سبقه من مصلحين اجتماعيين ، او كهنة سابقين ليحل مشكلة الفوضى و الظلم و اللاعدالة في عصره . او لكانت وكالة ناسا استخدمت القصب و الحبال لقياس المسافة بين الارض و القمر . او لكان زملاء آينشتاين من علماء الفيزياء استخدمو ا المتر لقياس سرعة الضوء .
ان كل حضارة ، لا بد لها لحل مشكلاتها ، من ابتكار ادواتها الخاصة و المناسبة مما توصلت اليه من تقدم و رقي علمي و اجتماعي ، اي مدني و ثقافي على حد سواء . و التشبه بالسلف الصالح ، ليس الا عودة الى الخلف، و استخدام ادوات فقدت صلاحيتها العلمية .

مقو مات الحضارة :
------------------
من يدرس مقومات قيام الحضارات القديمة يكتشف انها قامت على اساس ما ، و قد يكون هذا الاساس اخلاقيا ، لاكنه ليس بالاساس الوحيد او الأكثر ضرورة لقيام حضارة و انتشارها افقيا . فلا بد للحضارة من اساس مادي ، الا وهو اقتصاد قوي يتميز عن بقية الاقتصادات التي حوله ،باتساعه و قوته و استمراريته . ولا بد لها من حامل ينقل تلك الحضارة نحو الخارج ليلاقح بها الحضارات المجاورة ، اذا وجدت ، فيستفيد منها او يفيدها . و هذا الحامل هو القوة العسكرية . فنجد مثلا ان الحضارة اليونانية سبقت الاقتحام اليوناني للعالم و نشر الامبراطورية اليونانية . كما نجد ان الفكر الاسلامي ، عبر الثورة المحمدية ،كان قد سبق ارسال الجيوش العربية لفتح الامصار . و ينطبق هذا المنهج على كل الحضارات دون استثناء .

اذا فاقامة الحضارة يلزمها ابداعا فكريا متميزا ، قادرا على طرح حلول تاريخية ، لازمات تاريخية . كما يلزمها قدرة اقتصادية ، نسميها اليوم ، تمويلية ، تساعد تلك الحضارة على النمو و التطور . ثم لا بد هناك من نشر جيوش و طاقات جبارة متميزة بقوتها ،و و قادرة على نشر فكرها و تنمية اقتصادها على حساب الدول ، او الحضارات المجاورة . و لهذا فلا غرابة ان نجد ان الولايات المتحدة الامريكية ، قد سبقت العالم الاوروبي في نشر فكر سياسي و اجتماعي متطور و معاصر ، ثم كانت اكثر قدرة اقتصادية ، لدرجة انها اقامت مشروع مارشال الذي انقذ الاوروبيين منالمجاعات بعد الحرب العالمية الثانية . ثم كان لامريكا تلك الاساطيل الثمانية التي تمخر العالم لتفرض عليه المشاريع الامريكية ،و النموذج الامريكي في الفكر السياسي .

تحياتي .

[/quote]




:Asmurf:

Array
لا اعلم لماذا وضعت العرب في صف الصين وروسيا ضمن حضارة شرقية واحدة!. لا ارى هناك اي تقارب بين هذه الشعوب من ناحية الحضارات او العادات او حتى من ناحية الموقع الجغرافي.

ارى ان الصين وروسيا والعرب يسيرون بخطوط مختلفة تماماً و لهم حضارات مستقلة عن بعض.
:redrose:
[/quote]

العزيز تمثال الحرية تحياتي:97:
شخصيا وضعت مؤشرات من اجل رؤية وجهات نظركم. وبإعتقادي، فالحضارة الشرقية لديها مقومات مشتركة ينطبق الكثر منها علينا ايضا، وبالذات تجاوز الفرد، والاهتمام بالشخصية الجماعية والقيادة الفردية وعبادة القائد، والسمات الابوية للقيادة.
واليوم، وبفضل وصول الروس والصينين الى بنية اقتصادية اكثر تقدما، اصبحوا على ابواب تحولات ثقافية جديدة ستجعلهم على اعتاب الدخول في الحضارة الغربية ، في حين نبقى نحن ضمن الحضارة الشرقية الزراعية..

هذه رؤيتي الشخصية للامور

Array
موضوع اكثر من رائع وكم كنت اتمنى لو اسهبت قليلاً في حضارة الجزيرة العربية بالذات. الكثير هنا يتحدث عن الحضارات الاسلامية ويتم ربطها بالعروبة. خذ مثلاً الحضارة العربية في العراق البعض يتحدث ان ذلك يعود لخروج بعض العرب من الجزيرة وهجرتهم الى العراق. البعض ايضاً يربط الفتوحات الاسلامية بقياديين عرب خرجوا من الجزيرة العربية.
[/quote]

حسب وجهة نظري، فالجزيرة العربية لاتملك حضارة، إذا اعتبرنا ان الحضارة هي تقديم انجاز بالمقارنة مع زمنها، من حيث انها ابدا لم تكن في موضع متقدم انجازيا وثقافيا. تعرضت الجزيرة العربية لتأثيرات حضارة اليمن ومن قبلها لحضارة السومريين في البحرين وعُمان، ولكن لم تصل الجزيرة العربية ابدا الى مستويات التأثير وكانت دائما مقادة ولست قائدة.
والاسلام لم يكن انجازا متجاوزا لانجازات الاخرين، إذ انه والى حد كبير نسخة اخرى عن اليهودية، ولكنه نسختنا، وهذه هي افضليته الوحيدة.
وشخصيا لاارى الحضارة في العراق او سوريا او مصر، في عهد الامويين والعباسيين كحضارة عربية، وانما حضارة الشعب الذي كان موجود قبل الفتح، فالفاتحين كمجموعة ثقافية لم يتمكنوا من خلق حضارة في معقلهم الاصلي، وبالتالي فقد استفادوا من التفوق الحضاري للشعوب المفتوحة ليفرضوا انفسهم قادة عليهم، ويحوزوا على السمعة. تماما كما اننا لانستطيع ان نقول ان الحضارة الامريكية اصبحت عربية لمجرد فوز عربي بالانتخابات (مثلا).

ان فضل الحضارة الاموية والعباسية ليست " للقادة العرب" وانما بالرغم من ان القادة عرب.

يااخ Awarfie :o
خلي التعليق لباجر، شايفه راح يكون طويل:9:

Array
حسب وجهة نظري، فالجزيرة العربية لاتملك حضارة، إذا اعتبرنا ان الحضارة هي تقديم انجاز بالمقارنة مع زمنها، من حيث انها ابدا لم تكن في موضع متقدم انجازيا وثقافيا. تعرضت الجزيرة العربية لتأثيرات حضارة اليمن ومن قبلها لحضارة السومريين في البحرين وعُمان، ولكن لم تصل الجزيرة العربية ابدا الى مستويات التأثير وكانت دائما مقادة ولست قائدة.
والاسلام لم يكن انجازا متجاوزا لانجازات الاخرين، إذ انه والى حد كبير نسخة اخرى عن اليهودية، ولكنه نسختنا، وهذه هي افضليته الوحيدة.
وشخصيا لاارى الحضارة في العراق او سوريا او مصر، في عهد الامويين والعباسيين كحضارة عربية، وانما حضارة الشعب الذي كان موجود قبل الفتح، فالفاتحين كمجموعة ثقافية لم يتمكنوا من خلق حضارة في معقلهم الاصلي، وبالتالي فقد استفادوا من التفوق الحضاري للشعوب المفتوحة ليفرضوا انفسهم قادة عليهم، ويحوزوا على السمعة. تماما كما اننا لانستطيع ان نقول ان الحضارة الامريكية اصبحت عربية لمجرد فوز عربي بالانتخابات (مثلا).
ان فضل الحضارة الاموية والعباسية ليست " للقادة العرب" وانما بالرغم من ان القادة عرب.
[/quote]

عزيزي طريف ، اقرأ القرءآن من جديد ، ان كان قد سبقت لك قراءته . و تمعن في طروحاته ، حول حضه المؤمنين على التآلف بين القبائل بعد ان كانت متفرقة . و حول المساواة ،و حول لا فضل لعربي على اعجمي ،و حول الحض على عتق العبيد ،و حول اشياء كثيرة كانت عظيمة و رائعة ، بمثابة شرعة حقوق الانسان الامريكية ، في ذلك العصر . و هذا ما شرحته في مشاركتي اعلاه، عن الفكر الحضاري الذي يسبق الفتوحات . فقد طرح قثم القرشي عبارته المتميزة ، منذ 1400 سنة ، اذ قال "انما انا بشر مثلكم " ، فهو لم يدعي الوهية ،و لم يدعي تميزا سوى بالاعمال الطيبة . وهوالذي ساوى الناس ببعضهم ،و هو من قال لهم بانهم سواسية كاسنان المشط . وهو الذي قال ، " لو ان فاطمة سرقت لقطعت يدها " ...الخ . فهل كان أي قائد في تلك المرحلة، من الحضارات المجاورة، ليقول هذا ؟ و هل قال هيروهيتو (اله الشمس)، امبراطور اليابان لشعبه ، انما انا بشر مثلكم . و هل طالب حاكم او مصلح اجتماعي منذ 1400 سنة ، غير قثم القرشي باعتاق العبيد ،حتى ولو عبر ترك الخيار للمسلم ان ينفذ، او لا ينفذ مع تمتعه بالافضلية في حال التنفيذ . اولم يطرح الاسلام المحمدي في بدايته طروحات حضارية متميزة ، تم نشرها بعد عقود عبر الجيوش و الفتوحات ؟ ربما تقول لي ، نعم فعلها سبارتاكوس، لكني اقول ، ان سبارتاكوس لم يكن سوى متمرد فاشل ،و لم تكن بيده القدرة الشرعية و الروحية و الدنيوية التي تمتع بها قثم ، لينفذ ما يطالب به .و يكفينا ما قيل عن قثما القرشي اذ قال ، انما جئت لاتمم الاخلاق ...لنعرف انها خلاصة كل ما طرحه من ابداع فكري متناسق و منتظم ، حتى ولو ان قثما كان قد استفاد من الحضارات المجاورة . فالحضارات تتلاقح ،و لا تخرج من العدم .
و لهذا نصل الى ان الحضارة الاسلامية كانت عربية في بدايتها ثم تطورت افقيا على يد بقية الشعوب و الاثنيات التي تبنت الاسلام .و بما ان الثورة المحمدية انطلقت من الجزيرة العربية ، فهذا معناه ان الجزيرة العربية في وقت ما ، كانت ذات حضارة و كانت قائدة ، دون شك .و الاسلام قد تجاوز اليهودية و المسيحية ، رغم انه خضع للمؤثرات البيئية الثقافية لشبه الجزيرة العربية و خصوصياتها .
و الحضارة العربية امنتدت بالقوة عن طريق الامويين ،و عندما استقرت الامبراطورية بدأت تمتد سلميا و تتوسع في عصر العباسيين . اما ان نقول بان الحضارة بناها اهل الشام من البيزنطيين ،و الفرس ، فتلك مغالطة ، حتى ولو نمت عن قلة معرفة .فلولا معاوية لما كانت هناك " ذات السواري" ، المعركة التي قضت على اسطول الروم ، و كرست السقوط البيزنطي بقوته العسكرية ،و ثقافته الوثنية العبودية ، في بلاد الشام ، و بداية المد الثقافي و العسكري الاسلامي ،و العربي ، في ذلك الحين . اذ ان النفوذ غير العربي لم يبدأ عمله الا في العصر العباسي .
بالمناسبة ، الحضارة الامريكية ما كانت لتقوم لولا الاساس الانكليزي ،و الدين اللوثري ، البروتستانتي . فامريكا اقامت حضارتها على اساس حضاري أوروبي انكليزي ، لكن هذا لا يقلل من الحضارة الامريكية التي غزت العالم باسم امريكا وليس باسم انكلترة .

تحياتي .


:Asmurf:

Array
عزيزي طريف ، اقرأ القرءآن من جديد ، ان كان قد سبقت لك قراءته . و تمعن في طروحاته ، حول حضه المؤمنين على التآلف بين القبائل بعد ان كانت متفرقة . و حول المساواة ،و حول لا فضل لعربي على اعجمي ،و حول الحض على عتق العبيد ،و حول اشياء كثيرة كانت عظيمة و رائعة ، بمثابة شرعة حقوق الانسان الامريكية ، في ذلك العصر . و هذا ما شرحته في مشاركتي اعلاه، عن الفكر الحضاري الذي يسبق الفتوحات . فقد طرح قثم القرشي عبارته المتميزة ، منذ 1400 سنة ، اذ قال "انما انا بشر مثلكم " ، فهو لم يدعي الوهية ،و لم يدعي تميزا سوى بالاعمال الطيبة . وهوالذي ساوى الناس ببعضهم ،و هو من قال لهم بانهم سواسية كاسنان المشط . وهو الذي قال ، " لو ان فاطمة سرقت لقطعت يدها " ...الخ . فهل كان أي قائد في تلك المرحلة، من الحضارات المجاورة، ليقول هذا ؟ و هل قال هيروهيتو (اله الشمس)، امبراطور اليابان لشعبه ، انما انا بشر مثلكم . و هل طالب حاكم او مصلح اجتماعي منذ 1400 سنة ، غير قثم القرشي باعتاق العبيد ،حتى ولو عبر ترك الخيار للمسلم ان ينفذ، او لا ينفذ مع تمتعه بالافضلية في حال التنفيذ . اولم يطرح الاسلام المحمدي في بدايته طروحات حضارية متميزة ، تم نشرها بعد عقود عبر الجيوش و الفتوحات ؟ ربما تقول لي ، نعم فعلها سبارتاكوس، لكني اقول ، ان سبارتاكوس لم يكن سوى متمرد فاشل ،و لم تكن بيده القدرة الشرعية و الروحية و الدنيوية التي تمتع بها قثم ، لينفذ ما يطالب به .و يكفينا ما قيل عن قثما القرشي اذ قال ، انما جئت لاتمم الاخلاق ...لنعرف انها خلاصة كل ما طرحه من ابداع فكري متناسق و منتظم ، حتى ولو ان قثما كان قد استفاد من الحضارات المجاورة . فالحضارات تتلاقح ،و لا تخرج من العدم .
و لهذا نصل الى ان الحضارة الاسلامية كانت عربية في بدايتها ثم تطورت افقيا على يد بقية الشعوب و الاثنيات التي تبنت الاسلام .و بما ان الثورة المحمدية انطلقت من الجزيرة العربية ، فهذا معناه ان الجزيرة العربية في وقت ما ، كانت ذات حضارة و كانت قائدة ، دون شك .و الاسلام قد تجاوز اليهودية و المسيحية ، رغم انه خضع للمؤثرات البيئية الثقافية لشبه الجزيرة العربية و خصوصياتها .
و الحضارة العربية امنتدت بالقوة عن طريق الامويين ،و عندما استقرت الامبراطورية بدأت تمتد سلميا و تتوسع في عصر العباسيين . اما ان نقول بان الحضارة بناها اهل الشام من البيزنطيين ،و الفرس ، فتلك مغالطة ، حتى ولو نمت عن قلة معرفة .فلولا معاوية لما كانت هناك " ذات السواري" ، المعركة التي قضت على اسطول الروم ، و كرست السقوط البيزنطي بقوته العسكرية ،و ثقافته الوثنية العبودية ، في بلاد الشام ، و بداية المد الثقافي و العسكري الاسلامي ،و العربي ، في ذلك الحين . اذ ان النفوذ غير العربي لم يبدأ عمله الا في العصر العباسي .
بالمناسبة ، الحضارة الامريكية ما كانت لتقوم لولا الاساس الانكليزي ،و الدين اللوثري ، البروتستانتي . فامريكا اقامت حضارتها على اساس حضاري أوروبي انكليزي ، لكن هذا لا يقلل من الحضارة الامريكية التي غزت العالم باسم امريكا وليس باسم انكلترة .

تحياتي .
:Asmurf:
[/quote]


مشاركة قيمة ولكن من تقصد بــ قثم.

عزيزي آورفاي
اشكرك على هذه الاضافة القيمة. في نفس الوقت لابد من الاشارة الى ان مفهوم الحضارة اعقد من تعريفه بتعريف مبسط، بالذات لانه مفهوم متحرك. في الايام الاولى كان يكفي لانتقال الانسان من البداوة الى التمدن للقول بنشوء الحضارة، في حين عندما اصبحت جميع الجماعات " متحضرة" اصبح يشار الى الحضارات المتميزة تحديدا بتعبير " الحضارة".



ومن السمات المميزة للحضارة بالمقارنة مع المجتمعات الغير حضارية ( على الرغم من انها مجتمعات متمدنة) ، يشار الى التالي:
1- الانجاز الزراعي
2- الانجاز في التصميم والديكور المعماري
3- الانجازات اللغوية (الكتابة والتأليف والحساب).
4- الانجاز في الاقتصاد والتبادل التجاري
5- الانجاز في التنظيم الديني.
6- الانجازات في التنظيم الدفاعي والعسكري
7- القدرة على الابداع
8- مستوى التعليم واشكاله

والحضارة صفة عامودية وافقية. عند الاشارة الى الحضارة الامريكية، مثلا، نقصد بذلك منذ تأسيس الولايات المتحدة الامريكية وحتى اليوم، وهو المعنى العامودي، في حين عندما نريد ان نتكلم عن حضارة امريكا اليوم، وهو المعنى الافقي، فنقول الحضارة الغربية. من هنا نرى اختلاف في تصوير الوضع الحضاري لشعب محدد، واهمية استيعاب المصطلحات، وهو امر لايعار اهمية في المنطقة العربية " حضاريا".

الامر ذاته يواجهنا عندما نتكلم عن الحضارة العربية والحضارة الاسلامية، إذ ان كل منهم مفهوم يختلف عن الاخر، على الرغم من ان التعليم في الدول القومية مثل سوريا، يحاولان الايحاء ان المعنى واحد من اجل تحصيل نقاط حضارية مجانية.

الحضارة العربية (!)، كانت قبل الاسلام واستمرت بعده في المنطقة العربية اثنيا وثقافيا. في ذات المنطقة نشأ القرآن وبالتالي يمكن القول انه ينتمي (عاموديا) الى الحضارة العربية. غير ان القرآن وحده كأنجاز ثقافي ، لايمكن ان يكون اساسا للقول بنشوء حضارة عربية، من حيث ان القرآن كان بداية الحقبة الاسلامية، ولايصف العرب عاموديا. والعرب ( كحالة اجتماعية) لم يكونوا في حالة حضارية قبل الاسلام إذ ان سمات الحضارة كانت تنقصهم بالقارنة مع الحضارات السائدة في ذلك العصر، ولذلك لايقال الحضارة العربية ويقصد بها الفترة ماقبل الاسلام.

والقرآن، إذا كنا سنعتبره لوحده يحقق كل سمات الانجازات الحضارية، لايمكن ان يخلق عن فراغ، في حين نعلم ان القرآن هو اقتباس كامل عن الثقافة اليهودية والارامية وليس انجازا عربيا الا من خلال التعريب.

ومابعد القرآن نشأ مايسمى بالحضارة الاسلامية، وهي حضارة غير عربية وانما تمكن العرب من احتلال المناصب العليا في الحضارات الرائدة في ذلك الوقت، وتمكنوا من " تعريب الحضارات القائمة" ولم يخلقوا حضارة جديدة. وسقوط هذه الحضارة يؤدي الى انتهاء " بالحضارة الاسلامية" عاموديا وافقيا، إذ انها انتهت من الوجود اليوم كليا، لربما بفضل العوامل التي جلبها البدو اليها.
اليوم لاتوجد " حضارة اسلامية"، مع ان الثقافة الاسلامية لازالت موجودة. كما لاتوجد حضارة عربية لاافقيا ولاعاموديا، والقرآن نتاج ثقافي عربي في تلاقحه مع حضارات العالم المتقدمة في ذلك الوقت، وليس " حضارة عربية".

إن ماتفضلت بطرحه عن فكر قثم، لم يكن انتاجا عربيا، وانما مستورد من الحضارات المجاورة التي كانت تشكل طموح قثم، على العكس مما لوتكلمنا عن " شريعة حمورابي" مثلا، التي تشكل تعبيرا عن (حضارة)، والامر ليس كذلك مع القرآن. واليوم نرى ذات الامور تتكرر. لايمكن ان نقول ان هناك حضارة " دبي" لمجرد ان البدو تمكنوا من دفع فاتورة مستورداتهم.

ولهذا السبب بالذات لايمكن القول اننا على طريق الحضارة، إذ لازال ينقصنا فهم المعنى المحوري في الحضارة: القدرة على الانجاز المتميز الخلاق والذاتي، وهو امر، وعلى الرغم من ان قثم (كفرد) تمكن من تحقيقه الا انه حرمه على اتباعه، ليموت سريعا.