{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري
Super Moderator
المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
|
فلورنس غزلان
على المعارضة السورية أن تعيد النظر بسياستها
حاولت المعارضة مد يدها للنظام أكثر من مرة لكنه أنكر عليها حتى وجودها
تنقلب الموازين ويتغير المشهد السياسي في المنطقة يوماً بعد يوم, وكله يصب في مصلحة أنظمة الاستبداد "وأنظمة الثبات والاستقرار" وفق المنطق الغربي الداعم على الدوام لمثل هذه الأنظمة ومن خلال سبر معمق للأحداث الساخنة التي مرت بها الساحة العربية وتحديدا بعد الاحتلال الأميركي للعراق وأفغانستان والحرب على الإرهاب وما تلاه من حرب على غزة, نستنتج أن فشل السياسة الأميركية والأوربية كذلك في المنطقة أدى إلى ضعف كل المعارضات وسحقها نتيجة لصمت, المنظمات الانسانية ومؤسسات المجتمع المدني في دول تدعي الديمقراطية وتطالب بانتشارها, على عمليات القمع والاضطهاد التي مورست ضد مناضلين ومناضلات ومازالت تمارس ضد شعوب عاشت الظلم والعسف لعقود طويلة وكيف يمكننا ألا نعتبر أن سياسة بوش بالذات كانت سببا جوهرياً وخراباً إنسانياً لكل تطور وتحديث ولكل نمو اقتصادي وتقدم سياسي باتجاه الحق الانساني وحرية البشر, وقد غدت الديمقراطية التي سعى بوش نفسه إلى نشرها من خلال القوة وحرمان الشعوب من الحرية علكة تمضغها أنظمة الاستبداد وبعبعاً يخيف الشعوب كي لا تقع ضحية الاحتلال والاستغلال وتؤثر أن تبقى أسيرة أنظمة ديكتاتورية من جلدتها على أن تعود إلى عصور خلت من خلال التفتيت والتشرذم والغرق بحروب أهلية وطائفية غذتها الأنظمة القائمة وتغذيها لتجعل من نفسها المنقذ والموحد والجامع لما هو " وطني"ً!. وفق المفهوم المتداول وإن لم ينطبق على الواقع.
هل تعني المعارضة أن نعارض النظام في كل مايطرح وكل مايقول ويمارس? أم أنها محاولة مستمرة ودؤوبة لتصويب الخطأ المرتكب من جانب النظام كما من جانبها هي بالذات? وأن عليها أن تقيس وتزن حجمها ومقدار تأثيرها ومايمكنها أن تكسب وأن تخسر في أي موقع وأي مجال مطروح للبحث وخصوصاً في القضايا الساخنة داخليا بشكل رئيس ومناطقيا عربيا بشكل ثانٍ, ومن ثم على صعيد العلاقات العالمية والمصالح المتبادلة بين الدول والحكومات, والتي يتم على الغالب فيها تجاوز قضايا المعارضات وتجاوز قضايا الحريات وحقوق الإنسان وتمرير العلاقات الثنائية على حساب المبادىء والقواعد الأخلاقية والإنسانية, لأن الثابت في تجارب الشعوب, أن السياسة غالبا ماتفتقر للخلق ويتم التعاطي مع المصالح بمعزل عن الأخلاق والضمير لحساب التجارة والمكاسب والاستقرار في بؤر يخشى من اشتعالها ويخشى من تردي حالها حتى لو خدم هذا التردي مصالح الشعوب لتنهض من كبوات طويلة وللخلاص من ديكتاتوريات عششت وثبتت أقدامها من خلال التحاور وتبادل المنافع . لهذا تقف على الغالب هذه الدول وتنظر إلى حركات النهوض من ثقب إبرة صغير من دون أن تلقي لها بالاً وتغمض على الغالب عيونها( الديمقراطية)! وتصاب بالعمى من أجل تمرير صفقة أو منفعة للدولة الأقوى ويصبح مصير شعوب الدول الفقيرة والمضطهدة أمراً ثانوياً ومؤجلاً في حسابات وقوائم مشاريعها الأهم لضمان مستقبل ونهضة أممها الأكبر والمتحكمة بسوق الدنيا وسوق السياسة.
ثم أن المعارضة ذات العمق الداخلي وهو الأهم والمرجع عليها أن تحسم أمرها وتدرس مواقعها وتموضعها وتحالفاتها وتأثيرها في ما يمكن إنجازه والوصول إليه من خلال تواصلها مع الإنسان المواطن باعتباره المركز والمحور في الاستقطاب والحركة والهم الحاضر والمستقبل. وهل خطابها السياسي يصب فعلا في الممكن? أم أن سيفها أطول من قامتها? هل تبحث في الممكن أم عن المستحيل?
وهل تحرص على تجنيب كوادرها المهمة والفاعلة وحمايتهم من الوقوع في أخطاء أو ارتكاب مواقف غير مدروسة يمكن أن تكون فيها أكثر حذراً ومرونة وتقديرا للعواقب لتضمن التواصل بينهم وبين المواطن وتحملهم مسؤولية نقل هموم هذا المواطن إلى النور والعلانية وتبني قضاياه الاقتصادية والسياسية, والتركيز على معاشه اليومي من خلال الاهتمام بطيفه الأوسع طيف الشباب والمرأة , وإن كان هذا الفعل أقل مردوداً من المأمول لكنه باعتقادي, يمكن أن يكون أكثر ضمانا للنتائج وإن جاء بخطوات أصغر ونسبة أقل, لكنه أليس أفضل من الانحسار الكامل واستمرار القمع وتواصله لكل كوادر المعارضة ولكل نشطائها?
المعارضة بكل أطيافها ( قومية, يسارية, ليبرالية, إسلامية) يجب أن تعمل وبجد إن كانت فعلا تريد البقاء وتسعى إلى التأثير وايجاد دور لها في تقرير مصير الوطن ونقله نحو آفاق الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية عليها أن تعيد النظر في خطابها, أن تصلح ذاتها, برامجها, فقد أثبتت هزالة فعلها وهشاشة قوتها , لا أنكر ما تعرضت له وعبر عقود من قمع وتنكيل وتشتت وتناحر بينها وفيما بينها وبين النظام, لكنها اليوم أحوج ليس للملمة شتاتها فقط , فهذه اللملمة على مرض لا تنوي أن تعود لتظهر وتطفو فوق سطحها الكثير من الطفيليات والكثير من الأخطاء وربما تستفحل بشكل لن يسمح بعد لأخطاء جديدة , لأن الزمن والتاريخ ليس لمصلحتها ولا لمصلحة التطور والحداثة, إصلاح البيت بأساساته وبنائه وطريقة هندسته وجيرانه " تحالفاته" والأهم ما يحويه بداخله من مواد أساسية للعيش بكرامة, كل هذا تحتاجه كل الأحزاب وكل الأطياف السياسية على الساحة السورية خصوصاً, من دون تمييز لأحد ومن من دون تمَيُز أحدها عن الآخر, فكلها تحتاج لترميم.
فقد استوطن الخوف إنسانها أي المواطن السوري الخائف والمرعوب والمجوع والمقصى عن الفعل واللاهث وراء اللقمة دون أن يدركها والناسي أو المتناسي لحريته , فهل أفلحت المعارضة في فهمه?
هل فهم خطابها مايريد? هل استوعب خطابها المرحلة وقرأ الداخل الوطني بتمعن?
حاولت المعارضة مد يدها للنظام أكثر من مرة, لكنه أنكر عليها حتى وجودها, كما ينكر وجود أي مواطن يتحدث بالسياسة, لكن رغم كل شيء لابد من وجود وسائل تواصل, ربما تكون واهنة وضعيفة , لكن المرحلة الآن تتغير بسرعة وتنقلب موازينها بشكل مذهل ومخيف...والمعارضة غارقة في التنظير, وفي همومها الخاصة, ولن تقف عجلة الحدث لتنتطرها حتى تنهض وتلحق بركب حياة الانسان , الإنسان السوري ومصلحته أولا وأخيراً.. يجب أن يتصالح المواطن السوري مع نفسه معارضاً أم غير معارض, أن ينفتح على جاره وصديقه في الهم الوطني لا اعتقد على الإطلاق أن سورية تحوي بين جنباتها من يخون الوطن, ربما اتهَم النظام وكال الكثير لكل معارضيه, لكنه يعلم يقيناً أن معارضيه هم أشرف وأنبل بني البشر, وليس بينهم من يريد أن يغير من الخارج وعلى يد الخارج يريد للوطن والمواطن حياة أفضل وأرحب وكرامة مصانة داخل حدود وطن لا يستباح ولا يستهان به.
هل سيدرك النظام يوماً حجم وهول ما يرتكبه بحق أبنائه?وهل سيدرك المعارض كيف يبدأ ? ومن أين يبدأ? فأن يأتي متأخراً خير من أن لا يأتي أبداً
فلورنس غزلان
|
|
04-25-2009, 10:00 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري
Super Moderator
المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
|
فلورنس غزلان
عيد بأي حال عدت ياعيد؟ "بمناسبة الأول من مايو"
نسبة البطالة في العالم العربي تعتبر أعلى نسبة في العالم وتتراوح بين 15 و 20 في المئة
في يوم كهذا أي " عيد العمال العالمي" لابد لنا من وقفة أمام شريط الأحداث التي دارت وتدور من حولنا خلال عام أو أكثر, ولابد لنا من التساؤل عن الكم الهائل والحجم الضخم للتراجع والخراب, الاقتصادي, الاجتماعي, السياسي, بل والسلام والأمن العالمي والمناطقي العربي تحديداً, ولا يمكننا إلا أن نعلن الفشل, ليس فشلنا كشعوب بقدر ماهو فشل أنظمتنا التي لم نخترها في إيصالنا إلى حافة اليأس, وأن بيننا وبين الموت جوعاً أو اغتيالا, أو قتلاً , في الأقبية وخلف القضبان أو برصاصة طائشة اعتقد أن موتي سيمنحه الجنة.
في العراق حرب طحنت ماينيف على مليون إنسان, ورملت آلاف النساء وكانت حصيلتها مليونين ونصف المليون يتيم! واعتقدنا أنها تعقلت, لكننا نرى أن بينها وبين العقل مسافة كبيرة لم تقطعها بعد.
في أفغانستان وباكستان القريبتين منا, والتي ترسل إلينا الكثير من طوابير السلف المتخرج على أيدي "طالبانها", يخيفنا استفحال حربها واتساع رقعة ابن لادن و "طالبان" فيها, ونخشى امتداد سعيرها ليزرع خرابا ويحصد أرواحاً.
¯¯ في إيران الجارة "الغيورة على مصالحنا أكثر منا"! والتي يعترف نجادها في حديث الى صحيفة غربية بأنه لن يعارض ما سيقبله الفلسطينيون بإقامة دولتين, فيتنازل فجأة عن نية تدمير إسرائيل!وهذا إكراماً لعيون الحوار مع أميركا طبعاً, وقد اعتدنا أن يتخذ نجاد من القضية الفلسطينية مطيته الصالحة للمناورة وكسب النفوذ والوقت على حساب الدم العربي, من دون أن نسمح لنجاد باستغفالنا في ستراتيجيته السياسية التي تحمل الخبطات الصحافية وتذكرنا بشقيقنا الزعيم الليبي فنتذكر , تصريحات أذرعته ومهندسي سياسته التي لم تبرد بعد أن : الجزر الثلاث ليست إماراتية ولن تعود لأنها جزء لا يتجزأ من الدولة الايرانية! وقبلها بقليل أن البحرين محافظة إيرانية! ثم يعود لمحاولة تطييب خاطر البحرين بكلمات مدهونة ومعسولة! ويهدد وينفش ريشه بأنه قادر على كسر شوكة كل من يفكر بالاعتداء على إيران, يهدد بقطع طريق البترول وإغلاق "هرمز", ثم يضع يده على مضيق باب المندب من خلال إقامة قواعد عسكرية في مدينة عصب الإرتيرية, والقادم أعظم فابشروا ياعرب. أقسم أني لا ألومه, بل أعتقد يقيناً أنه يعمل لمصلحة وطنه ومستقبل أمته. أن يكون ديكتاتوراً, فهو على الأقل جاء نتيجة اختيار وانتخاب الشعب الإيراني له, ولن أنتقد الانتخابات في بلاده,, لأننا نحن السوريون على أقل تقدير, لانعرف للانتخابات طعماً ولا لوناً ونفهم بالاستفتاءات فقط!.
¯¯ العرب لاحول لهم ولا قول ولا طول أيضاً, كلهم يخشى المد الإيراني, وكلهم يحاول التلطي وايجاد المبررات والحجج, والجميع من الضعف والهزالة بشكل لايقوى على رد عدوان صغير على أرضه فكيف سيقف بوجه النووي الإيراني , أو بوجه عدوان جديد إسرائيلي? لو حصل طبعاً, يملكون الأموال والامكانات ليكونوا قوة, ويشترون السلاح ويخزنونه, لكنه يصدأ من قلة الاستعمال وانعدام الخبرات, يجيدون حمل المسدسات في وجه المواطن وسحب الدبابات إلى شوارع المدن حين تنهض وتعترض, لكنها لا تسحب لتحرر ولا لترد عدواناً!..
جميع الأنظمة تخاف مواطنها وتُخَّوِنه , تخونه بالانتماء لها لا للوطن, يُتهم ويُدان قبل المحاكمة ,يسمح له بفتح الفم للأكل والضحك أمام التفاهات وأمام خيباته وفقره فقط. أنظمة تنصب همومها في بقائها , وبقائها يعني انفصالها التام عن شعوبها, فكيف تستطيع أن تواجه مايعترض أمنها واقتصادها طالما أنها ترى عدوها الأول يقبع داخل رأس مواطنها?
فتعمل على تجويعه وتركيعه ثم تطويعه بقوانين أكثر بطشاً من سلاسل الحديد, لأنها قوانين عسكرية طوارئية ذات محاكم استثنائية لها قدرتها العجائبية التي أثبتتها خلال ماينيف عن عقود أربع في سورية مثلا , حيث استمر نظامها الثوري وتربع , كما تعمل على إغراق البلاد بالفساد والمفسدين لتضمن الولاء ومن بعده الاستمرار والاستقرار!
الحوار الفلسطيني ¯¯ الفلسطيني يتأرجح بين شد وجذب وإن وصل الى نتيجة , فلا أعتقد أنه ستكتب له الحياة طويلا, لأن اللاعبين به كثر وأصحاب المصالح فيه لا تتوقف أصابعهم عن التدخل وتخريب أي تقارب , أما الحل المنتظر لإقامة دولتين كما تم الاعلان عن هذا الأمر أميركياً, ورغم تمنياتنا وآمالنا في أن يرى النور ويصبح حقيقة واقعة, لكن كل المعطيات وبعد مجيء بنيامين نيتانياهو وليبرمان في حكومة واحدة ودون أن يتوقف بناء المستوطنات , ومن دون أي امكانية لتواصل المدن والقرى الفلسطينية فيما بينها, حتى لو قامت دولتها في الوضع الجغرافي المرسوم اليوم إسرائيلياً يستحيل وجوده ككيان وتستحيل تشكيلته كدولة, و ربما يدفع بحكومة إسرائيل الجديدة والرافضة الحل أيضاً الى افتعال حرب جديدة, خصوصا وأن هناك الكثير من المحاور القابلة للتحريك والتي تسعى الى كسب المواقع, إيران تسعى الى تثبيت دورها ونفوذها في المنطقة كقوة, فتفتعل حروبا عربية إسرائيلية خارج أرضها ودون خسارة دماء أبنائها, وفي النهاية تخرج منتصرة, وإن حاربتها إسرائيل , فستدفع كذلك بإشعال فتيل يأكل الأخضر واليابس في المنطقة , وبهذا تضمن أن الخسارة لن تقع عليها وحدها, وربما تجعل الدول ترضخ لمطالبها وللتعامل معها كزعيمة مثيلة , وهذا مابدأ يظهر على السطح.
الحكومات العربية تزداد ضعفا وانهيارا وتشرذماً, لدرجة أنها لا تحتمل أي تحد ولا أي تهديد حتى لو كان من منظمة صغيرة إرهابية أم غير إرهابية, وبوادر التصالح تسير ببطء السلحفاة , لأن الحكومات نفسها لم تتصالح مع شعوبها فكيف ستتصالح فيما بينها وتقيم ستراتيجيات سياسية ناجحة تصب في مصلحة اقتصادها ومصلحة تطورها وتخدم قوتها? فالقوة الاقتصادية والوحدة الوطنية الداخلية بين فئات الشعب وتنظيماته ومع الحكومة القائمة هي مايصنع القوة السياسية ويفوت أي محاولات خرق وتلاعب في المصالح, وفي فرض حلول لا تخدم مستقبل المنطقة وتطورها وتنمي علاقاتها مع بعضها ومع الآخر باحترام متبادل للسيادة وللقوانين الدولية.
عيد للعمال في الفاتح من مايو! ,أي عيد للعمال والعاملين في حقول الانتاج والابداع ? الجميع ينتابه الخوف والرعب من الغد أو من البريد وماسيحمله معه من مفاجآت, فالأزمة العالمية تكبر وتتسع رقعتها لتطال أول ما تطال الغالبية العظمى من العمال في معاملهم, ومن عمليات التسريح والإغلاق التام لمصانع عملت لعقود خلت وباتت اليوم تزحف غير قادرة على الاستمرار, البعض منها وصل فعلا لهذه النتيجة, والبعض الآخر اتخذ أصحابه من الأزمة العالمية حجة ومنفذاً ليركب سفينة الرحيل نحو دول آسيا وإفريقيا حيث يجد ضالته في أيدٍ عاملة رخيصة لا تكلفه الكثير ولا تحتاج لقوانين حماية وطبابة أو ضمان اجتماعي وغيره مما يحتاجه العامل في أوروبا, ويجد فيه رب العمل حملا باهظا يجعل من أرباحه اقل ولا يشبع شراهته نحو مزيد من جمع الأموال وارتفاع أرقامها وأسهمها في رصيده البنكي.
على سبيل المثال لا الحصر, وفي بلد كفرنسا وعلى لسان وزيرة الاقتصاد والمال السيدة كريستين لا غارد وفي تصريح رسمي أعلنته قبل ايام .أن عدد العاطلين عن العمل المسجلين في شهر مارس فقط, ما بين 600 و 700 ألف عاطل جديد عن العمل, في حين سجلت الوثائق الرسمية لإدارة طالبي التوظيف في شهر فبراير مايعادل 790 ألف عاطل عن العمل ووصلت النسبة الاجمالية للبطالة في فرنسا إلى 2,38 مليون عاطل عن العمل حتى الآن! والعدد حسب تصريح الوزيرة مرشح للزيادة في الأيام والأشهر المقبلة, وتعتبر أن مانحن عليه لا يمثل كارثة حتى الآن! إنما الكارثة مقبلة لا محالة وتهدد النسبة الكبرى من الشباب بين 18 ¯¯ 30 عاماً, تدرس بشكل يومي كل الوقائع وتحاول الحكومات أن تجد لها الحلول, لكن أي حلول? وماهي آفاقها وآثارها وأبعادها? وهل ستستطيع كل المشاريع الانقاذية أن تنقذ فعلا البيوت والأسر من كوارث تهدد حياتها?
في الأول من مايو ستخرج كل شرائح وقطاعات العمل والانتاج معلنة رفضها لكل القوانين والبرامج المطروحة والتي لن تتمكن من درء المخاطر أو معالجة أسبابها بشكل مقنع أو نهائي والتعبير عن سخطها على محاولات الالتفاف واقناع العاملين بحلولهم الترقيعية, ستشارك كل النقابات الموجودة على الساحة الفرنسية, ولن يكون العمال والمزارعين وحدهم في عيد لا يشبه سواه, بل سيشاركهم الطلاب وأساتذة المدارس من أصغر مرحلة دراسية إلى أعلى المراحل الجامعية كما سيخرج الأطباء بكل اختصاصاتهم والعاملين في المستشفيات, لأن العطالة وإلغاء الكثير من الوظائف المهمة في قطاعي المستشفيات والتعليم خصوصا, يزيد من عجزها عن أداء دورها من خلال إغلاق بعضها أو تقليص الخدمات فيها, مما يؤدي لزيادة في ساعات العمل والضغط على الموظفين! ستموج شوارع باريس والمدن الكبرى بلافتات السخط والاستنكار.
فهل سيستطيع عمال بلادنا التعبير عن سخطهم والاحتجاج عما يطالهم من بؤس وعطالة?حتى هذا غير مسموح به , حتى التعبير عن وجعهم ممنوع, عليهم أن يطيعوا ذوي الأمر منهم, وأن ينحنوا راضين بالموت البطيء!.
للتذكير فقط, ومع أن بلادنا العربية برمتها, ليست لديها أي دراسات واحصاءات دقيقة عن نسبة العاطلين عن العمل , وفق تقرير قديم لمجلس الوحدة الاقتصادية التابع للجامعة العربية, فإن نسبة العطالة في بلاد العرب تعتبر أعلى نسبة في العالم وتتراوح بين 15و 20 في المئة من السكان هذه النسبة تعود لأعوام سابقة حتى عام 2007 وتختلف بالطبع في ارتفاعها وانخفاضها بين دولة وأخرى, فحين تنحسر تقريبا في دول الخليج تصل إلى حدودها العليا في مصر وسورية والمغرب وبالطبع حتى عام 2010 الرقم في صعود لا تعرف نتائجه ولا تحسب دولنا له حساباً, وإن فعلت فهي مجرد حسابات "خنفشارية " تضحك بها على ذقوننا من خلال خططها الخمسية التي لا تنفذ جزءاً يسيراً من بنودها ولا تعود على المواطن العاطل إلا بمزيد من الخيبات.
في سورية لا احصاءات ولابرامج ,هجرة مستمرة للشباب المؤهل وللعقول, عطالة كبيرة وقوانين لا تحمي ولا تنصف ولا تقي من غائلة الجوع سواء على صعيد القطاع العام أم الخاص, مازال متوسط دخل المواطن في القطاع العام يعادل 6000 ليرة سورية, وفي القطاع الخاص 9000 ليرة مع أسعار خيالية تعادل الأسعار العالمية في الدول الأوروبية, وهذه الرواتب لاتشتري خبزا.
عدد سكان سورية اليوم يعادل 22 مليون نسمة, المواليد الجدد سنويا تساوي نصف مليون ولادة مقابل 13 ألف حالة وفاة سنوية, أي أن الزيادة السكانية تعادل مايزيد على 480 ألف مواطن وفم جديد للاستهلاك! كيف تواجه الحكومة هذه النسبة الهائلة والمخيفة للتكاثر? وماهي الموارد المعدة والمصادر الموجودة لاستقبال هذه الأفواه? وماهي المشاريع المدروسة لمعالجة هذا التكاثر ومعالجة الناتج المقبل عنها في المستقبل القريب? اللهم إلا مشروع الأغنية التي تعهدتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من أجل حض المرأة على تحديد النسل ويغنيها المطرب الشعبي ( علي الديك)...فاستمعي يابنة سورية لعلي الديك كي لا تكثري من المواليد!.
ثم لماذا لا يتفتق ذهن وزيرة الشؤون وحصافتها عن أغنية جديدة تعالج النسبة المرتفعة للعاطلين عن العمل? وبهذا يكون لنا سبق الاختراع وايجاد السبل الناجعة في التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية فتسير الشعوب الأخرى على منوالنا غنائياً? فقد غدت مظاهرالفقر تفقأ العين في مدن الصفيح والبناء العشوائي, وفي أعداد الأطفال المتسربين من المدارس, والذين تعج بهم الأسواق ليبيعوك أي شيء ويتعرضون لكل أنواع الانتهاكات. كيف سيحتفل هؤلاء بعيد العمل والعمال? وهل ستشعرهم دولهم وحكوماتهم بأن لهم عيداً ? وستعدهم الاهتمام بقضاياهم?
كيف ستحتفل نساءنا المقتولات باسم الشرف, ونساءنا المعنفات يومياً والمحرومات من أبسط الحقوق الإنسانية في قانون أحوال شخصية وقانون عمل وعقوبات وجنسية وتمييز يمارس بحقهن في الأسرة والميراث , في الزواج والطلاق, وحتى في الموت?
لن يعرف فقيرنا العيد ولن تعرفه نساؤنا ولا أطفالنا ولا شبابنا, إلا حين نصاب بوباء المعجزات, فلماذا يأتينا وباء أنفلونزا الطيور والخنازير والبقر المجنون? ولماذا ينتشر السرطان بين تضاريس أجسادنا? وهل من الممكن بعد أن نصاب بلوثة ثقافية فاعلة, أو صحوة عقلية توقظ نومنا الطويل?
كنا نغني يوماً: "خضرا يابلادي خضرا رجالك أحرار....نادوا فلتحيا ذكرى أول أيار"
فلورنس غزلان
|
|
05-01-2009, 07:16 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري
Super Moderator
المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
|
فلورنس غزلان
منطق حكومة
حكامنا الشباب ألغوا العقل في رؤية الداخل وربطوا أحزمة الفقر والجوع مع سياسة الخارج الباطل
حكوماتنا تعمل على إلغاء العقل في تعاملها مع شعوبها فماذا بإمكان المواطن أن يفعل حيال انعدام العقل والمنطق? .
تصر هذه الحكومات على العمى, ولا ترى في الساحة سواها, ولا تريد أن يبقى في مواجهتها سوى خيالها, لا ترى أمامها سوى صورتها مرسومة فوق الجدران ,فوق الأرض والماء وفي كل مكان?.
حكوماتنا لا تسمع سوى صوت يؤذن بقدرتها , يهلل لسطوتها , يمجد خطواتها ويبارك مساعيها, لا ترى فيه إلا خيراً يعم ويشمل كل من يواليها, وسائل إعلامها تردد خطابها السياسي بقدسية وإجلال , تعتبر كل مغاير لرأيها حراماً ومنكراً, يخون الأرض والأوطان والعسكر, ويتعاون مع إبليس المترصد لبرامجها وخططها " الوطنية " ويتفق ضدها مع الشيطان ورئيس المخفر"أميركا".
ماذا تفعل شعوب مقموعة مطلوب منها الخرس والعمى , مطلوب منها السكوت على الجوع والظلم والظمأ? عليها أن تؤمن بأنها مجرد أعداد وأرقام في حسابات ودفاتر الأوطان, مجرد خراف تساق للذبح والتضحية لتحيا وتتضخم قدرة السلطان, عليها أن تتقن الصمت وترضى بالاقصاء والتمييز بين ابن ست وابن جارية, وأن يدرك كل مواطن موقعه ويفهم مايرسم له من دون اعتراض أو تفوه بما لا ترضاه سلطة الخيزران والجلد وراء القضبان.
يا شعبنا المنكوب ألم تدرك بعد أن من حقك الطاعة ومن حقك العقاب والحساب والرضاء بالمقدر والمكتوب, من حقك الافصاح والقول حين يطلب منك الجواب, جواب سُجل لك وكتب باسمك وعليك ترديده , عليك الانصياع وإبداء الرضا للقيادة التي تحبك على طريقتها شئت أم أبيت, ..هذا قدرك فارض به عبداً ودوداً...قابلا ومؤمنا بعبوديته. راضياً بكل الهبات والعطاءات , التي تمن عليك بها حكومتك الرشيدة وقيادتها النادرة الفريدة.
لا تسأل عمن يسمونها قوانين ولا عن سلطات وقضاء, فهذا ليس من اختصاصك يا ابن العامة , وأن حكومتك تريد لك الراحة, كي لا تفكر وتزعج ذاكرتك وتوقظ تلافيفها النائمة , ففي النوم راحة لك, وفي العطلة راحة للقيادة , هي من يستخدمك ورقة للمساومة وورقة للمقاومة وأخرى للممانعة, ولو اخترت غير هذا القانون والناموس , فأنت من يجني على نفسه وأسرته ومن حوله, بل من يجني على مسيرة الوطن وعزيمة الأمة, وينتحل أخباراً تلفيقية كاذبة تريد باطلا وتتلقى تعليماتها من عدو الأمة وعدو العروبة والإسلام , وبالتالي عدو الله والقرآن. فلا تكفر بنعمة ربك ...بل حَدِّث وزغرد وطبل حين تقرع طبول لا تعرف لماذا ومن أجل مَن? وكلما أمعنت في الغباء كلما اقتربت من الثراء, وكلما أغرقت في النفاق كلما طار بك الحظ وركبت طير البُراق, في سلم المراتب واتقان الحسد والفساد والشقاق.
تعلم وتتلمذ على أيدي علماء ونجباء يعرفون من أين تُؤكل الكتف, وكيف يدخلون أسواق التجارة كما أسواق السياسة بقوة الجلد والسلخ والنتف, لتكون مواطناً مثالياً يستحق أن ترتفع مناصبه وتكبر مقاماته وتنشر محاسنه ومصائده في صحف البلاد ويكتب اسمه وتنشر صوره مع أصحاب السلطة وأبناء النظام ليلهج بها كل العباد.
أيها الفقير صاحب الكلمة والضمير, ستموت حنقاً , غيضا أو سجناً وشنقاً , ستدفن حياً في أقبية وسجون أُعدت لمن يرفض أن يُحسَب ويكون, من أبناء الوطن المحروس والمكنون , وبقدرة إله يحمي الحمى والحق يصون, لأنه مع الجلاد, ومع »الموساد« ومع مَن يحكمونا في البلاد من أسرة الظلم والاستبداد, ستصاب بالطرش ويُكتب عليك العمى والخرس, ستصاب بالعته وتُتلى عليك آيات البَلَه , وتوضع مع أصحاب السوابق والسرقات من البيوت والطوابق, وستسجل مكالماتك, صولاتك وجولاتك وستراقب تحركاتك وسكناتك , في البيت والحارة مع الصديق والجارة , وتموت مرمياً منفياً تحت سياط الشرطة , تقضي لياليك في التوقيف والنضارة, لأن فعل السياسة في بلادنا يحتاج لابن كار وشطارة.
أما سمعت بعد عَمَن يُراد له أن يَعتذر ويُبرئ نفسه بدفع الكَفارة? لأهل البيت وآل الحكم أسيادك وفق القانون وبعرف قضاء الربح والخسارة , فقد وُضعوا في السجون بين المُرابين والنصابين وأتباع الجنس والنحس , مع حرامية العصر وحراس القصر, مع خريجي العصفورية والمصابين بالمس والجنون, ليكونوا رفاق ليلهم وآذان نهارهم وعيونا مفتوحة على أفكارهم وأشعارهم, ها هم يتندرون ويتبجحون باختراع قصص جديدة وتلفيقات كثيرة, لكل من يُعلن أنه لا يعرف الصمت ولا يرضى بما طاله من حظ وبَخت, فإما أن يرضخ وأن يحني الرأس ويصمت ولا يفضح, أو تزيد أعوام حبسه وتنقص أعوام عمره وتُخمد أنفاس همسه .
لك أيها العبد الفقير , أيها الساكن في ديرك ومحرابك كأمير, في بلاد الشام وديار العسس والجان أقول : وما من جديد في حديثي ولا قصيدي...لكنه الوجع المديد في سجن القيد وسلاسل الحديد, شَهدَ شاهد من حرامية السيارات وأصحاب النهب والسلب في المدن والمطارات, على الدكتور وليد البني, كي يحاكم من جديد ويضاف لحسابه في ذمة الحكومة التي تصون الحق وتحكم بالصدق! على يد الحاكم العسكري لأن العسكر أصلح وفي حكمهم أصوب وأفلح, وهكذا كان ذات يوم في دمشق الصامدة عاصمة الثقافة والعروبة الخالدة, حين حُكم وأدين المحامي أنور البني وشهد عليه مرة ثانية من قواد عكروت, ومن سجين لا يميز بين السحت والقنوت, كما سبق لغيره من عقلاء الوطن المجنون لطبيب أتقن لغة الصحة والرسم والفنون كان اسمه كمال اللبواني أضيفت لسنيه الاثنتي عشرة ثلاثة قاضية وأحكام جائرة لا عودة فيها ولا هفوة لقاضيها لأن حاميها حراميها, فلا تميطوا اللثام ,عن مأدبة لا يقيمها ولا يؤمها سوى اللئام.
حكامنا الشباب يعرفون الكر والفر ويتقنون الذهاب والإياب, في السياسة والكياسة في العلم والدراسة, في قراءة العالم ومعاهدات الكون القائم والنائم, يعتقدون أن ما خاطوه من قماش وما سموه للمواطن من معاش يصلح لكل زمان ومكان يسعد به المواطن والانسان, ترضى به الحكومات وتعجز عن مثله بالاتيان في كل البلاد والأوطان, لهذا تراهم اليوم يفرحون ويغنون فقد ربحوا خطوة في الرحلة نحو الباب العالي, وتجلت لهم قدراتهم ونسوا هفواتهم, وأنهم قاب قوسين وأدنى من الصيد على دروب المعالي, لقد ألغوا العقل في رؤية الداخل وربطوا أحزمة الفقر والجوع مع سياسة الخارج الباطل , ونسوا أن حبل الكذب قصير وأن التاريخ يمهل ولا يهمل, فكيف يثق حاكم بقول حرامي ويرمي إلى الإهمال قول الكاتب والمحامي? أهكذا تدار الأوطان في زمن الخراب وسجن العقل خلف حُجُبٍ وأبواب? هل وصلون لمرحلة ضاعت بها مسالكهم بين الخطأ والصواب? أم أنهم لا يبالون بمواطنهم صاحب الكلمة الأولى اليوم وغداً إن شاءت أجهزة الأمن أو أبت حين يأتي يوم الحساب والعقاب, ويكشف الغطاء عمن اختفى وراء حجاب او نقاب?.
فلورنس غزلان
|
|
05-11-2009, 07:51 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري
Super Moderator
المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
|
الرد على: فلورنس غزلان
ماذا يقول الجيل الثاني في المنفى؟!
فلورنس غزلان
الحوار المتمدن - العدد: 3157 - 2010 / 10 / 17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع Bookmark and Share
لا أجوبة عندي لابنتي ...لماذا جرفتنا الريح إلى حيث لانعرف؟ ...لماذا علي أن أغسل ذاكرتي من براءتها..التي ولدت هناك؟ لماذا أكبر حيث لا أهل سواكما؟..لماذا أدفع ثمن موقف لا أفهمه وحلم لم أحلم به ولست من شخصياته؟..
رغم هذا تعرفت على عالمي الجديد وبدأت أحس بالانتماء إليه والانسلاخ عن ذاك البعيد..أصبحت أقدامي أكبر وخطواتي أوسع ونما عقلي بطريقة تختلف عنكم..طردت الخجل من ثيابي ومن لهجتي..كما طردت حروباً لا أريدها ولا أفهمها...تجردت من خرائط سكبتموها في عروقي منذ ولادتي..صرت أمتلك خرائط تختلف عن حدود كيانات لم أترعرع بها..لاحيلة لكم فيما أنا عليه..هنا كونت نفسي ...وهناك مازلتم تعيشون...فلا أريد أن أعيش وأموت في الفقد، غسلت ذاكرتي من صور التكرار..فاكتملت أنوثتي وحَمَلت هواء نقياً ....لم تعد مراياكم ولا صوركم الماضية تشكل لي أزمة وجود أو هوية..أنا شجرة تعيش هنا...وجذورها أيضا هنا...لكم جذوركم ولي جذوري..ولا أريد منكم سوى المباركة..لأنكم المسؤول الأول عن وطني الجديد وإقامتي حيث اشتهت رياحكم السياسية..لهذا أنحو للاستقلال عنكم.
لقدا امتلأت زجاجاتكم بصور وذكريات حملتوها معكم ومازلتم تجتروها ليلا ونهاراً..صرت أتقن كل معابدها وأزورها في خيالي..ربما شدني بعضها من باب الفضول وحب الاطلاع على هواجسكم الملتصقة بجلودكم وجداول أيامكم..أن أتعرف عليها حقيقة وواقعاً...لكن حواجز أخرى تمنعني من رؤية هذه المساحات المصورة بألوان شرقية تشبه ألف ليلة وليلة...أعشق قراءتها وتهفو نفسي لزيارة أزقتها...إنما تمنعني جدراناً تقف حائلا بيني وبينها...أنا لاذنب لي..فلماذا؟..أنا ابنة الغيب وابنة المنفى...فماذا جنيت حتى أصاب بطعنات خناجر مسمومة بسموم عقول..لم يدخلها أوكسجين الحرية؟!.
أسمع نحيبكم فأطمر رأسي من أجل إنقاذ نفسي..أشعر أن بكم شيئاً معطوباً غير قابل للإصلاح، ومن العبث محاولة الدخول لأرواحكم المعذبة..لا أريد لروحي أن تشبهها،أريد لأوراقي وزهوري أن تكبرهنا نقية شفافة تلمع تحت ضوء النهار ، أريد لأشجاري أن تتطاول نحو السماء باسقة كأشجار الصنوبر في الغابة..أريد لأطفالي ان يقرأوكم كأساطيرمن عالم آخر..لأني لا أشعر أن روابطاً من الفكر تجمعنا..روابطنا عاطفية أسرية ..كتبكم وحواراتكم تصيبني بالملل..وكأنكم في شرنقة تحاصركم من كل الأطراف...
منذ عرفت أبجدية النطق وأنا أراكم تبحثون عن حل..توغلون في الحلم كما تكثرون من القول..تتناحرون على زعامة لم تولد بعد.
يتحدث أصدقاءكم كما يتحدث الوعاظ ولا يهجعون دون أن يلقوا تحية على الماضي ، بعضهم يرى الله مزروعاً في كل خطوة ،وفي كل نقطة فوق الأرض، وأن أعماله ترصد وترقب وتحصي أخطاء البشرية..أتساءل كم من الموظفين لديه حتى يلم بدقائق هذا الكون؟ هل يسجلنا كأرقام ، أم يحفظ أسماءنا التي منحتونا إياها؟...أضحك من ضعف المحاكمة لدى هذا البعض منكم..وأستغرب تسامحكم وأنتم علمتموني أن أُعمل العقل في كل شيء..كيف يمكن لهؤلاء أن يبنوا وطناً؟ ألم تتعلموا من الفشل تلو الآخر ومن هزيمة تلحق بالأخرى؟. ومع هذا لازلتم موقنون أن الخطأ مقيم في بنية الثقافة!..فمن المسؤول عن ثقافة عرجاء مايزيد عن نصفها غيبي، والباقي مغيَّب؟!
معظمكم ينتفش كطاووس..حين يذكر اسم بلده..تفخرون بما ذهب ولن يعود، ولا تنتجون إلا حاضراً يسطركم في عداد الأمم الموؤدة، كما لاتفكروا بغدٍ لايقام له صرحاً فوق هذا الكم الهائل من الخطأ، وهذا الضعف المَرضي في اختيار الدرب الملائم..لا أسمع إلا تصادماً بين قطاراتكم السياسية..ولا أرى مذ نشأت إلا مزيداً من التراجع في تحقيق حلم كدتم تجعلونه حلمي..لو أني لم أقتنص فرصتي في الابتعاد عن درب لايشبه إلا طريق الجلجلة في أورشليم..
كيف يمكنكم الاعتقاد بأن وحوش الغابات يمكنها أن تتأنسن؟ كيف يمكن لمادح الله أن يمدح الموت ويقدسه؟ كيف يمكن لمن يؤيد القتل ويصدر فيه مراسيم ويعلق للقتلة أوسمة ونياشين أن يعيد النظر في قوانينه....فيمنحكم حق العودة، أو يتكرم على ابنتكم بزيارة لأرض ولدتم عليها؟
تاريخكم ياأمي ويا أبي..اقتحمته الغفلة منذ عقود وأقامت ثم بطشت ،لم تنفع قرابينكم في تغيير مساره، ولم تؤثر شموعكم في ليله الطويل..كما لم تخفف من ازدحام الجثث في عنابر السجون...فعلى من تعولون؟..أبكي من أجلكم..لأنكم أنقياء بين الكثير من الفساد..ولا أرى في الحفنة الصغيرة، التي تجمعكم بمن يشبهونكم أنها قادرة على انتشال التاريخ من كل هذه الأوحال.
تُصِّرون على أن أؤمن بكم وبطموحاتكم، وأن الليل سينجلي ويحمل للجميع فجراً جديداً!!..ها أنذا أصبح أُماً هنا...ومازالت طروحاتكم تراوح مكانها..إن لم تتراجع فراسخاً نحو الوراء..أحترق ألماً لأبٍ قضى دون أن يحقق شيئاً من هذا الحلم..فهل يمكنك يا أمي أن تكملي الدرب..دون مزيد من الأوجاع ؟ تُلَّفق لكم الأخطاء والتُهم ..بحق مشاعركم الوطنية ..التي حفظتوها داخل جدران أقفاصكم الصدرية ومع هذا لديكم الاستعداد للتسامح والغفران!..ما أنتم إلا فرساناً مهزومة...أمام جبروت أنظمة لاتحترم الإنسان...أنظمة تزعُم أنها حققت انتصارات!..يأكلها الوهم وتزرعه في قلوب صبايا وشباب بمثل عمري...أُصدم في كل لحظة حين أرى بنات جيلي...يلحفن العقل والرأس ويخضعن للعواصف الذكورية ويعشن في أقفاص المحرمات، التي تتكاثر حولهن فقط...هذا الذل بكل مايحمل من هوان للكرامة وللمشاعر الإنسانية...لا أستطيع العيش فيه لحظة..تثيرني الشفقة فقط على أمثالي هناك...أنا لا أشرك فيما زرعتوه بعقلي وقلبي..لكني أنجو بنفسي...من وباء قاتل...لكل إبداع ولكل تطور...ربما تقولين أني أنانية... لكن العمر قصيريا أمي ..وعمري لايحتمل أن أضيعه في مهاترات لاتؤتي ثمراُ وفي مقايضات لاتمنح حقاً..وفي أحلام لاتعرفونها إلا ليلا..العمر لايحتمل القتل ...فلماذا تريدون لي أن أموت في سبيل قناعاتكم وفي سبيل وطن لا أعرفه..ولا يعترف بي..حتى أنه لايعترف بكم..إلا أمواتاً!..اعفني من هذا الحوار مسدود الأفق والآفاق..ودعيني أكمل دربي حرة دون نفاق ..حرة وإنسانة لها حقوق ..تعرفها ويعترف بها قانون بلد يحميها..دعيني أعيش إنسانيتي ووطنيتي كما أراها وتراني..لأني أكره أن أكون ضحية.
ــ باريس 17/10/ 2010.
حرية الفرد( المواطن السوري)!.
فلورنس غزلان
الحوار المتمدن - العدد: 3148 - 2010 / 10 / 8
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع Bookmark and Share
وضعت كلمة المواطن السوري بين قوسين، وذلك تجنباً للبس وحفاظاً على المكانات والطبقات، فلا يجوز الخلط بين الزيت والماء، كما لايجوز اعتبار أبناء الست بنفس المكانة التي يحظى بها أبناء الجارية، لهذا ارتأينا أن نفصل بين السادة والعبيد، بين طبقة النبلاء، وبقية الرعية ممن خصهم الله دون البرية بهذا البلاء ، فهل من دواء وشفاء لمعضلة عمرها أربعة عقود مازالت تصيد وتسود؟! ، وبما أن الموضوع المطروح له علاقة بتلك الكلمة المبهمة...في عالم " المواطن السوري"...الحرية..فمن الواجب علينا نحوه ، بما أنه منا ونحن منه...علينا التلويح والتوضيح كي لاينزلق أحد منكم في منزلق يأتي بأجله قبل أوانه..وكي لايقع أحد منكم في قبضة من لايرحم من طواقم تزداد مكاتبها ومحاسبيها وأصنافها وتلاوينها، المجهزة والموظفة من أجل استقامتكم!...من أجل " حرياتكم العامة والخاصة" ..فقلت في نفسي...بما أنه تسرب لي من مصادر موثوقة معنى أن يكون المواطن حراً، ويمارس حريته دون أن يقع في المحذور أو تطاله عواقب الأمور..فعاهدت النفس أن أكشف لكم عن هذه القواعد كي تجنبكم الاصطياد أو المطاردة من كلاب البوليس السري القابعة في كل زاوية من بيوتكم والمراقبة لحركاتكم وسكناتكم.
ــ أيها المواطن السوري ..أنت حر ومن قال لك أنك لست حراً؟!..فأنت حر بأن تصرخ..لوحدك دون صوت ..وداخل الحمام.
ــ أنت حر أن تظل طيلة حياتك صغيراً لايكبر، قاصراً لايعقل، حتى لو رأيت العالم من حولك ينضح ويكبر..فلا تقف مذهولا كي لاتتبخر.
ــ أنت حر أن تشعل النار..في بيتك وأن تصرخ ملء فمك بوجه زوجتك وأبنائك ، أن تضربهم الواحد تلو الآخر وتفش خلقك بهم كما يحلو لك، فكل قوانين البلاد تقف معك..كلها ذكورية من أجلك أيها الفحل في البيت فقط...فلا سلطة لك خارج حدوده ولو بمتر واحد.
ــ أنت حر بالتزمير والتطبيل والتهليل...لاكيفما يقول لك عقلك ، بل بالضبط تماماً كما يملى عليك..من فوق..من هناك...حيث تمسك رقبتك ورقاب الرعية مثلك.
ــ أنت حر، ومن قال لك أنك لست حراً في أن تقول للقمر قم وسأجلس مكانك فأنا أجمل منك والذي يليق به أن يكون قمراً منيراً، لكن لاتنس أن هناك أقماراً وشموساً لاتغيب ولا يمكن لأي شخص مهما بلغ جماله ومكانته أن يأخذ مكانها..فهي الثابت وأنت المتحول.
ــ أنت حر في أن تحصل على ترفيع وتسوي أوضاعك ..إن أحسنت تمسيح الجوخ وأتقنت النفاق والتزلف لمن هم أرفع منك منصباً وأطول باعاً وذراعاً ــ " تدخل هنا وهناك في الجيوب وفي الصناديق، في الحسابات والنفقات ، في المصاريف والتصريفات" ــ..احذر فلا تقنع نفسك بأنك حر أن تترفع من باب الاقتناع بأنك جدير ومؤهل...وقدير ومؤمن بما قاله القانون والعرف أن " الرجل المناسب في المكان المناسب"، فالمكان المناسب هنا لاينطبق على جميع المؤهلات وحاملي الشهادات والقدرات ، ولا المتفوقين في العلامات الدراسية والسلوكية، إنه يدخل في حسابات غير حساباتك ..وفي مجالات غير مجالاتك، فإن أتقنت بفضل مواهبك الاستثنائية الأخرى ما يراد منك عمله كي تصبح مناسباً يليق بمقام الترفيع ويحسن الترقيع في مسائل تخص الجميع من آل الغش والبخشيش البديع...حينها وحينها فقط تفوز وعلى أعلى المناصب تحوز..فالمكان المناسب هنا يخص الحكومة في الرد على العدوان..وهذا ليش شأنك كمواطن...فطين ونبيه يحسن من أين تؤكل الكتف.
ــ أنت حر في أن تركب المواصلات العامة من سرافيس " الجرادين والخنافيس" أو باصات السفر برلك..تسير الهوينا دون أن تتوقف وعلى البنزين سائقها يدوس...فعليك تعلم العربشة وإتقان الضحك والفرفشة، في لحظة العصر والدفش أو الفصل والرفس..من أبضاي حاله يشبه حالك لكنه منفاخ باعتباره حضر واستُحضِر من بلاد واق الواق...إلى عش البراق والوقواق..ليُستخدم ملطشة وممسحة في بيوت الحراسة والفراسة..ويتسلبط عليك وعلى أمثالك في لحظة الازدحام واللطام..من باصات إلى ترام، ويحلف بأغلظ الايمان عليك الحلال وعليه الحرام إنه من أهل الشام ناصبي الخيام على ضفاف بردى الناشف وروافده وملحقاتها من نفايات أولاد الست وبقايا موائدهم العامرة..ليقتات عليها أبناء الجارية الفاجرة، الذين لايشبعون من الشكوى ومن البكاء والاستعطاف للحصول على رثاء وحسنات أهل النعم وزكاة أهل الكرم والإيمان
ــ أنت حر في السكن بالعشوائيات، أو بالخيام..أن تهجر قريتك لتصبح من سكان المدن...لأن قريتك جف ضرعها ولم تعد تروى أرضها..واحذر ...السماء هي السبب...فلم تَجُد عليك بالمطر ولا بالسُحُب..أما حصتك من الحكومة من ماء وكهرباء ودواء...فأنت من يكفر بالنعمة ويهوى " عيشة الحرية" في مضارب الخيام البدوية...فما دخل الحكومة في هواياتك الشعرية أو النثرية؟.
ــ أنت حر وتملك كامل الحرية في التعبير عن مكبوتك ورغباتك وأنت نائم..تحلم وترى الكوابيس كما يحلو لك تقفز من فراشك ملدوغاً مرعوباً..فهذا هو المطلوب والمرغوب لتكون المواطن الصالح المحبوب..تعلم الصمت والكبت والخرس في بلاد التطويع والتركيع لأنها وسيلتك للعيش الذليل ووسائلهم في السيطرة على الإنسان المتبقي فيك..وعلاقتك بالحياة لاتتعدى حدود الوهم بإنسانيتك.
ــ لك كامل الحرية في أن تقتني هاتفاً محمولاً..تسجل فيه اسمك ورقم هاتف أمك وأبيك وأخوتك وأشقاءك فقط ..لو كنت ذكياً حريصاً..فهذه وثيقة تحتاجها في أي دقيقة من دقائق التفتيش والتنبيش على أصلك وفصلك في أي سفر ولو قصير بين مدن وقرى الوطن الآمن المسالم!.. الحريص عليك من ألاعيب ابليس العدو المتربص للايقاع بك عميلا وجاسوس ، متعاوناً معه دون علمك ودرايتك!...أما إن سجلت أرقام أصدقاءك وأحبابك...فقم بإلقاء محمولك في أقرب فوهة من الفوهات المفتوحة لمجاري الصرف الصحي المنتشرة في مدينتك...قبل أن يلقى القبض عليك متلبساً بالصداقة والعلاقة مع جارك أو زميلك السجين السابق أو المُوَقع على بيان يدين الحكومة ويشكك بتقصيرها..بحصر سعر كيلو البندورة بستين ليرة فقط..أن تأكل بندورة أو لاتأكل لايهم..فعليك الحذر من مصادقة هؤلاء ...لخطورة صداقتهم على الوطن وأمنه.
ــ لك كامل الحرية أن تضع لبيتك أكثر من باب وتكثر من النوافذ المطلة على معالم الوطن، ولا يهم أن تكون ستائرك سميكة أم رقيقة فأشباح شيوخ الطريقة يصحون في الليل وينامون في النهار...يجوبون الطرقات ويشمون روائح الطبخ في البيوت..ولهم من كل بيت نصيب..ويعلمون علم اليقين أنك كاتب بالحبر السري على بابك " الحيطان لها آذان"..فتعلم الهمس وتغزل بزوجتك بالإشارة أفضل من العبارة..فسجلك بأيدي أشباح الشيوخ...يجب أن يبقى أبيضاً ناصعاً كمواطن حبوب صالح وطيوب.
ــ أنت حر أن ترتدي من " البالة" وأن تأكل من " الزبالة"أو حتى تأكل التراب..أليس تراب الوطن غالي؟ لهذا تحبه لدرجة أكله بدلا من اللحم والعسل والسمن واللبن..المهم أن تفهم معنى كلمة" خوف، صمت، سكوت" تطبق فمك وعيونك وآذانك عندما تكون مولوداً في بقعة من أرض الوطن السوري محكوماً بحكومة دائمة في عزها وبقاءها فوق رأسك وراس أبوك.
ــ أنت حر في أن تفخر بعروبتك وانتصاراتها سابقاً عبر التاريخ التليد والحاضر " الرغيد"!..خاصة منذ تسجيل اسكندرون في باب الهبة والهدية لجيران لنا معهم عهود ووعود..أمجاد لا أحقاد..مياه مشتركة وأخوة وَرَقية مفبركة..نحتاجها اليوم من أجل السلام وعودة مايسمى" بالجولان"..ــ إن كنت مازلت تذكره أو قرأت عن قراه ومدنه في الجغرافيا والتاريخ في مناهجنا الوطنية العظيمةــ !..أما لو تجاسرت وقلت أنها خسارة وضياع ونكبة..فعلى عيون أهلك ستأتي بالمصائب والنكبات ..ففي كتب التاريخ التي يقرأها ابنك وحفيدك منذ عهد القيادة الرشيدة..أننا خسرنا المعركة...لكننا لم نخسر القيادة..وهذا ماكان يخطط له الاستعمار والامبريالية...فقد دحرنا مخططات العدو وأجهضنا محاولاته التآمر على الحكومة...فربحنا معركة الحكومة...وبفضلها سيعم السلام المنطقة ويعود الجولان...بدون أن نطلق طلقة واحدة ولا أن نسيل نقطة دم واحدة من دماء شعبنا الزكية الطاهرة...ألا ترى كيف تحرص الحكومة على حياة أبناءها؟...فلا تقع في مصيدة العدو ومكائد الاستعمار...كن حراً في الوقوف والدعم ورص الصفوف وراء حكومة السلام.وأيد مساعيها ..لتعتبرك الابن البار للنظام.
ــأنت حر في جنونك...في مغامرتك العاطفية وغزواتك النسوية..وليركب جنونك البحر يغادر وينفى لايهم..تغرق أو تموت حسرة في غربتك..المهم ألا يصل صوت جنونك للداخل وألا يغزو الشوارع ويصل لمسامع من يقبعوا هناك...فوق قمة قاسيون.
اغزو حيث تريد واصطد الأسماك الصغيرة والكبيرة من نساء الداخل في الوطن الأشم كما تحب وتشاء، فقد كرست لك الحكومة كل القوانين الشرعية التي تحمي ذكورتك وفحولتك الشرقية من عهر وغواية المرأة ومكيدتها المتربصة بك...فمن يدريك أن أبليس الغرب غالباً مايدخل من خلال عقل المرأة( القاصر) للايقاع برجال الإيمان والعصمة...كي يبتليهم بالتفرقة والشرذمة..فاضرب دون أن تكسر عظماً أو تسيل دماً وربي نساء الوطن على الخضوع والسجود لأزواجهن الميامين...كي ينصروا الوطن في كل الحقول والميادين، وهكذا تضمن الحكومة نصف الوطن بأيديها والنصف الآخر تحت سيطرتها.
ــ أنت حر في أن تكون أرعناً غبياً تضرب بمهاميزك اللغوية خواصر الصديق والشقيق قبل العدو، كي تمهد الطريق أمام نفوذ الحكومة للتدخل في شؤون المنطقة وتمد ذراعيها على مساحات أكبر وملايين أكثر..وبهذا تدخل التاريخ النظامي كمواطن يختم ويبصم ويدعم " حكومة الوطن"...لأنها خير خيار...لمواطنين لايحسنوا الاختيار.
ــ أنت حر في أن تزهد من الحياة وتزهق روحك فتنتحر وتسبق الموت إليك، ولو مت من غضب لم تستطع الإفصاح عنه ..فستفوز بالترحم عليك وتقال فيك الأشعار..وتدفن كما يدفن " المواطن الصالح البار"..
ــ كن حراً في نسيانك ، انس كل شيء حولك..انس حتى نفسك ، وتذكر فقط أن تأكل لتعيش، وأن تنام كما تنام الأنعام، وأن تخور كما تخور الثيران، وأن تضاجع كفحل...وأن تموت وحيداً من القهر.
ــ أنت حر في النهاية أن تخالف فتختار طريق السجن من أجل ماتؤمن به ، وهنا تبدأ مشوار حريتك وحرية الإنسان في وطن لايحتمل بعد حياة العبودية وتسيير الشعب كما القطعان.
ــ باريس 08/10/2010
فلورنس غزلان
منذ ولادتكِ محكومة بالموت, منذ خروج أنوثتك للعلن, تحيط بك ألغاز الاختفاء وطلاسم الاندثار, منذ ولادتك يسطرون اسمك في دفاتر الجرائم, لأنك مشروع مجرمة, مشروع خاطئة, مشروع قتيلة.. من قال لك أن تولدي بصفة أنثى, من قال لك, أن تحملي صورة الجمال, وتولدي بجسد مخصص للذة ممنوع عليك?
من قال لك أن تحملي سر الكينونة والخلق? من قال لك أن تكوني سر التكاثر, وسر البقاء?
من قال لك, أن تولدي في غياهب الشرق? من قال لك, أن تدخلي الحياة عارية, وتفضحين عريهم, وتوصدين أمامهم أبواب الجنة, لأن لك جسداً يوقظ شبقهم, لأن لك جسدا يحمل صورة أمهم, يحمل صورة حواء المتهمة الأولى, وأنت ضحية الانتساب إليها?
تحضرين ولحضورك صفة اللطم, لحضورك الصدمة الكبرى, تحيلين ثلوجهم نارا موقدة وتستمرين بإشعال حرائقهم اليومية, وتقرعين طبول اللذات في أقفاص صدورهم, توقظين فيهم أوكسجين الشهوة, فيشخر شهيقهم وزفيرهم بأصوات لا يريدونها أن تعلو, يريدونها خرساء, ويريدونك جسداً, يمتلئ جمالا, ويموت حساً... توقظين كل ذرات فحولتهم... نعم... لكنك ميتة الوجود طاغية الحضور في لياليهم, لكنك صورة للعبادة مرهونة للامتلاك, ولا يحق لك أن تمتلكين, حتى ذاتك, هي خارجة عنك, هي لهم وليست لك.
أنتِ أيتها الأنثى, المجللة بالعار, المَكسُّوة بعوراتهم... أنتِ أيتها الأنثى, ممهورة بخاتم العبودية, تحملين الذئب في نهمك, والثعلب في احترازك, والكيد في عينيك, والخطيئة من رأسك حتى كاحليك, لذا تُصدَر الشرائع وتُسَّن القوانين خوفاً منك وعليك! تُسَطر الأقوال, وتُبتَكر الوسائل لضغطك وصهرك وتعليبك وحفظك بعيدا في غياهب الأرض, في غياهب الذاكرة والتاريخ, لا تُذكَرين إلا عندما يُراد لكِ أن تخرجي للعلن, صورة يريدونها أُضحية, قرباناً لأعرافهم, قرباناً لقيمهم, كما يرونك فيها, من دون أن يدركوا أنك مرآة عيوبهم, وأنك مرآة وجوههم المتعددة, أنك مرآة جشعهم ونزواتهم... أنك مرآة ضعفهم, ويعتقدون أنهم بأسركِ سيربحون كل الجولات. يعتقدون أنهم بخنق صوتك سيكسبون كل الحروب, وبالتالي فموتك هو نصرهم المؤزر على إخفاقاتهم وكبواتهم, على ضعف حيلتهم أمام طغيان حضورك الأنثوي.
كنتِ هكذا على مر الزمان, وقبل أن يخرج الذكور الى غابات الصيد وصنع الأقفاص, قبل أن تدرك الذكورة معنى الخسارة من دون حروب, ومعنى الانكسار دون معارك, ومعنى السقوط من دون مقاومة.
لكنهم عقدوا المؤتمرات وأصدروا الأحكام والدساتير للتضييق والخنق... أفلحوا كثيراً, وكنتِ على الدوام طريدتهم وبؤرة الصيد في أرضهم, أشعلوا الحرائق في ديارك وفي حقولك, جعلوا منك وقوداً لدفء النفس الضعيفة, وكلما أبديتِ قوةً رموكِ بالصفات الملعونة, وكلما قاومتِ قوانينهم, اخترعوا شرائع غيبية لإرغامكِ وإخضاعكِ, وأنبتوا ذرائع سماوية خارجة عن إرادتهم! لجعلك طوع البنان ورهن الدور المرسوم, ورهن دائرة أن تكوني أنثى, فهذا يعني أن تبقين في الظل, في الخلف... في أقبية التاريخ, تصنعين سعادتهم, وتوقدين نفسك لمباركة خطاهم وهكذا يقدرونك, أُماُ لكثرتهم, أُماً مُسَّخرةً للتضحيةِ, مُسَّخَرة لنكران الذات يحاصروك بجُمَلٍ منمقة لأسركِ, يجعلون من هذه الأناشيد السلبية قيودا لإخضاع تمردك, الذي يهدد وجودهم ورجولتهم.
استطعت رغم الحصار التاريخي, أن تخرجي عن طوعهم, أن توقدي شموع حريتك, أن تنتزعي دورك في ساحات الحياة, وأن تنتصري لأنوثتك, تنتصري لجسدك, أن تمتلكي ذاتك وقرارك... هذا حصل ويحصل في بعض دول العالم الآخر, خارج دائرة الشرق المتخلف, خارج إطار العادة المقدسة في تحويلك لجثة تمشي, وخيال يمرر رغباتهم, وببغاء يردد ترهاتهم, هذا الشرق الحالم, الشرق غير الفاعل, بل المفعول به على الدوام, ويريد أن يفعل بك, ليبدو فاعلا! أمام نفسه على أقل تقدير, وإلا كيف يَكسب جولاته?! لولا إسقاطات ضعفه وخذلانه أمام جبروت الانكسارات والهزائم متعددة الوجوه, فكيف ينتصر إذن?! كيف يبرر خساراته المستمرة منذ قرون? عليه أن يُلَّفعكِ, أن يحفظك بعلبٍ تمشي, عليه أن يخفيك وراء حُجب وستائر يلونها بشعائر ويتحفها بأشعار تدللك وتدلل عليكِ كبضاعة يُسوِقها لتربح أنظمتهم وترتفع أسهم قوانينهم, رغم استنكار العالم الآخر لهشاشتها وقِدَمِها, واهتراء واصفرار أوراقها المتساقطة بفعل ضرباتك المتكررة على أبوابٍ أوصدوها بوجه معاول مقاومتكِ وتمردكِ.
في الشرق مازلتِ مُعَّدة للتعميد, مُعَّدة للوأد, بينما لو خرجت على هذه الشرائع الصفراء, بينما لو خرجت عن طوق الالتزام, لو حاولت امتلاك زمام الحياة, زمام أمركِ, لا يحق لك أن تكوني إلا لهم, فعليك وحدك تقع كل أعباء شرفهم... شرفهم مُعلق الأهداب بهذا الجسد الذي تملكين... لهذا تلاحقك سيوفهم... تلاحقك سكاكين الذبح وتُنصَب لأجلك شراك الصيد, وأعواد المشانق, ومن ثم تُعدُ الأفراح وحفلات الرقص على جثتك. هكذا قتلوا هدى وزهرة... ومنذ أيام مَثَلوا بجسد" الدرداء " ابنة السابعة عشرة في إدلب, وهكذا راح أحد الآباء الفلسطينيين... مفتخراً, بأنه قهر العدو وانتصر على إسرائيل! لأنه اكتشف أن شرفه في جسد ابنته... دفنها حيةً ترزق بعد أن كبل يديها وقدميها... تركها تموت تحت التراب في حفرة أعدها لوأدها, وراح يقول للعسكر... بفخر: "عاد شرفي الضائع في فلسطين... عادت قريتي... وعاد بيتي... فابنتي هي من سلب كل ما أملك... ابنتي هي سر انتصار إسرائيل"!
يبدو أن الشيطان لا ينصب شباكه إلا لك أيتها الأنثى, ولا يتمكن إلا منك... لأن الرجل المُذَّكر هذا, يمتلك قدرات خارقة لا يستطيع الشيطان التغلب عليها... فأنتِ وأنتِ فقط من يتقمص الشيطان. أنت فقط من يوقع الذكورة في حبائل الشباك المعدة أنثوياً... أنت من يملك مفتاح انكساره ومفتاح انهياره, على قدميك تخر قواه... وأمامك يصبح ريشة ضعيفة في مهب الريح, وبمجرد أن يُشبعَ غرائزه الهائجة وأوداج فحولته المنتفخة, يهرب ويلوذ بفرار الرجولة, ثم يصبح جندياً في فريق اصطيادكِ, يُسَّخر كل ذرائعه لتصبحين منذورة مهدورة الدم, ففي فنائك يَكمُن وجوده, وتنتصر رجولته, وترتفع أسهم شرفه, ويستعيد مكانته الشرعية والقومية والوطنية.... لهذا تُناصِرُه الحكومات والأنظمة, وتَخترعُ له قوانين مُخففَة, كي لا يُسَجل في لوائح القَتَلة والمجرمين, لأن قتلك ليس جريمة! والخلاص منك غنيمة... لأن موتك بالتالي لا شيء.. لا شيء...!
فقد سُحبت منك صفة الإنسانية منذ ولدت في عالم شرقي الأعراف ومتخلف القوانين... أنتِ مُلك هذه القوانين, أنتِ مُلك الدولة, عليك أن تقبلي بالامتلاك, أن تقبلي بتسجيل نفسك رهينة لدى المجتمع... رهينة لدى والدك وأسرتك ومن ثم زوجك, رهينة برسم قانوني مجتمعي الصنع, ومصدق من أعلى القمم السلطوية في دفاتر الدساتير الوطنية... ولهذا حين تخرجين من البيت... تصبحين خارج حدود القانون... خارج شريعته... فاحذري الانزلاق مع الشيطان الملتصق فيكِ كظلكِ, احذري مطبات تتصيد حركاتك وسكناتك, وتعد عليك أنفاسك. فموت الدرداء وهدى وزهرة ونجلاء و... و... كلها أمثلة حية لترضخي, كلها دروس لتستسلمي لعبوديتك, لن ينصروك, إن لم تنتصري لنفسك, وبخاصة أن الكثيرات من بنات جنسكِ مَن سَخَّرنَ رؤوسهن للإيقاع بك, ودخلن أقفاص العبودية برضاهُنَ أو مكرهات, رضين ولا يردن أن تكون إحداهُن مختلفة... يخشين كل متمردة, يخشين كل مختلفة, يحشُدنَ الطاقات مع الجنود الذكور, ويساندن موتك ويستعذبن سلخ جلدكِ المباح لهن بفعل قوانين تصنع منك ومن جسدك طبلاً لأناشيد تُسَبحَ باسم موتك وتهلل لوأدك.
كوني أنثى رغما عنهم, كوني أنتِ... كوني سيدة عليكِ, وسيدة خارج إطار سيادتهم. اصنعي دولتك, اصنعي شرعيتكِ, اصنعي عالمك, وانتصري لك ولابنتك... ليومك... لغدك, كي تلتحقي بعالم يبتعد من عالمك بفراسخ طويلة, ومع رجل يؤمن بك, بإنسانيك تصنعان عالما حراً, عالماً من دون تمييز.. عالما أساسه رجل وامرأة يتكاملان, ويمتلكان أنفسهما, ولا ملكية أو ثأر لأحدهما عند الآخر.
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 10-17-2010, 11:07 PM بواسطة بسام الخوري.)
|
|
10-17-2010, 11:02 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
|