{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 12 صوت - 3.58 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #111
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
يا صديقي .
من أدراك أني غاضب ، إن ما يقلقني هو اختلاط القيم و تآكلها و ضياع المنطق و الأخلاق المتحضرة ، يا عزيزي .. نحن لسنا بمعرض دروس فقهية بل بفتوى تخص حالة محددة ، و لا يحق للمفتى في دولة مدنية كمصر أن يجيب خارج مهام وظيفته ، و ليس منها أن يقوم بتكفير الآخرين بناء على وشاية في صورة سؤال ، واجبه محصور في الإجابة عما يستشكل على المسلم في أمور دينه هو ،و لا يتعدى ذلك إقحام الآخرين ، نحن لسنا في السعودية حيث صلاحيات الفقهاء مطلقة في دولة دينية تقليدية و ليست مدنية ،و بالتالي يزعجني جدا أن تصبح التقاليد الثقافية للمجتمع الوهابي مقياسا لسلوكيات المصريين .
عن موضوع الشريط فسوف أستمع اليه عندما يتوفر لي الوقت ،و لكني لا أرى أن له علاقة بفتوى الشيخ علي من قريب أو بعيد ،فاختلاف وجهات النظر لا يترتب عليها تكفير المخالف في عالم متحضر .
10-30-2009, 04:14 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #112
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
مؤسسات حقوقية ونشطاء يبدئون حملة للتضامن مع الكاتب والمفكر سيد القمني وتصديا لدعاوي الحسبة في مصر

الحوار المتمدن - العدد: 2810 - 2009 / 10 / 25
............................................................

القاهرة في 20أكتوبر 2009
قررت مؤسسات حقوقية ونشطاء ومحامين بدء حملة للتضامن مع الكاتب والمفكر سيد القمني ، ودعمه في مواجهة بعض قضايا الحسبة التي رفعها بعض الباحثين عن الشهرة والمعادين لحرية الفكر والبحث العلمي ضده ، عقب حصوله على جائزة الدولة التقديرية ، وهي الجائزة التي اثارت جدلا شديدا بين عدد كبير من المحافظين والمتشددين ، الذين لم يقرأ اغلبهم كتابات القمني من الأساس ، وإستندوا لرأي جمعية تطلق على نفسها إسم" جبهة علماء الأزهر" تعمدت التحريض ضده بسبب كتاباته ودراساته التاريخية.
وقالت الجهات الحقوقية التي بدأت الحملة لدعم القمني " سوف ندافع عن القمني في البحث وحرية التعبير بكل قوة ، خاصة أن أي من هؤلاء المحتسبين أو حتى من يطلقون على أنفسهم رجال دين قد تنصلوا من الاقتراحات التي تم طرحها بعمل مناظرات حول كتاباته التاريخية ، حيث إتضح أن أغلبهم إما لم يقرا هذه الكتب والدراسات أو ليس لديهم القدرة سوى على الملاحقة القانونية للمفكرين سعيا للشهرة أو المال أو رفضا لقيم البحث والتفكير العلمي الذي يعمل العقل في كل شيئ".
يذكر أن القضايا المرفوعة ضد القمني لم تكن هي المحاولات الأولى لإسكات قلمه ومعاقبته على دراساته وابحاثه ، بل سبق أن تعرض القمني لتهديات بالقتل ، نتيجة فتاوي من بعض الشخصيات والتنظيمات الإسلامية المتشدة بتكفيره ، خاصة بعد مصادرة مجمع البحوث الاسلامية التابع للأزهر بمصادرة كتابه "رب الزمان" وقيام النيابة العامة بالتحقيق معه ، رغم إنتهاء التحقيق لصالح القمني.
وتؤكد الجهات الحقوقية والنشطاء المشاركون في الحملة ،أنه كان الأولى بمن اختلف مع أراء القمني ان يناقشوا الكلمة بالكلمة والرأي بالرأي ، مثلما فعل بعض الصحفيين والكتاب ، لأن الفكر والرأي لا يجب ان يذهب للمحكمة ، ولا يسوءهم أو يغضبهم أو يغضب القمني نفسه أن تتعرض كتاباته للنقد ولكن أن يلجأ البعض لأسهل الطرق المتاحة في مصر الآن ، وهي دعاوى الحسبة السياسية والدينية ، فهذا ما يجب التصدي له بكل قوة .
كما تعلن المؤسسات والنشطاء الموقعين على بدء هذه الحملة أنهم يرحبون بكل الجهود والجهات التي ترفض قضايا الحسبة ، حتى لو اختلفوا مع أراء القمني وكتاباته ، تعزيزا لقيم البحث العلمي وحرية الفكر والتعبير.
وقد بدا التوقيع على بدء هذه الحملة كل من :

أولا المؤسسات الحقوقية :
مركز هشام مبارك للقانون
الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
مؤسسة الهلالي للحريات
مؤسسة حرية الفكر والتعبير

ثانيا المحامين والنشطاء:
الأستاذ / ابراهيم عبدالرحمن المحامي
الاستاذ/ سعيد عارف المحامي
=
=
11-01-2009, 11:22 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #113
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
آلية الفتوى تفكيك الخطاب 1 من 2
سيد القمنى


الحوار المتمدن - العدد: 2829 - 2009 / 11 / 14
..........................................

فى يوم 9/7/2009 أرسل موقع صحفى على الانترنت يسمى نفسه ( المصريون ) رسالة من صاحب الموقع جمال سلطان إلى مفتى الجمهورية الدكتور على جمعة على الإيميل الإلكتروني ، وكان نص السؤال كما سجلته الفتوى الرسمية من المفتى كالتالى : " اطلعنا على الايميل الوارد بتاريخ 9/7/2009 المقيد برقم 1262 لسنة 2009 والمتضمن : ما حكم الشرع فى منح جائزة مالية ووسام رفيع لشخص تهجم فى كتبه المنشورة والشائعة على نبى الإسلام ، ووضعه بالمزور ووصف دين الإسلام بأنه دين مزور ، وان الوحى والنبوة اختراع اخترعه عبد المطلب لكى يتمكن من انتزاع الهيمنة على قريش ومكة فى الأمويين ، وان عبد المطلب استعان باليهود لتمرير حكاية النبوة على حد تعبيره ، فهل يجوز ان تقوم لجنة بمنح مثل هذا الشخص وساما تقديريا تكريما له ورفعا من شأنه وترويجا لكلامه وأفكاره بين البشر ، وجائزة من أموال المسلمين رغم علمها بما كتب فى كتبه على النحو السابق ذكره ، وهى مطبوعة ومنشورة ومتداولة ، وإذا كان ذلك غير جائز فمن الذى يضمن قيمة هذه الجائزة المهدرة من المال العام ؟ "
وجاءت إجابة الدكتور على جمعة على جمعة كالتالى نصيا : " قد أجمع المسلمون أن من سب النبى صلى الله عليه وسلم أو طعن فى دين الإسلام فهو خارج عن ملة الإسلام والمسلمين ، مستوجب للمؤاخذة فى الدنيا والعذاب فى الآخرة ، كما نصت المادة 98/و من قانون العقوبات على تجريم كل من حقر أو أزدرى أحد الأديان السماوية ، أو الطوائف المنتمية إليها أو أضر بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى ، أما بخصوص ما ذكر فى واقعة السؤال ، فإن هذه النصوص التى نقلها مقدم الفتوى – أيا كان قائلها – هى نصوص كفرية تخرج قائلها من ملة الإسلام إذا كان مسلما ، وتعد من الجرائم التى نصت عليها المادة سالفة الذكر من قانون العقوبات . وإذا ثبت صدور مثل هذا الكلام الدنيء والباطل والممجوج من شخص معين ، فهو جدير بالتجريم لا بالتكريم ويجب أن تتخذ ضده كل الإجراءات القانونية التى تكف شره عن المجتمع والناس وتجعله عبرة وأمثولة لغيره من السفهاء الذين سول الشيطان أعمالهم وزين لهم باطلهم ، قال تعالى : قل هل أنبأكم بالأخسرين أعمالا ؟ الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا . واللجنة التى اختارت له الجائزة ان كانت تعلم بما قاله من المنشور فى كتبه الشائعة ، فهى ضامنة لقيمة الجائزة التى أخذت من أموال المسلمين ، والله سبحانة وتعالى أعلم " .
وفى يوم الثلاثاء 21 يوليو 2009 نشر موقع (المصريون) السؤال والفتوى بصحيفته الرئيسية ، واضعا صورة الكاتب سيد القمنى إلى جوار صورة فضيلة المفتى ليحيل الفتوى المجهولة
ضد مجهول ، ويحددها ويشخصها بجعلها موجهة لشخص بعينة بالذات
وبالخصوص .
هذا إضافة إلى ما تم نشره بذات الموقع من مقالات تكفيرية إقصائية اعتمادا على تلك الفتوى ، تجاوزت كل الحدود المتعارف عليها فى أدب الاختلاف .
***************
مع السؤال والإجابة نعمل جدل التفكيك والتحليل بحثا عن التكنيك المتضمن فيهما والأهداف المطلوبة والتأثير الجانبى على العقول وهو المخفى وراء الكلمات الظاهرة ، والملاحظة الأولى أن المستفتى والمفتى لم يأتيا على ذكر اسم الشخص المُراد تكفيره ، ربما حتى يمكن التنصل مستقبلا من التبعات القانونية ، فهى لا تتهم شخصا بذاته وبعينه ، إنما جاءت فى شكل فروض افترضها الطرفان وتصورات تصوراها حسب التوصيف القانونى للواقعة . وأنه لون من الاستفتاءات والفتاوى التى كان يمارسها الفقهاء وقت الفراغ للتسلية كلون من الألغاز والأحاجى اختبارا لإمكانات الفقيه واستعراضاً ولعباً معرفياً ، وتجد مثل ذلك كثير فى الفتاوى المشهورة كالفتاوى البجاوية والفتاوى البزازية وغيرها ، ستجد حواراً حول كم ملاك يمكنه أن يقف على رأس الدبوس ؟ حواراً آخر حول حكم من كان لقضيبه فرعان ، فأولج فى قُبل وفى دُبر فى آن ، هل يغتسل غسلا واحداً أم غسلان ؟ .... لكن إذا كانت لعبة الألغاز والأحاجى تجوز مع عوام المفتين المحليين والقرويين ، فإنها لا تجوز مع مفتى الديار ، فتاوى مفتى الديار لابد أن تتصدى لمشاكل عامة تتعلق بمصالح المسلمين ودينهم وديارهم ، ولا تتعلق بمسألة شخصية تتعلق بشخص بعينه بالذات ، لذلك عمد السؤال والفتوى إلى جعلها تظهر كذلك اللون من التمارين المتخيلة لهواً فقهيًا ، والتى تتسم بعمومية القضية وعدم تشخيصها ، وهو الأمر الذى لم يعد صالحا فى زمننا ، لأن هناك لهواً آخر بأدوات حديثة وأجهزة فائقة التكنيك وخيال هوليودى لم يصل إليه بعد مشايخنا بلهوهم المخفى .
ان السائل معلوم لدى الناس كناشط إسلام سياسى سلفى معروف هو الأستاذ جمال سلطان وموقعة ( المصريون ) ، ومعروف أنه معارض إسلامى شديد التطرف ، ويكتب وينشر كصحفى مشتغل بالشأن الإسلامى السياسى ، ويسعى لإقامة دولة الخلافة الإسلامية التمامية ، فكيف به وهذا شأنه ، مع قدرته الاحترافية واطلاعه على تفاصيل دينه ... يسأل سؤالا كهذا ؟ وهلا يعلم الرجل المحترف حُكم الشرع الذى طلبه فى سؤاله ؟ هل كان عاجزاً عن إبداء الرأى فى مسألة واضحة كشمس ظهيرة صيف ؟ أم تراه أراد من سؤاله أن يسلك السلوك النموذجى المطلوب من المسلم الصالح الطيب . وأن يقدم القدوة والمثل للمسلم المسلوب العقل العاجز عن التفكير ؟ الذى لا يقدم على شأن مهما صغر شأنه إلا بعد أن يرجع لمشايخه ، فهل أراد الأستاذ سلطان أن يقدم صورة النموذج المطلوب للمسلم ، فذهب ليسأل مفتى الجمهورية بكل شانه وشنشانه فى شأن بدهى لا يحتاج إعمالا لعقل أو تفكير ولا يجهل به حتى المسلم الأمى ؟ ! . إن العقل البسيط يقول إن التهجم على مواطن عادى بالقذف والسب هو أمر يعاقب عليه القانون الوضعى والأخلاقى والعرفى والدينى ، فكيف بمن سب النبى والله والدين ؟ إن من لا يمكنه إدراك الإجابة هو شخص يقدم نفسه كإنسان فاقد للإدراك والأهلية وأبسط مباىء التعقل ، سؤاله فضيحة لنموذج المسلم المثالى المطلوب ، لكن الأسناذ النموذج لا يرى ذلك لأنه مشغول بتكريس قيمة الطاعة العمياء وإسكات العقل. فيقدم نفسه للمسلمين نموذجا ومثلا للمسلم المطلوب ، الجاهل الأمى بأبسط المعارف ، الذى يطلب من شيخه الكبير أن يتولى تعريفه بحكم الشرع فيمن سب النبى والله والدين ، كما لو أن علماء السلف جميعا لم يعرفوا بهذه المسألة ، ومكثوا طوال تلك القرون حتى يظهر الشيخ جمال سلطان ليلفت نظر المسلمين إلى هذه المسألة المستعصية ويستفتى أهل العلم عما يجهله ؟ إن السائل يريد من تفاهة سؤاله أن يعلن على المسلمين أنهم ممنوعون من إصدار أحكام من أنفسهم حتى فى التوافة ، وأنهم ممنوعون من أعمال العقل مهما بلغت مكانتهم ، المتخصص فى الشأن الإسلامى والمُتبحر فية ، يسأل فى التوافه الهيَنات نموذجاً للعامة المسلمة لإعدام الشخصية وإيقاف عمل العقل .
لقد أراد السائل أن يجعل نفسه قدوة للمسلمين فى جمود العقل وشلل ملكة التفكير ، وأن عليهم أن يحذوا حذوه ليستفتوا فى البسائط والهيئات التوافه ، لتعويد العقل المسلم على عدم العمل أو اتخاذ أى قرار دون الرجوع للزعامات الدينية التى ستفكر له لأنها هى التى تعلم وحدها العلم الربانى وما عرفه الأسلاف الصالحون منذ أكثر من ألف عام مضت ، ألا ترون المفتى ذاته يضرب نفسه بنفسه مثلاً فى الاتباع ، فلا يجيب السائل بجديد إنما بما سبق وأجمع عليه علماء الأمة ؟
إن لجوء المستفتى بسؤاله إلى كبير دار الإفتاء فى تفاهة كتلك هى مهزلة ، والإجابة علية هى أم المهازل ، تفاهة لو سألت فيها طفلا لأجاب بدلا من المفتى ، هو كمن يرسل لأحمد زويل يسأله عن حاصل جمع 5 + 5 ، سيكون سائلا أهطلا ، ويستهزئ بقيمة زويل ويراه أهلا للصغائر ليجره من يده لمنحدر التفاهة والسخافة ، وكله فى سبيل استصدار فرمان بحكم مقرر سلفا ، مع إهدار كل قيم العدالة دفعة واحدة ، مما يساعد فى مزيد من سقوط هيبة دار تحكم بالهوى والكيف والمزاج .
يبدو منطلق السائل هو الغيرة على الدين ورغبة فى معرفة ما يجهله بشأن مُعتدى على هذا الدين ، فذهب لزميل له أكفأ منه يسألة : هذا رغم المفترض فى الغيور على الدين أن يتعالى على التوافة والصغار ، وأن يكون هذا التعالى صفة دار الأفتاء بالأولى بحسبان هذا الترفع يجعلها تجسد أبسط قيمة فى أي دين ( الارتفاع فوق الثارات الشخصية والتوافة الهينات )
فإذا كانت المسألة المعقدة التى عرضها السؤال تفترض عدم وجود الإجابة عليها فى فقهنا ، فهذا اتهام رخيص لفقهنا بتقصيره فى تعريف المسلمين بحكم من سب الله والرسول والدين ، رغم أن السؤال يبدو للجميع كمن يسأل المفتى عن الجهة التى تشرق منها الشمس .
وفى واقعة السؤال هناك حادثة قد وقعت ، وجائزة قد منحت ، وشخص قد نالها ، وهو ما جاءت الفتوى به كامل العناصر عدا اسم هذا الشخص الذى هو الموضوع الرئيس ، شيىء أشبه بلعب الأطفال ويذكرنا بمن سأل فقيها أين تكون قبلتنا عندما تصعد إلى القمر ؟ ناسيا أن المتخلفين لا يصعدون إنما يهبطون ، إن التسلى بالفروض المستحيلة فى ألعاب فقيهة جائز لتمضية وقت الفراغ فى سمر شرعى فيتخيل أحد المشايخ قضية افتراضية صعبة ، ثم يأتى الشيخ الثانى فيتخيل حلا لهذه القضية ، لكنها أبداً لا تجوز إذا أصاب هذا اللهو أبرياء من الناس أو أصاب البلاد بالضرر . وهو ما أزعم أنه المقصد الأساسى للسائل والمجيب معا ، يقصدان إصابة أبرياء بالضرر ولو مع تهديد السلم الوطنى بالفتن ، وهو ما ستقدم الأدلة عليه فى شكل تساؤلات .
****
هل المسألة موضوع الفتوى هى المسألة الوحيدة فى ديننا التى غمض على السائل فهمها حتى يقيم بسببها الدنيا ولا يقعدها على مدى ثلاثة أشهر متتالية ، ملزماً نفسه ومفتيه بتوضيح هذا الشأن العظيم لأمة المسلمين بزفة غطت الأرضين السبع ؟ وهل اطمأن السائل والمسئول إلى أن كل أركان الإسلام معروفة ومستوفاة ومطبقة حتى يذهبا إلى هذه الصغيرة يقيما منها هولاً عظيما ، بمشاركة غير حميده من مشايخ الفضائيات وخطباء المساجد بطول مصر وعرضها ، ناهيك عن المشاركات الخارجية من الأخوية العربية الداعمة من الخليج للمحيط ، ومن الأخوية الإسلامية الداعمة من أمريكا إلى الصين فى هذه الزفة الكارثة .
ان من يقيمون كل هذا الصخب بهذا الشأن الهيَن لا شك أنهم قد استوفوا كل شروط الدين الأهم والأجدى ، وأنه قد تم تطبيق كل أركان الإسلام ولم يبق سوى استعادة مال الجائزة لخزانة أموال المسلمين من ( سيد القمنى ) ؟ وقد أكد السائل والمسؤول أن المال المأخوذ للجائزة هو مال المسلمين ، وهو ما يعنى أنهم يعتبرون الأموال العامة فى مصر هى أموال المسلمين وحدهم ، وهو ما يعنى أن تكون وزارة المالية هى بيت مال المسلمين المنهوب لصالح الجائزة ، وما دام المفتى وهو رأس كبير فى جهاز الحكم ، ورأس أكبر فى المؤسسة الدينية ، ويعتبر أن مال الدولة هو مال بيت المسلمين ، فهل تراه قد أدى الزكاة لهذا البيت كركن إسلامى لا يصح إسلام المسلم دونه ، ودونه الردة والقتل والقتال وأسر الرجال وسبى الذرية واستنكاح النساء وسمل العيون والذبح صبرا والتنكيس فى الآبار ؟ فإن كان قد دفع زكاتة فعليه أن يبرز لنا إيصال الإيداع الذى يفيد باستلام بيت مال المسلمين لزكاته الشخصية ، ليثبت لنا أن غيرته على الإسلام حقيقية وليست غيرة تجارية ونفعية وسلطوية ، ولنطمئن إلى صحيح إسلامه وسلامة يقينه ، وحتى يكون له المبرر فى طلب رد قيمة الجائزة لبيت مال المسلمين ، هذا مع التساؤل : كيف يتحدث مولانا عن بيت مال المسلمين ولايرى فداحة الجرم الشرعى المُفظع ممثلا فى ذمى خازنا لبيت مال المسلمين ، صاماً أذنية عن الخليفة عمر عندما عين أحد الولاة ذميا ليجرى لة الحسابات لأنة شخص أمين ، صرخ عمر : ثكلتك أمك ، والله لاأدنيهم إذ أبعدهم الله ولا أرفعهم إذ أذلهم اللة ، فكيف بمولانا يسكت عن هذة الفظائع مع تعطيل الركن الركين فى أركان الإسلام . ثم يزأر هصوراً من أجل جائزة لمفكر ؟ هكذا ترون الشأن كلة لوناً من المسخرة المُقرفة والمُقززة ، فكيف بإمامنا الأعظم الذى يفتى للأمة وقد أسقط أهم وأكبر أركان إيمانه ؟ هل يحق له أن يفتش فى إيمان الآخرين ، بل ويجروء على نفيهم من حظيرة الإيمان !!؟ هل لدى القارىء تعريف آخر غير المسخرة بكل تفاصيل معانيها ؟ .
أما الأخطر فهو أن صاحب الفضيلة قد سكت حتى الآن ولم يطلب يوما منذ تم تنصيبة تقنينا واضحا لأداء الزكاة ، هذا الركن الإسلامى العظيم ، وذلك بالفرض والإكراه اقتداء بسيدهم أبى بكر ( أنا لاسيد لى سوى الله وحدة ) ، فإن كان السائل والمسؤول يعلمان أن دولتنا دولة مدنية فلهما إسقاط هذة المطالب ونحن معهما ويجوز حينئذ ان يتولى أى مواطن أرفع المناصب ما دام أهلا لها ، أما عندما يعتبران مال هذه الدولة للمسلمين فقط فلا تصبح الدولة هنا دولة مدنية ، وتصبح وزارة المالية هى بيت مال المسلمين ، ففى هذه الحال لابد من تفعيل القواعد البكرية بشن القتال على ما نعى الزكاه والذبح والحرق ، على الأقل لإعادة الحقوق المسلوبة من المسلمين للمسلمين ، بعد أن توقف نكاح السبابا والإماء واستعباد الذرية ، واختفى من بلادنا سوق العبيد بقوانين أُممية عالمية صادرة عن هيئة كُفرية ، وهو الحلال الذى حُرموا منه بقوانين ليست من ديننا ولا من شرعنا ، وبذلك نراهما قد أسقطا ركنا إسلاميا دونه الكفر ، وحرموا المسلمين حقوقا أفاءها الله عليهم حلالا أحل من لبن الأم ، وتركوا بيت مال المسلمين بيد خازن ذمى ، أم أن مال الدولة المدنية يصبح بيت مال المسلمين فقط عندما يأخذ منه ( سيد القمنى ) جائزة على أبحاث علمية تصيب وتخطىء وليست محل كفر أو إيمان ؟ أبحاث معيارها الصح والخطأ وليس الحلال والحرام ، ولا دخل لأبحاثه بالدين فى حد ذاته.
ما أفهمه كباحث يعيش فى دولة حديثة مدنية أن الجائزة هى من مال وطنى قومى ، يتم الصرف منه لمصالح المواطنين مسلمين أو مسيحيين أو بهائيين من أي لون أو ملة ، وأنه ليس مالا خاصا بالمسلمين وحدهم . بينما يصر السائل والمسئول على كونه مال المسلمين، وهما يعلمان ما يترتب على هذا الفهم من موجبات شرعية وهو ما يشككنا فيهما وفى صدق إيمانهما ، حتى نكاد نرى إسلام البعض منهم إسلام جاه ووجاهه اجتماعية ومناصب رفيعة وكراسى عالية منفوخة ، ألا ترون فضيلة المفتى يفضل كرسيه ووظيفته على إقامة حدود الله كتحصيل الزكاة ، مع عدم إعلانه الحرب على الممتنعين عن أداء حقوق الله بحسبانها ردة جماعية وليست فكرة لباحث ،!!! وهو الأوضح والعلنى والمسكوت عنة ، هو الأشنع على المذاهب كلها باتفاق ، وعن جوارة يجلس الخازن الذمى وزيراً مبجلا موقراً من المسلمين ؟ ، ومن ثم عليهم بعد عزل الذمى عن بيت مالنا ، إعادة زماننا الذهبى بجواريه وعبيده ، بشن الحرب على مانعى الزكاة حتى يمكن سبيهم واستعبادهم ، وتطبيق شرع الله بالعقوبات البدنية كالقطع والسمل والذبح صبراً ، إن مفتى الديار يجلس ساكتاً فى ديار لا تطبق الدين ، لكنة ينفر نفرة لله وللأمة ضد شخص واحد لا يعرف اسمه ولا ما كتبه ، إذن هو يريد الوظيفة وليس الله ولا الدين ، ثم يجرؤ على تكفير رجل من خيارالمسلمين ؟
يا عينك .. يا مولانا !!
ياجبايرك .... يامفتى الديار !!.
كان جديراً بالسائل والمسئول اللذين يبكيان مال المسلمين ، أن يقيما مندبة على الصدقات والتبرعات والزكاة التى يدفعها الصالحون سراً وطوعاً وحباً فى أداء حقوق الله ، فلا نعلم كيف تذهب لتفخيخ السيارات وقتل الأبرياء وتشويه سمعة الإسلام وتجريسنا عالمياً بمخازى ضد الإنسانية ، لا أن يبكيا جائزة لباحث لتفوقه العلمى الذى يسهم به لنهضة وطنه وأهله فى هذا الوطن .
إنهم يشترون للإسلام بمال المسلمين مذمة الإرهاب بمليارات تصرف للتخطيط والتدريب وشراء الأسلحة والخبراء والتخفى والانتقال عبر البلدان وشراء سيارات التفخيخ وإعالة أُسر الإنتحاريين .... الخ . إن جائزتى كانت من مال ضرائب مختلف شرائح الشعب المصرى مسلمين ومسيحيين وبهائيين وقديانييين وشيعه وسنة ولادينيين ، من المال الطاهر الذى لا يزكى نفسه بتزيين الطريق إلى الله بدماء الأبرياء ، إنما يجمع ضرائب تصرف لصالح الوطن والمواطنين .
إن معركتهم من أجل بيت مال المسلمين تذكرنا بأحداث تسوؤنا ، فبينما سيد القمنى لم يسرق من هذا البيت حتى يهبوا له هذه الهبه المُضرية ، فإن هذا البيت قد تقاتل عليه الصحابة رضى الله عنهم ، فلم يكتبوا كلاما لا يرضى ذوق مولانا ، إنما قتلوا خليفتهم سيدهم عثمان رضى الله عنه ، وكان على رأس المتآمرين والقتلة سيدهم محمد بن أبى بكر رضى الله عنه ، لعدم عدلة رضى الله عنة فى توزيع الغنائم والفيوء ، ومن أجل هذا البيت والسلطان أمر سيدهم معاوية رضى الله عنه بقتل الحسن الحفيد النبوى عليه السلام بالسم ، كما أمر أيضا بقتل سيدهم محمد ابن بكر رضى الله عنه ثم حرقوة فى جوف حمار ميت ، كذلك قام سيدهم يزيد من معاوية رضى الله عنة بقتل الحفيد النبوى الثانى الحسين عليه السلام والقضاء غلى البذرة النبوية المطهرة ، وقبلهم حاربت السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه ، ثم فتنة سيدهم بن الزبير رضى الله عنه وحرق الكعبة المشرفة ، ووقعة الحرة المخزيه التى حبلت فيها ألف عذراء من بنات الصحابة رضى الله عنهم بقرار وفعل صحابة آخرين رضى اللة عنهم أجمعين ، وكل هذة الويلات كما نعرف جميعا فى صحاح تواريخنا كانت من أجل السلطة ومال بيت المال المنهوب من السادة الكبار ، ولا يصح هنا القول أن أياً مهم كان كل منهم يحارب الآخر فى سبيل الله ، لأنه ما يعنى أن الطرف الآخر كافر ، بينما كلاهما ( القاتل والمقتول) صحابة كرام رضى الله عنهم أجمعين .
زمن الخليفة عمر رضى الله عنه تمت سرقة بيت المال من الخزان أنفسهم وكلهم صحابة رضى الله عنهم ، ومن ثبت عليه ذلك كان الخليفة عمر رضى الله عنه يعاقبه بمصادرة نصف ما أخذ ( يشاطره أياه ) ، وممن شاطرهم الخليفة : سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه وأبا موسى الأشعرى رضى الله عنه وأبا هريرة رضى الله عنه والحارث بن كعب رضى الله عنه وعمرو بن العاص رضى الله عنه متهماً إياهم بأنهم "يجمعون العار ويأكلون الحرام ويورثون النار" بسرقتهم مال الله ، يقول أبو هريره : " ولما عزلنى عمر عن البحرين قال لى : ياعدو الله وعدو كتابة سرقت مال الله " .
فالمفتى والمستفتى لا يرون هذه العظائم ، بل ويأمروننا بتقديس كل من رأى الرسول ولو لحظة لأنة صحابى ولذلك هم أسيادنا !!! ، ويقفون مع جائزة العبد الفقير إلى الله منادين بالويل والثبور وعظائم الأمور ، أم تراهما يخوضان كل هذه المعركة اقتداءً بالخليفة عمر رضى الله عنه ليتمكنا من مشاطرتى الجائزة وأخذ نصفها منى ؟ سيكون هذا جائزاً لو كنت سارقا لكنى للأسف لم أسرق فلا تجوز لهما المشاطرة حسب قوانين شرعنا ، فعلى مستوى الشريعة الإسلامية لا يجوز لهما مجرد طلب رد قيمة الجائزة ولو كانت من بيت مال المسلمين .
إن خزان بيت المسلمين الكرام هم من سرقوه ، وضبطوا متلبسين وقبلوا بغرم المشاطرة والعزل اعترافاً عملياً منهم بارتكاب الجرم ، وأنا سادتى لم أسرق أحداً ، ولو كان زمن الخليفة عمر توجد معرفه بضرورة تشكيل اللجان الفاحصة لأعمال الولاة ، مثل اللجنة التى فحصت أعمالى ، لما تمكن الخازن من السرقة ، لذلك فأى سرقة وفساد فى أيامنا هو أقل مما كان يحدث فى زمننا الذهبى الماضى بما لا يقارن ، لوجود آليات المراقبة والمحاسبة ناهيك عن الفضح الإعلامى بكل صنوفة ، وإذا ما أراد السائل والمسئول استرداد جائزتى فلنسمع منهم فتوى أولى تأسيسية بشان الخزنة التاريخيين لبيت مال المسلمين ، وحكمهم بشأن الدم المسفوك طوال تاريخنا الأسود اقتتالا على حيازة بيت مال المسلمين ، حتى نصدق تحريهم للعدل أساس الدين والملك .
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 11-23-2009, 01:09 AM بواسطة بهجت.)
11-23-2009, 01:07 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #114
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
آلية الفتوى( تفكيك الخطاب )2 من 2
سيد القمنى
الحوار المتمدن - العدد: 2832 - 2009 / 11 / 17



لا شك أن المفتى الدكتور على جمعة بكل ما لديه من علم بالدين كمرجعية عليا فى شئون هذا الدين ، يعلم ما نعلمه نحن بسطاء المسلمين من بسائط هذا الدين ، فنحن نعلم أن نظام القضاء الإسلامى يقوم على ركن أساسى تفسد بدونه أى قضية ويمتنع مع عدم وجوده إصدار أى أحكام ، وهذا الركن الركين هو نظام الشهود ، حتى أنه وضع لهذا النظام شروطاً واضحة لم تترك شاردة ولا واردة سواء فى صفات الشهود أو علمهم أو عددهم أو سلامة حواسهم وذكورتهم وأنوثتهم وذلك لضمان تحقيق العدالة . فالشهادة هى الركن الركين فى تشريعنا ، صيام مليار مسلم مرهون بشهادة اثنين من المسلمين ، إن الله بجلال علمة الكلى يعمل فى حساب يوم البعث بنظام الشهود لتأكيد هذا الركن العظيم فى القضاء الإسلامى ، يوم الحساب لو راودتك نفسك الكذب تشهد عليك حواسك وأعضاء جسدك ، الشكوى لو كانت فى دوار العمدة فى ريفنا الصعيدى وليس فى دار الإفتاء بجلال قدرها ، لطلب العمدة الشهود والأدلة .
وفى الموضوع الذى نظره المفتى يوجد عدد كبير من الشهود هم أعضاء اللجنة الفاحصة بوزارة الثقافة من خيرة أبناء الأمة المصرية ، والتى صوتت لصالح منحى جائزة الدولة التقديرية ، وأقرت استحقاق صاحبها لهذا الوسام الرفيع كباحث علمى حر لا منتمى ، فهل استمع صاحب الفضيلة لهؤلاء الشهود وناقشتهم احتراماً منه لشروط الشريعة الإسلامية ؟ كلا ، لم يفعل !! فهل طلب المفتى الكتب موضوع التكفير ليطلع على ما فيها من
وثائق قبل أن يصدر حكمه ؟ كلا ، لم يفعل !! هل سبق أن عرف مجتمع أحكاما تصدر بدون جسم جريمة وبدون أدلة وبدون شهود، كلا لم يحدث !! كلا لم يحدث!! هل سبق أن عرف مجتمع أحكاماً تؤدى إلى الفتن المجتمعية وتهدد السلم الوطنى ، ناهيك عن تدميرها لسمعة مسلم حسن الإسلام ، والتعرض له ولأسرتة وباقى أهله بالأذى والقسوة من المجتمع ، فى محاكمة تقوم فقط على الثقة المتبادلة بين الشاكى وبين القاضى ؟ كلا لم يفعل مجتمع إنسانى هذا . كلا لم يعهد تاريخ الإنسانية كله بحث مصائر الناس بالفتاوى ، حتى الشعوب البدائية كانت تصدر قراراتها بشكل جماعى بمجلس النخبة أو القبيلة أو الصفوة ، بعد بحث الموضوع من كافة جوانبه وسماع جميع وجهات النظر ، حتى زمن الجاهلية كان لديهم الملأ ودار الندوة ، إن دار الإفتاء بريادة على جمعه عادت بنا إلى ما قبل الزمن الجاهلى بأزمان . إن الإنسانية لم تعهد الفرمانات الصارمة المدمرة إلا مع شخصيات تأخذ فى تاريخ البشرية أسوأ المواقع لما أدت إليه من ويلات وحروب وكوارث من هولاكو إلى هتلر إلى صدام حسين إلى .... مولانا ؟؟!!
أم أن صاحب الفضيلة لم يطلب الاستماع للشهود لاحتسابه أن الستين عضواً باللجنة المانحة لا تتوفر فيهم شروط الشهود العدول ؟ ولا يفوتنا هنا تشكيكه فى معرفة اللجنة بما فى كتبى بقوله " إن كانت تعلم " ؟ ! وهو ما يعنى أنها فى ضميرة واعتقادة قد لا تعلم ومع ذلك تعطى جوائز ، يعنى أنها لجنة فاصوليا ، يعنى اللجنة عند مولانا شيلينى وأشيلك ( وعدم الرجوع لشهادتهم اتهام ضمني )، وهو منزلق خطر خاصة إذا ما اطلع فضيلته على أسماء أعضاء تلك اللجنة وقاماتهم قبل أن يتهمهم لربما تريث فى فتواه .
إن ما فعله المفتى لم يسبقه إليه آخر فى تاريخنا ، فقد قدم رأيه دون أى براهين واعتبره محجوجاً وأعلى فى أداء القدرة والقوة من أى رأى أخر ، حتى لو كان رأى ستين عالماً متخصصاً ، أصدر قراره فرماناً لم يحقق ولم يدرس ولم يستمع للشهود ولم يعتمد على نصوص موثقة وبدون أدلة ... المفتى سمع .. فقال .. ، استمع للادعاء ولم يستمع للمتهم ولا للشهود ولا طلب جسم الجريمة وبدون أى دليل أو قرينة ، هادما كل أركان القضية بفرمان عثمانلى .
يقول المفتى فى فتواه : " واللجنة التى اختارت له الجائزة إن كانت تعلم بما قاله من المنشور فى كتبه الشائعة فهى ضامن لقيمة الجائزة التى أخذت من أموال المسلمين " المفتى هنا متشكك فى علم اللجنة المانحة بالتهمة موضوع الفتوى ، ولم يبين المفتى موقفه من هذه النقطة هل هو مماثل لموقف اللجنة ، أي موقف ظنى متشكك بدوره لا عالم ولا عارف إن كانت هناك تهمة من عدمه ؟ إن صياغة صاحب الفضيلة للعبارة تعنى أنه هو واللجنة التى يتهمها سواء بسواء فى اللا علم واللا معرفة ، ورغم عدم العلم الذى يفترضه فى اللجنة فقد أصدرت قرارها وهى لا تعرف ، إذن هى تجامل ، وبناء على عدم معرفة اللجنة وإصدارها القرار مجاملة ، فإنة يمكن للمفتى أن يقدم على إصدار قرار يجرم دون أن يشغل نفسة بمعرفة المسألة ، هى تجامل ، وهو يجرم ، واحدة بواحدة ، المفتى أصدر حكمه وهو غير واثق ، بناء على احتسابه أن اللجنة بدورها غير واثقة ، وأنها بالكامل مسألة مزاحية ، وهكذا يصبح الحاج خميس شيخ الحارة فى بلدنا الجالس على مصطبة من الطين اللبن أكثر عدلاً من الحاج جمعة صاحب الجاه والرفاه والمناصب العليا . هذا بينما واقع ما حدث هو أن اللجنة المانحة تتشكل بنيتها من علماء وأدباء ومفكرين وباحثين قرأوا الأعمال للعديد من المفكرين ، وبعد الدرس والفحص اتخذت قرارها لتختار من بين مرشحين كُثر ، لتختار الأفضل بين الفضلاء ، ولو لم أكن جديراً بها لكان أول الشاكين هم من المرشحين الآخرين الذين لم ينالوها وهم كُثر ، وهم بدورهم من الجديرين بها ، وهم المتضررين من فوزى وليس موقع المصريين ولا المفتى ولا الإخوان .
ومقارنة قرار اللجنة بحكم المفتى يطرد فوراً حكم مولانا من طاولة البحث ، حيث مولانا لا يعرف ولم يقرأ ولم يستمع لشهود ، هو إذن عُملة فاسدة .
****
غنى عن التنبيه هنا أن تدخل رجال الدين فى البحث العلمى وتقييمه يعنى تفجيراً تحتياً لأسس هذا البحث ، وللقيم التى يقوم عليها هذا النوع من التفكير المنهجى الذى كادت تخلو من بلادنا بسبب سيطرة رجل الدين . فالافتاء يعيش فى وادى الحلال والحرام والطمث والحيض وزواج الإنس من الجن والفيل والصيحة والبراق والنملة وبول الناقة ، وهو واد يختلف بالكلية عن وادى التفكير العلمى ومناهجه وطرائفه وشروطه الصوارم بحكم واحد فقط هو الصواب أو الخطأ ، وبين الواديين برزخ يفصل بين زمنين مختلفين بالكلية ، برزخ فاصل يمتد إلى أكثر من ثلاثة قرون زمناً، فهما زمنين متجاورين زمن ما قبل المنهج العلمى وزمن ما بعد هذا المنهج ، كالمتوازيين لكنهما لا يلتقيان أبداً مهما امتدا .
ما لا يغيب على مدقق فى السؤال والفتوى ، الأهداف البعيدة المخفية بين السطور بحيث تفعل فعلها وتقوم بتأثيرها فى العقل المسلم عبر التسلل إليه والسكون داخله دون إعلان ، وإن وزارة الثقافة كى لا ترتكب مثل هذا الزلل مرة أخرى فعليها الرجوع أولاً إلى أهل الدين لأخذ رأى رجاله فى البحوث العلمية والأعمال الأدبية والفنية .
يريد السائل أن يجعل رجل الدين هو المرجعية الوحيدة والعليا للأمة المصرية أفراداً وجماعات ووزارات ( بالنظر لموقفه من وزارة الثقافة ) ، يريد توحيد السلطات جميعا فى يد واحده تلبس مسوح المقدس إذا اقتدينا بها اهتدينا ، ليقرر رجل الدين مايجب وما لا يجب ، ما نكتب وما لا نكتب ، بفرمانات غير قابلة للمناقشة ، حتى لو كانت الموضوعات مجال الفرمان هى علمية بامتياز وتخصص وجداره ، موثقة تعتمد المناهج العلمية الكبرى التى اكتشفها البشرية فى آخر منجزاتها ، ورغم ذلك فهذه الموضوعات لا تعطى نفسها عصمة الصواب المطلق ، إنما هى بطبيعتها تخلق اختلاف الرأى حولها جدلا ونقاشا قبولاً ورفضاً ، بعكس فرمانات رجل الدين المقدسة التى لا تحتمل رأيين . فرمانات لا تسمح لنا بحق أن نفكر ، وحق أن نخطئ لنتعلم من الخطأ ، لأن الخطا غير مسموح به فهو خروج على الأمة وخيانة لها لصالح المتربصين بالإسلام ، فالدين لا يعرف إلا الحلال والحرام ، الطاهر والنجس ، الإيمان والكفر ، الهدى والضلال ، بعكس العلم الذى لا يعرف غير البراهين والأدلة والصواب والخطأ وحدهما .
ونلحظ بشده قوله عن مدى جواز أن تقوم ( لجنة ) ، دون تعريف بالألف واللام ، قاصدا مفهوم اللجان نفسه وتعميمه على كل اللجان والتى تتخذ فيها القرارات بمشاركة ومناقشة ودرس ، فليس هؤلاء هم المخولين بمنح الأوسمة التقديرية لأنهم لا يعملون وفق الحلال والحرام ، لذلك فالفتوى تحتوى ضمنا تحريم عمل اللجان عامة وإحلال الفتوى محلها .
المخفيات المسكوت عنها تفصح عن نفسها فالسؤال يتحدث عن هجوم على الإسلام فى كتب ( بدون تعريف ) مطبوعة ومنشورة ومتداولة ، ليوعز بالخطر الكامن فى الكتب عموما ، والذى يقتضى مرورها أولا على المشايخ ليتم التصريح بطبعها ونشرها من عدمه .
إن أى تأمل بسيط فى كل هذه الهجمة الشرسة سيكتشف أن الأمر لا علاقة له ببحث علمى أصاب أو أخطأ ، أو جاءت استنتاجاته وأدائه وأدواته غير مرضية للبعض ومنهم السائل والمجيب ، أو على أسوأ الظروف غير صائبة وهو حال العلم البشرى الذى يحتمل الصواب والخطأ دوماً ، القضية هى انتهاز الفرصة بهذه الجائز ، وتجريمها لإسكات العقول المفكرة والراغبة فى تفعيل وعى الأمة ونحرها إن أمكن ، الهدف الأكبر والأبرز هو حظر البحث العلمى بكل أشكاله وألوانه ومناهجة. والسائل من بدء رسالتة المستفتية ، يرجو المفتى أن يكون رقيباً على أعمال اللجان العلمية وأن يكون رقيباً على ميزانية الدولة وأوجه صرف الدخل القومى ، وهو حشد للسلطات بيد رجل الدين لم يسبق أن فى حدث فى تاريخنا من قبل ولا حتى زمن الراشدين ، حدث فقط مع النبى (ص) وحده ، أتراهم يرون أنفسهم أكفاء له وأنداداً ؟!
تنجلى الأهداف متسلسلة ، فالواضح أن المستفتى لا يطلب بسؤاله المعرفة ، هو يعلم أن هناك من سب النبى والإسلام فى حياة النبى شعراً ونثراً بل تغنوا بهجائة فى ليالى سمرهم تعزف عليهم القيان ، هو لا يطلب علماً فالإجابة واضحة للأعمى ، لكنه يطلب هياجا شعبويا بتصوير دين الإسلام ضعيفاً مهزولاً يتطاول عليه سيد القمنى وغيره ليهب له المسلمون غيره ونصره
واتباع السائل والمسئول تكتيك عدم ذكر اسم المتهم ، إنما يهدف إلى التعميم على هذه الحالة وعلى كل الحالات المشابهة ، من أفكار أو طرائق تفكير جديدة أو مختلفة عما أعتادوه ، لأنه لو تم التشخيص والتسمية لكان الجرم أهون ، أما عدم التعميم المقصود يجعل الفتوى عامة تخويفاً وإنذاراً له ولغيره ولمن صوت لجائزته ولمن يفكر فى ذلك مستقبلا . وكى تتم إحالة أى شأن لرجل الدين تتم إدانه نظم التصويت باللجان وورش البحث ، من يلجأ يجب أن يلجأ للمفتى ، لرجل الدين ، أى أن المسألة ليست قاصرة على سيد القمنى ، إنما انطلاقا منه لقيام سلطة رجال الدين التامة وإسكات أى صوت مخالف ، ومن ثم إلغاء البحث العلمى بالتمام ، لجعل رجل الدين المرجعية العليا للأمة المصرية . السائل والمجيب يرسمان خطة ما يجب أن يكون . إذا كان حكم من يسب الدين معلوماً بدقة فإنه لا يكون للاستفتاء هدفاً معرفياً ، إنما أهداف ضمنية فى تمثيلية ساذجة هزلية لتعويد العقل المسلم وتدريبه على العودة إلى رجل الدين ، وعدم استخدام هذا العقل حتى فى البسائط الهيئات المتوافيه ، وتكريس التبعية واستجلاب التحريض والسب والتكفير من جهة رسمية حكومية ، وليس جهة سماوية ، فالختم ختم النسر وليس ختم السماء ، ختم يعبر عن سلطة دنيوية تلبس زيا سماوياً ، فتكون هى الدكتاتورية المثلى والنموذج التمامى للفاشية ، فلا حكومة دولة مدنية تحكم ولا الرب بنفسة هو من سيحكم ، إنما شخص من لون السائل والمسؤل .
يبقى هدف أخير ضمن الأهداف المتضمن بين السائل والمسئول ، ألا وهو الضغط مقدماً وسلفاً على قرار القضاء فيما هو مرفوع من قضايا بشأنى ، إحراجاً للقاضى وسد المنافذ أمامه ، لأنه إذا كان رأى ربنا موجود فى القضية فماذا سيقول القاضى أمام حكم الشرع ؟
هنا سأحيل القاضى إلى القرآن ليرى كيف أن المنصب الفتوى والورع والخشوع ليس علامة الطهارة والصدق المطلق ، أحيلة الى قوله : " وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبه تصلى ناراً حامية " ، وأنه قال : " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان " وربما إن استزاد أحلته إلى أحاديث النبى ( ص ) :" من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام " ، لذلك كان تساؤل المسلمين حول حديث النبى : " أنصر أخاك ظالما أو مظلوما " عن كيفية نصرته ظالما ، قال ( ص ) : " تحجزه وتمنعه من الظلم فذاك نصره " وهى كلها نصوص مقدسة يعلمها المفتى والمستنفتى ، ورغم ذلك لم يحجز المفتى أخاة الظالم عن ظلمة ، بل مشى معة ليعينة وهو يعلم !! ليتعاونا على الإثم والعدوان !!.
القانون المدنى فى هذه الحال يمكن أن يدين ما فعل المستفتى والمفتى معا فى خرقهما لكل قوانين العدل فى الدنيا كلها ، لذلك أقترح على السائل والمسئول ألا ينتظرا إدانه المحكمة المدنية لكليهما ، خاصة أنى لن أءلوا جهداً فى السعى لحبس معظم أطراف الهبة التكفيرية ، وقد تطوعت بمال هذة الجائزة جميعة فى سبيل هذا المُنى ومن أجل تلك البهجة وذلك السرور والحبور ، ليذوقوا نتائج بعض عبثهم الطائش ، وإن لم تنصفنى محاكم بلادى فأمامى محاكم الأرضين السبع ولا أُبالى ، لذلك أقدم لهما النصح مخلصا أن يقدما نفسيهما للمسلمين كمسلمين صادقين قولا وفعلاً ، ويظهرا أنهما أفضل أيمانا من (سيد القمنى) ومن لجنة وزارة الثقافة وأى لجان أخرى ، تعاليا أدلكُما على الطريق الإسلامى القويم للنجاة ، فأُذكركما أن الغامدية أصرت على الاعتراف بمخالفتها للشرع وطلبت القصاص حتى رُجمت ، وحتى قال النبى ص عنها " لقد تابت توبه لو وزعت على الناس لوسعتهم جميعا " فهل السائل والمسئول من الملائكة ؟ ألم يرتكبا أى جرم ناهيك عن جرم هذة الفتوى الكارثية ، لماذا لا يتقدم السائل ( الذى سخر موقعه لسب سيد القمنى وتكفيره وتدعيرة وةصغيرة لمدة تزيد عن الثلاثة أشهر ) إلى الحاكم ليكسب نيشان الغامدية ويعترف إنه سب مسلما حسن الإسلام هو(القمنى) ظلما وزورا ، وأنه يطلب توقيع العقوبة علي نفسة ، أو ليستخرج من من حياتة مأثمة واحدة ليكون كالغامدية ، لنروى بعدها رواية جمال سلطان الغامدى إلى جوار رواية الغامدية المُؤسسة ، وحتى يكون فى تاريخنا أكثر من غامدية واحدة مفردة ، ليشرف الإسلام بغامدى جديد بعد أن غاب الغامديون من تاريخنا الإسلامى أربعة عشر قرنا ، وكذلك أن يذهب فضيلة المفتى لرئيس الجمهورية ليعترف ببعض آثامة البشرية ويطلب التشهير به ومعاقبته وتجريسةعلى ملأ كما فعل ماعز ليكون لدينا أكثر من ماعز واحد ، أم أن كل رجال الدين من الأطهار ليس فيهم غامدي أو ماعز واحد بطول القرون السوالف ؟ هل رأينا غامدياً واحداً بين الجماعة الإسلامية التى قتلت الأبرياء بالرسوخ فى الدين وعادت للمراجعات بالرسوخ فى الدين ؟ معترفين بخطئهم فى الفهم الأول الدموى ودون أن يعيدوا للقتلى حياتهم بالفهم الثانى ، لماذا لم يفعل أحدهم فعل ماعز أو الغامدية ؟ أم أن الأحكام عند المشايخ تجب فقط على غيرهم من الرعية ولا تنطبق عليهم لأنهم السادة المسلمون وحدهم ؟ إن العدل هو أن يبدأ السائل والمسؤول بنفسيهما ، لنتأكد أن إيمانهما ليس إيمان مستوى معيشى رفيع أو نفع دنيوى او كرسى منصب وطنافس مصفوفة ملحوقة بثريد الكافيار ومُضيرة معاوية ، وإنما إيمان يؤمن به القلب ويصدقه العمل والفعل وليس الخطابة الرنانة والكراسى الفخيمة ودنانير الفضائيات وبيزنس كل ألوان الإسلام السياسى . فهلا سمعنا قريباً من رجل دين مخلص لإيمانه يطلب من الحاكم أن يقطع يده ، أو يجلده أو يرجمه ؟! أم أن جميع رجال الدين هم من المعصومين من الخطأ والذنوب وبقية المسلمين هم من الخطائين ، لذلك يملكون حق الدوس على رقاب الناس يسبون هذا ويلعنون ذاك ويطردون آخر من رحمه الله ، وكأن جنات عدن قد أصبحت عزية خاصة بهم يملكون وحدهم مفاتحها ,
أبداً والله لا نصدقكم ، ولا تقبل أحكامكم على عباد الله ، ولا نصدق غيرتكم على إسلامنا ، حتى نرى من بينكم غامدياً جديداً ، أو لتكتفوا بمغانمكم ، وتصمتوا وتخرسوا وتخرجوا من دماغ الأُمة ، حتى تصح وتتعافى وتلحق بأشقائها فى الإنسانية ، حيث نور العلم والحقوق وإشعاع الحضارة القاتل لجراثيم التخلف .... وعفن المقبورين .
11-24-2009, 01:46 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #115
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
في حوار مع صديق ليبرالي وجدته غاضبا بشدة من اعتراضي على ظاهرة النقاب ، كنت أراها ظاهرة تعبر عن المد الوهابي الأصولي و تدعمه ، بينما كان يؤكد صديقي الليبرالي أنني آخر من يحق له الحديث عن ( الثقافة ) ، لأني لم أدرك أن النقاب هو ممارسة لحرية شخصية لا يحق لأي إنسان ما كان اعتراضها ، و لكن رأيي هو أن المنطقي أن نناقش الزي عندما يصبح ظاهرة عامة ، فالزي ليس قطعة قماش بل هو ثقافة ، إني أرى أننا يجب مناقشة الظواهر الثقافية بحثا عما خلفها و من خلفها ، هذا ما فعلته بشكل مختصر و متناثر ،وهذا ما يفعله سيد القمني هنا .. فمرحبا به .
........................................................

أبعاد ظاهرة الحجاب و النقاب( 1 من 4 )
سيد القمنى
الحوار المتمدن - العدد: 2857 - 2009 / 12 /13



البُعد التاريخي

سبق لي معالجة موضوع الحجاب من على أرض المقدس و المأثور الإسلامي ، من وثائقه المعتمدة و تاريخه العقدي بصحيفة القاهرة تحت عنوران : " مكانة الحجاب بين فضائل العرب " ، و أعدت نشره في كتابي ( الحجاب و قمة الـ 17 ) . و لأن الفارق بين الحجاب و النقاب هو فارق في الدرجة و ليس فارقاً في الكيف و النوع ، فسأتناول الظاهرة هذه المرة من منظور العقل وحده وفق شروط القراءة السسيوبوليتيك التاريخية ، لتوصيف الظاهرة و تحديدها مفهومياً و رصد أهدافها و منطقها ، إذ لا شك أن ظاهرة تفرض هذا الحضور و لها هذا التإثير على المجتمع المسلم ، لابد لها من أغراض و أهداف تريد تحقيقها على الأرض .
لكن الأوضاع في بلادنا كثيراً ما تربك المراقب و الراصد ، فلا تعرف هل الحجاب و النقاب فرض ديني و تكليف شرعي كالصلاة و الصوم و الشهادتين يكفر تاركه و مُنكره أم هو ظاهرة اجتماعية تظهر لتختفي ثم تعود ثم تذهب ؟
فإن كان النقاب فرضاً دينياً فلماذا يتركه المسلمون زمناً ليعودون إليه في زمن آخر ؟ و هو الأمر الذي لا يحدث مع فروض و أركان الإسلام الأخرى الثابتة ثبات الدين ! ! و هل لو كان من دين المسلمين حقاً و فعلاً و عن قناعة فلماذا لا يثبت ثبات الفروض الإسلامية الضرورية المعروفة ؟ أم هو ليس من أصول الإسلام و أنه ظاهرة اجتماعية نسبية ذات علاقة بظروف المجتمع و اقتصاده و سياسته ، و أن هذه الظروف هي التي تؤثر في ظهوره و إختفائه بقصد و رغبة من المجتمع مثله مثل سائر موديلات الملابس باختلاف الثقافات و الأزمنة ؟
مصر قبل الفتح الإسلامي لها كانت المرأة المصرية سافرة متزينة و أيضاً عاملة منتجة ، فكان عمل الحقل لا يستقيم للرجل بدون معاونة زوجته ، و لأن العمل يكون في عجين الطين و سحب للمياه و سد القنوات و فتح أخرى بمراكمة الطمي هنا أو إزالته هناك مع بقية ضروب وسائل الفلاحة ، فقد فرض العمل ظروفه على المرأة المصرية حيث لا يصلح حجاب و لا نقاب و لا إدناء للجلابيب ، لأنه سيكون معوقاً و معطلاً عن الإنجاز و الإنتاج الحقلي .
لهذا لم يكن عيباً و لا عاراً و لا ملفتاً حتى للنظر ثدي المرأة ترضع طفلها بالسوق ، و لا أفخاذها العارية و هي تعجن الطين في الحقل أو تغسل الملابس و الأواني على شط النيل . و ظلت المرأة المصرية على حالها بعد الفتح الإسلامي بفرض من البيئة و شروطها و بقرار من الظرف الإنتاجي . فقط الطبقات المصرية المالكة و الأكثر ثراء و التي لا تعمل بيدها لتنتج ، هي التي أرادت تثبيت سيادتها بتقليد السادة العرب الغزاة ، فلبست ملبس نساء الفاتحين ، أما الفلاحة و العاملة المصرية فقد ظلت امرأة منتجة لا يلزمها سوى ما يناسب إنتاجها من ملبس ، و هبطت على البلاد غزوات جراد فاتح أكثر تعصباً و تشدداً سواء زمن الفاطميين الشيعة أو الأيوبيين السنة أو المماليك أو العثمانلية ، و ظلت الفلاحة المصرية في غنى عن أزياء السادة ، بينما أخذت الطبقة الوسطى تسعى إلى اللحاق بالأرستقراطية ، فلبست نساء التجار و كبار الملاكين على الوجه نسيجاً شفافاً رقيقاً كنا نسميه (البيشة) ، و هو ما تم تخفيفه زمن الإستعمار العثماني إلي (اليشمك) ، و هو مجموعة خيوط متشابكة في جدائل هندسية لا تحجب شيئاً ، إضافة إلى علامته الطبقية بقدر الذهب الذي يزينه .
و مع ثورةة 1919 التي قادتها الطبقة الوسطى المصرية ، قرر المجتمع المصري أن يعلن المساواة بين مواطنيه ، فخلعت المرأة المصرية الحجاب الطبقي و تبعتها في ذلك معظم الدول العربية و الإسلامية ، عن إرادة و علنية بتأسيس مفكري عصر النهضة ، و رجل الحقوق النسائية الأبرز قاسم أمين ، و بالطبع سيدة العفاف و الطُهر هدى شعراوي التي خلعت الحجاب و معها كل المصريات في ليلة و ضحاها . بقرار اجتماعي إرادي واعي نزلت بموجبه ربات الخدور الناعمات من أسر جناح الحريم ، إلى العمل السياسي و العمل الإنتاجي و تحصيل العلم لتنافس الرجال في بناء الوطن مع الفلاحة المصرية التاريخية . و هو ما ظل حتى عهد قريب أحد أهم مفاخر ثورة 1919 ، حتى وصف التاريخ زمنها بأنه ( عصر النهضة و التنوير ) ، الذي بلغ تأثيره جزيرة العرب فخلعت المرأة النقاب و الحجاب خاصة الطالبات منهن بالمدارس و الجامعة ( أنظر الصور المرفقة ) ، و هو كله ما يعني أنه لو كان الحجاب و النقاب جوهريان في دين الإسلام ، إذن لهلك الإسلام يوم خلعت المرأة المسلمة المصرية الحجاب و النقاب و معها نساء العرب ، و هو ما لم يحدث ، و لا تفوتك هنا الملحوظة الأهم و هي أن خلع الحجاب و النقاب قد ترافق مع عصر النهضة و التنوير ، بينما ترافقت العودة إليه مع إنحطاط الأمة التمامي في زمن الهزائم و الخيبات ، بعد استيلاء العسكر على الأوطان ، و ما انتهى إليه الاستبداد باسم الأمة و قضاياها الأيديولوجية إلى توالي الهزائم التاريخية الهائلة ، و ما صاحبها بالضرورة من رد عنيف على هزائم عنيفة بظهور جماعات الإسلام السياسي الإرهابي ، الذي كان لابد أن يفرض سلطانه عبر رموز و شعارات تشير إليه و تميزه . فكانت العودة للحجاب و النقاب شرط إثبات إسلام الأسرة المسلمة مع ما يسمى بالصحوة الإسلامية و طفرتها البترولية ، و التي كان ثمنها الفادح ألوف الشهداء المصريين على ثرى سينائنا الغالية ، عبر سنوات قتال استمرت من 1967 و حتى 1973 .
مع ما أسموه الصحوة ، عاد الحجاب و النقاب معبقاً برائحة النفط الصحراوي الجافة القاسية ، و خلال السنوات الأخيرة بدأت النقلة المرحلية التالية من الحجاب بموديلاته المتعددة إلى النقاب ، لكنه ليس كنقاب البيشة و اليشمك ، إنما نقاباً وهابياً ، هو و ما يوضع على عيني الدابة الدواره موديلاً واحداً لا غير .
الملحوظة الأهم في تلك الظاهرة ، هو مدى السهولة التى ينتقل بها شعب بكامله كالشعب المصري (و معه كل العرب المسلمين تقريباً) من حال إلى حال ، و من زي متعارف عليه اجتماعياً إلى زي سبق له استخدامه و سبق له أن تركه و نفاه من حياته بإرادته ، و حسبناه تاريخاً مضى و انقبر فإذ به يعود بكل يسر و سهولة ! !
إن شعوباً يسهل عليها في سنوات قليلة أن تغير زيها من النقيض إلى النقيض التام ، مع ما يترتب على هذا التغير من انقلاب لكل المفاهيم و القيم الأخلاقية و السلوك الاجتماعي التي ترتبط بهذا الزي أو ذاك ، إن شعباً يخلع زيه و معه ثقافة بكاملها و منهج حياة بكليته ، و يعود ليلبس ما كان سبق و خلعه ، و يعود مرتكساً إلى ثقافات أقدم في التطور ، هو شعب مضطرب متردد يخسر أى إنجاز ممكن أو محتمل ، لأنه لا يقطع الشوط لنهايته ، إنما يعود من منتصف الطريق متجهاً إلى الخلف ، إلى نقطة البداية ليسير عكس سير كل الأمم عبر التاريخ، على الطريق النقيض معنى و مبنى و مكاناً و زماناً .
و هذا التردد و التقدم و التراجع يشير بوضوح إلى أن الشعب المسلم ما عاد متأكداً من شئ ، و لا مقتنعاً بما يفعل ، فلو كان يفعل عن إيمان بما يفعل ما غير و لا بدل دون براهين واضحات على سلامة اختياراته أو عدم سلامتها ، و دون أن يجيب نفسه بوضوح عن دور هذه القطعة من القماش في تقدمه و أنجازه و تميزه بين الأمم أم هي عكس ذلك.
إن شعباً يقولون له إخلع ، فيخلع ، و يقولون له البس ، فيلبس ، هو شعب قد تم محو شخصيته ، شعب آخر غير شعبنا التاريخي العظيم ، فشعب الصحوة الإسلامية المصري شعب مسلوب الإرادة و خاضع للأوامر التي لا تحمل إقناعاً و لا دليلاً على جدواها لأمنه و سلامته و تقدمه ، و هو الشأن المخيف الذي استجد على هذا الشعب العظيم ، هنا الرعب العظيم !! فماذا حدث يا شعب ؟!
المعلوم أن ظاهرة كالحجاب و النقاب لا تظهر فجأة كالبركان أو الزلزال ، و لا هو حادثة بيجو غير متوقعة ، لأنه شأن يعني مجتمعاً بكامله ، لذلك هو لا يظهر و يختفي عشوائياً ، و لابد له من برنامج عمل مدروس لممارسة آلية الظهور و الاختفاء ، لابد له من عمل و تخطيط مرحلي و إعداد انتقالي إلى الهدف الاستراتيجي النهائي ، و هو ما يعني أن هناك إرادة مقتدرة تقف وراء هذا البرنامج و لها أهدافها و أدوات تثقيفها أو بالأحرى تدجينها للأرواح و العقول ، و من ثم سيكون السؤال : من هو صاحب هذه الإرادة المقتدرة ، و ما هي أهدافه مما يعمل ؟
فنحن نعلم بوضوح الأسباب و الأهداف و النتائج التي كانت وراء دهس النقاب بأحذية جداتنا و أمهاتنا في شوارع مصر وميادينها زمن النهضة ، و كان برنامجنا علمانياً علنياً في دولة مدنية ذات مؤسسات حديثة و أحزاب قوية بنظام برلماني يتم فيه تبادل السلطة بإرادة شعبية ، أهدافه وطن يجمع أفراده و طوائفه و ملله و نحله و أجناسه و عناصره ، بعقد اجتماعي يقفون فيه جميعاً على التساوي حقوقاً و واجبات ، و يربطهم برابط المصلحة المشتركة بينهم . و أساسه المتين هو قدسية الوطن و علم الوطن (ملحوظة / اتركوا العلم مرفوعاً و لا تجعلوه مناسبة كروية) ، حيث يعيش الجميع على اختلافهم تحدوهم مصالحهم المشتركة . كان الهدف اقتباس النظام الغربي المتفوق رغم وجود المستعمر المكروه على تراب الوطن . لكن شعبنا أمكنه أن يفرق بين المشاعر كالحب و الكراهية ، و بين المصالح التي دعته لاستخدام مناهج المتفوقين ليتفوق مثلهم . باختصار كان زمن 1919 هو قرار مصري مجتمعي للحاق بقافلة الحداثة و الأمم المتقدمة بدولة مدنية دستورية برلمانية مؤسساتية .
العجيب أن يعود النقاب و الحجاب للأمة و هي مهزومة و في حضيض الامم و بحاجة لتنفس هواء الحرية للخروج من مستنقع المتخلفين ، و من هزيمتها الحضارية المنكرة ؟ !!
لن تكون عودة هذه الظاهرة مفهومة مع حالنا الذي يزري بنا و بتاريخنا ، إلا إذا كان صاحب البرنامج يقدمها للناس كآلية تفوق ، بحسبانها وسيلة ارتقاء بحالنا المخزي إلى حال أرقى ، و المطالع لشعارات الشوارع في بلادنا سيعلم فوراً أن العودة إلى النقاب هي عودة إلى صحيح الدين ، لنرضى ربنا فيرضى عنا و ينصرنا على القوم الكافرين !! هو الإفلاس الكامل من أى حلول يملكها أصحاب الصحوة ، و شعور من الناس بعدم القدرة على التغيير ، و خسارة المصري لروحه التواقة و نكتته الناقدة اللاذعة التي اختفت مع الصحوة بدورها ، أوصلوا المصريين إلى القناعة بأن الأعداء لا يقدر عليهم إلا الله بنفسه .
و أصابت الصحوة ذاكرة شعبنا بالتلف ، فما عاد يذكر اننا جربنا الحجاب و النقاب زمن السلاجقة و العثمانلية و المماليك و لم يصنع تقدماً و لا أدى لحضارة و لا صنع رقياً قيمياً ، بل أدى إلى انهيار كارثي بما صاحبه من سلوكيات من لزوم ما يلزم ، و انتهى بضعف الوطن كله مما سمح باستعمار البلاد من الصليبيين مرة و من الاستعمار الحديث مرة .
الواضح لأي عقل صاحي أو حتى غافل ، حجم المليارات التي تم ضخها من الخزائن النفطية لتضخيم و نشر الصحوة ، و كمّ البيزنس التجاري الهائل من بنوك و بيوت أزياء و تجارة سلاح ، التي استثمرت ، عبر المساجد و المدارس و الجامعات و الصحف و الإذاعة و التلفاز ، هو مشروع هائل التكلفة إذا قارناه بما صرفه الاتحاد السوفيتي بجلال قدره خلال القرن الماضي بطوله لنشر أيديولوجيته ، فكان ما صرفه من دعم لحلفائه في العالم و نشر مبادئ ثورته و تسليح أنصاره بالطائرات و الصواريخ سبعة مليارات دولار ، بينما بلغ ما صرفته السعودية لتصدير وهابيتها و صحوتها منذ هزيمتنا في 1967 و حتى عام 2000 أي خلال ثلاثين عاماً فقط زهاء سبعين مليار دولار ، و مثل هذا الصرف الهائل في هذه الفترة الوجيزة يفترض بالضرورة أن وراءه عقلاً يخطط ، و أن هذا التخطيط له أهداف و عائدات تفى و تزيد بربحيتها عما تم صرفه ، فلابد من عائد و مكاسب و ربح وفير ، فمثل هذه الأموال بأرقامها الهائلة المهولة لا تهدر في مغامرة و مقامرة ، خاصة عندما تجده لا يترك فرصة لشراء أي موقف و سد أي ثغرة و استثمار أي فراغ لملئه بالأموال للسيطرة الوهابية الكاملة .
أسوأ ما في الأمر كله هو استجابة شعب بحجم الشعب المصري ليخضع لأوامر و نواه و يقبل بالخضوع و الخنوع و الإنزلاق إلى حفرة العصور الوسطى المظلمة ، دون أن تحميه مناعته التاريخية التي كانت درعاً واقياً له عبر تاريخه الطويل ، عن هذا السقوط المدوي ، ليخلع و يلبس و يأكل و ينام و يتكلم و يسكت و ينكح و يتبول و يتغوط و يحب و يكره بأوامر و نواه و أدعية وفتاوي دون أي براهين واضحة لعائدية هذه الطاعة على الوطن و المجتمع .

وللحديث بقية
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 12-24-2009, 05:12 AM بواسطة بهجت.)
12-24-2009, 05:01 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
إبراهيم غير متصل
بين شجوٍ وحنين
*****

المشاركات: 14,214
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #116
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
اقتباس:في حوار مع صديق ليبرالي وجدته غاضبا بشدة من اعتراضي على ظاهرة النقاب ، كنت أراها ظاهرة تعبر عن المد الوهابي الأصولي و تدعمه ، بينما كان يؤكد صديقي الليبرالي أنني آخر من يحق له الحديث عن ( الثقافة ) ، لأني لم أدرك أن النقاب هو ممارسة لحرية شخصية لا يحق لأي إنسان ما كان اعتراضها ، و لكن رأيي هو أن المنطقي أن نناقش الزي عندما يصبح ظاهرة عامة ، فالزي ليس قطعة قماش بل هو ثقافة ، إني أرى أننا يجب مناقشة الظواهر الثقافية بحثا عما خلفها و من خلفها ، هذا ما فعلته بشكل مختصر و متناثر ،وهذا ما يفعله سيد القمني هنا .. فمرحبا به .


مع احترامي الشديد لرأيك إلا اني أرى الحجاب والذي أبغضه أنا بصورة شخصية لأني أراه رمز القمع هو في رأيي من موروثات ثقافة المجتمع قبل أن يدخل حيز الدين ويصبح ضمن إطار "المقدس". نحن نبغضه الآن لأنه صار ظاهرة ولكن قبل ظهور المد الوهابي كان أيضًا ظاهرة ومن محاسن الصدف أن الدين الإسلامي قام بإعطاء هذا الحجاب طابع القدسية والشرعية وبالتالي لا فكاك منه. الحل الوحيد للفكاك منه في اعتقادي يكون بتفكيك الإسلام من الداخل وهذا يتطلب مجهود سنين... طبعًا لا أريد أن يساء فهمي فلا أنا يهمني إسلام ولا بطيخ ولكن هذا مجرد رأي شخصي في موضوع الحجاب وما اصطبغ به من صبغة دينية إسلامية شرعية.
12-24-2009, 05:48 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #117
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
أبعاد ظاهرة الحجاب و النقاب2من4
سيد القمنى
الحوار المتمدن - العدد: 2861 - 2009 / 12 / 17

........................................................
البُعد السياسي

إن تتبع الخيط لفض آليات ظاهرة الحجاب و النقاب يوصلك إلى ما يستتبعها و يترتب عليها ، فالآليات هنا لا تقوم كغيرها من الأفكار و المفاهيم على لغة الحوار و الإقناع ، الآلية دينية تأمر لتُطاع لا لتناقش و تحاور ، فالنقاش و المحاورة عدم طاعة لمن هو أعلم منا بشئون ديننا و دنيانا
هو المروق و الفسوق ، لذلك لا يحتمل الأمر الديني نقاشاً و إلا كان هو العصيان المرادف للخروج على الجماعة و المروق على الملة .
نصل الآن إلى المفصل الأهم في الظاهرة ، في ظرف انكسار تاريخي و هزيمة نفسية لتراجع مصر عن دورها القوي محلياً و دولياً ، تم استثمار تدين الشعب المصري الفطري لترويج الوهابية السعودية و إسلامها النصي الظاهري بحسبانه الإسلام الوحيد الحقيقي ، و أن إسلامنا السابق كان انحرافاً عن جادة هذا الصحيح ، مضافاً إليه التقريع المشيخي الذي لا يهدأ للناس لانكسارهم الحضاري ، لتأثيمهم و تحميلهم أوزار الاستبداد و نكباته ، و الشعب المصري شعب حساس أيضاً بطبعه فيشعر بالذنب في حق أمته الإسلامية التي هو المسؤول عنها ( لا تعرف لماذا ؟ ) ، و في حق ربه و دينه ، فحقت عليه الهزائم ، و من ثم فلا حل إلا بالعودة إلى طاعة الرب التمامية التي تمر فقط عبر السراط الوهابي وحده .
ان الظاهرة تعبر بشديد البيان و السفور عن مدى النجاح السعودي في إخضاع الشعب المصري لسلطة تيار ديني وافد على البلاد مع سبعينات القرن الماضي ، بغض النظر عما بدأ يستشري في المجتمع مع هذا الوافد من سلوكيات منحرفة و فساد من كل الأصناف باحصاءات علنية لا تشير إلى تدين حقيقي . و الأمر على حاله هذا هو غاية المراد السعودي الوهابي و هو المطلوب بالضبط و بالتدقيق ، و هو الهدف من هدر سبعين مليار دولار . الهدف نشر الفوضى و الدمار الأخلاقي و القيمي تحت ستار زائف من مظهر ديني قشري لا يخفي ما تحته من قبح ، حول الشارع المصري إلى فوضى و عشوائية و وحشية لم يسبق أن عرفها في أسوأ أزمانه . و لا عرفها حتى في زمن الهكسوس . و لبس الفساد الزي الباكستاني و لا تعلم ما علاقة هذا الزي بالقرآن أو بالسنة أو حتى بعرب الجزيرة ، و معه اللحية المروحية غير المشذبة ، و الحجاب و النقاب ، و دُمتُم !!
هي حالة إثبات للدنيا عن مدى طاعة الشعب المصري للسيد السعودي الذي تمثله أيديولوجيته المبثوثة في تلفازنا و إذاعتنا و مناهج تعليمنا و في لافتات تملأ الشارع المصري أينما وليت وجهك ، لقد تم اختراق مفاصل الدولة المصرية العريقة و مؤسساتها و نخرها بالسوس الوهابي منذ قرر الرئيس السادات أن يكون الرئيس المؤمن ، فأطلقهم علينا فكافؤه بنحره يوم عيد نصره تقرباً لرب الوهابية بكبش عظيم كما جاء في أدبياتهم .
و بعدها تحولوا إلى سادة حقيقين عبر مشايخ بلادنا الذين حولوا ولاءهم لأرباب النعمة لنشر الوهابية في مصر ، و أصبح الشيخ صاحب قوة و سلطان و هيبة تفوق هيبة القانون و الدستور و الدولة مجتمعين .
فالمواطن يعمل بفتوى الشيخ حتى لو كانت ضد وطنه و دولته و مواطنيه ، إذ توصف الحكومة في هذا السياق بالحكومة الكافرة ، لذلك يخلع المواطن طاعة قانون الدولة لأنه وضعي كافر ، و هو ما يقال له في إعلام الدولة المصابة بالحول المنغولي و الكساح العقلي و الموت السريري للضمير .أما المواطن فقد اطمأن أنه من أصحاب الجنة مادام مطيعاً للطقوس ، و ما عدا ذلك فكله من اللمم البسيط ، فغيره من أهل الجحيم و هو وحده حبيب الله فهو من أهل الجنة ، و من ثم يذهب إلى أبعد مدى في كسر كل القيم الأخلاقية مادام مؤدياً لواجبه الديني " و إن زنى و إن سرق " ، لأن المبدأ الوهابي يقوم على حديث منسوب للنبي ص : " لا يدخل بن آدم الجنة بعمله إنما بأداء العبادات و رحمة الله " .
في انتهازية رخيصة لا تليق لا بعروبة و لا بإسلام انتهزت الصحوة الوهابية جرح الشقيقة الكبرى و ضعفها و هزيمتها في 1967 لتحول المجتمع المصري من مجتمع مؤسسات قانونية تراتبية بيروقراطية وظيفية ، إلى مجتمع منفلت فوضوي غير منتج و لا منجز ، يثبت طاعته لربه بقطعة قماش ثم ينصرف إلى كل ألوان الرذائل التي سيغسلها في الحج المقبل و يعود كما ولدته أمه ملط من أي ذنب . و مع تكاثر الخطايا يكثر الراغبون في الغسل ، و يذهب المستحمون بالطهارة الشكلية لينالوا الغفران بملايين مصر الكادحة ليضيفوها لرصيد البنوك السعودية ، و هذا وجه واحد فقط ضمن وجوه عدة ، منظور مكشوف يشكل عائدات هائلة سنوياً تبرر ما تم صرفه من مليارات على الصحوة . و يتلو الحج عمرة و يلي العمرة حج جديد ، و هو ما يبدو تعبيراً عن صحوة المسلمين لدينهم و رغبتهم في رؤية قبر حبيبهم و أداء الفريضة لربهم ، بينما هو تعبير عن حجم المآثم و الكارثة الأخلاقية التي أوصلنا إليها أصحاب الصحوة ، فالناس تشعر بالحاجة الدائمة للغسل عندما تشعر بالوسخ و القذارة الواضحة ، لذلك تحتاج إلى التنظيف الموسمي الدوري .
مرة أخرى نؤكد أن أي زي هو بالأصل ظاهرة اجتماعية تفرضها البيئة لذلك تختلف باختلاف البيئات و المجتمعات ، و أن الحجاب أو النقاب لو كان ديناً ما فرط فيه المصريون و بقية العرب و المسلمين معهم مع ثورة 1919 ، و لو كان ديناً و فرطنا فيه فهو معنى يهين الدين و يصوره ضعيفاً مهزولاً لا يستطيع فرض فروضه على اتباعه دون مساعدة خارجية ، و كأنه يحتاج للمساندة و الدعم و هو دين القادر العزيز الجبار !! و من هنا لا يمكن لأحد أن يقول أن النقاب هو من الفروض او من شئون العبادة ، و لا هو حتى قاعدة في المعاملات ، و لا يترتب على ارتدائه أو خلعه أية حدود شرعية في ديننا ، هو فقط وسيلة يثبت بها الوهابيون أنهم قد تمكنوا بعد هزيمة 1967 من السيادة على الشارع المصري ، بحكومة أخرى موازية خفية متكاملة النظم و الأوامر و القوانين و الاقتصاد ، أعضاؤها مصريون بالجنسية فقط ، و ولاءهم للسيد الذى لا تنفذ خزائنه ، و تفرض هذه الحكومة الخفية ذاتها علناً جهاراً نهاراً لا تستحي و لا تكن ، و تحارب حرباً ضروساً في شأن تافه كالنقاب ، و هو عندها كبير لأن أي تراجع له يعني تراجعاً في سيادتهم و في خططهم نحو الإعماء الشامل للعقل المصري ، لأن أي تراجع يعني انحساراً لهذه السيادة ، ألا ترون حجم ما ضخ من أموال في الحملة الفضائحية ضد سيد القمني ، و التي لا تليق بتدين حقيقي بقدر ما تليق بالنساء العواهر الدواعر المحترفات ، لأن جائزة القمني تقتطع من مساحة وجودهم و إثبات سيطرتهم التي ستكون منقوصة بمثل هذه الجائزة .
تعالوا أدلكم كيف تمت الخطة و كيف تم تنفيذها للوصول بالمجتمع المصري إلى وضعه الحالي المؤسف ، و هنا سنعود إلى التاريخ بلمحة سريعة كاشفة مضيئة للموقف كله بالأدلة القواطع على ما قلنا هنا .
نتذكر سريعاً أن بدو الجزيرة كانوا ضمن عناصر الغزو البدوي الهكسوسي الأول لمصر زمن الفراعنة ، و هو عصر تسميه الوثائق المصرية و غير المصرية فى الحضارات القديمة (العصر المظلم ) ، لانقطاع مصر فيها عن إبداعها المعروف أدباً و فناً و علماً و معرفة ، حتى يقول إدوارد ماير إن احتلال الهكسوس يبدو في تاريخ مصر كستارة سوداء نزلت فجأة على هذا التاريخ ، و مع ارتفاع الستارة بطرد الهكسوس تجد مصر المتحركة المنتجة الفعالة في اقصى نشاطها و ابداعها العلمي و الفني و العسكري حتى أقامت أول إمبراطورية لها تمتد حتى الحدود التركية . نتذكر أيضاً أن عرب الجزيرة قد عادوا لغزو مصر منذ أربعة عشر قرناً تحت شعار : الإسلام أو الجزية أو القتال و ما يترتب عليه من سبي و أسر و هتك أعراض و نهب و استعباد . و بمرور الوقت تحولت الأغلبية المصرية إلى الدين الوافد من الجزيرة و أصبحوا مسلمين . و ظلت مصر ولاية تابعة لعاصمة الخلافة الإمبراطورية ، يأتيها الحكام من خارجها منوبين عن الخليفة عربياً أم كردياً أم تركياً ، خصياً كان أم رجلاً . حتى انتهى بها الأمر صريعة الزمن المملوكي العثماني في غياهب الجهل و الظلام و المرض و التخلف ، حتى أيقظتها الآلة العسكرية المتقدمة للحملة الفرنسية و نظامها الأداري و الحضاري المتفوق ، لتكتشف مصر ما فاتها فتطرد المستعمر الفرنسي و تقيم دولة حديثة قام بتأسيسها شعب مصر برياده رشيدة من محمد علي (الذي اختاره المصريون) و أخلافه من بعده .
بينما كانت مصر تكتشف نفسها و ما حولها زمن محمد علي باللحاق بالحداثة الأوروبية ، كانت الجزيرة تكتشف نفسها بالمذهب الوهابي المتحالف مع آل سعود يعطي كل منهما مشروعية الوجود للآخر .
و من جانبه أراد السلطان العثماني أن يشغل كلا الحركتين في مصر و الحجاز ، فطلب من محمد علي القضاء على الحركة الوهابية ضد الخلافة ، بعد أن وصلت شرورها خارج حدودها لتدمر أينما وجدت أضرحت الأئمة و الأولياء خاصة بالعراق و ذبحت المسلمين من غير السنة أينما صادفتهم .
أرسلت مصر حملتين بقيادة أولاد محمد علي ، الأولى قادها الإمير طوسون و حققت نصراً جزئياً ، تبعتها حملة أخرى بقيادة الأمير إبراهيم باشا ، لتحقق نصرها باحتلال الدرعية و استباحتها على الطريقة الإسلامية ، و لأن العرب يفرقون في تطبيق القانون ، فإنهم طبقوا الاستباحة على غيرهم في فتوحاتهم و غزواتهم ، لكنهم لا يقبلونها لأنفسهم . و بعدها ظل ثأر الدرعية ناراً لا تهدأ بالقلب الوهابي ، و بؤرة وجع مزمن في الدماغ ولوعة فى الكبد السعودي ، لنصل إلى الزمن الناصري و الحرب المصرية السعودية في اليمن ، و نقرأ الآن معاً نص رسالة الملك فيصل بن عبد العزيز ملك السعودية إلى الرئيس الأمريكي ليندون جونسون ، و التي حملت تاريخ 27 ديسمبر 1966 م الموافق 15 رمضان 1386 هـ ، و ترد بوثائق مجلس الوزراء السعودي تحت رقم 342 ، ( نقلا عن د. وليد البياتى ، ومصدرة : حمدان حمدان : عقود من الخيبات1 دار بيسان ص 489 - 491) و هي رسالة و و ثيقة أدت إلى تغييرمجري تاريخ المنظقة و العالم كله بعدها .
يقول جلالته لأخية الرئيس الأمريكى جونسون : " .. مما تقدم يا صاحب الفخامة ، و مما عرضناه ، تبين لكم أن مصر هي العدو الأكبر لنا جميعاً و أن هذا العدو إن تُرك يُحرض و يدعم الأعداء عسكرياً و إعلامياً ، فلن يأتي عام 1970 – كما قال الخبير في إدارتكم السيد كيرميت روزفلت – و عرشنا و مصالحنا في الوجود . لذلك فإني أُبارك ما سبق للخبراء الامريكان في مملكتنا أن اقترحوه ، و أتقدم بالاقتراحات التالية : أن تقوم أمريكا بدعم إسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولى به على أهم الأماكن حيوية في مصر ، لتضطرها بذلك لا إلى سحب جيشها صاغرة من اليمن فقط ، بل لإشغال مصر باسرائيل عنا مُدة طويلة ، لن يرفع بعدها مصري رأسه خلف القناة ، ليحاول إعادة مطامع محمد علي و عبد الناصر ، و بذلك نعطي لأنفسنا مهلة لتصفية أجسام المبادئ الهدامة ، لا في مملكتنا فحسب بل و في البلاد العربية ، و من ثم بعدها لا مانع لدينا من إعطاء المعونات لمصر و شبيهاتها من الدول العربية ، اقتداء بالقول : ارحموا شرير قوم ذلّ " .
إن هذه الرسالة التاريخية تفسر ما حدث بعدها بشهور معدودة خطوة بخطوة و بوضوح مبين ، و توضح مدى وجع الدرعية القديم و انه لازال ماثلاً أمام جلالته يئن عليه من مصر محمد علي و من مصر عبد الناصر ، و قد تمت خطوات الرسالة بنجاح نموذجي ، فنهر المال قادر على فعل الأعاجيب ، فأمكن حينها أن تؤكد سوريا لمصر حليفتها في اتفاقية دفاع مشترك ، أنها تحت احتمال أكيد باجتياح إسرائيلي لاحتلال سوريا ، و هو ما دفع مصر إلى تنفيذ إلتزامات الاتفاقية فقامت بسحب جيوشها من اليمن لتدخل الحرب إلى جوار سوريا المعرضة للغزو ، و قد ثبت بعد ذلك أن دمشق لم تكن الهدف الأكبر إنما كانت مصر ، و أنه لم يكن في نية إسرائيل احتلال سوريا إنما احتلال كل ما يمكن احتلاله من المنطقة المحيطة بحدودها ، و هكذا تحقق هدف جلالته الأول بانسحاب الجيوش المصرية من تحت أُنثييه في اليمن ، ليتلوه مباشرة الهدف الثاني و الأعظم بالهزيمة الساحقة للجيوش العربية في 5 يونيو 1967 بعد أربعة شهور فقط من رسالة جلالته لأخيه جونسون . و احتلال إسرائيل كامل سيناء و الضفة و الجولان .
وتستمر الحرب الضروس حتى اكتوبر 1973 يوم حرب التحرير لتشمر السعودية فجأة - وعلى غير عادتها -عن الإباء العربي و تعلن عن صفاء عروبتها الأصيلة بإيقاف ضخ النفط ، في خطوة بدت حينها الشهامة و الأصالة العربية في أتم معانيها ، لكن ليرتفع سعر النفط بحسابات سابقة و مبرمجة إلى مستويات ما حلم بها أحد ، و كان الثمن المدفوع هو دماء أبناء مصر.
و هكذا تحققت الخطة السعودية الإسرائيلية الأمريكية و ربما السورية ، و أخذ جلالته المهلة الطويلة لتصفية المبادئ الهدامة من وطنية و قومية و يسارية و اشتراكية و شيوعية ، ليس في مملكته فحسب و لكن في مختلف ديار يسكنها المسلمون .
و تحولت مصر بعدها من بلد يفيض بخيره على جيرانه و بالأخص أهل الجزيرة لاستحقاقهم الصدقات عن جدارة شرعية بلا منازع ينازعهم هذا الاستحقاق ، إلى استجداء المعونات ، و ساعتها لم يرحموا شرير القوم الذي ذل بتعبير جلالته ، إنما قرروا هزيمته الداخلية لسحقه سحقاً فلم يعد المصرى يذكر نصره الأكتوبري إلا موسمياً ، و عدا ذلك يعيش حالة الهزيمة التي يعيشها العرب جميعاً أمام إسرائيل ، و ذلك لأن الحرب عند العربي هي دوماً صفرية إي حرب إبادة شاملة لأحد الطرفين ، النصر أن ينتهي طرف من الوجود و يبقى المنتصر ، حروبه لا تعرف مفاوضات ، و بدون إبادة الطرف الآخر لا يكون هناك انتصار .
و مع تفوق إسرائيل المتصاعد و يدها التي تذهب إينما طالت ، جعلت المصري الذي كان يحمل على أكتافه كل القضية العربية و يشعر أنه المسؤول عنها ، يستشعر الهزيمة الداخلية ، و أن إسرائيل لا يقدر عليها إلا القادر الجبار ، و لا حل إلا استدعاؤه للتدخل إلى جانبنا لو التزمنا أوامر و شروط ديننا الجديد ( الوهابي ) . و هكذا وصل ثأر الدرعية إلى عملية نقمة شاملة في إبادة جماعية مليونية للوعي المصري ، و خاصة وعيه بوطنه ، و احتلال عقله بقضايا العروبة و الإسلام ، مع احتلال احلالي يحل فيه الوهابيون محل الإسلام البكر ، كما سبق و احتلوا وطنه زمن الفتح احتلالاً استيطانياً . مع قهر المصري ليعلن التبعية لإثبات السيطرة على شرير القوم الذي ذل ،ليمتلىء الشارع المصرى لحي و حجاباً و نقاباً و خراباً كاملاً في الذمم و الضمائر . إنه مشروع انتقام شيطاني وحشي بدوي كاسر بدون شبيه و لا نظير .
و ضاعت قيم المصري المصرية و معها ولى حرصه على الملك العام و المشترك العام لتحل الأنانية المفرطة محل الضمير المصري الرفيعع ، ذلك الضمير الذي جعل أمهاتنا و جداتنا السافرات العاملات و الفلاحات تربي جيلنا التربية الفضلى لأنهن كن عفيفات دون إجبار أو قهر .
هؤلاء الأمهات المنتجات العفيفات السافرات هن من أنجبن لنا اليوم أبناء آخرين ، وجدوا فى نهر المال مايمنحهم السلطان والدرحة الاجتماعية الرفيعة وهم من ينادون نساءنا بأن الحجاب عفة ؟ فهل يطعن رافع الشعار في عفة السيدة والدته بهذا الشعار ؟ فإذا كان واثقاً من عفتها فإنه لابد أن يعترف أنه يرفع شعاراً كاذباً ، و أن النقاب و اللحية لا يصنعان عفة ، إنما ما يصنعها هو الضمير الأخلاقي المجتمعي الذي كان عفيفاً منتجاً مثقفاً زارعاً صانعاً مبهجاً عالماً منجزاً بهيجاً ضحوكاً ، كرنفالاته الاحتفالية عديدة بعدد موالد أوليائه الصالحين ، صاحب أجمل و أبدع نكته في الدنيا بما وراءها من خيال و حبكة و إبداع و تراث طويل و فن رفيع و نقد لاذع ، و مع ذلك كانوا ، و كُن ، مسلمات و مسلمين محافظين وأتقياء خلصاء ، كانت أمهاتنا عفيفات طاهرات لم يشنهم عدم ارتداء قماش العفة كالبهائم الدوارة .
لقد عاد بدو الحجاز إلى غزو مصر مرة أخرى ، و انتقم الوهابي السعودي للدرعية شر نقمة ، و أصبح الشارع المصري عبداً للقول الوهابي ، مجرد القول هو أمر ، بعد أن خسر المصريون بكارة إسلامهم الحنفى والصوفى والشعبى السمح العاشق للوطن و للدين . . . باختصار عُدنا موالي لسادة بدو الجزيرة مرة أخرى .
وللجديث بقية
01-03-2010, 02:42 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #118
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
أبعاد ظاهرة الحجاب و النقاب ( 3 من 4 )
سيد القمنى
الحوار المتمدن - العدد: 2866 - 2009 / 12 / 23
...............................................
البُعد الاجتماعي

عبر تاريخ البشرية الطويل ، و في كل مكان على الأرض ، بحث الإنسان عن العفة و طلبها وقنن لها الشرائع لحمايتها قبل ظهور الديانات الإبراهيمية الثلاث ، كما هو ثابت في شرائع مصر و الرافدين القديم . و لو حاولنا تعريف العفة سنقول إنها ذلك الدافع الداخلي للإنسان ، الذي يمنعه عن طاعة غريزته الجنسية ، إلا بما يقره المجتمع و يرضي عنه ، بمعنى أنها ما يمنع إقامة هذه العلاقة خارج إطار الزواج الذي وضعه المجتمع و تعارف عليه و قننه دينياً و مدنياً . و قد قننت الحضارات القديمة هذه العلاقة الزوجية للحفاظ على العفة ، و ذلك وفق ثقافة كل منها التي تصنعها علاقة الإنسان ببيئته الخاصة و مجتمعه . و ركزت على تفعيل معنى العفة تربوياً في الأسرة و المدرسة و دار العبادة لزرع وازع داخلي في الصغر ليكون كالنقش في الحجر ، كنوع من الفاكسين و التطعيم المسبق الواقي الداخلي من الإصابة ، لتصبح العفة أحد مكونات الضمير صداً لأي إغواء شهوي بمناعة هذا الضمير .
و باختلاف الثقافات يختلف معنى العفة ، و معنى الزنا ، فالمجتمع الذي كان منذ فجر التاريخ - و بعضه النادر لازال – يأخذ بنظام تعدد الأزواج للزوجة الواحدة ، يعتبر غير ذلك هو الزنا ، لذلك يختلف معنى العفة و الزنى إلى درجة التناقض ، فلو قارنا ذلك الزواج التعددي للأزواج بمجتمعات أخرى تقر عكسه و هو تعدد الزوجات كلون وحيد مباح للزواج و عكسه زنا ، نكتشف فارقاً هائلاً في دلالة معنى العفة . و هناك المجتمعات التي تقصر العفة على طبقة من طبقات المجتمع دون أخرى ، و هي مجتمعات تنتمي إلى حقب موغلة في القدم و البدائية في تاريخ البشرية ، هي حقبة الزمن العبودي ، حيث يقتصر طلب العفة فيه على الزوجات الحرائر فقط ، و لا ينسحب على الجواري و الإماء و العبيد ، و ذلك بغرض التمييز بين الطبقات لعدم الاختلاط مما يُضيّع نقاء الطبقة و نسبها ، و تأتي العفة هنا كصفة ارتقاء أخلاقي تضاف إلى الرقي الطبقي لتناسبه و تليق به و تسم أصحابه بها ، و قد حرص الخليفة عمر بن الخطاب على هذا النقاء الطبقي بشدة ، فكان يضرب الإماء و الجواري إن رآهن مخمرات كالحرائر ، لأن الشباب المسلم زمن النبوة و الخلافة من الفقراء الذين لا يستطيعون طولاً للزواج أو ملك اليمين ، كانوا يتربصون بالنسوة عند خروجهن إلى الغائط ، فإن وجدوا المرأة سافرة عرفوا أنها جارية فيتناولونها . لذلك أمرت الآيات نساء المسلمات بتغطية جيب الثديين بالخمار ، و بإدناء الجلاليب ، حتى يعرفن أنهن حرائر و تمييزاً لهن عن الإماء حتى لا يؤذين . و زنى الرجل في مثل هذا النظام يكون بلقائه جنسياً بامرأة من خارج نسوته و إمائه و لو كُنَ ألوفاً ، بينما تأخذ مجتمعات الغرب الحر اليوم بثقافة الحريات الحقوقية الفردانية ، و ترى أن جسم الإنسان هو أخص خصائصه و ممتلكاته التي لا يصح التدخل فيها أو الاعتداء عليها ، لذلك تقوم العلاقة الجنسية على لقاء ذكر بأنثى بكامل التراضي و الاتفاق دون استغلال ظروف طرف لطرف و دون إكراه ، و قد تتم بعقد زواج ديني أو بدون عقد زواج ، فكلاهما هو زواج سليم من وجهة نظر المجتمع و هو نموذج العلاقة الجنسية العفيف و المثالي ، و غير ذلك يعتبر اغتصاباً يتشدد معه القانون بعقوبات مغلظة ، حتى لو كان إكراهاً من الزوج لزوجته على الممارسة الجنسية ، لأنه سيعد اغتصاباً ، حيث لا يقف الإغتصاب عند المعنى الجنسي ، لأن الاغتصاب هو اغتصاب للإرادة و سحق للشخصية و إزدراء بالشريكة و إذلال لها رغم إرادتها ، و هذه هي الجريمة الكاملة عندهم .
و قد لوحظ في مسيرة البشرية ، أن الشعوب عندما تمر بفترات انكسار و طوارئ و ضعف في الأمان ، تلجأ إلى إجراءات احترازية لصون عفة نسائها ، لأن النساء عبر التاريخ كُن الطرف الأضعف ، لذلك مع الطوارئ في الحروب أو الغزوات أو الانفلات الأمني نتيجة للكوارث الطبيعية فإن النساء يتعرضن للهتك و الاغتصاب ، و في المجتمعات التي تضعف فيها تربية الضمير و الوازع الداخلي ، يستشعر الذكر فقد الثقة في نفسه مثله مثل كل المجتمع المهزوم المأزوم ، لذلك يفترض أن نساءه قابلات للسعي الشهوي الفاسد لاستكمال نقص لا يسده ذكر غير واثق من نفسه ، و ذلك بالتدخل الخارجي الميكانيكي القسري ، و هو تدخل لا علاقة له بالعفة كمعنى و ضمير ، هو تدخل يُحل الأداة الخارجية محل العفة الداخلية الحقيقة فلا يصبح لها لزوم فتذبل و تموت ، التدخل الخارجي استباق للحدث المرفوض اجتماعياً بصنع إجراءميكانيكى مانع كي لا تقع جريمة الزنا التي تهتك العفة . فتجد في بعض البلاد التي لازالت تعيش حالة الصيد و الارتحال بين المدارين ، يخيطون فرج الزوجة بما لا يسمح بالإيلاج لغياب الأزواج الطويل رعياً و صيداً ، كإجراء مانع لوقوع جريمة هتك العفة بالزنا . و يماثله في مصر ( و لازلنا بين المدارين ) الختان الجائر للفتيات و هن صغيرات بنزع البظر مع الشفرين الأصغرين لكبح الشهوة للحفاظ على العفة .
الكارثة في الختان الجائر هو أنه لا يمنع الاشتهاء و الرغبة الجنسية ، كل ما يمنعه هو وصول الأنثى إلى درجة الشبع ( الأورجازم ) . و تكون النتيجة أن المختونة لن تصل إلى الشبع مهما حاول الزوج من فنون ، و معلوم أن سبب انتشار المخدرات في هذه البلاد هو محاولة الرجال إطالة زمن المعاشرة لإرضاء الزوجة المتهيجة دون شبع . و عليه فبدلاً من أن يصون الختان العفة ، فإنه يترك المرأة كاملة الشهوة ، و في حالة تهيج جنسي مستمر بسبب العلاقة الزوجية التي لا تنتهي بالأورجازم ، فتظل الشهوة مستعرة تطلب الإشباع دون أن تخمد ، يوقظها الزوج و لا يتممها ـ فلا هي قضت وطرها و لا هي ظلت هادئة النفس و الجسد .
و مثل هذه الألوان من التدخل الخارجي للحفاظ على العفة هو ما لجأت إليه أوروبا في عصورها الوسطى بأداة ميكانيكية مُبتكرة أسمها ( حزام العفة ) ليمنع وصول القضيب إلى الثقب في حال غياب الزوج ، و مثله ما يلجأ إليه المجتمع الإسلامي في هذه الأيام بالحجاب و النقاب للحفاظ على عفة حريمه . و عليه فإن آليات العفة بتدخل خارجي هي : الحجاب ، و النقاب ، و الختان الجائر ، و خياطة الفرج ، وحزام العفة ، أما آلياتها الداخلية فشئ واحد فقط هو وازع الضمير الأخلاقي بالتربية الأولى للطفل في سنواته المُبكرة .
و عندما تكون العفة معنى و قيمة ذاتية داخلية تربى عليها الفرد في طفولته ، فإنها ستصبح إلزاماً لصاحبها ذكراً كان أم أنثى ، فهي تقف حائلاً داخلياً دون مجرد التفكير في هتك العفة ، لانتقاص ذلك من قدره الإنساني ، و لكن الواضح أن المجتمع المسلم قد اختار الحجاب و النقاب كوسيلة خارجية لصون عفة نسائه ، ليمنع به إثارة الذكر المسلم التقي بشكل قد يدفعه للاعتداء على المرأة أو مطاردتها لتزيين جريمة الزنا لها . و هو ما يعني اشتداد وطأة الأزمة في المجتمع ، و هي الأزمة التي دفعته لإختيار وسيلة الحجب بأدوات مخترعة ، بحسبانها أكثر طمأنية له من الأسلوب التربوي الذي يلزم الطرفين من الداخل .
الرجل المسلم معذور و هو يرى الشعب المصري و مثله معظم شعوب الدول الإسلامية يتوكل على الله تحت وطأة مشايخه ليعمل بنصيحة تكاثروا تناسلوا ، فتكاثروا و تناسلوا حتى لم تعد البيوت تسعهم فتربوا في الشوارع ، و لم يعد لدى الأم و لا الأب الذي يسعى لإشباع هذه الأفواه الجائعة وقتاً يكرسه لتربية وازع الضمير و القيم الأخلاقية في عياله . كيف لا يقلق المسلم و هو يرى هذا التكاثر الأرنبي ( لأن الله هو الرزاق ) دون أسرة حقيقية تربي و دون مدرسة تُهذب و تُعلم ؟ و يرى هؤلاء يكبرون أمامه خلٌوا من أي قيم تربوية سليمة ، و ينضمون إلى مدرسة الفساد المعمم سياسياً كان أم دينياً ، فلا يبقى أمامه للحفاظ على العفة سوى التدخل الميكانيكي الخارجي . رغم ما يلحق هذه الوسيلة من مثالب و نقائض كثيرة .
فالنقاب الذي يرفعون له شعار ( النقاب عفة ) لا يصنع للمرأة أي عفة ، هو يعف الرجل وحده لكنه لا يعف المرأة المنتقبة ، يجعل الرجل عفيفاً لأنه لا يرى منها شيئاً يثير شهواته ، لكنه أبداً لا يصنع للمرأة عفة ، و إن كانت داعرة و انتقبت فلن يحولها النقاب إلى عفيفة ، ستكون كاللص المحبوس يظل لصاً سيسرق أياً ما تطاله يده حتى لو كان نفايات ، و كذلك حبس المرأة خلف النقاب لن يمنعها من كسر العفة ، و لن يخلق لديها العفة إن لم تكن ضمن مكوناتها التربوية من الطفولة المبكرة ، و ستطلب الجنس و لو مع نفايات البشر .
و الشعار بهذا الشكل القطعي لا يقول : إن النقاب قد يخلق عفة للمرأة بصيغة الاحتمال ، بل هو صارم واضح ( النقاب عفة ) ، أي أن من طلبت العفة فعليها بالنقاب ، و من لم تُرد العفة فعليها عدم ارتدائه . و هكذا يعود بنا الشعار إلى التقسيم الطبقي العتيق البدوي ، فتصبح المنتقبة محمية من التحرش بها فهكذا يُعرفن فلا يؤُذين ، بينما تكون السافرة مستباحة ، و لأن معظم السافرات في بلادنا من غير المسلمات فهن من الأصل محل استباحة لأنهن من الطبقة الأشد دناءة و وطاءة في ترتيب المجتمع المسلم الطبقي ، طبقة الذميين ، (فشعار كهذا يلزمه فهم كذلك) ، لهذا هن غير عفيفات بالضرورة الحتمية كإماء الجاهلية يجوز امتطائهن ، فلا تأمن السافرات في بلادنا من أي انتهاك مفاجئ في مجتمعنا العليل بانعدام القيم ، و يخرج الشباب المتأسلم و المشايخ في التلفاز لتفسير ظاهرة التحرش و الاغتصاب المنتشرة في بلاد الصحوة الإسلامية ، بأن لبس البنات السافر و الخليع هو ما يدفع الشباب إلى هذا الهوس الجنسي ، بحسبان العفة تكون من المرأة وحدها ، أما الرجل فله حق الفُجر العلني دون أي قلق يصيب هذا المجتمع المُتدين .
هذا رغم أن العفة هي الوجه النقيض لذات العملة التي يشكل طرفاها ذكر و أنثى ، فالشهوة تتم من الذكر و الأنثى ، و الفعل الجنسي يتم بذكر و أنثى ، و العفة تتم بابتعاد أحدهما عن الفعل الشهوي بوازع من القيم الأخلاقية التي تربى عليها ، فالعفة تحتاج أيضاً لذكر و أنثى حتى يتم ابتعاد أحدهما عن إغواء الآخر تأكيداً لعفته .
في بلادنا تصبح الكارثة مضاعفة عن كل عصور وسطى كانت أو مظلمة أو قاتمة ، فنحن أولاً نلجأ لختان الذكر ( سُنة إبراهيم ) ، و هو ما يجعله عملياً سهل الاستثارة ، و يجعل عضوه أكثر حساسية من الأغلف ، و هو ما يؤدي إلى سرعة القذف و بلوغ الأورجازم بسرعة قياسية ، بالنسبة للأغلف الذي تطول ممارسته مما يشبع أنثاه بدورها ببلوغ ذات الدرجة من الإشباع لأنها غير مختونة و هو ما يساعد على سرعة بلوغها الأورجازم . و في الوقت ذاته نلجأ إلى ختان الإناث فلا نمنع الشهوة بقدر ما نعطل الوقت اللازم للوصول إلى الإشباع ، و هو ما يستدعي من الذكر بذل جهد مضاعف ، فتستحفل الأزمة ، و لا تمنع المخدرات النهاية المحتومة التي تشهد بأن عدد حالات الطلاق قد أصبح في بلادنا أكثر من حالات الزواج .
و بدلاً من المراجعة و اللجوء إلى الحلول العلمية وقفاً لمزيد من التمزق الأُسري الحادث ، و الانهيار القيمي الحاد ، يلجأ الرجل المهزوم سياسياً و إنسانياً و جنسياً إلى الحلول القديمة التي لم تحل شيئاً بقدر ما زادت من المشاكل ، فيحجب المرأة أو ينقبها أو يحبسها في البيت .
و للحديث بقية .
01-05-2010, 09:04 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #119
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
أبعاد ظاهرة الحجاب و النقاب ( 4 من 4 )
سيد القمنى
الحوار المتمدن - العدد: 2869 - 2009 / 12 / 26


البُعد الاخلاقي
يضرب لنا القرآن مثلاً بقصة النبي يوسف و امرأة العزيز التي أثارت شهواتها مفاتن النبي المليح ، فظلت تطارده و تنصب له الكمائن و تتحايل عليه ليطفأ ثورة شهوتها المتقدة لهفاً عليه ، و هو ما يعني أن امرأة العزيز رأت في يوسف ما شغفها به حباً و كاد أن يهم بها لولا حرصه على عفته ، فحادثة الزنا لها طرفين إن امتنع أحدهما لم تقع ، كما حدث في القصة القرآنية بمحافظة يوسف على عفته . و أن الذي حرك شهوات امرأة العزيز و كسر عفتها هو رؤيتها لشاب مليح ، و هكذا لا تفهم كيف يكون الحجاب صانعاً لعفة المرأة ، لأن امرأة العزيز منتقبة كانت أم سافرة ، فإنها كانت ستشتهي الشاب المليح ، و لو لم يكن يوسف معصوماً بعفته لتمت الجريمة بفعل و تحرك و اشتشهاء امرأة العزيز .
و هنا أزعم أن النتائج المترتبة على تنقيب المرأة هي على عكس المراد منه بالمرة ، لأنه أوسع الأبواب للمرأة لكسر قيمة العفة و كل ما يرتبط بها من قيم ، النقاب هو الباب السحري إلى الرذيلة العلنية .
تعالوا نتفهم الموقف : هل سيقوم النقاب بإلغاء شهوات المرأة و يمنع رغبتها في الاتصال الجنسي بغريب عنها ؟ لقد أحاطنا القرآن علماً أن الشهوة – كما حدث مع امرأة العزيز- تأتي من العين و من المشاهده و المعاينة و الرؤية ، و النقاب لن يمنع كل هذا ، فالعين ترى و تزني كما في صحاح الأحاديث . و المرأة المختفية وراء نقابها سيتاح لها إطالة النظر و التمعن و التأمل في تقاطيع الشاب المليح فتتصاعد شهوتها و تتزايد مع استمرار التأمل الشهوي ، و هي مخفية بنقابها ، مطمئنة لعدم معرفة الناس لشخصيتها ، و هو ما يعطيها فرصة للتملي و التشهي مع مقبلات تخيلية للحالة الشهوية مما يرفع درجة الاشتهاء ، ليدفعها للاحترار النزوى لمحاولة الإغواء دون خشية من فضيحة ، و إن صادفها صد من الشاب المليح لعفته مثل يوسف ، فهي آمنة و لن يذهب ليحكي عن التي غازلته و هو لا يعرف من هي ، بينما لو كانت سافرة و نظرت إلى مليح باشتهاء سيلاحظها الناس ، مما يؤدي إلى حيائها و خجلها و الحرص على سمعتها ، مما يردعها عن الاستمرار في النظر الشهوي . فالعيون حولها تحسب عليها الشاردة و الواردة لذلك تحرص على أن تبرز كصورة كاملة للعفاف . ألا ترون معي أن النقاب هو تمكين للمرأة من هتك ستار العفة و ليس العكس ، بل هو أيسر السبل إلى الرذيلة .
و إذا كان الحجاب و النقاب من شئون الدين ، فإن الدين أكمل من أن يضع مثل هذه الشروط المعكوسة التي تؤدي إلى نتائج عكسية . كذلك لا يليق بأي دين أن يكيل بمكيالين ليحمي طرفاً دون طرف ، فيحجب المرأة و ينقبها و لا يحجب الرجل و ينقبه ، و الله ليس بغافل عن شهوات خليقته و أوضح لنا ذلك في قصة يوسف و امرأة العزيز ،إن الدين لا يحمي فريقاً من اتباعه دون فريق ، و لا يميز بين أتباعه و لا يستقوى على الأضعف ظاناً أنه يردعه بينما هو يدفعه دفعاً إلى الرذيلة .
و إذا كان الدين يضع قيوداً على النساء طلباً للعفة فيلزم أن يضع مقابل ذلك على الرجل تحقيقاً للعدالة ، لأن الشهوة عند كليهما ، و لأن العفة يجب أن تكون لكليهما ، و لأن كسر العفة بالزنا يلزمه كليهما ، و أن الحدود تقع على كليهما ، و لن يحمل طرف مسئولية جريمة مشتركة بين اثنين دون الطرف الآخر .
يضاف إلى هذا خاصية خلقية تجعل النقاب طريقاً مفروشاً باليسر و السرية إلى الرذيلة ، هو أن المرأة لا تفشل في اتمام الفعل الجنسي فهي قابلة له طول الوقت ، لعدم حاجتها حاجة الذكر للانتعاظ ، هي فقط تعطي الإشارة التي تعرب للرجل عن رغبتها ، و تترك له باقي المهمة التي قد ينجح فيها أو يفشل حسب ظروفه الصحية و النفسية و مدى هدوءه أو توتره ، فالرجل قد يفشل ، أما هي فلا تفشل ، قد تقع الجريمة من الرجل أو قد لا تقع حسب حالته ، لكنها واقعة حتماً متى أرادت المرأة إلا مع من رأى برهان ربه و حرص على عفته كما حدث مع يوسف الصديق .
إن إكراه المرأة بحبسها في البيت ، أو دخولها الدير رهبنة يحافظ على العفة لعدم وجود ذكر و الرؤية و الاشتهاء ، لذلك يجب أن تكون العفة قناعة داخلية بقيمتها بوازع من ضمير يتم تربيته في الطفولة المبكرة ، فيصنع العفة الحقيقية ، لأني عندما أمنع نفسي عن لذة متاحة غير علنية فإني أكون مقتدياً بالصديق يوسف ، لدي عفة داخلية تمنعني عن امتهان نفسي بفعل شهوي غير قيمي أخلاقياً . يهين الرقي الأخلاقي لإنسانيتي ، و عندما يقول أحدهم اليوم أن الحجاب عفة فإنه يكون أول طاعن في الدين ، لأنه يصور ديننا غير قادر بذاته و ممكناته البرهانية على خلق عفة داخلية لدى المؤمنين ، هو كمن يقول أن قرآنه و حديثه و كل إيمانه غير قادر على خلق عفة للمؤمنات . و هو ما يعني أن رجال الصحوة قد أمسوا غير واثقين فى أنفسهم بالمرة ، وأيضا غير واثقين فى نسائهم ، و غير واثقين من قدرة الدين على ردعهن ، فذهبن إلى الأداة الإكراهية الخارجية .
رغم أن الفلاحة المصرية كانت تتعرى و هي تعمل في طين الأرض الطاهرة ، و أن المعلمة المصرية كانت تقف في الأسواق سافرة متبرجة تدير أعمالاً و تشغل أموالاً و رجالاً عتاة جبابرة ، و عفتها محمية بذاتها لا يجرؤ رجل على خدشها ، بينما المنتقبة في قصور الحريم ظلت في الحكي الشعبي الدرامي لعازف الربابة ، رمزاً لإنعدام العفة في سعيها لاشباع شهواتها مع أي إنسان حتى لو كان من عبيدها ، بل يصل المدى إلى معاشرة الحيوان طلباً للاشباع كما في الملاحم الشعبية و ألف ليلة و ليلة .
ملحوظة أخرى لا تفوت فاحص ، هى ما صاحب الصحوة و حجابها و نقابها من ألوان زواج غريبة ، و الأغرب أنها مشروعة بفتاوي مشايخنا ، رغم أنها لا تنشئ أسرة و هي الهدف من الزواج ، و ذلك مثل الزواج العرفي و الهبة و المؤقت و السياحي و المصياف و المسيار و الفريند ، و هي ألوان لم تعهدها مصر قبل اصحوة ، و ما كانت الواحدة من أمهاتنا أو جداتنا السافرات تقبل عرضاً بزواج كهذا ، لأنه كان يعني الإهانة الكاملة للعرض و الشرف و العفة و الكرامة الإنسانية ، و لو قال أحدهم بمثل هذا الزواج حينها لرموه بألف نعل و نعل .
إن العفة الحقيقية تكون عندما تكون السبل ميسرة إلى كسرها ، لكننا لا نكسرها احتراماً لذواتنا الآدمية الراقية ، العفة الحقيقية تحدث عندما توجد المثيرات و نعف عنها كما عف يوسف ، و إن انهيار العفة في بلادنا جاءنا ضمن منظومة كاملة ، تبدأ بأن الرزق لا حيلة فيه لأنه بيد الله مهما تكاثرنا و تناسلنا ، فضاعت الأسرة و تربى الأبناء في الشوارع ، و لم يتلقوا الجرعة التربوية اللازمة لنقش القيم في أرواحهم و هي بعد غضة تتشكل .
لذلك جاء معه بالحجاب و النقاب و معه ألوان فضائحية لأنواع زواج هي إهانة بكل المعاني لأي امرأة محترمة مسلمة كانت أو غير مسلمة و لمعنى الزواج نفسه . إن قيمة امتناعي عن الخمر لا تكون قيمة إلا عندما يتوافر الماء و الخمر في السوق فأختار الماء صوناً لآدميتي من ارتكاب زلل قد يهينه السُكر ، أما عندما لا تتوفر الخمر بجوار الماء فلا مجال للحديث عن قيمة إنما عن قمع فقط .
و لأن الثقافة الجنسية في بلادنا لا تعدو متعة الفعل الشهوي للذكر وحده ، دون لوازم أخرى ضرورية لصنع الحب السليم بين الطرفين ، فإن الزواج يقوم أساساً على المذاهب السنية الأربعة مع الجعفري على مبدأ المتعة و الاستمتاع بالأنثى ، لذلك يقال عنها متاع ، و يقال أيضاً للأريكة و الحمار و الفرس متاع ، و يقال عنها هي الفراش ، فهي ليست طرفاً له أي دور في الموضوع ، هي محل متعة الرجل أما إنسانيتها و كرامتها و حالتها النفسية و صحتها الجنسية كل هذا غير موجود في موضوع الزواج بالذات ، لكنه موجود في حالة الزنى حيث بإمكانها أن تقبل أو ترفض ، أما في الزواج فالجنس جبري على المرأة حتى لو كانت على التنور أو فوق ظهر قثب . لذلك يكوت الزنا هو الألذ لأنة قام على اختيار ورغبة ، لذلك يجوز لنا الاعتداء على طفولتها البريئة بالختان الجائر أو غير الجائر كعقوبة مُقدمة ثم نعزلها بالحجاب و النقاب لحفظ عفتها ، بينما هي طوال الوقت في حالة تهيج دائم بزوجها الذي يمارس دون اشباع لغريزتها المختونة لبلوغ الأورجازم ، و لا تصله إلا بشق أنفاس الزوج حتى الموت .
و المرأة منقبة أو غير منقبة عندما تبحث عن إشباع الغريزة لا تخضع في بحثها لما يخضع له الزواج من شروط التكافؤ و المستوى الإقتصادي و التوافق العائلي و العلنية و المهر و الحسب و النسب و الدين ، لذلك سترتمي في أحضان القادر على الإشباع لأن الزواج لم يشبع بضعها المختون ، و المنتقبة أولى بالقدرة على ذلك لإستتارها ، حتى أن يهود زمن البطاركة الأوائل كان لديهم عرفاً مسنوناً بعدم كشف وجه الداعرة المنتقبة حتى لا يعرفها أحد ستراًً لها ، و هو ما تجده في قصة بوعز و تامارا عندما كان النقاب زياً خاصاُ بالعاهرات يُعرفن به فكانت المنتقبة تعلن بنقابها عن الرغبة فى لفاء جنسى سريع ومؤقت وينتهى دون ان يعرف الذكر من كانت شريكتة فى الفعل ، أما العفيفات فكُن هن السافرات . لذلك إن وجدت الشهوة المقموعة بأداة خارجية الفرصة ، فستنطلق دون أى شروط بلا رابط و لا ضابط لأن المنتقبة مستورة مطمئنة البال هادئة الجأش ، لأنها غير محمية و غير مصونة بتربية الضمير الأخلاقي في الطفولة ناهيك عن قمعها بالنقاب .
تعالوا معي ننظر إلى نساءنا المسلمات المهاجرات إلى بلاد الغرب العاري ، ستجد أن ما يصون عفة نساءنا هناك ليس الحجاب و لا النقاب ، إنما يصونها الوازع الأخلاقي الذي تربي عليه الشارع الأوروبي ، هذا الشارع يغص بالفاتنات الرشيقات الحمراوات البضات مليحات القد الرقيقات . . قل ما شئت أو تَغنى ، و مع ذلك لا يتعرضن مع ملبسهن الكاشف للاعتداء ، فماذا عن الرجل المسلم في شارع الفاتنات الغربي ؟ ما بالة لايفعل معهن ما كان يفعلة مع بنات وطنة و لا يعتدي عليهن و لا يتجرأ على التحرش بهن و لو لفظاَ ، لأن المجتمع حوله سيتدخل فوراً ناهيك عن الردع القانوني المُغلظ ، لذلك هو بدوره يعف عن الفاتنات ولو مُكرها ، لديهم أمن و سلام اجتماعي رغم أنهم لا يملكون هيئة للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ؟ !! و من لديهن مثل تلك الهيئة يختطفن الرجال الملاح .
و لأننا أصحاب الأعاجيب ، فجأة تصيب العدوى مسلمي المهجر ليرفعوا في أوروبا ذات الشعارات بالحجاب والنقاب ( الحجاب و النقاب عفة و طهارة ) . فإذا كان النقاب يخلق لدى المرأة العفة ، و أي امرأة في الدنيا لو سألتها ستقول لك أنها تطلب العفة ، فلا يبقى سوى أن يقنع المسلمون مجتمعات مهجرهم بقيمة النقاب و فوائده ، كما اقتنعونا بسياراتهم و طائرتهم و أزيائهم كالبدلة و الكرافته ، لماذا لا يقدم المسلمون لبلاد مهجرهم الأدلة و البراهين المقنعة على عائد هذا الزي الإسلامي و ما سيحققه من فوائد مُنتظره ، و ربما تنمكنوا من إقناع أهل الغرب كما اقنعونا ، أم أنهم شطار و لهاليب معنا وحدنا ؟ و ربما اقتبس الغربيون النقاب كظاهرة صحية تدل على سلامة المجتمع و أنه مستقر عقلياً و أخلاقياً ، حتى نصحو يوماً على نصر إسلامي و فتح قريب ، فنجد نساء اليابان و أمريكا و الصين و قد تنقبن ، و نكون قد فتحناهم دون غزو و قتال و دمار ، و هي كما نعلم شعوب تتميز بالقابلية للتعلم و الأخذ بالجديد لكن بشرط الاقناع و البرهان و الدليل .
مسلموا المهجر لا هم اندمجوا في ثقافته و لا هم علموهم ثقافتنا ، و مع ذلك يصرون هناك على إثبات الزي الإسلامي الموحد ، تمييزاً طائفياً للإشارة إلى التميز بالإسلام ، لأنه ليس لديه ما يفخر به من إنجاز يديه ، فيفخر بدينه الذي لم يختره و ربما لا يعرفه . و لا يبقى سوى أن ارتداء هذه الأزياء في الغرب هو تحدي للأمم المضيفة و لقواعدها ، لإثبات تميز ديني إضافة للتميز الطبقي والتميز الخلقي ، لأنه إذا كان القصد من النقاب و الحجاب هو العفة فمعناه اتهام لكل المجتمع الغربي بالعهر و الدعارة ، و أن العفة و الطهارة ميزة طائفية تخص نساء المسلمات وحدهن . هذا رغم أن المجتمع الأوروبي يعمل بوازعه الداخلي الذي يحترم الأخر و حرياته و عقيدته ولا يقبل أى تمييز بين أعضائة ، لذلك لا يعتدي الرجل الغربي على المسلمة ليجرح عفتها و طهارتها حتى لو سارت في الطريق العام ملط زلط . حضارة الغرب آمنة بالوازع الأخلاقي الضميري ، و الأوروبي لن يترك فاتنات قومه ليغازل نساءنا ( عافاك الله ؟ !! ) ، و المعنى أن الزوج المسلم لن يخشى على زوجته أن يلتهمها الرجال الأوروبيون ، بل العكس هو الممكن حدوثه ، أن تلتهم المسلمة الأوروبي المليح كما حاولت امرأة العزيز. لذلك فإن الحجاب و النقاب في أوروبا هو شعار سياسي تمييزي طائفي طبقي بدائي ، لا يحقق عفة و لا يصنع طهارة كما يقول الإعلان الترويجي الكاذب و الشرير .
هو في أوروبا شعار تمييزي يتعالى على أهل البلاد بفضيلة وهمية ، و هو هارب إلى جنة بلادهم من جحيم بلاده . و إذا كنا نعلم بالإحصاءات المعلنة في بلادنا حجم حوادث الشرف ، سنجد أن الحجاب أو النقاب لم يخلق عفة في بلادنا ، فهل بإمكانه أن يخلقها للأوروبيات ؟
و إذا كانت العفة في الغرب لا تقوم على استخدام أدوات خارجية حاجبة او مانعة ، و إنما تقوم على الضمير الأخلاقي ، فلماذا تلبس المسلمة الحجاب هناك او النقاب و تستشهد في سبيله ، مادام الغربي لن يشتهيها و لن يغازلها و ستظل محتفظة بعفتها ؟ حجابنا في أوروبا عودة للعصور الوسطى ، إلى زمن التمييز بين الناس على أساس ديني ، عندما كان اليهودي يلزم بالزي الأصفر ، و القبطي بالصليب الخشبي الثقيل و حلق مقدمة رأسه و لبس خفي نعل بلونين مختلفين ، و المسلم يلبس الأبيض و يعاقب الذمي الذي يلبس العمامة البيضاء بالجلد لأنه أراد الارتقاء لطبقة العربي المسلم تزييفاً ، كمن زور بطاقته الشخصية ، و الحجاب و النقاب من زمن كاننت فيه الولاءات دينية و الحروب دينية و الهويات دينية و الحكومات دينية ، فكان الدين هو سيد الموقف في العصور المظلمة من تاريخ الإنسانية.
و هذا كله ما تعلمته مصر من الدرس الأوروبي منذ 1919 و حتى نهاية الستينات في القرن الماضي ، لذلك نعم الشارع المصري بالأمان الأخلاقي دون شعارات بترودولارية ، احترم طرفا المجتمع بعضهما و اعترف كل منهما بحقوق الآخر ، و احترموا المشترك الاجتماعي بينهم كالحريات الشخصية ، لذلك كانت المصرية المسلمة و المسيحية و اليهودية و بنات الخواجات يسرن في مصر بلا حجاب و لا نقاب ، آمنات على عفتهن ، و لم نر من السافرات فُجراً إلا بالنسب الضئيلة المسموح بها في أي مجتمع سليم . و لو قلنا أنهن كن فاجرات لسفورهن فكأننا نطعن في شرف المجتمع كله ، لقد أدرك المجتمع حينذاك أن الحجاب و النقاب أو البيشة و اليشمك قد أديا دورهما بتعريف المجتمع معنى العفة ، و تم المراد من رب العباد ، و عاد الرجال واثقون بنسائهم و النساء واثقات برجالهن ، و أن كليهما فاضل كريم عفيف ليس بحاجة إلى الأداة القامعة التي أدت وظيفتها و انتهى أمرها ، فليس من المقبول أن يظل مكسور اليد ملفوفاً بالجبيرة بعد شفائه . عرف المجتمع المصري الواثق من نفسه أن نسائه مكتفيات و لسن بحاجة لعفة خارجية ، فخلعت أمهاتنا و جداتنا الأداة القامعة تعبيراً عن رأي الرجال فيهن ، و كانوا نعم الرجال أفعالاً و أقوالاً ، كانوا رجال النهضة و التنوير ، و كن نعم الأمهات و الجدات . لقد كانت العفة في بلادنا قبل الصحوة السبعينية مصانة و بألف خير ، و عندما بدأ الفرض و التدخل الخارجي تراجع الضمير و أخلى نفسه من المسئولية الأخلاقية برضى و موافقة المجتمع ليسلمها لمشايخ الوهابية .
ثم أنه إذا كان لابد من استخدام أداة خارجية لصون العفة ، فستكون خياطة الفرج هي الأنجح و ربما كان حزام العفة هو الأكثر نجاعة ، لأن النقاب يسمح للمرأة بالرؤية و الاشتهاء ، و رجال اليوم ليسوا كيوسف الصديق و لن يروا برهان ربهم ، لذلك يصبح الحل الأمثل هو خزق عيون النساء و إصابتهن بالعمى ، و ربما يستحسن البدء بإجراء تلك الجراحة الهامة مبكراً في سن الطفولة مع عملية الختان في يوم واحد ، أو أن يحتجب الرجال بدورهم تحقيقاً للعفة في الطرفين . أو أن نطلب من صديقتنا الصين التي تتفهم مواقفنا و تصنع لنا كل متعلقات و أدوات التعبد من دلع أطفال المسلمين بفوانيس رمضان إلى بوصلة الكعبة و السجادة المؤذنة ، أن تصنع لنا قفلاً إسلامياً بأرقام سرية ، و ليكن الشعار الجديد هو ( قفل العفة ضمان و امان ) .
سادتي الفضلاء من تجار الدين السياسي في مصر المحروسة و أي مصر ، لو كان النقاب صانعاً للعفة ما أنجبت لنا نساء الجاهلية أبا بكر و عمراً و عثمان و طلحة و الزبير و حمزة و علي و غيرهم من خيرة رجال الدنيا و الدين ، لأن نساء الجاهلية كن سافرات ، و لما أنجبت لنا آمنة السافرة محمداً الصادق الأمين بتربيتها الجاهلية مثل كل هذه الأسماء العظيمة في تاريخنا ، و إن نساءاً ينجبن رجالاً كهؤلاء لا شك كُن عفيفات رغم الجاهلية ، فإذا كان المجتمع الجاهلي قد أنجز عفة ضميرية بدون نقاب ، بل كن حاسرات متبرجات ، و مع ذلك حفظت عفتهن النطف الأصيلة ، و ربتهم على القيم الأصيلة ، أفلا يكفل لنا الإيمان بالإسلام ذلك ؟
سادتنا المشايخ المسيسين ، نحن نرى أن تقاليد مجتمعنا المصري وحدها كافية (كما كانت و كما ستظل) هي الضامن للأمان الاجتماعي و العفة و الخلق الرفيع ، شرط أن تعود مصرُ . . . مصراً .
.......................................................
رائع يا صديقي
رائع يا سيد القمني ..
بوركت و بورك فرج فوده و نوال السعداوي
ووطن حلم بكم و انجبكم .
......................................................
ولي تعليق آمل ان اكتبه
...
فمن الصعب ان اعلق على سيد القمني .
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 01-06-2010, 01:31 PM بواسطة بهجت.)
01-06-2010, 01:14 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #120
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
ملخص قضية النقاب .


في هذه المداخلة أعرض ملخصا لمقالات القمني عن النقاب ، و هي بالطبع لا تغني عن قراءة المقالات الرئيسية .
1. هل الحجاب و النقاب فرض ديني و تكليف شرعي كالصلاة و الصوم و الشهادتين يكفر تاركه و مُنكره أم هو ظاهرة اجتماعية تظهر لتختفي ثم تعود ثم تذهب ؟. إن كان النقاب فرضاً دينياً فلماذا يتركه المسلمون زمناً ليعودون إليه في زمن آخر ؟ و هو الأمر الذي لا يحدث مع فروض و أركان الإسلام الأخرى الثابتة ثبات الدين !، و بالتالي فالواقعي أن نقر بأن الحجاب و النقاب ظاهرة إجتماعية .
2. نظرآ لطبيعة العمل في الحقل ظلت الفلاحة المصرية سافرة سواء قبل الغزو العربي أو بعده حتى اليوم ، أما نساء الطبقة العليا فقد عرفن أنواعا من الحجاب بعد الغزو العربي كشكل للوجاهة و علو المكانة .
3. مع ثورة 1919 قرر المجتمع المصري أن يعلن المساواة بين مواطنيه ، فخلعت المرأة المصرية الحجاب الطبقي و تبعتها في ذلك معظم الدول العربية و الإسلامية ، نلاحظ أن خلع الحجاب و النقاب قد ترافق مع عصر النهضة و التنوير، بينما ترافقت العودة إليه مع إنحطاط الأمة التمامي في زمن الهزائم و الخيبات .
4. خلال الفترة من ثورة 1919 و حتى نهاية الستينات ، نعم الشارع المصري بالأمان الأخلاقي دون شعارات وهابية ، احترم طرفا المجتمع بعضهما و اعترف كل منهما بحقوق الآخر ، و احترموا المشترك الاجتماعي بينهم كالحريات الشخصية ، لذلك كانت المصرية المسلمة و المسيحية و اليهودية و بنات الخواجات يسرن في مصر بلا حجاب و لا نقاب ، آمنات على عفتهن ، و لم نر من السافرات فُجراً إلا بالنسب الضئيلة المسموح بها في أي مجتمع سليم . و لو قلنا أنهن كن فاجرات لسفورهن فكأننا نطعن في شرف المجتمع كله .
5. ارتبطت الصحوة الإسلامية و رمزها الحجاب و النقاب بالطفرة البترولية ، هذه الطفرة كان ثمنها ألوف الشهداء المصريين ، عبر قتال استمر من 1967 و حتى 1973.
6. مع الصحوة الإسلامية ، عاد الحجاب معبقاً برائحة النفط القاسية ، و خلال السنوات الأخيرة بدأت النقلة من الحجاب إلى النقاب ، لكنه ليس كنقاب البيشة و اليشمك ، إنما نقاباً وهابياً ، هو و ما يوضع على عيني الدابة الدواره موديلاً واحداً لا غير .
7. الملحوظة الأهم هو مدى السهولة التى ينتقل بها الشعب المصري من حال إلى حال ، و من زي متعارف عليه اجتماعياً إلى زي سبق له استخدامه و تركه بإرادته . إن شعباً يخلع زيه و معه ثقافة بكاملها و منهج حياة بكليته ، و يعود ليلبس ما كان سبق و خلعه ، و يعود مرتكساً إلى ثقافات أقدم في التطور ، هو شعب مضطرب متردد يخسر أى إنجاز ممكن أو محتمل .
8. شعب الصحوة الإسلامية المصري شعب مسلوب الإرادة ، خاضع للأوامر الفقهية التي لا تحمل إقناعاً و لا دليلاً على جدواها لأمنه و سلامته و تقدمه . أسوأ ما في الأمر كله هو أن شعبا بحجم الشعب المصري يقبل بالخضوع و الخنوع و الإنزلاق إلى حفرة العصور الوسطى المظلمة ، دون أن تحميه مناعته التاريخية التي كانت درعاً واقياً له عبر تاريخه الطويل.
9. نحن نعلم أن وراء خلع النقاب كانت هناك ثورة شعبية 1919 ،و برنامج علماني في دولة مدنية أساسه المتين هو قدسية الوطن . و كان هدف الشعب هو اقتباس النظام الغربي المتفوق ليتفوق مثلهم . و لكن ماذا وراء ظاهرة كالحجاب و النقاب ، هناك بالقطع إرادة مقتدرة تقف وراء هذا البرنامج و لها أهدافها ، و من ثم سيكون السؤال : من هو صاحب هذه الإرادة المقتدرة ، و ما هي أهدافه مما يعمل ؟.
10. المطالع لشعارات الشوارع سيعلم أن العودة إلى النقاب تسوق كعودة إلى صحيح الدين ، لنرضى ربنا فيرضى عنا و ينصرنا على القوم الكافرين !. و بالطبع هذا هو الإفلاس الكامل .
11. إننا جربنا الحجاب و النقاب زمن السلاجقة و العثمانلية و المماليك و لم يصنع تقدماً و لا أدى لحضارة و لا صنع رقياً قيمياً ، بل أدى إلى انهيار كارثي بما صاحبه من سلوكيات من لزوم ما لا يلزم ، و انتهى بضعف الوطن كله مما سمح باستعمار البلاد من الصليبيين مرة و من الاستعمار الحديث مرة.
12. بلغ ما صرفته السعودية لتصدير وهابيتها و صحوتها منذ هزيمتنا في 1967 و حتى عام 2000 أي خلال ثلاثين عاماً فقط زهاء سبعين مليار دولار.
13. تم استثمار تدين الشعب المصري الفطري لترويج الوهابية السعودية و إسلامها النصي الظاهري بحسبانه الإسلام الوحيد الحقيقي ، و أن إسلامنا السابق كان انحرافاً عن جادة هذا الصحيح.
14. لقد تم اختراق مفاصل الدولة المصرية العريقة و مؤسساتها و نخرها بالسوس الوهابي منذ قرر الرئيس السادات أن يكون الرئيس المؤمن ، فأطلقهم علينا فكافؤه بنحره يوم عيد نصره تقرباً لرب الوهابية بكبش عظيم كما جاء في أدبياتهم .
15. في انتهازية رخيصة لا تليق لا بعروبة و لا بإسلام انتهزت الصحوة الوهابية جرح الشقيقة الكبرى و ضعفها و هزيمتها في 1967 لتحول المجتمع المصري من مجتمع مؤسسات قانونية تراتبية بيروقراطية وظيفية ، إلى مجتمع منفلت فوضوي غير منتج و لا منجز.
16. إن أي زي هو بالأصل ظاهرة اجتماعية تفرضها البيئة لذلك تختلف باختلاف البيئات و المجتمعات ، و أن الحجاب أو النقاب لو كان ديناً ما فرط فيه المصريون و بقية العرب و المسلمين معهم مع ثورة 1919.
17. لا يمكن لأحد أن يقول أن النقاب هو من الفروض أو من شئون العبادة ، و لا هو حتى قاعدة في المعاملات ، و لا يترتب على ارتدائه أو خلعه أية حدود شرعية في ديننا.
18. ظل ثأر الدرعية ( نتيجة تدميرها على يد محمد علي ) ناراً لا تهدأ بالقلب الوهابي ، لنصل إلى الزمن الناصري و الحرب المصرية السعودية في اليمن ، و نقرأ الآن معاً نص رسالة الملك فيصل بن عبد العزيز ملك السعودية إلى الرئيس الأمريكي ليندون جونسون ، و التي حملت تاريخ 27 ديسمبر 1966 م الموافق 15 رمضان 1386 هـ ، و ترد بوثائق مجلس الوزراء السعودي تحت رقم 342 ، ( نقلا عن د. وليد البياتى ، ومصدرة : حمدان حمدان : عقود من الخيبات1 دار بيسان ص 489 - 491) و هي رسالة و و ثيقة أدت إلى تغييرمجري تاريخ المنظقة و العالم كله بعدها
يقول جلالته لأخية الرئيس الأمريكى جونسون : " .. مما تقدم يا صاحب الفخامة ، و مما عرضناه ، تبين لكم أن مصر هي العدو الأكبر لنا جميعاً و أن هذا العدو إن تُرك يُحرض و يدعم الأعداء عسكرياً و إعلامياً ، فلن يأتي عام 1970 – كما قال الخبير في إدارتكم السيد كيرميت روزفلت – و عرشنا و مصالحنا في الوجود . لذلك فإني أُبارك ما سبق للخبراء الامريكان في مملكتنا أن اقترحوه ، و أتقدم بالاقتراحات التالية : أن تقوم أمريكا بدعم إسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولى به على أهم الأماكن حيوية في مصر ، لتضطرها بذلك لا إلى سحب جيشها صاغرة من اليمن فقط ، بل لإشغال مصر باسرائيل عنا مُدة طويلة ، لن يرفع بعدها مصري رأسه خلف القناة ، ليحاول إعادة مطامع محمد علي و عبد الناصر ، و بذلك نعطي لأنفسنا مهلة لتصفية أجسام المبادئ الهدامة ، لا في مملكتنا فحسب بل و في البلاد العربية ، و من ثم بعدها لا مانع لدينا من إعطاء المعونات لمصر و شبيهاتها من الدول العربية ، اقتداء بالقول : ارحموا شرير قوم ذلّ " .
19. هكذا وصل ثأر الدرعية إلى عملية إبادة جماعية للوعي المصري ، و احتلال عقله بقضايا الإسلام ، مع احتلال احلالي يحل فيه الوهابيون محل الإسلام البكر ، كما سبق و احتلوا وطنه زمن الفتح احتلالاً استيطانياً ،ليمتلىء الشارع المصرى لحى و حجاباً و نقاباً و خراباً كاملاً في الذمم و الضمائر.
20. لو حاولنا تعريف العفة سنقول إنها ذلك الدافع الداخلي للإنسان ، الذي يمنعه عن طاعة غريزته الجنسية ، إلا بما يقره المجتمع و يرضي عنه ، و يختلف معنى العفة باختلاف الثقافات .
21. يجري تفعيل معنى العفة تربوياً في الأسرة و المدرسة و دار العبادة لزرع وازع داخلي ، لتصبح العفة أحد مكونات الضمير صداً لأي إغواء شهوي بمناعة هذا الضمير.
22. في المجتمعات الضعيفة أو التي يضعف فيها تربية الضمير ، يفقد الذكر الثقة في نفسه ، لذلك يسعى لفرض العفة على أنثاه بالتدخل الخارجي القسري ، من هذا القبيل الختان الجائر للفتيات في مصر بنزع البظر مع الشفرين الأصغرين لكبح الشهوة للحفاظ على العفة ، و تكون النتيجة أن المختونة لن تصل إلى الشبع مهما حاول الزوج ، فبدلاً من أن يصون الختان العفة ، فإنه يترك المرأة في حالة تهيج جنسي مستمر بسبب العلاقة الزوجية التي لا تنتهي بالأورجازم ، فتظل الشهوة مستعرة تطلب الإشباع دون أن تخمد .
23. إذا كان لابد من استخدام أداة خارجية لصون العفة ، فستكون خياطة الفرج هي الأنجح و ربما كان حزام العفة هو الأكثر نجاعة ، لأن النقاب يسمح للمرأة بالرؤية و الاشتهاء ، بل ربما يصبح الحل الأمثل هو خزق عيون النساء و إصابتهن بالعمى ، و ربما يستحسن البدء بإجراء تلك الجراحة الهامة مبكراً في سن الطفولة مع عملية الختان في يوم واحد ، أو أن يحتجب الرجال بدورهم تحقيقاً للعفة في الطرفين . أو أن نطلب من صديقتنا الصين التي تتفهم مواقفنا و تصنع قفلاً إسلامياً بأرقام سرية ، و ليكن الشعار الجديد هو ( قفل العفة ضمان و امان ) .
24. عندما تكون العفة قيمة ذاتية تربى عليها الفرد في طفولته ، فإنها ستصبح إلزاماً لصاحبها ذكراً كان أم أنثى ، و لكن الواضح أن المجتمع المسلم ( المصري ) قد اختار الحجاب و النقاب كوسيلة خارجية لصون عفة نسائه ، خاصة تحت تأثير الزيادة المنفلتة في عدد السكان و بالتالي الفقر و تربية الشوارع و انعدام الضمير .
25. النقاب الذي يرفعون له شعار ( النقاب عفة ) لا يصنع للمرأة أي عفة ، هو يعف الرجل لأنه لا يرى منها شيئاً يثير شهواته ، لكنه أبداً لا يصنع للمرأة عفة ، حبس المرأة خلف النقاب لن يمنعها من كسر العفة ، إن لم تكن ضمن مكوناتها التربوية من الطفولة المبكرة ، و ستطلب الجنس و لو مع نفايات البشر.
26. يخرج المتأسلمون في التلفاز لتفسير ظاهرة التحرش و الاغتصاب ، بأن لبس البنات السافر هو ما يدفع الشباب إلى هذا الهوس الجنسي ، بحسبان العفة تكون من المرأة وحدها ، أما الرجل فله حق الفُجر العلني دون أي قلق يصيب هذا المجتمع المتأسلم .
27. ختان الذكور يؤدي إلى سهولة الإستثارة و بلوغ الأورجازم بسرعة قياسية، بينما الختان يجعل الأنثى صعبة الإشباع . و بدلاً من اللجوء إلى الحلول العلمية وقفاً لمزيد من التمزق الأُسري الحادث ، يلجأ الرجل المهزوم سياسياً و إنسانياً و جنسياً إلى الحلول القديمة التي لم تحل شيئاً بقدر ما زادت من المشاكل ، فيحجب المرأة أو ينقبها أو يحبسها في البيت.
28. إن النتائج المترتبة على تنقيب المرأة هي على عكس المراد منه بالمرة ، لأنه أوسع الأبواب للمرأة لكسر قيمة العفة و كل ما يرتبط بها من قيم ، النقاب هو الباب السحري إلى الرذيلة العلنية.
29. عندما يقول أحدهم اليوم أن الحجاب عفة فإنه يكون أول طاعن في الدين ، لأنه يصور ديننا غير قادر بذاته و ممكناته البرهانية على خلق عفة داخلية لدى المؤمنين ، هو كمن يقول أن قرآنه و حديثه و كل إيمانه غير قادر على خلق عفة للمؤمنات.
30. رغم أن الفلاحة المصرية تعمل بين الرجال ، و المعلمة المصرية كانت تقف في الأسواق ، عرفن كلهن بالعفة ، بينما المنتقبة في قصور الحريم ظلت في الحكي الشعبي ، رمزاً لإنعدام العفة في سعيها لاشباع شهواتها مع أي إنسان حتى لو كان من عبيدها بل يصل المدى إلى معاشرة الحيوان .
31. صاحب الصحوة و حجابها و نقابها ألوان من الزواج غريبة مشروعة بفتاوي مشايخنا ، رغم أنها لا تنشئ أسرة و هي الهدف من الزواج ، و ذلك مثل الزواج العرفي و الهبة و المؤقت و السياحي و المصياف و المسيار و الفريند ، و هي ألوان لم تعهدها مصر قبل الصحوة ، و ما كانت الواحدة من أمهاتنا أو جداتنا السافرات تقبل عرضاً بزواج كهذا ، لأنه كان يعني الإهانة الكاملة للعرض و الشرف .
32. يقوم الزواج الإسلامي على مبدأ المتعة و الاستمتاع بالأنثى ، لذلك يقال عنها متاع ، و يقال أيضاً للأريكة و الحمار و الفرس متاع ، و يقال عنها هي الفراش ، فهي ليست طرفاً له أي دور في الموضوع ، هي محل متعة الرجل أما إنسانيتها و كرامتها و حالتها النفسية و صحتها الجنسية كل هذا غير موجود في موضوع الزواج بالذات ، لكنه موجود في حالة الزنى حيث بإمكانها أن تقبل أو ترفض!.
33. كان يهود زمن البطاركة الأوائل لديهم عرفاً مسنوناً بعدم كشف وجه الداعرة المنتقبة حتى لا يعرفها أحد ستراًً لها ، فكانت المنتقبة تعلن بنقابها عن الرغبة فى لفاء جنسى سريع ومؤقت وينتهى دون أن يعرف الذكر من كانت شريكتة فى الفعل ، أما العفيفات فكُن هن السافرات .
34. نجد أن ما يصون عفة نساءنا المسلمات المهاجرات إلى بلاد الغرب العاري ، ليس الحجاب و لا النقاب ، إنما يصونها الوازع الأخلاقي الذي تربي عليه الشارع الأوروبي ، أماالرجل المسلم فلا يجرؤ أن يعتدي عليهن و لا يتجرأ على التحرش بهن و لو لفظاَ كما يفعل مع بنات وطنه ، لأن المجتمع حوله سيتدخل فوراً ناهيك عن الردع القانوني المُغلظ .
35. مسلموا المهجر لا هم اندمجوا في ثقافته و لا هم علموهم ثقافتنا ، و مع ذلك يصرون هناك على إثبات الزي الإسلامي الموحد ، تمييزاً طائفياً للإشارة إلى التميز بالإسلام ، لأنه ليس لديه ما يفخر به من إنجاز يديه ، فيفخر بدينه الذي لم يختره و ربما لا يعرفه.
36. لا يعتدي الرجل الغربي على المسلمة حتى لو سارت في الطريق العام ملط زلط ،فحضارة الغرب آمنة بالوازع الأخلاقي الضميري ، و الأوروبي لن يترك فاتنات قومه ليغازل نساءنا ( عافاك الله ؟ !! ) ، و المعنى أن الزوج المسلم لن يخشى على زوجته أن يلتهمها الرجال الأوروبيون ، بل العكس هو الممكن حدوثه ، أن تلتهم المسلمة الأوروبي المليح كما حاولت امرأة العزيز. لذلك فإن الحجاب و النقاب في أوروبا هو شعار سياسي تمييزي طائفي طبقي بدائي ، لا يحقق عفة و لا يصنع طهارة كما يقول الإعلان الترويجي الكاذب و الشرير .
37. إذا كنا نعلم بالإحصاءات المعلنة في بلادنا حجم حوادث الشرف ، سنجد أن الحجاب أو النقاب لم يخلق عفة في بلادنا ، فهل بإمكانه أن يخلقها للأوروبيات ؟.
01-07-2010, 01:19 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  دراسة ( السم بالدسم ) - قراءة فى فكر اللعين جون لافين - الكاتب / طارق فايز العجاوى طارق فايز العجاوى 0 602 05-02-2012, 04:18 PM
آخر رد: طارق فايز العجاوى
  (( السم بالدسم ))- قراءة فى فكر اللعين لافين - بقلم الكاتب / طارق فايز العجاوى طارق فايز العجاوى 0 689 05-02-2012, 07:43 AM
آخر رد: طارق فايز العجاوى
  انكماش الرأي حسب تغير الدافع.."قراءة في جدلية الإخوان والولايات المتحدة" فارس اللواء 4 1,325 03-11-2012, 03:04 PM
آخر رد: فارس اللواء
  الثورات تُسقِط أنظمة الأفكار أيضاً! الحوت الأبيض 0 907 06-20-2011, 08:38 PM
آخر رد: الحوت الأبيض
  قراءة بخطاب بشار الأسد: فتنة ـ مؤامرة و إصلاحات مصطفى علي الخوري 1 1,993 04-16-2011, 07:42 AM
آخر رد: أبو إبراهيم

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS