الوجه الآخر لأمريكا
أمريكا التي يعهدها الجميع اليوم ، في داخلها ومن الخارج ، هي أمريكا المحافظين الجدد: متنفذون ، وأتباع ، ومعارضون . وليس ثمة إلا أصوات هؤلاء هو ما يغرقنا به الإعلام في الغرب وفي الشرق المستغرب .
لكن هناك لأمريكا وجه آخر ، يقبع في روافد جانبية لا تكاد تري مجاريها ، بعض ما يحتويه "الوجه الآخر" يستحق الاعتبار لأسباب كثيرة ، أهمها أنه يقدم منظورا آخر للواقع الأمريكي لا يراه المتنفذون والأتباع والمنجرفون في التيار .
نبدأ بمقال "ما ذا تقدم أمريكا للعالم" لباتريك جي بوكانان
هو واحد من أشهر المفكرين المحافظين ، ترشح في الانتخابات الأولية للحزب الجمهوري قي مواجهة جورج بوش الأب ، وعمل مستشارا لنيكسون وفورد وريجان ، ألف ست كتب منها "جمهورية لا إمبراطورية" وكتاب "نهاية الحضارة الغربية" ، وهو مؤسس مجلة "المحافظ الأمريكي" وكذلك أسس ثلاث برامج حوار تلفزيونية.
المقال كتبه في 19 مايو 2004 ونشر في موقع :
http://www.antiwar.com/pat/?articleid=2599
-[CENTER] 1 -
ما ذا تقدم أمريكا للعالم؟[/CENTER]
" كيف نتقدم في قضية تحرير المرأة في العالم الإسلامي ؟ " يتساءل ريتشارد بيرل في كتابه " نهاية الشر" ، ثم يجيب " علينا أن نذكر النساء المسلمات وبدون توقف : إن أعداءنا هم نفس أعدائهن ، وانتصارنا سيكون نصرا لهن ."
حسنا ، إن قضية المحافظين الجدد لتحرير المرأة في العالم الإسلامي قد أصيب ببعض الإخفاق بانتشار صورة المجندة الأمريكية ليندي إنجلاند في شريط "البنات انطلقوا بدون وازع " من سجن أبو غريب .
إن الهياج الجنسي الذي سجلته الكاميرا في أبهاء سجن أبو غريب والذي ظهر فيه مهانة الرجال المسلمين وانتهاك أعراض نسائهم ليطرح سؤالا محوريا : بالضبط ما هي " القيم " التي يعلمها الغرب للعالم الإسلامي ؟
" إن هذه الحرب ... تدور حول - - بعمق حول - - الجنس" يؤكد أحد منظري المحافظين الجدد تشارلى كروثمار . إن أكثر ما يهدد الإسلام الجهادي هو " الثنائي المتلازم في عقيدتنا : المساواة والتحرر االجنسى" .
ولكن إلى من ينتمي هذا " الثنائي المتلازم " الذي يتحدث عنه كروثمار ؟ إن التحرر الجنسي الذي يطلق عليه " عقيدتنا" ينتمي إلي ثورة في الستينيات قاومها النصاري واليهود والمسلمون لسنوات مديدة .
ما ذا يعني كروثمار بالتحرر الجنسي ؟ هل هو حق الصغيرات والمراهقات أن يلبسن ويسلكن مثلما تفعل بريتنى سبيرز ؟ وحقهن في االكوندومات في المدارس الإعدادية وحقهن في الإجهاض دون علم الوالدين ؟
إذا كان المحافظون (وهم نصف المجتمع الأمريكي) يرفضون "المساواة" التي تبشر بها جلوريا ستاين وبيتى فريدمان (زعيمتان مؤسستان لحركة "تحرر" المرأة) ومنظمات مثل "حق الاختيار (للإجهاض)" والوطنية للنساء، فلماذا نسعى إلي تطبيقها في العالم الإسلامي ؟ لماذا لا نقف في صف الإسلام ضد هوليود و ضد هيلاري (كلينتون) ؟
في خطابه أمام أكاديمية وست بوينت العسكرية ، في شهر يونيو 2002 ، قال الرئيس بوش " إن الحقيقة الخلقية هي نفس الحقيقة في كل حضارة وفي كل زمان وفي كل مكان".
ولكن حتي جون كنيدي (الرئيس الليبرالي) لا يوافق جورج بوش علي الزواج التماثلي (بين الشواذ) ولا في أبحاث الخلايا الجذعية. إن المحافظين الأمريكان تجمعهم مواقف مشتركة في قضايا مثل هذه مع المسلمين الملتزمين أكثر من الليبراليين الديموقراطيين .
وبغض االطرف عما يؤمن به الرئيس، فإن الأمريكيين ليسوا متفقين علي الحقيقة الأخلاقية. وقد قيل منذ سنوات عدة أن هذه البلاد تشهد حربا حضارية أهلية – حرب دينية . إنها حرب حول هويتنا (من نحن) ، وفيم نعتقد ، وأين نقف كشعب بين البشر .
فما يراه البعض منا أنه التحلل الخلقي لجمهورية عظيمة وإلهية (متدينة) إلى حضيض الإمبريالية فإن المحافظين الجدد يرون أن هذه فرصتهم الكبرى ليحكموا العالم .
فمنذ فترة – في ولاية جورجيا – قوبل الرئيس بتصفيق هادر عندما قال "أقول لكم كم أنا فخور بالتزامنا بالقيم ... وهذا الالتزام بالقيم سيكون جزءا لا يتجزأ من سياستنا الخارجية بينما نسير فدم ، ليست هذه القيم أمريكية بل هي عالمية ، قيم تعبر عن الحقائق الكونية .
ولكن أي قيم كونية يتحدث عنها الرئيس؟ إذا كان يقصد أن يحمل العالم الإسلامي علي اتباع قيم فضائية إم تي في الأمريكية (فضائية متخصصة في العهر الجنسي) تحت شعار "الثورة الديموقراطية العالمية" فقد أشعل حربا بين الحضارات لن تنتصر فيها أمريكا لأن الأمريكان لا يرغبون في القتال من أجلها ، قد تكون حرب المحافظين الجدد ، ولكنها قطعا ليست حربنا .
عندما يتحدث جورج بوش عن الحرية التي وهبها الله للجنس البشري أليس يعني أنها حرية المادة الأولي من الدستور الأمريكي التي تعطي لاري فلنت الحرية لإنتاج أفلام البغاء الجنسي و سلمان رشدي لينشر كتاب "الآيات الشيطانية" الذي يعتبر إهانة لدين الإسلام؟ فإن رفض العالم الإسلامي هذا التفسير للحرية ، فمن أوجب علينا أن نقاتلهم لتغيير طريقة تفكيرهم ؟ ولماذا هم علي خطأ ؟
وعندما يتحدث الرئيس عن الحرية هل يقصد تحريم المادة الأولي من الدستور الأمريكي قراءة أطفالنا للإنجيل وأن يتعلموا الوصايا العشر في مدارسنا ؟
إذا أراد الرئيس حقا أن يقاتل حربا صليبية من أجل الأخلاق فعليه أن يعلم أن العدو داخل الأسوار ، إن التهديد الأخلاقي الأعظم لحضارتنا ليس آتيا من الخارج ، بل من الداخل . لقد لقينا العدو ... نحن العدو ، فمعركة الروح الأمريكية لن نكسبها أو نخسرها في الفلوجة .
إنه من سوء الطالع حقا أن أمريكا 2004 الكافرة لتقدم للعالم القليل القليل مقارنة بأمريكا 1954 المسيحية ، إن الكثير من أفلام السينما والكتب والمجلات وبرامج التلفاز والفيديو ومعظم الموسيقي التي نصدرها إلي العالم هي سامة مثل المخدرات التي كانت البحرية الملكية (البريطانية) تقحمها علي الشعب الصيني في حرب الأفيون .
إن شعبا يقبل أن يجهض ثلث مواليده كتحرير للمرأة ، ويعتبر أن زواج نفس النوع من الشواذ جنسيا هو تقدم اجتماعي ، ويقدم مجانا وسائل منع الحمل للبنات في سن الثالثة عشر في المدارس الإعدادية لهو أجدر بالبحث عن قسيس يعترف له بذنوبه أو يخرج الشيطان من جسده ،،، من أن يعتلي المنبر، مثل إلمر جرانتي (شخصية روائية اشتهرت بإستخدام الدين لأغراض ذاتية) ليحاضر العالم عن سمو" القيم الأمريكية" .