لا تقلق على الغد ولا تبك على الأمس .
الزملاء .

اسمحوا لي أن أقفز مباشرة عارضا اهم تجاربي مع تطوير الذات ، هذا النشاط الذي أومن به تماما .
لي علاقة قديمة و متصلة بكتب تطوير الذات ، و تبدأ هذه العلاقة بالصدفة عندما قرأت كتابا عرفت بعد ذلك أنه ترجمة لأحد أهم الكتب في التاريخ ، هذا الكتاب بيع منه 50 مليون نسخة باللغة الإنجليزية وحدها ، بينما ترجم لأكثر من 65 لغة ، هو كتاب دايل كارينجي الأشهر ( دع القلق و ابدأ الحياة ) . قدر لي أن أعثر على هذا الكتاب في فترة مبكرة من صباي ، و كان لقاؤنا على سور حديقة الأزبكية للكتب المستخدمة في القاهرة . شرعت في قراءة الكتاب أثناء وقوفي ، و لم أصل إلى البيت حتى فرغت منه ، ومن يومها لم أتوقف عن قراءته ، و الآن أحتفظ في مكتبتي ربما بالنسخة الخامسة منه .
لا أعتقد أنني أبالغ لو قلت أن هذا الكتاب غير حياتي بشكل كامل ، و كان موضوعا لمداخلة لي في شريط أفكار في القمة ،و رغم ذلك سأضع أجزاء منها هنا ، فمن هذا الكتاب تعلمت درسا لن أنساه أبدا و دائما أحاول أن أطبقه ، إنه .
الحياة في حدود اليوم ، عدم القلق على الغد ، و عدم الندم على الأمس .
*********************************************
إنني لن ادعي الحكمة ،و أجلس لإرشاد تلاميذي في رواق المتأملين ،و لكني فقط سأعرض أفكارا منطقية ، فلو ركزنا قليلا سنجد أن الماضي مجرد وهم لا معنى له ، لقد انقضى و أصبح ذكرى في عقلك يمكنك إغفالها ، أما المستقبل فهو مجرد خيال قد لا يأتي أبدا ، أما الحقيقة المؤكدة هي هذه اللحظة التي نعيشها ، هي لحظة فريدة لأنها موجودة و حية ، هي فقط التي تعني شيئا .
إنني لا أطلب أن نتوقف عن التفكير و التخطيط للمستقبل ،و لكن علينا بمجرد أن نصل لخطة ما أن نتوقف عن القلق حول النتائج التي يمكن أن تحدث ،و أن نخلي عقولنا و مشاعرنا لهذه اللحظة لا سواها .
لقد قرأ الطبيب الشهير سير وليم اوسلر كلمات الكاتب الإنجليزي الشهير توماس كارليل ، فأعانته أن يبدأ حياة جديدة لا تعرف القلق ، هذه الكلمات تقول :" ليس علينا أن نتطلع إلى هدف يلوح لنا باهتا على بعد ،و لكن علينا أن ننجز ما بين أيدينا من عمل واضح بين ." فإذا أردت أن تطرد القلق من حياتك فافعل كما فعل :
اغلق الأبواب على الماضي و المستقبل و عش في حدود يومك .
******************************************
من تراه نظم تلك الكلمات التي تبدوا عصرية جدا :
" ما أسعد الرجل .. ما أسعده وحده ،
ذلك الذي يسمي اليوم يومه ،
و الذي يقول و قد أحس الثقة في نفسه
يا أيها الغد كن ما شئت
فقد عشت اليوم لليوم ، لا غده و لا أمسه ".
إنه الشاعر الروماني هوارس ، الذي كتبها قبل ميلاد المسيح بثلاثين عاما .
حسنا حتى الشعراء الرومان امتلكوا الحكمة التي نفتقدها و نحن نبعثر أيامنا قلقا و ندما ، فلماذا لا نتعلم منهم بعض الحكمة ؟.
أما السيد المسيح فيقول :" .. فلا تهتموا للغد ، لأن الغد يهتم بما لنفسه ، يكفي اليوم شره "، و لكن عليك أن تلاحظ جيدا أنه لم يقل لا تفكر للغد ، بل فقط لا تهتم له !.
************************************************
إنني لا أمتلك حكمة هؤلاء جميعا ،و لكني أعلم ببساطة أنه لا يمكنني أن أغير الكون بل فقط أستطيع تغيير طريقة تفكيري فيما يحدث في هذا الكون ، و أعلم أنني لو فكرت بطريقة حكيمة ستكون حياتي أفضل كثيرا ، لهذا دربت نفسي منذ سنوات طويلة على أن أتحرر من الماضي و من المستقبل و أن أكثف وجود اللحظة في حياتي ،و أن أمارس كل عمل مهما كان تافها و بسيطا بكل جوارحي كما لو كان أهم عمل في الوجود ، و أشعر أنني بهذا أعيش ليس فقط حياة واحدة ، بل حيوات متعددة ملؤها الحماس و الثقة .
هل تمضي حياتي بلا مشاكل ولا نكبات ، أبدا فحياتي مثل الكثيرين سلسلة من المواقف بعضها قاسي و بعضها مرير ،و لكني أعرف طريقي إلى ايثاكا ، إن الحكمة هي أن تدرس المشكلة جيدا و تصل إلى أفضل الحلول ، ثم تشرع في العمل ، أما الحماقة فهي أن تلتف حول المشكلة بينما يفترسك القلق ، ثم تعض بنان الندم صائحا :" لماذا فعلت هذا بنفسي أو ربما لماذا تفعل هذا كله بي يا ربي !" . من يفعل هذا فربما لن يصل مطلقا على إيثاكا أو أي جزيرة أخرى ، بل سيكون نزيلا في أقرب المستشفيات الاستثمارية !.
******************************************
لماذا لا تطبع هذه العبارة التي صكها الرومان القدماء الآن على البرينتر و تضعها أمامك دائما .
عش يومك
CARPE DIEM