محاولات سيزيف
وليد سليمان
10 أكتوبر 2007
مجلة دروب
حكمت الآلهة علي سيزيف أن يدحرج صخرة باستمرار إلي قمة جبل حيث يعود الحجر للسقوط مدفوعا بثقله الذاتي…
ألبير كامو (أسطورة سيزيف)
محاولة عدد1
بعد أن استفاق سيزيف من قيلولته، توجه إلى النهر، وغسل وجهه وأطرافه. وأدرك انه قد نام أكثر من ثلاث ساعات دون أن ينتبه إلى ذلك.
استجمع سيزيف قواه وهو يدحرج الصخرة في اتجاه القمة. وزاد من صعوبة مهمته أن المرتفع مليء بالحصى، وأن الصخرة التي يدفعها تامة الاستدارة وملساء بالكامل، مما يجعلها تتدحرج تلقائيا نحو الأسفل.
ولكن سيزيف قرر أن لا ييأس وان يعيد الكرة مجددا حتى ينجح في مسعاه.
محاولة عدد2
عاد سيزيف إلى كوخه في الظلام، ومن شدة التعب لم يستطع حتى تناول عشائه.
وما إن استلقى حتى غلبه النوم.
رأى سيزيف في المنام أن ما كان يدحرجه ليس صخرة وإنما نهد امرأة ضخم.
وخطرت على باله فكرة: بحث عن حلمة النهد، وحين وجدها راح يمتصها، فامتلأ فمه بحليب دافئ لزج.
امتص سيزيف الحليب بنهم، وكلما امتلأ بطنه به، كان النهد يفرغ وحجمه يصغر.
وبعد ساعة أو أكثر، فرغ النهد تماما من الحليب، وصار مثل قربة فارغة.
قال سيزيف: “الآن يسهل حمله إلى القمة.” ولكن قبل أن يتم جملته استفاق من النوم. وأدرك أن الأمر لم يكن سوى أضغاث أحلام، وأن الصخرة باقية على حالها في انتظار أن يحركها.
محاولة عدد3
استفاق سيزيف عند الفجر. وأحس على غير عادته بفتور في همته. ولكن رغبته الملحة في الوصول إلى القمة تغلبت في النهاية على ما عداها.
استجمع سيزيف شتات قوته، ودفع الصخرة نحو الأعلى محاولا أن لا تتراجع إلى الخلف.
وصل تقريبا إلى منتصف المرتفع عندما التوت قدمه اليسرى، ومال إلى اليمين متفاديا رجوع الصخرة إلى الخلف.
تنفس الصعداء لأن الصخرة لم ترتطم به، وإلا كانت عجنته عجنا وهشمت عظامه.
محاولة عدد4
رأى سيزيف في المنام أن الصخرة التي كان يدفعها لم تكن صخرة، وإنما تفاحة ضخمة.
فكر سيزيف انه إذا ما تمكن من قضم كامل التفاحة، فلن يبقى منها سوى النواة، ويسهل بذلك حملها إلى القمة.
قضم سيزيف التفاحة، وكم كانت خيبته كبيرة عندما تيقن أنها مرة بشكل لا يطاق. وبصق على الفور ما في فمه.
قرر أن يذوق جهة أخرى من التفاحة علها تكون أقل مرارة. ولكن تبين له أن الجهة الأخرى أشد مرارة. وبصق سيزيف مرة أخرى ما في فمه، وقرر أن رفع التفاحة بثقلها إلى القمة، أهون بكثير من محاولة أكلها.