مساء الفلّ
اقتباس: قطقط كتب/كتبت
نسيت أضم اليوتيبيا الإلحادية ، وهى تخيل أن الإلحاد ( ويتبعه الجنس غالباً ) يؤدى للسعادة ،وأن الله هو سبب المشاكل فى المجتمع الإنسانى .. لكن لو إختفى الله يعيش الجميع سعداء
لا بد من الإشارة إلى المفارقة الّتي يقع فيها الدينيّون وخاصّة المسيحيّون.
فالمسيحيّون وخاصّة البروتستانت منهم (وهذا موجود أيضاً لدى الأقباط ) ، يركّزون على أهمّية الاختبار والتجربة كمحك حقيقيّ لمعرفة المسيح ، بل وتجدهم يشدّدون على معرفة اختبار المؤمنين الجدد كمعيار لقياس مصدداقيّة إيمانهم.
ولكنّهم لا يفتأون يحدّثونك عن اللادينيّة وكأنّهم عاشوها بصدق وقلبوها على وجهها وظهرها وعرفوها داخلاً وخارجاًُ.
رغم أنّ أحدهم لم يجرّب مثلاً أن يأخذ عهداً على نفسه لمدة عامٍ كامل أن يكفر بالمسيح وبكل نصوصه ، ويجرّب أن يعيش بصدق كلادينيّ دون تفكير أو أمل في إله. ثم يأتي بعد العام ليعود إلى المسيح ، ومن ثمّ يحكي عن " اختباره " مع اللادينيّة .
أولئك الّذين يمكنك أن تخاطر وتصدّقهم عزيزي القاريء ، هم الّذين يتحدّثون عمّا جربوه بأنفسهم ، لا عمّا قرأوا عنه وقلّبوه في رؤوسهم بضع سويعات ثم خرجوا بنتيجة حاسمة.
ولهذا لا أصدّقك يا زميل قطقط. بكل بساطة لأنّك تحدثت عن الإسلام كأنّك كنت تبيت في المساجد معتكفاً وتفطر على فلكات شيوخ الكتّاب وتتعشى في ندوات الأزهر.
تتكلّم عن العراقيّين كأنّك تذوقت مرارة سجون صدّام وحلّيت بمرارة مدافع أمريكا.
تتكلّم عن الشّيعة وكأنّك عرفت عاشوراء وخرجت في مسيراتها ولم تهمل مرجعيّة من مرجعيّاتها ، بينا هناك من المسلمين السّنة الّذين يعيشون مع الشّيعة جنباًُ إلى جنب لا يمتلكون الجرأة الّتي تمتلكها في اختزال فكر وحضارة كاملة في سطرين.
تتكلّم عن الأمريكي وكأنّك كنت في برج التّجارة العالميّ يوم اخترقته الطّائرات ، وكأنّك قادم من البيت الأبيض. وترفض طوباويّتهم رغم أنّك من يستنجد بها مع زملائك الأقباط ضدّ شرور الإسلام كل حين ، وعلى كل صفحة إنترنت ومن خلال كل " مايك " في البالتوك.
أنت تؤمن بدين يشدّد على اختبار الحق ، ويقسّم أبناءه إلى " اطفال - شباب - آباء " على أساس اختبارهم للرب وللديانة.
بينا تتحدّث عن الآخرين وتمتلك الشّجاعة لاختزالهم في سطر واحد ، وأنت لم تولد أصلاً من رحم أيّ من تلك المعتقدات الّتي تتحدّث عنها وكأنّك أب من آبائها.
نأتي الآن إلى التّالي :
اقتباس:اليوتيبيا الحقيقية نوعين : نوع على الأرض ويكون داخل الإنسان ، يعنى تعزية يعطيها الله للمؤمن فيشعر بالمحبة والسلام والطمأنينة ، أو يحصل على تأملات مشبعة وجميلة إلخ
والنوع التانى فى مملكة السماء بعد إنتهاء الأرض وإحتراقها
طمأنينة ؟
سلام ؟
يعني انتهى الصّراع الدّاخلي ؟
إذن خذ هذا القبس من موضوعٍ سابق لي بعنوان
آمن بأي شيء ولن يتحقق
آمن بالمسيحية : صل بلا ملل، كل حين ، بلا انقطاع، رتّل. دون أسماء من تريد لهم الخلاص واطلب من يسوع أن يلمسهم ويحررهم، وإن بدا يسوع بعيدا فاستقرب أحدا من القديسين واجعل منه حمامة زاجلة بينك وبين الملك الحاضر الغائب، ولا تنس أن تعقد إكليلا من الورود على مسبحتك كل يوم لتتوج به أمه حتى تعمل بشكل أكثر نشاطا وفاعلية لسلام العالم وانتهاء الحروب ، وإن كنت لا تؤمن بالقديسين وتعثر بالوساطات ، فكن عنيدا مع لا مبالاة يسوع وثابر بشكل يجعل من حوله يرجونه أن يصرفك حتى يخمد صراخك. عندها قد ينعتك بالكلب ، فلا بأس ، لا بأس أبدا لأنه لا محدود المحبة ، وسوف يتحنن في النهاية ، اشتر تلك الكتب التي تعدّك لتكون مرسل صلاة وصيام لأجل دول العالم ، تضرع لكي يدمر الله القرآن والإسلام وخداعهما الذي يعمي عقول الناس، أأمر إبليس أن يرحل من عقول البوذيين ويزيح قيوده عن الهندوس ، وإن سنحت لك الفرصة أن تخدم على الشاشات الصغيرة التبشيرية فأخرج الشياطين من قلوب الملحدين والإباحيين على شاشات الساتالايت حتى وإن بدا أسلوبك مبتذلا مسرحيا، أليس لأن يسوع كان مهزأة في العالم فكيف بأولاده ؟..
تجاهل كل الأبحاث الطاعنة في صحة كتب العهد القديم والجديد وكتّابها ، وفي حقائقها التاريخية والجغرافية ، وكل المشكلات التي تلغي بشريتك وتجعل منك إنسانا غير إنسان ، وإن أثارت تلك الهرطقات والتجاديف غضبك أو شكوكك ، فلم لا تنخرط في سلك المدافعين عن الإيمان وترد؟..فالردود لا تنتهي ، ولكن اجعل معركتك مع غير المخلّصين أولا ، وتجنب الذين ضلوا من الكنائس الأخرى..أولئك المساكين المخدوعين من خدامهم أو كهنتهم ، ولكن إن جاء أحدهم يتبجح عن المعمودية أو شروط الخلاص أو القديسين أو الحكم الألفي أو صحة هذا المجمع أو ذاك أو الأسفار القانونية الثانية أو حقوق المثليين جنسيا أو حقوق المرأة أو غير ذلك ، فلا بد حينها من قطع لسانه بسيف ذي حدين ، وتذكر من الجهة الأخرى أنه يدعي امتلاكه لذات السيف.فلا تجعل معركتك مع هؤلاء أمام غير المخلّصين تحوطا من إعثارهم..لأنهم صغار مساكين..بل اجعلها في وقت تكون فيه معهم وحدكم..كي تتعاركوا ضد بعضكم بدون أعداء شاهدين على عراككم.فأنتم بعد كل شيء إخوة وجسد واحد لا يضيره المغص ولا حتى السرطان..سيموت وتقطع أعضاؤه بعضها بعضا..لكنه سيبقى جسدا واحدا.
وإن كنت ترى في نفسك قوة فلا تتزوج ، سوف تهيم نفسك كلما وقعت عيناك على حذاء أنثوي تغطي أربطته قدما عارية تنبض بالجمال الذي صنعه المسيح بيديه ، أو مع كل خصلة شعر جدلها المسيح بنفسه على جيد إحدى ربات الجمال الملعونات اللواتي ينشرن العثرات في كل مكان (وأول تلك الأماكن جسدك)..أو مع كل رمش ثائر على سكونك ليحطمه خالقا زلزالا في قلبك بدلا منه...ولكنها سهام الشيطان ، فلا تأبه ، مارس العادة السرية ثم اعترف وتب ، قد تزني بدون إرادة مع إحداهن إن تطور الأمر إلى حالة من الجوع مفقدة للوعي لكن اعترف وتب ، قد تسرق بعد تبرعك بكل ما تملك لتغطي خبزك وكفاف يومك وتشعر بحسرة وألم مبرح في أحشائك بعد أن خنت المسيح ، لكن اعترف وتب ، قد تصبر مع كل ذلك لكن يتبادر سؤال مشكك في ذهنك لا تعود معه تقوى على الاحتمال فتصرخ : لماذا يا رب؟ ، لكن لا بأس أيضا ، فالمسيح محبة لا متناهية ، فاعترف وتب ، قد تتغلب على كل شهواتك ولكن ينهكك التعب والإعياء فتنطرح نائما كجثة دون أن تصلي ثم تستيقظ مغتما كئيبا لتقصيرك فاعترف حينها وتب، قد تصلي مع ذلك لكن التعب والشكوك والشهوات والحرب مع الآخرين يجعلك تهرف بما لا تعرف فتتقطع أحشاؤك لخطية تكرار الكلام باطلا فاعترف وتب ، قد تصلي وتصلي وتصلي حتى تمل ثم تدرك مللك فاعترف به وتب ، قد لا تمل رغم أن ما تصلي به لا يحدث والحروب تستمر والسلام لا يحل وغير المخلّصين يزدادون كل يوم فتتذمر فاعترف وتب.
وأدرك مع كل ذلك أن النهاية سوداء..فلا السلام سيحل، ولا الأرض ستؤمن ، ولا الكنيسة ستتوحد ، بل مزيد من الخراب والفساد حتى يخرج ضد المسيح فيسود عيشة من تبقى على الأرض، ثم يأتي الإله ذو المحبة اللامتناهية ليكمل بغضبه دمار ما نسي ضده أن يكمله..
أراكم بعد حين:bye: