.
عندما تحدثت عن مواصفات الكون الذي يتحدث عنه القرآن، وعن السماوات السبعة، خطر لي أنني سمعت عن شيء مشابه خلال السنوات الماضية. فهناك في الانترنت جمعية "الأرض المسطحة" ولذلك بحثت عن بعض الروابط، وأعجبتني تلك الصورة هناك فأضفتها الى الموضوع.
وهناك أيضا لمن يرفض داروين، ولا يعرف ماذا يفعل بالمستحاثات أيضا جمعية الأرض "الشابة"
http://www.godandscience.org/youngearth
ما أعجبني في الصورة التي وضعتها هو أن النار تبدو على امتداد الأرض المسطحة، ولا نهاية لها، هناك أيضا مكان كافي تحت الأرض المسطحة لوضع ستة أراضي أخرى (ربما أيضا بشكل نصف كرة)، وأن السماء ليست كبيرة بالحجم الذي حسبته أنت، بل تتناسب في حجمها مع الأرض المسطحة.
لا أعرف حاليا أي جمعية تطرح نظرية "الكون الصغير"، ولكنني شبه متأكد من أن مثل ذلك موجود. (أدام الله لنا الانترنت ففيه من كل غريب وعجيب).
طبعا ليس هناك ما يفيد في محاولة اقناع اتباع هذه النظريات بنتائج العلم الحديث. فهؤلاء متجذرون في ايمانهم الديني، وكذلك في نظريات "المؤامرة" لتكذيب مثلا ظاهرة الدوران والتحليق حول الأرض المسطحة (يعتبرونها مؤامرة من المخابرات الامريكية واللوبي الصهيوني، وغير ذلك).
ولا أخفيك أنني أستمتع بوجودهم (رغم عدم حماسي لمناقشتهم). فهو إغناء فكري ودرس حي لكل من توهم بانتصار العلم الحديث. وجود هذه المجموعات هو أهم دليل على أولوية الايمان على العقل. ويدفعني للتواضع في كل مرة أفكر فيها بالموضوع. أي أن انسانية الانسان أهم من العلم والعقل (يمكنك أن تسميها رومانسية عندي تجاه "المتوحش النبيل").
أحد أهم مقومات النظرية الناجحة في الفيزياء، هو بساطتها من الناحية الرياضية (طبعا بالاضافة الى تفسيرها للظواهر المعروفة، وتنبؤها بنتائج تجارب أو قياسات تنجح فيما بعد، الخ).
وهذه البساطة الرياضية كانت أهم ما دفع "كوبرنيك" الى رفض الارض كمركز الكون، حيث أن الكواكب تسير في مدارات ظاهرية معقدة جدا (اليوم ننظر اليها على أنها "مساقط" المدارات الاهليلجية على مدار الارض)، وزيادة الدقة في الحساب تستدعي المزيد من الصعوبات، واقتراح نموذج بسيط جدا من الناحية الرياضية، الا وهو الحركة الدائرية (مبدأ أن الرياضيين العباقرة هم كسولون بطبعهم ويحاولون اختصار الحساب).
باستخدام هذه الفرضية أصبحت حسابات "كوبرنيك" الفلكية أبسط بما لا يقاس.
هذا التبسيط طبعا لا "يبرهن" النظرية. ولكنه جزء مهم جدا وجوهري من المنهج العلمي الحديث.
يخطر لي أنه لو أراد أحدهم أن يستمر في نظرية الأرض المسطحة، وتجاوز مبدأ البساطة الرياضية=صحة النظرية، وكان ضليعا بالرياضيات (عادة لا تجتمع هذه الخاصائص معا، ولكن دعنا نفترض)، لربما استطاع أن يفسر دوران الطائرات والأقمار الصنعية حول الارض المسطحة ببعض الخواص المتميزة لحافة الأرض.
مثلا يمكنني تخيل بعض الخواص الشبيهة بالثقوب السوداء على حافة الأرض المسطحة التي تنقل كل جسم يصل الى هناك الى النقطة المقابلة على سطح الدائرة بدون أن يشعر بتأخير أو تغيير في سرعته. أي أن "حافة الأرض المسطحة" لها خصائص "سحرية"، توهم من يعبرها بأنه يدور حول كرة.)
بالله عليك ابحث لي عن آية تتحدث عن حواف الارض وخصائصها الغريبة. لا أشك بأنك ستجد. ربما نؤمن كلانا عندها. (مزحة مقصودة).
أقصد أنه ربما يكون من الممكن قلب نظريات بنية الكون التي تشكلت خلال الـ 500 سنة الماضية واقتراح بنية مغايرة تماما، صحيحة من حيث الرياضيات، تشرح معظم الظواهر، ولكنها تفترض أرضا مسطحة. طبعا هذا كابوس من ناحية الرياضيات، ولكن من قال أن الوصول الى شهد العسل سهل...
مع أطيب تحياتي..