العتال .. مليونير لبناني تشرد في أميركا
GMT 6:00:00 2005 الجمعة 9 سبتمبر
أجرى الحوار:. عبدالله المغلوث
--------------------------------------------------------------------------------
خانته زوجته مع شقيقه وسرقت أمواله
العتال .. مليونير لبناني تشرد في أميركا
توني يفتش عن الموت في سلة نفايات. عدسة إيلاف
عبدالله المغلوث من نيوجرسي: قبل 18 عاماً كان العشرات من أبناء الجالية العربية في باترسون في ولاية نيوجرسي (شرق أميركا) يُصلون ليهطل عليهم اللبناني الأميركي توني عتال وأمواله التي تبلل ثيابه، أما الآن فيغمضون عيونهم عندما يشاهدونه يبحث عن شطيرة ضائعة في سلة نفايات."أرغب في خلع عيني عندما أراه متجرداً من الحياة، اتمنى أن أقابل زوجته السابقة لأصفعها على وجهها" الأميركي لاري هاكورث(عمل مديرا لمحطة وقود يملكها العتال عام1984) قال لـ"إيلاف".
يرقد توني ممداً أغصانه الناحلة على الرصيف المقابل لمكتب البريد، بمحاذاة سيجارة لفظت أنفاسها الأخيرة قبل دقائق، وعربة تسوق يضع في بطنها حقيبة ممزقة تطل منها ملابس بدون ألوان.
كان وجه العتال يفيض عافية قبل أن تخونه زوجته مع شقيقه. توني المولود في مدينة صور في جنوب لبنان عام 1936، بدأ حياته كملاكم في منتخب الجيش اللبناني قبل أن يهاجر الى ولاية نيوجرسي في الولايات المتحدة الأميركية عام 1966 ليساعد أسرته على تنمية دخلها ومواجهة مصاعب الحياة. يقول العتال لـ"إيلاف" إنه سيسلم نفسه للموت دون مقاومة، بعد أن هزمه 4 مرات في شبابه: "كان لدى صديقي في الجيش علي موسى يد حديدية، كنا نطلق عليه لقب(الموت) من فرط عنفه، هزمته غير مرة في عدة مباريات ملاكمة جمعتنا، لكن الآن يستطيع اغتيالي بأصبعه".
العتال نائما أمام مكتب البريد
عمل توني نجارا فور وصوله إلى أميركا. كان يحقق دخلا جيداً نظرا لحيويته ودقته التي جعلته مطلوبا في نيوجرسي ونيويورك وما جاورهما. في العام1969 وقبل 48 ساعة من الكريسماس استنجدت به مغنية الأوبرا تشارلي جونز لإصلاح البيانو الخاص بها بعد أن تعرض طرفه الأيسر لحرق بسيط إثر سيجارة. انبرى توني لإصلاحه في منزلها. لم تستطع جونز متابعته وهو يعالج آلتها المفضلة والتي تبلغ قيمتها 68 ألف دولار، تركته وحيدا مبررة حسب العتال: "لايمكن أن أطالعك وانت تفتح قلب طفلي، اعتني به". ذهبت وقلقها إلى الغرفة الملاصقة، بينما يسمع العالم صوت كعبها ذهابا وإيابا خلف الباب كأنها تقبع خلف غرفة عمليات مسكونة بطفلها والأطباء. عاد جسدها حيث البيانو والعتال بعد أقل من نصف ساعة. حينها اندهشت من أدائه السريع والمتقن، لم يتبق سوى طلاء الجزء الأيسر من البيانو لتنتهي العملية. عندما ذهب توني لشراء الطلاء توقع ان يظفر بثروة تبلغ 10 دولارات (كان رقما كبيرا بالنسبة له في ذلك الوقت) في اعقاب السعادة التي غمرت وجهها بعد أن اطلعت على عمله، لكنه فوجئ عند عودته بـ (500 دولار) على الطاولة، رفضها بإلحاح فاعتقدت للوهلة الأولى أنه يشعر أنها ظلمته فأخرجت من حقيبتها الجلدية المجاورة 500 دولار أخرى تسمر العتال أمامها.
توني ينتظر الموت دون مقاومة
كان يود توني أن يقبل يد البيانو لأنه ساهم لاحقا في معرفته للكثير من نجوم هوليوود الذين اصبحوا من زبائنه كفرانك سيناترا الذي يعتبر أيقونة اميركية ونافس اسماء لامعة كإلفيس بريسلي، بنج كروسبي، وفريق البيتلز في مبيعات اسطواناته فضلا عن أفلامه الناجحة. وقدم سيناترا (توفي في 14 أيار (مايو) عام 1998) مع شارلي هدية ثمينة لتوني مقابل اخلاصه وعمله لمصلحتهما واصدقائهما في عيد ميلاده 36 تمثلت بمحل نجارة متكامل على 229 بكندر كماك رود في هاكينساك بنيوجرسي مع دفع أجاره لعامين وتأثيثه بتكلفة بلغت 49 ألف دولار. وحقق توني نجاحا فائقا نظرا للاقبال الكبير الذي شهده محله بسبب الأسماء اللامعة التي ترددت إليه. يتذكر العتال: "اشتريتُ بدلة كالتي يرتديها مقدم برنامج Tonight Show جوني كارسون بمبلغ 1800 دولار ابتهاجا بآداء المحل".
يمضغ توني شطيرة وجدها في سلة نفايات، يعتذر عن الصوت المدوي الذي ينبعث من فمه أثناء الأكل العسير إثر خسارته لإسنانه قبل أن يتابع قصته لـ"إيلاف": "نجاح محل النجارة ادى الى افتتاحي لـ3 محطات وقود في وقت واحد بعد الحصول على قرض من أحد البنوك المحلية"، ذهب إلى وطنه الأصلي لبنان عام 1974، بعد ان جمع ثروة تقدر بنصف مليون دولار تشمل منزله ومحلاته: "لأتزوج واجلب شقيقي إلياس".
تزوج فتاة لبنانية مثقفة وجميلة لتساعده على متابعة احلامه. بالفعل أدى وجودها بجواره إلى نموه عملياً، اضافة الى الفرح الذي تدفق عليه بعد ان انجبت له ولدين وبنت. استمر هذا الأمر الى عدة سنوات حتى اكتشف في عام 1988 اهدائها محطة وقود كتبها باسمها سابقا لشقيقها الذي جاء الى أميركا دون أن تخبره.
غفر لها توني: "احببتها ولايمكن أن أخسرها لأنها تحب شقيقها".
لم يكن يعلم العتال أن الحادثة كانت "جرس انذار"، فقد شاهدها بعد شهر لاحقا في الفراش مع شقيقه، يبكي: "انتهيت".
بدلا من أن تختيئ عنه زوجته وشقيقه، طرداه ومنعاه من رؤية أطفاله، بعد ان امتصوا الكثير من أمواله من خلال التوكيلات التي حصلوا عليها مسبقا.
خشي من الفضيحة فلم يصعد الموضوع قانونيا الا بعد سنوات حيث تمكن شقيقه الهروب مع زوجته إلى ولاية اخرى: "ماذا اقول لأهلي وابناء الجالية؟"
حاولت "إيلاف" الاتصال بطرفي القضية، لكنهما رفضا التعليق...
قضي توني سنواته التالية وسط المخدرات والكحول والقمار، فقد ثروته ومن حوله. "لو التفتت له هوليوود ربما تصنع من قصته فيلما انسانيا مثيراً"، نائب عمدة مدينة باترسون عوني أبوهدبا معلقا على مأساة توني.
ودعتُ العتال وهو يعض بشفتيه على سيجارة رديئة بصعوبة، تطفئ ماتبقى من صحته.
http://www.elaph.com/ElaphWeb/Entertainmen...005/9/89208.htm