مرحباً للجميع :
انتهيت البارحة من قراءة رواية تصنف من عيون الأدب العالمي كنت قد أخرتها عدة مرات نتيجة إنشغالي المتكرر ... وهذا أحد الأسباب الذي جعلني أؤجل وضع فكر زميلنا فلسطيني كنعاني على طاولة التشريح وتحت مبضعنا البارد الذي لا يرحم ....
وربما لأني اعتبر أن الفكر الحي المتفاعل لديه عدة شروط ، لم يحققها زميلنا فلسطيني كنعاني نتيجة اعتماد رؤيته على الاجترار التاريخي للأحداث بغرض الوقوف عندها والبكاء على أطلالها ، لا تحليلها وفهمها والاستفادة من العبر ومعرفة ما لها وما عليها وما لنا وما علينا ...
فقد قررت أن أضع فكر زميلنا كنعاني على طاولة التشريح والتعامل مع طروحاته كما يتعامل المشرح مع جثة هامدة فاقدة للروح ... لتشخيص سبب إصابة هذه الفكر بالسكتة المنطقية تحت ضغط إنفعاليته الشديدة .
أما السبب الثاني الذي أخرني هو إعطاء الوقت الكافي للجميع لقراءة الردود الأخيرة لزميلنا فلسطيني وتحليلها ، وهذا يسهل علينا إيصال الفكرة للآخرين عن مواضع الخلل الرهيب التي عانى منها فكره .
ولأنني مبدئي ولكن أحاول تحليل الأحداث من خلال عقلي البارد لا من خلال مبادئي .. وأحاول تبني القضايا من خلال مبادئي لا من خلال عقلي البارد ... سوف يصعب على الكثيرين فهم حيثية أني أرفض القتل بالمطلق (مثلاً) كمبدأ أخلاقي ، ولكن أستطيع بالمقابل رؤية الأسباب الكامنة وراء بعض الأفعال الشنيعة (وليس تبريرها كما يحاول البعض الايحاء نتيجة عجز منطقه) التي تحصل في التاريخ ...
فبين الذاتي والموضوعي خيط رفيع يحتاج دائماً للانتباه والتدقيق والملاحظة ... فما أكثر أخطاء الفهم التي ترتكب نتيجة الخلط المتعمد والغير متعمد بين هذين المفهومين ...
وحتى لا أطيل عليكم ... سوف أطرح جملة أمور للبحث أثناء تشريحي لفكر زميلنا كنعاني علها توقد لهيب الفكر وتطرح بدورها علامات استفهام على فكرنا الجمعي ككل تجاه قضايا المنطقة وتجاه القضية الفلسطينية ...
فهلموا بنا كي نشرح فكر زميلنا فلسطيني كنعاني :
في البداية شكراً للزميل كنعاني الذي اعترف بلسانه بانفعاليته وعدم موضوعيته في المواضيع التي نتناولها ، لأنه ينظر إلى هذه المواضيع من مبدأ الذاتية ... وهذا ما كنا نقوله وقد ثبت صحته .
المغالطات :
اقتباس:بديهي ان تكون المقاومة قوية و مسلحة إذا ارادت أن تحارب إسرائيل ... و بديهي أن تصبح شبيهة بالدولة في ظل عدم قيام الدولة بابسط مهامها و هي حفظ الامن فهذا الفراغ يجب ان يملؤه أحد و إن لم تملؤه الدولة ستملؤه الميليشيات. اما بخصوص شرعنة السلاح فقد كان مشروطا و في نفس الوقت لم يكن إلا مؤقتا بعد تضييع نفس الاطراف لما تبقى من فلسطين عام 1967 في 6 ساعات ، فيجب ان نتذكر ان نفس هذا السلاح كان مقيدا قبل 67.
- غريب مع أن كلام بسام أبو شريف (وزميلنا فلسطيني يعرف من هو ) قال أن المنظمة لم يكن يُسمح بتسليحها بشكل جدي إلا بموافقة سوريا ... أنا محتار من أصدق ...
ومن يدقق في تناقض الأقوال وأنا أميل إلى كلام بسام أبو شريف (وبالمناسبة هو من الرجالات الذي وقفوا ضد سوريا) كونه رجل له تاريخه وأنا أحبذ أن أستشهد بالمخالفين للنظام السوري كي لا أتهم (بالتبرير من قبل قصيري النظر) ، كنت أقول لماذا سوريا فضلت عدم تسليح المنظمة بأسلحة ثقيلة في ظل تورطها في المستنقع اللبناني .. أعتقد أن الجواب يبدو واضحاً للجميع ... وعلى زميلنا كنعاني أن يراجع التاريخ وكتابات رجالات المنظمة قبل أن ينظّر ...
- زميلنا كنعاني يقر بأن المنظمة كانت دولة داخل دولة وهذه " بديهية " لديه.. وبالتالي هو يقر بالحواجز التي كانت تقيمها المنظمة على الطرقات والسلطة التي مارستها على الأهالي في لبنان و التجاوزات التي كانت تحصل ويرى الأمر بديهياً ....
- من الواضح أن زميلنا كنعاني لا يعرف الكثير عن اتفاق القاهرة وحيثياته ومفاعيله ... ولذا وجب نصيحته بالقراءة والتعرف على تاريخ الحرب اللبنانية قبل التنظير عن هذا الاتفاق وربما هو لا يعرف أن السلاح الفلسطيني كان قد دخل في اشتباكات مع الجيش اللبناني وأتى هذا الاتفاق نتيجة هذه المواجهات وكيف بدء الوضع يتطور من سيء إلى أسوأ بعد شرعنة السلاح والإقرار بمنظمة التحرير إلى جانب الدولة اللبنانية كسلطة موازية على الأرض ....
- أيضاً يخطأ زميلنا فلسطيني بقوله أن السلاح كان مقيداً ... منظمة التحرير الفلسطينية قد تأسست أصلاً في عام 1964 نتيجة قرار للجامعة "العربية" (إذا لم تخني الذاكرة) ، وقد كتب الميثاق الوطني الفلسطيني في عام 68 بعد النكسة ... أي أنها تتطورت وأخذت وقتها حتى تبلورت والقضية ليست منع أو حجب ...
وحتى نعمق فهم زميلنا كنعاني للقضية الفلسطينية "قضيته" ...
يجب ملاحظة أن العرب عندما تحرروا من الاحتلال في أواسط القرن الـــ 20 وبدأت تتبلور الدول الوطنية ، كانوا لايزالون متخلفين بشكل عام في الفهم النضالي لطبيعة القضية الفلسطينية وكان لا يزال يدور ببالهم كما دار ببال "الفلسطينيين " أن تحرير فلسطين لا يتم إلا عن طريق الجيوش النظامية "على طريقة الفتح والغزوات" ... وقد أتى العمل المسلح الفلسطيني تطوراً طبيعياً بسبب انتشار الاشتراكية العالمية والتحرر الثوري وانحسار المد القومي العربي بعد هزيمة 67 ...
اقتباس:لا تتوقع الموضوعية حين يكون الحديث عن قتلة خصوصا انه لم يتم معاقبتهم بل الاحتفاء بهم و حتى إيلي حبيقة سفاح صبرا و شاتيلا كان حليفا مهما لحاكم دمشق
صبرا وشاتيلا تمت تحت سمع ونظر الجيش الإسرائيلي حتى لا يختلط على البعض كون الزميل كنعاني يحاول الخلط بأقصى طاقته ، ودمشق تحالفت مع إيلي حبيقة كونه خرج على القوات اللبنانية وليس لأنه ذبح الفلسطينيين كما يحاول أن يوحي زميلنا كنعاني .
وعلى كل حال لو أرادت دمشق عدم التعامل مع المجرمين في لبنان لما تعاملت مع أحد ....
وكان أجدر بزميلنا كنعاني من وجهة النظر الأخلاقية أن يحاسب قادته الذين صافحوا وتصالحوا مع أعدائه الذين ارتكبوا المجازر بحق الشعب الفلسطيني ليس ابتداءاً من دير ياسين وليس انتهاءاً بالمجازر الأخيرة التي ارتكبت في غزة (وهل كانت غزة غير مخيم فلسطيني كبير مع تبديل اسم "فتح" باسم "حماس" ) ..
ولسان حال أي شخص موضوعي يقول لزميلنا " يا منافق أزل الخشبة من عينك ......"
وكي أقول رأيي الذاتي (لأن البعض يختلط عليه التبرير والموضوعية السياسية ) أنا مع محاسبة كل شخص قتل مدني ومع أن نطور أنظمتنا وشعوبنا لكي تؤمن بمبدأ قدسية الحياة الفردية ...
والسؤال الحقيقي هل فقط أنظمتنا الملومة أم أن الشعوب التي أنتجت هذه الأنظمة أصلاً لا تؤمن بحرية الفرد وبقدسية الحياة الفردية ... ؟
أترك الجواب لكم .
اقتباس:و الحرب اللبنانية استمرت حتى بعد خروج عرفات مثلما كانت موجودة قبل تواجده
هذه نقطة تدل على سطحية زميلنا كنعاني في نظره للتاريخ ... ويطرح تساؤل مهم... وهو :
متى خرج عرفات من لبنان في الـــ 82 أم في الـــ 83 أم بعد انتهاء حرب المخيمات ...؟
وهل الخروج هو بمعناه الجسدي الضيق أم بمعناه السياسي الواسع الذي يعني النفوذ ؟
اقتباس:ما دخل هذه القفشة الغير مضحكة هنا ؟؟ منفتح او غير منفتح .... هل تقصد ان شهادة بقرادوني بحق الشهيد عرفات ليس لها اي معنى ؟؟
المصيبة ان السياسيين الفلسطينيين لضعف واقعهم لا يتكلمون بصراحة عن الكثير من الاحداث و يفضلون الصمت حتى لا يزيدوا الطين بلة .... المشكلة عند البعض أنه حتى الشهادات من مصادر معادية للفلسطينيين مرفوضة إذا كانت لصالحهم !!
أنا مستعد أن نأخذ شهادة بقرادوني على محمل الجد ... ولكن بشرط صغير هو عدم الانتقائية ...
فلو قرأ زميلنا كنعاني كتاب بقرادوني "لعنة وطن" لوجد أن شهادته بحافظ الأسد تتجاوز شهادته بالجميع عدة مرات ، ولما كان استشهد به أصلاً ...
اقتباس:أنا متأكد لو أننا امتلكنا الاسلحة النووية ف 90 % ستتوجه لأهداف غير إسرائيل ....
عينة من التشنج الانفعالي الذي يتمتع به زميلنا الكنعاني ...
اقتباس:المشكلة ان البعض يصور بداية الحرب اللبنانية و كانها فلسطينيين ضد كتائب و هذا كذب في التاريخ و الجغرافيا
زميلنا كنعاني لم يقرأ شيء عن الوجود المسلح الفلسطيني في لبنان قبل 75 فهو يعتقد أن مشكلة الحرب الأهلية الأخيرة قد جر إليها الفلسطينيين جر ... !!
إن أسباب الحرب الأهلية اللبنانية الأخيرة في الـــ 75 بسرد سريع كانت تتفرع إلى قضيتين .
القضية الأولى : مشكلة الوجود الفلسطيني المسلح
القضية الثانية : ومواجهة أحزاب اليسار اللبناني "الإسلامي في عمومه " لهيمنة اليمين اللبناني "المسيحي" على الدولة وقد التقت الأسباب لتفجر حرباً ... (عزيزي القارئ قم بربط تطور منظمة التحرير الفلسطيني بقولنا السابق بانتشار الاشتراكية مع أحزاب اليسار اللبناني ليتضح تلاقي المصالح والشعارات )
اقتباس:في حين ان الفلسطينيين ما كان من الممكن ان يشاركوا في هذه المواجهة إطلاقا لو لم تكن معهم بقية القوى و الطوائف اللبنانية بل و بدون حتى تشجيع و تحريض من بقية اللبنانيين و على راسهم كمال جنبلاط
لقد قلت لكم سابقاً أن زميلنا كنعاني يرى بعين واحدة ما يعجبه فقط ويسوق لمعلومات خاطئة وبشهادة حلفاء الفلسطينيين في الحرب اللبنانية ....
لم يكن كمال جنبلاط يريد أن تشتعل حرب الجبل وفي عقر داره ولكن ما دفعه لها إحراجات ومزايدات وتشجيع البعض ومنهم كان الفلسطينيين ... أي أن الفلسطينيين كانوا من جملة المحرضين وليس العكس ...
اقتباس:نعم عرفات كان صارما فيما يتعلق برؤيته و كان لديه نوع من الدكتاتورية في قراراته الداخلية ، و لكن في النهاية تبقى رؤيته هي رؤية فلسطينية و ليست رؤية اجنبية
حبذا لو بدلنا اسم عرفات باسم أي حاكم عربي ماذا ينتج لدينا ...؟!!
اقتباس:ألاحظ انك تأخذ الكلمات و تفسرها على غير المقصود منها ...
مرة اخرى تتجاهل أن الجيش اللبناني انفرط في يوم و ليلة ..... و نفس أفراد هذا الجيش حاربوا بعضهم ، و مؤخرا في الحرب الاخيرة بين نصرالله و جنبلاط وقف نفس هذا الجيش موقف المتفرج و الحجة بانه إذا تدخل "حيفرط " !!! نعم لذلك نقول بوضوح و استنادا للواقع التاريخي و الواقع الحالي الدولة اللبنانية ضعيفة حتى دون التواجد الفلسطيني.
جيد الدولة اللبنانية ضعيفة دون التواجد الفلسطيني ... لقد اتهم زميلنا كنعاني سوريا بالقذارة والدور الأقذر ووزع الأوصاف متسلحاً بالنظريات الأخلاقية ...
وعندما طرحنا أمامه معضلة أخلاقية تهرب باتهامنا بعدم فهمه وسوف نطرحها مرة أخرى ليتضح تهربه أمام الجميع ...
إذا كان الزوج "الدولة" ضعيفاً بغض النظر عن السبب ، فهل يحق للآخرين استباحة البلد "الزوجة والأولاد" وهزيمتهم في عقر دارهم من منظور أخلاقي ..؟
وإذا قلنا على النقيض أن الدولة قوية وتفرض سيطرتها على من يتواجد على أراضيها فهل هذا يعني أنها غير أخلاقية ... ؟
حبذا لو لم يقع زميلنا كنعاني في التصنيفات الأخلاقية من القذر ومن الأقذر والتزم التحليل السياسي بين الصح والخطأ ... ولا أعتقد أن من كان يسحل المهزوم كان أخلاقياً جداً كائناً من كان ...
اقتباس:الفلسطيني أصلا ما كان يجب أن يدخل في تلك المتاهات ، فالاراضي التي حول فلسطين اراضي اجنبية و لن تعامله كمقاوم و ثائر يتلقى الدعم بل كمسلح اجنبي يهدد الامن أو لاجىء مهمش سياسيا في احسن الاحوال
نظرة الزميل كنعاني للصراع طفولية فهو يحمل مفهوم ، إما أن تصبح كل العواصم العربية هانوي في سبيل القضية الفلسطينية وإما هي أجنبية ....
ونسي أن الفلسطيني ذهب إلى لبنان ولم يكن مهمش ولا لاجئ ومارس سلطة توازي سلطة الدولة فوضع الحواجز على الطرقات بدل أن يحاول التفرغ لقضية من المفروض أنها هي القضية المركزية ...
إن الفلسطينيين إذا أردنا أن نكون منصفين تورطوا مرغمين في بعض الصراعات اللبنانية ولكن في بعضها الآخر تورطوا بأيديهم ولم يورطهم أحد ...
اقتباس:لذلك اي فلسطيني يلوم الناطقين بالعربية أو يصيح " وين العرب" ، اقول له بصوت عالي " روح انتاك "
إن الصرخة التي يطلقها الفلسطيني عاطفية عروبية تستند في جذورها إلى صرخة "وا معتصماه" في لا وعيه ... وجواب زميلنا كنعاني ليس أكثر من جواب إنفعالي طفولي ...
اقتباس:هناك اساطير يجب ان تحطم لأنها تكررت عدة مرات.
1-المال كان خليجيا بترودولاريا و هذا المال ما كان لينشأ أصلا و ترتفع اسعار البترول لولا استغلال ماساة فلسطين
النفط ارتفع بسب الحروب العربية الإسرائيلية وليس بسبب استغلال مأساة فلسطين ... يعني "العرب" لو لم يحاربوا ما كانت الأسعار لترتفع ، حتى ولو تاجروا بالقضية سنوات وسنوات .. ثم أن الأموال ليست فقط خليجية لا تنسى الدول العربية في إفريقيا ...
اقتباس:3- من استشهد في سبيل فلسطين لعدالتها فلا اشكك في نواياه و الف وردة على ضريحه ، أما من مات لاسباب قومية و دينية فهو برايي ضحية من ضحايا تعصبه لهذه الافكار.
أوليس زميلنا كنعاني ضحية لتعصبه الكنعاني ...؟
وهو يذكرني على كل حال بطريقة سعيد عقل في رؤيته لذاته وللآخرين ... وأعتقد أنكم تعرفون من سعيد عقل ...
اقتباس:بعض الشهادات و الوقائع في هذا البرنامج الوثائقي تدل على وساخة النظام السوري و بعضا من جرائمه ضد منظمة التحرير الفلسطينية .
كل الوثائقيات عن المنظمة وحرب لبنان قد شاهدتها وهذا الوثائقي يحكي عن وجهة نظر المنظمة وآخرين بالأحداث التي مرت بها المنظمة ويكتفي بعرض خطاب في مجلس الشعب السوري عن الحدث ... ولا يعرض أراء محللين سوريين بالأحداث ... أي ما يسمونه (الرأي والرأي الآخر) ...
إنه وثائقي خاص عن المنظمة يحاول سبر الأحداث من داخلها ... وهذا ما يؤكد أن زميلنا كنعاني مؤدلج لا يريد الاستماع للصوت الآخر ... لا بأس من أن نشاهده ...
ونصيحة لمن لا يريد أن يقرأ عن تاريخ الحرب اللبنانية أن يشاهد الوثائقي حرب لبنان الذي عرض على الجزيرة ... ويستطيع أن يشاهده على موقع youtube تحت اسم Lebanon War وهو مؤلف من 85 جزء ... هو مقبول كوثائقي رغم أنه مختصر ... ويعرض جميع الآراء على اختلافها ويمر على معظم الأحداث على كثرتها ، وقد تعمدت عدم الإشارة إلى أجزاء بعينها كي أترك للمشاهد أن يشاهد كل شيء وكي لا أكون انتقائياً في إبراز بعض وجهات النظر دون الأخرى .
في النهاية :
إلى هنا ، شرّحت فكر زميلنا كنعاني وأعتقد أنه بدا واضحاً للجميع ....
وقد ظهر جلياً للجميع أن زميلنا كنعاني مصاب بخيبة أمل شديدة من العرب والعروبة وإن لم يعترف بذلك بدليل القنابل النووية التي يريد أن يوجهها على الآخرين ، وهذه الخيبة الشديدة أدت به إلى الكفر بالعروبة واعتقاده أنها هي من ضيعت فلسطين ... متناسياً أن القضية الفلسطينية من التعقيد والحجم بحيث أن لا العرب في ذاك الوقت أو في وقتهم الحالي يستطيعون حلها ضمن الوسائل المتاحة والظروف السائدة ، إن تحميل ضياع فلسطين للعرب فقط .. أمر طفولي كمن يريد أن يلقي المسؤولية عن كاهله ويرتاح ....
لست هنا لأبرر هذا التصرف او ذاك ولا يعنيني الأمر ... ولكن لا بأس من إحداث صدمة في فكر البعض بين الفينة والأخرى ...
فكر الذين ينظرّون علينا بحلول وتحليلات واستنتاجات نتجت عن ضغوط إنفعالية متشنجة في لحظات عصيبة وأصبحت مبادئ يعتنقونها ...
فكر ينكر على الآخرين تصرفاتهم ويعيبها ويأتي بمثلها ... ليستنتج أن الآخرين كانوا لا أخلاقيين وهو الوحيد الذي كان أخلاقياً ...
فكر يعامل محيطه بعدائية تقارب العنصرية ...
ولإني بعكس البعض تماماً لا أخشى تهمة ممالئة أحد أو معارضة أحد وأقول رأيي الذي أقتنع به وأحاول أن يكون بعد تحليل دقيق وابتعاد عن الذاتية قدر الإمكان ...
سوف نقول ما نراه رغم أنه لا يصح عرضه في سطور مختصرة فالموضوع يحتاج إلى شرح مطول لحيثيات فهمنا واستنتاجاتنا ولكن لا بأس أن نقول في موضوع عرفات التالي :
عرفات كان يصارع على حرب نفوذ داخل منظمته وخارجها بعد هزيمته عام 82 وهذا أمر طبيعي بعد كل هزيمة هناك انشقاقات واختلال في البنية ، وما عودته إلى طرابلس في 83 وحرب المخيمات فيما بعد إلا صراع نفوذ ذهب ضحيته الأبرياء بين المتصارعين ... وهذا ما يرفض أن يراه البعض نتيجة أدلجته الواضحة وعدم فهمه للسياق الموضوعي للتاريخ لا أستطيع أن أختصر التاريخ بمجزرة وأجلس لأغني على ليلاي .. يجب أن أعرف لماذا حصلت هذه المجزرة وما الظروف الحقيقية التي أدت لها ...
والسؤال يبقى إذا كان الآخرين مخطئين في حرب المخيمات (وهذا صحيح) فهل عرفات لم يضحي بالمخيمات وأهلها في سبيل نفوذه ... سؤال برسم الجميع ولمن يقرؤون التاريخ ...؟
والسؤال الأكبر هل حارب عرفات فعلاً من أجل فلسطين أكثر أم من أجل فتح ونفوذه داخلها أكثر ...؟
أترك لكم أن تصطدموا بالسؤال الذي لن يعجب الكثيرين ... ولكنها دعوة لمراجعة تاريخنا بعيداً عن العواطف والإنفعالية المتشنجة ...
إلى هنا وسوف أنسحب من النقاش لإنشغالي في المدة القادمة .. وربما أعود إذا توفر الوقت والمزاج ...
وعذراً من الجميع