موضوع آسر قرأته في أحد المنتديات لجندي عراقي دون فيه بعض الذكريات عن الحرب العراقية الإيرانية والتي شارك فيها منذ بدايتها وحتى نهايتها، أحببت أن أنقل الموضوع إلى هنا، وهو مأخوذ من هذا الرابط:
http://el7ad.org/smf/index.php?topic=115464.0
1
مهدات الى كل مهندسي العراق
شبه جزيرة الفاو اواخر 1986
احتل الايرانيون مدينة الفاو منذ اشهر واعتمدوها كموطأ قدم وراس حربة للتقدم شمالا وغربا للاحاطة بمدينة البصرة
واحكام طوقا منيعا حولها تمهيدا لاسقاطها وضرب طرق الامدادت الاتية من الكويت عبر صفوان والتي كانت تغذي
الة الحرب العراقية واسباب ديمومتها ولتهديد دول الخليج من مغبة الاستمرار بدعم العراق ولتضع موانئها تحت مطرقة
المدفعية والصواريخ الايرانية
بالمقابل فقد حشد العراقيون افضل فرق النخبة من الحرس الجمهوري ونصف الجيش العراقي اضافة الى المع الوية
القوات الخاصة ( الصاعقة) كالوية 66 و 67 و69 ذائعة الصيت
دارت معارك رهيبة لايتصورها العقل السوي خلال تلك الاشهر تغيرلون الارض الى لون عجيب لاهو اسود ولا بالرصاصي
ولاهو بلخاكي واختلطت بشظايا القنابل وعجنت ببقايا ملابس جنود مهترءة مسودة من اثار الدماء الجافة وبقايا عظام
الخروج من والى الخنادق كان يتطلب مهارة وحذر لتجنب الحفر والخوذ والمتهشمة وبقايا الجنود ببساطة لم يكن هنالك اثر
للحياة لافئران ولاافاع ولا حتى ناموس لكل حصد بفعل قذائف المدفعية
بصفتي مساح ضمن فصيل المساحة العائدة لوحدتي كنت اكلف بواجب رسم الخرائط والسدود والسواتر الترابية المقامة حديثا
والتي كانت تتغير باستمرار تبعا للمد والجزر في تعبئة القوات والانسحاب والتقدم حسب الموقف التعبوي واحياننا كنت اتولى
مهمة الراصد المدفعي لقلة العددواستشهاد الكثير منهم وريثما يتم التبديل واحيانا رأفة بالضباط الصغار حديثي التخرج
عادة ما نتقاسم نحن الراصدون عراقيون وايرانيون نصفي النهار بفعل التكوين الجغرافي لجبهات القتال
كونهم في الشرق يعطيهم افضلية الرصد اوائل النهار والصباح الباكر فشروق الشمس خلفهم يعطيهم دقة عالية ونقاء ووضوح الرؤية
وحتى الظهيرة حيث السراب واستراحة المحاربين بعدها نستلمهم قصفا طيلة العصر وحتى غروب الشمس
كان من الطبيعي ان نتسلل الى مواضع رصدنا في المواقع الاستراتيجية والمطلة على الجبهه في الساعات الاولى للصباح
وقبل الفجرونتموضع في مكاننا بكل انواع التخفي وفنونه
كلفت بواجب رسم وتثبيت احداثيات ساتر ترابي جديد يغطي ويحمي احد الوية الحرس الجمهوري والتي مسكت الطرف الايمن منه
كانت هذه الواجبات ثقيلة ومكروهه لصلافة طباعهم وتكبرهم وعنجهيتهم بالنسبة لباقي وحدات الجيش ولهم صلاحيات واسعة
وكلامهم مسموع في اي مكان يحلون فيه لامعارض لهم وان كانوا على خطأ فقد كانوا محط اهتمام القيادة وثقتها
كان القصف كثيفا من قبل الايرانيين والقناصة يستهدفون سواق الشفلات بالاخص بغية عدم امكانية اتمام عملهم وحماية القاطع
لذين كانوا يهيلون التراب على الساتر ويرتفع الساتر شيئا فشيء جنود اخرين سواق للشفلات جالسين كاحتياط في حفر وسواقي
كالاعبين الجالسين على دكة الاحتياط ينتظرون مقتل اي سائق ليهرعوا الى قيادة الشفل بدلا عنه ولئلا تضيع اية دقيقة هباء
ولكي يجلس السائق الاحتياط بسرعة بين الاكياس الترابية المحاطة بكرسي السائق حوله كان عليه ان يزيح القديم بسرعة
واحياناكان يرفسه جثته وينتزع يديه من المقود ويرميه ارضا ...حب البقاء احيانا يدفعك الى اعمال جنونية
جاء من بعيد...غشيم الخطوات...غير منتبه......شارد الذهن ....مرعوب .....اكثر من مرة وقع ونهض ليقع مرة اخرى
زائغ النظرات تائه لاهث ....ينؤ بحمل خفيف ..بطانيتين وحقيبة سوداء غير عسكرية واضح انه مستجد ولاول مرة يرى الجبهه
التي سمع عنها .....الكل كان يتوقع اصابته بطلق ناري اوشظية قنبلة ولااحد يجرؤ على مناداته لئلا يكشف موضعه ويستمكن
اقترب مني ولم يراني ....لم اتمالك نفسي مسكته من نطاقه ورفست رجله واوقعته وكانه اصيب
حتى انه لم يقاوم اظنه كان يعتقد انه قد اصيب ......كلمته وطلبت منه السكينه والهدؤ ولكن هيهات .....مسك بطل الماء (الفرات)
بيد مرتجفة بلهاث اشبه بالنحيب او بكليهما وبدأ يعب الماء حتى اوشك على الاختناق ...... وبدأ يهدأ شيئا فشيئا
كان من الواضح انه من المتنعمين او انه ابن مدلل ..مد يده واخرج كليجة من الجنطه وطلب مني برجاء وادب شديدين ان اقبلها
صاح علي رئيس عرفاء الوحدة المكلف بمتابعة انشاء الساتر وطلب مني ارساله اليه كونه احد سواق الشفلات ووعدته بذلك
ولكن بعد ان يرتاح ويهدأ فوافق .......بدأت امارس عملي اقيس مسافات واتجاهات واثبت على الخريطة
فاجأني بمعاونتي باسلوب علمي راق وساعدني في تثبيت الاحداثيات على الخريطة مما ادهشني واستعلمت منه بانه كان من خريجي
كلية الهندسة ........سوق للخدمة العسكرية في احدى وحدات الهندسة العسكرية واتم دورته داخل المدن وحين جاء دوره للحاق
بالجبهه واقرانه لفهم الخوف وهو شيء طبيعي فقرروا ان يدخلوا اية دورة اخرى داخل المعسكر عسى ان تنتهي هذه الحرب الملعونه
ولم يجدوا غير دورة سواق شفلات ولمدة ثلاثة اشهر اخرى في المعسكر داخل المدينه قرب عوائلهم ...انتهت بسرعة وهاهو في اول
ساعة له فيها....فاجأتنا صافرة رئيس عرفاء الوحدة واشار الي بان ارسله الى الشفلات فقد نفذ السواق شجعته وارسلته وابقيت اغراضه
عندي وكنت قد قررت ان اشاركه ملجأي لو عاد
ولكنه وخلافا لما علمته اخذ يرتقي سلم الشفل بخطوات مرتجفه وسفط ونهض ولما صعد اندهش من منظر السائق السابق ولم يحسن التصرف
وطال به الوقت ولم يتخذ موقعه واصيب برأسه وسقط صريعا باقل من دقيقة
لم اكن اعرف اسمه ولم تكن في جنطته ما يدل على هويته وبعد حلول الظلام جاء جنود اخلاء الجرحى والشهداء واخذوا القتلى واخذوا اغراضه
اقل من نصف ساعة كان معي ولكنه لم ولن يبارح مخيلتي مازالت ذاكرتي تذكرعبق البيت والاسرة منه ووجهه الطفولي واتساع حدقتي
عيناه ....لن انسى ابدا نظرات العرفان التي كان ينظر بها الي
ترى كم كان تخرجه يوما بهيجا لاسرته وهي ترنوا الى المهندس الجديد
ترى كم من القصص وكم من الشباب هدروا بلا سبب لحرب نشأت بلا سبب وخمدت ايضا بلا سبب
*****************
*****************
الى كل مقاتلي الجيش العراقي الابطال المنسيين المسحوقين باعة السكائر المفرد الان
الى كل بطل لم ينل حظه من التكريم والنياشين والاوسمة وانواط الشجاعة ولا الرعاية التي يستحقها ولا حتى الراتب التقاعدي
لكل شاب عراقي شريف توهم خطأ ان البعثيين ذوي البدلات الزيتونية هم من انقذ العراق من مخالب الفرس
شمال الفاو - شريط النخيل المحاذي لشط العرب اواخر 1986
وردت اشارة الى وحدتنا الفنية بظرورة ارسال ضابط رصد مدفعي قديم واكثر دراية بتفاصيل المنطقة جغرافيا لمصاحبة ودلالة لاحدى
وحدات الحرس الجمهوري المنتشرة توا والتي لم تكن على معرفة بجبهة المنطقة التي اوكلت اليها والتي تتعرض الان الى قصف شديد
اصطحبت مفرزة مساحة وبعجلة مساحة اختصاصية كانت تستخدم لرسم الطرق وتحديد الاحداثيات وذهبنا
عند اقترابنا من المنطقة نزلنا من الطريق الرئيسي المعبد وسلكنا طرقا نيسمية( فرعية متربة) بين النخيل لتحاشي الرصد المعادي
وصلنا قرب المكان المحدد لنا وترجلنا وسط صياح جنود الوحدة وسبابهم لنا وجرونا الى امر(قائد) وحدتهم المهتاج والذي اخذ بالسب
والشتم مهددا اياي بالاعدام لاننا اثرنا الغبار المتصاعد من الطريق الترابي بفعل مسير السيارة
الحقيقة انني خفت كثيرا ان اعدم بسهولة بعد اكثر من ستة سنين نجاة واخذت بتهدأت امرهم مبينا اننا سننهي معاناتهم من القصف المعادي
والحقيقة انني وجدت له عذرا لخسائر لامبرر لها لوحدته نتيجة تسرعنا خصوصا بعد ان رأيت ان اغلب منتسبيه منبطحون في السواقي
الزراعية الكثيرة والتي كانت تروي اوتوماتيكيا نتيجة المدوالجزر للبساتين انذاك
تقدمنا الى خطهم الامامي بحذر شديد واحيانا زحفا ......هالني مارأيت من رتب كبيرة لامعة وبدلات مكوية بعنايه وخوذهم التي لم
يمسسها التراب وبساطيلهم شديدة السواد المصبوغة بعناية ووجوههم الحليقة جيدا وتنبهت لخطورة المهمة
توقفنا عن الزحف بين ازيز الرصاص المنهمر كالمطر وانسلينا كالثعابين الى احدى السواقي
وددت لو يدلني احد على مصادر النيران المعادية وطلبت منهم ذلك ولكن احدا منهم لم يجرأ على رفع رأسه ولاحتى للرد على مصادر النيران
واسكاتها كانوا مستسلمين مرعوبين ممتدين داخل السواقي غير عابئين بتلطخ بذلاتهم باطيان واوساخ هذه السواقي
صدقا ارتعبنا نحن افراد المفرزة ايضا والمفروض اننا جنودا قدماء لاتهزهم هكذا مواقف
المهم لامفر من الواجب رفعت راسي قليلا وبالناظور لاستطلع المنطقة ولم اجد شيئا غير بعض الايرانيين المشاة واغلبهم من القناصة
اعتلوا اشجار النخيل وكانت لهم افضلية الرؤية وزمام المبادرة ولم اجد او احس باي قصف مدفعي معاد مجرد رمي اسلحة خفيفة ورشاشات
اوتوماتيكية من مجموعة لاتزيد عن 250-300 ايراني اوقفت وارعبت فوجا يزيدعلى 1200 جندي
الحقيقة لم اكن اجرأ على مفاتحت الامر على ذلك فلبرما كانت هنالك هاونات لم اراها رجعت زحفا الى ساقية الامر وهيئة اركان الفوج
وبينت له استحالت رميهم بالمدفعية للمسافة القريبة جدا بيننا وبينهم اقل من 100 مترا في بعض الاماكن لكون مدفعيتنا متوسطة وثقيلة
ذات مدى بعيد وبصراحة دقتها لاتعتمد في هذه الالتحامات لقدمها واحياننا لاتعتمد الظروف الجوية من حرارة ورطوبة وضغط جوي
واتجاة ريح بدقة شديدة من قبل وحدات المدفعية واحتمال كبير ان تصاب وحدته بدلا من الايرانيين لذا استاذنته لطلب مفرزة هاون 60 ملم
ذو مدى قريب من الوحدة القديمة المجاورة والتي اعرف امر فصيلها وتربطني به شبه صداقة فوافق واتصلنا به وارسل لنا عددا واحدا
لقلة الموجود لديه وعدم توفر البدلاء فاحبط نا وانتظرنا هذا الجندي
من بعيد جاء ....طويل طويل .....نحيف نحيف يتمايل بفعل ثقل مايحمله .....وتتمايل خوذته على راسه النحيل الطويل
تمعنته جيدا .....وجه اسمر مسود من شمس الجنوب اللاهبة ......ومن دخان هاونه........عيون ناعسة تعبة......انف طويل
اراهن انه لم يغسل وجهه منذ اسابيع .......يده الطويله خرجت من ردان قمصلته العسكرية ...بنطلونه يصل الى منتصف ساقه الطويلة
حذائه العسكري ابيض من اثار ملح المملحة والتراب الناعم الابيض اضافر طويله ليد طويلة ونحيلة بارزة العروق
في كل يد صندوق من قذائف هاون 60 ملم والهاون نفسه معلق برقبته ومدلى على ظهره من الخلف ببساطة كان من بقايا الجنود القدامى
انتخب موضعا له امين وهيأ هاونه وقذائفه بسرعة قياسية .....امنت الاتصال معه بسرعة وعدت لموضعي وبدأت اعطيه اوامر الرمي
بالبداية خفت من الاطلاقة الاولى له لئلا تصيبنا للمسافة القريبة فاعطيته احداثيات هدف عند اخر ايراني فاصابه بدقة لم اراهافي حياتي
وبدات انقص من مداه لثقتي المتولدة لدقته -نقص كذا مل -يميناكذا مل -يسارا كذا مل حتى نشرنا سوية قذائف الهون على المنطقة باتقان
دون ان تضيع احداها هدرا وبدأصراخ الايرانيين يتعالى وبدات اعداد القناصة تتساقط كالتمور الناضجة
كنت ارى البعض منهم يسارع الى النزول غير عابئ بالنتؤات الكبيرة من سيقان النخلة وهي تمزق بطونهم وملابسهم
هربوا كالجرذان المذعورة تاركين قتلاهم وغيرعابئين لصراخات جرحاهم والكثيرمنهم تاركا سلاحه وبدأنا نزيد المدى ورائهم
وصعدت غيرة جنود الفوج وبدأوا بالرمي دون انتظار الاوامريقتلون منهم حتى وصل الايرانيون الى مسافة لم نعد نراهم
اعتقد انه كان ساترهم الاول واخذجنود الفوج يجمعون الاسلحة الايرانية الباقية وبعض التذكارات واخلي الجرحى الى استخبارات
الفوج لاستنطاقهم واخذ المعلومات بين هتافات واهازيج وهوسات الجنود والضباط وبدأوا باطلاق النار في الهواء
ورأيته من بعيد حاملا هاونه من مسنده بخرقه غير عابيء لسخونته ولا ادري من اين مسكه
عائدا الى وحدته دون وداع ودون تكريم دون ان يلتفت اليه احد والخوذة العسكرية المتربة تتراقص على رأسه النحيل الطويل
****************************
***************************
***************************
بغداد - ساحة الكشافة - مديرية رعاية شؤون الاسرى والمفقودين - اب 1987
اتيت امس الى العاصمة من مدينتي في كوردستان قبل يومين من انتهاء اجازتي العسكرية للاشتراك مراسم عزاء احد اقربائنا
في الصباح لم يكن هنالك ما يشغلني مع عائلة المرحوم فالكثيرين من اقاربنا كانوا متواجدين للخدمة والترحيب بالمعزين
ولاعجب فالاواصر الاسرية والعشائرية متينة في العراق
قررت ان اذهب الى المديرية اعلاه للاستعلام عن مصير اخي الصغير المفقود منذ اكثر من اربعة سنين وبالضبط
في 10-8 - 1983 في قاطع زرباطية من على الراقم 812 المطل على مدينة مهران الايرانية
كان ضمن الفوج الاول لواء المشاة 417 والذي كان يحتل الراقم المذكور ( هضبة )
في الساعات الاولى من صباح ذلك اليوم اجتاحت القوات الايرانية كل دفاعاتنا وتغلغلت الى عمق اكثر من 10 كلم
بقيت بعض ما يسمى بالجيوب المستعصية الشديدة المقاومة والتي تركت لتسقط من تلقاء نفسها عند نفاذ ذخيرتها ومؤنتها
بقي الفوج ولاكثر من 11 يوما يقاتل الايرانيين وبضراوة استحق ان ترسل له بعض طائرات الهليكوبتر باسقاط بعض الذخائر
والارزاق الجافة والتي اسقط اغلبهاعلى الايرانيين من فعل النيران المقاومة والبقية انسحبت لتعذر الاستمرار بالعملية
تبين لامر الوحدة اهمال القيادة الميدانية لوحدته بعد استحالة احراز النصر في تلك المعركة ومسك الارض من جديد وتحريرها
فقرر الاعتماد على جهود الفوج الذاتية وعلى ماتبقى من جنوده وذخائرهم القليلة والنزول من على الراقم بغتة والاعتماد على
عنصر المباغته وفتح ثغرة في الطوق المحاصر له والاندفاع غربا للالتحاق بباقي القوات المنسحبة والتي اتخذت من احدى السواتر
خطا احمر لايقاف تقدم الايرانيين بعد وصول المساعدات وقوات الصد
هذا هو كل مارواه لي احد الناجين والذي كان صديقا لاخي ومن القلة القليلة التي وصلت الى ساتر النجاة
عند زيارتي لوحدته في معسكر لاعادة التنظيم للاستفسار عن اخي وبعد سماع اخبار الهجوم
كان اخي ضمن ما يدعى بالمفقودين وهم ضحايا المعارك المجهولة مصيرها فلاهم بالشهداءلا هم بالاسرى
ولايمكن لاسرة المفقود ان تقيم له مجلس عزاء وتنهي معاناتها بنسيانه وقطع الامل باعتباره شهيدا ويضل الامل بعودته
باحتمال كونه اسير...كم من زوجة بقيت اسيرة عودة زوجها والى يومنا هذا
وكم من مفقود تبين انه اسير وعاد ليجد زوجته قد تزوجت من اخر لياسها من عودته
وصلت الى ساحة الكشافة وعند نصب لللاعب جمولي كان يوجد سياج سلكي توزعت داخله كابينات بلاستيكية
الظاهر انها مستخدمة كمكاتب استعلامات لكثرة المراجعين من اهالي الضحايا ولكل مكتب اختصاص
كان الزحام على اشده ولم استطع ان اجد مكتبا يصغ الي ولم يكن هنالك مكتبا اصلا لهكذا قضايا حتى انني طردت من اكثر من
مكان اتصور ان الكل كان يعلم مصيرمفقوده كونهم يراجعون باستمرار وحتى انهم اتوا اليوم لاستلام راتب ما الا انا
نشبت معركة بين اهالي المفقودين والحراس ذوي البدلات الزيتونية في احدى المكاتب
اقتربت لارى ما الحكاية فوجدت بن هذا المكتب يخص الشهداء المتميزين وعند السؤال عن ماهية هؤلاء المتميزين اجابني
والد احد هؤلاء الشهداء بانهم من الاسرى العراقيين ممن اعدوا تنضيما داخل سجنهم لحزب البعث وقاموا بمظاهرات
خلال زيارة وفد الصليب الاحمر الدولي لهم وتشابكوا مع حراسهم الايرانيين ووقع قتلى من الطرفين
كانت عيناه تبكي من غير دموع والصوت الحزين يجهش دون بكاء وهو يرى كلاب السلطة تدفع اهالي وذوي الابطال
باخماس البنادق وبسباب قذر ناعقين بوجوههم بان استلام الراتب تأجل ليوم اخر
بصراحة بصراحة خفت ان استمر بالحاحي و سؤالي في خضم هذه المعمعة لئلا اتلقى ردا قاسيا او سبابا نابيا قد اضطر الى
الدفاع عن كرامتي المهدورة وانا البطل الاتي بملابسي الحربية من جبهات القتال ولا عجب فقد كانوا كلابا مسعورة
قفلت راجعا وعند حرس الباب طرأت علي فكرة رشوتهم عسى ولعل
اقتربت من الحرس واشرت اليه فانتبه لي واصغى ...شرحت له وضعي وطلبت من ان يدلني على وسيلة اوطريقة لنيل مبتغاي
اجابني بصوت اشبه بالنباح (عشرين دينار) وافقت فصاح زميله الذي هرع راكضا
اعطيته ورقة دونت فيها اسم اخي وورقم وحدته وابقيت قسما من المعلومات لاتاكد من صدق بحثه
عاد بعد فترة ليحمل الي باقي المعلومات والنتيجة( باقي كما هو عليه ) اي لامعلومات حول مصيره
اعطيته النقود ورجعت لاجد احد ضباط الصف يسالني كم اعطيته
بهت اول الامر واعتقدت بان امر الرشوة قد كشف وانني سوف اتلقى محاكمة لمحاولتي الرشوة فنكرت
اشتاظ غاضبا والظاهر انه كانت له سطوة على البقية فصاح الحرس الذي اكد له مبلغ الرشوة
تبين انه كان يريد حصته منها واراد ان يتاكد مني شخصيا
هانت نفسي كثيرا وعدت ادراجي ابكي بطولة اخي وكرامتنا المهدورة