عزيزي سهيل، أنا لا أدعو أحدا اليوم لتطبيق الإسلام، بل أنقض الرأي القائل أن الإسلام مطبق في دنيا اليوم، وأنه متمثل في دول كذا ومذا... وما يستتبعه من تحميل الإسلام مسؤوليات لا علاقة له بها، بل لا علاقة لها به...
بل وأضن بالإسلام وسموه أن ينزل لمنافسة العالمانية وأضرابها، بل وأزيدك من الشعر بيتا، شخصيا أدعو العالمانييين أن يقدموا ما لديهم فعلا حتى نجربهم، فطالما وعدونا بالحلق حتى كثرت ثقوب آذاننا... على علمي بما سيؤول إليه الحال يقينا لو أنني فرضت خيالا أنهم وصلوا لما يريدون، هذا وأني أعلم أنهم لن يصلوا بتاتا، ليس وهم على ما هم عليه اليوم، لا لعيب ولا زين في العالمانية، بل لأنهم جزء من الأمة مبتلون بأمراضها، والاستبداد بالرأي وهوى التقليد للمنتصر يشيعان في الأمم المهزومة... لكن ليس من بأس أن يجربوا فيفشلوا فييأسوا فيفسحوا الطريق لغيرهم طوعا لمسؤولية تعتريهم أو كرها تبعا لنواميس التغير التاريخي كدأب الاشتراكيين قبلهم.

أنا إذ أجلس منتظرا دوري، لن أطرح ما لدي يا سهيل، ولن أدعه ينزل لمقارعة غيره الآن، لكنني سأنظر فيم تطرحون، وأعترض على ما أراه خطأ أو غير منطقي، أو تجن على غيركم، كدأب من أراد النجاح والفوز بشتم غيره، يتخذ الإسلام الغائب والخلافة المغيبة مشجبا يعلق عليه فشله الذريع وإخفاقه المريع في تأليف الناس حوله وحملهم على النهضة التي يظن صحتها.

أما عن قولك في من يعيش في ظل الغرب، فأنا أعيش في ظل الغرب، ولا أرى إلا التمييز والاحتقار للغريب، على أن أسوء ما في الغرب أفضل من أفضل ما عندنا، ليس لفضل العالمانية على الإسلام، بل لفضل النهضة على الانحطاط، ذلك أن ما في الغرب بغض النظر عن مبدئه نهضة، وما عندنا بغض النظر عن دين ومبدأ انحطاط، نسير وفق ردود فعل لفعل غير أو غرائز تثور هنا وهناك، كل على حدة، لا نعبؤ بإسلام ولا بغيره.

أما عن الأمر الذي دعوتنا إليه، فيا عزيزي، لا يقال هنا كيف ولماذا يفترض خالد، نحن في منتدى في فكري، ولسنا على أرض الواقع، ولا بأس أن نناقش كل صغيرة وكبيرة، ومنها أصل الأصول في التحسين والتقبيح ومصدريتهما، وهل يصلح العقل المجرد للتحسين والتقبيح؟ وما هو العقل المجرد أصلا؟ ومن من الناس يملك هذا العقل؟ حتى يكون له أن يضع لنا ولغيرنا ما هو صواب وما هو خطأ، حتى نطيعه دون قسر أو إكراه أو عصا شرطي. ومن الطبيعي أن نخوض الجدال في هذا الأمر إلى الغاية القصوى، سيما وأننا أصوليا مختلفان تماما فتبع الخلاف في الفروع. وليس من مندوحة من إثارة الخلاف الأصولي في كل فرع اختلفنا فيه، بل ولو اتفقنا. لحكم الأصل على نظرتنا للكون والإنسان والحياة وما قبل الحياة وما بعدها وعلاقتها بما قبلها وما بعدها جميعا.. وموقفنا منها.

أرجو أن لا أكون عسرت يسيرا، أو عقدت بسيطا..

من المؤسف القول إن الزميل خالد، في مجمل مداخلاته هنا، يستخدم الألفاظ بلا معنى وبلا ضابط لترويج مقولات "مفشكلة" ليست من واقع الناس ولا تأخذ حيزا، ولو يسيرا، من همومهم اليومية.
في موضوع الخلافة، مثلا، يكتب كلاما نظريا "ناعما وغامضا" لا علاقة له بواقع حصل منذ أول محاولة لـ"تجسيد" هذا المفهوم في سقيفة بني ساعدة إلى يومنا هذا. ( قد يحتار البعض في تصنيف هذا الكلام؛ هل هي تهويمات شاعر أم هلوسات سكران!؟.. أما نحن فنقول، بصريح العبارة، إنها تسويق "الفقهاء" لبضاعة وهمية.)

الطريف، في أقوال الزميل خالد، أنه يحاول خداع القارئ بمفهومه "الساذج"، ولن نقول "المغشوش"، عن بعض المفاهيم المعاصرة مثل العلمانية والديموقراطية والتجارب التي مرت بها مختلف شعوب الأرض. (وهذا ما نراه لدى جميع "الكهنة" الذين يهاجمون المقولات الحضارية المعاصرة)
هو، مثلا، يدين الديموقراطية لأن الدول التي اعتمدتها كنظام حكم استعمرت بلدانا وشعوبا مستضعفة. (يتناسى الكثير من الدول التي اعتمدتها ولم تستعمر دولا غيرها، مثل الدول الاسكندنافية والهند والبرازيل... الخ.) وما إدانته هذه إلا لسببين.
أولهما أنه يرى في الديموقراطية خطرا يزاحمه على تجارته.
والثاني أنه لم يفهم، بعد، كيف تنشأ الأمم، وتتصارع، عبر التاريخ. غاب عن باله أن الدول القوية تغتصب الدول الضعيفة من أجل توسيع مناطق نفوذها لأن "ثيابها ضاقت عليها".
هذا يجعلنا نتساءل: لماذا تجاهل (عامدا أم ساهيا ؟..) أن أول دولة إسلامية قامت في المدينة توجهت، فورا، لتوسيع دائرة نفوذها وزيادة مواردها بالإغارة على القوافل المكية والقبائل المجاورة .. وهي حين أخضعت المحيط القريب توجهت نحو الدول المجاورة فاحتلتها .. ثم وصلت إلى اسبانيا والنمسا.
ذاك ، يا زميل، ما يسمى بـ"صراع الأمم" .. ولا علاقة له بالديموقراطية التي هي أسلوب حكم"ّداخلي" ينظم العلاقة بين المواطنين كي لا ينهش بعضهم بعضا. وهي كما نراها في تطور مستمر كل يوم.
(نصيحتنا في هذا الشأن، كي لا يلتوي لسان العربي، في الحديث عن الديموقراطية، يجب أن يقتصر على المقارنة بين الحقوق والواجبات التي نالها المواطن في الدول الديموقراطية وحقوق المواطن وواجباته في الدول التي تحكمها أنظمة الاستبداد العربية)

لا يسعنا سوى شكر الزميل خالد على "مطولاته" في تسفيه العلمانية والديموقراطية (ولن نقول إنه يهرف بما لا يعرف، بل نترك الحكم للقارئ النبيه ) .. وسنثمن "جهده" من باب أن أهل الدين هم أصحاب مصالح من حقهم، وواجبهم، الترويج لها وعدم التنازل عنها بسهولة. وما الفرق بين رجال الدين واصحاب المصالح الأخرى سوى أن هؤلاء الأخيرين يشهرون إفلاسهم عندما يكتشفون أن مصالحهم خاسرة، أما رجال الدين فلا يشهرون إفلاس تجارتهم أبدا .. (ربما كان السبب الأعم والأغلب أنهم لا يتقنون مهنة سواها كل رأسمالها لحية وعمامة وبعض مهارة في نشر الخرافة...)

في بلادنا، حيث تنتشر الخرافة، ستبقى تجارة الدين رابحة إلى أن ينفضّ الناس من حول هؤلاء "الكهنة" بعد أن يكتشفوا أنهم أضاعوا الكثير من سني عمرهم وأنفقوا الكثير من جهدهم وأموالهم في شراء سندات تمليك "وهمية" في الجنة...
ولا يزال المتاجرين بها يبيعونها للبسطاء من الناس... دون خجل أو وازع أخلاقي!..

لأ حبيبي ما هيك بالمرة، بس مداخلتك لا تصنع أكثر من إثبات رأيي السابق...


العالمانيون العرب توقفوا حيث توقف اشتراكيوهم، استيراد تجربة الغير، قسرها علينا بقوة الانقلاب العسكري حينا، والتدخل الأجنبي غيره، مع تسفيه الغير المخالف، ورمي كل المصائب الموجودة في مجتمعنا على الفريق المخالف في الرأي..
ثم، توقف، فجمود وعدم ابداع، اجترار الذات، تسفيه الأمة التي لفظته، والزبد يذهب جفاء.....

عزيزي زوربا، إئتنا بجديد، عن جد يعني لو أشوف مشروع ديمقراطي عالماني في منطقتنا، من الناس ومعهم وليس فوقهم، عن جد ما عندي أستعداد أتفاعل معه لدرجة التضحية، لكن.... نفس العينة...

الاشتراكيون العرب اتهموا المخالفين بالبرجوازية والرجعية والامبريالية...
العالمانيون العرب، ومعهم المتلبرلون، اتهموا مخالفيهم بالظلامية والتقوقع في غبار خير القرون، مع الاتهام بالخرافة وما شابه..
الاسلاميون العرب، اتهموا مخالفيهم بالكفر والردة والبدعة....


وبعدين؟؟؟؟

يعني ممكن نشوف مشروع عملي يا زوربا، قبل لا تتهم رجال الدين، إنت (الفكرة وليس الشخص) شو قدمت؟؟؟ وين مشروعك يللي أفسده رجال الدين والخرافة؟ عزيزي لا مشروع لديكم سوى النعي....

فاتحة على روح المرحوم لكان..

إلى خالد
سأتجاهل توجهك بالحديث إلى "عزيزك" زوربا. كائنا من كان، وكائنا من كنتُ وكنتَ، صغرتَ في عيني كثيرا حين رأيتك تحاول توجيه سهمك "المسموم" نحوه. (وأقول "سهمك المسموم" لأن سهام الكهنة دوما مسمومة مذ أفتوا بقتل من خرج على طاعة السلطان استنادا إلى حديث "اقتلوا ثانيهما"، وصولا لمن أفتى بقتل فرج فودة ونجيب محفوظ ...)

نقول باختصار (ونترك الإسهال اللفظي لمن شاء إضافة صفحة أخرى إلى الكتب الصفراء) :

1 - يكذب من يقول إن الديموقراطية، كنظام حكم، فشلت في البلاد العربية.
هي لم تفشل. وذلك لسبب بسيط جدا يتجاهلونه، بكل صفاقة، وهو أن أيا من أنظمة الحكم العربية لم يكن يوما نظاما ديموقراطيا.

2 - أما من تسميهم، يا خالد، بـ"العالمانيين"، ولا تني تشير إلى فشلهم في الحكم، فهؤلاء كانوا، كما الغالبية العظمى من السياسيين ورجال الدين الذين حكموا، ولا يزالون، مجرد "براز" لثقافة الخرافة الدينية والاجتماعية السائدة منذ عصور الانحطاط. وبالتالي فإن ممارساتهم "العلمانية" كانت دوما في خدمة الاستبداد الديني والسياسي الذي خرج من ثوب تلك الخرافة، فكانت وبالا على شعوبهم. ( سلطة رجال الدين، ومصالحهم، لم تنقص منها شعرة واحدة في ظل تلك الأنظمة، بل ترسخت وزادت)
هم، من تسميهم بـ"العالمانيين"، فشلوا لا العلمانية. لأن الكثيرين منهم ربطوا العلمانية بمصالحهم الخاصة أو الطائفية. ومن حسنت نواياه منهم لم يدرك أن العلمانية، إن لم تمارس في ظل الديموقراطية، تتحول إلى وسيلة من وسائل الاستبداد بيد الديكتاتور الحاكم.

3 - "المشروع العملي" الملح للمثقفين العرب، اليوم، هو نشر الثقافة الديموقراطية بين شعوبهم.
وهو، لعلمك، مشروع عظيم يتطلب جهدا ومثابرة وتضحية. ( يتطلب، في جملة أشياء أخرى كثيرة، الكشف عن أشكال الاستبداد الديني والسياسي، وارتباط مصالح الغالبية الساحقة من رجال الدين مع مصالح السلطان وحاشيته، وتوافق مصالح هاتين الطبقتين "الحاكمتين" مع المصالح الإسرائيلية والاستعمارية في المنطقة.)

أعتذر إذ سميتك بزوربا، لعلني ظننتك إياه،

عامة أنا أحترم زوربا للغاية، وهو زميل في منتدى آخر، مع خلافي معه كثيرا في أسلوب طرحه وفكره، لكنني من أنصار أن خلاف الرأي لا يفسد الود... وظني بأنك إياه ينبع من اتحاد الأسلوب والمصطلحات الخاصة التي لم أعهدها من غيره.

أكرر اعتذاري، وآمل أن لا تؤاخذني في ما صدر مني من خطأ، وجل من لا يخطئ، وهو ليس بسهم مسموم عزيزي، فلا يكونن في صدرك مني شيء، ولو أردت شيئا لقلته صراحة دون خوف.. وحواري مع زوربا كان يسعدني دوما، دون أن أطمع في تغيير رأيه، أو أن أخضع فأغير رأيي، مقصود الحوار معه أو معك هو التعرف على الآخر وتلاقح الأفكار، أما تغيير المبادئ فليس موضوعه النادي هنا، وإن أمكن أحيانا.

سأعود لمناقشة ما طرحته من أفكارفي المداخلة القادمة، بعد تقديم الاعتذار هنا.

اعتذر مرة اخرى لصاحب الموضوع ( بعد سهيل ) بسبب خروجنا عن الموضوع الاصلي , مايلفت النظر بمشروع الزميل خالد هو الضبابية ولذا سوف
احاول توضيح مااستوعبته لعلنا نفهم على الاقل مايريد ( ليس هو شخصيا طبعا ) وبلغة عربية من القرن العشرين :
- لم يستطيع احد ان يطبق الشريعة الاسلامية و بوجهها السياسي ( الخلافة ) حتى الخلفاء الراشدين انفسهم !
- لن يطرح خالد ومن معه مشروعهم حتى تفشل العلمانية بالعالم , وبذلك هو يدعونا لشراء سمكه و هولايزال بالبحر الميت .
- الافكار الغربية ( شيوعية - علمانية - اشتراكية الخ ) فشلت بالتجربة ( احيانا ) ولذلك هي فاشلة بالمطلق ولكن لايمكننا تطبيق نفس الكلام على الشريعة ..!
- لا يمكن للبشر ان يتفقوا على اي شيء بمافيه العقل او حتى الشرائع الدولية ولكن يمكنهم ان يتفقوا على الشريعة الاسلامية لان مصدرها رب
المسلمين بما معناه ان كل شعوب الارض غير المسلمة سوف ... !
- يحق للاسلام مالا يحق لغيره والانظمة العربية هي نسخة كربونية عن الجمهورية الفرنسية ..
- جميع الدول التي تتخذ من الاسلام شعارا لها هي بالحقيقة لا تطبقه ( الكل فاهم لاسلام غلط يعني ) ..

اتمنى ان ينيرنا خالد ببعض الافكار اذ انني اعتقد انه يجب التريث حتى يوضح الرجل مشروعه او على الاقل ومضات منه لانه انه من غير المجدي
ان تناقش فلان وانت لاتعرف ماذا يضمر , او لننتظر معا نهايه العالم وسقوط جميع الانظمة حتى يطرح الاسلاميون حلهم المزعوم ..
بالمناسبة جميع الاسلاميين لهم معالم واضحة من حيث طرحهم لمشروعهم بشكل مباشر ودفاعهم عن اساطين الاسلام وخلفائه ومن هنا يمكننا
نقضهم او على الاقل نقاشهم ومعرفة ماذا يدور في خلدهم ..

عزيزي الفرد المتميز

لا يوجد ضبابية في طرحي لأنني لم أطرح مشروعا، ولا أظن أني سأطرح أي مشروع خلال السبع سنوات القادمة على الأقل، وأنا صريح بهذا..

ابتداء ليس الإسلام حزورة لا يمكن حلها، ولا يمكن أن يكون التاريخ هو مصدر الإسلام حيث أن الإسلام نفسه يرفض أن يكون مرجعيته التاريخ، مرجعية الإسلام هي في نصوصه الموجودة في القرآن والسنة، منها نعرف ما هو الإسلام، ومنها نعرف إن وجد في الدنيا أو لا، ومنها نعرف، وهو المهم بنظري إن كان الإسلام موجودا في حياتنا اليوم أم لا.
الدول القائمة في العالم الإسلامي لا يزعم منها أنه دولة إسلامية ما خلا السعودية وإيران ونظام طالبان الحاكم سابقا في أفغانستان، والسودان في فترة ما.. فكيف ننسب إلى الجمهورية المصرية أنها تحكم بالإسلام وهي نفسها ترفض هذا الإتهام.
عزيزي، لا أدعوكم لشراء مشروعي، ولا لشراء سمك في البحر، كل ما هنالك أدعوكم لطرح مشروعكم، وأعد أنني سأدعمه إن ثبت لي أنه مشروع يؤدي لنهضة الأمة، بغض النظر عن الدين، لكنني لا أجد لدى طروحاتكم أي شيء مفيد للأمة، وليس من فحوى لذلك المشروع إلا الهجوم على تاريخ الأمة، وعلى فريق منها ممن يخالفكم الطرح الأيدولوجي، على أن الفريق الآخر ليس بخير منكم، هم يدعون لتقديس التاريخ فيما أنتم ترفضونه بجملته، إلا من رحم ربي من كليكما، وكلاكما كلما دخلت أمة لعنت أختها، يعني لا جديد، كطاعن ردفه ليقتل نفسه.

عزيزي، حين ندعوكم لطرح ما لديكم من أفكار، فليس لنطأطئ رؤوسنا تجاهها، بل إن مجرد طرحكم لها لا يعني بالضرورة صحتها، وحيث أن الإسلام ليس بمطروح في هذه العجالة، فلن يفيد تبادل الردح من قبيل "التجربة العالمانية فاشلة، بل تلكم الإسلامية"، ليس الإسلام بمطروح على الطاولة الآن، بل مشروعا عربيا ديمقراطيا عالمانيا، على افتراض وجود المشروع، وهو المطلوب نقده حيث أنه مقدم لتحريك الأمة على أساسه. حين نضع الإسلام على الطاولة كمشروع فليقم منكم من يريد بنقاش ما يريد.

الاختلاف الأصولي بين النظريتين العالمانية والإسلامية يحيل أن ينقدا بنفس الطريقة، ذلك أن نقد من اعتمد الإنسان أصلا لوضع قواعد السلوك يغاير نقد من اعتمد موجد الإنسان أصلا لوضع قواعد السلوك، فيلزم من الأولى الإقرار بنقص الإنسان وعجزه وتأثره بالهوى والشهوات، ويلزم من الثانية الإقرار بكمال الموجد وتنزهه عن النقائص. وحيث أننا لا ندعو هنا للإيمان بالخالق المدبر كقاعدة يبنى عليها السلوك، فليست أصول الإسلام محل البحث... بل هي أصول العالمانية المبنية على العالم والإنسان بقدراته المعروفة لدينا ونقائصه الواضحة عندنا جميعا.

عزيزي، حين طرحت الجمهورية الفرنسية مثال لم أطرحه عن أنظمة الحكم، بل كان مثالا استنكاريا لكل من اعتبر الدولة الإسلامية هي الدولة التي تطبق نظام العقوبات الإسلامي... إذ لو صح أن تكون الدولة الإسلامية هي تلكم الدولة التي تقطع أيادي السارقين وتجلد الزناة، لوجب أن تكون الدول العربية بمعظمها نسخا عن الجمهورية الفرنسية إذ أنها تطبق نظام العقوبات الفرنسي.. أما والحال ليس كذلك، لا يقال عن السعودية دولة إسلامية لأنها تطبق نظام عقوبات يزعمون أنه إسلامي، كما لا يقال عن سوريا أنها نسخة من الجمهورية الفرنسية لأنها تطبق نظام العقوبات الفرنسي، لأن نظام العقوبات بصراحة ليس هو نظام الحكم، ولا هو نظام الحياة العام في الدولة، وليس إلا مؤيدا تشريعيا لدولة طويلة عريضة.

الدول التي تتخذ الإسلام شعارا معروفة، وأحكام الإسلام المستنبطة من الكتاب والسنة أيضا معروفة، وباستطاعة أي قاض مبتدئ أن يقيس هذا على ذاك، فيخرج بنتيجة بسيطة أن هذه الدول لا علاقة لها بالإسلام، ولا علاقة للإسلام بها، وهذا ليس بمدح ولا ذم، بل هو وصف لواقع الحال، قد تكون دولا دينية، لكنها ليست دولا إسلامية بحال. أعني إيران والسعودية وما شابههما.

عزيزي الفرد المتميز،

لا مشروع لدي سيطرح قريبا، بل أدعوك وغيرك من العالمانيين العرب، والليبراليين العرب، أن تتقدموا وتطرحوا مشروعا مفيدا غير مستند على قتال طواحين الهواء، فنقدكم للإسلام الغائب، وغياب النقد المفيد لوقائع المجتمع ومشاكله المتجددة، وتعليق كل المشاكل على غائب، وتعليق كل الحلول على منتظر، هو أمر لا يخالفكم فيه الإسلاميون بصراحة، كل ينتظر مخلصه، وكل يضع الذنب على غيره، ولا مشروع مفيد لكلا الطرفين.

اطرحوا مشروعكم وسأنقده، وحين يتحرك تحركا جادا مفيدا للأمة سأضحي من أجله حتى يصل، سيان أقتنعت به أم لا، لكني واثق كل الثقة أنه لا مشروع لدى كليكما، ولا تضحية تلزم مني لكلا المشروعين المفقودين، وسيطول انتظاري قبل رؤيتي مشروع يمكن العمل معه وفيه لإنقاذ الأمة مما هي فيه.

رؤيتي لفشل العالمانيين العرب قياسا على فشل الاشتراكيين العرب ليس سببه عيب في الفكرة ذاتها، وإن كانت معيوبة برأيي لكن ليس لحد الفشل المطلق، رؤيتي هذه تنبع من سلوك القائمين على الفكرة من أبناء جلدتنا، إذ يصرون على الإستيراد بمنطق حماميز الله، والقطيعة مع الأمة وماضيها، مع الإستعلاء عليها وجعل أنفسهم طبقات متميزة.. هذه المعايير تفشل أي تكتل فكري، سواء منها ما قام على الإسلام أم غيره. الإسلاميون في الساحة يختلفون في أمرهم بعدم القطيعة مع الأمة وماضيها، لكنهم يستوردون كما تستوردون، ويستعلون على الأمة كما تستعلون، لذلك شاركوكم بالفشل وانفردوا بحب الأمة إلى حد ما، حتى أمد قريب حينها سنرى الأمة تلفظ الجميع وأتمنى حينها أن لا تيأس الأمة من حل فتنقرض.

سأعود لنقاش مداخلة "أبو نواس" ليلا.

ارى انك تجاهلت كل كلمة قلتها وقالها الصديق ابو نواس وقفزت الى الامام باستنتاجات غريبة !

طيب اذا كانت الدول العربية ليست علمانية على النسق الغربي اللذي ننشد ولا اسلامية كما تتاملون فلماذا تحملون فكرة العلمانية فشل النظام العربي الحالي
و الان تقول انك تعزو الفشل للاشخاص فهذا المنطق غير صالح بنظري , الاسلام ليس بغائب ابدا , يمكنك القول ان الاسلام غائب عن ايرلندا مثلا ولكن
طالما تتحدث عن بشر نخر بهم الاسلام حتى النخاع و من ثم قاموا لتجربة عمرها اقل عن مئة عام بعد ان جربوا الاسلام لثلاثة عشر قرنا فلا تعيب عليهم
الفشل كبداية و ليس من حق احد ان يقول ان سلاطين بني عثمان مثلا لم يكونو مسلمين , لانه وبحسب منطقك هم وبني امية والراشدين وكل الخلفاء
كانوا مسلمين بحق لانهم ببساطة قالوا انهم يحكمون بشريعه محمد وهذا سبب كافي لاعتبارهم كذلك مثل ماتقول ان مصر ليست اسلامية لانها
لاتعرف نفسها ب الاسلام دين للدولة - رغم ان الدستور يشير الى ان دين راس الحكم هو الاسلام - اما ان تقول بان الراشدين لم يطبقوا الشريعة بحق فهذا يحتاج لتوضيح منك ...
دعك عنك كل هذا , ما اراه ان الدول العربية ليست اسلامية هذا صحيح ولكنها ليست علمانية كما نعرف نحن العلمانية فلاتحاججنا على فشلهم
ان كنا اساسا لانعترف باصالتهم , فكما انتم تقولون ان السعودية ليست بدولة اسلامية لانها لاتتفق مع هواكم فبنفس الحجة نحاججكم ..
نحن كعلمانيين لدينا مثال نطرحه - الدول الغربية - بكل عيوبها و حسناتها فهي ان شئنا ام ابينا افضل ممثل لنا , على ان ضرب المثال والاقتداء
بالافضل لايعني العبودية او الانقياد الاعمى كما تحاولون التصوير انما هو فقط لاخذ التجربة وفهم جوانبها والانسان لايضره ان يقتدي بمن هم
اكثر علما وتجربة منه , فهم بالنهاية لم ياتوا من المريخ او الزهرة وانما بشر واخوة بالانسانية على اقل تقدير ..
كل مانريده هوالافضل للامة سواء كان ذلك الحل اسلاميا ام شيطانيا , ونحن على هذا متفقين , اليس من حقنا ان نرى بضاعتكم حتى نحكم
بانفسنا مدى نجاعه الحل اللذي تدعون , فاعطونا مثالا واحدا للحكم اللذي تبتغون - هل هذا كثير - اما اذا كان مشروعكم مجرد افكار على
الورق فبرايي لا يستحق الامر ان نضيع وقتنا فيه بوجود تجارب من سبقونا , فليس لدينا وقت للتجربة و المقارنة وبقية البشر وصلوا القمر !
-----
اتمنى ان تدعوني بمعرفي كماهو ولاداعي للسخرية فهو مجرد nickname ليس الا ..

ليست مشكلة ..... و لو انكم زودتوها بموضوع الخلافة و كان ممكن تفتحوا موضوع تاني ...