حفيد المتنبي
عضو مشارك
المشاركات: 46
الانضمام: Jul 2010
|
"مغامرات فيسي في دمشق" / سكتشات
أتتني فكرة كتابة مغامرات لشخصية شاب أسمه "فيسي" رغم أن أسمه الأصلي هو فرانسوا لكون والده متأثر جدا بالأدب الفرنسي. يدلعه زعران الحارة باسم فيسي رغم كراهيته له. هذه الشخصية لا ترمز لعضو، و هي تصورات غير منتظمة لحياة شخصية خيالية تعيش بدمشق.
(1)
"وسام النصر"
كان فيسي جالسا بالسرفيس و يسد ساقيه كي لا يتفضح أمام عجوز قبالته حيث أنه مكبوت لدرجة أن العجائز تثيره. يستمع لدعاء ما و الزحام على أوجه، بينما السائق البدين يمسح عرقه بمنشفة بيضاء متسخة و يلعن مؤخرة الزمان. قربه رجل خمسيني تفوح منه رائحة المسك التي تذكره بالمساجد، الأمر الذي يبلد عقله و يثير سخطه. يزداد تذمره ثم يهدأ لحظة حينما يتوقف الدعاء مع توقيت رائع لصعود فتاة جميلة ذاهبة لكلية الآداب. يهمس لذاته: متى تتحول النساء لقحـ**ت.. أواه. ينسى نفسه و يبقى محملق بالفتاة ثم يعض شفته عليها، بينما هي تحرج و تتلعثم حين تطلب النزول. يقف السرفيس فجأة بشكل غير طبيعي و بخفة رهيبة يقفز السائق خارجا - بحركات تعلمها من فيلم Die another day لجيمس بوند - و يلف داخلا نحو الباب الرئيسي للسرفيس. يسحبه و يصرخ به أن يخرج من السرفيس. عيناه تسألان أن لماذا؟ يسمع التفسير قبل إتمام السؤال: أنا طاقق ديني من شكيلاتك ولاك حيوان.. عم بتبصبص عالبنات و عم تعضعض شفايفك؟ لاك ما عندك خوات بنات أولاك؟ و قبل أن يتم السائق حرف الكاف يدوّي صوت الكف على وجهه، فيرتد لمقعده، و يشعر بيد السائق تسحبه و تودعه بطيّارة (كف على الرقبة) شديدة الإتقان. يطير لثواني قبل السقوط أرضا ثم ينهض و هو يكفّر و يتخيل ذاته بمليشيا أسمها "أنصار داوكنز" و يقتل كل من يمر أمام عينه من الجموع المنشغلة بالشوارع. يصل للبيت، يفتح حاسوبه ليرسم صوره "جهادية" كي ينال وساما.
فأهم شيء بكل حياته: هو الوسام.
************
(2)
"كاسة شاي إلحادي"
قرر فيسي أن يمارس كمال الأجسام كي يتخلص من الشحوم الزائدة، و لهذا مضى لنادي "الموّاز" بدمشق. أنه مكان مكتظ إلا أنه يناسب مكانة فيسي الإجتماعية، لكونه أبن أستاذ أدب فرنسي بمعهد خاص و كذلك أستاذ خصوصي، تشهد له صلعته الأكاديمية و عيناه الخُضر بصرامة "فرانكفونيّية" يُحسد عليها. و في الموّاز، كان يحاول الجري بينما يجد صعوبة بالسيطرة على لسانه الذي كان يقلت خارج فمه بسبب جيوبه الأنفية. يسمع صوتا رجوليا "شببلكيّا" من خلفه قائلا: بس مو هيك الركض حبيب. و بلا أن يسنح له الفرصة للكلام عرّفه بنفسه: أنا مايز، شو أسمك؟ تأمله فيسي فوجده مفتول العضلات و بشعر طويل مسبّل، مع الكثير من العطور التي تعبّر عن ثراءه. قال مجيبا: أسمي فيسـ... قصدي فرانسوا. أبتسم مايز و أقترح عليه أن يمضيا للقصاع غدا لتضبيط البنات. كان القصاع مكتظا كما تصوره و لم يكن حظهما مع البنات وفيرا. شعر مايز أن بدانة فيسي تؤثر على أدائه فأقترح المضي لبيته. دخلا شقة صغيرة بمساكن برزة، و ألقى مايز مفاتيح سيارته و خلع قميصه و بنطاله الجينز، و سار نحو المطبخ بشورت السباحة. توجس فيسي و لكن مايز عاد مع عصير برتقال و هو يرتدي روب أزرق. سأله: لك تعا أشربلك شغلة يا زلمة. رفض أول الأمر لسبب ما، و لكنه شرب ثم شرب بعدها قليلا من الويسكي المهرب من لبنان، و أكتشف أن مايز ملحد. شتما المجتمع و حملاه مسؤولية كل ما يحصل لهما، و تحدثا عن المنتديات و كيف ألحد كلا منهما. كان حوارا رائعا. تمدد فيسي على الأريكة و قال بصوت مرتاح: لك لازم نعمل رابطة بنساعد بعضنا فيها. أجابه مايز و هو يرفع الأقداح: اكيد أبو شريك... ولو. قرر أن يمضي للمنزل قبل حلول الليل، فقال له مايز ناصحا: لك أشربلك كاسة شاي بحياة دواكنز عالغالي تا مايضربك الشوفير لو شافك عم تبصبص على شي بنوته. ضحك فيسي و قبل الشاي، مؤكدا أنه عربون صداقة لطالما تمناها. كان طعمه لذيذا جدا، و كان يرغب بالكلام إلا أنه قرر الصمت.
سمع أذان الفجر باليوم التالي و أنتابه ألم رهيب بين إليتيه، بينما سمع صوت صاحب الشقة قائلا: انقلع أولاك كلب.. أجار الليلة خلص. فجرّ جسده العاري من الأريكة للحمام.
تابع
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 07-17-2010, 06:59 AM بواسطة حفيد المتنبي.)
|
|
07-17-2010, 06:57 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
حفيد المتنبي
عضو مشارك
المشاركات: 46
الانضمام: Jul 2010
|
RE: "مغامرات فيسي في دمشق" / سكتشات
(07-18-2010, 08:38 PM)بسام الخوري كتب: موضوع بيفرط من الضحك من كلب مسلم متطرف عم يسيء لسمعة فرانسوا المسيحي الذمي ...السائق المسلم الشريف ضد الشاب المسيحي المتهيج ....روح سك أختك على أخت يلي فعل إشتراكك يا كلب ...إنت حفيد المنيوك معاوية أو العرصة سيد قطب ...
شكرا لشتائمك التي تعبر عن مشكلة أصوليتك الدينية ضد مجتمعك، و الحقيقة أنني كنت أظن أن فرانسوا مجرد أسم يحمله مسلمين كما شهدته تجاربي. بطل القصة مسلم في الواقع، و لو أنكَ انتظرت لتقرأ باقي السلسلة ستعرف هذا من تلقاء ذاتك. الحقيقة ان أمثالك من الأصوليين يثيرون غثياني سواء اكانوا مسلمين أو مسيحيين. كلاكما تحملان تخلف الشرق و التجربة الظلامية.
الزميل الحوت الأبيض:
الموضوع لي و أنا كاتبه، و هو منقول من منتدى آخر كنت أكتب به و أرجو أن تترك لي متعة نقل موضوعي هنا بنفسي.
- 4 -
"توجّس"
بعد حادثة مايز، قرر فيسي الحذر الشديد، إلا أن الحذر يستوجب معرفة المحذور منه، و بالتالي فإن عليه أن يميّز عدوه. أوصته أمه أن يأتي بتسعين خبزة من المخبز الآلي، لأن زوج أخته قد أتى بزيارة مع أخويه قادما من الإمارات. الإمارات، فكر بالكلمة ثم علل الحضارة. أنها المباني و التبذير المالي و سباق الهجن أولا و أخيرا. هزّ رأسه موافقا و هو يتلفت يمنة و يسرة لعبور الشارع. أقتطع طريقه سائق أجرة: على وين خيّو؟ أراد أن يبتعد عنه بترفع لولا خوفه من ردّة فعل نتيجة لكرامة غير متوقعة. أجابه: رايح لمحل قريب. غيّر صاحب السائق على الأول و قال و هو يحرّك ببطء: بحفظ.. إنته كتير عليك جحش يا كحيان. أستمر بالمسير دون التأثر بإهانة صاحب الأجرة، بل أنه إمتنّ لها بأعماقه لأنها ذكرته بهاجسه عن كشف نوع العدو المتربص بمؤخرته. رمق شيخ جامع يسير بهدوء فأغلق مؤخرته لا شعوريا، ثم فعل ذات الأمر مع بائع محروقات كان يقود عربته الحيوانية ببطء غير متناسب مع عصرية المدينة. كان المخبز يحوي صفان، أحدهما رتل منتظم من المسنين و النساء، و الثاني معركة أشبه ما تكون بمظاهرة صغيرة. و بما أنه ليس بمجتمع متحضر فأنه فكر بالدخول للمعمعة و الإنتهاء سريعا من هذا الواجب التعيس، إلا أنه طبعا سيتصرف بتحضر بحال كونه بمكان متحضر. دخل مدافعا و شعر بتبلل إبطه بسبب الحر، و تذكر هاجسه فتلفت حوله ليتأكد أنه مامن أحد من هؤلاء الغوغاء يستحق الثقة. أثناء إقتاله فكّر ببلاد التحضر، و فكر بصنع رابطة للمتحضرين و الملحدين من جديد. "أنصار الإلحاد" فكّر بالعنوان، و بينما هو كذلك شعر بيد تقبض على مؤخرته. إلتفت بسرعة و تفاجأ بمايز من جديد، و قد قال الأخير مسلّما: بونجور حبيبي. لم يجب و لم يفعل شيئا ليد المُعتدي، كان أمام البائع السمين البارز الذي سأله بنزق: شو بدّك حبيب؟ فقال بصوت مرتعش: تسعين رغيف بس.
-------------
(5)
"شغف حضاري"
كان فيسي يمقت زوج أخته بوحشية. فعلاوة على أنه ملتحي و متعصبّ بتدينه، الذي طرأ فجأة منذ سفره للإمارات قبل سبع سنوات، فإنه يسمعه يباهي الكل بفحولته. كان يتحدث عن زوجته بمصطلح "الحُرمَة" و يروي ما لقته منه ليلة أمس إثر هياجه الجنسي الغير متوقع. كان صديقاه يضحكان، بيدَ أنّ فيسي يستعر غضبا بأعماقه و لا يصدّه سوى جُبنه عن نصرته لعرض أخته المهتوك على مسمع الصديقين، خصوصا عندما أضطر زوج أخته أن يشرح قليلا عن جسد زوجته ليوصل النقطة: الحُرمة لو تنفخ عليها عند بطنها بتضحك. فكّر بأن الأمر لا يستحق، و أنه لطالما كان من دعاة الحرية الجنسية بالمجتمع. و بالتالي لا يوجد هناك سبب للغضب حتى لو كان الموضوع عن فتوحات هذا الهمجي بمهبل أخته، و كيف أنها أضطرت للسهر طوال الليل لتورم جسها بعد ما نالته من عقاب عنيف من الضرب و العض، و الذي من المفروض أن يكون ممارسة للحُب. ممارسة الحب؟ سأل السؤال بسخرية و هو ينظر لشارب زوج أخته الكث المقزز و لكرشي صديقيه المنفلتين بصلف على العالم. كان الأربعة يسرون بحديقة تشرين، بعد أن أضطر لمصاحبته إثر إيحاءات من والدته بأن "سرحان" سيمهد له هجرته للإمارات و عليه أن يكون مرافقا له بتجولاته. سمعه يتكلم ضاحكا عن الموضوع الأهم و الأكثر تكرارا: لك يا زلمة شو بدي أقلّك يا زلمة.. الإمارات أعظم دولة عربية.. بالإمارات حضارة و فن و نسوانهم أحلى نسوان و بناياتهم أشلّ بنايات.. لك بحياة الغوالي ما في أكثر بلد عربي متحضر منهم. يهزّ صديقاه رأسيهما و هم ينظران بقرف لحديقة تشرين التي لم تكن تحوي سوى خضرة و جمالية دمشقية، بينما بدى مثقفيها القارئين هنا و هناك كالحشرات المتطفلة على صحن كنافة. زفر أحد الصديقين بجزع و قال: تعرفوا شو هي المشكلة هون؟ تعرفوا؟ لم ينتظر الإجابة و لم يجيباه، و لذا أكمل فور: المشكلة أنو شعبك هون أمفكر الحضارة بهالكتب الجربانة الي يقروهن هون.. لك شوفهن شوف على الهشكيلات.. الناس بالإمارات تطلع للصحرا.. تطلع للأسواق.. للممحلات الحلوة.. بتسافر أما هالخرا اللي قدامك عم يقرا .... لم يستطع قراءة الكتاب جيدا فقرر صاحب الكتاب أن يساعده، حيث رفع الشاب الكتاب و أكمل متحدثا عن نفسه: هالخرا عم يقرا "مهزلة العقل البشري" لعلي الوردي، و شكرا يا شباب على الذوق و الأخلاق و الحضارة.. خصوصا الحضارة. لم يجبه أحد سوى المتكلم سابقا الذي بصق على الأرض بتحدي للشاب و ألتفت مكملا حديثه: شفتوا؟ هيك كلاب و همج و نقاقين السبب بكل مشاكلنا. وافقه الجميع و أكمل زوج أخته المحادثة: لك شو هالإمارات.. جنة يا ربي جنة.. بدك إسلام في إسلام.. بدك بسط في بسط.. بدك شغل تلقاه مليا.. بس آآآآه عم ينزعوها العراقيّة و الفلسطينية.. يا زلمة كنّا أمفرفحين بالأجانب اللي يشتغلوا هنيك بخبراتهم، بس هاليومين الشغل عم يروح للعراقيين و الفلسطينيين. شتمهم صديقهم الثالث الذي ألتزم الصمت و أحس فيسي بأن عليه قول شيء ما، فقال بلا حقد حقيقي: العراقيين مليانين هون. كانت كلمات فيسي تذكرة كبيرة، و أندهش الكل لنسيانهم الأمر. هلهل صاحبهم ناقد الحضارة بقوله: و الله حكيك مزبوط يا فرانسا.. قصدي فرانسي.. لك شو أسمك يا منظوم؟ عدل له فرانسوا الإسم فأكمل الآخر: إيه لو كان إسمك على شي صحابي ما كان أحسن؟ اللهم عافينا من الغرب.. شو كنت عم قول؟ إيه إيه، لك هالعراقية بكل محل هون.. العمى و تلت أرباعهن شيعة يا زلمة.. شيعة. ذهل سرحان للمعلومة الخطيرة و ألتفت بعنف لصديقه متأكدا: شه.. معقول؟ أجابه صديقه: و غلاوتك عندي ما عم زلّ عليك. قال الثالث المائل للصمت بعد أن أنهى عصير البرتقال و أركن العلبة الفارغة على معقد خشبي: الله يرحملك يا صطام و يحسن مقامك.. و الله و الله كان كان ملك على العرب و الله. إنزعج سرحان و قال معترضا: شو عرب ما عرب؟ قول المسلمين.. أتركووووها أنها منتنة. أجابه صديقاه: مزبوط مزبوط. كان فسي بين موجات الحوار لا يدري أين يتجه، إلا أنه بالنهاية حسم أمره متمتا: تعرفوا ليش الإمارات عندهن حضارة؟ لأنهن تركوا شغل العروبة و الجرب و هالعلاك. أتفق معه الجميع، و لأول مرّة منذ أسابيع شعر فيسي بالحماية مع مرافقيه فأرخى إليتيه. و من هناك - من بين إليتيه - خرج حلمه بالإمارات المتحضرة كحمامة تفلت من سجن مرعب. إلا أنه بأعماقه مايزال يكره سرحان و صديقيه.
تابع
-------------
إيضاح:
في الكلام الذي تحته خط، دليل على أن المخاطِب يعرف بان فرانسوا مسلم و لكنه يحمل اسم غربي، و هذا ما كنت أنتظر من صاحب الشتائم (الذي أعرف مستواه منذ سنوات طويلة بالمناسبة) أن يقرأه قبل ان يباشر بتعريفنا على أخلاقه "الدينية" المنفعلة لإنقاذ معتقده المسيحي.
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 07-19-2010, 12:19 AM بواسطة حفيد المتنبي.)
|
|
07-19-2010, 12:07 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
حفيد المتنبي
عضو مشارك
المشاركات: 46
الانضمام: Jul 2010
|
RE: "مغامرات فيسي في دمشق" / سكتشات
(07-19-2010, 07:43 AM)بسام الخوري كتب: إنت أجدب ولا عم تجدبها ...علينا الانتظار لتعلن أنه مسلم ...والكل ببلاد الشام يعرفون أن فرانسوا اسم مسيحي ومستحيل يطلقه مسلم على ابنه ...وحتى لو كان مسلم ...فأسلوبك وسخ وليس بساخر ...مرة أكل كف ...مرة نكحه آخر ....خراي عليك وعلى هكذا موضوع وسخ مثلك ...طلعت أنا متطرف وأنت المعتدل يا ابن الشرطوطة ....ولماذا طردك المنتدى السابق يا حيوان
أمثالك أشم ريحتهم الوسخة على بعد مئات الكيلومترات ولو شاركو بعشرة أسماء
أولا:
يعجبني تشبثك الآن بنقد "الوساخة" بالموضوع و لعمري فلعله قد أثار ذكريات ما، و تذكرني بقصيدة ساخرة لأحمد مطر يقول فيها:
"رأيت جرذا يخطب اليوم عن النظافة
و ينذر الأوساخ بالعقاب
و حوله يصفق الذباب."
ثانيا:
يؤسفني أنك دفعتني لأن أنزل لأسلوبك يا زميلي المتخلّف. أنا لم أطرد من أي منتدى (و يمكنك أن تسأل) بل أترك المنتديات حينما يكثر بها أمثالك من المشلولين أخلاقيا و فكريا. نعم، هناك مسلمين يتسمون بفرانسوا و جوني و طوني و باقي هذه الأسماء التي يتصورون بأنها تعطيهم قيمة ما أو حضارة توصلهم بثقافة الأفلام و المواخير التي يرتادونها برحلاتهم. ثم لماذا أنتَ مزعوج؟ أنا أعرفك شخصيا و لسنوات، و كلانا نعرف أنك لست بالهمام الشجاع لكي تغضب كل هذا الغضب الفارغ. أنتَ مجرد أصولي ديني متخلف يظن بان بضعة شتائم غبية (لو شتمتك لأريتك فن متكامل بهذا المجال) ستعطيه عزاء و نصر بمعركته الأصولية القميئة التي لا تساوي بها إلا معارك حُثالات تنظيم القاعدة. لذا - يا زميلي المضحك بتخلفه - إنقلع من موضوعي و أحمل شتائمك البائسة معك لأن القافلة ستسير رغم انفك و كل الأصوات التي تصدرها.
(6)
"باص سياحي"
عند إقتراب شهر آب، قرر فيسي الهرب بعيدا عن حرارة المدينة لمكان رطب معتدل، و به فرصة ما لبديء علاقة "غير شريفة" كما قالها بضحكة ساخرة. لم يكن هناك إمكانية لتأجير سيارة مع زوج أخته و صديقيه، مما أضطره للسفر عبر حافلات كبيرة للنقل الداخلي (البولمانات) و وقع إختياره على شركة هرشو. وصل لمواقف البولمانات و مضى نحو مكتب شركة هرشو، و كان العامل يجلس فوق المكتب و يقطّع بطيخة على صحن كبير. وقف فيسي لثوان يتأمل التقطيع، إلا أنه فزع من صوت أجش خلفه: شو بدك عيني؟ تلعثم فيسي للحظات بسبب مفردة "عيني" التي أثارت ذكرى مايز المرعبة، و لذا قال بفم يابس: بدي تزكرة للساحل الأزرق. رمقه الشاب الذي يقطّع البطيخة و قال: إيه تؤمر حبيــــب.. أتفضل.. على المكسر و الله. شكره فيسي بقرف داخلي إلا أن الشاب أصر: خدّعتك بنفسك.. بجاه كل مين إلو جاه عندك.. بحياة النبي.. بدينك.. بحياة الغالي.. بمعزّتي عندك.. بمعزّتي هاه.. حلّفتك أنا.. لك كووول يا زلمة لا تخجلنا. هزّ رأسه بعنف رافضا أي ضيافة بعد كأس الشاي تلك، و لكنه جنح للطلب بعد أن أمره الرجل الجهوري الصوت بضيق: لك حاجة إنته وياه.. كول عمي كووول.. الخير من الله كتيــــر. أكل فيسي الشق و سال عصيره على لحيته الثقافية التي يحاول بها تقليد السيّد داروين و لكي يثبت رجولته أمام ذاته بعد حادثة مساكن برزة. و لتجنتب الخلط بينه و بين أي إسلامي، قام بإرتداء قميص زهري لفرقة روك يعتبرها مهمة. إستلم التذكرة و جلس بالباص، و لفت إنتباهه صعود فتاة بمخائل أوربية و عجز عن التفاهم بالعربية. كانت ترتدي ملابس رحالة و حقيبة كبيرة كتلك التي عند علماء الآثار. أغلق ساقيه بقوة و أبتسم بأعماقه لمغامرة رومنسية غير متوقعة. جلست على صف المقاعد الأيمن، و كانت قد أبتاعت كرسيين معا كي لا يجلس قربها أحد. شعر بالسخط إلا أنه تلهى برؤية الشام تبتعد بشوارعها. كان نائما حينما أستفاق على رائحة غير محددة، إلا أنه أدرك لاحقا بأنه فساء أسطوري القوة من قبل مجموعة من الشبان الذين كانوا يصخبون ضحكا رغم تحذيرات معاون السائق الخجولة. نظر لتلفاز البولمان الصغير فرأى أنهم يعرضون مسرحية "العيال كبرت" للمرة الألف بعد المليون. نظر خلفه للمجموعة و همس: بالله يا شباب بدنا أنّام.. مكن شوي تخففوا الإزعاج. نظر له أحدهم و قال: إزعاج؟ إيه.. شو عليه.. أوامرك يا فحل. عاد فيسي لمجلسه مع قلق لهذه النبرة. توقف الباص بإستراحة فنزل بتردد. أراد أن يشتري شطيرة جبنة مع الشاي إلا أنه لمح الأجنبية تشتري الشاورما، فرفع رأسه و طلب صحن شاورما عربي. نظر له صاحب المطعم و هزّ رأسه قائلا: إيه.. 350 ليرة بس. أصفر وجه فيسي و تدارك الهفوة: بدي بس صاندويش .. بلا العربي. أكل الشطيرة الصغيرة بضيق و لكنه ألتذ بنكهة قشطة الثوم بفمه و طعم الدجاج المطبوخ على مهل و أمل. رمق الشباب يتمشون بكسل و سمع أحدهم يقول: أحلى زهري.. بيفوت فيه باص سياحي بكل رياحة. قهقه الباقين بينما رمق هو حجم مؤخرته البدينة و جسمه السمين على زجاج واجهة المطعم. عاد للبولمان و جلس على مقعده ليشعر أن هناك قشر موز تحته. أخرجه من تحته و كأنه يسحبه من جوفه، بينما أنفجر الشباب ضاحكين. شعر بالسخط فجأة و فكر بكراهيته للإسلام و لمجتمعه و لكل شيء بكل شيء. نظر خلفه و قال: بس يا شباب.. بلا مزح. صرخ به أحدهم: دير وشّك أولاك أحسن ما بتشوف شي ما بعجبك. غضب فيسي و صرخ: إيه؟ شو راح تساوي؟ نظر له الشاب لوهله و قال ببرود: الموقف الجاي راح أخرى عليك يا واطي. أستدار فيسي برعب و بقي يرتجف لساعتين. كان البولمان يبطيء من سيره بعد لإقتراب الموقف التالي، و عندها زاد إرتجافه و هرع يضرب باب البولمان لكي يقف و يهرب. امسك به جمع من الركاب و شعر ببعض العبث بمؤخرته فأستسلم لكرسيه. سمع الشباب يغنون أغنية "طل الصبح ولك علوش" و هم ينزلون، و كان أحدهم يغني بوجه متأثر إلا أنه كان ينظر لفيسي بغضب أيضا. بقي هو على مقعده متيبسا، بينما كانت الأجنبية نائمة. شعر بأن الشباب لن يضربونه، و لذا تأمل ورك المرأة النائمة. مد يده لنهدها يريد تحسسه برفق إلا أنها فتحت عينيها فجأة. جمد أمامها لثواني، ثم أحس فجأة بلهيب بوجهه و عينيه. لقد رشت عليه بخة مركزة من الفلفل الأسود المسيل للدموع. صار يصرخ مستجيرا، و لقد تمت مساعدته من قبل الركاب. كان وجهه وحمرا عند جلوسه على مسطبة الإستراحة، و هنا وقف أمامه الشباب الأربعة و قال أحدهم: عم تعتدي على ضيوف البلد أولاك واطي؟ لم يقل شيء، إلا أنه بقي بعدها في الباص السياحي حتى رجوعه للشام. لقد كان ضربا موجعا أنساه الساحل الأزرق كله و أضفى مزيدا من الكراهية لواقعه.
تابع
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 07-19-2010, 04:37 PM بواسطة حفيد المتنبي.)
|
|
07-19-2010, 04:28 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}