(01-05-2010, 12:52 AM)بهجت كتب: الأخ طريف سردست .
شكرا على الإضافات القيمة .
لن نختلف أن هناك بعض سلالات الهومو أبدت نوعا من الذكاء ، بل حتى الأنواع المتطورة من الثدييات تبدي أيضا بعض درجات الذكاء ، إذا الذكاء بمعناه الواسع ليس حكرا على Homo sapiens ، و لكن هناك اتفاق بين العلماء أن Homo sapiens يمتلك صفات فريدة أتاحت له أن يحرز نجاحا تطوريآ غير مسبوق ولا مثيل له ، و مع ظهور هذه السلالة الفريدة ، حدثت طفرة نوعية و مرحلة جديدة تماما لعملية التطور على الأرض ، هي مرحلة التطور الثقافي التي يلعب فيها Homo sapiens دور البطولة ، و لا أعتقد أن أحد من العلماء أجاب على وجه اليقين ، ما هي بالتحديد الملكة التي أعطت لهذه السلالة من جنس الهومو صفة الذكاء كعلم عليه و بالتالي تلك المكانة الفريدة ، لقد قرأت أكثر من تفسير ، بعضها يركز على تكوين العقل ،و البعض الآخر على الصفات الإجتماعية ، هناك رأي هام قرأته لعالم يدعى Octavian Ksenzhek يقول أن ما يميز Homo sapiens عن غيره هو قدرته على استخدام الطاقة الزائدة لأغراض تعلو عن تلك الخاصة بالإحتياجات الطبيعية المنطقية physiological ، أيضا قرأت لعالم آخر هو ميشيل توماسيللو يرى أن خاصية الإحتفاظ بالمعلومات هي ما يميز الإنسان العاقل ،و قد أطلق عليها خاصة ( تأثير السقاطة !) rachet effect .
في النهاية لن أكون مرجعية بيولوجية يعتد بها ، فكل اهتمامي منحصر في ظاهرة التفكير نفسها .
أما عن العملية التعليمية المنهجية ، فحديثي بالطبع عن تجربة الحضارة الإنسانية كلها ، هنا سنجد ان التعليم المنهجي كان الداة الأساسية لتحقيق ديمقراطية العلم ، الذي أصبح متاحآ لأكبر قاعدة من الناس ،و هكذا تراكمت المعارف التي صنعت الحضارة ، هناك بالطبع الإنتقادات التي توجه للتعليم النظامي حتى في أرقى المجتمعات ، و أهمها أن التعليم ينتج نمطا بعينه من المتوسطين mediocre، و لكنه يقتل النبوغ و الموهبة ، و لكن مثل تلك الإنتقادات تهدف لإصلاح العملية التعليمية و ترقيتها و ليس لإلغائها أو البحث عن بديل ، ليس مطروحا حاليا على الأقل ، اما فشل العملية التعليمية في المجتمعات العربية ، فهذه حقيقة لا مراء فيها . .
الميزات الفريده التي استطاع بها الهومو سبينز أن يتفوق ويتفرد عن كل أنواع الرئيسيات , هي صفات جسمانيه أكتسبها خلال سلسلة التطور وهي بالترتيب .
قامه منتصبه
قامه منتصبه تحمل دماغ ضخم مقارنة بجرم الدماغ لدي باقي الأنواع فالثور مثلا والذي يبلغ وزنه أكثر من نصف طن والذي يساوي وزنه وزن 8-10 رجال بالغين لا يملك من وزن مادة الدماغ سوي نصف ما يملكه الإنسان كما أن نوعية الطعام التي كان يتناولها الإنسان كانت لا تحتاج إلي عضلات فك قويه والتي تشكل حزاما حول جانبي الدماغ وتمنعه من التمدد والنمو كما في الغوريلا , ويستدل علي هذا من الإختلاف في تشريح الأسنان بين الغوريلا والإنسان لنتبين أن طعام الإنسان كان في غالبه فواكه وثمار وبراعم طريه لا تحتاج إلي فك قوي , وإجتماع العينين في منتصف الوجه أتاح الفرصه لتمدد الدماغ علي الجانبين (الصدغين) وأتاح للإنسان رؤيه بانوراميه تنقل الصوره إلي عقله بكل دقه بعكس العديد من الحيوانات التي تري بعينها اليسري غير ما تراه بعينها اليمني وذلك لوجود العينين علي جانبي الرأس و ساهمت فيها القامه المنتصبه التي تشرف علي ما حولها ولمسافات بعيده , ولعبت العين وما تنقله دورا محوريا في تطور ذكاء الإنسان .
يد تمسك الأشياء
يد الإنسان هي جزء هام من تطوره فأسلاف الإنسان من القرده الدنيا كالليمور وحتي الفأر والضفدع نجد أن يدها تشابه يد الإنسان , ولكن القرود الأربعه البتراء ( الغوريلا , الشمبانزي , الأورانج أوتانز , الجيبون ) كادت أن تفقد إبهامها وأصبح قصيرا وتراجع للخلف ولم يعد يقابل باقي أصابع اليد كما في الإنسان , وذلك حتي لا يعوق القرود أثناء قفزها علي الأشجار وهي بذلك تكون قد فقدت ميزة الإمساك بالأشياء وصنع أدوات منها , وحتي نعلم قيمة هذه اليد في تطور الإنسان لنفترض أننا منحنا عقل الإنسان وذكائه لثور أو حصان مثلا سنجد أنه لن يفيد منه كثيرا لأن يده لا تستطيع تحويل أفكاره إلي أدوات يستطيع إستخدامها , والأعضاء التي تهمل في الحيوان أو تتحور لتتخصص في وظيفه واحده لا يستطيع الكائن الحي استعادتها مرة أخري .
اللغه
تشريح فك الإنسان ووجود حلق مجوف يتيح للسان الحركه بداخله كان عاملا مهما في التطور , فبدون اللغه يصبح البشر كمجموعه من الخرس وضعوا سويا في مكان , ومهما كان ذكائهم فإن إنتاجهم شيئا ذا قيمه أمرا بالغ الصعوبه , واللغه نشأت من الإجتماع وفي البدايه كانت مجرد إشارات ولكن حاجة الإنسان إلي التفاعل أثناء الليل هي التي أدت إلي استعمال الأصوات بدلا من الإشارات التي أخذت في التطور لتؤدي أغراضا بسيطه بعد ذلك ولذلك نجد أن في مختلف الثقافات بعض الإشارات الجسديه تعني بعض الكلمات البسيطه كهز الرأس يمنه ويسره تعني النفي ومرد هذه الإشاره قد يعود إلي محاولة الأم إطعام طفلها والطفل لا يريد أن يأكل فيهرب من تناول الطعام بهز رأسه يمنه ويسره , ولازلنا نحرك ايدينا عندما نتحدث وخاصة عند الإنفعال مما يدل علي أن أصل الكلام كان الإشاره وتطور اللغه أدي الي تطور الذكاء فاللغه هي أصل الذكاء وليس العكس , فكلما زادت المعاني المعبر عنها نبهت في العقل خلايا وحفزت التفكير وزادت قوة الذاكره , ويلاحظ العلماء أن من يتقنون أكثر من لغه يكون معدل ذكائهم أعلي وعقلهم أسرع إستجابه .
الدماغ
القامه المنتصبه واجتماع العينين في الوجه وضعف عضلات الفكين وقدرة اللسان علي الحركه في تجويف الفم وأخراج أصوات بسيطه بالإضافه إلي الحياه في مجموعات كلها عوامل ساهمت في زيادة الذكاء وبعد أن بلغ حجم الدماغ أقصاه ولم يعد ممكنا الزياده الأفقيه بدأت الزياده الرأسيه وذلك بزيادة التعاريج والأخاديد داخل نسيج الدماغ نفسه مما يزيد في سطح الخلايا الرماديه والتي تلعب دورا هاما في نسبة الذكاء والتفكير .
الهومو سبينز لم يقتصر في طعامه علي نوع واحد ولم يكتفي بالحياه فوق الأشجار بل ظل يعيش علي الأرض والأشجار ولم يفقد أبهامه ونزل من علي الأشجار إنسانا كاملا فالتخصص هو عدو التطور ومتي تخصص عضو في الكائن الحي في وظيفه وتحور لأدائها بمنتهي الكفائه فإنه يستحيل عليه استعادة عضوه حالته الأولي .
فتميز الهومو سبينز يعود إلي 4 أشياء .
قامه منتصبه تحمل دماغا كبيرا حملا عموديا لا يرهق عضلات الرقبه والكتفين.
عينين في منتصف الرأس تتيح له رؤيه بانوراميه تَكمُل بالقامه المنتصبه فيشرف علي الأشياء ولمسافات بعيده .
يد تمسك الأشياء يقابل الإبهام فيها باقي أصابعها فيسهل عليها العمل والصناعه وتجسيد الأفكار في أدوات ومنتوجات.
لسان يتحرك في الفم بسهوله أدت إلي نشوء لغه يتواصل بها مع بني جنسه.
وهذه المميزات الأربعه أدت إلي نمو الدماغ وزيادة الذكاء .
وربما أسلاف الإنسان المنقرضين والسابقين له في التطور كانت تنقصهم ميزه أو إثنين أو أكثر من هذه المزايا حتي جاء الهومو سبينز بهم مجتمعين فتغلب علي كل أسلافه وأبادهم وآخرهم إنسان نيندرتال الذي ربما يكون قد عاش علي سطح الأرض حتي 25000 سنه مضت .
هذه المداخله قد لا يكون مكانها هنا ولكني حاولت الإجابه علي تساؤلك يا أستاذ بهجت علي قدر ما فهمت التطور .