(10-31-2009, 01:03 PM)طبيب الفكر كتب:  اذن نحن نتفق على ان العقل مؤيد بعلم الفطره وكلاهما يحتاجان للإيمان بشيئ بغض النضر عن ماهيته.
أما الدماغ الفسيولوجي فهو الذي يسعى بقوانينه لتثبيط ما يحتاجانه السابقان الذكر لعدم قدرته على إيجاد إجابات على ما يطرح هو من تساؤلات لضعفه.

والسؤال الذي أطرحه أيهما يقود الآخر, العقل يقود الدماغ أم الدماغ يقود العقل ؟ وأيهما احق بالإتباع الدماغ بضعفه أم العقل بشموليته ؟ وهي نقطة الأختلاف


نضرتي الخاصه والتي اسعى لتطويرها أن الإسلام أخذ من العقل اساساً وجعل الدماغ وسيلتاً تقود الى العقل بعد ان قومه بالمنطق والفلسفة فأوضح لنا قوانين الدماغ كـ إستحالت إجتماع المتناقضين وغيرها لنقوم بها التفكير فلا يحيد عن مساره تجاه العقل.

كذلك لكي لا يكون هنالك لبس فلم يتعارض الإسلام مع ما ذكرت فتفضلت انت بالقول : (ويبقى ان الموسيقى هي افضل احد المميزات التي تميز الانسان عن الحيوان، على الرغم من تعارضها مع ماتسميه انت سامي.) وإجابتي هي ان الإسلام لم يحرم الموسيقى بل حرم الغناء فتنبه جيداً للفرق بين الإثنين فالإشكال الأساسي واقِع في مجالس اللهو والهوى.

وللإستفاضة اكثر وحتى لا يكون هنالك لبس في هذه النقطه فإن الإشكال الشرعي الإساسي في هذه المسأله هو ما يحدث في مجالس الهوى وقد ثبت إنطباق وجود الغناء مع هذه المجالس فحرم وأما بالنسبة للآلات الموسيقية وحتى نستفيض اكثر ونقفل باب الحوار في هذه النقطه فإنها إن حُرمت فلأن أشكالها هي ذات اشكال الآلات التي تُستخدم في مجالس الهوى وإن وُجدت آله تخرج ذات الصوت بشكل مختلف لجاز استخدامها .

وللعلم فأنا من المداومين على سماع الموسيقى الكلاسيكية براديو السياره فلا إشكال عليها.

اخي طبيب الفكر
الاسلام لم يحرم الغناء كما لم يحرم الموسيقى. هل تتفضل وتقدم لي نص قرآني يحرم الغناء او الالات الموسيقي او اي شئ من ماتفضلت بتحريمه اعلاه؟ ان السلفيين والاخوان المسلمين والصحويين الوهابيين والاصوليين الشيعة هم الذين يحرمون ويحللون بالنيابة عن الله وبإسمه وبدون وجه حق وبالتعارض مع الايات القرآنية التي تشير بوضوح الى انه لايجوز تحريم مااحله الله وان كل المحرمات قد جرى ذكرها في القرآن.. اما الاجتهاد فليس ملزم الا لصاحبه. بل وحتى التحريم ليس ملزم العمل فيه الا لمن اراد ولن يمكنك ان تكون رقيبا على احد.

" ونحن " لانتفق على الاطلاق، إذ ان ماتفضلت به اعلاه ليس مفهوما وهو خلط غير مقبول. العقل لايحتاج الى الايمان، كما لايحتاج الى " تأييد" الفطرة في هذا المجال، إذ كما اشرت سابقا فإن الدماغ وليس العقل هو الذي يسعى الى الايمان لاسباب فيزيولوجية وليس عقلية.
ومن الناحية العقلية قإن سعي الدماغ مفهوم، وهذا الفهم هو الذي يحث على تحييد ميكانيزم الايمان في الاعمال العلمية والعقلية او استغلالها عقليا وجعلها في خدمة الانسان، مثلا ظاهرة المعالجة بالبلاسيبو او المعالجة بالايمان بما فيه الايمان بالبقر.
والايمان الفطري هو انتاج الدماغ بطريقة غير واعية للمعالجة بالوهم مالايمكن الاحاطة به وليس من انتاج العقل او ضرورة عقلية. بمعنى اخر الاديان هي احد ادوية الوهم التي يفتح الدماغ المجال واسعا لتفعيلها حفظا على التوازن النفسي .. وبذلك فليس مهم المضمون وانما الشكل. ولذلك فالدماغ بذاته ليس مكلف بالوصول الى اجوبة، بل على العكس برهن على قدرات فذة عندما استغل ميكانيزم عمل الدماغ " تحويل العالم الخارجي الى عالم افتراضي داخلي" ليخلق اجابات وهمية ويعطيها صورة الحقيقة في مشاعرنا.

ان الدماغ لايقود، والسؤال برمته خاطئ، إذ لايمكن ان نسأل فيما إذا كان جهاز التلفزيون يقود البرامج ام العكس. ومهما كان الامر فالقول انه لايجوز اتباع الدماغ " على خطأ هذا الطرح" يعني ان علينا ان نعارض الفطرة، وهو طرح غير مقبول. ان الحياة السليمة هي التي تتجاوب مع الفطرة وليس التي تعاكسها، وهو امر لايستطيع الاصوليين الخضوع له لان كل تعاليهم تعاكس الفطرة البشرية. ومنها مثلا " مجالس اللهو والهوا" التي اشرت اليها.. في حين يسعى اليها الانسان الطبيعي..ولايرفضها الا المريض.


الاسلام لم يأخذ من العقل، إذ لايوجد عقل صافي، على الرغم من ان الفكر هو نتاج عقلي ولهذا بالذات لايمكن ان يكون كامل او تام. ثم من اين اتيت بنقطة الاختلاف هذه؟

على من ادعى البينة -الحلية- الإثبات فتفضل.

لست مُلزماً إلا بتباع ما اذهب إليه وجملة حسبنا كتاب الله ليست من قاموسه ولا تقربه لا من قريب ولا من بعيد, فمن أخذ القرآن بلا سنه ضل واخذ السنه بلا قرآن لما احتج على احد لضعفه فلا تطالبني بأيٍ منهما فلن تجدهما لدي واحتجاجك السابق بالأولى ليس في قاموسي المذهبي او الشخصي.

لم تعجبني كذلك كلمة الأصوليين الشيعه وكذلك كلمة تحريم ما حلل الله فلا اضن ان اي منهما تُعبران عن ما في الإناء ابداً فإن كان موضوع الغناء متفق عليه بالإجماع فقد خدشتني فما انا إلا اصولي تابع, وأما الأخرى فمن اساسيات الفقه الشيعي الإثني عشري ان لا تحريم إلا بنص من القرآن او السنه سواء أكان واضحاً منصوص عليه بالأسم او المعنى وهو ما توفر والذي ذُكر لا يتفق فيه معنا إلا ما ندر من المسلمين فترى بين فتره وأخرى يخرج لك من هم على شاكلة صلاح سلطان ويحرم ما حلل الله بلا خجل ولا حياء والعكس.

اما (التحريم ليس ملزم العمل فيه الا لمن اراد ولن يمكنك ان تكون رقيبا على احد) فهو أوافقك عليه ولكن فك رقبة الدين عن عنقك وان سُألت لماذا تسمع الحرام فقل لأن نفسي اغوتني ولا تقل لأن الدين سمح لي وتلبس الدين ما هو بريئ منه.

ليس العقل إلا فكراً نتج من إجتماع الأفكار واتحادها فأختلطت وتكيفه بكيفية معينة حددتها الإطارات المجتمعية والعوامل النفسية والتربوية التي فرضت عليه كإنسان منذ الصغر فترى التكفيري ذو عقل متحجر وترى المثقف ذو عقل منفتح وترى المتعصب ذو عقل منغلق لا يمكن النفاذ إليه.

جميع هذه الأفكار لم تكن لتوجد لولا أن آمن صاحبها بها بتأثير الظروف عليه فأتخذ منها منهجاً يسير عليه فالمتدين آمن بالتدين فسار عليه وانت آمنت بخطك فما حدت عنه فلولا الإيمان لما كان هنالك عقل من الأساس فلا يكون العقل إلا بالإيمان, بل ان علاقة الإثنين كما أراها علاقة وجوديه بمتياز فكما ان الله خلق العقل فقد أوجد العقل بالإيمان حتى لا يحيد عنه هو سبحانه.

من الممكن ان اتفق معك على ان سمت الإيمان ظاهره على الدماغ كذلك في عملياته ولكن لا من الصعب ان اتفق معك على ان السمة ظهرت لسد هوة لنقص بشري معين فهي قبل ان تخالفني فهي تخالفك بالدرجه الأولى فإن استمر الجنس البشري يتعبد لأكثر من 8000 سنه من دون ان يتطور عقلياً ليسد النقص النفسي به ويحل المعضله من دون اللجوء إلى الإلتواء عليها هل يتفق مع مفهوم مبدأ التطور الذي تأخذ به ؟

الممثاله التي تفضلت بها على التلفاز لا اراها تستقيم ومثالي فأقنعني بغيرها, فالمثال مادي بحت وأما الإيمان فهو معنوي بحت نرى آثاره ولا نراه فلا أرى ان السؤال انتفى وهو يبقى مكانه :

ايهما يقود الآخر العقل يقود الدماغ ام الدماغ يقود العقل. وقد تفضلت وقلت ان الدماغ لا يقود فهل استطيع ان اقول أن نفي الأولى تعني تثبيت الأخرى ؟ أوافقك على (ان الحياة السليمة هي التي تتجاوب مع الفطرة وليس التي تعاكسها) لكن أختلف في إيرادك لكلمة الفطره خاليه من دون إتباعها بالسليمة. ومن هنا يتضح المفهومين بين من يسعى لإتباع فطره لوثتها تجاربه السايكولوجية والسيسيلوجية فحرفتها عن موردها الأول وفطره سليمة لم تؤثر بها العوام المذكوره اعلاه وهو ما امتلكه نبي الله آدم عليه السلام.

المشكلة ليست مع الأصولين بالمشكلة إن أوردتها بطريقتك فهي مع المتدينين اجمع لا الأصوليين فقط وإلى ان نتفق على معنى الفطره السليمة وما يؤثر عليها من عوامل تتسبب في أن يحيد المرء عنها فلنا كلام آخر.

مجرد الإيمان بالخالق يقتضي الإيمان بقدرته وبمجرد الإيمان بقدرته نؤمن بمُرسليه بما تُمنح لهم من قدرات إعجازية لإثبات المرسليّة وبمجرد الإيمان بمرسلين نؤمن بعصمتهم استنادا على قدرته والعصمة تقتضي العقل الصافي وهو ما توفر في النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

المثال جهاز التلفزيون والبرامج يتطابق تماما مع ماتفضلت به عن الدماغ والعقل. الدماغ هو الجهاز الذي يحوي العقل، وبالتالي فالدماغ لايقوده العقل كما ان الدماغ لايقود العقل، على الرغم من توافق عمل العقل بمكانيزم عمل الدماغ تماما كما تتوافق البرامج بميكانيزم عمل الجهاز.

ولايوجد فطرة غير سليمة. الفطرة هي الفطرة ولاتخضع لتقييمات اخلاقية نسبية وذاتية. هل تستطيع ان تقدم لنا مثالا عن " فطرة غير سليمة" بمقاييس موضوعية؟

ولااحد يتكلم عن الايمان بخالق، فهذا موضوع ديني يمكنك ان تعالجه في قسم الاديان. هنا تطرقنا فقط الى الايمان كنوع من الفطرة البشرية، وهو ايمان ليس ملزم بخالق على الاطلاق كما تقدمه لنا التجربة.. لذلك دعنا من مضامين ايمانك الذاتي رجاء

ان الايمان له العديد من الاشكال وليس الشكل الديني الحديث فقط. هنماك الايمان بالاشباح والايمان بالقوى الخارقة والايمان بالمعجزات والايمان بالقوى السحرية للاشخاص او الايمان بالعين والحسد او بروح الجبال او قوة الشامان.. وهذا الايمان هو الذي رافق الانسان بنتيجة حاجة الاميان للاستقرار النفسي والعقلي، وبالتالي لسد نقص في قدرته على ايجاد تفسيرات للظواهراو لتخفيف الالم ولبعث الثقة وبعث الامل، وهو يتفق مع مبدأ التطور تماما. إذ ان العلاج بالوهم هو ظاهرة بشرية تحديدا وقد اعطته فرصة افضل للبقاء على الحياة والوقوف كصمام امان امام قدراته العقلية المتزايدة بدون امكانية الحصول على تفسير للظواهر او الاحداث او الالم.

أولاً اعذرني على تأخري كثيراً في الرد على ما تفضلت به,

بالنسبة للفطره فلم أقل في أي رد من ردودي بأن بعض البشر يمتلكون "فطره غير سليمة" فهذا محال ولكنني قلت بأن البعض يمتلكها صافية نقية لم تتداخل مفاهيمها الموجوده في ذات الإنسان مع الكسبيات التي تختلف من فرد لآخر وأقصد بالكسبيات ما يكتسبة الفرد من مجتمعه كحب الرياضة وكره التدخين وتفضيل العمل الشريف على السرقة او حث النفس على قول الصدق مهما تكن العواقب, أما البعض الآخر فقد تداخلت ما وصفتها بالكسبيات مع اُسس الفطره فحرفتها عن مسارها فبات الأصل الموجود في الذات مشوش بفعل عوامل مجتمعية ونفسية.

بمعنا آخر, الأساس واحد لدى الجميع ولكن الفروع تختلف والأختلاف في الفروع لا يستوجب إختلاف الاساس

مفهومي الشخصي للإيمان متداخل مع الدين فرأيت انه من الواجب طرحه وإن كان به تداخل ولا يصح الإتيان به كما تفضلت وأعذرني على الشبك.

ولأكون منصفاً لا استطيع ان اقول بأني اختلف كلياً مع ما تفضلت به انت من طرح ولكن يبقى الأختلاف على اي مستوى يمكن تطبيق ما تفضلت به.

فإن كنا نتحدث عن الأساطير و القصص الخيالية والمستذئبين وما يليها فيمكن القول بأني اتفق معك في اغلب ما طرحت من افكار ولكن إن كنا نتحدث عن اساس الإيمان فأنا اختلف معك كلياً فيه.

عزيزي طبيب الفكر..
من هنا نتفق على ان الموسيقى هي فطرة بشرية " سليمة"، على إعتبار ان كل فطرة " سليمة" ولاتوجد فطرة غير سليمة. مايكتسبه الانسان بالتربية لايوصف بتعبير " الفطرة" التي توصف به الظاهرة الاساسية. لهذا السبب اضطر الباحث الى الذهاب الى شعب منعزل لم " يلوث فطرته الموسيقية".

وبشكل عام اشكرك على مداخلاتك القيمة، ولاارى نقاط خلاف اخرى تستدعي المزيد من التعليق، مع ترحيبي بأي وجهة نظر اخرى