{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 2 صوت - 3 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
أينشتين يكتب عن الاشتراكية
مجدي نصر غير متصل
بأرض العدم
*****

المشاركات: 795
الانضمام: May 2009
مشاركة: #1
أينشتين يكتب عن الاشتراكية
لماذا الاشتراكية؟
بقلم:
ألبرت أينشتين
أبريل 2007
ترجمة:
سلمى سعيد
الاصدار: أوراق اشتراكية
الناشر:
مركز الدراسات الاشتراكية



هل من المستحسن لشخص ليس خبيرا في القضايا الاقتصادية والاجتماعية التعبير عن آرائه حول موضوع الاشتراكية؟ أعتقد أن هذا ممكن لعدة أسباب.



أود أولا أن ننظر إلى الموضوع من زاوية المعرفة العلمية. قد يبدو أنه لا توجد اختلافات منهجية أساسية بين علمي الفلك والاقتصاد. إذ يحاول العلماء في كلا المجالين اكتشاف قوانين لها قبول عام لمجموعة محددة من الظواهر لجعل الترابط بين هذه الظواهر مفهوما بقدر الإمكان.



لكن في الحقيقة فإن الاختلافات المنهجية موجودة بالفعل. اكتشاف قوانين عامة في مجال الاقتصاد أمر صعب لأن الظواهر الاقتصادية الملاحظة غالبا ما تتأثر بكثير من العوامل التي يصعب تقييمها بشكل منفصل. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الخبرة التي تراكمت منذ بداية ما يسمى بفترة الحضارة في التاريخ الإنساني قد تأثرت وتقيدت إلى حد كبير، كما هو معروف جيدا، بأسباب لا يمكن وصفها بأنها اقتصادية كلية في طبيعتها. على سبيل المثال، فإن معظم الدول الكبرى في التاريخ تدين في وجودها إلى الغزو. وقد أرسى الغزاة وجودهم، قانونيا واقتصاديا، بوصفهم الطبقة المتميزة في البلد المحتل. فاحتكروا ملكية الأراضي وعينوا رهبانا من بين صفوفهم. وحيث أن الكهنة مسيطرون على التعليم، فقد جعلوا الانقسام الطبقي في المجتمع نظاما ثابتا، وخلقوا منذ ذلك الحين نظاما من القيم يقوم بتوجيه الناس، بشكل غير واع بدرجة كبيرة، في سلوكهم الاجتماعي.



ولكن الإرث التاريخي هو، إذا جاز التعبير، أمر من الماضي. لم يحدث حقا أن تجاوزنا في أي مكان ما أطلق عليه ثورستاين فيبلين "مرحلة الافتراس" في التطور البشري. لذا تنتمي الوقائع الاقتصادية القابلة للملاحظة إلى تلك المرحلة، وحتى القوانين المستقاة منها لا تنطبق على المراحل الأخرى. وبما أن الهدف الحقيقي للاشتراكية هو بالضبط التغلب على (والانتقال من) مرحلة الافتراس في التطور البشري، فإن العلوم الاقتصادية في حالتها الراهنة يمكنها فقط أن تلقي ضوءا قليلا على المجتمع الاشتراكي المستقبلي.



ثانيا، تتوجه الاشتراكية صوب هدف اجتماعي وأخلاقي. أما العلم فلا يمكنه وضع أهداف ولا غرسها في البشر. العلم، في الأغلب، يمكنه توفير وسيلة لتحقيق أهداف معينة. ولكن الغايات نفسها يتم تصميمها عن طريق شخصيات لديها مُثل أخلاقية سامية. وإذا كانت هذه الأهداف ليست ميتة، بل حيوية وقوية، فإن من يتبناها ويدفعها إلى الأمام هو أولئك البشر الكثيرون الذين يحددون، بنصف وعي، التطور البطيء للمجتمع.



ولهذه الأسباب، يجب أن نحرص ألا نبالغ في أهمية العلم والأساليب العلمية عندما يتعلق الأمر بمشاكل البشر؛ ويجب ألا نفترض أن الخبراء وحدهم لهم حق التعبير عن آرائهم في المسائل التي تؤثر على تنظيم المجتمع.



على مدى فترة من الزمن، أكد عدد لا يحصى من الناس أن المجتمع البشري يمر بأزمة، وأن استقراره مدّمر بشكل خطير. ومن خصائص هذه الحالة أن يشعر الأفراد بلا مبالاة، أو حتى بالعداوة تجاه المجموعة التي ينتمون إليها سواء كانت صغيرة أو كبيرة. ولأوضح ما أقصده، اسمحوا لي أن أسجل تجربة شخصية. لقد تناقشت مؤخرا مع رجل يتصف بالذكاء وحسن التصرف حول خطر حرب جديدة، والتي في رأيي ستعرض الوجود البشري للخطر، وذكرت أن منظمة متعدية للحدود القومية فقط يمكنها أن توفر الحماية من هذا الخطر. فقال الزائر بشكل هادئ وبارد جدا: "ولماذا تعارض بشدة فكرة اختفاء الجنس البشري؟"



أنا متأكد أنه من قرن واحد فقط لم يكن أحدا ليقول بخفة عبارة من هذا القبيل. فهي عبارة من رجل يسعى عبثا لتحقيق التوازن داخل نفسه، ولكنه تقريبا فقد الأمل في النجاح. وهي تعبير عن الوحدة والعزلة المؤلمة التي يعاني منها الكثيرون هذه الأيام. ما هو سبب هذا؟ وهل هناك مخرج؟



من السهل أن يثير المرء هذه الأسئلة، ولكن من الصعب الإجابة عليها بأي درجة من الثقة. ولكن يجب أن أحاول، قدر استطاعتي، رغم أنني مدرك تماما لحقيقة أن مشاعرنا ومساعينا غالبا ما تكون متناقضة وغامضة، ولذلك لا يمكن التعبير عنها في صيغ سهلة وبسيطة.



يعتبر الإنسان كائن اجتماعي وانفرادي في آن واحد. وباعتباره كائن إنفرادي، فإنه يحاول حماية وجوده ووجود أقرب الناس إليه لإرضاء رغباته الشخصية وتطوير قدراته الفطرية. أما باعتباره كائن اجتماعي، فنراه يسعى إلى الحصول على اعتراف ومحبة زملائه البشر، وإلى مشاركتهم في المسرات، ومساعدتهم في الأحزان، وتحسين ظروف حياتهم.



فقط وجود هذه التباينات، التي كثيرا ما تتضارب، في شخصية الإنسان، وفقط تركيباتها المختلفة، هي التي تحدد إلى أي مدى يمكن للفرد أن يحقق توازنه الداخلي ويمكن أن يساهم في تحسين مجتمعه.



من الممكن أن تكون قوة هذين الدافعين (الاجتماعي والانفرادي) محددة، في المقام الأول، بعوامل الوراثة. لكن الشخصية التي تتبلور في نهاية المطاف تكون في أغلبها نتاج البيئة التي يعيش فيها الإنسان أثناء تطوره، ونتاج بنية المجتمع الذي ينمو فيه، بالإضافة لتقاليد هذا المجتمع وتقييمه لأنواع معينة من السلوك.



إن المفهوم المجرد المسمى "المجتمع" يعني بالنسبة للإنسان الفرد: مجموع العلاقات المباشرة وغير المباشرة مع معاصريه ومع جميع الناس من الأجيال السابقة. يستطيع الفرد التفكير والشعور والكدح والعمل بمفرده. ولكنه يعتمد كثيرا على المجتمع في وجوده الجسدي والفكري والعاطفي، إلى حد أنه من المستحيل التفكير فيه، أو فهمه، خارج إطار مجتمعه. فـ"المجتمع" هو الذي يمد الإنسان بالطعام والملبس والمسكن وأدوات العمل واللغة وأشكال التفكير وبالجزء الأكبر من مضمون أفكاره. فحياة الإنسان أصبحت ممكنة بفضل عمل وإنجازات ملايين البشر في الماضي والحاضر، وهو الأمر الذي تتضمنه تلك الكلمة الصغيرة: "المجتمع".



من الواضح إذن أن اعتماد الفرد على المجتمع هو حقيقة من الطبيعة لا يمكن إلغاؤها – تماما كما هو الحال لدى النمل والنحل. ولكن في حين أن حياة النمل والنحل بتفاصيلها الدقيقة مبنية على غرائز ثابتة وموروثة، نجد أن الأنماط والعلاقات الاجتماعية للبشر متباينة كثيرا وعرضة للتغيير. فالذاكرة، والقدرة على خلق تركيبات جديدة، وهبة الاتصال الشفهي، كل هذه أمور ساعدت على إحداث تطويرات في أوساط البشر لم تكن تمليها الضرورات البيولوجية. وتعبر هذه التطويرات عن نفسها في التقاليد والمؤسسات والمنظمات، في الأدب والإنجازات العلمية والهندسية، بالإضافة إلى الأعمال الفنية. وهذا يفسر كيف أن الإنسان يمكنه، بمعنى ما، أن يؤثر بسلوكه على حياته، وأن التفكير الواعي والرغبات يلعبان دورا خلال هذه العملية.



يولد الإنسان بتكوين بيولوجي مصدره الوراثة. وهو ثابت لا يتغير، بما يتضمنه من الدوافع الطبيعية التي تميز الجنس البشري. وبالإضافة إلى ذلك، يكتسب الإنسان خلال حياته تكوينا ثقافيا من خلال الاتصال ومن خلال طرق أخرى عديدة للتأثير الاجتماعي. ويكون التكوين الثقافي قابلا للتغيير مع مرور الزمن، وهو الذي يحدد إلى حد كبير العلاقة بين الفرد ومجتمعه. إذ علمتنا الأنثروبولوجيا الحديثة، من خلال التقصي المقارن لما يطلق عليه الثقافات البدائية، أن السلوك الاجتماعي للإنسان قد يختلف كثيرا على أساس الأنماط الثقافية السائدة وأنواع المنظمات التي تسود في المجتمع. إنه لعلى تلك الحقيقة ينبغي أن يضع أولئك الذين يسعون إلى تحسين أوضاع الإنسان آمالهم: فالبشر ليسوا محكوم عليهم حتما، بسبب تكوينهم البيولوجي، بالسعي إلى إبادة بعضهم البعض أو الحياة تحت رحمة مصير قاسي سببوه لأنفسهم.



إذا سألنا أنفسنا كيف يمكن تغيير بنية المجتمع والميول الثقافية للإنسان لجعل الحياة الإنسانية مرضية إلى أقصى حد ممكن، علينا أن ندرك دائما أن هناك بعض الظروف التي لا يمكن تعديلها. فكما ذكرت من قبل، فإن الطبيعة البيولوجية للإنسان، لأسباب عملية كثيرة، ليست موضوعا قابلا للتغيير. علاوة على ذلك، فإن التطورات التكنولوجية والديمجرافية التي حدثت في القرون القليلة الماضية خلقت بعض الظروف التي وجدت لتبقى. ففي الأوساط السكانية الكثيفة والمستقرة، باحتياجاتها من السلع الضرورية لاستمرار وجودها، يكون التقسيم المعقد للعمل ووجود جهاز إنتاجي مركزي تماما أمران ضروريان بشكل مطلق. لقد انتهى إلى الأبد ذلك الوقت الذي كان يمكن فيه للأفراد أو المجموعات الصغيرة نسبيا أن تكون مكتفية ذاتيا تماما، وهو أساسا تصور يبدو، بالنظر إلى الوراء، رومانتيكيا تماما. إنها لا تعد مبالغة كبيرة أن نقول أن البشرية تشكل الآن مجتمعا كوكبيا واحدا للإنتاج والاستهلاك.



أود الآن أن أشير بإيجاز إلى ما يشكل في وجهة نظري جوهر أزمة عصرنا؛ إنها تتعلق بالعلاقة بين الفرد والمجتمع. فالفرد أصبح أكثر إدراكا من أي وقت مضى لاعتماده على المجتمع. ولكنه لا يرى هذا الاعتماد على أنه خبرة إيجابية، رابطة عضوية، أو قوة حماية، بل يراه كتهديد لحقوقه الطبيعية أو حتى لوجوده الاقتصادي. علاوة على ذلك، فإن وضع الفرد في المجتمع يأخذ شكلا يعزز من الدوافع الأنانية في تكوينه، بينما تميل دوافعه الاجتماعية، وهي بطبعها ضعيفة، إلى التدهور تدريجيا. كل البشر، مهما كان وضعهم في المجتمع، يعانون من عملية التدهور هذه. فعلى أساس من وقوعهم بدون أن يدروا أسرى لذاتيتهم، نجدهم يشعرون بعدم الأمان والوحدة وبالحرمان من متع الحياة الساذجة والبسيطة وغير المعقدة. يمكن للإنسان أن يجد معنى للحياة، وهي قصيرة ومليئة بالمخاطر كما نعلم، فقط إذا كرُس نفسه للمجتمع.



الفوضى الاقتصادية للمجتمع الرأسمالي كما هو قائم اليوم هي في رأيي المصدر الحقيقي للشر. نرى أمامنا مجتمع ضخم من المنتجين يسعى أعضاؤه بلا توقف لحرمان بعضهم البعض من ثمار عملهم الجماعي ـ ليس باستخدام القوة، ولكن بالإخلاص في الامتثال للقواعد القانونية للمجتمع! وفي هذا الصدد، من المهم أن ندرك أن وسائل الإنتاج ـ وهي كل الطاقة الإنتاجية اللازمة لإنتاج السلع الاستهلاكية والسلع الرأسمالية ـ يمكن قانونا أن تكون، وهي بالفعل كذلك في أغلبها، ملكا للأفراد.



وللتبسيط، سأطلق في المناقشة التالية على كل الذين لا يشاركون في ملكية وسائل الإنتاج كلمة "العمال"، مع أن ذلك لا يتطابق تماما مع الاستخدام المألوف للكلمة. المالك لوسائل الإنتاج يكون في وضع يمكّنه من شراء قوة عمل العامل. وباستخدام وسائل الإنتاج، ينتج العامل سلعا جديدة تصبح ملكا للرأسمالي. والنقطة الأساسية في هذه العملية هي العلاقة بين ما ينتجه العامل وما يتقاضاه من أجر، كلاهما مقاسا بالقيمة الحقيقية. فبقدر ما يكون عقد العمل "حرا"، فإن ما يحصل عليه العامل لا تحدده القيمة الحقيقية لما ينتجه من سلع، ولكن يحدده الحد الأدنى من احتياجاته، وأيضا متطلبات الرأسماليين من قوة العمل نسبة لعدد العمال المتنافسين على الوظائف. من المهم أن نفهم أنه حتى من الناحية النظرية لا يتحدد مرتب العامل على أساس ما ينتجه.



يميل رأس المال الخاص إلى التركز في يد أقلية، جزئيا بسبب المنافسة بين الرأسماليين، وجزئيا بسبب أن التطور التكنولوجي وزيادة تقسيم العمل يشجعان على تشكيل وحدات إنتاج أكبر على حساب الوحدات الصغيرة. ونتيجة هذه التطورات تتكون أوليجاركية* رأس المال الخاص ذو القوة الهائلة التي لا يمكن كبحها حتى بواسطة مجتمع سياسي منظم بشكل ديمقراطي.



هذه هي الحقيقة لأن أعضاء الهيئات التشريعية يتم اختيارهم بواسطة الأحزاب السياسية التي يتم تمويلها بشكل أساسي، أو التي يتم التأثير عليها بوسائل أخرى، من قبل أصحاب رؤوس الأموال الخاصة الذين يفصلون، لمختلف الأسباب العملية، بين جمهور الناخبين والمجلس التشريعي. والنتيجة هي أن ممثلي الشعب في الحقيقة لا يوفرون حماية كافية لمصالح القطاعات المحرومة من السكان. وعلاوة على ذلك، وفي ظل الظروف الراهنة، فإن الرأسمالية الخاصة تسيطر، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، على المصادر الرئيسية للمعلومات (الصحافة والإذاعة والتعليم). ولذلك فمن الصعب جدا، بل وفي معظم الحالات مستحيل، أن يصل الفرد إلى استنتاجات موضوعية أو أن يستخدم حقوقه السياسية بذكاء.



ولهذا فإن الحالة السائدة في الاقتصاد القائم على الملكية الخاصة لرأس المال تتميز بمبدأين رئيسيين: أولا، وسائل الإنتاج (رأس المال) مملوكة للقطاع الخاص والمالك لديه حق التصرف فيها كما يشاء. ثانيا، عقد العمل حر. وبالطبع لا يوجد شيء اسمه المجتمع الرأسمالي النقي. وبصفة خاصة، ينبغي الإشارة إلى أن العمال، خلال نضالات سياسية طويلة ومريرة، نجحوا في تحقيق شكل أفضل لـ"عقد العمل الحر" لفئات معينة من العمال. لكن ككل، الحالة الاقتصادية اليوم لا تختلف كثيرا عن الرأسمالية "النقية".



هدف الإنتاج هو الربح وليس المنفعة الاستعمالية. وليس هناك آلية يجد من خلالها من يقدرون على العمل ويرغبون فيه دائما فرص عمل؛ فـهناك دائما "جيش للعاطلين". والعامل في خوف دائم من فقدان وظيفته. وبما أن العاطلين والعمال الذين يتقاضون أجورا متدنية لا يمثلون سوقا مربحة، فإن إنتاج السلع الاستهلاكية يتقلص وينتج عن ذلك مشقة كبيرة. أما التقدم التكنولوجي فهو يتسبب كثيرا في زيادة البطالة بدلا من التخفيف من عبء العمل على الجميع. ويعتبر دافع الربح، بالإضافة إلى المنافسة بين الرأسماليين، هما المسئولان عن عدم استقرار عملية تراكم وتوظيف رأس المال، الأمر الذي يؤدي إلى تزايد حدة الكساد. غير أن المنافسة غير المقيدة تؤدي إلى إهدار هائل في طاقة العمل وإلى إعاقة الوعي الاجتماعي للأفراد الذي أشرت إليه من قبل.



أسوأ شرور الرأسمالية من وجهة نظري هو إعاقة وعي الأفراد هذه. فنظامنا التعليمي كله يعاني من هذا الشر. فالميل التنافسي المبالغ فيه يسيطر على ذهن الطالب الذي يتم تدريبه على عبادة النجاح المعتمد على الاستحواذ كوسيلة لإعداد نفسه لمستقبله الوظيفي.



أنا مقتنع بأن هناك طريقة واحدة للقضاء على هذه الشرور الكبرى، وهي إقامة اقتصاد اشتراكي، يرافقه نظام تعليمي موجه نحو تحقيق أهداف اجتماعية. ففي مثل هذا الاقتصاد تصبح وسائل الإنتاج ملكا للمجتمع نفسه وتستخدم بطريقة مخطط لها. الاقتصاد المخطط، الذي يربط الإنتاج باحتياجات المجتمع، سوف يقوم بتوزيع الجهد والعمل بين جميع القادرين على العمل، وسوف يضمن وسيلة معيشة لكل رجل وامرأة وطفل. كما أن تعليم الفرد، بالإضافة إلى تعزيز قدراته الفطرية، سيعمل على تطوير الإحساس بالمسؤولية لديه تجاه إخوته من بني الإنسان بدلا من تمجيد القوة والنجاح كما هو الحال في مجتمعنا المعاصر.



لكن من الضروري أن نتذكر أن الاقتصاد المخطط ما زال ليس هو الاشتراكية. الاقتصاد المخطط على هذا النحو قد يصاحبه الاستعباد الكامل للفرد. فتحقيق الاشتراكية يتطلب حل بعض المشاكل الاجتماعية والسياسية بالغة الصعوبة وهي: كيف يمكن، في ضوء التمركز بعيد المدى للسلطة السياسية والاقتصادية، أن نمنع البيروقراطية من تصبح قوية وغالبة؟ كيف يمكن حماية حقوق الفرد وبموازاة ذلك ضمان توفير كوابح ديمقراطية تعمل كقوة معاكسة لتسلط البيروقراطية؟



الوضوح بشأن أهداف ومشاكل الاشتراكية في عصر التحول هذا أمر شديد الأهمية. وبما إنه في ظل الظروف الحالية تعتبر المناقشة الحرة لهذه المشاكل من المحرمات، فأنا اعتبر أن تأسيس هذه المجلة هو خدمة عامة هامة.**



ملاحظات


* الأوليجاركية هي حكم الأقلية – المترجم.



** "نشرت هذه المقالة لأول مرة في مايو 1949 في العدد الأول من مجلة المونثلي ريفيو الأمريكية التي أسسها الكاتب الماركسي الأمريكي الأشهر بول سويزي." ـ المترجم.


-------------------------
منقول من الرابط التالي :
http://www.e-socialists.net/node/939
11-22-2009, 07:35 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
هاله غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 2,810
الانضمام: Jun 2006
مشاركة: #2
RE: أينشتين يكتب عن الاشتراكية
اقتباس:نشرت هذه المقالة لأول مرة في مايو 1949

منذ ذلك العام جرت في النهر مياه بلاوي!

منها:

عودة الاستعمار لافتراس العديد من دول العالم الثالث في أشكال من التسلل الاقتصادي و ايقاع تلك الدول في شرك التبعية و شل هياكلها المنتجة. اضافة للاستعمار السافر لبعض الدول و البقية تنتظر
فقائمة محور الشر لدى محور الحب و الخير و الجمال طويلة و بصحة ممتازة.

سقوط المعسكر الاشتراكي

عالم أحادي القطب

قيام السوق الأوربية المشتركة ............. و مجلس التعاون الخليجي!

ظهور مؤسسات دولية شرسة مثل صندوق النكد الدولي و البنك الدولي و منظمة التجارة العالمية و تغول دور الشركات المتعددة الجنسية

تعاظم دور الصين و تكامل الادوار بينها و بين أمريكا لخراب البيوت التي لم تخرب بعد في العالم (موضوع الزميل هولي مان فيه التفاصيل)

التطور التكنولوجي الهائل خاصة في ميادين الاتصالات و المواصلات و تعاظم الفجوة بين الأغنياء و الفقراء بشكل غير مسبوق و تحول العالم الى قرية صغيرة

و الكثيييييييييييييييير غير ذلك

و بالطبع طرأت تغيرات على العلاقات الدولية و المحاور و القوانين و وو وووووووووووووو و كله يتضافر ان أردت تلخيصه في جملة واحدة من أجل:

الحيلولة دون العالم الثالث و الوقوف على قدمين اقتصاديا بغية الانعتاق من فك التبعية حتى يبقى ميدانا مباحا لللاعبين الكبار.

فهل برأيك في هكذا عالم هناك امكانية لبناء اشتراكي في العالم البروليتاري خاصة و ان السند "الصالح" أعطاك عمره و خاصة أن الشعوب زادت أميتها و فقرها و تهميشها؟


Emrose
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 11-24-2009, 03:58 AM بواسطة هاله.)
11-24-2009, 03:54 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
observer غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 3,133
الانضمام: Mar 2005
مشاركة: #3
RE: أينشتين يكتب عن الاشتراكية
ملاحظة صغيرة فقط
كان مكتب التحقيقات الفيدرالي ال FBI يعتقد بان لاينشتاين ميول شيوعية، و كان يعتقد ايضا بأن له يد في تسريب اسرار صنع القنبلة الذرية للاتحاد السوفياتي، فوضعه تحت المراقبة المستمرة و خصوصا بعدما تبين ان سكريترته الخاصة لها ارتباطات شيوعية، و كان هناك طرح جدي لسحب الجنسية الاميركية منه.
11-24-2009, 10:52 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
مجدي نصر غير متصل
بأرض العدم
*****

المشاركات: 795
الانضمام: May 2009
مشاركة: #4
RE: أينشتين يكتب عن الاشتراكية
(11-24-2009, 03:54 AM)هاله كتب:  
اقتباس:

فهل برأيك في هكذا عالم هناك امكانية لبناء اشتراكي في العالم البروليتاري خاصة و ان السند "الصالح" أعطاك عمره و خاصة أن الشعوب زادت أميتها و فقرها و تهميشها؟

Emrose

طبعاً
ودي عايزة كلام
بصي يا أستاذة هالة، الموضوع باختصار كده، وبالبلدي
أولاً نقطة عامة كده بخصوص الاشتراكية نجاحها وفشلها
الناس دايماً بتعمم الخاص، وبتنسى إنه خاص، يعني حالة مينفعش أخرج منها بنتيجة مطلقة حول العام إللي الحالة الخاصة دي مبتمثلوش إلا بحدود معينة
فمثلاً تجربة روسيا هى تجربة خاصة، لها ظروفها المرتبطة بالواقع الروسي، والنجاح والفشل فيها مينفعش تفسيرهم بس بإرجاعه للاشتراكية، ليه؟
لأن فيه عوامل تانية كتير إتحققت من خلالها التجربة الاشتراكية الروسية بشكلها المحدد والمعروف تاريخياً
فلازم نتناول العوامل دي؛ لأن بعضها - بدوره في النجاح او الفشل - يمكن يكون مالوش أدنى علاقة بالاشتراكية كمنظومة عامة
مايعني إنه مينفعش أقول إذن التجربة ناجحة أوفاشلة بمجرد النظر، واعمل زي شوية النصابين والجهلة اللي بيقولوا الاشتراكية فاشلة لمجرد إن فيه تجربة فشلت (وبالمناسبة انا بعتبر كل التجارب اللي تمت تجربة واحدة في الحقيقة لأنها كلها تجارب منسوخة من التجربة الستالينية وحدها، ولأن ظروفها كلها كانت زي روسيا او أسوأ في الغالب، دا غير إن العالم الإمبريالي فرض عليها نفس الظروف الدولية)، مع إننا لو بس انتبهنا وطبقنا نفس المعيار على العالم اللي حوالينا هنلاقي إن الرأسمالية هى أفشل نظام في العالم، بحكم عدد الدول اللي طبقتها وفشلت
لكن هنا كمان يقولوا الرأسمالية ناجحة، لمجرد إن فيه بضعة دول ناجحة وقوية (تعميم الخاص تاني)، ويتناسوا إزاي الدول دي بقت قوية (الخلط بين الجوهري والعرضي)، دا من ناحية، ومن ناحية تانية، مفيش حد منتبه إن مفهوم القوة نفسه نسبي (وللعلم هو أساس التقييم)، بمعنى إن كان فيه دول في العصر الإقطاعي قوية بالنسبة للي حواليها، فالسؤال بقى لو كانت الدول الرأسمالية الحالية بتطبق النظام الاجتماعي الأكثر تقدماً، مش فيه احتمال إنها كانت تبقى أقوى وأعظم وأعدل (هنا المشكلة في سيطرة التقليد على العقل، وتصور الواقع الحالي غاية الممكن).
----------------------
وتاريخياً معروف إن الثورة الفرنسية قامت وانتكست وقامت تاني ورجعت إنتكست
لكن إنتصرت في النهاية، وقيمها ثبتت
في انجلترا كرومويل إتعدم، ورجعت الرجعية
لكن في النهاية خضعت الرجعية وعملت تسوية مع البرجوازية، وثبتت قيم البرجوازية والرأسمالية
فمفيش ما يمنع انتصار الاشتراكية في النهاية
---------------
أما بقى بالنسبى للوضع الحالي، فهو وضع مؤقت، وعادي جداً في ظروف المد الرجعي
والمتغيرات الدولية طبعاً بتفرض المرونة والتجديد على المشغولين بتغيير الواقع
والشعوب ستظل تثور، المهم هو أن نفهم التركيب الحالي للمجتمع، لنفهم طريقة حركته، ومايحركه
والأهم إننا نتعامل مع الواقع بدون رومانتيكية
لأن لو لاحظتي هتلاقي كل جيل بيعتقد إن الثورة الصبح، والرأسمالية هتنتهي قبله، فتشرق عليه شمس الاشتراكية الوضاءة
في حين هوا لو تقدمي فعلاً يحاول يعرف متطلبات المرحلة التاريخية ويشتغل في سبيلها وبس
-------------------
والخلاصة بقى بعيد عن كل الكلام العام اللي فوق ده، أحب ألخصها من وجهة نظري في النقاط دي: (نتكلم جد بقى)
1 - التحرر من التبعية هو الخطوة الحاسمة في تحطيم النظام الإمبريالي
2 - بتحطيم النظام الإمبريالي، تتوقف الفوائض المنزوحة من الدول التابعة للدول المتبوعة، أو من دول المحيط إلى دول المركز
3 - بتوقف الفوائض المنزوحة لدول المركز، وإصلاح معدلات التبادل الدولي، يتأزم الواقع الاجتماعي في المركز، وتصعب مهمة التوازن الاجتماعي على الطبقات المسيطرة، فتعود الموجات الثورية بالترافق مع الأزمات الاقتصادية
4 - دول الأطراف المتحررة من المراكز الرأسمالية، مجبرة إذا كانت وطنية حقاً على التعاون في تكوين قوة اقتصادية وعسكرية، اوعلى الأقل، مجموعة قوى منفصلة وذلك لتستطيع مواجهة دول المراكز.
5 - بتحطيم المنظومة الإمبريالية تتفكك الشركات متعدية الجنسيات، ويعود كل إلى مواقعه، وهكذا تتجدد وتتعاظم الصراعات بين المراكز الرأسمالية (صراعات اقتصادية طبعاً، وليست عسكرية لأنه يفترض ان الدول الطرفية إتحدت وصنعت معسكراً قوياً للدفاع عن نفسها)
6 - تتزايد النزعة الحمائية في العالم، ويتحطم نظام التجارة الدولي، وبذا تصل الأزمة الاقتصادية لمستوى يشبه الكساد العالمي الكبير
7 - بالكساد وبهذه الصراعات تسقط معظم القوى الاستعمارية سابقاً، ويصبح العالم الثالث قوة كبرى، إلا أنها غير منظمة
8 - عودة روسيا للاشتراكية محتملة بنسبة كبيرة، وأعتقد أنها ستكون اول من يدخلها من العالم الأول، وربما أصبحت في الصف الأول إلي جوار الصين والهند وربما اليابان
9 - تحالف الاشتراكية الروسية مع الديموقراطيات الشعبية بالعالم الثالث وتضييق الخناق على المراكز الرأسمالية السابقة
10 - إنهيار الديموقراطيات الغربية بعد استنزاف كل الفوائض الاقتصادية السابق اكتنازها
11 - قيام الثورات الاشتراكية، او إندلاع الحروب الأهلية وتفكك دول المراكز
12 - التدخل العسكري من قبل المجموعة الاشتراكية لحسم النزاع لصالح الجماهير الشعبية بالمراكز السابقة
13 - بالنسبة لنهاية القومية والدولة فالصورة غير واضحة أبداً، ولا توجد قرائن محددة على تحقق هذه النهاية، وكيف
أي مما سبق لن يتحقق نهائياً في حالتين محتملتين جداً :
1 - عدم قدرة الدول الطرفية على التحرر والتوحد
2 - إشتعال حرب نووية، ونشطب بقى ونفضها سيرة
-----
***بالنسبة لجهل الجماهير وأميتها فليس معضلة، فالجهل والامية لا يمنع البشر من رؤية الظلم والثورة عليه، المهم هو دائماً تحطيم كلاب الطبقة المهيمنة ممن يمارسون العنف الرمزي ضد الجماهير بنزييف وعيها من مثقفين وعلماء ورجال دين، وهم كُثر، والمشكلة في النهاية مشكلة من يرغبون في التغيير، ومشكلة لغتهم هم؛ لأن من يرغب في الحصول على تأييد الجماهيير فعليه الوصول لها بطريقتها ولغتها، لا الأمل بأن تصبح كلها من أولاد المدارس (ولا تزعل نفسك يا عم قطقط 10 ).
تحياتي
Emrose
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 11-24-2009, 06:10 PM بواسطة مجدي نصر.)
11-24-2009, 05:26 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
إبراهيم غير متصل
بين شجوٍ وحنين
*****

المشاركات: 14,214
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #5
RE: أينشتين يكتب عن الاشتراكية
في اعتقادي الاشتراكية لها بريقها وتجذبنا جميعًا بشكل أو بآخر. معظمنا يحلم بعالم اشتراكي فيه يتم التشارك والتقاسم في عالم يضحي فيه الناس كلهم اسرة واحدة. لكن من الناحية العملية.. الاشتراكية كأيديولوجية فاشلة. النظرية شيء والتطبيق شيء آخر.
109
11-25-2009, 07:28 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
مجدي نصر غير متصل
بأرض العدم
*****

المشاركات: 795
الانضمام: May 2009
مشاركة: #6
RE: أينشتين يكتب عن الاشتراكية
(11-25-2009, 07:28 AM)إبراهيم كتب:  في اعتقادي الاشتراكية لها بريقها وتجذبنا جميعًا بشكل أو بآخر. معظمنا يحلم بعالم اشتراكي فيه يتم التشارك والتقاسم في عالم يضحي فيه الناس كلهم اسرة واحدة. لكن من الناحية العملية.. الاشتراكية كأيديولوجية فاشلة. النظرية شيء والتطبيق شيء آخر.
109

ألقيت يا أستاذ ابراهيم قضية، ولم تقدم إثباتاتك!!!!!
الإشتراكية فاشلة، ما دليلك، بخلاف الكلام التقليدي عن فشل التجربة؟؟
نقطة أخرى الاشتراكية علم، وليست إيديولوجيا.

تحياتي أستاذنا
11-26-2009, 08:01 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
إبراهيم غير متصل
بين شجوٍ وحنين
*****

المشاركات: 14,214
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #7
RE: أينشتين يكتب عن الاشتراكية
اقتباس:نقطة أخرى الاشتراكية علم،


اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع!

وما أقصده هنا بالنفعية هو القابلية للتطبيق: براغماتية هذا العلم لا أن تحتويه دفات المصاحف وتصحفه المحابر تلالاً متراكمة.
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 11-28-2009, 06:36 AM بواسطة إبراهيم.)
11-28-2009, 06:36 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
مجدي نصر غير متصل
بأرض العدم
*****

المشاركات: 795
الانضمام: May 2009
مشاركة: #8
RE: أينشتين يكتب عن الاشتراكية
(11-28-2009, 06:36 AM)إبراهيم كتب:  
اقتباس:نقطة أخرى الاشتراكية علم،


اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع!

وما أقصده هنا بالنفعية هو القابلية للتطبيق: براغماتية هذا العلم لا أن تحتويه دفات المصاحف وتصحفه المحابر تلالاً متراكمة.

مرة اخرى كلام تقليدي مُكرر أستاذ إبراهيم
عموماً يبدو واضحاً عدم رغبتك في مناقشة الموضوع أساساً، وهذا حقك
للاختصار عليك فيمكنني أن ألخص لك الاشتراكية في كلمتين
--
الإشتراكية هى التمثيل الأقصى للديموقراطية، بعد تحريرها من سطوة الهيمنة البرجوازية الرأسمالية
فهى سلطة الشعب على موارده وسلطة إدارتها
بدلاً من ذلك الانفصام ما بين سلطة الشعب المزعومة عبر الانتخابات التمثيلية الكاذبة والمُسيطر عليها برجوازياً، والموارد الاقتصادية التي تعطى السلطة الحقيقة في المجتمع
والنتيجة سيدي هى قدرة الشعب على توجيه موارده ومجمل سياساته لما فيه صالحه، وليس لما فيه صالح حفنة من الرأسماليين
بدلاً من ذلك الإنفصال بين الملكية الفردية وطبيعة العمل الاجتماعية، والذي يتسبب في تلك التناقضات المأساوية التي نعيشها في الرأسمالية
فيتزايد الفقر بتزايد الغني!!
ويزداد الكساد بتزايد الإنتاج!!
وتزداد البطالة وعبء العمل على العاملين وانخفاض الأجور بتزايد الموارد وارتفاع التكنولوجيا!!
وعشرات التناقضات الأخرى عزيزي في المجالات الاقتصادية وغير الاقتصادية.
تحياتي
109
11-28-2009, 04:05 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
مجدي نصر غير متصل
بأرض العدم
*****

المشاركات: 795
الانضمام: May 2009
مشاركة: #9
RE: أينشتين يكتب عن الاشتراكية
أينشتين والاشتراكية

عدنان عاكف


برأيي ان فوضى الاقتصاد في المجتمع الرأسمالي، كما تتجلى اليوم، هي المصدر الحقيقي للشر... أنا على يقين ان للحدً من هذا الشر المتأصل هناك طريقة واحدة فقط هي بناء الاقتصاد الاشتراكي.

لم يرد هذا الهجوم على النظام الرأسمالي، وتلك الثقة بالاشتراكية في "البيان الشيوعي" الذي نشره ماركس وانجلس قبل اكثر من 150 عاماً، بل ورد في مقالة لرجل ظل على مدى نصف قرن شاغل الدنيا والناس، واستطاع بفضل نظرياته ان يعيد تشكيل افكارنا عن الكون والقوانين التي تتحكم به. انه عالم الرياضيات الكبير واكبر علماء الفيزياء ، البيرت آينشتاين، الذي منحته مجلة تايم الامريكية في 3-1-2003 لقب شخصية القرن.

لقد وردت الجملة التي بدأنا بها في مقالته “لماذا الاشتراكية؟”التي نشرتها المجلة الامريكية مونثلي رفيو "Monthly Review" في عددها الاول الصادر في ايار 1949. وقد اصبح من تقاليدها الثابتة اعادة نشر المقالة في عدد ايار كل عشر سنين.

الصورة الراسخة في اذهان الناس عن آينشتاين أنه عالم منعزل، شارد الذهن، غارق في اعماق الكون، بعيداً عن هموم الحياة اليومية ومشاكل السياسة، الا ان الذين تابعوه عن قرب، يعرفون انه كان منذ الحرب العالمية الاولى نصير سلم عنيد. وكان مناضلاً معروفاً ضد الفاشية والعنصرية، وداعية للديمقراطية والعدالة الاجتماعية. فسببت له هذه المواقف كثيرا من المشاكل في المانيا، وكثيرا من القلق والمغص للذين يحرسون بوابة التاريخ، فآينشتاين بعد كل هذا "اشتراكي مكشوف" على حد تعبير الكاتب باول ستريت.

وبوابة التاريخ آنذاك كانت بحراسة رجل صارم لاتغمض له عين هوالسيناتور مكارثي، والذي بإسمه عرفت تلك المرحلة من تاريخ امريكا "المكارثية". ويساعده السيد ادغار هوفر الذي تربع على عرش مكتب التحقيقات الفدرالية FBI منذ تأسيسه في مطلع العشرينات حتى وفاته في 1972.كان لابد لمثل تلك المقالة، وفي تلك الظروف الاستثنائية التي كانت تمر بها امريكا، ان تدق ناقوس الخطر لاسيما في اقبية FBI ، هكذا حولوا آينشتاين الى قائد في اكثر من حزب شيوعي، وعضو في منظمات هدامة،وجاسوس سوفييتي و راحت اضبارة آينشتاين العجوز تنتفخ خلال بضع سنوات حتى صارت اضخم اضبارة امنية شخصية في التاريخ إذ تجاوزت 1800 صفحة.

لقد كتب عن آينشتاين بمختلف لغات العالم آلاف الكتب و المقالات التي تناولت مختلف جوانب سيرة حياته، نظرياته العلمية، تأثيره على الفكر العلمي والفلسفي في القرن العشرين، ذكرياته، افكاره في العلم والفلسفة والدين والسياسة، علاقاته العلمية والاجتماعية والعائلية، عشيقاته وعلاقاته الجنسية...الخ وحسب احدى مؤسسات النشر وبيع الكتب عبر الانترنيت، يوجد حاليا تحت الطبع في امريكا لوحدها اكثر من 150 كتاباً عن آينشتاين.وبالرغم من ان الحديث عنه لم ينقطع قط، الا ان الاضواء قد عادت لتتركز عليه خلال السنوات الخمسة الاخيرة من جديد، ويعود سبب هذا الاهتمام الى عدد من المستجدات، منها:

1- صدور كتاب الكاتب والصحفي الامريكي فريد جيروم عام 2002 بعنوان "ملف آينشتاين: الحرب السرية لهوفر ادغار ضد اشهر عالم "والكتاب مبني على المعلومات الواردة في ملف FBI عن آينشتاين، بعد ان اصبح في متناول الجمهور. و كشف هذا الكتاب عن الوجه الثاني لآينشتاين، وهو الوجه الذي ما زال الإعلام السائد يسعى الى اخفائه عن الناس حتى اليوم.

2- اختياره من قبل مجلة التايم "شخصية القرن" سلط عليه الانظار من جديد.

3- اعتبارسنة 2005 من قبل اليونسكو ومنظمات علمية عالمية وإقليمية كسنة عالمية للفيزياء، وكذلك السنة العالمية لآينشتاين.

لماذاالاشتراكية ؟

نشرت مقالة "لماذاالاشتراكية ؟" عام 1949. قبل ذلك كان آينشتاين قد تناول بعض القضايا الاقتصادية والاجتماعية في مقالة مطولة نشرت عام 1932، تحت عنوان "آراء في الأزمة الاقتصادية العالمية" القائمةآنذاك من حيث اسبابها وكيفية معالجتها، وإسلوب تفاديها. وجاء فيها:

(ان التقدم التكنولوجي، الذي يفترض ان يساعد الناس على تسهيل شؤون حياتهم وتحسين راحتهم ورفاهيتهم، من خلال انتاج الجزء الاكبر من ضروريات الحياة، هو نفسه السبب في المشاكل التي تعاني منها. ولهذا السبب نجد البعض يطالب بوقف التطور التكنولوجي المتواصل، وهذا بالتأكيد هراء واضح). ثم يقول:

((الطريقة الاسهل، والاضمن لبلوغ الهدف هو الاقتصاد الخاضع للتخطيط. وهذا ما بوشر بمحاولة تطبيقه في روسيا اليوم، الكثير سوف يعتمد على ما سينتج عن هذه التجربة. و ويغدوالتنبؤ هنا ضربا ً من المجازفة". وطرح تساؤلات عن المحاولات الروسية لو درست جيداً لساعدت ربما على تفادي الفشل الذي أودى بها بعد ستة عقود. فقد تساءل:

هل يمكن انتاج البضائع اقتصاديا في ظل هذا النظام كما تنتج في الانظمة الاخرى التي تتيح حركية اوسع للمشاريع الخاصة؟ هل يمكن لهذا النظام حماية نفسه بشكل تام، دون الحاجة للجوء الى العنف الذي رافقه على نطاق واسع؟ الا يمكن لمثل هذا النظام المركزي المتشدد أن يكون عالقا امام الابتكار والمبادرات التقدمية؟ علينا توخي الحذر فلا ندع مجالا لمثل هذه الشكوك ان تقودنا الى موقف مجحف وتمنعنا من التوصل الى تقييمات موضوعية.بعد مرور سبعة عشر عاما عاد آينشتاين الى الموضوع الاقتصادي، في مقالة "لماذا الاشتراكية؟" فتناول أزمة النظام الرأسمالي العالمي باكمله.

جوهر الازمة

بعد مقدمة عامة تناول فيها نشوء الطبقات الاساسية في المجتمع من الناحية التاريخية والطبيعية القسرية للتمايز الطبقي، انتقل للحديث عن الازمة التي يعاني منها المجتمع، والتي تتجلى في عزلة الفرد عن مجتمعه، ويرى ان الظروف دفعت بالانسان للوصول الى حالة من اليأس" مع انه يسعى ويجاهد من اجل الوصول الى حالة من التوازن مع نفسه ومع المجتمع، الا انه وكما تبين، كان يسعى في فراغ. لذلك فقد الامل في تحقيق أي نجاح مهما كان ضئيلا. انه التعبير عن الغربة المحزنة والعزلة التي يعاني منها الكثيرون في هذه الايام.الانسان كائن مزدوج: فهو من ناحية كائن فرد له طموحاته وآماله، تحركه حوافز معينة وله مصالح شخصية يدافع عنها ويسعى من اجل اغنائها، ومن ناحية اخرى انه كائن اجتماعي له علاقاته المتشابكة، يؤثر ويتأثر بمن حوله. لهذا تنشأ لديه قيم واهداف ورغبات متغيرة ومتعارضة". وفي ظل وجود مثل هذه القيم المتغيرة والمتعارضة على الدوام، والمناقضة احياناً لطبيعة الانسان الخاصة، وعبر تركيباتها النوعية يتحدد المدى الذي يمكن ان يصله الفرد في سعيه من اجل بلوغ حالة التوازن وقدرته على فعل ما هو خير لصالح المجتمع.ولكن هناك الجانب المهم الاخر: يكتسب الانسان منذ ولادته مكونات وراثية بيولوجية، يفترض ان تكون ثابتة غير متغيرة مع الزمن وتغير الظروف. ومن بين هذه المكونات الحوافز، التي تعتبر السمة المميزة للجنس البشري. أضف الى ذلك انه يكتسب خلال حياته مكونات حضارية يحصل عليها من المجتمع وعبر الكثير من المؤثرات الاخرى. بمعنى آخر ان آينشتاين يؤكد على دور كل من العاملين الاجتماعي والبيولوجي في تكوين الشخصية. مع ذلك فان: "شخصية الفرد، في نهاية الامر، تبرز وتتشكل غالبا من خلال البيئة التي يجد المرء نفسه فيها خلال عملية تطوره وذلك من خلال بنية المجتمع الذي ينمو فيه.." أي انه يعطي العامل الاجتماعي الدور الاهم.

ثمة نقطة اخرى يثيرها آينشتاين خلال تحليله للعلاقة بين الفرد والمجتمع، وهي ان الانسان ليس كائناً سلبياً بل هو قادر على ان يؤثر كثيراً على موقعه ودوره ومستقبله. ومن خلال الإستعانة بعلم الانتروبولوجيا والدراسات المقارنة المتعلقة بالحضارات البدائية، التي بينت ان السلوك الاجتماعي للافراد يختلف من مجتمع الى آخر. ومن عصر الى آخر يستنتج قائلا:"يستطيع اولئك الذين يناضلون من اجل تحسين مصير الانسان ان يبنوا آمالهم على الفكرة التالية: ليس محكوماً على البشر، بفعل طبيعتهم البيولوجية، أن يبيد أحدهم الآخر، أوأن يكون تحت قدر متوحش متأصل في النفس البشرية ذاتها". وبهذا الاستنتاج يكون آينشتاين قد أغلق الطريق منذ أواسط القرن الماضي امام الاصوات التي ترتفع اليوم لتعلن ان رفض فكرة الاشتراكية أمر محتوم تفرضه عوامل بيولوجية كامنة في الطبيعة الانسانية الانانية وان البشرية قد وصلت الى اخر مراحل تطورها، كما قال فوكوياما واتباعه.

من المعروف ان ماركس قد اعار العلاقات الاجتماعية اهمية اساسية في "التطور المتسق والشامل لشخصية الانسان". تناول المفكر الامريكي الماركسي باول لي بلانك في مقالة "الطبيعة الانسانية وكيف تتغير" موضوع الاشتراكية وعلاقته بالطبيعة الانسانية، وما يطرأ على هذه العلاقة تحت تأثير التغيرات التي يمكن ان تطرأ على المجتمع والانسان. وقد اشار الى ان بعض الاشتراكيين ينفي أي دور للعامل البيولوجي، ويعتقد ان الانسان هو انعكاس للظروف الاجتماعية، وهم يعتقدون انهم بهذا الطرح يساعدون على جعل قضيةالاشتراكية امراً مقبولا". غير ان هذا الطرح غير مقبول، لاننا في واقع الحال لسنا مجرد انعكاس لبيئتنا بل هناك شيء اخر ، يجب أخذه بالحسبان، هو الموروثات البيولوجية. في حين ان اعداء الاشتراكية يرون ان الانانية والنزعة الشريرة من السمات الجوهرية للطبيعة الانسانية، الى درجة يصعب معها خلق مجتمع افضل، مثل المجتمع الاشتراكي، الذي يعيش فيه الناس في انسجام مع بعضهم... والمؤلف يستند الى المفكر الماركسي البريطاني نورمان جيراس، الذي قدم دراسة قيمة عن ماركس في كتابه "ماركس والطبيعة الانسانية" ويستشهد بقوله بان "ماركس كان يؤمن بان مجموع العلاقات الاجتماعية هي الحاسمة في تشكيل الانسانية، الا ان اهمية الطبيعة الداخلية للانسان لا تقل عن ذلك، وكما صاغها ماركس "إن رغبات الانسان تكمن تحت جميع العلاقات الاجتماعية". وهذا بالذات ما اكد عليه آينشتاين، حين اعطى الدور الحاسم للعامل الاجتماعي، دون أن ينفي الدور المهم الذي يلعبه العامل البيولوجي ايضاً.يواصل آينشتاين حديثه عن الازمة في علاقة الفرد مع المجتمع. فإذ اصبح الانسان يدرك، اكثر من أي وقت مضى، مدى ارتباطه بالمجتمع، لكنه "لم يحصل ان يعيش هذا الترابط بشكل ملموس، كشيء ثمين له قيمته الايجابية، كصلة عضوية، كقوة واقية، لا بل والاسوأ من كل هذا انه يعيش تحت احساس متواصل بان كيانه الاقتصادي وحقوقه الطبيعية مهددة باستمرار".في المقابل، وكرد فعل على مخاوفه من الآتي تتعزز لدى الانسان النزعات الفردية والتوجهات الانانية، وهذا في النهاية سوف يعزز الشعور "ولو بدون وعي بعدم الامان والاستقرار، والعزلة، وبكونه محروما من أبسط متع الحياة الأولية)).

حسناً، لكن كيف وصلت الامور الى هذه الحالة من النفور وعدم الاستقرار؟ ما هي الاسباب الجوهرية التي قادت الى هذا الخلل الخطير في العلاقة بين الفرد والمجتمع؟ الجواب كان واضحا لا لبس فيه:

برأيي ان الفوضى الاقتصادية للمجتمع الرأسمالي، كما تتجلى اليوم، هي المصدر الحقيقي للشر، ها نحن نرى امام أعيننا هذا المجتمع الضخم من المنتجين يسعى اعضاؤه باستمرار الى تجريد بعضهم البعض من ثمار عملهم الاجتماعي، ليس عن طريق القوة، بل عموما بالاذعان المسالم لشرعية القوانين السائدة.

بهذا لأول مرة إتهم آينشتاين الرأسمالية إتهاما مباشرا بصفتها نظام اقتصادي اجتماعي، وليس مجرد أزمة عابرة يعاني منها النظام. هل يستطيع المجتمع ان يتغلب على الفوضى الاقتصادية" كما تتجلى اليوم" دون الحاجة للجوء الى تغيير النظم التي أنتجها؟ هذا ما سوف نحاول متابعته لاحقاً. ولكن من الضروري أن نتوقف عند نقطة مهمة، تمت الاشارة اليها، وهي سمة النظام الرأسمالي الجوهرية: نقصد بذلك استحواذ الافراد على حقوق الاخرين، ليس عن طرق القوة والاكراه، بل حسب قوانين وانظمة سارية المفعول في المجتمع. وكما هو واضح من النص فان السلب لا يقع على طبقات الشغيلة، بل سشمل افرادا من الطبقة المهيمنة، وذلك من خلال تنافس الحيتان الكبيرة مع الحيتان الاصغر.

في المدخل التاريخي لمقالته حول نشوء الطبقات في المجتمع بيّن آينشتاين سيادة قيم الطبقات المهيمنة، و كيف تسعى تلك الطبقات الى ترسيخ وتعميق التمايز الطبقي في المجتمع وتحويله الى حالة طبيعية ومؤسسة دائمة، وخلق منظومة من القيم تهيمن تدريجيا، فيؤمن بها الناس ويسترشدون بها في سلوكهم الاجتماعي، على الاكثر بصورة لا واعية.

جدير بالذكر ان غرامشي توقف بشيء من التفصيل عند هيمنة الطبقات الحاكمة وسيطرتها على الوعي والسلوك الاجتماعي فتحدث عن "قدرة الطبقات الحاكمة على غرس قيمها في الطبقات المحكومة وتحويل هذه القيم الى بديهيات تميز العصر.

السمات الاساسية للنظام الرأسمالي

1- وسائل الانتاج ملكية خاصة يستخدمها الراسماليون بالشكل "الذي يرونه مناسباً . والشكل الانسب لاصحاب رؤوس الاموال هو الذي يدر اكبر قدر ممكن من الربح، بغض النظر ان كان ذلك في صالح المجتمع ام لا. لذلك فان "الانتاج يستهدف الربح وليس لغرض الاستعمال.

2- الانتاج في النظام الرأسمالي قائم على اساس العمل المأجور. وهذه احدى السمات الرئيسية في النظام الرأسمالي. و بين آينشتاين للقارئ بصورة مبسطة ان رب العمل يستولي على فائض القيمة فيقول: "ان ما يحصل عليه العامل لايتحدد بالقيمة الفعلية للسلع التي ينتجها، بل بالحد الادنى من حاجياته الضرورية. وهذا حسب حاجة الرأسمالي الى قوة العمل، وذلك تبعا لعدد العمال المتنافسين للحصول على العمل)).

3- يرى ان "دوافع الربح، مع المنافسة القائمة بين الرأسماليين مسؤولة عن عدم إستقرار تراكم رأس المال، والاستفادة منه، وهذا يؤدي الى حالات خطيرة ومتزايدة من الركود الاقتصادي".من الناحية الاخرى نجد ان المنافسة بين اصحاب رؤوس الاموال والنزعة الانانية لجني اكبر قدر ممكن من الربح تولدان سمة جوهرية اخرى تميز رأس المال الخاص، هي سعيه الدائم الى الاحتكار. وهذا قد يؤدي الى نتائج اقتصادية واجتماعية وخيمة قد تترك آثاراً كبرى على العلاقات داخل المجتمع.و يقودنا آينشتاين الى سمة مهمة اخرى هي حالة التناقض بين من يعمل بأجر و من يملك وسا ئل الانتاج. والأهم ان حالة التناقض هذه متأصلة في طبيعة النظام، ولايمكن تجاوزها بأية تحسينات تجميلية.و لطالما حاول الرأسماليون طمس هذه السمة تارة تحت شعار "السلم الاجتماعي" وتارة باسم "التوافق والتعايش بين الطبقات" وتارة باسم "الرأسمالية الانسانية" وغير ذلك.

الاقتصاد، الديمقراطية والايديولوجيا

لايقتصر التمايز الطبقي واللامساواة في المجتمع الرأسمالي على الأمور الاقتصادية، بل يشمل جوانب حياة المجتمع: الفكر والتعليم . فما دام المال في حوزة قلة من الرأسماليين فان ذلك سيقود الى هيمنة سياسية ونشوء حكم الاقلية: "نشوء اوليغاركية رأس المال الخاص، القوة الجبارة التي لايمكن ان تخضع للمراقبة الفعالة حتى من قبل المجتمع السياسي المنظم ديمقراطياً" يجب الا يغيب عن بالنا ان هذه الكلمات قد كتبت من قبل شخص لم ينكر وجود الديمقراطية الامريكية. كما فعلت الاحزاب الشيوعية التي رفضت الديمقراطية القائمة في المجتمعات الرأسمالية. بالعكس، فقد سبق له الاشادة بالحرية التي يتمتع بها الشعب الامريكي. انه يشخص حقيقة موضوعية تتعلق بطبيعة هذه الديمقراطية، و حدود تعاملها مع القوى السياسية المعارضة للنظام الرأسمالي. وهي حقيقة كثيرا ما غابت عن انظار الذين تبهرهم "حرية الرأي والاعلام في النظام الرأسمالي". أما آينشتاين فقال: " ما دام اعضاء الهيئات التشريعية يتم اختيارهم من قبل ألاحزاب السياسية، وفي الغالب يمولون من قبل الرأسماليين الخواص او على الاقل يكونون تحت تأثيرهم، فإن هذا يؤدي في النتيجة الى عزل جمهور الناخبين عن الهيئة التشريعية.. ولذلك نجد ان ممثلي الشعب في حقيقة الامر لا يدافعون كما ينبغي عن مصالح الفئات الفقيرة من السكان.

لأتوقف عند قول رالف ميليباند حول نفس الموضوع بعد ذلك بنصف قرن:

إن الكونغرس الامريكي مؤسسة تشريعية هي أكثر استقلالية عن السلطة التنفيذية من أية هيئة تشريعية اخرى، ولكن ان نكتفي بهذه الملاحظة ونتخذها مقياسا وحيداللعلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، كما هو سائد في كتب العلوم السياسية، يعني تجاهل حقيقة اساسية، اعني تحديدا كم سيناتوراً ونائباً، بما هم عليه من استقلال عن السلطة التنفيذية، وتحرر من ضوابط حزبية، يعتمدون، لاعتبارات انتخابية، على دعم الشركات وجماعات الضغط المرتبطة بها. ان الاستقلالية المؤسساتية قناع يخفي واقع إذعان المشرعين وارتباطهم بالمصالح الخاصة، التي تمثلها الشركات.ان سلطة الشركات ليست المؤثر الوحيد، لكنه الاعظم بالمقارنة مع المصارح الهامشية للطبقة العاملة.

ولاتتوقف هيمنة رأس المال عند هذا الحد، بل تشمل جانباً مهماً آخر من جوانب الحياة يتمثل في وسائل الاعلام، ولذلك فهو يتحكم بالرأي العام ايضاً اضافة الى كل هذا، وفي ظل الظروف القائمة، و تحكم الرأسماليين المحتوم -المباشر وغير المباشر- في أهم وسائل المعلومات (الصحافة، الراديو والتعليم). يصبح من الصعب جداً (وفي واقع الامر يكون من المستحيل) على المواطن الفرد ان يتوصل الى استنتاجات موضوعية، وان يتوصل الى الاستخدام العقلاني لحرياته السياسية". لسنا بحاجة الى ان نذهب بعيداًحول خطورة السلاح الاعلامي في النظام الرأسمالي. تكفينا تجربة آينشتاين بالذات مع الاعلام خلال حياته وبعد وفاته. لنأخذ على سبيل المثال موقفه من الصهيونية وانشاء الدولة اليهودية. إن قلة نادرة من الباحثين تشير الى ان آينشتاين لم يكن صهيونياً، ولم يؤيد اقامة دولة اسرائيل، بل كان يؤيد فكرة الدولة الواحدة التي يعيش فيها اليهود والفلسطينيون على اساس المساواة التامة والامن المشترك. لكن الغالبية العظمى من الكتابات تزعم ان آينشتاين كان صهيونياً متحمساً (او على الاقل من المؤيدين للصهيونية) ومن الذين دعموا إقامة الدولة اليهودية، وساند اسرائيل حتى مماته. واذا كان من الممكن ان نجد عدداً من الكتاب والباحثين الموضوعيين اليهود لا يزعمون ذلك، فاني لم أصادف بين الكتاب العرب من جروأ على القول إن آينشتاين لم يكن صهيونيا.

لم يكن "آينشتاين الصهيوني، الذي ناضل من أجل اقامة دولة اسرائيل"، الا أسطورة روج لها الاعلام الصهيوني والاسرائيلي على مدى اكثر من نصف قرن من الزمن، حتى صيرها حقيقة رددها أغلب الكتاب والقراء . المجال هنا لايسمح بالتوسع، ولكن قول آينشتاين إن "حرية الاعلام" في العالم الرأسمالي هي، قبل كل شيء ،حرية اصحاب المال والنفوذ، هو دليل على"سذاجة" آينشتاين، حتى عند عدد غير قليل من الكتاب والعلماء، الذين يتمتعون بقدر كبير من المصداقية العلمية. ومن المثير انك قد تجد صفة السذاجة مع صفة "العبقرية" في صفحة واحدة، ولكن العبقرية لوصف آينشتاين العالم، و السذاجة لوصف آراء آينشتاين السياسية والاجتماعية، التي لاتتفق مع وجهة نظر الكاتب. وتهمة السذاجة ليست بالجديدة، بل بدأت في مطلع العشرينات. وكان اول من استخدمها القائد الصهيوني الالماني المعروف بلومنفيلد الذي كان على علاقة متينة مع آينشتاين، فقد قال في رسالة الى وايزمن: "كما تعرف ان آينشتاين ليس صهيونياً.. علمت بانك تنتتظر منه بعض التصريحات.. ارجوك ان تكون في غاية الحذر من ذلك. فآينشتاين غالبا ما يصرح باشياء ساذجة غير مقبولة من جانبنا ".وبعد ثلاثة عقود لم يعد آينشتاين مجرد ساذج، بل إعتبروه "ساذجاً مغفلاً" ففي 5-4-1949. نشرت مجلة "الحياة" الامريكية صوراً لخمسين شخصية امريكية بارزة، وصفتهم بـ"المغفلين السذج" واتهمتهم بانتمائهم الى معسكر الشيوعية، وكان بينهم آينشتاين وشخصيات علمية وثقافية كبيرة (علماء، شعراء، كتاب، موسيقيون، فنانون،و عضوان في الكونغرس، و قادة نقابيون.... وعادت التايم الى الموضوع بعد نصف قرن لتنهي الملف الذي خصصته لـ"شخصية القرن" بقولها "ان تصريحات البروفيسور آينشتاين، المحاط بهالة من العظمة، أبان الحرب الباردة كانت حصيلة حسن النية والسذاجة.. لكنها عقبت على هذا الكلام بقول عالم الفيزياء ومؤرخ العلم الشهير جيرالد هولتن: "اذا كانت آراء آينشتاين ساذجة حقاً، فان العالم الى حد ما قد شكل خطأ)).

الاشتراكية هي البديل

العمل المأجور القائم على استغلال عمل الغير، الاحتكار، المنافسة الشديدة وغير المحدودة بين الرأسماليين، السعي نحو أعلى قدر ممكن من الارباح، التحكم بالمؤسسة التشريعية، والهيمنة على وسائل الاتصالات، كل هذا من السمات الجوهرية للنظام الرأسمالي. وهذا كله "يقود في نهاية المطاف الى إهدار كبير في العمل وشلل في الوعي الاجتماعي لدى الافراد، وهو الشلل الذي سبق ان أشرت اليه... وشلل الافراد هذا أعتبره أسوأ شرور الرأسمالية . ان منظومتنا التعليمية بأسرها تعاني من هذا الشر، انهم يغرسون في التلاميذ نزعة مفرطة في السلوك التنافسي، ويجري التركيز على توجههم كلياً نحو هدف واحد، وهو تحقيق النجاح الشخصي.

لا اظن ان استخدام كلمة "شر" من قبل آينشتاين لوصف سلبيات النظام الرأسمالي كان عفوياً. لقد أراد ان يؤكد بان هذاالشر ليس من النواقص، أو العيوب، أو السلبيات، او العلل التي يمكن معالجتها باجراءات تقود الى الحد منها وتحسين ظروف حياة الطبقة العاملة، كما يجري التركيز عليه حاليا، حتى من قبل بعض من كان الى الامس القريب يناضل من اجل الاشتراكية.

لا اعني بذلك ان آينشتاين كان يرفض النضال من اجل مكاسب للطبقة العاملة ، بل أنه كان ينظر الى مثل هذا النضال على انه مرحلي، وجزء من النضال العام الطويل والشاق، الذي سيقود في يوم ما الى التغيير الجذري للنظام، فهو يؤكد قائلا: "انا على يقين بان ثمة طريقة واحدة فقط للحد من هذه الشرور المتجذرة، الا وهي بناء اقتصاد اشتراكي، ترافقه منظومة تربوية موجهة نحو تحقيق اهداف اجتماعية.

ان آينشتاين قد اعتبر المنظومة التربوية والتعليمية من ابرز ضحايا الشر الذي يعاني منه النظام، و لا تكتمل أهمية ملاحظاته هذه إلا اذا عدنا الى ما قاله عن العوامل الاجتماعية والبيولوجية في تطور شخصية الفرد، وكيف ان الدوافع الانانية والسعي نحو المصالح الذاتية، وروح العزلة والتفرد تتوطد في الفرد المعاصر بدلا من روحية التعاون والمشاركة والسعي لما هو في صالح الجميع. لقد أكد آينشتاين هذه الاهمية للعلاقة بين الفرد والمجتمع، ليستنتج ان الانانية ليست صفة راسخة في الطبيعة البشرية بفضل عوامل بيولوجية، بل هي خاضعة لطبيعة النظام الاجتماعي ايضا.

لم يبين آينشتاين في مقالته نوعية الاقتصاد الاشتراكي الذي يريده، لكن من الواضح انه يتحدث عن الاشتراكية الماركسية، وليس عن الاشتراكية السوفيتية التي قامت في عصر ستالين. فقد سبق له عام 1932 ان أشار الى أن تجربة الاقتصاد المخطط في روسيا ما زالت في مهدها ويصعب التنبؤ بمستقبلها. وتساءل عما اذا كان مثل هذا النظام قادرا على حماية نفسه دون اللجوء الى العنف الذي يرافقه. ويبدو ان التجربة الروسية قد خيبت أمله بعد أن خنقتها البيروقراطية واسلوب القسر الذي صحبها. ولكن ذلك لم يفقده الامل بامكانية بناء النظام الاشتراكي. وذهب أبعد من ذلك حين عبر بصراحة عن تعاطفه مع فكرة الشيوعية، إذ قال "ان الفلسفة التي تقف خلف الشيوعية تمتلك العديد من المزايا، لكونها تتعلق بانهاء الاستغلال الذي يتعرض له بسطاء الناس وتوزيع العمل والخيرات حسب الحاجيات والقدرات". وقال في موضوع آخر: "ان الشيوعية كنظرية سياسية تعتبر تجربة هائلة ولكنها في روسيا تجربة تجري في مختبر فقير في تجهيزاته".وما يدل بشكل غير مباشر على انه لم يكن مع التجربة السوفيتية هو تركيزه على البيروقراطية ومخاطرها على النظام الاشتراكي بقوله:" علينا أن نتذكر بان الاقتصاد المخطط هو الاشتراكية. ان اقتصادا موجها كهذا قد يرافقه استعباد تام للفرد. إن انجاز الاشتراكية يتطلب حل بعض المعضلات الاجتماعية السياسية، والتي هي في غاية التعقيد.

هذه المعضلات لخصها بالتساؤلات التالية:

هل يمكن من حيث المبدأ وفي ظل المركزية المتشددة للقدرات السياسية والاقتصادية تفادي تحول البيروقراطية الى قوة ساندة ومهيمنة؟ كيف يمكن صيانة حقوق الفرد؟ وبعد كل ذلك كيف يمكن لنا أن نكون واثقين من توفر ضمانة أكيدة على قدرة قوى الديمقراطية على مجابهة البيروقراطية.

لم يتوسع آينشتاين في حديثه عن النظام الاشتراكي البديل كما فعل عند حديثه عن النظام الرأسمالي. من الواضح انه كان يعتبر مثل هذه التفاصيل من الامور التي ما زالت تتطلب البحث والدراسة. لذا فقد أنهى مقالته كم يلي: "إن بلوغ الوضوح حول اهداف الاشتراكية ومشاكلها له اهمية كبرى لعصرنا، عصر التحولات، لذا فقد حان الوقت في الظروف الحالية للبدء بحوار مفتوح غير مقيد حول جميع القضايا.

لقد استشهدت بكتاب رالف ميليلاند "الاشتراكية في عصر شكاك" اكثر من مرة. فقد تملكني إحساس وأنا اقرأ مقالة “لماذاالاشتراكية ؟ “ ان آينشتاين كان في مقالته يلخص لنا الكتاب الذي سوف يؤلفه ميليباند بعد اكثر من اربعة عقود، وبالطبع مع فارق يتعلق بالمستجدات التي طرأت على العالم بشكل عام والفكر الاشتراكي على الخصوص.. ويبدو لي ان الاشتراكية التي كان يحلم بها آينشتاين هي ذاتها الاشتراكية التي رسم لنا ميليباند معالمها الاساسية في كتابه الرائع.

ما من شك ان جميع النقاط التي طرحها آينشتاين ما تزال تنتظر "الحوار المفتوح وغير المقيد". يضاف اليها الكثير من التساؤلات المستجدة، وخاصة تلك التي طرحتها النهاية المأساوية لتجربة الاشتراكية الاولى، التي أثارت مخاوف آينشتاين منذ عهد مبكر.. وما من شك ان الكثير من المعضلات والمشاكل الجديدة سوف تنبع في المستقبل ما دام الانسان يواصل معركته من اجل مثل "العدل والحق والجمال". والنضال من اجل الاشتراكية لايمكن أن يتوقف، لأن الاشتراكية ذاتها ليست حالة محددة المعالم، يمكن الإعلان عن بلوغها بقرار صادر عن مؤتمر حزبي، بل هي حالة ما ان تدنو منها حتى تبتعد عنك، وفي غضون تلك السيرورة تتحقق الكثير من الانجازات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تقربنا من الصورة الحقيقية للاشتراكية. لقد ظل آينشتاين حتى اخر أيامه مفعماً بالأمل والتفاؤل بالمستقبل، وكتب قبيل وفاته في: 1955:

“إن جزءا كبيرا من التاريخ مفعم بالكفاح من اجل حقوق الانسان، وهو كفاح أزلي، ولن يتكلل بالنصر النهائي ابداً. ولكن أن تتعب وتكل من هذا الكفاح وتكل عنه، فهذا يعني دمار المجتمع”.


http://althakafaaljadeda.com/318/12.htm
01-07-2010, 11:39 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  ما هيا العلاقة بين القومية العربية و الاشتراكية wa7ed masry 0 746 06-17-2012, 05:17 PM
آخر رد: wa7ed masry
  فهمي هويدي يكتب: مغامرة حكومة الإخوان فارس اللواء 0 806 02-21-2012, 05:32 PM
آخر رد: فارس اللواء
  ماذا قالوا عن مصر وأحوالها؟ .. حمدى قنديل يكتب: أقوال مأثورة AhmedTarek 2 1,756 08-31-2010, 09:43 PM
آخر رد: The Holy Man
  أينشتين يكتب عن الدين مجدي نصر 0 760 12-18-2009, 09:29 PM
آخر رد: مجدي نصر
  لماذا لا أقرأ تعليقات القراء؟...خوليو يكتب بإيلاف آراء جريئة بسام الخوري 2 1,325 11-05-2009, 04:06 PM
آخر رد: Free Man

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS