إشكالية تناقض الأحكام التي تتصل بالمقدس
مقدمة :
لطالما أرقتني قضية الأحكام التي نطلقها على القضايا التي نواجهها في حياتنا ، أحكام الصح والخطأ – الشرعي وغير الشرعي – الأخلاقي وغير الأخلاقي . وكم من مرة استهلكت معي قضايا بسيطة من وقت لتحديد صحة الحكم الذي أطلقه أو عدم صحته .
وقد توصلت أخيراً إلى قناعة مفادها أن أحكامنا نسبية الصحة وبهذا لا يوجد حكم صحيح على الإطلاق ولا يوجد حكم خاطئ على الإطلاق وأن الظروف في كثير من الأحيان تحكم صحة الاتجاه الذي نتبناه والحكم الذي نطلقه غالباً .
ومن هنا سنقوم بطرح دراسة تحليلية لعقلية زميلكم على نور الله كحالة متدينة لها مدلولاتها الخاصة والعامة ، وسوف نبين في هذه الدراسة تناقض الحكم الأخلاقي لدى زميلكم كمتدين وليس عدم أخلاقيته كمتدين ، فهناك فرق شاسع بين الهدفين فأخلاقيات زميلكم لا تعنينا فعلاً ولكن ما يعنينا تناقض الحكم الأخلاقي ، ومن هذا التناقض سننطلق لنسأل سؤال مهم ألا وهو هل يستطيع من يعتقد الشيء ونقيضه في الحالة نفسها والظرف نفسه والوقت نفسه الحكم دون الخضوع للانحرافات الفكرية الكامنة في الوعي واللا وعي ... ؟
توضيح لا بد منه :
قبل أن أخضع زميلكم للدراسة كنت قد فكرت على محورين لتحقيق أهداف هذه الدراسة التوضيحية للآليات التي تحكم تفكير المتدين ، فالأهداف كنت قد شرحتها سابقاً وقد وافق عليها زميلكم .
المحور الأول : ما هي القضية الأخلاقية التي سأطرحها والتي تأخذ أقصر وقت ممكن ولا يختلف عليها كثيرين حول تقييمها أخلاقياً . فكانت قضية فتوى الخميني الذي يدين زميلكم له بالولاء والتبعية حول مشروعية الاستمتاع بالرضيعة .
المحور الثاني : ما هو الأسلوب الذي سنتبعه في دراسة زميلكم بحيث يأخذ أقصر وقت ممكن وأقل عدد من المداخلات من قبله حيث أنه معروف عن المتدينين في نقاشاتهم حبهم للمماحكات وتدوير الزوايا وتمييع القضايا .
وبالتالي حشر الزميل في الزاويا التي يحب أن يدورها (كحال كل المتدينين) بحيث أنه حتى لو لم يجب أو أعطى مبررات واهية لعدم جوابه فإننا قادرين على استنتاج نتائج مفيدة ومقبولة نوعاً ما .
من سيعيد قراءة المداخلة رقم (
33) سيعرف الآن لماذا أدرجنا الحكم المسبق على الحوار بالعقم (رغم صحته) ، فهو محاولة لإشعار الزميل بأنه قادر على الحصول على نقطة وبالتالي اغتنام الفرصة وترك الموضوع قبل أن يفلت من يده وهذا ما حصل .
إن الزميل على نور الله عادة في نقاشاته لا يخرج عن نسق معين قد لا يشعر به هو ولكننا نعرفه تماماً وبالتالي هدف موضوعنا حتى الساعة لمن لا يعلم لم يخرج عن السكة المرسومة له .
الدراسة :
تم تشكيل الدراسة على شكل مجموعتين من الأسئلة المجموعة الأولى وهي (عينة المقارنة) والمجموعة الثانية الأسئلة الافتراضية وهي عينة التقييم ... والحقيقة أنه تم وضع مجموعتين متناقضتين في الشكل متماثلتين في الجوهر بحيث أن جواب زميلكم على العينة الأولى كان كافياً ، وعدم إجابته على العينة الثانية التي هي العقدة في المنشار (وقد أدرك هو ذلك وكرس انسحابه ) لا تقلل من أهمية الاستنتاجات لإننا سنأخذ جميع الخيارات المحتملة للمجموعة الثانية .
المجموعة الأولى :
السؤال الأول :
1- هل تعتبر أن الخميني هو مرجعيتك الفكرية والأخلاقية ؟
الإجابة :
- نعم (هو مرجعيتي الفكرية والأخلاقية) .
- لا (هو ليس مرجعاً صالحة فكرياً و أخلاقياً) .
جواب الزميل :
نعم هو مرجعيتى الفكرية و الاخلاقية .
----------------------------------------------------------------------------------------------------
السؤال الثاني :
جاء على لسان الخميني في مؤلف تحرير الوسيلة كتاب النكاح النص الآتي :
(لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين ، دواما كان النكاح أو منقطعا ، و أما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة و الضم و التفخيذ فلا بأس بها حتى فى الرضيعة ، و لو وطأها قبل التسع و لم يفضها لم يترتب عليه شيء غير الاثم على الاقوى)
2- هل تعتبر أن النص السابق الصادر عن الخميني نصاً أخلاقياً ؟
الإجابة :
- نعم (نص أخلاقي) .
- لا (نص غير أخلاقي) .
جواب الزميل :
نعم نص اخلاقى .
-------------------------------------------------------------------------------------------------------
السؤال الثالث :
3- مؤمن متدين لا على التعيين (ليكن شيعي مثلاً) يطبق نص فتوى الخميني السابقة (يستمتع حتى في الرضيعة) ، هل تعتبره شخصاً أخلاقياً أم أنه غير أخلاقي ؟
الإجابة :
- نعم (شخص أخلاقي) .
- لا (شخص غير أخلاقي) .
جواب الزميل :
لن اجيب ب(نعم ) او (لا)
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
تنقسم هذه المجموعة إلى ثلاثة أسئلة . إثنان منهما يتعلقان بالمقدس أو ما لا يمكن مسه نقدياً لدى زميلكم ، بينما السؤال الثالث وضع على شكل تطبيق على أرض الواقع لفكر هذا المقدس بحيث أنه سيكون أمام زميلكم عقدة تشغيل المحاكمات الأخلاقية في السؤال الثالث وبالتالي العجز عن الجواب فعلياً لإن من يقوم بهذا العمل غير مقدس ولكنه يقوم بعمل مشرع من قبل المقدس .
مثال توضيحي بسيط : نرى اليوم المسلم (المتدين) لا يقر ملكات اليمين كعمل أخلاقي (على الأقل ظاهرياً) ، ولكنه في المقابل لا يستطيع أن يستغني عن هذا النص المقدس لأنه ببساطة مقدس بالنسبة له .
ومن هنا نرى ان جواب زميلكم عندما تعلق الأمر بالمقدس كان نعم (بدون تفكير ولا حتى تمهل) ، وعندما بدأنا بفصل المقدس في التطبيق عن النظرية بدأ عقل زميلكم يعمل ولو جزئياً في محاكمة القضايا واضطر إلى الاحتجاج بأن السؤال خطأ .
فالسؤال من جهة متصل بالمقدس ومن جهة أخرى متصل بغير المقدس ، وبالتالي كان بين البينين لم يجب بنعم أولا ، فإذا قال نعم إنزاح لجهة المقدس ولكنه ظهر بشكل واضح على أنه غير أخلاقي وبالتالي حكمه الأخلاقي منحرف ، وإذا قال لا ظهر على أنه أخلاقي ولكنه يضحي برصيده الإيماني كله .
ورغم أن المذاهب الشيعية على عمومها تقول بأنه لو تعارض العقل والنقل فالتغليب للعقل ، لكن علينا أن لا نخلط هنا بين عقل الإمام وعقل المجاميع التابعة فهنا المقصود بالعقل عقل الأئمة وليس عقول الأتباع ... هذا التوضيح كي لا يلتبس الموضوع على أحد .
إن النتيجة التي نصل إليها من هذه المجموعة هي كالآتي :
إن كل رأي أو عمل يتصل بالمقدس مباشرة هو غير قابل للنقاش أو المحاكمة النقدية ، ولا تبدأ المحاكمات النقدية في عقل المتدين إلا عندما يبدأ الإنفصال بين المقدس والتطبيق .
فكلما تناقص حجم وجود المقدس في الموضوع كلما كانت الآراء الناتجة خاضعة لعمليات محاكمة نقدية أكبر ، ولا يمكن في النهاية تغييب وجود المقدس نهائياً لأنه متصل بأس الفكر لدى المتدين لا بأساس القضية تماماً .
فنحن نفاضل آراء المتدينين بين المتشوهة والأقل تشوهاً ...
طبعاً قد يقول أحدكم بأن أحكام المتدينين في بعض القضايا قد تكون منطقية وأفعالهم سوية ،
أن هذا صحيح فيما يتعلق في المواضيع الخارجة تماماً عن إطار المقدس تماماً (كالهندسة المدنية مثلاً) فقياسات البناء وشروط بنائه لا علاقة لها بالمقدس أبداً بالنسبة لمهندس مدني (متدين) .
أما المواضيع الداخلة في إطار المقدس ، قد تكون القضية المطروحة على المتدين قضية قد طرحت على المقدس وقد أخذ فيها موقفاً طبيعياً كباقي البشر كحسن معاملة الوالدين مثلاً ...
وغير ذلك لا يمكن لمتدين أن يحكم على قضية إلا من خلال موشور المقدس ...
المجموعة الثانية من الأسئلة الافتراضية :
السؤال الأول :
هل تعتبر أن التشريعات العلمانية هي مرجعيتك الفكرية والأخلاقية ؟
الإجابة :
- نعم (هي مرجعيتي الفكرية والأخلاقية) .
- لا (هي ليست مرجعاً صالحة فكرياً و أخلاقياً) .
جواب الزميل :
لا يوجد جواب
------------------------------------------------------------------------------------------------------
السؤال الثاني :
لنفترض أنه جاء في أحد القوانين أوالتشريعات العلمانية التالي :
(لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين حتى ولو تم الزواج قبل التسع سنوات (دون تحديد الحد الأدنى لسن الزواج) ، دواما كان النكاح أو منقطعا ، و أما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة و الضم و التفخيذ فلا بأس بها حتى فى الرضيعة (دون تحديد عمر أدنى للرضيعة ومع تحديد عمر أعلى كتسع سنوات ) ، و لو وطأها قبل التسع و لم يفضها لم يترتب عليه شيء غير غرامة مالية على الأكثر تحدد بحسب الحالة )
2- هل تعتبر أن النص السابق الصادر عن مشرع علماني نصاً أخلاقياً ؟
الإجابة :
- نعم (نص أخلاقي) .
- لا (نص غير أخلاقي) .
جواب الزميل :
لا يوجد جواب
-------------------------------------------------------------------------------------------------------
السؤال الثالث :
3- شخص يدعي العلمانية لا على التعيين (ليكن ساركوزي مثلاً) يطبق نص القانون السابق (يستمتع حتى في الرضيعة) ، هل تعتبره شخصاً أخلاقياً أم أنه غير أخلاقي ؟
الإجابة :
- نعم (شخص أخلاقي) .
- لا (شخص غير أخلاقي) .
جواب الزميل :
لا يوجد جواب
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
لقد وضعت المجموعة الثانية للأسئلة بطريقة إشكالية تستلزم أخذ موقف صريح لا يمكن لزميلكم أخذه فعلاً دون أن يبرز التناقض الذي يحمله بين طيات فكره .
لقد تم أخذ النص الصادر عن المقدس ونزعت عنه مرجعيته المقدسة وبالتالي أصبح لزاماً عليه أن يحاكمه كأي نص عادي آخر .
فمن يقر بمرجعية الخميني فكرياً وأخلاقياً ، لا يمكن أن يقر بمرجعية التشريعات العلمانية أبداً وهذا بديهي ولا يحتاج إلى شرح منا .
إن عقدة المنشار تبدأ من السؤال الثاني عندما تم اقتباس النص الذي وضعه الخميني ووضعه في قالب عملي كتشريع علماني يفصل أبعاد نص الخميني على أرض الواقع ، هنا ستلاحظون أن زميلكم أمام تناقض كبير وكبير جداً .
فإذا قال نعم ووافق على أخلاقبة التشريع لأنه يوافق نص الخميني مضموناً فإنه يقر بمرجعية التشريعات العلمانية الفكرية والأخلاقية وبالتالي هو على استعداد لأن يقر المرجعيات المناقضة لمرجعيته وهذا ما لا يجوز ويخلق إشكالية لا يمكن أن يتجاوزها زميلكم فهو لا يمكن أن يساوي بين المقدس وغير المقدس كمرجعية .
وإذا أجاب بلا أخلاقية النص سوف يكون أمام إشكالية لا تقل عن الإشكالية الأولى (إشكالية المرجعية المقدسة) وهي أنه يجيب بشكل غير مباشر على أن النص الصادر عن المرجعية المقدسة هو نص لا أخلاقي وبالتالي هو يناقض نفسه ويناقض مرجعيته وهذا ما لايمكن أن يحتمله .
طبعاً هذا السؤال جعل الجميع يستنتجون أن المشكلة تتلخص في المقدس في أي محاكمة عقلية .
نزع المقدس عن النص وسيؤدي إلى نتائج طبيعية في الحالات الطبيعية ، إضفاء طابع القداسة على النص ستجعلنا نحصل على نتائج منحرفة لنص منحرف ببساطة شديدة .
طبعاً السؤال الأخير في المجموعة كان محاولة منا لتقييم مدى مباشرة الجواب على لا أخلاقية الفعل الناتج عن نص من المفروض أنه لا أخلاقي ... وكان سيكون جواب زميلكم بلا أخلاقية الفعل لأننا نزعنا أمرين وجود الشيعي ووضعنا بدلاً منه العلماني (ساركوزي) ونزعنا الاتصال بالمقدس تماماً .
أو كان سيكون في أسوء الحالات بلا جواب تحقيقاً للاتساق الذاتي لدى زميلكم ...
من هنا سوف تستنتجون أكثر أن الموضوع يتمحور حول منطقية الأحكام التي يطلقها المتدين على المواضيع المختلفة الأخلاقية واللاأخلاقية .
فعندما تطرق زميلكم " للاستهبال الذى يمارسه ساركوزى من ان النقاب يحط من كرامة المراة" . وقضية دور الدعارة المرخصة وسؤاله عن مدى امتهان كرامة المرأة كان شخص ينظّر فيما يجب ولا يجب أخلاقياً تجاه المرأة وإن كان بشكل غير مباشر (إلا إذا كان يعتقد أن قضية الكرامة لا تتصل بالتقيمات الأخلاقية كما قضية فتاوي الخميني) ...
بينما عندما وضعنا له المقدس في منتصف الطريق إلى ساركوزي وإلى كرامة المرأة في الدولة العلمانية (لاحظوا عصفورين بحجر والحجر اللي ما بيعجبك ... ) ، أصبح يؤمن بأخلاقية فتوى الخميني على ما تحمله من لا أخلاقية واضحة وإنحراف فكري غير محمول ، بل وراح يمارس "الاستهبال " علينا ويبرر أخلاقية هذا الرأي معتقداً أن البشر من حوله "حمير أجلكن" ...!!
هذا هو سبب عدم قبولي الحكم الأخلاقي المبطن من قبل زميلكم على ساركوزي وعلى العلمانية التي تشرع امتهان المرأة في بيوت الدعارة في دولة علمانية من قبل شخص يمتهن كرامة المرأة "فكرياً وتشريعياً" ولا يعتقد في نفسه ذلك ... !!
بل الأدهى والأمرّ أنه شرع يسأل أين أطلق حكمه الأخلاقي ، وعاد وقال متكلماً عنا لأحدهم بالحرف الواحد " بس يا اخى انا احسنت به الظن و ربما يتعلم شيئا من اخلاق الاسلام العالية " وكأن هذا ليس حكم أخلاقي بلا أخلاقية الآخرين كونهم ليسوا على أخلاق الإسلام ...!!
والذي استنتجته على المستوى الشخصي أن الزميل ينظّر في الأخلاق ولا يشعر على نفسه أنه يفعل ذلك ...
ما علاقة ما سبق بموضوعنا النقاب ...؟
إن الموضوع الذي نقله الزميل طريف سردست موضوع مهم من حيث مضمون التجربة والاستنتاجات التي وصلت إليها الصحفية ونقلتها عن الآخرين في تجربتها القصيرة ، والتي وجدتها أنها استنتاجات تقارب استنتاجاتي في الحياة العملية وتقارب أحكامي على المنقبة ونظرتي لها بأنها غير موجودة أصلاً وبأنها تقارب الصفر في الوجود والتأثير ...
لكن الجميل في الموضوع أن أول من علق على الموضوع هو الزميل على نور الله وبدأ بالتعليق بأنها " تجربة غبية من صحفية اغبى و استنتاجات غبية جدا ." ، وعاد لينتقد المنقبات وأفعالهم بالغرب كونهم لا يتصلون بالمقدس خاصته ...!!
وكان من الممكن أن أدخل في نقاش طويل ومماحكات لا تصل إلى نتيجة معه ..
لكني ببساطة فضلت أن أوضح إنحراف أفكاره ولا منطقية أحكامه التي تتعلق بالمقدس خاصته ، عن طريق طرح موضوع مغاير في الشكل وتبيان مكامن الإنحراف وبالتالي سحب هذه التناقضات وإسقاطها على آراءه في النقاب أو الحجاب أو حتى التشادور وخلطها بمفاهيم الحرية والعلمانية والبهائم التي ترفض اللباس والسترة وترفض أيضاً أن تستمتع بأطفالها (يبدو أنه لم يلاحظ هذه الجزئية ) كونه يفتي ويفهم في كل شيء (يخزي العين) ...
لنقول بعدها وبأقل عدد ممكن من المداخلات انظروا مدى ارتباط المقدس بالموضوع المطروح لدى الشخص المتدين وسترون مدى الإنحراف الفكري الذي ستواجهونه .
خاتمة :
قد يقرأ البعض المداخلة ويستغرب طولها وأنه ما الفائدة المرجوة منها لإثبات فكرة بسيطة هي بديهية لدى المعظم ...
نعم أنتم على حق وقد أخذت من وقتي هذه المداخلة عدة ساعات لتجميعها وتنسيقها ومحاولة تشذيبها قدر الإمكان رغم ضيق وقتي .
ولكن عزائي الوحيد أني أحترم عقول القراء في نادي الفكر العربي ...
ملاحظات :
- لقد وضعت الأسئلة الخاصة بالدراسة على نسق علمي معين مراعياً قدر الإمكان دراسة حالة معينة من جهة محددة ... ولو أردنا أن نطلق دراسة علمية عامة وشاملة لاحتجنا إلى ستين سؤال على الأقل وليس ستة أسئلة نصفها لم يجاب عليها ...
- لقد تناولنا العلمانية كمنهج وحاولنا مقاربة المفهوم لعقل الزميل موضوع الدراسة في مواجهة منهج المقدس للخميني ، كي لا يُفهم أننا أعطينا مفهوم العلمانية بعد فلسفي في مواجهة الطروحات الدينية الغير سياسية ...
آسف عى الإطالة وأعتذر من الجميع
--------------------------------------------------------------------------------------
ملحق حول القضية المطروحة لمن يريد الاستزادة :
رغم أننا لسنا في صدد الحكم على أخلاقية القضايا المطروحة بل الحكم على التناقض في الحكم الأخلاقي لكن لا بأس من توضيح بسيط للزميل على نور الله وغيره ممن يؤيدونه في الطرح أو من أشكل عليهم فهم قضية فتوى الخميني بعد تبرير الزميل للفتوى أن نقول
بداية :
يوجد هنا رأي للزميل في
هذا الرابط (على سبيل الذكر لا الحصر) وقد قرأناه قبل أن يأتي بتبريره الهزيل للفتوى الذي طرحه في المداخلة رقم (
39) مدعياً جهلنا في الفكر الشيعي وآليات عمله واعتقاداً منه أنه يخاطب شخص لا يعلم الكثير عن الشيعة وتفرعاتها المذهبية وتناقضاتها وإشكالياتها الفكرية من بداية التشيع كخط مروراً بالإثني عشرية (محاولات الحبو الأولى للفلسفة في الإسلام) ووصولاً إلى الإسماعلية (الهيكل الفلسفي الناضج في الإسلام) .
وإن عدم إقرارانا لآليات عمل الفكر السني مثلاً لا يعني جهلنا بالفكر السني ، وعدم إقرارنا لآليات عمل الفكر الشيعي على تقيته ومع معرفتنا طبعاً بمعظم أسس إشكاليات هذا الفكر لا يعني بالضرورة الجهل .
ولأن الزميل على نور الله لا يقرأ كعادته ويترك العنان لطيشه المعهود في استنتاج مرامي محاوره فقد وقع معنا في خطأ جسيم في تقييم المرامي من النص المقتبس من فتوى الخميني .
ولو كلف نفسه عناء التدقيق في النص المقتبس لكان وفر عليه تبريره الهزيل في المداخلة رقم (
39)
فالنص الذي اقتبسناه هو كالتالي :
(لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين ، دواما كان النكاح أو منقطعا ، و أما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة و الضم و التفخيذ فلا بأس بها حتى فى الرضيعة ،
و لو وطأها قبل التسع و لم يفضها لم يترتب عليه شيء غير الاثم على الاقوى)
ولو تنبه لفهم مباشرة أننا لسنا كالوهابيين المسطحين عندما يقرأون هذا النص يصلون إلى كلمة الرضيعة يتوقف فكرهم ويخرجون ليصرخوا بعالي الصوت انظروا ، إن النص الملون بالأحمر من الفتوى دليل دامغ على النص الذي سبقه ويشرح أن قضية الاستمتاع بالرضيعة أمر شرعي تماماً ولا إثم عليه ، إنتبهوا لا إثم عليه ... أي أنه عمل أخلاقي في نظر الخميني لإنه في الإسلام ببساطة لا يوجد أمر لا أخلاقي لا إثم عليه كله يقيم بحسنة أو بإثم على الأقل ...
طبعاً هنا قد يقتنع البعض بتعليل الزميل على أن النص تشريعي لا علاقة له بالأخلاق وإنما هو ينظّر في ماهو شرعي وما هو غير شرعي استناداً إلى نصوص مثبتة تعتمدها الشيعة .
سوف نقول نعم إنه تبرير جيد بل وممتاز لإبعاد الشبهة ولــــــــــــــكنه في الوقت نفسه ينسف كل الأسس الأخلاقية في تقييم القضايا الشرعية التي تتصل بالأخلاق عند الشيعة على الأقل .
أي أنه إذا كان الشرعي حكماً في مايتصل بالقضايا الأخلاقية ليس أخلاقي بالضرورة ....فإن كل ما هو غير شرعي حكماً ليس بالضرورة غير أخلاقي فيما يتصل بهذه القضايا ... وتستطيعون أن تمارسوا الرياضة الفكرية كما تشاؤون على هذا المنوال ...
وبالتالي قد يبرر زميلكم هذا النص الهزيل ولكنه سيهدم الشريعة كلها فيما يتصل بالقيمة الأخلاقية للأحكام الشرعية التي تتعلق بهذه القضايا من الناحية الأخلاقية ليعيد تشكيلها وفق مفاهيم جديدة ومختلفة كلياً ، فتأملوا ذلك يرعاكم "الله" ...!!
لطالما أعتقدت أن المتدينين لا يستخدمون عقولهم ، لكني بدأت أعتقد مؤخراً بأنه من الأفضل أن لا يستخدم المتدينين عقولهم لأنهم يزيدون الطين بلة ...
ما رأيكم أن أزيدكم من الشعر بيتاً .. لقد أقر زميلكم في مثاله الهزيل التوضيحي في المداخلة رقم (
39) للفتوى بشرعية الاستمتاع بالرضيعة حتى ولو كان الموضوع غير أخلاقي أصلاً ، دققوا بالدائن الذي يطالب بدينه وبحقه الشرعي حتى ولو لم يكن أخلاقياً بنظر زميلكم ، والغريب عندما رجعت إلى آراء الخميني في مؤلف تحرير الوسيلة كتاب الدين والقرض انه ذكر في المسألة 16 التالي :
(كما لا يجب على المعسر الاداء يحرم على الدائن إعساره بالمطالبة و الاقتضاء ، بل يجب أن ينظره إلى اليسار) .
كيف فطن الخميني أن يحرم على الدائن إعسار المدين بالمطالبة والاقتضاء ، ولم يحرم على المتزوج من "رضيعة" الاستمتاع بها ... سؤال برسم كل جاهل بالعقيدة الشيعية ..؟
أي أن إعسار الدائن للمدين بالمطالبة تدخل في قضايا الحلال والحرام ولكن الاستمتاع "بالرضيعة" لا يدخل في خانة الحلال والحرام بل ولا إثم عليه أصلاً والسبب بسيط "عدم ثبوت نص بالتحريم" .... !!
من يقرأ كتاب النكاح في مؤلف تحرير الوسيلة سينتبه مباشرة إلى أن آراء الخميني ليست تشريعية وحسب بل فيها أحكام تفضيلية وأخلاقية تبدأ بيستحب وينبغي ويكره وما يفضله الرسول وما يفضله الصادق و " رذال موتاكم العزاب "... إلا إذا كانت الرذيلة ليست وصف أخلاقي من وجهة نظر زميلكم على نور الله ...
إذاً فلنشكر جميعنا الزميل على نور الله على تبريراته الهزيلة فكرياً التي حاولت تحويل القضايا التشريعية إلى رياضة فكرية فاصلاً إياها عن القضايا الأخلاقية وبالتالي هدم أساس الحلال والحرام في الإسلام وإعادة النظر فيها جملة وتفصيلاً ...
وقد نقول كلمة على المستوى الشخصي لزميلكم على نور الله : نرجوا منك أن لا تطرق باب الفلسفة ولا تفكر مرة أخرى يا عزيزي فكلما تناولتها وفكرت كلما زدت الطين بلة ... صدقني إنها الحقيقة ومن يقول لك غير ذلك (يغشك) ...