غضب حزب الله اللبناني من قول بطريرك الموارنة في لبنان نصر الله صفير، عنهم: «ما يسمى بحزب الله». كلام البطريرك هذا جاء في لقاء له مع قناة «العربية».
الحزب غضب على أساس أن هذا الوصف فيه مس بمكانته وموقعه المعنوي، واعتبر بيان العلاقات العامة للحزب أن «استعمال البطريرك صفير تعبير (ما يسمى بحزب الله) فيه نوع إنكار وإساءة واستهانة، وهو ما لا نريد أن نعتقد أنه كان مقصودا لغبطته، فهل يرضى غبطته أو محبوه أن يقال عنه (ما يسمى بالبطريرك)؟».
وأيضا قال البيان: «قد نختلف في السياسة ولكننا من يحرص على احترام المقامات، التي هي أولى بالحرص على احترام الآخرين نظرا لموقعها الديني والمعنوي».
وهنا تكمن عقدة من عقد الحبل اللبناني، ومثله العربي الإسلامي، فأين يقف الديني وأين يبدأ السياسي؟ ومتى تتحول اللغة والأوصاف من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة؟ ومن هو المعصوم ومن هو المثلوم؟ ومن المقدس ومن المدنس؟ وأخيرا: من هو حزب الله ومن هو خارج هذا الحزب، وبالتالي فهو ليس من حزبه؟
الحق أن رجل الدين المسيحي الأول في لبنان محق في الحديث عن حزب الله اللبناني بصيغة «ما يسمى بحزب الله»؛ فكثيرون في العالم ممن يعبدون الله ويتقربون إليه، لا يعتبرون أن حزبا لبنانيا مؤمنا بولاية الفقيه، ويمارس السياسة، مثل غيره، هو فقط حزب الله، أو حتى مجرد الموافقة على أنه حزب من أحزاب الله.
ليس أفراد وقيادات وجنود وناخبو وممولو حزب الله اللبناني هم فقط حزب الله.. فأين ذهب بقية الشيعة اللبنانيين؟ وأين ذهب بقية المسلمين في لبنان؟ وأين ذهب بقية المؤمنين بالرب في جبال وسهول ووديان لبنان؟ وأين ذهب بقية العرب والمسلمين؟ بل وأين ذهب بقية سكان المعمورة من بني آدم؟
تسمية حزب الله بهذا الاسم بحد ذاتها تحمل تزكية وقطعا واحتكارا للاتصال بمصدر الحق والتعبير عن هذا الاتصال من خلال مناصرته بالجنود. فإذا كان اسم الحزب هو حزب الله، فيعني ذلك أن كل ما يقوم به حزب الله هو لنصرة الله، السلاح والصواريخ تصبح إلهية معصومة لأنها تابعة لحزب الله، النواب في البرلمان هم نواب الله، تصويتهم من الله، الإعلام هو إعلام الحزب الإلهي، غزوة بيروت من الله، التحالف مع الجنرال عون هو من الله، السياسات والخطب والتوجهات والأهداف والرؤى كلها تصبح متصفة بقداسة وحصانة واستثنائية هذا الاتصال.
وحتى نكون منصفين، فليس حزب الله الشيعي هو فقط من احتك بقوة المقدس، واستثمر هذا المقدس في دنيا السياسة. فهناك عدة أحزاب وجماعات مسيحية ومسلمة تمسحت بالمقدس، قديما وحديثا، مثل فرسان الصليب وجماعة الرب الأوغندية، وحاليا مثل «جند الله» في إيران، وهي الجماعة السنية البلوشية التي تقاتل سلطة ولي الإمام المعصوم في طهران الذي يدعم هو بدوره حزب الله في لبنان. متاهة مقدسة.. أليس كذلك؟!
لدي اقتراح للغاضبين في حزب الله: ما دام هذا الاسم يحمل تزكية للذات نهى القرآن الكريم عنها «ولا تزكوا أنفسكم»، وما دام أنه اسم اختلافي وإشكالي، وما دام أنكم تقولون إنكم حزب المقاومة والمقاومة هي جوهر وجود الحزب الآن.. فلماذا لا يكون اسمكم: حزب المقاومة؟!
مجرد اقتراح غير مقدس ولا معصوم..
m.althaidy@asharqalawsat.com
http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=575484&issueno=11532