أنـــــــــــــ الله ـــــــا
يالك من مجنون , كائن تعيس , حيوان بأذن وانف وفم تعيش لكن لا تحيى - تعبث بالوقت منتظراً موتك فى حياة لا فائدة منها ولا طائل من ورائها , تنتظر الفناء وفناء الكون فكيف تعمر فى الفانى . تتضيق الارض عليك كما تتضيق منذ الخليقة فترفع عينك للسماء باحثاً عن عونا , فيا لك من مجنون أتظن انه سكن السماء عبثاً ؟ انت فاكر لو كان قدر يعيش فيها كان تركها ورحل ...
يا أيها العالم المجنون ها انا انضم اليكم , أقابل أيديكم ان تقبولنى عضواً دائما لديكم , لا أريد الحياة لا اريد الواقع - أبحث عن سكرات الجنان والتوهان , فى مضيعة النسيان . فأجد عملا للفلاحة لديكم ؟ ااجد عاملا اجيرا بسعر زهيد لديكم ؟ أأجد سبباً للحياة لديكم ؟ أيها المجانين أقبل أيديكم اقبولنى مجنونا فى صفكم . سأدفاع عن كل من يقتحم المملكة , سأقتل كل من يقول اننا مجانين . سأكون حامى الحمى وقاتل العقلاء , سأقتلهم جميعاً , سافتك بهم من اجلكم . نظر لى بتعالى وقالى : اسفين متنفعش
اللعنة عليكم واللعنة , لماذا ولدت فى مدينة للعقلاء ؟ اللعنة لماذا تفتحت عينى ورأيت وطنى ينهار تحت أقداكم , يا مجانين يا ولاد الكلب - وركضت بالطوب أحدف الهواء بالطوب , ورأيت الناس بجوارى تمر يتعجبون " فقد عقله , يا حرام مجنون , بابا بابا شوف واحد مجنون " . لكنى كنت أراهم , كنت اراهم كرؤية العين أقذفهم بالحجارة وهم يهربون يركضون كالفئران المذعورة , احتموا يا كلاب احتموا يا حشرات سأشد سكيناً وأذبحكم ذبح الطير - أصطفوا فقد أن الاوان لرؤؤس سوف تتطير , رؤؤس أينعت وما ينتظرها الا القطع ..
صدقت يا معلون , ليتنى سمعت نصيحتك , ليتنى سمعت كلامك فلماذا انتظر فى تلك الارض ؟ سأشد سيفى وارحل ؟ لكن الى اين يا محاربى الجسور , الى اين تذهب ؟ هل تترك ارضك وتفر من المعركة ؟ هل انهزمت امامهم ؟ . اللعنة يا معلون الم تخبرنى ان ارحل ؟ سأرحل الان فلماذا الانتظار ؟ . لكنه خالفنى وقال " فى امل " أمل يا ملعون , بعد ما فريت من المعركة وتركت كل شئ ورفعت سيفى على كتفى وسرحت المهرة تقولى فى امل ؟
طلعت على الطريق السريع , قلعت كل هدومى , جريت عريان وسط الخليقة , ما أجمل الهواء ما اجمل ان نتخلص من ملابسنا ونشوف الكون على حقيقته عريان من كل الجماليات اللى لبسنهاله . أجرى متحررا من كل شئ حتى نفسك , حس بالهواء يضرب كل بوسة فى جسمك , حس بالحرية , تنفسها واجل كل جزء من جسدك يقدسها . حدفونى بعبوات الكنز الفاضية لانى استنشق الحرية , حدفونى بالطوب لأنى مجنون بها , بالبيض بالطماطم , حتى بالهدوم نفسها , بالملايات البيضاء , بالستر باليد " استر نفسك يا بنى " هكذا قالت سيدة عجوز تركب عربية وتجرى بجوارى , " أقلعى هدومك واجرى جنبى , تعالى حسى بالحرية , تحررى من نفسك " فركضت بالعربية وجرت وكأنها تسبق الوقت للذهاب الى ارض الميعاد , ارض البقاء والخلود , ارض اهلها ليسوا بذلك الناس اللى تسكن الارض , لعلها ذاهبة الى المريخ .
رفعت عينى ونظرت الى السماء , فوجدتها فاضية من اى شئ - لكن اخبرونى ان هناك امل , السماء تحمل الامل ؟ " يا بنى خلى املك فى ربنا كبير " كلمة كانت امى دائما تقولهالى , فضلت المصاعب تكتر وتكتر وأملى فيه يكبر , حتى شاخ ومات بالسكتة القلبية وبقت المصاعب اوجهه وحدى .فى ساحة المعركة نظرت من على كتفى الايمن فلم اجد احد بجوارى , ونظرت على اليسار فوجدتها خالية . الان أدركت الحقيقة , أدركت انى وحدى فى هذا العالم اتألم , أدركت انى امام هذا العالم , انا وحدى امام ذلك العالم . رفعت عينى للسماء فوجدتها خالية , نظرت الى الارض فوجدت صحراء عامرة بالمصاعب تقف جيشاً جرارا امامى انا وحدى .. غرزت سيفى فى الارض وأستنشقت ترابها , سجدت لها ووضعت رأسى فى ترابها , كطفل يضع رأسه على صدر أمه , طلبت منها ان تسامحينى على ما فعلت بيها , اخبرتها ان تغفر لى ما سبق وانى اتجهت الى السماء ودمرتها , فى بحثى عن مدينة فاضلة فى السماء دوست عليها وكسرت كل شئ جميل فيها .. فى سباق مجانين اصبحت مجنوناً يركض مع الراكضين ودمرت تلك المرأة حمالة القاسية .لكنها كعادتها لم تفتح فمها , كعادتها تتألم فى صمت , كعادتها لم تخبرنى اين الطريق ؟
انا المجنون الساعى وراء المجانين فى سباق المجانين , انا من طلبت الركض انا من بدأته , انا من اقترف الذنب الاول . لكن انتظر ليس انا , هذا ما جناه ابى وما جنيته انا , لكن الم يجنى جدى على أبى ؟ وجد جدى على أبى ؟ لو قالولى تلك هى الحياة فما اخترتها . لماذا خدعونى ؟ أأنا الضحية ام الجانى ؟ كيف نكون جميعاً ضحايا , من بدأ الذنب الاول ؟ من اتى بنا الى الحياة ؟ أريد ان اشنق احدا , عايز امسك رقبة حد واخنقه , عايز اطلع كل مايحدث لى فيه ... حد يعرف طريق ابوانا ادم ؟
حيوانات وقرود وحماير كلها ماشية فى سكك بتروح وترجع , لا فرق لا تفريق , الجميع متساوى " كلنا حيوانات , سواء برضانا او بغير " نعيش نضيع الوقت , حتى ازى ضاع الوقت راحت الحياة . ما هى الحياة ايه الحيوانات ؟ هل منكم من يجيب ؟ هل منكم مفيد ؟ . نهق الحمار ولعب بودنه , اتنطط القرد , جرى القط وراء الفأر , انا بكلم نفسى ولا بجد فى حيوانات حوللى ؟ حد طيب سمعنى , نهق الحمار واتنطط القرد وجرى القط بس مكنش فى فأر . بيقولوا الفأر ربنا كرمه وخرج من المصحة , مبقاش محتاج الدواء ولا حتى يفضل قاعد مع الحماير . طيب ليه معملش نفسى فأر يمكن أخرج ؟ جربت ووصلت لحد الباب , ضربنى البواب بالعصايا وقالى ارجع " انت مش فأر , انت انسان " .
وقف من شرفته العليا وقال " انا ربكم الأعلى " قالته : طز فيك وفى أبوك , انا عايز أخرج . أنا عايز أخرج من مصحتك اللى كلها حيوانات , من قانونك الغبى , من لعبة دخلتنى فيها ومش عايز . قالى " اسكت لأسخطك كلب " قولته " يا ريت , على الاقل مكنش هيكون عندى عقل افكر بيه فى خرابة اعيش فيها وتقول أنظروا ماذا صنعت " نهقت الحيوانات , اتنططت القرود , الاسد زأر , القطة نووت كله معترض .. كيف اخاطب رب المصحة هكذا ؟ يخافون على الخرابة ان تزول , يخافون ان بانى الخرابة يمنعهم من دخول جنته الجميلة .. يالهم من مجانين , فكيف بصانع الخرابة ان يصنع شئ جميلاً ؟!
صرخت الحيوانات بشدة , صرخت بعنف , تجمعوا على , انا اقف بينهم وبين الملكوت - انا الكافر , انا الجاحد , انا العاقل من ارى فأتكلم , من اسمع فأتعجب . أنا الأنسان سر هذا المكان , الخاطئ بلا ذنب , التائب عن كل شئ حتى الحياة نفسها " صرخ الههم العلى اقتلوا المجنون , اقتلوه ولكم منى جائزة كبرى " . تكالبوا على رغبة وطمعاً فى رضا حبيبهم , فهربت من أيديهم واسنانهم واظافرهم - تسلقت الجدار حتى وصلت الى ألهم الاعلى . سحبت سيفى من وراء ظهرى , فركض كالفأر من امامى فتعثر فوقع فى الارض . هو نايم فى الارض وانا فوقه , " انا الانسان اقف فوقك الأن , انا الانسان , انا الاعلى وانت الأوطئ ..." فسالنى " الرحمة أيها الانسان , الرحمة " . " الرحمة ان تموت من اجل هؤلاء , من اجل كل انسان اصبح حيوان ستموت الان " .
مات ألههم , فلما رأنى الحيوانات اطل عليهم من الشرفة وسيفى غارقاً فى دمه سجدوا لى "أنت الهنا , ربنا ومولانا ... أيه الانسان انت الله "
|