نأتي الآن للزميل خوليــــو و الذي كتب مقدمة يعبر فيها عن احترامه لشخصي و أشكره في المقابل ، ثم دخل في التنتيف مباشرة فقال :
اقتباس:من خلال مقدّمة الموضوع التي كتبها ابن سوريا "سابقاً" .. تفاجأت بحقيقة أنّك تديّنت وتركت الدين عدّة مرّات .. وأظن أن ذلك نقطة سوداء في تاريخك الإلحادي .. وباعتبار أن "المرتد" يُباح دمه .. فأنت من القلائل في هذا العالم .. وربّما الوحيد الذي أُبيح دمه أكثر من مرّة ..
سؤالي لك ..
أليس تزبزبك في اختيار منهج تفكيرك .. هو تزبزب في شخصك .. ككل .. !!؟؟
أظنّ أن من يتحوّل من متديّن لملحد .. ثم من ملحد لمتديّن .. ثم يعيد الكرّة .. لا يكون ناقص دين .. بالقدر الذي يكون فيه ناقص عقل ..
في البداية أحب أن أسجّل إعجابي بطريقتك في النفاذ إلى الفكرة بكل وضوح دون مجاملة ، فأنت نظرت إلى تحولاتي العقائدية و خرجتَ بنتيجة مبررَة فقلت أن ذلك دليل على نقص العقل .
لن أدافع عن استنتاجك ، لكني أقول لك أني لم أتحول من الدين إلى الإلحاد ثم إلى الدين ثم إلى الإلحاد كما فهمتَ من قصتي ، بل إن مرحلة التدين الأولى هي مرحلة تديّن الفتى الذي يندفع نحو أي شيء جديد بتطرف و حماسة ، تدين عاطفي يكاد يمر به أغلب الفتيان في مرحلة ما من حياتهم ، أنا عشتها مرتين ما بين عمر 10 و 15 سنة فيما أعتقد .
و في كل مرة كان تديني كما قلت تديّن عاطفي مثل كل من يتجهون إلى المسجد في رمضان ثم يبدؤون بالتعلق ببعض الأصدقاء و الإعجاب بما يحملون من أفكار إن كانوا أكبر سناً ، و هذا كله معرض للزوال إذا تسرب الروتين إلى هذه الحمى الدينية و التي تفتر شيئاً فشيئاً فنبتعد قليلاً قليلاً عن الفروض و الواجبات الدينية ، لكن يبقى شعور عميق بالتقصير و تأنيب الضمير .
هذا الشعور بقي داخلي حتى دخلت مرحلة تدين حقيقية أثناء وجودي في الجامعة و صرت أقرأ و أتعمق و أبحث ، لأن المسألة أصبحت مسألة مصير و معنى و وجود ، و كما قلت في قصتي انتهت هذه الدراما بظهور الكثير من الأسئلة التي استفزتني و لم أجد لها إجابة ، إلى أن انسخلت عن الدين باكتشافي أنني ما عدت أؤمن به ، و حدث ذلك مرة واحدة و لم يزل الأمر على حاله منذ سنين طويلة .
لذلك ما رأيته أنتَ تذبذباً ناتج عن قراءة سريعة للمراحل التي ذكرتُتها في قصتي ، و التي يمكن أن نجد فيها مرحلة تديّن طفولية ، فمرحلة تديّن ناضجة و عميقة ، فمرحلة تساؤلات ، فمرحلة انسلاخ عن الدين ، و بحث في ماهية هذا الدين إلى هذا اليوم ، فأين هو التذبذب يا صاحبي !!!!
و بالمناسبة ، فإن الكثير من المفكرين الذين تحولوا من الدينية إلى اللادينية مروا بتلك المراحل ، بل إن بعضهم قد يتحول من اللادينية إلى الدينية و يتوب كصاحبنا الشهير مصطفى محمود و سيد قطب ، فكلاهما كان له باع في التجربة اللادينية ، لكنهما عادا إلى حظيرة الدين ، و لو اعتبرنا أن الأصل في المرء التديّن غالباً نتيجة لتنشئة مجتمعنا المتدين ، فنجد هؤلاء تحولوا من التدين المنزلي إلى اللادينية إلى الدينية ، و لا أظنك تنعتهما بنقص العقل عزيزي خوليــــو .
و كتب الزميل خوليــــو سؤالاً آخراً يقول فيه :
اقتباس:ماذا تعني "الآخرة" لك .. !!؟؟ .. وهل تخاف من الموت ..!!؟؟
وهل تخشى من أن "تأكل خازووووووق" .. ويطلع في إله يحاسبك .. !!؟؟
طبعاً .. عذرا على استخدام لفظة "خازووووووووق" .. لكن أرجو أن تعتبرها مزحة .. وإن رأيتها مزحة ثقيلة من شخص لا تعرفه .. فلا أجد مانعاً من تعديلها ..
في البداية أنا لا أؤمن بمنطقية الحساب الرباني يوم القيامة و لا أستطيع أن أفهم مبرراته و من ثم الطريقة التي يطبَّق بها .
فلا أفهم ما معنى أن يأتي إله ليقتص لإنسان بعد أربعة آلاف عام من مشكلته !!!
يعني من عانى من جور س من الفراعنة هل سيأتي الله بعد أربعة آلاف سنة (هذا إن فرضنا أن القيامة تقوم غدا أو نحوه) ليقتص له ؟؟؟؟
هل هذا يساوي سنين عمر هذا المظلوم التي قضاها في السجن أو مقهوراً على أحد أبنائه المغدورين أو ما شابه ؟؟؟؟؟
هذا لا يعني إلا تخدير المظلوم بأن القصاص آتٍ ذات يوم حتى و إن أصبحتَ هباءاً منثورا .
كذلك لا أفهم لماذا يأتي الله بكل جبروته ليعذب الناس على معتقداتهم ، لماذا لا يملك الديمقراطية و يرضى بنقمة العبد المقهور عليه ، العبد المقهور يشعر أن الله تخلى عنه فيرفضه و يقصيه بعيداً ، فيأتي الله ليترصد له و يسجّل له أفعاله ليعاقبه يوم القيامة ، و بماذا يعاقبه ؟؟؟ بحرقه في النار إلى ما لا نهاية !!!!
كلام عجيب و سقيم لا يستقيم في عقل أبداً .
لماذا يقول الله كما يقول القرآن على لسانه للمكذبين بالبعث :
"قل إن الأولين و الآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم ، ثم إنكم أيها المكذبون الضااااااااااااااااااالون لآكلون من شجرٍ من زقوم ، فمالئون منها البطون ، فشاربون عليه من الحميم ، فشاربون شرب الهيم ، هذا نزلهم يوم الدين ، نحن خلقناكم فلولا تصدقون ....." إلخ من مبررات هذا التفنن في تعذيب الناس .
لماذا لا يحتمل نتائج العقل البشري و الذي يكتشف يوماً بعد يوم أن العالم الغيبي هو عالم خرافي لا وجود له إلا في عقل الإنسان الذي يحتاجه ليعيش به و يتنفس من خلاله !!!!!
لأجل هذا يتوعد الله الناس و ينتظرهم بفارغ الصبر ، ثم يتفنن بتعذيبهم أيما تعذيب ، و من يقرأ في صنوف العذاب سواء من القرآن أو السنة يجد ما يشيب له الوجدان ، و لماذا ؟؟؟؟
فقط لأننا لم نؤمن بدعوة محمد .
يا أخي لم نقتنع بدعوة محمد لكننا نفعل الخير و لا نؤذي الناس ، أي أن المحصلة في النهاية أننا نحافظ على الأخلاق و نحترم حقوق الآخرين ، بل و نشرع القوانين البشرية بدافع الحفاظ على حقوق الآخرين ، فلماذا يأتي الله ليعذبنا و يحرقنا يوم القيامة ؟؟؟؟؟
لأننا لم نؤمن بمحمد و دعوته و غزواته و فتوحاته و الجزية التي كان يأخذها من الدول المجاورة حقناً لدماء رجالها و صوناً لنسائها و ذراريها ؟؟؟!!!!!!
أم لأننا لم نؤمن بقصة المسيح و فدائه للبشرية أو رفعه حسب القصص المتاحة لنا عنه !!!!!
بوذا حسب الأديان في النار لأنه لا يؤمن بإله ، لكن إن تقرأ كلامه في الأخلاق (و معه كونفوشيوس أيضاً) تجد أنهما جمعا الكثير الكثير من فضائل الأخلاق و حثوا الناس على فعلها ، بل تلك كانت جل رسالتهم ، هل ستقنعني أن هؤلاء سيحرقون في النار لأنهم لم يعترفوا بالإله !!!!! بينما محمد و أصحابه في الجنة و الذين قتلوا و قتلوا الكثيرين باسم الجهاد و نشر الدعوة !!!!!
أنا لا أريد أن أدين لك يا أخي و لا أريد هذه الحور العين فتأتي لتجبرني على الإيمان بك و إلاااااااااااااااااااااااااااااااااا القتال أو الجزية !!!!!!!
هل تريدني أن أقتنع أن ما كان يفعله محمد من شراء لولاءات الناس بدفع الأموال لضعيفي النفوس لضمهم إلى صفوف الإسلام هو الطريق إلى الجنة !!!!
هل يُعقَل أن يرشو نبي الله و المتكلم باسمه الناس ليدخلوا في الدين ؟؟؟؟؟؟؟
هل هذا في نظر الله أفضل من بوذا ؟؟؟؟؟؟
صدقني لو فكر كل إنسان بهدوء في هذا اليوم الخرافي المسمى يوم القيامة ، و جلس ينظر إلى نفسه التي تؤمن بهذا المعتقد الخرافي الذي تفنن الفراعنة في التجهيز له و كأنما المصري القديم كان يهتم برحلته الثانية أكثر من اهتمامه بحياته نفسها ، مروراً بتناسخ الأرواح و تحررها من خلال دورة الكالبا عند الهندوس ، إلى يوم الحساب في باقي الأديان و فقراته التي لا تقل فكاهةً عن مشهد تآمري لمحاكمة الخارجون على فكر الوالي ، لجلس يضحك ملء فيه حتى الصباح .
تحياتي لك عزيزي خوليو
و لنا عودة للمداخلة رقم 50 قريباً