كيف أهتفُ ولساني مقطوع؟!

موسى برهومة GMT 15:00:00 2005 الخميس 24 فبراير
في مقابل الاتجاه العالمي الضاري إلى نبذ الدولة القطرية والالتحام في نسيج التكتلات السياسية والاقتصادية، ما يزال كثيرون في أقطارنا العربية (الكانتونية) يرجّعون الأصداء المتوارية والمنطفئة لفكرة الوطن باعتباره (الحضن الدافيء) و(السياج المنيع) و (الصخرة الشمّاء التي تتكسر عليها مؤامرات الأعادي والمنفصمين). وهم إذ يرنون إلى تكثيفه، يرمزون إليه بـ (الراية التي تخفق في وجه الريح) ويشرعون، الى ذلك، في إضفاء مهابة ملائكية على رماله وصحاريه وينابيعه الجافة ووديانه التي قتلها العطش، والشيح والدفلى المترامية على سفوحه وأرصفته .
هؤلاء يعطفون كل ذلك على معان ٍ لا يكاد يتبيّن المرء مغازيها؛ فالوطن، في مجموع وجوهه الآنفة، مصدر للعزة وموئل للكبرياء ومبعث على الفخر والأنفة.
وتبلغ حماسة هؤلاء إلى حد جعل الفقر والمرض والجهل في الوطن امتحانا للصبر، واختبارا لحكمة الشعوب، فلا ضيرَ عندهم أن تعيش الفاقة والحرمان وتمرض وأطفالَك، ولا تجدون التعليم المناسب والتأمين الصحي والضمان الاجتماعي، ولا الحياة في حدها الأدنى .. المهم أن تبقى الدولة مٌهابة، والرايات مرفرفة، والسيوف لمّاعة، والبنادق محشوة بالبارود أو بالزغاريد .
فاذا كان هذا النفر من الناس، وهم كثر، وموزعون على سائر اقطارنا العربية من المحيط الثائر حتى الخليج الهادر، موصوفين بالوعي الجنيني السعيد الساذج، حيث حدود الدنيا تقف عند راية مهترئة تهزها الريح فوق بناية حكومية،

فإن نقيض هؤلاء هم أصحاب (الوعي الشقي) بحسب ( هيغل ) وهو وعي ذو طابع لا متناهٍ يمتاز بالقلق المطلق في حركة ملؤها التمزق والتناقض والتوتر .
ذوو الوعي الشقي، بطبيعتهم، شكاكون يعاينون الأشياء والأفكار والمفاهيم بروح العقل لا بذهنية القطيع ، وبالتالي يُنظر إليهم بصفتهم شاذين عن المجموع وعن اللحمة الاجتماعية، فيما هم، في واقع الحال، أشدُ من غيرهم حرصا على تلك اللحمة من حيث إدراكهم مأزقها، وسعيهم الحثيث لدق الأجراس والنواقيس كلما سنحت لهم الفرصة، أو ملكوا إلى ذلك سبيلا.
وإذ يوصف هؤلاء بالعدمية والسوداوية والفصامية، وربما باللاإنتماء، [SIZE=5]فأنهم أكثر من غيرهم انتماءً والتصاقا بالحقيقة التي يعني الجهر بها في (المجتمعات) أو على وجه الدقة في ( التجمعات ) الرعوية ، خروجا على النص وتعريضا بالثوابت ، وهزّا للاركان والاعراف، الى ما سوى ذلك من اتهامات جاهزة تجري على ألسنة حرّاس الأوطان المرابطين على ثغور الإنشاء السقيم والأناشيد الحماسية التي جعلت الهزائم أفراحا وطنية، ومناسبات لإيقاظ البلاغة الهاجعة في بطون الكتب الصفراء في المكتبات المهجورة التي تزهو بالغبار وبالنسيان .

like al malika and ebla

وبالضرورة أن يكون أصحاب الوعي الشقي منضوين في حركية المثقفين النقديين التي تعبر، كتوصيف، على نحو أكثر دقة من المثقفين العضويين الذين نظّر لهم (غرامشي)، فالفريق الأول عضويون ، بمعنى الانخراط في الظاهرة من أجل اكتشاف آلياتها وتحليلها ونقدها أو نقضها إذا لزم الأمر، وهم يرون إلى التخلف كصنيع اجتماعي عام تساهم في بلورته سائر الطبقات والشرائح الاجتماعية، وينصب همهم على تفكيك الحالة وصياغة الحلول لها .
والأوطان ،في عرف هؤلاء، جغرافيا سائلة، ما يعني أن كل البلاد يمكن أن تكون وطنا إذا توفر فيها للكائن الكرامة والحرية والعدالة والطمأنينة في سائر وجوه الحياة وتقلباتها . فما نفع الوطن إذا كنت فقيرا مدقعا لسبب لم تقترفه يداي ، وما نفعه إذا كنت ذليلا مضطهدا ، فمي مكمم ويداي مكبلتان وروحي تجأر بالآلام والعذابات، وما نفع الوطن وأنا محروم من أبسط بديهيات العيش الكريم ؟.
وكيف لي أن أهتف للراية ( الشمّاء ) وانا لا أدري كيف أسدد فواتير أجرة المسكن والهاتف والماء والكهرباء وأقساط الأبناء المدرسية ، والغاز والكاز والسولار والبنزين وسائر مشتقات البترول، فضلا عن الطعام والشراب اللذيْن يحتلان أدنى القائمة بصفتهما من الكماليات ؟! .
[SIZE=6]كيف أهتف للوطن ولساني مقطوع، ولا أقوى على أن أقول ( لا ) ، ولا أجرؤ على أن أتظاهر ضد (شارون) أو أميركا، أو ضد غلاء الأسعار أو ضد بطش الحكومة، أو ضد فسادها أو ضد التمييز العنصري والطبقي والإقليمي، أو ضد المحسوبية … أو ضد نفسي بصفتي أغرد خارج السرب، أو لأنني صاحب (أجندة خاصة ) كما يؤكد الذين هم أصدق مني، وأشد إخلاصا وولاءً؛ لأنهم عيون الأوطان وآذانها، ولأنهم درعها وسياجها وعنوان مجدها وعزها وكبريائها .. لأنهم الرايات التي تخفق كلما أنّ طفلٌ ، أو نفق مواطن لم يجد في جيبه ثمن زجاجة دواء ! .
آه يا وطن !!

ان كنت بمرحلة ما انزلقت تحت ضغط عاطفة انفاعلية معينة فانا نادمة فعلا
لان الايام القادمة اصعب وادهى على الشعبين السوري واللبناني
قلت الشعبين ولن اقول اولئك الملتفين بعباءة
السياسة او الزعامة




:aplaudit:


ترى الشعب عم يستغل الزعما او الزعما عم تستغل الشعب؟؟


والله يا عزيزني كل العالم له علة ولناعلل ..


يعني لا الشعب مقصر ولا الزعما ..ولن يغير الله مابنا إلا لنغير ما بأنفسنا .

أنفسهم :no2:

و لاسلام و تقدم إلا بقتل ما بداخلنا من شياطين نوجهها ضد الأخر :loveya:

كيف أهتف للوطن ولساني مقطوع، ولا أقوى على أن أقول ( لا ) ، ولا أجرؤ على أن أتظاهر ضد (شارون) أو أميركا، أو ضد غلاء الأسعار أو ضد بطش الحكومة، أو ضد فسادها أو ضد التمييز العنصري والطبقي والإقليمي، أو ضد المحسوبية … أو ضد نفسي بصفتي أغرد خارج السرب، أو لأنني صاحب (أجندة خاصة ) كما يؤكد الذين هم أصدق مني، وأشد إخلاصا وولاءً؛ لأنهم عيون الأوطان وآذانها، ولأنهم درعها وسياجها وعنوان مجدها وعزها وكبريائها .. لأنهم الرايات التي تخفق كلما أنّ طفلٌ ، أو نفق مواطن لم يجد في جيبه ثمن زجاجة دواء ! .
آه يا وطن !!

«ان السبب الذي يقف وراء هذا التبديل (اي سورية اولا بدلا من ايران) يكمن في انه اذا تعرضت ايران لهجوم عسكري من جانب الولايات المتحدة او إسرائيل، فإن الجمهورية الاسلامية ستبادر الى الرد بشكل قد يؤدي الى خروج الامور عن نطاق السيطرة، حيث انها ستطلق العنان للقوات الحليفة والقوات الشيعية المتعاطفة معها في منطقة الخليج وفي لبنان, ونتيجة لذلك فإن حزب الله سيبدأ في حشد واستخدام كل قدراته لاستهداف إسرائيل بشكل مكثف وفعال, وهنا تكمن الحاجة - وفقا لما يراه ذلك الخبير - الى استئصال حزب الله الذي يتخذ من لبنان مقرا له، مع العمل في الوقت ذاته على تحييد سورية تماما قبل البدء في التحرك (عسكريا) ضد طهران».


[SIZE=6]ورأت أن قرار مجلس الامن 1559 «كان الاداة الديبلوماسية التي جرى استحداثها خصيصا بهدف التمهيد لمرحلة زعزعة سورية بشكل مباشر، وهو القرار الذي قدمته الولايات المتحدة وفرنسا معا, هذا القرار الذي تم تبنيه في شهر سبتمبر الماضي يطالب بانهاء الوجود السوري في لبنان وبنزع سلاح حزب الله, ولكن بدلا من شن هجوم إسرائيلي مباشر ضد سورية - وهو الهجوم الذي لابد له ان يثير احتجاجا دوليا - فإنه تقرر تنفيذ عملية جانبية تتمثل في عمل ارهابي من المرجح له ان يعطي الذريعة لتحريك قوات عسكرية حاشدة ضد الوجود السوري في لبنان,,, ومن هذا المنطلق كان اغتيال رفيق الحريري

أكّدت مجلة أمريكيّة واسعة الانتشار ، أنّ اغتيال رئيس الوزراء اللبنانيّ الأسبق رفيق الحريريّ في بيروت ، يخدم مخطّط المحافظين الأمريكيّين الذين يديرون شؤون البيت الأبيض ، و يسعون لبناء الشرق الأوسط الكبير الذي يخضع للهيمنة الصهيونيّة .

و قالت مجلة "إنتلجنس ريفيو" (Intelligence Review) الأمريكيّة ، في عددها الصادر اليوم الجمعة 25 فبراير ، إنّ الاغتيال تمّ التخطيط له بعناية لإطلاق العنان لسلسلة تفاعليّة من الأحداث في المنطقة قد تمهّد الطريق أمام تحقيق أهداف خاصة بعصبة المحافظين الجدد التي تدير البيت الأبيض الأمريكيّ.

و أوردت المجلة الأمريكيّة مقاطع من وثيقة سياسيّة أمريكيّة تحمل عنوان (التغيير الجذريّ : استراتيجيّة جديدة لتأمين المنطقة) تمّ إعدادها عام 1996م تحت إشراف "ديك تشيني" – نائب الرئيس الأمريكيّ – بالتعاون مع فريق عملٍ ضخم ضمّ منظّرين مهمّين أمثال : ريتشارد بيرل و دومن فيث .. و تتضمّن الوثيقة معالم سيناريو مدروس ينصّ على القضاء على كلّ ما أفرزه اتفاق أوسلو ، و من ثمّ استهداف العراق و إيران و سوريا و لبنان بهجماتٍ عسكريّة في موازاة زعزعة سياسيّة .

و قالت المجلة إنّ الوثيقة نصّت بوضوح على أنّه ينبغي على (الكيان الصهيوني) أن يشتبك مع حزب الله اللبنانيّ و سورية و إيران ، لترسيخ سابقة مفادها أنّ الأراضي السوريّة لا تتمتّع بالحصانة و المناعة ضدّ إمكان تعرّضها لهجماتٍ انطلاقاً من الأراضي اللبنانيّة بواسطة قوّاتٍ تعمل بالوكالة لحساب (الكيان الصهيوني) ، و كذلك القيام يضرب أهدافٍ عسكريّة سوريّة في لبنان و توجيه ضرباتٍ منتقاة في الأراضي السوريّة .

كما تنصّ الوثيقة على أنّه يجب على (الكيان الصهيوني) أن يسعى إلى تشتيت انتباه سوريّة عن طريق استخدام عناصر المعارضة اللبنانيّة بهدف زعزعة و تقويض الوجود السوريّ في لبنان .

و أضافت المجلة ، أنّ المحصلة النهائيّة هي خلق (شرق أوسطٍ جديد) يكون (الكيان الصهيوني) هي المهيمنة عليه من خلال إشرافها على مجموعة من الدول المبلعنة حديثاً تديرها أنظمة عميلة ، و أنّ القرار 1559 كان الأداة الدبلوماسيّة التي جرى استحداثها خصّيصاً بهدف التمهيد لمرحلة زعزعة سورية بشكلٍ مباشر بدلاً من شنّ هجومٍ (صهيوني) مباشر ضدّها ممّا يثير احتجاجاً دوليّاً ، و لذلك تقرّر تنفيذ عمليّةٍ جانبيّة تتمثّل في عملٍ إرهابيّ من المرجّح أن يعطي الذريعة لتحرّكٍ دوليّ ضدّ الوجود السوريّ في لبنان ، و من هذا المنطلق كان اغتيال الحريريّ .

كل يوم تطل المعارضة ( ثلاثية الأبعاد ) بطلبات جديدة ..وكل يوم تقول كلام تناقضه باليوم التالي لأنها تتحرك عن بعد فمعارضة عون تحمل بوقه ومعارضة جعجع تحمل بوق ووليد بوقين وشيء لايطمئن أبداً .



ومن المحزن أن اللبناني الشريف هو المتضر الأن من كل مايحدث أولها سوء العلاقة بين سوريا ولبنان على المستوى الشعبي لآن من كان يتسوق كل يوم سبت في دمشق يحسب الف حساب قبل الذهاب الى سوريا ..!

قد انشغلنا عليكم زملاءنا الكرام بأمور ضرورية، وقد عدت لأجد أن الجمع قد اجتمع في هذا الشريط، وانكم قد أخذتم في القيل والقال وتناقل الأقوال حول ما جرى عقب اغتيال الحريري.
وحيث أني قد قلت كما قلتم لكن في أشرطة أخرى. وحيث أنه أحدا لم يطرح رأيا يشابه رايي هنا، ولعلمي أن رايي قد يرضي البعض ويسخط الكثير. ولأني أحب الأخذ والعطا الممزوج بالرضا والسخط. فقد قررت ان انقل المداخلات التي كتبتها في مكان آخر هنا، لتعم الفائدة.

نحن نحب أهل ما يسمى سوريا، أولئك القوم الذين كانت ضيافتهم لنا بعد التشرد تفوق الوصف، بل إني أجرؤ أن أقول أنه ما من أهل بلد محدث بعد الحرب العالمية الثانية قد استقبلنا بخير مما استقبلونا به.

إلا أنني أتساءل بعد الحب بخبث، ما هو المعيار لتكوين الشعوب؟ هل يكفي أن يأتي سايكس بيكو مثلا، ويفصلا حلب عن سوريا، فيصبح لدينا الشعب الحلبي والشعب الشامي؟

الأهل في سوريا وجودهم طبيعي وكذلك في لبنان، لكن اعتبارهما شعبين منفصلين لا سند له غير اتفاقية سايكس بيكو وسان ريمو. ونحن نربا بشعوبنا أن يكون تشكيلها رهن اتفاقات دولية بين من لا يرحم ولا يعدل ولا يأخذه فينا إلا ولا ذمة.

وختاما أسجل رفضي لكل حملات التطاول على أهل سوريا، بل وأسجل من جديد أن الحل الأمثل لمشكلة الطائفية الدامية في لبنان والمشتعلة منذ القرن التاسع عشر، هي إدماجه مع سوريا، أو إدماج سوريا فيه لا فرق.

وأيضا أحيي الصوفية الوطنية السورية، التي تجعل أهل هذا البلد يأبون كل ما من شأنه تحكيم الأجنبي فيهم ولو كان في ذلك مكاسب آنية لهم.

* هل برزت الدولتان السورية واللبنانية نتيجة إرادة طبيعية من شعوب المنطقة؟

- لا، بل كان السبب في نشوئهما كما غيرهما من دول الشرق الأوسط، وهو المعاهدات الدولية بين الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى.

* هل استمرار الدولتين السورية واللبنانية في الوجود ككيانين منفصلين هو نتيجة رغبة ذاتية من الشعوب؟

- لا نستطيع أن ننفي أو نجزم، فلم يقم استفتاء محترم يؤيد بقاء الإنفصال، بل لم تطرح الوحدة الاندماجية أمام الشعوب لترى فيها رأيها.

* هل المشكلة الطائفية في لبنان مؤقتة أم دائمية؟

- دائمية طالما لبنان يحتفظ بواقعه السياسي والمجتمعي الحالي، بل هو مؤهل في كل حين وكل ساعة أن يمارس فيه من هب ودب حربهم على أرضه وباستخدام شعبه.

* ما أصل المشكلة الطائفية في لبنان؟

-المشكلة عريقة، وتأخذ بعدها من القرن التاسع عشر، وذلك حين قررت الدول الكبرى أن تمارس على الرجل المريض الضغوط الداخلية، وكانت ولاية الشام المركزية في قلب الدولة من المرشحين للتجربة نظرا لما يعقب من تفتيت للدولة بعدها.
فكان أن تبنت فرنسا الموارنة، وتبنت إنجلترا الدروز يومها. وأشعلت بينهما حرب قذرة جعل الناس من الطائفتين وغيرهما يقبلون بحل مقدم ولو من سعدان ليخلصهم من قرف نزف الدم. فكان أن أنشئت القائمقاميتان ومن ثم متصرفية الجبل. والتي تدخلت فيها أصابع وأنوف كل الدول الكبرى آنذاك. بل وكان إثارة الفتنة بشكل دوري ودائم أمرا مطلوبا لبقاء الحاجة إلى القناصل وأعوان القناصل.

* هذا قبل خروج الدولة العثمانية وانهيارها، فماذا بعد ذلك؟

- بعد ذلك تبنت الدولتان الفرنسية والبريطانية إثر تمكنهما من المنطقة عقب مؤتمر سان ريمو، تشكيل الدويلات الطائفية في بلاد الشام للمحافظة على التجزئة، فكان أن بدأت بريطانيا مشروع إنشاء دولة لليهود، وأنشأت فرنسا دولة للموارنة كتجربة أولية. والتي نظرا لهزيمتها أمام ألمانيا، ونظرا للصوفية الوطنية في سوريا، فشلت في إنشاء دولة للدروز وأخرى للعلوين وثالثة للسنة فيما عرف اليوم بسوريا.

* هل الوضع الطائفي في لبنان مستقر بعد خروج الانتداب؟

- تواضع أهل لبنان عشية خروج الانتداب على اتفاقية غير مكتوبة، توزع فيها المناصب بين طوائف الدولة، ويتخلى عندها فريق من الموارنة عن طلبهم الالتحاق بالغرب، ويتنازل فريق من المسلمين عن طلبهم الالتحاق بسورية. إلا أن تلك الصيغة امتحنت كثيرا، وأثبتت هشاشتها عند أول نفير. فكان أن اندلعت أحداث كميل شمعون، واندلعت أحداث الحرب الأهلية اللبنانية، وقد تندلع حرب أهلية جديدة عشية خروج سوريا، وفي أي وقت وفي أي زمان. إذ أن من يريد إشعال الحرب الطائفية ما عليه إلا أن يقتل رئيس وزارة سابق أو حالي، أو يطلف النار على فرق كرة قدم من طائفة أثناء مروره في حي الطائفة الأخرى، بل ويكفيه أن يحضر غلامين من طائفتين، ويجعلهما يتقاتلان على مجموعة من القلول والدواحل.

* هل بقاء لبنان ككيان منفصل طبيعي؟

- لبنان بلد طائفي اسس ورعي وجوده على اساس بقاء الطوائف وتسلطها على الحكم. فلبنان بلد الطائفة فيه هي القيم على الدولة، وزعيم الطائفة له في طائفته من السلطة فوق ما لرئيس الدولة. وهذا وضع غير طبيعي وشاذ. إلا أنه لا يمكن تغييره مع بقاء لبنان على ما هو عليه. فلبنان وجد طائفيا ليبقى طائفيا، ولحل مشكلته عليه أن يتحد اندماجيا مع كيان سياسيا لاطائفي.
والدولة السورية رغم عيوبها الجمة، إلا أنها لم تؤسس على أنها دولة للسنة أو العلويين أو غيرهم، ولا يوجد فيها محاصصة على المناصب بين الطوائف مكتوبة أو عرفية. بل إن رئيس الدولة من طائفة لا تمثل أكثرية الناس.
والأعم من كل شيء، أنه لو كان في سوريا وضع أعوج، فهو يغلب أن يكون في التطبيق وليس في ذات القانون، على هكي لبنان، فإن العرف الدستوري فيه أعوج، ولو وجد من حسنت نيته وصفت سريرته لما أستطاع أن يقيمه. العود أعوج.
لذا بقاء لبنان ككيان منفصل إنما هو حالة طارئة قد تزول طبيعيا إن أتيح للمنطقة فترة راحة من التدخلات الأجنبية.

* ما هو حل المشكلة اللبنانية بنظري؟

- أن تدمج لبنان وسوريا اندماجا لا فدرالية فيه ولا امتياز محلي، بخيث لو فرضنا أن العاصمة الجديدة هي بيروت، كانت حلب وطرابلس بالنسبة لبيروت شيئا واحدا، أو لو كانت العاصمة دمشق، كانت حمص وصيدا لها شيئا واحدا. طبعا هذه خطوة أولى، أما عن العوج لواقع من الدولة، فتقع على عاتق الشعب مهمة تقويمه، وهو لا يقوم بسهولة على أية حال.

* هل التدخل الأجنبي محمود هنا؟

- ما أشعل المشكلة بين طوائف لبنان قديما ولا حديثا إلا التدخل الأجنبي، فهو يحتاج إلى مبرر لوجوده وبقائه، وما أجمل الفتنة الطائفية كمبرر بالنسبة له. فغدا تخرج سوريا من لبنان، ثم قد تبرز نيكاراغوا كدولة منافسة لأمريكا في الساحة الدولية، عندها فلا مانع أن تمارس نيكاراجوا وأمريكا حربهما على الساحة اللبنانية (أو الفلسطينية) لتحديد من هو المسيطر على الشرق الأوسط.

* هل قتلت سوريا الحريري؟

- نحن لسنا محققين لنعرف، ولو أنه لا مكسب سياسي للنظام السوري من قتل مهندس الطائف، الذي شرعن الوجود السوري في لبنان. إلا أننا لو فرضنا جدلا أن سوريا بشعبها ودولتها وجيشها ومخابراتها قد اشتركوا في دم الرجل بضربة رجل واحد، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن من مصلحة لبنان أن يبقى بلدا منفصلا.
أما والحق يقال، أننا لا نستطيع أن نظلم الشعب السوري وننسب إليه الجريمة مطلقا، والنظام حالة تروح وتأتي وليست دائمة إلا عند الهمل.


وختاما، فإن الصوفية الوطنية الموجودة في سوريا، والتي تجعل السوري يقول "زيوان البلد ولا قمح الجلب" هي خير وأحب إلينا من تدخل أجنبي، لا يرى فينا إلا محلا لنفوذه، وأدوات لنمو اقتصاده، ومجالا لصراعاته.

حما الله الشامات وأهل الشامات مما يراد بهم، واخز اللهم مريدي الفتنة، وافضحهم واقطع دابرهم.

وإن خليت بليت

(f)

:h:

المجد لسوريا ولبنان وكل بلاد العرب