عزيزي الختيار ...
حتى لا نشتت أنفسنا سأترك الجزئية التي رددت علي بها حتى يأتي دورها ، ودعنا نتناقش بخصوص الآية الأولى . أرجو أن تسمح لي بذلك .
حسنا سأتناول الآن تبريراتك لقولك ( جعل القلم سنة للعالمين )
اقتباس:يا عزيزي العاقل ، لا أدري كيف تتخيل أنني يجب أن أتقيد بمفاهيم القرآن حين أهمّ بمعارضته !!!
فهل عندما يعارض شاعرٌ آخرَ يجب أن يتقيد بأفكار الآخر لا أفكاره هو ؟؟؟؟
من أين جئت بهذا المفهوم للمعارضة بالله عليك ؟؟؟
1- حسنا إذا لم تكن تتقيد بمفاهيم القرآن فهذا ليس من صالحك .
إذ أن قولك ( جعل القلم سنة للعالمين )
لا أستطيع منه فهم أن القلم هو الذي خط في اللوح المحفوظ القدر . ولا أستطيع أن أفهم من كلمة القلم سوى أنه قلم .
فكيف يكون القلم سنة للعالمين إذا لم تكن تتقيد بمفاهيم القرآن ؟؟
2- ومن ثم أنا لم أفترض أنك تتقيد بالمقاهيم القرآنية إلا لأانك أنت ذكرت ذلك .
فأنت الذي قلت هذا الكلام .
(
أنا قصدت القلم الذي خط فيه الله المقادير منذ أن شاء ذلك .
و كانت تلك سنته ، أن يمضي كل شيء في الكون حسب ما خطّ في لوحه المحفوظ .
هل تريد أن تقول كيف كتب في اللوح المحفوظ ما سيخلق ؟؟؟ و كيف أن اللوح المحفوظ هو بحد ذاته مخلوق ؟؟؟ و الله هذا يذكرني بالبيضة و الدجاجة ، على كل حال ابحث عن جواب للفكرة سنستفيد صدقني . )
أليس هذا مفهوم إسلامي للقلم أنت بررت به ذكرك للقلم ؟
صراحة أستغرب هذا التناقض أن تنقض كلامك بنفسك .
فأنت في هذا الكلام تبرر جملتك بأنك تقصد القلم حسب المفهوم الإسلامي . ولما إعترضت عليك بعدم وجود مفهوم قرآني لمثل هذا القلم قلت ولماذا أتقيد بالقرآن .
أنا يا عزيزي لم ألزمك بشيء من نفسي أنت من ألزم نفسك بذلك .
وفي كلا الإثنين أنت ما زلت تقول جملة خاطئة .
فإن كنت تقيدت بمفهوم القلم الاسلامي . فقولك ( جعلنا القلم سنة للعالمين ) كلام خاطيء . إذ كون القلم كتب المقادير لا يمكن وصفه بالسنة .
وإن كنت لا تقصد المفهوم الإسلامي . فأرجو أن تبين لي كيف جعل الله القلم - حسب ما نعرفه لغويا - سنة للعالمين ؟؟
هذا بالنسبة للتقيد بمفاهيم القرآن .
اقتباس:نقطة ثانية
حيرتمونا و الله
إذا كتبنا أفكاراً وردت في القرآن بصيغة أخرى ، كالسجود و الركوع و التنويع في صفات الله و غيره ، قلتم هذا انتحال من القرآن .
و إذا كتبنا أفكار جديدة قلتم هذا غير موجود في القرآن
مما يدل على مزاجية في الحكم و افتقار إلى المعيار
مرة أخرى أؤكد ما غفلتَ عنه عزيزي العاقل ، أنني أحاكي لغة القرآن في القص و الوعد و الوعيد و الوعظ و ما إلى ذلك ، لكني لن أكتب تفسيراً للقرآن و لا كتاب دعوة إسلامية .
مرة أخرى أتمنى أن تتكلم حول اللغة و الأسلوب و تبيّن اختلافه عن القرآن لا أن تبحث في الأفكار و تطابقها مع الدعوة المحمدية أو مع الواقع ، لأنني ممكن أتكلم عن قصص أخترعها و أدعي أنها قديمة ، أو أمور غيبية ، و أعتقد أنك فاهم عليّ أم أحتاج لأوضح هذه الفكرة أكثر ؟؟؟؟
على كل حال ، و إن كنت أرى أنك تجنبت الحديث عن الأسلوب اللغوي تماماً و دخلتَ إلى المعاني ، كمحاولة منك إلى إثبات أن الكاتب هو بشر غير منزه عن الخطأ ، و هو ما لم ندعيه و ليس محل خلاف ، و لكن إن أحضرنا لك نصاً قديماً ملتزماً بقواعد اللغة و النحو و البلاغة و غيره ، فهل هذا يعني أنه ذو مصدر إلهي ؟؟؟؟
نص لشاعر أو خطيب قديم .
ستقول لنا أنه لا يعني ذلك ، بمعنى أن سلامة النص من العوار النحوي و البلاغي و التزامه الفصاحة لا يمنحه قداسة سماوية ، بالتالي ليس هذا هو المعيار الذي يجب عليك أن تستعمله في إثبات أن ما قلتُه في سورة الشجرة لا يشبه القرآن ، بل يجب عليك الكلام على الأسلوب و اللغة و طريقة الجدل و التأمل و الوعيد و القص و ما إلى ذلك ، هل يشابه القرآن أم لا .
على كل حال ، رغم كل هذا ، فأنا سأرد على اعتراضاتك جميعها ، حتى لا يظنن أحدٌ أننا نتهرب من ذلك ، رغم أننا نقول أن هذا كله حوار في هوامش الموضوع ، و التفافاً منكم على أساس الموضوع و هو تقليد القرآن .
سلامتك من الحيرة .
1- أنت أتيت بهذا النص لتبين أمرا واحدا وهو أن القرآن كلام البشر وانك قادر على كسر التحدي المشروط بـالإتيان بـمثله . والإتيان بالمثل أي مثله لفظا ومعنا . ولا تملك دليل يخصص الإعجاز بالإجاز اللفظي بل هو إعجاز لفظي ومعنوي فمن مثله لا تعني اللفظ بل تعني مثل القرآن والقرآن الفاظ ومعان .
2- كونك اتيت بهذا النص فأنا سأبين أن قائله بشر محدود بحدود البشرية لا يملك أن يرتقي إلى معاني القرىن الإلهية وإن كان بألفاظه إستطاع محاكاته . فهو إن أكمل الشرط الأول وهو الالفاظ لم يستطع إتمام الشرط الثاني وهو المعاني .
3- معارضتك للقرآن قائمة على أساس ( الإتيان بالمثل ) وهذا ما تحاول إثبات أنك قادر عليه . حسنا ما هو المثل . مثل أسلوبه طرق خطابه . لا تستطيع تخصيص ذلك فقط . ومن أين لك أن تخصص ذلك فقط . فتخصيص أمر عام يحتاج إلى دليل . ومن مثله أي هل هي بمثل القرآن لفظا ومعنا .
4- أنا في نقدي لمعارضتك أبين أنها كلام بشري ليس كلاما سماويا . وهذا ما لا تستطيع أنت أن تفعله مع النص القرآني أي إثبات أنه نص بشري من خلال المعنى . وهنا التحدي . مع الألفاظ .
فأساس التحدي أن تأتي بمثل القرآن . ومثل القرآن لا يعني أن تختار جزئية معينة من القرآن وتأتي بمثلها كالألفاظ او المعاني أو .. إلخ بل من مثله أي أن يكون مثله . ولا تعني تخصيص جزئيات معينة .
فسحرة فرعون حاولوا ان يأتوا بمثل العصا التي تتحول إلى أفعى فلم يستطيعوا . ولم يكتفوا بجزئية معينة .
اقتباس:أولاً عندما قلت "سنة الله رب العالمين" ، فهي تعني أن هذه هي العادة التي ستجري عليها كل مخلوقاته ، أي أن هذا القلم الذي سيخط به المقادير في لوحه المحفوظ ، ستكون هذه المقادير هي سنة الخلق ، أي أن أحداً من المخلوقات لن يستطيع أن يخرج عن هذه السنّة الإلهية أو الكونية .
أنا بينت لك ان هذا المعنى لا يستقيم بل هو باطل . ولأعلل لك ذلك بنقاط .
1- أنت قلت ( جعل القلم سنة للعالمين ) ولم تقل ( سنة الله رب العالمين ) وهذا خطأ نقلي لا يمت بكونه مخالف للمعنى .
2- أنت ذكرت القلم ولم تذكر أن هذا القلم سيخط المقادير فكيف سأفهم ذلك طالما انك تعيب علي إلزامك بالمفاهيم الإسلامية أو لانك صرحت بأنك لا تتقيد بها .
3- لتشاهد معي هذه المعادلة ولنحكم سويا على صحتها .
جعل القلم سنة للعالمين
هذه معادلة خاطئة .
فأنا حين أكتب في ورقة هذا الكلام
( أنا سلطان سأذهب إلى مصر ثم إلى فرنسا وأعود إلى السعودية وسوف أفعل كذا و كذا ... إلخ )
أنا هنا ماذا أفعل .
أنا اخطط أنا أرسم لي خطة سأتقيد بها . أنا أرسم لي منهجا ســ
أستن به .
فهو الآن في الورق ليس بسنة .
الله عز وجل حين قال ستجري على قريش سنة الأولين فهو يتكلم عن شيء قد فعله .
السنة النبوية لماذا سميت بهذا الإسم ؟ ولماذا علي أن أتقيد بسنة الرسول ؟ وما معنى أن اتقيد بذلك ؟
هذا يعني ان افعل واحيا بالحياة التي حياها الرسول فهو قد سن أفعال فلا بد لي اتقيد بها التقيد بها استنان بها .
هذه السنة ليست أوراق وافكار بل هي افعال قد سنت من قبل . علي أن استن بها .
هذا معنى السنة .
القلم الذي لا أعلم من أين أتيت بمفهوم كونه يكتب في اللوح المحفوظ مع أنك تقول انك لا تتقيد بالنفهوم الإسلامي .
هذا القلم كتب على اللوح المحفوظ ما سيجري وكتب ما سيكون من سنن . وكتب السنن التي سيسنها الرسول والتي ستكون سنة من قبله .
ولكن ما كتب هل يعتبر سنة ؟؟ وكتابته هل تعتبر سنة ؟؟
الجواب لا . وبملئ الفم أيضا .
هذا إذا إفترضنا جدلا أنه يمكن الكلام عن القلم بإعتبار ما كتب .
وهذا ما سأتناوله معك في بقية كلامك .
تقول .
اقتباس:تعال و اقرأ معي :
"قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا" يوسف 36
هذا يا صاحبي يسمى مجازاً
و هو يجوز في اللغة و لم اسمع أحداً انكره قبلك عزيزي العاقل !!!
يقول السيوطي في الإتقان في شرحه على المجاز :
" تسميته باسم ما يؤول اليه نحو {اني اراني اعصر خمرًا} اي عنبًا يؤوالى الخمرية {ولا يلدوا الا فاجرًا كفارًا} اي صائر الى الكفر والفجور {حتى تنكح زوجًا غيره} سماه زوجًا لان العقد يؤول الى زوجية لانها لا تنكح الا في حال كونه زوجًا {فبشرناه بغلام حليم} نبشرك بغلام عليم وصفه في حال لا بشارة بما يؤول اليه من العلم والحلم."
و أنا سميته باسم ما يؤول إليه .
أولا . لا يوجد مجاز في القرىن بأي حال من الأحوال . فالله عز وجل لا يكذب . وهذه قضية إن شئت توسعت فيها معك . بل إني اذهب لأبعد من ذلك وأقول لا يوجد مجاز في اللغة العربية . فالعرب لم يوجدوا كلمات يقصد بها غيرها .
ثانيا . سأفترض معك جدلا صحة وجود الكلام عن الشيء باعتبار ما يؤول إليه . ولنر ما اوردت من أدلة لتثبت صحة كلامك وصحة إعتبار القلم أنه القدر باعتبار ما يؤول إليه .
1- قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا
هو لم يقل عنب بل قال خمرا . فهو أراد العنب وذكر الخمر .
وهذا لا يشابه لا من بعيد ولا من قريب ما تقوله أنت .
أنت تتكلم عن القلم باعتبار أنه القدر .
فالقلم يكتب القدر ويكتب غير القدر . فكيف تستشهد بهذه ؟
ما استشهدت به استبدل النتيجة بالمقدمة . وانت تتكلم عن المقدمة التي تقتضي عدة نتائج . فهل تستطيع الإستشهاد بهذه في تلك ؟؟
أمر غريب صراحة .
2- وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ
وهنا نفس الأمر .. فالكلام عن النتيجة .
وانت تتكلم عن المقدمة .
3- الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا
وهذه أيضا كذلك .
رغم أنه لا يوجد مجاز في القرآن . ورغم أني تجاوزت هذه المسألة وافترضت معك جدلا وجوده . واقررت المسألة التي تريد إثباتها .
فأنه على الرغم من ذلك . ومن إقرارك لثبوتها فهي لا تماثل ما أوردت أنت في قرآنك .
فالكلام عن النتيجة في الآيات . وانت تتكلم عن المقدمة التي تقتضي عدة نتائج .
شكرا جزيلا .
أفضل أن لا نراوح هذه المسألة حتى نفرغ منها .
آسف على الإطالة .