بدأت القصة اللعينة في اليوم التالي لآخر أيام عيد الفطر السعيد، كان يوم أربعاء ...
بدأت أشعر بالقشعريرة، لكن لم أعر الموضوع ذلك الإهتمام، حبتين بنادول ومشيت الأمور ... كنت ليلتها قد قضيت الليلة عند دار عمي لأنني قمت بإيصال ابن عمي وصديقي إلى المطار صباح اليوم التالي الخميس فأحببت أن أقضي الليلة معه خصوصا أننا لا نرى بعضنا إلا في المناسبات بعد أن فرقنا الزمان ... خلال تلك الليلة، أحسست بالحرارة تلتهمني، ولا أدري كيف أقنعت نفسي بأن الجو كان حارا!!!!
مرت الليلة على خير، وخلال اليوم التالي (الخميس) استطعت مكافحة الحرارة بالنوم والبنادول ... تلك الليلة، خرجت برفقة أصدقائي لنتسامر في أحد المقاهي، وخلال حديثنا مررنا بسيرة انفلونزا الخنازير، وبدأنا نتحدث عن الأعراض حسب ما قرأنا في الجرائد ومنشورات وزارة الصحة فيها حول أعراض المرض، وما قرأناه هنا وهناك على الإنترنت ... من ضمن الأعراض كانت الحرارة والغثيان والدوخة، وهذا ما كان اجتمع عندي في تلك اللحظات ... قررت أن أقوم بالفحص احتياطا خصوصا أن أمي العزيزة تعاني من خلل في مناعتها، فلم أشأ أن أخاطر بتاتا ...
في الأردن، هناك مستشفى وحيد فقط يقوم بعلاج حالات انفلونزا الخنازير، ألا وهو مستشفى الأمير حمزة في عمان، وهو تابع لوزارة الصحة ... طبعا هذا المستشفى تم بناؤه ليمثل جوهرة تاج المستشفيات في الأردن، وقامت "طنة" و"رنة" لا يعلم بها إلا الله حول المستشفى وتجهيزاته على أعلى المستويات وتجهيزه بأحدث الأجهزة الطبية والطواقم المدربة ...
إليكم صورة له:
الناظر إلى المستشفى من الخارج ينبهر لحجمه وجماليته، لكن لمن يعرف المثل القائل "من برا رخام ومن جوا سخام" فلن يخرج ذلك عن إطار مستشفى الأمير حمزة ...
دعونا من الحديث عن المستشفى الآن الذي سأعود له لاحقا ...
ذهبنا إلى المستشفى حيث توجد عيادة فحص أولي يتم فيها فحص الحرارة لا أكثر ولا أقل ... المهم، دخلت الغرفة أنا وصديقين لي كانا معي تطوعا، وحضرة جنابي غلطت الغلط الشنيع وقلت للدكتور "دكتور أنا عندي أعراض انفلونزا الخنازير" ... طبعا منظر الدكتور كان كأن أحدهم مسك صرماية ولطه على نص خلقته، كيف واحد من العوام يفتي بهكذا فتوى، وسألني "وانت شو عرفك بأعراض انفلونزا الخنازير؟؟؟"، طبعا حضرة جنابي غلطت مرة أخرى وقلت "ما وزارة الصحة راشمة الجرايد رشم عن الأعراض، وأنا عندي بعض هذه الأعراض" وعددت له الأعراض ...
قام الأخ وأخرج ميزان الحرارة ليفحص حرارتي، حذرته بأنني تناولت خافض حرارة قبل ساعة يعني حرارتي راح تطلع طبيعية، وفعلا الحرارة كانت 37 درجة، والأخ قام قال لي "ما فيك شي، وإنفلونزا الخنازير ما بيستجيب لخافضات الحرارة، ولما تبطل حرارتك تنزل عن 38 درجة بترجع لي" ... طبعا معلومة لابن الستمية كلب، اكتشفت أن إنفلونزا الخنازير يستجيب لخافضات الحرارة، وعلمت لاحقا أن الطبيب يجب أن لا يتوقف عند شكوى المريض وأن يقوم بعمل فحص عن طريق أخذ عينة من الأنف أو عينة دم للفحص، لكن الحيوان (لن أقول دكتور لأنه لا يستحق ذلك اللقب) لم يفعل ذلك، مما اضطرني للمعاناة لخمسة أيام مع حدوث مضاعفات قبل أن أرجع للمستشفى "مستوي" ...
خلال الخمسة أيام اللاحقة، وبسبب كوني مدخنا، تطور الموضوع عندي إلى التهاب قصبات هوائية حاد، وهو ما لم أعلمه للأسف ولم يخطر على بال الطبيب في المستشفى الخاص حيث ذهبت في محاولة بائسة لمعرفة حالتي التي عجزوا عن تشخيصها وافترضوا أنها حالة انفلونزا عادية و"بتعدي"!!!!
يوم الإثنين، وبعد معاناة لأيام خمسة مع الحرارة العالية، بالإضافة إلى البردية التي كانت تصيبني بقوة إلى درجة أن من شدة ارتجاج جسدي كنت أحس أن عظامي ستتحطم، حتى أن أمي العزيزة كانت تنبطح فوقي عند كل نوبة خوفا علي من الرضوض أو الإصابات بسبب قوة الرجفان التي لم أشهدها في حياتي كلها!!!!!
رجعت يوم الإثنين إلى مستشفى الأمير حمزة وأنا "مستوي عالآخر" لأجد طبيبا آخر في غرفة الفحص الأولي، هذه المرة تقدمت وبكل أدب سألت الطبيب "هل ممكن أفحص لإنفلونزا الخنازير؟؟؟" فقام الطبيب وبكل روح رياضية بفحص حرارتي والتي ناهزت الأربعين ثم قام بتوجيهي إلى قسم إنفلونزا الخنازير ذات نفسه حيث يأخذون العينة من الأنف ... القسم مرمي في آخر المستشفى في زاوية بعيدة عن كل شيء، بلا طولة سيرة قامت الممرضة بأخذ العينة وقالت لي أنهم سيتصلون بي بعد 24 ساعة لإعطائي نتيجة الفحص ...
مرت ال24 ساعة ولم يتصل أحد، إستبشرنا خيرا بأن النتيجة سلبية، لكن من أجل التأكيد قمنا بالإتصال بالخط الساخن (على أساس يعني) لنسأل عن نتيجة الفحص، كان الرد بأن نتيجتي جاءت إيجابية وبأن علي الحضور إلى المستشفى فورا ليتم إدخالي وإخضاعي للعلاج ...
من هنا تبدأ الرحلة في الجحيم ...
يتبع ...