[SIZE=5]فوزية سلامة
شكرا عمو
قالوا اطرف ما قرأت في وصف اللحظة التي يتحول فيها المرء من شاب الى كهل هي سطور كتبها زميل لنا منذ سنوات.
وصف فيها حسناء كانت تستقل القطار الذي يستقله يوميا في الطريق الى العمل. كانت الحسناء تجلس قبالته في المقطورة ذاتها وظن مرارا انها تبتسم له كل صباح حين تحتل مقعدها المفضل. وظل الحال على هذا المنوال لفترة وبدأت تداعبه آمال حلوة بأن الحسناء رغم شبابها المبكر تتوسم فيه صفات الرجل الناضج الذي يعجب النساء. وبدون ان يدري بدأ في اختيار بدلته كل صباح بعناية واشترى لنفسه بدل رباط العنق الواحد ثلاثة او اربعة ولم يسمح لنفسه يوما بأن يخرج قبل حلاقة ذقنه واشباعها بعد الحلاقة بلوسيون معطر. كان يحرص على قص اظافره وتهذيبها بانتظام وبعد ان كان يكتفي بشراء جريدة يومية واحدة اصبح يشتري جريدتين لكي تتوسم فيه الحسناء صفات الرجل المطلع.
لم يكن يعرف عن الحسناء شيئا ولا يعرف المحطة التي تغادر فيها القطار لأنه كان يغادر القطار وهي لا تزال جالسة في مقعدها. وفي احد الايام هم بمغادرة القطار كالمعتاد فاذا بها أيضا تتأهب للنزول. تسارعت ضربات قلبه ظنا منه انها استجابت اخيرا لنداء القلب وانها سوف تغادر المحطة معه. فسارع لكي يكون مستعدا لان يمد لها يدا تساعدها على النزول بارتياح* وبالطبع ابتسمت الحسناء تقديرا لهذا اللطف النبيل وقالت لصاحبنا برقة: شكرا عمو....
تذكرت تلك السطور وتذكرت زميلنا الذي لم يأب ان يعترف ولو على نفسه حين قادتني الظروف لركوب مترو الانفاق في لندن منذ عدة ايام. كان الزحام شديدا وكنت مثقلة بعد جولة تسوق في وسط المدينة* والحق اقول آلام المفاصل والركبتين كانت صريحة وواضحة وملحة اكثر مما ينبغي* وبينما كنت احاول ان احتفظ بتوازني نظرت الى الشابة الجالسة بالقرب مني وتذكرت صباي في القاهرة حين كان من المعتاد ان تتطوع الجالسة بحمل مشتروات الراكبة التي لم تحصل على مقعد. كنت غارقة في مدارات افكاري عن تغير العادات والازمنة حين شعرت بلمسة خفيفة على كتفي فاستدرت فاذا بشاب في نحو العشرين يبتسم لي ويتنازل عن مقعده.
اعتقد انني تحولت من امرأة تتمسك باهداب الشباب في تلك اللحظة الى امرأة اخرى. ففي اقل من الثانية تضاربت في نفسي مشاعر هي خليط من الارتياح وعدم الارتياح. فقد ارتحت حتما من آلام المفاصل التي انتابتني من جراء الوقوف الطويل في وضع غير مريح بسبب الزحام. كما انني شكرت له سلوكه المهذب الذي اعاد لي الاحساس بأن الدنيا بخير. ثم لفني غيظ فوري حين مر بخاطري انه انما تنازل عن مقعده لأنه اعتبرني سيدة تقدم بها العمر.
ابتسمت وانا في طريقي الى البيت وعزمت على رواية ما حدث لزوجي وقلت له انه اصبح بحاجة الى البحث عن زوجة اكثر شبابا. ويبدو انه رق لحالي اذ انه جاملني قائلا ان الزوجة مثل النبيذ كلما مر عليه الزمن ارتفعت قيمته وطاب مذاقه.
التعليــقــــات
مهندس : محمد على
الأسكندرية
02/05/2005
الأستاذة الفاضلة فوزية: طبعاوكالعادة اسلوبك واضح ودمه خفيف ومحدد ويبلغ الهدف ,, لكن ليتك كنت توضحى المثل اكثر لأن كثير من المسلمين لايعرفون حكاية النبيذ ولا حتى طعمه .
محمد حمدي
الكويت
02/05/2005
مقالتك افاقتني من غفوتي فكنت على وشك ان ابدأ علاقة عاطفية مع فتاة اصغر مني بعشرين عاما وقضيت ليلتي في حلم جميل اسمع اغني هاني شاكر حتى قرأت مقالتك فتذكرت الام مفاصلي وحبة السكر وحبة الضغط وموعد طبيب الاسنان فاتصلت بام العيال وسالتها هل مازالت تحبني فكانت اجابتها عيب عليك ياراجل تسال السؤال ده بعد العمر ده كله.
محمد حجازي
السعودية
02/05/2005
يا أخي هذا تشبيه دارج وليس له علاقة بتعاطي الخمر ومع هذا برافو يا أستاذة فوزية ... ولنجعل ختام المقال مثل البامية المطبوخة تصبح ألذ فى الأيام التالية لطهيها .
مرام العلي
Middle East
02/05/2005
مقال جميل و روح حلوة تنعكس من خلال كلماتك الرقيقة إلى جانب اللفتة المرحة في وصف رجل تقدم به العمر دون أن يدري. و اسمحي لي أن أشير إلى أن هناك العديد من الرجال - دون ذكر النساء - لا يؤمنون بتقدم العمر ، مع العلم أن هناك رجالاً تجاوزوا الستين من العمر و مع ذلك تجدين لديهم روح الحياة موجودة إلى جانب روح المرح و بثقة و هناك رجال في ريعان الشباب و لكن بروح تجاوزت الكهل بعصور ، لا يعي ما يفتقد إلا عندما يفقده ليتحول وقتها إلى عجوزاً متصابياً .. و لكن أعتقد أنه لا يختلف اثنان أن العمر يحسب بالروح و بالخبرة لا بالسنوات و الشعر الأبيض فقط .
صلاح الدين طه
الرياض - السعودية
02/05/2005
أولاً أهنئك يا أخت فوزية على اسلوبك الرائع البسيط في اسلوبه والعميق في معانيه . ان هذا الموضوع (شكرا عمو) يدعو لأن يحترم الإنسان نفسه ولا يعش في عمراً ليس بعمره. فالخالق خلقنا هكذا فالصغير يكبر وصاحب العشرون عاماً - إذا أمد الله في عمره - سيصبح في الستين فهذه سنة الحياة .. ويجب أن يعي سنه حتى لايقال له شكرا عمو.
أما ما قاله زوجك من أن المرأة كالنبيذ .. فهذا هو كلام الإنسان العاقل .. فهذه المرأة التي تقدم بها السن .. هي الشابة الجميلة الرشيقة التي كان يركض وراءها الشباب عندما كانت في مقتبل العمر .. فهل يكون جزاؤها اذا كبرت في السن او عجزت عن الحركة أن نستبدلها بمن تصغرها سنا.. لا والله لن يكون ذلك عقلا .. ونسأل الله أن يمنحنا العقل في شبابنا وفي شيبنا .
أما ما قاله زوجك من أن المرأة كالنبيذ .. فهذا هو كلام الإنسان العاقل .. فهذه المرأة التي تقدم بها السن .. هي الشابة الجميلة الرشيقة التي كان يركض وراءها الشباب عندما كانت في مقتبل العمر .. فهل يكون جزاؤها اذا كبرت في السن او عجزت عن الحركة أن نستبدلها بمن تصغرها سنا.. لا والله لن يكون ذلك عقلا .. ونسأل الله أن يمنحنا العقل في شبابنا وفي شيبنا .
dr.bassam al-khoury
germany
02/05/2005
بالتأكيد قال لك تفضلي اجلسي مكاني ياخالة أو ياعمة. نفس الشيء حدث معي مع مضيفة بطائرة..لأننا نحن العرب نتزوج متأخرين بسبب ضائقات مالية.نظرت المضيفة الى ابني وقالت ما شاء الله على هالحفيد المهضوم فشعرت وزوجتي بحرج كبير وغضب مستتر ولم نجبها بكلمة
عبد الحميد الطيب
السعودية - الدمام
02/05/2005
حقيقة مقالك في غاية الروعة وكما عهدناك دائما تتسمي بالصراحة والوضوح ومناقشة الأمور الأكثر حساسية .. فالكثير من النساء يتحرجن من مناقشة المسائل المتعلقة بأعمارهم .
لمى عبدالعزيز
الرياض
02/05/2005
تعقيباً على السطر الأخير ،وهو تعقيب عام لا يخص السيدة الرقيقة فوزية سلامة، يُقال إن عالم الآثار هو الرجل الوحيد الأكثر حباً لزوجته كلما تقدم بها العمر، لذا أعتقد أن عالم الآثار رجل مستهدف من النسوة اللاتي يعرفن هذه الصفة!
لو كنت مكانك يا أستاذة فوزية لم أكن لأُخبر زوجي بما حصل معي بل سأقول أن رجلاً تنازل عن مقعده كوني إمرأة تهذيباً منه وكياسة، ولن آتي على ذكر عمر الرجل، ولكن يبدو يا عزيزتي أن ثقتك الكبيرة بزوجك ورأيه فيكِ منحك الأريحية في اخباره.
05-08-2005, 01:17 PM
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري
Super Moderator
المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004