المقامة الديمقراطية...
المقامة الديمقراطية...
حدثنا حزام بن زر,المعرف بحزام الحر,عن اشياخة الميامين الغر,أن عبد الله الهياب,حدثهم حديث الأنتخاب,حين ينفر الشيوخ و الشباب,لإختيار قوائم الأحزاب,فينتظمون في صفوف, بالمئين و الألوف,يتقدمهم الولاة و المخاتير,صارخين بالحناجر و الشفاتير,مهللين و ضارعين,مزمجرين مكبرين,فقال,وقد انفرجت منه الأحوال:
بعد أن أستتبت الأمور,و غطى ضياء الشمس ظلمة الديجور,وتم التخلص من قانون الغاب,و استئصلت شأفة الأرهاب,ساد في هذا الأقليم قانون جديد,و سمي الشرق اللأوسط السعيد,وبات الناس منتفخي الأوداج,يرفلون بالخز و الديباج,فتأسست الأحزاب و الحركات,و تشكلت الهيئات و النقابات,و اصبح للأنسان حقوق,في ظل أقتصاد السوق,ثم تقرر توزيع الكراسي,كل حسب خطه السياسي,فأنتظم كل مواطن في تيار,و تكتل اليمين و تعاضد اليسار,فحزب الخازوق يدعو الى العدالة, وحزب الفاروق يدعو الى الأصالة,و حزب الكاعب الملساء.يدعو الى وقف العنف ضد النساء,أما حزب الكولا الميمون,فيدعو الى وقف زراعة الليمون,فحمدت الله و أثنيت عليه,و صليت شكرا بين يديه,و قد أصبح الناس في خير كبير,و قد تمتعوا بحرية التعبير.
أمتلئت الشوارع والساحات,بالدعايات و الشعارات,و ألصق الصور على الحيطان,بالأسود و الأبيض و الألوان,وجوه ضاحكة باسمة,ووجوه كالحة حاسمة,و أنتشر المرددون و الخطباء,متوعدين بالنمو و الرخاء,فرحت و قد ايقنت بالنصر المبين,و قد أعز الله بلاد المسلمين,و قلت في نفسي سبحان العاطي,على كل هذا الزخم الديمقراطي,و قصدت المسجد الجامع,فألفيت الناس بين ساجد و راكع,أستبشرت بزوال الألم.فبالشكر تدوم النعم.
توافد الناس الى مراكز الأقتراع,ومد كل منهم للإنتخاب باع,مشرعين البطاقات الشخصية,لإثبات الذات على الهوية,فتقدمت من أحد المراكز وئيدا,أريد أن اسجل بأنتخابي مجدا تليدا,تفرست في وجوه المرشحين,لأختار منهم ذو دين,تمعنت قليلا في وجه حليق,و قد ايقنت أنه كافر أو زنديق,و قد اطلق لسالفه الأعنه,وخالف بذلك القرآن و السنة,فلعنته في سري.و سلمت لله أمري,ثم بحلقت في صورة سيدة ندية,تلبس على الطريقة الأوربية, فحوقلت و أنا أصفق باليدين,و اردفتها بقراءة المعوذتين,فقد ركب هؤلاء مركب الرياء,بارتكاب البدع وتأمير النساء,ويممت صوب صورة شيخي المهاب,فرمقته نظرة حب و اعجاب,ثم قلت في سري طاب الأنتخاب.
في صبيحة اليوم التالي,تركت عملي و نفضت اشغالي,و قعدت منفعلا هائج,أنتظر حصيلة النتائج,و كذلك فعلت الرعية,و جلسنا جميعا بالمعية,يبست العيون في المحاجر,و بلغت القلوب الحناجر,ثم ظهر البرهان السريع,على لسان مقرء مذيع,و عرفنا أن الفوز حليفنا,بأنتخاب ما غيرو شيخنا,فأقمنا حفل مهرجان,بأنتخاب شيخنا وحيد الزمان,جامع الغلة,و ناصر الملة,الوحيد الفريد, الصنديد,الغريد,العتيد,رضي الله عنه و ارضاه,و متن مسيرته و سدد خطاه,وفرح الجمع الغفير, بأنتخاب هذا العبد الفقير,فقد ظن المتأمركون,أننا باعتماد نظامهم خاسرون,خسئوا وذلوا,و أنهزمو وولوا,فوالله العلي القدير,لن يمنعونا شروى نقير,و لن يحجبوا فوزنا الخطير,مهما كانت القوانين و الدساتير,فمنهجما الطريق الأرقى,و مسلكنا العروة الوثقى,من تمسك بها فلح,و من أبتعد عنها كلح.
ثم نظر حزام بن رز الى المجهول و لسان حاله يقول:
لربك كامل المنه***ينزل محكم السنة
فإقلاب و إظهار***و إدغام بلا غنه
بهاتيك النهى أمل*** إذاما رمت بالجنه
|