شكراً لاهتمامك وردك أستاذ بهجت
أتفق معك تماماً بأن ما يسمى بريادة ثقافية كان مجرد وهم، وأذكر بهذا الصدد مقولة قرأتها مفادها أن
في مصر الأسماء أكبر من المسميات، فليس المثقف مثقفاً كسميه المعروف في الغرب، وقس على هذا في كل شئ، فلا اليساري يساري ولا الليبرالي ووو......
هو فقط الأصولي أصولي فعلاً
ولماذا كثرة الكلام، هاك التدوينة الرائعة، فيها ما أرغب بقوله
---------------------
الحالة تعدت مرحلة الخوف القهري الي هوس بارانويا من النوع الذهاني المعتبر
.. كتابات فروم ومن قبله أستاذه وأستاذي عم فرويد تلخص الموضوع في جملتين
... الخوف من الحرية هو الخوف من المجاز والتأويل،
بمعني أن أي إطار فكري تحكمه ظواهر التجديد والثورة علي القديم يتحول بالزمن والتبعية وميل ميزان القوة ناحيته الي فكر إصولي سلفي .. وتصبح آليات وجوده الأول هي ذاتها مخاوفه الكبري وأكبر المخاطر علي مكاسبه ومساحة السيطرة التي آلت إليه وعليه تتحول مبررات وجوده الي أسباب الثورة عليه وتفككه
لذلك فإن الأفكار التي تؤسس لقيام أية حضارة فاعلة أو أيديولوجية قوية لابد لها من مجاز وتأويل وقدرة علي نقد الذات حتي وإن اشتطت لتستطيع أن تجدد روحها وصيرورتها كلما تحولت الي الرتابة والسلفية
المشكلة ليست في ردود الافعال ولكن في طرق تكوين العقليات وإنتفاء خاصية الجدل عند العقل العربي. ناهيك علي أن المسميات أكبر من الافكار في مصر .. فماهو اليسار؟ ومن هم الليبراليين؟ ومن هم المثقفين والمفكرين ودعاة الحرية؟ ... شلة من أنصاف المتعلمين والارزقية .. يعني الموضوع فعلا هزار مش جد علي رأي أخونا أسامة.
أي فكر ثوري أو مغاير يتحول بعد حين الي عقل سلفي ماضوي يدين القراءات المتعددة أو الجديدة سواء للفكرة نفسها أو لفكر جديد
في مصراليسار.. يعني ماركة ستالين وخالد محي الدين وهلفطة الحنجوري وفهم القشرة الخارجية للفكر علي شوية صراخ وشعر رديء زي بتاع أخونا حلمي سالم وخمرة مغشوشة ومزة بايتة
الاسلاميون والاخوان والسلفيون والجهاد وبتوع الله حي .. تفكير وسلوك لم ولن يخرج عن العقل البدوي المكي المحض. نفي الآخر ودحض أي تباين وذبح التفكير بمقصلة النص المقدس
أما بتوع الاسلام الحداثي فدول لامؤاخذة شباب كده كده وبتاع .. بيبيعوا بضاعة مضروبة وان الاسلام دين ديليكاه وسمباتيك ومالوش في اللبط ولا الخربشة
.. هؤلاء هم ملوك التلفيق والتوفيق وخلط السياسي بالمعرفي
القوميون والعربجيون بتوع العروبة والناصريون بتوع عمك خالد الذكر ناصر الخاسر دول يامان خارج بوابة التاريخ وأعظم الديماجوج في الارض ولسه بيدوروا علي تماثيل الرخام اللي بناها ناصر ع الترعة
يكفيه ويكفيهم أنهم قتلوا مخيلة شعب كان قبل الثورة يمثل مشروع حضارة كبري
.الخلاصة
أن مريض البارانويا عندما يكتشف ضعف وهوان وسائله الدفاعية فإنه أما أن يقتل نفسه أو يقتل الآخر اللي هو بارانويد برضه ويتحول الامر الي فوضي.
الحل .. هو الخروج من حالة اللا إختيار
.. يعني مش لازم الاختيار يكون اما حزبوطني أو يسار أو إسلامي أو خراء ناصري .. نحن بحاجة الي فكر جديد يتجاوز القديم بكل ترابه وتكلسه وأصوليته وكسله
.. فكر متعدد لايخاف الآخر بل يضحي بالتاريخ المزيف
--------------------------------------------------------
وهذا رابط المدونة :
http://miamessa.blogspot.com/search?upda...00-04%3A00
----------------------------------------------------------
وأعتقد بأن من أسباب هذه الحالة من التناقض لدى المثقف المصري فيما يخص تذبذبه بين الدين والعلم خوفه من مجتمعه ذي السطوة الهائلة، ما يجعله يخشى الإعلان عن أفكاره، بل ويخشاها نفسها، بحيث يجد نفسه - بحكم ميل الإنسان العادى للتماهي ما بين داخله وخارجه - ميالاً بشكل طبيعي للتوفيقية والتلفيقية.
والسبب الآخر، والشديد الأهمية هو الميل الزائد للتبسيط والاختزال، النابع من قصر النفس لدى المثقف، والنابع من ضيق عيشه، وما يرتبط بهذا الضيق من ضرورات وقيود، ما يقوده لأخذ القشور والعموميات والخلاصات.
والنقطة الأخيرة المهمة المتصلة بمسألة القشور والخلاصات هذه - وتنطبق علي شخصياً - هى أن الدافع الأساس لدى معظم مثقفى العالم العربي ومصر خصوصاً، هو الانطلاق من السياسة، فالسياسة هى الأساس في دخول
معترك الثقافة، بحيث يطغى العمل على النظر، وليس حتى بالمنظور الماركسي الجدلي، وهو ما خلق نزعة رافضة وكارهة للتنظير، كما لو كان شراً مطلق.
ومن سخريات مأساتي الشخصية أني بعد أكثر من ستة أعوام من الانزياح في غمار السياسة كاشتراكي، وجدت نفسي أرغب في تركها واللجوء إلى العلم والنظرية، بالعودة لمقاعد الدراسة والتوجه للبحث الأكاديمي، وإن أعاقتني المتطلبات المعيشية مؤقتاً
فما هو السبب؟؟
باختصار غياب الرؤية لدي ولدى معظم منتحلي اليسار الثوري وغير الثوري، ما يتطلب العودة للعلم، وعدم الانحباس بماركس، بقراءة الواقع الجديد على ضوء النظريات والمناهج الجديدة، وإن احتفظ المرء بالرؤية الماركسية العامة مع الالتزام بمبدأ عدم التناقض أي الاتساق الداخلي.
أي أننا فعلياً نعيش أزمة الاختزال السياسي، بحيث نفصل الأفكار عن أصولها الواقعية من جهة، والفلسفية من جهة أخرى؛ لهذا فلا مانع من أن يكون لدينا ماركسياً متديناً، أو شيوعياً فاشياً
وهنا تتجلى بوضوح كارثية الخلاصات والقشور.
------------------
هذه ملاحظات سريعة، وعذراً سيدي للتفكك؛ فبعد يوم عمل طويل يكون المرء منُهكاً وغير قادر على وضع مداخلة ذات وزن، حتى بمعايير أرباع أرباع أرباع المثقفين من أمثالي، إذا صح علي أمثالي ذلك الوصف أساساً.
تحياتي أستاذنا الكريم