اقتباس: العاقل كتب/كتبت
الزميلة / ابنة السماء
انتِ أمازيغية ، وهذا يعني - إن لم تخني الذاكرة - أنك من بلاد المغرب . وهذا يجعلني أطرح سؤالا مهما .
أحداث الجزائر ، التي تدين بمذهب مالك ويسيطر عليها التصوف ، هل كان للوهابية شأن فيها ؟
وقبل ذلك ما كان يجري في مصر من إرهاب .
بل الحادثة القديمة التي اثيرت مع تفجيرات دار البيضاء في المغرب ، أقصاد بها اغتيال احد الكوادر الشيوعيين .
الإرهاب ظاهرة عامة ، لا تعود لاعتناق فكر وهابي ، بقدر ما تعود إلا ردة فعل قوية على ما يمارسه الغرب مع المنطقه بالتعاون مع الحكومات .
أصحاب الفكر التفكيري هنا ، كنت أعرف بعضهم وكنت اجالسهم واحاورهم ، فانا من منطقة يكثرون فيها . استنادهم على سيد قطب .. وغيرهم أكثر من استنادهم على محمد عبد الوهاب .
المسألة تعود إلى هناك ، إلى أفغانستان ، عندما ارتدت أمريكا العمامة ، ودعت للجهاد . وانطلقت الحكومات بترحيل شبابها إلى الردى . ولما عادوا ، استقبلتهم بالسجون . فما كان منهم إلا أن يتفجروا .. فهم عادوا كقنابل موقوته ، وما كان من الحكومات إلا ان سرعوا في انفجارهم .
تحية (f)
الزميل العاقل :97:
في البداية ذاكرتك في أحسن أحوالها , نعم من المغرب . و بما أننا تطرقنا إلى أسماء بعض المذاهب و الطوائف الإسلامية , فأرجو ألا يتبادر إلى ذهنك زميلي الفاضل إلى أنني أتحدث من مُنطلق طائفي مثلاً حتى لو كنتُ قد خصصتُ الوهابية بالإنتقاد في هذا الموضوع , فأنا لا أؤمن بصحة أي ديانة من الأساس ( و لستُ حتى من خلفية مالكية ) إلا أنني لا أنكر على غيري إيمانه , و لكل شخص الحق أن يؤمن بآلهته الخاصة و دينه الخاص سواء عبد إنساناً أو حجراً أو حتى إلهاً غير موجود , المهم هو ما يرتاح إليه و ما يتفق مع عقله و قلبه
ما دام لا يتبنى العنف و الإقصاء طريقة للتعامل مع الآخر , و هذا نابع من إيماني بحق الإنسان في حرية الإعتقاد .
أتفق معك أنه بإمكان كل فكر أن تنبثق منه نُسخة إقصائية متشددة , و الفكر المالكي الجزائري المُتصوف ليس أفضل حالاً من غيره , و بالفعل هذا الفكر الوديع تحوّل إلى العنف و العقيدة الإقصائية على خلفيات سياسية , و ليتهم لم يتركوا عبادة الآلهة في الصوامع و الجوامع و يصرّون على عبادتها من على كراسي البرلمان و عروش الوزارة , فإذا كان الذي ساعد في تأجيج هذا التوجه العنيف الجديد هو المؤسسة العسكرية التي شعرت بالخوف و الفزع و هي تحصي نتائج صناديق الإقتراع , فما كان منها إلا أن قررت أن تُمدد لنفسها ( و كأن ذلك بدعة في أنظمتنا السياسية العربية ) , فهل كان الشعب يستحق أن يدفع الثمن ( بعد أن تم تكفيره بأجمعه و أصبح دمه في حكم الحلال ) لأن المؤسسة العسكرية قالت : لا للإسلاميين ؟!
و ما يسميه غيري بالطوائف و المذاهب الإسلامية أنا أسميها بالنُسخ الإسلامية لأنه حتى داخل المذاهب يوجد مذاهب , و لا أعتقد بوجود إسلام واحد . و إذا أردنا التعايش في وئام علينا المساعدة في إظهار و تغليب النُسخ المتسامحة من جميع الديانات , و أنا أنظر في نفس أفكار المذهب و هل هو قادر على التعامل بتحضر و إنسانية مع الأفكار المخالفة له أم لا ؟ فأين هي النسخة العَمَلية من الإسلام الوهابي المتسامح الذي يتقبل الآخر ؟ و هل هناك نموذج غير هذا النموذج العنيف و الإقصائي الذي نعرفه و نراه بأعيننا و لا نعرف غيره منذ أن عرفنا بإسم هذه النسخة الإسلامية ؟ . و كون معظم أصحاب الفكر التكفيري الذين جالستهم هم ممن ينتمون إلى الإسلام الإخواني , هذا لا يعني أبداً بأن الفكر الوهابي متسامح جداً أو أن العالم قد أخطأ في فهمه , فالماضي و الحاضر ماثل أمام أعيننا و من المستحيل سد قرص الشمس بالأيدي , و كما نعرف النسخة الإخوانية , نعرف أيضاً النسخة الوهابية . و لا أعلم لماذا تُصر هذه النُسخ و الإستنساخات التي تتبنى هذا الخط المذموم على إيصال رسالة إلى العالم مفادها بأنه لا يمكن تدجينها إلى عن طريق العنف كسبيل أوحد للتعامل معها ؟ فهل هي العزة بالإثم ؟ أم أن هذا هو ما يريدونه حقاً ؟ .
زميلي الفاضل , أنا لا أوافق على وصف ديانة معينة بالإرهاب , فالإرهاب لا دين له و لا طائفة , و لكن عندما نجد أن نسخة فكرية من أحد الأديان تدعو إلى العنف و الإقصاء علينا أن نشجع على إصلاحها من الداخل , و نعترف بأخطاءنا , و لا مانع من هدم أسس العنف و الإقصاء و إعادة ترميمها و بناءها من جديد على أسس التسامح و التعايش ( المفروض أن الديانات بجميع نسخها هي مباحث فكرية و روحية و تأملية و ليست عقائد حربية نازية ) و إلا ستأتي جيوش نظامية تؤيدها الكثير من الشعوب ( كما يحدث الآن ) لا تقل عن هذه الحركات عنفاً و همجية فتتسبب في إندثارها عندما تصبح القاعدة لا صوت يعلو على صوت المعركة ! و لن تجد هذه الأفكار المتطرفة أحداً يقف بجانبها ( سوى أصحاب ثقافة الكره و الموت ) , و ستقف وحيدة أو شبه وحيدة وسط الساحة بإنتظار رصاصة الرحمة بعد أن تبرأ منها الجميع و أولهم من دعموها في السابق لأجل مصالح خاصة .
العنف هو العنف , سواء كان بثوب وهابي أو إخواني أو مالكي أو بوشيّ !!
احتراماتي لك :97:
و اعتذاري لك (f) و للزميل خالد (f) عن الخروج على الموضوع الأصلي .
تحياتي للجميع :97: