الصاعقة
الرد عليك سيكون من التفسير "الآبائى" للكتاب المقدس :
اقتباس: الابن لا يعلم الغيب و ليس لديه قدرة لا نهائية
(مرقس الاصحاح الثالث عشر
32"وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ الاِبْنُ إلاَّ الآبُ ." )
لقد فصل الابن عن الاب و وصف الابن بأنه لا يعلم أما الأب فهو الذي يعلم ، فكيق يكون هو و الاب واحد بعد ذلك ؟؟
عدم معرفة الساعة
قبل أن يختم حديثه بالدعوة للسهر أراد أن يوجه أنظار تلاميذه إلى عدم الانشغال بمعرفة الأزمنة والأوقات، إنما بالاستعداد بالسهر المستمر وترقب مجيئه، لهذا قال:
"وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب" [32].
هل يجهل السيد المسيح الساعة؟
أولاً: يقول القديس أمبروسيوس أن السيد المسيح هو الديان وهو الذي قدم علامات يوم مجيئه لذا فهو لا يجهل اليوم. هذا وإن كان يوم مجيئه هو "السبت" الحقيقي الذي فيه يستريح الله وقديسوه فكيف يجهل هذا اليوم وهو "رب السبت" (مت 12: 18)؟
ثانيًا: يرى القديس أغسطينوس أن السيد المسيح لا يجهل اليوم، إنما يعلن أنه لا يعرفه، إذ لا يعرفه معرفة من يبيح بالأمر. لعله يقصد بذلك ما يعلنه أحيانًا مدرس حين يُسأل عن أسئلة الامتحانات التي وضعها فيجيب أنه لا يعرف بمعنى عدم إمكانيته أن يُعلن ما قد وضعه، وأيضًا إن سُئل أب اعتراف عن اعترافات إنسان يحسب نفسه كمن لا يعرفها. يقول القديس أغسطينوس: [حقًا إن الآب لا يعرف شيئًا لا يعرفه الابن، لأن الابن هو معرفة الآب نفسه وحكمته، فهو ابنه وكلمته وحكمته. لكن ليس من صالحنا أن يخبرنا بما ليس في صالحنا أن نعرفه... إنه كمعلم يعلمنا بعض الأمور ويترك الأخرى لا يعرفنا بها. إنه يعرف أن يخبرنا بما هو لصالحنا ولا يخبرنا بالأمور التي تضرنا معرفتها.]
كما يقول: [قيل هذا بمعنى أن البشر لا يعرفونها بواسطة الابن، وليس أنه هو نفسه لا يعرفها، وذلك بنفس التعبير كالقول: "لأن الرب إلهكم يمتحنكم لكي يعلم" (تث 13: 3)، بمعنى أنه يجعلكم تعلمون. وكالقول: "قم يا رب" (مز 3: 7)، بمعنى "اجعلنا أن نقوم"، هكذا عندما يُقال أن الابن لا يعرف هذا اليوم فذلك ليس لأنه لا يعرفه وإنما لا يظهره لنا.]
بنفس الفكر يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [بقوله "ولا ملائكة" يسد شفاهم عن طلب معرفة ما لا تعرفه الملائكة، وبقوله "ولا الابن" يمنعهم ليس فقط من معرفته وإنما حتى عن السؤال عنه.]
هكذا أيضًا قال الأب ثيؤفلاكتيوس: [لو فقال لهم أنني أعرف الساعة لكنني لا أعلنها لكم لأحزنهم إلى وقت ليس بقليل لكنه بحكمة منعهم من التساؤل في هذا الأمر.] وقال القديس هيلاري أسقف بواتييه: إن السيد المسيح فيه كنوز المعرفة، فقوله إنه لا يعرف الساعة إنما يعني إخفاءه كنوز الحكمة التي فيه.
ثالثًا: يرى القديس إيريناؤس أنه وإن كان السيد المسيح العارف بكل شيء لم يخجل من أن ينسب معرفة يوم الرب للآب وحده كمن لا يعرفه، أفلا يليق بنا بروح التواضع أن نقتدي به حين نُسأل في أمور فائقة مثل كيفية ولادة الابن من الآب أن نُعلن أنها فائقة للعقل لا نعرفها.
اقتباس:_الابن و الأب مختلفين
( يوحنا الاصحاح السابع عشر
"1تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهَذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: "أَيُّهَا الآبُ قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضاً .")
كيف يكون هو الله و موجود على الارض ثم يرفع عينيه الى السماء ليكلم الاب ، تقولون الناسوت لم ينفصل عن اللاهوت طرفة عين ، اذا من كان يكلم المسيح _عليه السلام _ وهو يرفع عينيه الى السماء ؟! و طلبه كان من من ؟
طلبة خاصة به
"تكلم يسوع بهذا ورفع عينيه نحو السماء". (1)
إذ صار كلمة الله إنسانًا حقيقيًا كاملاً مارس العبادة لتأكيد خضوعه حتى للناموس ولنظام العبادة، وصلى أيضًا ليكشف عن علاقته بالآب، إذ أُتهم بأنه بعلزبول رئيس الشياطين، وأنه ليس من عند الله.
لم يكن السيد المسيح في حاجة إلى الصلاة، لأنه هو واحد مع أبيه في الجوهر. لكنه كممثلٍ لنا يقدم الصلاة عن نفسه: "مجد ابنك" (1) لكي لا نكف عن الطلبة من أجل مجدنا فيه.
المسيح بكونه الله نصلي إليه، وإذ صار إنسانًا صار يصلي حتى يكمل فيه كل برّ. لقد قيل له كما قيل لنا: "اسألني فأعطيك" (مز ?: ?). وها هو يسأل الآب، معطيًا كرامة خاصة للصلاة، لكي نجد فيها شبعنا. ويقول الرسول بولس: "الذي في أيام جسده، إذ قدم بصراخٍ شديدٍ ودموعٍ وطلباتٍ وتضرعاتٍ للقادر أن يخلصه من الموت، وسُمع له من أجل تقواه، مع كونه ابنًا تعلم الطـاعة مما تألم به" (عب ?: ?-?). لقد اشترى البشرية بدمه، فقدم الدم ليسأل الآب أن يهبه البشرية تسكن فيه فتتبرر. أما نحن فبدونه لا نقدر أن نسأل من الله كأبٍ لنا، ولا نقدر أن ننال. بصلاته قدس صلواتنا، وفتح لنا طريق الالتقاء مع الآب خلال المسرة الإلهية. صلى باسمنا، إذ يعرف أعماق قلوبنا (خر ??: ?) ويدرك تمامًا احتياجنا، وهو الطريق الذي وحده يصعد إلى السماء، إلى حضن أبيه، لذا فهو وحده القادر أن يقدس صلواتنا.
رفع السيد المسيح عينيه إلى السماء كما فعل ذلك من قبل (يو ??: ??)، لماذا؟ إنه ساكن السماء بلاهوته ولا يحتاج إلى رفع عينيه إلى السماء كمن يتوسل أمرًا ما من الآب. لكنه إذ صار ابن البشر قدَّس السيد المسيح حتى حركات الجسد، حتى نرفع أعيننا نحن أيضًا مع عينيه، فيرفع قلوبنا إلى السماء أثناء الصلاة . كان اليهود في ذلك الوقت يرفعون رؤوسهم إلى فوق، ويفتحون أعينهم نحو السماء أثناء الصلاة، وقد استخدم السيد المسيح ذات الوضع الذي كان سائدًا في أيامه، لكي نلتزم نحن بالعبادة بروح جماعية في تدبير كنسي منظم بلا تشويش. هذا لا يعني أنه لا تقدم الصلاة إلا بهذا الوضع، فقد امتدح السيد المسيح العشار الذي لم يجسر أن يرفع عينيه، هكذا وقد قرع صدره في ندامة (لو 18: 23). والسيد المسيح نفسه انحنى أثناء حديثه مع الآب في البستان (مت 26: 39).
" أيها الآب قد أتت الساعة،
مجد ابنك، ليمجدك ابنك أيضًا". (1)
يدعو السيد المسيح الآب أباه، وهو الأب بالطبيعة، لكي إذ نرفع نحن أعيننا معه، نتطلع إلى الله كأبٍ لنا، وذلك بالتبني الذي نلناه بروحه القدوس. إنه يوجهنا إلى أبيه بروح التشجيع والرجاء في نوال العطايا من يديه الإلهيتين.
"قد أتت الساعة" (?)، كثيرًا ما كان يكرر بأن ساعته لم تأت بعد. الآن إذ بدأ طريق الصليب يقول: "قد أتت الساعة"، وهو يعرفها. لا يعرف الإنسان ساعته (جا ?: ??) أما ابن الإنسان فقد عرفها. دعاها "هذه الساعة" (يو ??: ??) و"الساعة" (يو ??: ?). فإنه لا توجد ساعة في كل التاريخ البشري، بل منذ بدء الزمن حتى نهايته كساعة الصليب التي فتحت أبواب السماء، وصالحت البشرية مع الآب، وأعطتهم حق الميراث الأبدي والمجد السماوي.
ساعة آلام المسيح هي في خطة الله؛ ذروة هدف السيد المسيح منذ البداية، بل وقبل تجسده من أجل هذه الساعة. لقد جاءت الساعة الحاسمة حيث المعركة بين السماء والجحيم من أجل مجد الله وسعادة الإنسان على مستوى أبدي. وكأنه يقول: "لقد جاءت الساعة التي فيها اتحدت قوات الظلمة لكي تسيء إلى ابنك، الآن أيها الآب مجد ابنك!" إنها ساعة فريدة، ساعة المعركة بين النور وسلطان الظلمة؛ بين السماء وجهنم. رآها يوحنا الحبيب فقال: "خرج غالبًا ولكي يغلب" (رؤ ?: ?)، خرج ممتطيًا مركبة الصليب التي تحطم كل قوات الظلمة.
في وسط الآلام التي قبلها الابن بمسرة مجد الآب ابنه أثناء آلامه، عندما حاولت الجموع القبض عليه فسقطوا على الأرض، وبعد أن سلمه يهوذا اعترف بجريمته وختمها بانتحاره، وأرسلت امرأة بيلاطس إلى زوجها تحذره من أن يصنع به شرًا. مجدته الطبيعة إذ انكسفت الشمس وانخسف القمر، والصخور تشققت، والقبور تفتحت. أيضًا شهد له الهيكل إذ انشق حجابه. هذا ما شاهدته البشرية أثناء محاكمة السيد وآلامه وموته. هذه كلها أمجاد لكنها لا تشغل ذهن السيد المسيح، وهو يقول: "مجد ابنك"، إنما ما يشغله هو المجد الذي لا تنظره العيون الجسدية، هو الغلبة على إبليس والتشهير بقوات الظلمة، وإطلاق الأسرى من الجحيم، ودخول اللص اليمين إلى الفردوس. مجَّده الآب أيضًا إذ أقامه من الأموات، وأرسل الروح القدس على تلاميذه وأسس مملكته في قلوب البشرية. هذا ما كان يشغله ويصلي لأجله.
أراد الشيطان أن يقدم له ممالك العالم أثناء تجربته بشرط أن يجحد بنوته لله ويرفض المجد الذي يقدمه الآب، لكن السيد المسيح كممثلٍ لنا لن يقبل المجد إلا من يدي أبيه، ففيه نرث المجد، إن تقدسنا كأبناء الله.
قدم السيد هذه الصلاة قبل تسليم نفسه للموت ذبيحة عن خطايانا، لكي نقدم صلاة مماثلة في لحظات عبورنا من العالم. عندما نشعر أن ساعة انتقالنا من العالم قد جاءت نصرخ إلى الله: "قد أتت الساعة". لتقف بجانبي، ولتعلن عن ذاتك لي. هوذا خيمتي الأرضية تنحل، فألبس البناء المصنوع بغير يدٍ بشرية. كما مجدت نفسي بنعمتك، مجِّد جسدي في يوم لقائي معك على السحاب".
"ليمجدك ابنك أيضًا"، فإنني أسلمك إرادتي، وأكرس كل طاقاتي ومواهبي لحساب ملكوتك. نصرتي وخلاصي ومجدي شهادة حية لمجدك الفائق ونعمتك الغنية.
كتب الإنجيلي يوحنا هذا السفر لكي تختبر كل نفس عربون المجد الأبدي في أعماقها، حتى يمكن للإنسان بكليته نفسُا وجسدًا أن ينعم بشركة المجد. لهذا نجد الاسم "مجد" قد تكرر في هذا السفر 18 مرة أكثر من أي سفر آخر في العهد الجديد باستثناء الرسالة الثانية إلي أهل كورنثوس، حيث يحدثنا الرسول عن الخادم في آلامه وأتعابه كخادمٍ ممجدٍ بالرب. أما الفعل "يمجد" فقد تكرر هنا 23 مرة بينما لم يتكرر في أي سفر آخر في العهد الجديد أكثر من 9 مرات. وكأن الإنجيلي يوحنا يود أن ننطلق بالروح القدوس لننعم بالأمجاد التي يعدها لنا السيد المسيح. إنه سفر المجد الحقيقي الذي فيه أخلى الكلمة نفسه حتى نلتقي به ونتعرف عليه وعلى حبه ونتحد به فنتمجد معه!
هذا هو مجد الابن أن نتمتع بصليبه فنشاركه أمجاده. وهذا هو مجد الآب أيضًا، إذ احب العالم وبذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية (يو 3: 16) أي ينعم بالمجد الأبدي. هكذا مجد الابن واحد مع مجد أبيه، وهو مجد يقوم لا عن احتياج أو زيادة في مجدهما، وإنما في حبهما لنا ننعم بشركة المجد خلال العمل الإلهي للخلاص.
v
"تكلم يسوع بهذا ورفع عينيه نحو السماء"، عندما قال السيد المسيح لتلاميذه: "في العالم سيكون لكم ضيق" (يو 16: 32)، فلكي لا يزعزع نفوسهم أنهضهم بالصلاة أيضًا، لأنهم كانوا ينظرون إليه في صورة إنسان، ولأجل أولئك صلى عند إقامته لعازر، وذكر العلة "أي بسبب الجمع الحاضر". قال: "أيها الآب أشكرك لأنك سمعت لي. وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي، ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت ليؤمنوا أنك أرسلتني" (يو 11: 41-42).
ولعلك تقول: نعم كان يجب حدوث هذه الأمور في حضرة اليهود، أما كونها حدثت في حضرة تلاميذه، فلماذا؟ فأجيبك: كان يجب حدوثها أمام تلاميذه، لأن الذين قالوا: "الآن نعلم أنك عالم بكل شيء، ولست تحتاج أن يسألك أحد" (يو 16: 30) احتاجوا أن يحقق لهم ذلك أكثر من كل الناس. ولسبب آخر وهو أن البشير لم يدعو فعل السيد المسيح صلاة، لكنه قال: "ورفع يسوع عينيه إلى فوق" (يو 11: 41) وخاطب أباه بقولٍ أكثر اختصاصًا.
وقول السيد المسيح للآب: "قد أتت الساعة، مجد ابنك، ليمجدك ابنك" أرانا أيضًا أنه جاء إلى صليبه ليس كرهًا، لأنه كيف يكون كرهًا وهو يبتهل أن يتحقق ذلك، ويسمي ذلك شرفًا ومجدًا ليس للمصلوب وحده، بل ولأبيه معه، لأنه بالصليب لم يتمجد الابن وحده، بل به تمجد معه أبوه أيضًا. فإنه قبل الصلب لم يعرف حتى اليهود (الآب)، فقد قيل: "إسرائيل لا يعرفني" (إش1: 3)، أما بعد الصلب فقد ركض العالم كله نحوه.
القديس يوحنا الذهبي الفم
v لو أن الابن قد مات (بالجسد) ولم يقم، فإنه بلا شك لا يكون قد تمجَّد بواسطة الآب، ولا هو مجَّد الآب. الآن إذ يتمجد بقيامته بواسطة الآب، يمجد الآب بالكرازة بقيامته. انكشف هذا الأمر بترتيب الكلمات عينه: "مجد ابنك، ليمجدك ابنك أيضًا". بمعنى: أقمني حتى بي يعرفك العالم كله.
القديس أغسطينوس
يرى القديس أغسطينوس أن الكلمة اليونانية للمجد (دكصا) تفسر في اللاتينية clarifica أو يجعل الأمر ساطعًا. فعندما يكشف الابن عن الآب ويظهر حقيقته، تتعرف الخليقة على حقيقة بهائه فتسبحه. [من هنا قيل في الكتاب المقدس: طوبى للذين يسكنون في ديارك، يسبحونك إلى أبد الأبد" (مز ??: ?). يستمر التسبيح لله بلا نهاية، حيث توجد معرفة الله الكاملة. وبسبب كمال المعرفة يوجد البهاء والمجد.]
"إذ أعطيته سلطانًا على كل جسد،
ليعطي حياة أبدية لكل من أعطيته". (2)
إذ هو الابن الوحيد الجنس ينسب سلطانه للآب، بكونه المولود منه، وهو في هذا لا يحمل سلطانًا من مصدر خارجي، لأنه واحد معه في الطبيعة الإلهية والجوهر الإلهي. وبكونه قبل في طاعة أن يتمم خلاصنا ومصالحتنا مع الآب حسب أنه نال منه السلطان. هذا السلطان يختلف عن سلطان ملوك العالم ورؤسائه. سلطانه أن يصالح البشرية مع الآب، ويهبهم البنوة بروحه القدوس، فيصيروا كمن في قرابة، بهذا سلطانه يهب الحياة الأبدية. وهو الحياة الأبدية ذاتها كابن الإنسان تقبل الحياة الأبدية نيابة عن البشرية لكي بحبه يسكبها في كل بشر.
"أعطيته": قيل عن القديس يوحنا أنه مُغرم بالفعل "يعطي"، فقد تكررت في هذا السفر 76 مرة، وجاءت في هذه الصلاة 17 مرة، منها 13 مرة عن عطاء الآب للابن، وأربع مرات عطاء الابن لتلاميذه. تكرار هذا الفعل يحمل معانٍ كثيرةٍ في ذهن الإنجيلي. فإنه إذ يتحدث عن الكلمة الإلهي بكونه ابن الله الوحيد الجنس يرى الآب يلد الابن أزليًا فيعطيه كل ما له، لأنه يحمل ذات الجوهر، فهو يعطي ليس بالمنحة أو الهبة أو النعمة المقدمة كما من الخارج، لكنه عطاء الآب للابن وهما أقنومان متمايزان لكنهما جوهر واحد. إنه عطاء لا يمكن إدراكه ولا التعبير عنه، لا يخضع للزمن، ولا للتغيير بالنقص أو الزيادة. كل ما للآب فهو للابن، وما للابن فهو للآب من حيث السمات الإلهية. خلال هذا السرّ الإلهي الفائق يرى الإنجيلي أن الابن وقد تجسد يفيض بالعطاء خلال النعمة الإلهية كهبة لمؤمنيه. هذا العطاء مجاني، مقدم من الآب والابن والروح القدس. كل عطية إلهية تقدم لنا من الآب بالابن في الروح القدس كما يكرر القديس كيرلس الكبير.
إن كان يحلو للكنيسة في أغلب ليتورجياتها أن تردد لقب "محب البشر" إنما لتؤكد أن مسرة الثالوث القدوس هي في العطاء المستمر للبشر دون توقف، حتى يحملوا أيقونة المسيح، ويتمتعوا بالعرس السماوي معه أبديًا.
كلمة
"جسد" هنا يعني بها "الإنسان" ككل (تك ?: ?)، فهو صاحب سلطان على البشرية، على الأجساد كما الأرواح. فإذ يقدم نفسه ذبيحة مرة واحدة يصالح الكل مع الله، إذ ذاق الموت بنعمته عن كل أحدٍ (عب ?: ?). بكونه المسيا مخلص العالم الذي صار إنسانًا لتحقيق الخلاص نال من الآب سلطانًا عامًا على كل جسد، أي على كل الجنس البشري، حتى بتقديس ذاته لهذا العمل يصالح الكل مع الآب. بنعمته ذاق الموت من أجل كل أحدٍ (عب ?: ?). بهذا تحقق الوعد بأن ينال المسيا ميراثًا جامعًا (مز ?: ?) يضم الأمم مع اليهود (? كو ?: ??-??؛ رو ?: ??؛ ? تي ?: ?-?). سلطان السيد المسيح على كل البشر، أما الحياة الأبدية فيهبها للمؤمنين الذين يعطيهم الآب لابنه ميراثًا أبديًا. إنه صاحب سلطان على بني البشر ليهب حياة لأبناء الله، ويجعل كل شيء هو لهم (? كو ?: ??)، كل الوعود الإلهية هي من أجلهم.
في صلواته من أجل نفسه لكي يمجده الآب حمل حبًا للآب كما لنا، لأن مجده هو مجد لأبيه، وفيه نتمتع بشركة أمجاده، ونختبر قوة قيامته، وتصعد قلوبنا معه لتحمل بهاء مجده!
لم يقل "سيعطي" بل قال:
"يعطي"، فعطاء الابن لنا؛ أو تقديم ذاته هبة لنا هي عطية حاضرة الآن؛ نقبلها ونعيشها ونتمتع بها وننمو فيها، حتى ننعم بها بصورة أعظم وأبهى يوم لقائنا معه وجهًا لوجه.
v إن قلت: وما هو معني قول السيد المسيح:
"إذ أعطيته سلطانًا على كل جسد"؟ أجبتك: قد أظهر مقدمًا أن الكرازة به ليست مقصورة على اليهود وحدهم، ولكنها تمتد إلى العالم كله. هنا يعلن مقدمًا الدعوة الأولي للأمم (بعد رفض اليهود له). فقد سبق فقال: "في طريق الأمم لا تمضوا" (مت 5:5)، لكن اقترب الوقت الذي يقول فيه: "اذهبوا وتلمذوا كل الأمم" (مت 28: 19). لقد أظهر أن الآب يريد ذلك.
هذا الأمر كان يعارض اليهود تمامًا، ويعارض التلاميذ أيضًا. فإنه حتى بعد هذا لم يكن سهلاً أن يقبلوا إعلان الدعوة للأمم إلى أن نالوا تعليم الروح، لأن ذلك فيه عثرة ليست بقليلة لليهود.
v ماذا يعنى
"كل جسد"؟ بالتأكيد لم يؤمن الكل، لكن من جانبه هو قدم لكي يؤمن الكل، فإن لم يبالِ الناس بكلماته، فالخطأ ليس من جانب المعلم، بل من جانب الذين لم يقبلوا كلماته.
اقتباس:الابن مخلوق و يعترف أن الاب الهه و اله الناس
(يوحنا الاصحاح العشرون
17قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلَكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ». )
ان هذا النص يوضح الحقيقة التي انحرفت المسيحية بسبب سوء فهمها و هي كلمة الابن و علاقتها بالاب ، فالنص واضح وضوح الشمس لمن يريد أن يبصر ، قال أن الأب أبانا أيضا كما هو أبوه و أنه الهه أيضا كما هو الهنا، أي أن علاقته بالاب مثل علاقتنا به ، فهو مخلوق مثلنا
لئلا يظن أحد في بساطة أو عن سرعة خاطر مع عناد أن في قول المسيح:
"أصعد إلى أبي وأبيكم" أنه مساوٍ في الكرامة مع الأبرار، لهذا يجدر بنا أن نصنع تمييزًا. وهو أن اسم "الآب" هو واحد "أي آب لابن واحد"، أما عمله فمتعدد "أي يعطى البنوة بالتبني لكثيرين". وإذ يعلم المسيح نفسه هذا قال في عصمة عن الخطأ: "أصعد إلى أبي وأبيكم"، ولم يقل: "أبينا"، بل ميز بينهما.
قال أولاً بما يليق به: "إلى أبي" الذي هو بالطبيعة، وبعد ذلك أضاف: "وأبيكم" الذي هو بالبنوة. لأنه مهما بلغ سمو الامتياز الذي تقبلناه بقولنا في صلواتنا: "أبانا الذي في السماوات"، إلا أن العطية هي من قبيل محبة اللٌه المترفقة. فنحن ندعوه أبًا، ليس لأننا وُلدنا بالطبيعة من أبينا السماوي، بل انتقلنا من حالة العبودية إلى البنوة بنعمة الآب خلال الابن والروح القدس. لقد سمح لنا أن ننطق بهذا من قبيل محبة اللٌه المترفقة غير المنطوق بها.
v لئلا يُظن أنه من جانب ما هو آب للابن وللخليقة معًا صنع المسيح تمييزًا كما يلي. إنه لم يقل: "اصعد إلى أبينا" لئلا تصير الخليقة شريكة للابن الوحيد (على مستواه الطبيعي) بل قال: "أبي وأبيكم" أي هو أبي بالطبيعة وأبوكم بالتبني.
القديس كيرلس الأورشليمي
v إن كنت تطلبه بين الكائنات الأرضية كما طلبَته مريم المجدلية، احذر لئلا يقول لك ما قاله لها: "لا تلمسيني، لأني لم أصعد بعد إلى أبي وأبيكم" (17). فإن أبوابك ضيقة، لا يمكن أن ترتفع فلا تقدر الدخول فيها. اذهب في طريقك إلى اخوتي، أي إلى الأبواب الدهرية هذه إذ ترى يسوع ترتفع... أبدية هي أبواب الكنيسة، هذه التي يشتهي النبي أن يعلن فيها تسابيح المسيح، قائلاً: "لكي أخبر بكل تسابيحك في أبواب ابنة صهيون" (مز 14:9).
v يكشف ابن اللَّه الفارق بين الولادة والنعمة عندما يقول: "لم أصعد إلى أبي وأبيكم، وإلهي وإلهكم". إذ لم يقل: "لم أصعد إلى أبينا وإلهنا"... التمييز علامة الفارق، إذ ذاك الذي هو أب المسيح هو خالقنا.