تظن أنك تشق طريقك ،و الحقيقة ..
هي أنك أنت الذي يتم دفعه ..
جوته - ميفيستوفيليس - فاوست


تسائل الملك عبد الله بن عبد العزيز متعجبا عن السبب في أن جهود بلاده لحل المشاكل في فلسطين و لبنان جاءت بنتائج عكسية ، و المدقق في المشهد العربي الآن لا يحتاج سوى أن يعمل عقله قليلا ليدرك أن الوهابية السعودية نفسها لم تكن بعيدة كثيرا عن المنبع المسموم ،هناك أيضا ما سيلاحظه .. التردي الغير مسبوق الذي يميز المشهد السياسي ،و أن العرب يمرون بالفعل كما سبق أن طرحنا بواحدة من أخطر نقاط الانقلاب Tipping Points في التاريخ العربي المعاصر إن لم يكن أخطرها جميعا .
في المشهد العراقي سنجد أن أي تقدم يمكن احرازه سرعان ما تلتهمه مأساة جديدة تعيد الموقف إلى نقطة الصفر ، فلم تمض سوى أسابيع قليلة على مؤتمري شرم الشيخ حتى أعاد التكفيريون تدمير مرقدي الإمامين الهادي و العسكري - رغم أن أي منهما لم يدخل سامراء على دبابة أمريكية -لتستعر الفتن الطائفية من جديد ، و يستمر الشعب العراقي أسير المرجعيات الدينية الشيعية و السنية والتي لا يربطها شيء بالواقع ، أما في لبنان فالمشهد غاية في الغرابة و المأساة ، رئيس مفتقد الشرعية مستمر في الحكم بصفاقة غير مفهومة بل و يهدد بالإستمرار في الحكم لفترات جديدة ، و حكومة الأغلبية قليلة الحيلة تستمد كل قوتها من الدعم الخارجي و ليس من أغلبيتها الكيسحة ، وهناك معارضة شيعية في معظمها و موالية لإيران كلية تنتظر حتى تقوم سوريا باستكمال إغتيال العدد المناسب من الوزراء و أعضاء المجلس النيابي حتى تفقد قوى 14 آذار أغلبيتها ، و أخيرا ظهرت جماعات مشبوهة في مخيمات الفلسطينيين من نوعية «فتح الإسلام» و« جند الشام» واقتتالها مع الجيش اللبناني ، الذي لم يفلح رغم طول الفترة في فرض القانون و الشرعية على الأرض ،و أخيرا استمرار مسلسل الإغتيالات السوري باغتيال النائب وليد عيدو ، بينما يقف العالم فاقد الحيلة أمام العبث السوري بمصير شعب صغير مجاور . أما قمة المهزلة فهو ما يفعله الفلسطينيون أو بعضهم بأنفسهم و بالعرب ، فلم يمض وقت طويل بعد اتفاق مكة بين فتح وحماس وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، حتى قام إخوان فلسطين ( حماس) و بفتوى من أصولي مصري ( محمد سليم العوا ) بتحرير غزة ليس من الإسرائيلين بل من الفلسطينيين الموالين لفتح بعد تصفية قيادات شهداء الاقصى، وكم هو هزلي و رقيع ذلك المشهد الذي يسجد فيه المنتصر لله شاكرا أن أهداهم فتحا جديدا لا يقل عن نصر بدر و فتح مكة ، بينما جثث إخوانهم من فتح في خلفية المشهد لا تجد من يدفنها ، يبقى أن نعرف أن المتحدث الرسمي باسم حماس سامي أبو زهري ، قد عاد منذ أسابيع قليلة من السودان حيث كان على رأس مجموعة كبيرة من ضباط حماس تم تدريبها في السودان بواسطة الحرس الثوري الإيراني ! ،في هذا الموقف لم يجد المثقفون الفلسطينيون ما يفعلونه سوى أن يذوبوا ألما و يتباكون أن صار في غزة لكل عصابة نبي و لكل صحابي ميليشيا .
لم يكن ما جرى في العراق ولبنان وفلسطين استثناء ، فكانت هناك مشاهد مماثلة في الصومال والسودان، وأما في مصر فقد تواترت الإحتقانات و التصدمات الطائفية بشكل يدعو للريبة على الأقل ، هل هناك إذا ما يجمع كل عناصر المشهد العربي اليوم أم تلك جميعا حوادث منعزلة بلا رابط .؟..
يستطيع المدقق أن يكتشف رابط واضح بين كل تلك الحوادث ،و ان هناك أيادي و مشاريع ليست خفية بحال تسوق المنطقة سوقا لنهايتها الفاجعة ، نعم أصبحت المنطقة كلها تقع في منخفض أصولي إسلامي بالغ العنف و البدائية و التردي ، و أن نموذج الدولة الحديثة يخلي موقعه للنموذج الميليشياوي حيث الملثم حامل الكلاشينكوف و المنقبة حاملة المصحف ، مصاحبا ذلك كله أموال كثيفة تنهمر على رؤوس الفتنة و دعايات مستمرة مكلفة تدعمهم كنموذج إسلامي وحيد .
هناك من يرى و نحن معه أننا لم نبلغ النهاية بعد بل نحن حتى لسنا في نهاية البداية بل في بداية البداية ، إن التعبئة و التمويل و التحضير و التخطيط الذي نشاهده الآن يؤكد أنه لا يستهدف شيئا محدودا في المدى المنظور و لكنه يكفي لعشرات المعارك العبثية المدمرة و لعقود طويلة ، لم يعد هناك فريق يرى الآخر أقل من خائن و عميل و كافر ، ولم تعد هناك خلافات بين فرقاء أو غرماء سياسين ، بل هناك عداوات و أحقاد و إحن تكفي البشرية كلها ، و لا يستهدف احد أقل من تصفية الآخرين و سحلهم في الشوارع أو إلقائهم من الأدوار العليا كما فعل صحابة حماس الأبرار .

تصوير دقيق للاحداث ، عزيزي بهجت ، لكن نصل الى النهاية حيث تقول :

“ هناك أيادي و مشاريع ليست خفية بحال تسوق المنطقة سوقا لنهايتها الفاجعة ..............إن التعبئة و التمويل و التحضير و التخطيط الذي نشاهده الآن يؤكد أنه لا يستهدف شيئا محدودا في المدى المنظور و لكنه يكفي لعشرات المعارك العبثية المدمرة و لعقود طويلة ... الخ

لكنك لم تذكر لنا تلك الايادي ، التي تقول بانها ليست خفية !

هلا ذكرت لنا تلك الايادي ؟

شكرا .


:Asmurf:

تصوير دقيق للاحداث ، عزيزي بهجت ، لكن نصل الى النهاية حيث تقول :

“ هناك أيادي و مشاريع ليست خفية بحال تسوق المنطقة سوقا لنهايتها الفاجعة ..............إن التعبئة و التمويل و التحضير و التخطيط الذي نشاهده الآن يؤكد أنه لا يستهدف شيئا محدودا في المدى المنظور و لكنه يكفي لعشرات المعارك العبثية المدمرة و لعقود طويلة ... الخ

و لم تذكر لنا تلك الايادي ، الخيرة المعطاء ، التي لا يهمها سوى الخير للعرب و الجيران على حد سواء ، و التي تقول بانها ليست خفية !

هلا ذكرت لنا تلك الايادي ؟

نحن نعرف انه لا يمكن ان يقوم اي مشروع سياسي ، او حرب بين منظمتين ، او حركة سياسية ، او حتى ارهابية ، بدون تمويل عالي التركيز من قبل جهة دولية ، او من قبل دولة قوية ! ترى ، من هي تلك الجهة ، او الدولة ، التي تدعم حماس و حزب الله و سوريا و الحوثي و مقتدى الصدر و غيرهم للوقوف ضد المشاريع و المواقف الامريكية و من يؤيدها في المنطقة ؟

شكرا سلفا .


:Asmurf:

العزيز اوارفي :97:

المرض هو تعاقد بين جسم ضعيف و ميكروب قوي .لدينا كلاهما الجسم العربي الضعيف و الميكروب القوي ممثلا في المشروع الإيراني في المنطقة .
إن ما مرت به المنطقة العربية خلال السنوات ال 30-40 الأخيرة يؤكد لكل عاقل أن هناك عيب أو خلل عضوي في بناء الدولة العربية الحديثة ، هذا الخلل أدى إلى أن يصبح الطغيان متوطنا ، بل هو يعيد إنتاج نفسه بآلية أصبحت علامة على الثقافة العربية و النموذج الإسلامي الأصولي السائد ، الطغيان العربي ليس هو الديكتاتورية التي تعرفها أمم أخرى في مراحل من حياتها ، هو شيء مختلف تماما .. شيء يدخل في صميم الثقافة و يتغلل إلى أعمق أعماق الروح ، مركب عضوي يصبح جزءا من تمييز الذات ، جزءا من الشفرة الوراثية ندافع عنه بالروح و الدم !، هذا الخلل و ما أفرزه من طغيان ساهم في إنتاج نوعية متدهورة من البشر غير قادرة على التفكير السوي ولا تمييز ما يستطيع غيرهم من الشعوب تمييزه بسهولة ، إن العرب متخلفون علميا عن العالم بما لا يقل عن 150 عاما ،و لكنهم ثقافيا و فكريا و سياسيا متخلفون ربما بما لا يقل عن 500 عام بسبب المفاهيم و التحيزات و المعتقدات ذات الخطاب الديني الأصولي ، إن الثقافة العربية السائدة من الرداءة بحيث يصبح الأمي أفضل من المتعلم ، و الجاهل المنعزل أرقى من الجميع ، و النتيجة تلك النوعية من البشر الذين يفجرون أنفسهم بين النساء و الطفال في الأسواق العراقية ،و الذين يغتالون المفكرين و السياسيين في لبنان ،و الذين يلقون إخوانهم مقيدين بعد تعذيبهم من الأدوار العليا للأبنية في غزوة غزة المباركة .
هذا الجسم الضعيف ليس فقط غير قادر على مقاومة الأمراض بل هو يغري الميكروبات حتى الضعيف منها بمهاجمته ، فالضعف دعوة مستمرة للعدوان ، أما ما يهدد الكيان العربي الآن فهذا ما سبق أن تحاورنا فيه في شريط النقطة الفاصلة ، و لهذا أرجوا معذرتك لو كررت كثيرا من العبارات ، هناك مشاريع متعددة تعبث بالجسم العربي ، فالدولة العربية التقليدية تواجه تحديان كبيران يمسان وجودها ذاته ، التحدي الأول هو المشروع الأمريكي الهادف إلى إعادة تشكيل العالم العربي من الخارج وفقا لرؤية المحافظين الجدد فيما أطلقت عليه كوندليزا رايس ( الفوضى البناءة ) وهو مشروع أراه ولد ميتا ، هذا لا يعني أن أمريكا سوف تخرج من المنطقة كلية فلا يمكنها أن تفعل ذلك ،و لكنها ستعود إلى أساليبها التقليدية في محاولة عقد تحالفات جديدة مع الإسلاميين المعتدلين كما تراهم مثل حركة الإخوان المسلمين ، كما تعمل أمريكا على تشكيل تحالف سني تقوده السعودية لمواجهة إيران مستعيدة في ذلك تجربة توظيف الأصولية السنية ضد السوفيت في أفغانستان ، هذه التجربة التي دفع ثمنها غاليا المشروع التحديثي العربي ،و أخشى أنه مطالب بدفع ثمن التجربة الجديدة أيضا .
أما التحدي الثاني و الأخطر بما لا يقارن فهو المشروع ( الإنقلاب ) الراديكالي الذي تدعمه إيران و تقود تحالفه الأساسي ،وهو المشروع الهادف الى تقويض الدولة العربية من الداخل ، خطورة هذا الإنقلاب أنه داخلي يستخدم نفس الشفرة الوراثية للجسم العربي ( الإسلام – إسرائيل – عداء الغرب – التعصب ) ، هذا المشروع الإنقلابي لم يعد تهديدا محتملا فقط بل هو حقيقة واقعة ، كان لبنان أول و أخطر نماذج هذا المشروع الإنقلابي فابتلع حزب الله الدولة ، و كانت فلسطين هي النموذج الثاني حيث ابتلعت حماس شبه الدولة (هذا التعبير استخدمته في شريط سابق منذ شهرين تقريبا و تحقق حرفيا الآن) ، وثالثها في العراق حيث سلمت الدولة سلميا لجماعة ايران والبقية تأتي ولن ينجو من ذلك أحد حتى سوريا التي تقف في صف المشروع الايراني .
يرتكز الإنقلاب الراديكالي على أكثر من قطب سني و شيعي في الرأس منه تحالف هام واسع تقوده إيران و يشمل معظم الشيعة العرب كقوى محتملة Potential قابلة للتعبئة السياسية الدينية ، هذه القوى الراديكالية مكونة حاليا بالفعل من عناصر متعددة و مؤثرة رغم أنها كثيرا ما تكون متناقضة فهي تتشكل بالإضافة إلى إيران من : سوريا ، حركة الإخوان المسلمين ، تنظيم القاعدة ، حزب الله في لبنان، حماس في فلسطين، قوات بدر و جيش المهدي في العراق ، أتباع الحوثي في اليمن ، قناة الجزيرة .. الخ . هذا التناقض في القوى الراديكالية واضح إلى الحد أنه بينما تتحالف سوريا مع إيران يسعى إخوان سوريا لابتلاع الدولة كما يفعل الاخوان في مصر تماما ، رغم أن الأخيرة تقع على طرف النقيض من الراديكالية الإيرانية – السورية !. هكذا نجد أن نموذج لبنان، نموذج الدولة ذات الرأسين ( السنيورة – نصرالله ) متعددة السيادة ( وهو ما يعني أيضا فاقدة السيادة ) هو نوع من جنون البقر أو انفلونزا الطيور بدأ ينتشر مصحوباً بتصفيق الغوغاء و إعلامهم المضلل وكل أولئك الذين يهدفون الى القضاء على الدولة الحديثة ليحولوا العالم العربي برمته الى كيانات من الميليشيات المسلحة ، مستلهمين حزب الله و حماس و المحاكم الصومالية ، هذه الرغبة في تحويل بلدان العرب إلى حالة ميليشيات تستدعي تصريحات المرشد العام لحركة الإخوان مهدي عاكف بالسماح له بإرسال عشرة آلاف متطوع إلي الجبهة اللبنانية ، و أيضا التدريبات القتالية الإخوانية في الجامعات المصرية ، بهذا يريدون وضع مصر علي أول عتبات الكارثة العظمي ‏ وتحويلها إلى حالة المليشيات التي نراها في لبنان.
هذا المناخ الميليشياوي المستخف بالدولة ككيان حافظ للمجتمع يخلق حالة من الفوضى و التقاتل الداخلي الذي لا يخدم أحدا سوى الخراب و التفكك . هكذا يفكر الغوغاء الآن و يتبعهم الغاوون و بهذيان قناة الجزيرة في كل منتدى يهيمون .
من الجدير بالدهشة ملاحظة أن هذا المشروع الراديكالي ليس مقصورا على القوى الإنقلابية المتطرفة و لكن هناك من القوى التقليدية المحافظة من يدعمه بغباء منقطع النظير ، هكذا تمول قيادات خليجية المشروع الراديكالي المناقض لها داعمة للفكر الإنتحاري الذي ينخر في الدول العربية الحديثة من الداخل تحت مسمى الثورة الاسلامية أو المقاومة في مثال نادر لكيان يعمل على تدمير ذاته .

Array
العزيز اوارفي :97:

المرض هو تعاقد بين جسم ضعيف و ميكروب قوي .لدينا كلاهما الجسم العربي الضعيف و الميكروب القوي ممثلا في المشروع الإيراني في المنطقة .
إن ما مرت به المنطقة العربية خلال السنوات ال 30-40 الأخيرة يؤكد لكل عاقل أن هناك عيب أو خلل عضوي في بناء الدولة العربية الحديثة ، هذا الخلل أدى إلى أن يصبح الطغيان متوطنا ، بل هو يعيد إنتاج نفسه بآلية أصبحت علامة على الثقافة العربية و النموذج الإسلامي الأصولي السائد ، الطغيان العربي ليس هو الديكتاتورية التي تعرفها أمم أخرى في مراحل من حياتها ، هو شيء مختلف تماما .. شيء يدخل في صميم الثقافة و يتغلل إلى أعمق أعماق الروح ، مركب عضوي يصبح جزءا من تمييز الذات ، جزءا من الشفرة الوراثية ندافع عنه بالروح و الدم !، هذا الخلل و ما أفرزه من طغيان ساهم في إنتاج نوعية متدهورة من البشر غير قادرة على التفكير السوي ولا تمييز ما يستطيع غيرهم من الشعوب تمييزه بسهولة ، إن العرب متخلفون علميا عن العالم بما لا يقل عن 150 عاما ،و لكنهم ثقافيا و فكريا و سياسيا متخلفون ربما بما لا يقل عن 500 عام بسبب المفاهيم و التحيزات و المعتقدات ذات الخطاب الديني الأصولي ، إن الثقافة العربية السائدة من الرداءة بحيث يصبح الأمي أفضل من المتعلم ، و الجاهل المنعزل أرقى من الجميع ، و النتيجة تلك النوعية من البشر الذين يفجرون أنفسهم بين النساء و الطفال في الأسواق العراقية ،و الذين يغتالون المفكرين و السياسيين في لبنان ،و الذين يلقون إخوانهم مقيدين بعد تعذيبهم من الأدوار العليا للأبنية في غزوة غزة المباركة .
هذا الجسم الضعيف ليس فقط غير قادر على مقاومة الأمراض بل هو يغري الميكروبات حتى الضعيف منها بمهاجمته ، فالضعف دعوة مستمرة للعدوان ، أما ما يهدد الكيان العربي الآن فهذا ما سبق أن تحاورنا فيه في شريط النقطة الفاصلة ، و لهذا أرجوا معذرتك لو كررت كثيرا من العبارات ، هناك مشاريع متعددة تعبث بالجسم العربي ، فالدولة العربية التقليدية تواجه تحديان كبيران يمسان وجودها ذاته ، التحدي الأول هو المشروع الأمريكي الهادف إلى إعادة تشكيل العالم العربي من الخارج وفقا لرؤية المحافظين الجدد فيما أطلقت عليه كوندليزا رايس ( الفوضى البناءة ) وهو مشروع أراه ولد ميتا ، هذا لا يعني أن أمريكا سوف تخرج من المنطقة كلية فلا يمكنها أن تفعل ذلك ،و لكنها ستعود إلى أساليبها التقليدية في محاولة عقد تحالفات جديدة مع الإسلاميين المعتدلين كما تراهم مثل حركة الإخوان المسلمين ، كما تعمل أمريكا على تشكيل تحالف سني تقوده السعودية لمواجهة إيران مستعيدة في ذلك تجربة توظيف الأصولية السنية ضد السوفيت في أفغانستان ، هذه التجربة التي دفع ثمنها غاليا المشروع التحديثي العربي ،و أخشى أنه مطالب بدفع ثمن التجربة الجديدة أيضا .
أما التحدي الثاني و الأخطر بما لا يقارن فهو المشروع ( الإنقلاب ) الراديكالي الذي تدعمه إيران و تقود تحالفه الأساسي ،وهو المشروع الهادف الى تقويض الدولة العربية من الداخل ، خطورة هذا الإنقلاب أنه داخلي يستخدم نفس الشفرة الوراثية للجسم العربي ( الإسلام – إسرائيل – عداء الغرب – التعصب ) ، هذا المشروع الإنقلابي لم يعد تهديدا محتملا فقط بل هو حقيقة واقعة ، كان لبنان أول و أخطر نماذج هذا المشروع الإنقلابي فابتلع حزب الله الدولة ، و كانت فلسطين هي النموذج الثاني حيث ابتلعت حماس شبه الدولة (هذا التعبير استخدمته في شريط سابق منذ شهرين تقريبا و تحقق حرفيا الآن) ، وثالثها في العراق حيث سلمت الدولة سلميا لجماعة ايران والبقية تأتي ولن ينجو من ذلك أحد حتى سوريا التي تقف في صف المشروع الايراني .
يرتكز الإنقلاب الراديكالي على أكثر من قطب سني و شيعي في الرأس منه تحالف هام واسع تقوده إيران و يشمل معظم الشيعة العرب كقوى محتملة Potential قابلة للتعبئة السياسية الدينية ، هذه القوى الراديكالية مكونة حاليا بالفعل من عناصر متعددة و مؤثرة رغم أنها كثيرا ما تكون متناقضة فهي تتشكل بالإضافة إلى إيران من : سوريا ، حركة الإخوان المسلمين ، تنظيم القاعدة ، حزب الله في لبنان، حماس في فلسطين، قوات بدر و جيش المهدي في العراق ، أتباع الحوثي في اليمن ، قناة الجزيرة .. الخ . هذا التناقض في القوى الراديكالية واضح إلى الحد أنه بينما تتحالف سوريا مع إيران يسعى إخوان سوريا لابتلاع الدولة كما يفعل الاخوان في مصر تماما ، رغم أن الأخيرة تقع على طرف النقيض من الراديكالية الإيرانية – السورية !. هكذا نجد أن نموذج لبنان، نموذج الدولة ذات الرأسين ( السنيورة – نصرالله ) متعددة السيادة ( وهو ما يعني أيضا فاقدة السيادة ) هو نوع من جنون البقر أو انفلونزا الطيور بدأ ينتشر مصحوباً بتصفيق الغوغاء و إعلامهم المضلل وكل أولئك الذين يهدفون الى القضاء على الدولة الحديثة ليحولوا العالم العربي برمته الى كيانات من الميليشيات المسلحة ، مستلهمين حزب الله و حماس و المحاكم الصومالية ، هذه الرغبة في تحويل بلدان العرب إلى حالة ميليشيات تستدعي تصريحات المرشد العام لحركة الإخوان مهدي عاكف بالسماح له بإرسال عشرة آلاف متطوع إلي الجبهة اللبنانية ، و أيضا التدريبات القتالية الإخوانية في الجامعات المصرية ، بهذا يريدون وضع مصر علي أول عتبات الكارثة العظمي ‏ وتحويلها إلى حالة المليشيات التي نراها في لبنان.
هذا المناخ الميليشياوي المستخف بالدولة ككيان حافظ للمجتمع يخلق حالة من الفوضى و التقاتل الداخلي الذي لا يخدم أحدا سوى الخراب و التفكك . هكذا يفكر الغوغاء الآن و يتبعهم الغاوون و بهذيان قناة الجزيرة في كل منتدى يهيمون .
من الجدير بالدهشة ملاحظة أن هذا المشروع الراديكالي ليس مقصورا على القوى الإنقلابية المتطرفة و لكن هناك من القوى التقليدية المحافظة من يدعمه بغباء منقطع النظير ، هكذا تمول قيادات خليجية المشروع الراديكالي المناقض لها داعمة للفكر الإنتحاري الذي ينخر في الدول العربية الحديثة من الداخل تحت مسمى الثورة الاسلامية أو المقاومة في مثال نادر لكيان يعمل على تدمير ذاته .
[/quote]


وأسمعت كلمات بهجت من به صمم

دمت متالقاً (f)(f)(f)

Array
وأسمعت كلمات بهجت من به صمم

دمت متالقاً (f)(f)(f)
[/quote]
الأخ و الصديق جعفر باشا علي .:97:
هل علينا يا سيدي الإنتظار كل تلك الفترة حتى ننعم بوجودك و تشجيعك ؟ ، بوصلتك الدقيقة تشير دائما إلى الحقيقة و يسعدني أننا نسير إلى نفس الإتجاه .
أتمنى أن أسمع تعليقك على تلك الأحداث .
و أتمنى أن تقبل خالص تمنياتي :bye:

Array
العزيز اوارفي :97:

بل هذا لا يعني أن أمريكا سوف تخرج من المنطقة كلية فلا يمكنها أن تفعل ذلك ،و لكنها ستعود إلى أساليبها التقليدية في محاولة عقد تحالفات جديدة مع الإسلاميين المعتدلين كما تراهم مثل حركة الإخوان المسلمين ، كما تعمل أمريكا على تشكيل تحالف سني تقوده السعودية لمواجهة إيران مستعيدة في ذلك تجربة توظيف الأصولية السنية ضد السوفيت في أفغانستان ،
.
[/quote]


الدور الايراني ، اذا ، نحن متفقان عليه منذ البداية .

اما ما اراه في الاقتباس / اولا هناك تناقض لان السعودية غير الاخوان المسلمين !
و رايك ، لا تدعمه الاحداث التي تجري في مصر . فنرى بان الخلاف المصري الامريكي لا يدور حول الرغبة الامريكية باطلاق المساجين و الموقوفين ، من الاخوان المسلمين ، بل العكس ، وهو ان امريكا تريد اطلاق سراح ايمن نور ، المحكوم بخمس سنوات كما تعلم ! و اعتقد بان المسلمين المعتدلين هم الدول الاسلامية مثل السعودية و الامارات و مصر ....الخ و ليس الاخوان المسلمين .

فكيف تتفق معك الامور ، فيم تقوله في الاقتباس ؟

تحياتي .
:Asmurf:

المضحك المبكي ان العديد في الاوساط الغربية كان يتوهم انه بعد خلع الحكومة العراقية البعثية و بدء عملية الانتخابات، سيفتح العراقيون صفحة جديدة و ستجري السجالات الكلامية الحامية في البرلمان العراقي، متمخضة عن ذلك القرارات و القوانين و التداول السلمي للسلطة و يعيش الجميع في هناء و سعادة.

فرد عليهم الخبراء قائلين ان الديمقراطية لا يمكن فرضها من فوق، بل هي تبدء من الاسفل كالجذور، و الديمقراطية عند العرب لا جذور لها و لا تاريخ، بل هي كلمة يسمعون عنها في الكتب و التلفاز، و لا يفقهونها.

أهو المد الايراني ام الامريكي؟ أنلوم اسرائيل ام نلوم الاصولية الدينية ام نلوم الدكتاتوريات العربية؟ للحق كل هذه اعذار، فلا يلوم العربُ إلا العربَ.

الفلسطيني يحمل شخصيّة أبو عنتر، حيث يواقح بالكلام و يستفز و يتدخل، و عادة ما يندقه الفاتورة ثقيلة و قاصمة لظهره. هل يتعلم؟ لا أظن.

Array

الدور الايراني ، اذا ، نحن متفقان عليه منذ البداية .

اما ما اراه في الاقتباس / اولا هناك تناقض لان السعودية غير الاخوان المسلمين !
و رايك ، لا تدعمه الاحداث التي تجري في مصر . فنرى بان الخلاف المصري الامريكي لا يدور حول الرغبة الامريكية باطلاق المساجين و الموقوفين ، من الاخوان المسلمين ، بل العكس ، وهو ان امريكا تريد اطلاق سراح ايمن نور ، المحكوم بخمس سنوات كما تعلم ! و اعتقد بان المسلمين المعتدلين هم الدول الاسلامية مثل السعودية و الامارات و مصر ....الخ و ليس الاخوان المسلمين .

فكيف تتفق معك الامور ، فيم تقوله في الاقتباس ؟

تحياتي .
:Asmurf:
[/quote]

العزيز أوارفي .:97:
يا عزيزي لا أجد أي تناقض بين سعي الولايات المتحدة لتشكيل تحالف سني تقليدي في مواجهة إيران و إعادة إحياء العلاقات الإنتهازية مع الإخوان المسلمين ، بل أجد تكاملا منطقيا بين السياستين ، هناك بالفعل تاريخ طويل من التعاون بين أمريكا و الأصوليات السنية ( الوهابية و الإخوانية ) خاصة ، هذا التعاون كان أداة هامة في مواجهة المد القومي الناصري/ البعثي في الخمسينات و الستينات و مواجهة الشيوعية في الثمانينات و التسعينات ، هذه العلاقة في جوهرها كانت مجرد استغلال و توظيف من جانب أمريكا للإسلام كأداة سياسية في حربها ضد الشيوعية و القوميين العرب ، وهو الذي امتد إلى داخل الإتحاد السوفيتي السابق ، و ربما كانت المقاومة الإسلامية ضد السوفيت و النظام الشيوعي في أفغانستان أبرز نماذج العلاقة الشاذة بين أمريكا الليبرالية و الأصوليات الإسلامية ، و لعلنا نتذكر أن بريجنسكي مستشار الأمن القومي في عهد كارتر يباهي دائما كونه مهندس المقاومة الإسلامية في أفغانستان !.
هناك بالطبع تغيرات الآن فهامش الإخوان في المناورة قد تضائل في مواجهة أمريكا ،وهي تضع شروطا جديدة لإحياء تلك العلاقات الخاصة يراعي حقوق الأقباط و المرأة وهذا ما يتحايل الإخوان على إعلانه بشكل علني ، و بالفعل خصص الكونجرس الأمريكي مبلغ 1.3 مليار دولار لمشاريع تهدف إلى تطويع و ترويض الإسلاميين المعتدلين ( تعبير يعني تقليديا الإخوان ) كما أعلنت رايس في الواشنطن بوست " أننا لا نخشى وصول الإسلاميين و المتطرفين إلى الحكم "، في إشارة واضحة على رغبتها في التعاون مع الأنظمة الإسلامية حتى العنيف منها ، و هناك أنشطة متعددة لهيئات أمريكية رسمية و شبه رسمية للتحاور مع مختلف الطيف الإسلامي خاصة الإخوان ،و بعضنا يعرف قائمة 11 سؤال التي أعدها مركز كارنيجي باعتبارها معيار الإعتدال الأمريكي و تم طرحها على الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تريد إعادة التأهيل لتصبح معتدلة مستحقة للدعم الأمريكي ، في المقابل هناك عمليات تجميل محمومة تقوم بها جماعة الإخوان منها مثلا حذف عبارة ( الموت في سبيل الله أعز أمانينا ) من منهج الجماعة على موقعها ، كما أن هناك فتاوى تكفيرية و جهادية تم حذفها ،و أخيرا يقدمون سيد قطب بأنه شاعر عاطفي غافلين تماما فتاويه التكفيرية ، هل نتذكر أيضا الدور المحوري الذي يقوم به إخوان سوريا في تشكيل معارضة تحت الرعاية الأمريكية للضغط على النظام من الخارج ، و مشاركة إخوان العراق في السلطة القائمة في بغداد . ميدانيا هناك علاقات مستمرة بين الإخوان و الأمريكيين إما مباشرة أو خلال محرم هو سعد الدين إبراهيم ، هذه العلاقات بعضها معلن و بعضها شبه معلن ولكن مسكوت عنه ، فالجميع يلعب ع المكشوف الآن ،و الإخوان المحظورون يعملون في مصر بشكل رسمي ولهم مقاراتهم المعروفة النشطة !،أما استغلال محنة أيمن نور فهي ورقة أمريكية للضغط على النظام في مصر من أجل أهداف محددة ، آخرها لفتح سفارة مصرية كاملة في بغداد .
لنتذكر أن السياسة الأمريكية الخارجية ليست ليبرالية نهائيا بل هي يمينية و متخبطة بشكل غير مسبوق ،وهذا ما يعرفه الجميع و يحاولون القفز من القارب الأمريكي الجانح في الطين على شواطئ العراق بلا أمل في النجاة ، أمريكا غير مهتمة بنشر الديمقراطية الليبرالية في العالم الثالث سوى في إطار ما يخدم مصالحها المباشرة ، و يبدوا ذلك جليا خاصة في دول الشرق الأوسط ، و بعضنا يتذكر أن الشرق الأوسط تحديدا تم استبعاده من خطة السياسة الخارجية في نشر الديمقراطية في العالم زمن كلينتون ، بحجة أن الدول العربية و الإسلامية غير مهيئة لتحقيق المعايير الديمقراطية بحكم ثقافتها . و لست ألوم الغرب و أمريكا على ذلك كله ، فالسياسة الخارجية ليست مجالا للأنشطة الخيرية ، و من الطبيعي أن تسعى أمريكا للتعامل مع القوى الموجودة و مؤثرة على الأرض حتى لو كانت ديكتاتورية أو ثيوقراطية و ليس مع القوى الإفتراضية حتى لو كانت ديمقراطية .
أما عن الإخوان المسلمين فعلينا أن نتذكر أنهم ليسوا كيانا سياسيا مركزيا و متجانسا كما توحي به دعايتهم ،و لكنهم مجرد مظلة لشتات متنافر من الأصوليين بعضهم قادم من غرفة الإنعاش و البعض من السجون و المعتقلات و بعضهم من أفغانستان ، هناك منهم من هو بالغ العنف و التعصب ،و بعضهم من الإرهابيين التائبين ، و كما قال د . السيد المليجي القيادي الإخواني " تجمع لتيارات فقهية غير متجانسة ، و فيهم من كان عضوا في التكفير و الهجرة " ،ولا يشترك الجميع سوى في النظرة الإستعلائية و الفوقية التكفيرية ، لهذا فاصطفاف الإخوان ضمن المشروع الراديكالي أو الإنتقال للتبعية السعودية كما كان الأمر قبل عودتهم الميمونة زمن حليفهم ( ثم قتيلهم ) السادات ، أو التحالف مع أمريكا .. كلها احتمالات قائمة دائما .
و لك خالص تقديري .