أطلق الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع مؤسسات أخرى أبرزها المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، تظاهرة ثقافية بعنوان: (حمامات). وقد رفع منظمو هذه التظاهرة شعار 'أنقذوا الحمامات التقليدية' بهدف قرع أجراس الخطر، تجاه ما تعانيه الحمامات الدمشقية من اندثار باعتبارها جزءاً من التراث الثقافي ومن النسيج الاجتماعي المتفرد لمدينة دمشق. التظاهرة حفلت بمجموعة من الفعاليات، التي بدأت بلقاء رسمي لممثلي ورعاة الفعاليات في حمام 'القرماني' في منطقة المرجة وسط دمشق، كما عقدت ورشات حول الخصائص المعمارية للحمام، وصولاً إلى معرض يستمر حتى 17 نيسان (ابريل) الجاري في التكية السليمانية بدمشق تحت عنوان 'الحمام: مكان مخفي ونعيم منسي'.
التظاهرة، تبدو مناسبة لاستحضار طقس الحمام الدمشقي الاجتماعي والثقافي والعمراني... ليس باعتباره صورة من الماضي، بل باعتباره اختزالا لصورة مجتمع، ولتراث مدينة تتنادى المؤسسات الثقافية الأوروبية للاهتمام به، بينما يفرّط بها من يفترض أنهم مسؤولون عن ذاكرة وطن، وتراث مدينة، والحفاظ على إرث مجتمع.
الحمام خارج البيت!
من الألغاز التي لم أجد لها تفسيراً في عمارة البيت الدمشقي، أن تلك البيوت الواسعة الفسيحة، التي كانت قاعاتها وغرفها أقرب إلى القصور في مساحاتها، وباحاتها وحدائقها أقرب إلى الملاعب في اتساعها... كانت تضيق بالحمامات، ولا تخصص لها سوى مساحات ضئيلة ومحدودة، تبدو معها وكأنها عنصراً مقحماً ومضافاً على سبيل رفع العتب... فالحمام الذي أذكره في بيت جدي القديم في حي الشاغور، كان أقرب ما يكون إلى مستطيل ضيق... ملحق بالمطبخ الواسع الفسيح، وكأنه مستودع خلفي له... ولطالما طرحت على نفسي هذا السؤال الاستفهامي عن سر إهمال الحمام في عمارة البيت الدمشقي، وهو البيت الذي اشتهر أهله باعتبار النظافة ليس شرطاً من شروط الإيمان فقط، بل جزءاً من السمعة الشخصية بالنسبة للأسر والأفراد، ودرساً من دروس حسن السيرة والسلوك بالنسبة للأطفال الصغار.
ولم أكن أفهم كيف يمكن أن يكون الدمشقيين حريصون على مسألة النظافة إلى هذا الحد، وأصغر ما في بيوتهم المكان المخصص للحمام، إلا حين اكتشفت: (حمام السوق) وهو التعبير الذي يطلقه الدمشقيون على الحمامات العامة التي كانت تغص بها مدينتهم... فالحمام هنا، يكاد يوازي في مساحته وحسن عمارته بيت دمشقي فاخر تسكنه عائلة كبيرة متعددة الأجيال... والذهاب إلى الحمام، كان طقساً أسبوعياً يحاط بكثير من البهجة والمتعة التي كانت تعادل في وقت من الأوقات، الخروج في نزهة أو (سيران) أو ارتياد مسرح أو دخول صالة سينما... وهكذا، فقد اعتبر الدمشقيون نظافة الجسد، عملية معقدة تحتاج إلى مهارات وتقنيات ربما لم يكن بمقدورهم أن يوفروها في بيوتهم... فخصصوا لها أمكنة خاصة، وجعلوا منها مهنة قائمة بذاتها بل مجموعة مهن... وأحاطوها فوق هذا كله بجاذبية اجتماعية، فجعلوا الذهاب إلى الحمام شكلا من أشكال النزهة، وحجر زاوية في كثير من الاحتفالات والطقوس الاجتماعية المبهجة... وبالتالي رسخوا في أذهان الصغار قبل الكبار... أن الذهاب إلى الحمام، نشاطاً احتفالياً وترفيهياً يستحق أن نحرص على ممارسته، والاهتمام به، فصارت ثقافة الاهتمام بنظافة الجسد، جزءاً من ثقافة مجتمع يحرص على نقاء صورته من الداخل.
تاريخ يسبق الأمويين!
عندما شرع الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، ببناء الجامع الأموي في القرن الأول الهجري... تحدث إلى أهل دمشق قائلاً: (تفخرون على الناس بأربع خصال، تفخرون بمائكم وهوائكم وفاكهتكم وحماماتكم... فأحببت أن يكون مسجدكم الخامسة)... وقد بر الوليد بوعده فبنى لأهل دمشق مسجداً ظل رمزا من رموز مدينتهم التي لا تمحى... رغم كل ما مر على دمشق من مصائب وحرائق وزلازل وغزوات ومحاولات تدمير... لكن هذا لم يمح بطبيعة الحال مفاخر دمشق الأخرى التي ظلت تتميز بها حتى عهد قريب، ومنها حماماتها... التي اشتهرت في الشرق كله. يقول نعمان أفندي قساطلي في كتابه (الروضة الغناء في دمشق الفيحاء) الذي وضعه في ثمانينيات القرن التاسع عشر: (أجمع الذين ساحوا في جميع أنحاء الممالك العثمانية وبعض الديار الشرقية، على تفضيل حمامات دمشق عن غيرها لما فيها من الإتقان والنظام والهندسة وغزارة المياه وإتقان الخدمة والإكرام، والاعتناء وبخس الأجرة بالمغتسل)... ومن الطبيعي أن يتحدث القساطلي عن غزارة حمامات دمشق بالمياه، في زمن كان فيه بردى بفروعه السبعة يروي بساتين ودور دمشق، وتتدفق مياهه عبر الطوالع الحجرية إلى الخانات والسبل والحمامات... التي جعلت من الماء عنصر نظافة وعنصر زينة في آن... والواقع أن الدمشقيين أبدعوا في بناء حماماتهم، والإضافة إليها على مر عصور، حتى جعلوا منها روائع للفن الإسلامي في طرز عمارتها وفخامة أبنيتها وغناها بالزخارف والنقوش... يقول الباحث منير كيال في كتابه (الحمامات الدمشقية) الذي رصد فيه واقع حمامات دمشق في ثمانينات القرن العشرين، وبعد قرن كامل من وصف القساطلي لها:
(تفنن الدمشقيون بالحمامات حتى جعلوها آية فنية: رصعوا جدرانها بالقيشاني، ورصفوا أرضها بالرخام، وعقدوا على أطراف قبابها عقود الجص النافرة برسوماتها وتزييناتها، كما أقاموا البحرات التي تتشامخ فيها نوافير المياه على أشكال بديعة أخاذة. وكان الناس يرتادون هذه الحمامات ليمضوا وقتاً هيناً في الاغتسال، وفي تناول الطعام والاستشفاء من بعض الأمراض، ويحيون فيها بعض مناسباتهم الاجتماعية... وهذا ما يفسر المثل الدمشقي: نعيم الدنيا الحمام)
ولم يكن يخلو حي من أحياء دمشق الكبرى من وجود حمام أو أكثر فقد اعتبر الحمام لفترة طويلة مرفقاً أساسياً لا بد من وجوده في أي حي مثل الجامع أو الفرن (المخبز)... وقد كانت الحمامات تستقبل الرجال صباحاً ومساء طلباً للطهارة أو النظافة، فيما تستقبل النساء من الظهر وحتى قبيل المغرب ضمن شروط خاصة تحرم دخول الرجال أو حتى اقترابهم من إدارة الحمام... الذي يتحول إلى حرملك تنفرد فيه النساء.
طقس رجالي... وطقوس نسائية!
ويختلف طقس ارتياد الحمام بين الرجال والنساء... فالرجال باستثناء بعض المناسبات الخاصة كـ (حمام العرس) يرتادون الحمام بشكل عفوي، يخلو من الإعداد المسبق... إلا إذا تداعى مجموعة من الشباب أو الأصدقاء إلى الذهاب إلى حمام السوق بناء على اتفاق خاص، عندها يتحول الحمام إلى نشاط جماعي لا يخلو من بعض أوجه الترفيه... أما بالنسبة للنساء فالطقس الاجتماعي يبدو أكثر غنى وثراء.. فالحمام بالنسبة للنساء، كان يلعب دور المقهى بالنسبة للرجال... أكثر من ذلك، شبهه بعضهم بالمنتدى الاجتماعي والترفيهي، الذي يحتل حجز الزاوية في مجموعة من المناسبات الاجتماعية النسائية. يقول الباحث ماجد اللحام في كتابه (دمشق في نصف قرن): (كان يوم الحمام عند النسوة مناسبة سعيدة تبعث في النفس البهجة والسرور، إذ يقضينه بين الاستحمام والموسيقى والغناء، فربما يبدو الصوت في الحمام أكثر جمالاً... ولا يخلو من حدوث مشادات ومشاجرات بين بعض النسوة لأسباب مختلفة وتصطحب النسوة معهن 'البقجة' وهي صرة قماشية وفيها: المناشف والصابون والكيس والليفة وطاسة الحمام والثياب النظيفة، ويحضرن معهن بعض الطعام مثل المجدرة والمخلل أو حراق بأصبعو أو عرائس زيت وزعتر مع فواكه الموسم... أما الميسورات فيأتي طعامهن من السوق جاهزاً فيه أنواع اللحوم، وقد تستأجر الأسرة الحمام بكامله لأسباب خاصة).
ولا بد من الإشارة إلى أن الطعام في الحمام كانت له نكهة خاصة، فالأطعمة أو المأكولات نفسها يصبح لها طعم آخر عندما يشتد الجوع، وتنهك الأجساد بالتدليك وفرك الجلد بأكياس الحمام الخشنة، وخصوصاً بالنسبة للأطفال.. ويعتبر اصطحاب الصبيان إلى حمام النساء معياراً أساسياً من معايير خروجهم من مرحلة الطفولة في نظر أهاليهم... فعندما يحظر على الصبي دخول حمام النساء، فإن ذلك يعني أنه قد دخل في مرحلة الفتوة... وغالباً ما كانت تتم بعض المشادات بسبب إصرار بعض النساء على إدخال أبنائهم الصغار، في حين ترفض المعلمة المشرفة على الحمام دخوله... بحجة أن شكله يوحي بأكبر من عمره، وأن ذلك سيثير غضب زبونات أخريات... وفي ذاكرة الكثير ممن عاصروا (طقس حمام السوق) الكثير من القصص الطريفة عن حوادث من هذا النوع... بطلها طفل تجاوز السابعة أو الثامنة من العمر، تثير نظراته الفضولية استهجان نساء الحمام، بينما يبقى في نظر أمه طفلا صغيراً لم يكبر بعد!
وتتعدد المناسبات الاجتماعية التي كان النساء يقصدن فيها حمام السوق... وهي في معظمها مناسبات تتعلق بطقوس الزواج والولادة... فمن (حمام العرس) الذي تذهب العروس مع أهلها والمقربين من أهل زوجها قبل العرس بيومين بدعوة من أم العروس... وغالباُ ما يحجزن جناحا خاصاً من الحمام أو ربما الحمام كله إذا كانت الأسرة موسرة... حيث يتم الاستحمام على وقع الزغاريد والأهازيج التي تتغزل بالعروس وتتمنى لها الحياة السعيدة وسط الأهل الجدد الذين ستعيش في وسطهم، من قبيل: (أوها يا صحن الحليب/ أوها كلما برد بيطيب/ أوها نحنا أهلية/ أوها وما في حدا غريب) إلى (حمام الغمرة) الذي ترد فيه أم العريس الدعوة التالي وجهتها لها أم العروس لحضور حمام العرس، وغالبا ما تكون هذه الزيارة إلى الحمام بعد العرس بحوالي أسبوعين... إلى (حمام النفاس) الذي تذهب فيه المرأة الحديثة الولادة إلى الحمام مع أمها وأهل زوجها اعتباراً من الأسبوع الثاني للوضع وحتى نهاية الأسبوع الثالث منه، إلى (حمام الأربعين) الذي تذهب فيه النفساء قبل إتمام اليوم الأربعين للولادة بأيام معدودة... وناهيك عن هذه المناسبات... فالحمام كان المكان المثالي الذي تتم فيه اختيار العروس المناسبة وخطبتها... وقد كان لون البشرة البيضاء واحد من الأشياء التي تخطب العروس لأجلها من الحمام... فهاهنا البياض لا بد أن يكون طبيعياً، لا تشوبه شوائب مستحضرات التجميل، ولا أساليب الاختباء في الثياب... كما أن الحركة الرشيقة التي تجسد علو الهمة، لا بد أن تتجلى في سرعة الاستحمام وشدة الحرص على بلوغ أقصى درجات النظافة، الأمر الذي تلتفت اليه النساء الباحثات عن زوجات لأبنائهن... لكن رغم ذلك كله، فالزيجات التي تؤسس على خطبة الحمام، لم تكن كلها ناجحة وموفقة... فالنتائج مرهونة بتوافق الأرواح والأمزجة لا الأجساد والصور في زمن البراءة العاطفية!
أما بالنسبة للشباب، فقد كان منظر الفتاة وهي تحمل البقجة متجهة نحو الحمام، يثير الأهواء والأخيلة... إلا أن التعبير عن التوله العاطفي إزاء ذلك ليتجاوز بعض الأهازيج التي يرددونها على استحياء من قبيل:
يا رايحة على الحمام خديني معاكِ
لأحمل لك البقجة وأمشي وراكِ
وإن كان أبوكِ ما عطانـــي ياك
لأعمل عمايل ما عملـــها عنتر!
والمعروف أن الحمام الدمشقي ينقسم إلى ثلاثة أقسام، صممت كي تراعي طريقة الخروج والدخول من وإلى الحمام بشكل صحي، بحيث لا يؤذي مرتاد الحمام خروجه من دفء الحمام إلى الشارع أو فضاء الحي المفتوح على أجواء مناخية مختلفة.
أقسام وفضاءات ومهن!
وأول ما يواجه الزائر إلى الحمام ما يسمى (البرّاني) وهو يضم مصاطب مرتفعة للجلوس، تتوسطه بركة تتدفق فيها المياه الباردة لتلطيف الجو... وهو معد لاستقبال الزبائن ونزع ثيابهم، وللاستراحة بعد الانتهاء من الاستحمام وارتداء الملابس النظيفة... ومن ثم الاستعداد إلى الخروج للشارع. أما (الوسطاني) فهو قسم معتدل الحرارة ومتصل بالبراني، ويجلس فيه رواد الحمام للراحة أو إزالة الشعر أو تناول الطعام... في حين يعرف (الجواني) بحرارته العالية...لأن فيه يتم الاستحمام، وهو يتألف من عدة مقاصير، كل مقصورة عبارة عن غرفة فيها جرن يصب فيه أنبوبان أحدهما للماء الساخن والثاني للبارد. وقد يوجد أكثر من جرن في المقصورة التي يمكن أن تحجزها أسرة بكاملها، أو مجموعة شبان... فتغلق بستارة تمنع دخول سواهم. ويضاق إلى هذه الأقسام مستودع كبير مجاور للحمام يدعى (القميم) بتشديد الميم، وهو يضم الموقد الملاصق لمستودع المياه لتسخينها، ومستودع تجميع الوقود... ويعرف الرجل الذي يقوم على هذا الموقد بـ (القميمّي) وهي إحدى المهن التي كانت شائعة في دمشق... ومن الطريف أن بائعي الفول كانوا يستفيدون من عمل (القميم) في تسخين مياه الحمام، من أجل طهي الفول المدمس... عبر وضع قدورهم الكبيرة المملوءة بالفول، بجوار موقد القميم طوال الليل، بعد إحكام إغلاقها، فينضج الفول جيدا وعلى نار هادئة ما يعطيه مذاقاً لم توفره وسائل الطهي الحديثة!
تراث إسلامي مسيحي
يشير باحثون مشاركون في تظاهرة (حمامات) التي يرعاها الاتحاد الأوروبي، إلى أن دمشق كانت تضم حوالى 60 حماماً، يعد بعضها من روائع العمارة الدمشقية. لكن لم يبق منها سوى 16 تعمل حتى الآن، فبعضها غيّر وظيفته أو أهمل والبعض الآخر قيد الترميم وإعادة التأهيل، فيما هدم ما تبقى... والواقع أن عدد حمامات دمشق كان مثار اهتمام المؤرخين في كل العصور، ويعتبر ابن عساكر صاحب (تاريخ دمشق) أول من تحدث عن حمامات دمشق في القرن السادس الهجري، فقد ذكر (57) حماماً ما عدا الحمامات المتناثرة في قرى ما حول دمشق... ثم جاء ابن شداد في نهاية القرن السابع الهجري، ليحصي في كتابه (الأعلاق الخطيرة) ما يقارب (85) حماماً، ثم أضاف إليها الحمامات في الضواحي ومناطق خارج سور المدينة فبلغت (117) حماماً... لكن المؤرخ يوسف عبد الهادي في القرن العاشر الهجري، وضع كتاباً خاصاً في حمامات دمشق بعنوان: (عدة الملمات في تعداد الحمامات) وقد بلغ مجموع ما أحصاه من الحمامات، (167) عدا حمامات الغوطة.
ونعود إلى المؤرخ نعمان أفندي قساطلي، من القرن التاسع عشر الميلادي... لنتوقف عند ما أحصاه من حمامات... فقد كان قساطلي من مسيحيي دمشق، وكتابه (الروضة الغناء في تاريخ دمشق الفيحاء) وثيقة نادرة في تقديم صورة المدينة من وجهة نظر أبنائها المسيحيين، ولهذا يقدم لنا وصفاً هاماً لإحدى حمامات حارة النصارى يقول:
(وعدد حمامات دمشق 58 حماما متفرقة في أنحاء المدينة، أشهرها حمام الخياطين وحمام القيشاني وجدرانه مصفحة بالقيشاني، وحمام النوفرة وموقعه بالقرب من الباب الأموي الشرقي، وحمام المسك وهو أتقن الحمامات وأجملها، موقعه في حارة النصارى، جدده بعد سنة 1860 المرحوم متري شلهوب وأصلح قناة مائه، وحمام الخراب وحمام الناصري في الشاغور، وحمام البكري، وحمام القيمرية، وحمام الشيخ أرسلان في باب توما، وغير ذلك من الحمامات المنتشرة في جميع الأنحاء).
ومن الطبيعي أن تتناقص أعداد الحمامات العامة في دمشق مع اختلاف الحاجة إليها... لكن قيمة أبنية الحمامات المعمارية والأثرية، تجعل من الضرورة الحفاظ عليها كإرث حضاري... ولعل هذا ما جعل الدمشقيون يبتهجون بعملية ترميم حمام (نور الدين) في سوق البزورية في ثمانينات القرن العشرين... والذي ينسب إلى السلطان نور الدين الشهيد، حين قامت المديرية العامة للآثار والمتاحف، بإخلائه من المخازن التجارية والمستودعات التي كانت تشغل أجزائه، وقامت بترميمه مع الحفاظ على طابعه الأثري القديم، ووضعه قيد الاستخدام، ليكون أحد أهم حمامات دمشق القديمة في وقتنا الحالي. حمام الهنا... يدخل عصر الدراما!
دخل الحمام الدمشقي أرشيف التراث الشعبي، حين خصص له حيز واسع في متحف التقاليد الشعبية في قصر العظم، واستحضرت عمارة الحمام الدمشقي وطقوسه عبر مجسمات تروي بكثير من الحنين المستعاد الطريقة التقليدية التي كانت سائدة في ارتياد الحمام واستخدامه... كما دخل الحمام الدمشقي تاريخ الدراما التلفزيونية السورية بقوة في نهاية الستينيات، حين جعل منه دريد لحام ونهاد قلعي مسرح أحداث مسلسلهما الكوميدي (حمام الهنا) الذي أنتجه التلفزيون السوري عام 1968 وأخرجه فيصل الياسري، وقد نقل مهندس الديكور حينها الحمام الدمشقي إلى الأستوديو بكامل صورته فبدا على قدر كبير من الإتقان وغنى التفاصيل... وفي تسعينيات القرن العشرين، حمل أحد أشهر المسلسلات التي استعرضت تاريخ سورية اسم أحد حمامات دمشق الشهيرة: (حمام القيشاني) في المسلسل الذي كتبه دياب عيد وأخرجه هاني الروماني وأنتجه التلفزيون السوري في خمسة أجزاء. أما المسلسل الشهير (باب الحارة) للمخرج بسام الملا... فقد اتخذ من الحمام موقعاً أساسياً من مواقع أحداثه الدرامية في أجزائه الخمسة... وقد تم تصوير مشاهد الحمام في إحدى حمامات دمشق القديمة: حمام السلسلة.
واليوم... تطلق ظاهرة (حمامات) أكثر من صفارة إنذار للحفاظ على هذا التراث... إنها تنادي الحنين، بل هي تريد أن تحافظ على أمكنته بعد أن تبدلت أزمنته حتى في لغة الأمثال التي قالت يوماً: (الخروج من الحمام ليس كالدخول إليه) للدلالة على تبدل الحال والمزاج والشعور... لكن يبدو أن دخول بعض حمامات دمشق أصبح كالخروج منها، بعد أن فقدت طقسها، وتبخرت حرارتها... وغادرها (القميّمي) الذي كان يقوم على تسخين الماء بالمواد التقليدية القديمة، لتحل محلها وسائل التدفئة الحديثة، في الزمن الحديث!
محمد منصور:
ناقد فني من سورية
04-08-2010, 01:02 PM
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري
Super Moderator
المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
فمن (حمام العرس) الذي تذهب العروس مع أهلها والمقربين من أهل زوجها قبل العرس بيومين بدعوة من أم العروس... وغالباُ ما يحجزن جناحا خاصاً من الحمام أو ربما الحمام كله إذا كانت الأسرة موسرة.
وإذا أم العروس لم يعجبها قوام عروس ابنها قبل العرس بيومين ...فما الذي يحدث ...
04-08-2010, 01:11 PM
{myadvertisements[zone_3]}
أبو خليل
عضو رائد
المشاركات: 3,575
الانضمام: Nov 2004
اقتباس:من الألغاز التي لم أجد لها تفسيراً في عمارة البيت الدمشقي، أن تلك البيوت الواسعة الفسيحة، التي كانت قاعاتها وغرفها أقرب إلى القصور في مساحاتها، وباحاتها وحدائقها أقرب إلى الملاعب في اتساعها... كانت تضيق بالحمامات، ولا تخصص لها سوى مساحات ضئيلة ومحدودة، تبدو معها وكأنها عنصراً مقحماً ومضافاً على سبيل رفع العتب...
حول هذه النقطة بالذات...
في البيوت التراثية القديمة عندنا في لبنان كان الحمام غرفة مستقلة عن البيت الاساسي, و ابعد ما يكون عنه, و الامر مرعب فعلا اذا احتجت للدخول اليه في ليلة شتاء عاصفة...
حسبما اخبرني بعض من عاصر تلك المرحلة عن سؤالي له حول ذلك, ان الحمام (كان اسمه بيت الخلاء) نجس ووجوده داخل الدار حيث ينام المرء و يعيش و يأكل امر معيب و غير صحي...
النظرة تغيرت تدريجيا مع انتشار نمط السكن المديني و رواج انظمة الحمامات الحديثة (كراسي الحمام و السيفون و التمديدات الصحية المانعة للروائح الخ....)
طبعا الاستحمام كان غالبا يتم كما ذكر التقرير اعلاه في الحمامات العامة...
04-08-2010, 01:18 PM
{myadvertisements[zone_3]}
مواطن مصرى
عضو متقدم
المشاركات: 689
الانضمام: Oct 2009
حازت الحمامات الشعبية تقدير رجال الحملة الفرنسية وتم ذكرها فى كتاب وصف مصر.
وقد يكون السبب فى اندثار هذه الحمامات يرجع الى وصول المياه الى المنازل بصورة يسيرة عن الماضى من حيث توفر شبكات مياه الشرب النقى والصرف الصحى.
واظن انها كانت بالنسبة للرجال اقل اهمية بكثير عنها بالنسبة للنساء وذلك لطبيعة الرجل والمرآة الشرقية، فلا يميل الرجل الشرقى الى الاستلقاء متدثرا بإزار ويقوم عامل الحمام (المكبس) بتصبين جسده أو أن يظهر الرجل شبه عاريا امام غيره من الرجال، فهذه طبيعة بها ليونة لا تتفق مع الرجل الشرقى فى طباعه لذلك قد لا يلجأ إلى الحمام إلا قليلا وبمجرد شيوع شبكات مياه الشرب فى المنازل انتهى الغرض بالنسبة للرجل من الحمام الشعبى.
وارى انها بالنسبة للنساء كانت هامة وذلك لطبيعة المجتمع الشرقى حيث لا يرى المرآة إلا زوجها او أقرانها من النساء ومن طبائع الانسان وخاصة المرآة حب الزينة والتجمل ومع شيوع تعدد الزوجات كان سلاح المرآة فى الحفاظ على زوجها هو جمال جسدها ونعومة ملمسه ونظافتها اضافة الى تباهيها على اقرانها من النساء بجمالها اضافة الى عدم وجود متنفس اجتماعى فى الزمن الماضى فكانت الحمامات الشعبية بمثابة ملتقى نسائى لتبادل الخبرات والمعارف المختلفة وكذلك لنشاط الخاطبة التى كان للحمامات الشعبية دور هام فى عملها قبل ظهور التصوير الفوتغرافى.
وأذكر انه دار حوار بينى وبين زملائى فى العمل حول فيلم (حمام الملاطيلى) وقد حكى احد الزملاء واقعة مضحكة تعرض لها فى بداية الثمانينات من القرن الماضى، حيث كان ضمن منتخب مصر القومى فى المصارعة، واشار عليهم احد اعضاء المنتخب بتجربة الحمامات الشعبية وعلى سبيل التجربة قرروا الذهاب ، وفوجئ زميلى اثناء وجودهم بتحرش احد الشواذ السلبيين به فانتفض زميلى مزمجرا حاملا هذا الشاذ وملقيه ارضا بعنف شديد ، وبينما الشاذ ملقى ارضا يبكى ويتأوه من قوة الارتطام جاء على صوت الشجار احد رواد الحمام وكان كهلا مسنا وصاح فى فريق المنتخب (حرام عليكم .. حد يعمل فى النعمة كده.. ومال على الشاذ وقبله وربت عليه قائلا تعالى معى يا حبيبى انا اللى اقدر اللى زيك .. وذهب به وسط ذهول الموجودين وإنزعاجهم لاعنين من شار عليهم بالذهاب الى الحمام الشعبى)
04-10-2010, 09:28 PM
{myadvertisements[zone_3]}
observer
عضو رائد
المشاركات: 3,133
الانضمام: Mar 2005
(04-10-2010, 09:28 PM)مواطن مصرى كتب: ..... (حرام عليكم .. حد يعمل فى النعمة كده.. ومال على الشاذ وقبله وربت عليه قائلا تعالى معى يا حبيبى انا اللى اقدر اللى زيك .. وذهب به وسط ذهول الموجودين وإنزعاجهم لاعنين من شار عليهم بالذهاب الى الحمام الشعبى)
04-11-2010, 02:01 PM
{myadvertisements[zone_3]}
العلماني
خدني على الأرض اللي ربّتني ...
المشاركات: 4,079
الانضمام: Nov 2001
أنا ابن منطقة وعصر لا يعرف الحمامات التقليدية، فما سَلِم من آثار المدن العربية القديمة في بلادي (مدن الساحل) محا معالمه اليهود أو درس واندثر تحت ضربات الحضارة "الغربية" المعاصرة. لذلك فالحمامات القديمة ترتبط عندي بما نقلته الدراما السورية الحديثة (الخوالي، باب الحارة ... إلخ) عن "الحمامات الدمشقية" أو ما علق بذهني، في طفولتي، من "حمام الهنا"؛ علماً أن هذا الأخير لم يركّز على كشف النقاب عن وجه "الحمام الدمشقي العريق" بمثل ما ركّز على "كراسي جدة نهاد قلعي" (حسني) والثروة المختبئة فيها.
من ناحية أخرى فإنك تستطيع أن تعثر في "فلسطين" على آثارات لحمامات قديمة جداً، منها "الحمامات الرومانية" في "قيسارية" (مدينة رومانية مهدمة – اليوم – بين حيفا ويافا) وحمامات الخليفة الأموي "هشام بن عبدالملك بن مروان" في ما تبقى من معالم قصره بجانب "أريحا".
مداخلة "مواطن مصري" التي تعرض فيها إلى تحرّش أحد اللوطيين ببطل مصارعة في الحمام، ذكرتني ببعض النصوص التي لمحتها خلال تنقيبي في كتب "الأدب العربي القديم". ولعلّي آتي بشيء منها إلى هنا، كي نثري الموضوع أكثر، في القريب العاجل.
واسلموا لي
العلماني
04-11-2010, 04:54 PM
{myadvertisements[zone_3]}
The Avatar
عضو مشارك
المشاركات: 4
الانضمام: Jun 2010
حمام النساء في دمشق..المكيسة تداعب الفتيات..الناطورة تسترق النظر
طباعة أرسل لصديق
سناء ابراهيم - شوكوماكو
07/ 06/ 2010
فيما تتفرغ البنات الأجنبيات لقراءة كتاب أو جريدة بهدوء وراحة بعد حمام ساخن..تنصرف الزبونات العربيات إلى الأكل والشرب والذهاب على عجل
هكذا تصف لنا إحدى العاملات في حمام البكري بدمشق الوضع ..فتقول : يرتاد هذا الحمام نساء من مختلف شرائح وطبقات المجتمع إضافة إلى النساء الأجنبيات للحصول على حمام ساخن مع تلييف وتدليك ..مع أن أعداد الحمامات انخفضت الآن لينخفض معها عدد الزبونات.
وتضيف : أنا كعاملة منذ سنوات في هذا الحمام تكونت لدي ملاحظات وحقائق ملاحظات تقول وتظهر : خاصة أن الحمام هو مجتمع نسائي بالكامل لا وجود للرجل فيه على الإطلاق : تظهر كم الفرق شاسع بين النساء العربيات والأجنبيات ..فمهما تركت المجال مفتوح أمام المرأة العربية لا يمكن أن يتعدى تفكيرها بعد حمام ساخن شرب كأس من الزنجبيل ..أو أكل وجبة ثم الانصراف ..كل منهن إلى شؤونها المنزلية ..أما النساء الأجنبيات فحريصات والمشهد يتكرر دائما على الاستمتاع بقراءة كتاب أو مقالة من جريدة في بهو الحمام ..
ما الذي يثار داخل الحمام ..وما القصص التي تحاك وتؤلف ؟
أعظم القصصص التي تجري داخل الحمام هي قصص الخطبة والزواج ..تقول العاملة: تأتي سيدة إلى الحمام لتغتسل ..فترى فتاة وتعجبها ..هكذا كما هي ..كما ولدتها أمها بدون المكياجات الفاقعة التي تدهن بها الفتاة وجهها وبدون المحسنات البديعية والأزياء ..تماما كما الطفلة الوليدة ..وهنا تبدأ عملية التقليب ..بمعنى تقلبها وتتفحصها بالكامل ..ولا ينقص إلا أن تجلب لها الجوز لتكسره بأسنانها حتى ترى متانتها ..وعندما تنال الفتاة إعجاب السيدة ..تذهب فتروي لابنها إعجابها بهذه الفتاة ليتم بعد ذلك الطلب والخطبة ثم الزواج ..
تضيف العاملة : دون أن ننسى ما تقوم به النساء هنا سواء من العاملات أو النساء الزبائن من شرح قصص خاصة للفتيات تتعلق بالحياة الزوجية وشؤونها خاصة للفتاة المقبلة على الزواج والتي ينتابها القلق والخوف من هذه الخطوة ..فتقوم النساء بالواجب :
مثلا : كأن تشرح إحداهن للفتاة كيف تنام مع زوجها ..وهذا قد يحدث مع العائلة كأن يكون هناك امرأة كبيرة في السن تدعى "ست العائلة" تتولى شرح الأمر للفتيات بالتفصيل ..وطبعا هذه عادة قديمة ولا أحد يستطيع أن ينكرها ..
عند المكيسة الخبر اليقين ..
لا يمكن أن نشبه عمل "المكيسة" وهي المرأة التي تتولى تنظيف النساء وتدليك أجسادهن وبالكامل إلا بعمل الحلاق الذي تجتمع عنده الأحاديث والقصص والروايات من مئات الزبائن وبأطيافهم المختلفة ..فيصبح عالم النساء الخاص الممثل بالحمام بين يدي المكيسة فهي تسمع نكت النساء الخاصة ..تسمع كلاما بذيئا ..تسمع حديثا نسائيا يحكى لأول مرة ..فـ "نون النسوة" هنا ممدودة في أرض الحمام ..لايد إلا يدها ولا صوت يعلو فوق صوتها ..تقهقه بصوت مرتفع..تضحك ..دون أن تسمع كلمة ..اخرسي أو اصمتي ..فالأرض (الحمام) هي ملك السلطان والسلطان هو السيدة أو المرأة هنا ..لا وجود للرجل على الإطلاق ..فالبلانة امرأة والزبونة امرأة ..والمكيسة امرأة ..
ماذا تستخدم المكيسة في تنظيف النساء ؟
تستخدم المكيسة صابون الغار وكيس من وبر الماعز أو الجمل لتنظيف النساء والحمام مكون من غرفة واحدة وصالونين وكل صالون مؤلف من 11 جرن ماء تجلس كل عائلة على جرن وعندما ينتهون من الحمام يجلسون في القسم الخارجي للتنشيف في الصالون الكبير ..يشربون المشروبات الحارة كي تتعدل الحرارة داخل الجسم مع الخارج ..ولا تتجاوز أجرة الاستحمام 230 ليرة سورية أي (5 دولارات) .
غزل ومداعبات بين النساء
فاطمة هي فتاة في الثلاثينيات من عمرها وهي من مرتادي الحمام الدائمات...لكن لارتياده أسبابا غير معلنة ..
"ففاطمة" وهو اسمها غير الحقيقي لأنها رفضت الإعلان عن اسمها لم يسعفها الحظ بالزواج وتكوين أسرة كما تحلم وكلام الغزل الذي كانت تتمنى أن يلقى على مسامعها من فم رجل لم يتحقق ..لهذا تجد في الحمام من يعوضها عن هذا ..
في البداية ترددت فاطمة في البوح والكلام لنا ..لأنها اعتبرته نوع من الخصوصية لا يجوز لأحد طرق أبوابها ..لكن روحها المثقلة بالتعب والهم لم تلبث أن ..خدرتها فأخذت تتحدث لنا باللاوعي عما يحدث معها في الحمام ....
تقول فاطمة :لا أدري ما الذي يدفعني إلى الحديث ولكنني سأتكلم فالزواج لن يكون وحظي من الدنيا معروف ..
أجد هنا في الحمام ما لم أجده ولن أجده مستقبلا ..ففتيات الحمام يعوضنني عن الزوج ..هل تصدقي ثمة من يداعبني ..ويداعب جسدي ..ثمة من يبدي إعجابه من الفتيات بنعومة جسمي وهذا يعطيني مزيدا من الثقة والسعادة ..صحيح أنه يصدر من فتاة ولكن من قال أن الفتاة لا يمكن أن تعجب بفتاة أخرى ..هذا وارد كثيرا ..وما المانع إذا كان هذا لا يسبب لي الأذى ..
وعندما نسألها ما إذا كانت تخاف من هذا الكلام ؟
تجيب :ظروف المنزل التي أعيش فيها دفعتني لأكون قوية ولا أخاف ..حتى أن أحدا ليس مشغولا بهمي أصلا أو معيرا إلي أي اهتمام ...فأخي مشغول بزوجته ...وأختي مشغولة بخطيبها وأبي وأمي يمضيان الوقت في العمل ...ونهاية الأسبوع تجتمع العائلة لتخرج سيران ..أشعر أن لا مكان لي بينهم رغم أنهم عائلتي ..
فاطمة ما الذي يحدث داخل غرفة الحمام الساخن ؟
الذي يحدث هو نوع من الغزل والغرام بين الزبونات وحتى بين العاملات في الحمام ..فأنا كثيرا ما أسمع كلاما من (المكيسة) وهي المرأة التي تتولى تدليك وتنظيف النساء بما في ذلك التنظيف الكامل ..أسمع كلاما من مثل (غريب كيف للشباب أن لا يكتشفوا هذا الجسد ..إن جسدك رائع ..) لتضيف فاطمة ..إنها تتحدث معي وتبدي إعجابها وهي مستمرة في تدليك جسدي ..دون أن يغيب عن ذهني نظراتها الخبيثة إلى مناطق معينة من جسدي ...تضحك فاطمة وتصمت قليلا لتتابع :
كان هذا في البداية يثير غضبي وأشعر بالانزعاج وأهم في كل مرة للرحيل ..لكنني اليوم أجد نفسي مشدودة إلى هذا الوضع ومدمنة عليه ..تستطرد فاطمة ..رغم أنك ستقولين عني أني وقحة ..لكنني أقول بصراحة ..اليوم بدت أتخيل المكيسة وأنظر إليها كرجل ..وهذا يحقق لي نوعا من النشوة والارتياح ..
ماذا عن النساء الأخريات ؟
كثيرات من هن مثلي ...ولكن لا أريد أن أتحدث بالنيابة عنهن ..فلكل مشكلتها وهمها وهي تعرف كيف تخرج منها كما خرجت أنا ..
ماذا عن البلانة ؟
(البلانة) أنا أرى أن حظ البلانة معتر مثل شوك البلان ..نصيبها دائما يكون الأقل وفرة من البقايا ..ومشاهداتها أقل ..هي سيدة تقوم بتنظيف وصيانة الحمام بمكنسة من البلان وتقوم على تأمين متطلبات الزبونات من مشروبات أو مياه باردة ..
هل تتعاطى النساء هنا مشروبات من نوع ما ؟
لكل منا مزاجها وخاصة بعد الخروج من غرفة الحمام الساخن ..أقول لك شيئا..نحن هنا كنساء نشعر بأن لنا السطوة والأمر ..لذا نتصرف كأننا في مملكة ..فأنا مثلا أشرب أحيانا أنواع معينة من المشروبات الكحولية ..وهذا ليس ممكنا لي في المنزل أو في الأماكن العامة تبعا للنظرة العامة السائدة في المجتمع ..وما قد ينتج عنها من سمعة وعواقب..
أظن أن الناطورة هي المستمتع الأكبر ..
من هي الناطورة ؟
الناطورة هي حارسة المكان الذي تخلع فيه النساء ثيابهن قبل الدخول إلى غرفة الحمام الساخن..
وأنا أرى أن لها النصيب الأوفر ..من الفرجة والاطلاع على خصوصيات النساء ...وإذا لم يتح لها النظر مباشرة ..فخرم الباب موجود ..ولم أكن لأصدق هذا لولا أن شاهدتها تسترق النظر بأم عيني ..ولكنني أعذرها ..فامام عينها مشهد لفتيات بأجساد عارية ..ومعظمهن فتيات ما زلن في مقتبل العمر ..كأنها أمام مشهد من فيلم إباحي ..
تعتذر فاطمة في أسلوب خجول ..قائلة ..لقد تماديت في الحديث ..أليس كذلك ..
على العكس تماما ..أنا أحييك على صراحتك ..
ولكن سأسألك سؤالا قبل أن أنهي حديثي معك ؟
تفضلي
إلى متى سيبقى هذا الحمام يحقق لك الرغبة والنشوة والثقة بالنفس ..فعذرا جسد الفتاة يتغير وأنت الآن في الثلاثين من عمرك ..وما كان في الثلاثين حتما مختلف عن الأربعين والخمسين.
تصمت فاطمة وكأنها أدركت حقيقة ضائعة ...أو استيقظت لتوها من نوم عميق
أنا دائما أهرب من هذا السؤال ولا أريد سماعه أما الإجابة فنتركها للأيام القادمة ..قد تأتين في الأربعين لتجديني هنا فتعاودي طرح السؤال علي مرة أخرى ..أما الآن فدعيني لنشوتي وفرحي فأنا مع فكرة أن يعيش الإنسان اللحظة ..دون منغصات ..وأنت الآن أصبحت تشكلين منغصا فأرجو منك الانصراف ..
بكل الاحترام وأتمنى أن أتي في الأربعين فلا أجدك في هذا الحمام ..بل أجدك برفقة ابنتك وقد جلبتها لتغتسل غلسة ليلة الزفاف .
ملاحظة :
المكيسة: هي المرأة التي تتولى تدليك وتنظيف النساء بما في ذلك التنظيف الكامل
البلانة : هي سيدة تقوم بتنظيف وصيانة الحمام بمكنسة من البلان وتقوم على تأمين متطلبات الزبونات من مشروبات أو مياه باردة .
الناطورة : الناطورة هي حارسة المكان الذي تخلع فيه النساء ثيابهن قبل الدخول إلى غرفة الحمام الساخن..
سناء ابراهيم - شوكوماكو
06-07-2010, 04:05 PM
{myadvertisements[zone_3]}
أبو خليل
عضو رائد
المشاركات: 3,575
الانضمام: Nov 2004