عزيزى ابراهيم
كيف حالك ، عساك بخير
اقتباس:اعتدنا كمسلمين أن نرى أننا أولى من غيرنا بالأخلاق والتُقى والعفاف وسائر المحاسن التي يتجّمل بها الإنسان. يذهب الشيخ محمد عبده إلى بلاد الغرب ويتأسف على حال العرب ويقول إنه وجد في بلاد الكفر إسلام ولم يجد مسلمين. كل شيء جميل يريدون اختزاله وبالقوة الجبرية لصالح الإسلام وكأن الكون يبدأ بالإسلام وينتهي بالإسلام ولا يخرج عن هذه الدائرة. لا فضيلة عندهم إلا ومصدرها الإسلام، ولا أخلاق عندهم تضارع أخلاق المسلم، بما في ذلك كله من اختزال لـ "الآخر" وموقعه من الدائرة الإسلامية.
فعلا هذا حال اهل الدين فى كل زمان ومكان ، فالمسيحى يرى انه اولى بالاخلاق والتقى والعفاف وسائر المحاسن المسيحى يعيش فى المسيح والمسلم يعيش فى الله.
واهل الدنيا كذلك سواء كانوا ملحدون او علمانيون او بتنجانيون ، يرون انفسهم اولى بالانسانية وكل منهم يفسر الانسانية والخير على هواه ووفقا لما يرى عقله.
اقتباس:باعتقادي، العبادة المؤسسة على الخوف هي استعباد لـ عبيد وما فيها من التعبد شيء. ليست هكذا أخلاق الأحرار! وباعتقادي كذلك أن العبادة المؤسسة على الـ "أجر" و"الثواب" هي دعارة ربانية فيها يقدم الإله رشوة لعابديه فتارة يستعمل الخوف وتارة أخرى يستعمل الإغراء: الخوف من عذاب النار والإغراء بشبق الجنة والإنتعاظ مع الحور العين في أجواء ذكورية فيها البعل هو الآمر الناهي، والأنثى المسكينة ألعوبة الرجل لتلهيته.
هناك من العقلاء من يهتدون الى الفضيلة بعقلهم ، ولكن هذه ليست صفة جامعة للبشر ، وفى الايمان هناك كما قال السابقون انماط من طرق العبادة ويرون ان من عبد الله خوفا من النار فهى عبادة العبيد وهناك من عبد الله طمعا فى الجنة وهى عبادة التجار وهناك من عبد الله لأنه يستحق ان يُعبد وجدير بها وهى عبادة الاحرار. ولكن كما قلت لك درجة الحكمة والمعرفة غير واحدة حتى نقصر الخطاب لفئة بيعنها من العابدون.
اما الدعارة الربانية (جازاك الله بها) او كما اسميتها لا حقا بسياسة العصا والجزرة فهى موجودة فى كل الاديان وفى الدنيا ايضا ، هل الخلود فى الملكوت للمؤمنين والجحيم والموت لغير المؤمنين لا تندرج تحت اعمال بوليس الاداب الكونى الذى تنظمه فى عقلك ام تعتبرها براءة علشان ما فيش فيها نسوان. أليست سياسة العصا والجزرة ايضا تتبع مع من يؤمنوا فى أى دين.
وفى الدنيا (من جد وجد) ومن حقق الحلم الامريكى دخل الجنة التى على الارض ، ومن اطلق لعقله الحرية تحرر من الخرافة والاسطورة وعاش سعيدا هى ايضا سياسة العصا والجزرة ولكن كما يعتقدها البشر.
اقتباس:لا أكتمكم سرًا إني ضحكت وضحكت عندما قرأت سؤال أبي حيان التوحيدي لـ مسكويه وكأني أردت أن أشد على يديه وأقول له مداعبًا مشاكسًا: الآن فقط عرفت لماذا يطلقون عليك تهمة الزندقة. الزنديق فنّان في طرح الأسئلة التي تجعل محرك العقل يتحرك ويعمل بنشاط وهمة، وأمام عقله النشيط لا رادع ولا بهاليل ولا دراويش ولا عذاب يوم الدين وتكنيكات الرعب ومسلسلاتها هذه. وفي حين يظن المسلم أن الناس يفعلون الخير لأنهم يطبقون الإسلام فالدهري أو اللا ديني- عند أبي حيان التوحيدي- لا يطبق الإسلام ولكن هناك ما يحرّكه على الخير وأداء الأمانة والالتزام الأخلاقي وأداء واجباته بضمير والرحمة بالمتألمين والمبادرة إلى نجدتهم. يفعل كل هذا وهو لا يرجو ثوابًا ولا ينتظر مآبًا، ولا تحكمه ذهنية "الترغيب والترهيب" الإسلامية أو فلسفة العصا والجزرة. إنه يفعل الخير لذات الخير ولا يرجو ثوابًا لا من إله أو إنسان. لسان حاله هنا وهو لا يخضع لشرع الإسلام ولا يحتاج إليه ما جاء به أبي العلاء المعري في لزومياته:
وأعبد الله لا أرجو مثوبته لكن تعبد إعظام وإجلال
أصون ديني عن جُعل أؤمله إذا تعبد أقوام بأجعال (أجور)
المهم انه يعبد الله ولكن هذه لنفسه ، وماذا عن تعامله مع البشر ، هل معياره عقله ام ما يرضى الله!!
على سبيل المثال الالتزام الاخلاقى للوطن ان لا اخونه مع العدو ، ولكن عند انتهاج الوطن لسياسة عنصرية تجاه افكارى ومعتقداتى او تجاه اهلى وعشيرتى تحديدا ، هل سيظل نفس الالتزام الاخلاقى قائم ؟
والالتزام الاخلاقى تجاه المتألمين ممن يواجهون احتقار المجتمع لهم نتيجة لسلوكياتهم مثل المثليين يتساوى مع الالتزام الاخلاقى تجاه من يتألمون للفظ المجتمع لهم بسبب لونهم.
لو تركنا الامر لعقولنا فى تقدير معنى الخير ومعنى الالتزام الاخلاقى فسنجد ان للكل الحق فى الحصول على هذا الالتزام تحت مسمى حقوق الانسان وكل صاحب حجة سيحصل على بعض التأييد حتى اننا سنجد من الرجال من يحصل على التأييد فى حقه فى يكون انثى وسنجد الفتاة التى تبلغ الثامنة عشر من حقها ان تحيا كما تشاء ، وسنجد اخيرا ان من مصلحة الشمال ان يحيا فى رقى مستغلا الجنوب وجهله وتخلفه ، هل سمعت يا ابو خليل عن نظرية الاوانى المستطرقة ؟
اقتباس:وما يحركه هنا ليس الجنة المحمدية ومواخيرها
حلوة حكاية المواخير دى يا ابو خليل ، فأنت تصر على قياس الامر بعقلك البشرى وتنسى اننا مخلوقات لله ، فقد يستحى الرجل او المرآة من يخلع ملابسه امام الطبيب او من الكشف على اجهزته التناسلية وقد يتحمل الالم ولا يذهب للطبيب إلا مضطرا ، ونفس هذا الانسان لا يستحى ان يخلع ملابسه تحت الدش ولا يستحى ان يلامس الصابون والماء اعضاءه التناسلية ، عزيزى ، نحن مخلوقات لله ولسنا اندادا لله .
بصورة بسيطة هل رأيت الفيل يا ابو خليل ... لأ بجد بقى ... هل جربت ان تربى عصافير .. وهل لا حظت مدى روعة انثى الكناريا وهى تقف مستندة على كتف الذكر فى القفص .. الم تضحك من منظر الذكر وهو يمارس الجنس مع انثاه .. هل وجدت فى هذا ما يعيب ؟ هل لو مات الذكر او الانثى الا تسارع بشراء بديل للطرف الثانى ؟ هل يعد هذا نوعا من المواخير فى بيتك؟
اكرر يا ابو خليل نحن مخلوقات لله ولسنا اندادا له
ان ما تقوله يا ابو خليل يذكرنى بالنكتة التى تحكى عن ان احدهم ذهب للعطار وسأله هل لديك لبان دكر ؟ فقال نعم ، وسأله هل لديك لبان نتاية ؟ فقال نعم ، وسأله هل تغلق عليهم المحل ليلا ؟ فقال نعم ، فقال له آآه يا معرص........ يبدو ان المشترى كان وهابى.
تصدق بالله يا ابو خليل انا نفسى احنا الاتنين ندخل الجنة ، وانت تبقى ملاك عمال يصوصو ويسبح وبس ، وانا عمال اركب وابوس واشرب خمرة واكل حمام مشوى ، عليا النعمة ده انا كنت اعقدك ومش ها يحلا لى اعمل الدور إلا امامك واغيظك.
اقتباس:وإنما هو الشوق ذاته إلى هذه المحاسن وتلك الفضائل لذاتها جميعًا وليس رغبة منه في رشوة الإله لعله يفوز في الآخرة بقطعة شيكولاتة. يفعل الإنسان هذا ببساطة لأنه كما قال مسكويه "بما هو إنسان" بحق الناموس الأدبي المطبوع في سريرته ووعيه الباطن.
كلام نظرى ولا يصلح الا للتسلية فقط ، لقد نفى الضعف البشرى عن نفسه وعن الناس ، كما قلت لك هو يتكلم عن مرحلة عليا من الايمان لا تتفق مع معظم اهل اى دين او مذهب ، فلا كل المسلمين على قلب رجل واحد ولا المسيحين ولا الشيوعيين ولا العلمانيين ولا الناس كلها.
يعنى يا ابو خليل خلينى معاك للاخر ، لو جبنا عشرة رجال ووضعنا فى طريق كل واحد منهم قطعة ذهبية ، ترى ما تصرف الجميع فى هذه الحالة والجميع يعلم من صاحبها ؟ سأترك لك الاجابة
وخلى بالك انا بأضرب مثل على عشرة رجال وليس مليون ولا عشرة مليون رجل.
ترى كم رجل ستجعل سياسة العصا والجزرة سلوكه جيد
وكم رجل سيفعل ما يفعل نسكافيه اللى بتقول عليه
وكم رجل لن يفرق معه لا عصا ولا جزرة ويقول احيينى النهاردة وموتنى بكره.
ان تطبيق وتعميم وجهة نظر نسكافيه من ان الله حلو ولذيذ ومد ايدك يا حبيبى ولاعبه ده مش بيعض لن تجدى على طول الخط وخاصة انها تناقض اهم المبادئ فى الايمان وهى ان صاحب الشأن قال على نفسه انه عنده جنة ونار ، اقوم اقوله ولا تفرق معايا ، ده انت اللى حبيبى وبس ، وحتى لما يموت ابنى اقوله برضه بحبك ، وحتى لما يرفدونى من الشغل اقول برضه بحبك ، انت لم تجرب حالات الياس والاحباط يا أبو خليل ولا سكر حلوة الدنيا سكر معاك.
يا ابو خليل انت تتعامل مع الغيب وتتعامل مع الله الذى لم يراه احد ، ولابد من سياسة العصا والجزرة مع بعض البشر حتى يؤتى الامر ثماره وهناك من البشر من لا يفرق معهم العصا والجزرة فى الطاعة او الكفر فمنهم من أدرك الله ورآه بعقله ومنهم من لو حتى رأى الملائكة فلن يؤمن ، ولا انت نسيت حكاية اولاد آدم.
اقتباس:وأيضًا يفعل الإنسان الخير قبل ورود الشرع إليه أي قبل "غسيل الدماغ" بالدين. وإذا جاء الشرع (الدين) فإنه إنما يؤكد على ما هو حاضر حالاً في فطرة الإنسان لمجرد كونه إنسان "بما هو إنسان". يأتي الدين لاحقًا ويقول: "موافقون يا فندم" ولا يخترع فضيلة فيغرسها في نفس الإنسان لأنها من الأساس حاضرة فيه من حيث هو إنسان.
مش مضبوط يا ابو خليل فقد كان فى الماضى السحيق يقدم بعض الناس أولادهم قربانا للآلهة وكانوا يعتقدون انهم يفعلون الخير ، وبعض القبائل تخرم انوفها واذانها كمعيار للرجولة ، المفاهيم نسبية من مجتمع لآخر والخير نسبى بين البشر ووظيفة الدين توحيد مفهوم الخير لمجموعة من الناس.
اقتباس:هكذا نظر مسكويه لأخلاقية الفضيلة ودور الدين فيها، وليتنا نتعلم منه فلا نحتكر الفضيلة على فريق من المتدينين ورجال الكهنوت بل نراها بأمانة ضميرٍ حاضرة في كل إنسان "بما هو إنسان". التدين يأتي لاحقًا ومعه تأتي العقد النفسية وتحليل هذا وتحريم ذاك وجلد الضمير وعقدة الذنب وهوس الدين وأفات التدين الشهيرة كلها.
حلوة ربط الفضيلة برجال الكهنوت ... وربط التحليل والتحريم والجلد بهوس الدين ... آآآه ه يا لئيم
اقتباس:لذلك قال مسكويه بعبارة أنيقة سلسة بليغة: " شوق إلى المحاسن لا لشيء آخر أكثر من الفضائل والمحاسن التي يقتضيها العقل، وتوجبها الإنسانية". أجلّ، هذه المحاسن تستحق التعب في سبيلها والسعي لأجلها هي فتصبح هي في ذاتها غايات تفرضها علينا مبادئنا الإنسانية لا وسائل لنوال الجنة المحمدية. ما أنبل الفضيلة إذ ذاك، ويا لعهرّ التعفف عندما يكون نابعًا من خوف عذاب النار إذ يقدم العبد رشوة لربه!
خلاص يا ابو خليل ما رأيك ان يأتى لك احدهم ويقول اريد ان اكون مسيحيا مخلصا ولكن لماذا تعمدنى هل الله يحتاج ان اقدم له رشوة بأن أستحمى من اجله وما الداعى للتعميد اذا كنت أؤمن بالمسيح وجئت اشهد بانه الرب او ابن الرب وما فائدة ما يحدث للجسد من طقوس اذا كان المسيح يريد الروح.
هل تستطيع بينك وبين نفسك ضمان الملكوت له ام ماذا ؟ ام ستخاف ان توافقه على الرأى بل وتطلب منه تقديم هذه الرشوة حتى لا يحرم من الملكوت ؟
طبعا قصدت ان اقدم مثال لا يتفق مع تطرح لكن المفهوم الاسلامى للخوف من عذاب الله هو لسلامة البشر وليس لمجد الله وهذا امر شرحه يطول.
اقتباس:خلاصة قول مسكويه هو أنه مادام لديك "غريزة من العقل" و"نصيب من الإنسانية" فهما كفيلان ببثّ حركة نحو الفضائل وشوق إلى المحاسن فيك أو دون حاجة إلى خضوعك للشرع المحمدي. وماذا جنينا من وراء هذا الشرع؟ انتكاسة لبربرية العصور الأولى في همجيتها البشعة. هذا سارق اقطعوا يده وهذه زانية ارجموها حتى الموت وبئس الشريعة! وبماذا يفيدني تعطيل أحكام الشريعة الإسلامية إلى أجل مسمى؟ أهي هجعة الوحش الكاسر إلى أن يستجمع قواه فيبطش بالزانية والزاني ويخلق مجتمع من المشوهين نفسيًا وجسمانيًا كله عاهات وعقد؟
يا راجل قول كلام غير ده ، هو عدم البطش بالزناة نتائجه التحضر والتقدم ام نتائجه حاجة تانية تطلع للانسان ... وبعدين يا ابو خليل انت عارف كويس ان المسيحية ليس لها علاقة بقانون الدولة وترى انه ما لله لله وما لقيصر لقيصر وانها رسالة انسانية ولا تهدف لاقامة دولة ،
ام انك تريد بالمسليمن خيراً؟ عموما جازاك الله كل الخير وانا كمسلم اوافق على الشريعة فى ان تطبق على الزانى ما دام قد استهتر بالناس واعراضهم. مش الموضوع حرية شخصية برضه ولا الناس احرار عندما يفعلون ما يريده غيرهم وليسوا احرار فيما يريدونه فى انفسهم.
عموما لك منى كل المحبة