إن التعصب شر في ذاته حتى لو كان من أجل الخير .

منذ عشر سنوات قال كارل بوبر عن التعصب Prejudice أنه :" إثم دائما ، وأن من واجبنا أن نعارضه في شتى صوره ، حتى عندما لا يكون ثمة إعتراض أخلاقي على أهدافه ذاتها ، بل و على وجه الخصوص عندما تتفق أهدافه مع أهدافنا نحن الشخصية ، إن هناك درسان من أهم الدروس التي يجب أن نتعلمها من التاريخ : الأول أن التعصب مرض خطير ، و الثاني أن واجبنا هو أن نعارضه تحت كل الظروف " ، هكذا إذا يرى بوبر فيلسوف الليبرالية الأشهر أن التعصب شر في ذاته حتى لو كان من أجل الخير ، و لكن ليس كل من عاش في القرن العشرين هو كارل بوبر ، كان هناك هتلر و ستالين و بول بوت و أسامه بن لادن .
التعصب مرض عقلي .
إن التعصب ليس ظاهرة طارئة و لكنه مرض نفسي إجتماعي خطير قديم قدم التاريخ الإنساني ، وهو يعد من أخبث الأمراض العقلية التي تصيب المجتمعات المتقدمة و المتخلفة على السواء ، هذا المرض ضحاياه بالملايين ، هل تعلم أن ضحايا التعصب من عام 1945 إلى اليوم يزيدون عن (16) مليون نسمة ، وهو رقم يفوق الحروب الدولية ، وهناك دراسة توضح أنه في الفترة (1945-1967) تم تسجيل 34 حادثة دموية بشعة و مئات من المآسي الأقل حدة ، تسببت جميعها في مقتل (7.480.000 ) نسمة . رغم أن التعصب هو جريمة في معظم دساتير العالم إلا أنه يمارس على نطاق واسع ، حتى يمكننا أن نطلق على القرن 20 قرن التعصب ، إننا لن نستطيع حصر حوادث التعصب ،و لكنا نستطيع أن نتذكر أشهرها ، الهولوكست ضد اليهود في عالم النازية ، جرائم اليهود ضد الفلسطينيين ، التصفيات العرقية ضد المسلمين في البوسنة و كوسوفو ، مأساة التوتسي و الهوتو في بوروندي ، التصفيات العرقية في جنوب و غرب السودان ، التقاتل الطائفي في العراق ، العنصرية ضد الزنوج في أمريكا و جنوب إفريقيا ، صراع الكاثوليك و البروتستانت في أولستر ، تمرد الإسلاميين في الجزائر و السعودية و مصر ، و غيرها كثير جدا .
أما على المستوى الشخصي فالمتعصب هو إنسان مضطرب نفسيا إضطرابا لا شعوريا ، و التعصب يؤدي إلى التنفيس عما يختلج في نفسه ، وهكذا فالمتعصب يجني كسبا نفسيا من تعصبه ، و لكنه كسب وهمي يشبه الكسب الذي يجنيه السيكوباتي من سلوكه الشاذ ، هذا الكسب يصرفه عن علاج مشاكله حلا واقعيا ،و يشعر المتعصب دائما بالقلق و عدم الأمان ،وهناك عالم شهير هو بلاند Blandيؤكد أن هناك علاقة بين التعصب و المرض العقلي خاصة البارانويا ، و أن البناء النفسي للمتعصب يشبه البناء الخاص بالبارانويدي كنمط شخصية ، هذه الشخصية تميل إلى أن تزيح إلى العالم الخارجي المعارك التي تشعر بها داخلها ، نتيجة التصارع بين رغبات الهو Id (الجانب المظلم البدائي من اللاشعور وهو غريزي المصدر ) و كوابح الأنا العليا Super Ego ( الجهاز القيمي الراقي وهو إجتماعي المصدر ) وفقا لمدرسة التحليل السيكولوجي لفرويد و تلاميذه . بالطبع ليس دائما كل متعصب هو مريض نفسي ، أو كل مريض نفسي هو متعصب ،و لكن يشير علماء النفس أن معدلات المرض العقلي تزيد في المناطق التي تشيع بين أفرادها التعصب الديني و العنصري ، و أن التعصب يوجد غالبا بين من يعانون من ضعف أو خلل في الصحة النفسية (وهي ليست بالضرورة مرضا نفسيا ) ،وهناك عالم نفس شهير هو البورت يؤكد أن البارانويا تمثل التعصب الباثولوجي .
التعصب و القرن 21 .
بالرغم من التطور العلمي و شيوع النظم الديمقراطية إلا أن ذلك لم يؤد إلى ضمور الإتجاهات التعصبية بل إلى زيادتها ، و تشير التوقعات إلى أن القرن 21 سيشهد مزيدا من شرور التعصب و عمليات الإبادة الجماعية ، ويتوقع هينتنجتون أننا على وشك عصر جديد مظلم من الكراهية القبلية فيما سماه ( صراعات و حروب خطوط التقسيم الحضاري ) ، هناك عوامل متعددة جديدة تصب في خانة التعصب منها العولمة المتغولة و التي تؤدي إلى تزايد العصبيات القومية و الدينية و الإثنية كمحاولة للحفاظ على الهوية من الضياع ، هناك أيضا من يتخوف من إعادة بعث الحركات الفاشية المتعصبة في أوروبا و إنتشارها إلى أمريكا .
هكذا نجد أن أمامنا مشكلة متعددة الأبعاد نفسية و معرفية ،ومما يزيد من خطورتها انها أصبحت تعصف كالإعصار بمنطقة الشرق الأوسط الذي نعيش فيه ،.
هذا الشريط سيكون مخصصا للحوار حول التعصب و هو بمثابة دائرة حوار مفتوحة بكل رحابة للجميع كشركاء بما في ذلك بل بالأخص أصحاب الآراء المخالفة ، و ستلاقى كل مداخلة كامل التقدير و الإحترام كالعادة على أن تراعي في المقابل الموضوعية واحترام حق الآخر في الإختلاف ، سأكون مستعدا لسماع و بتركيز عميق كل من يرى أن ما نعتقده تعصبا هو نوع من الحماس المحمود و شكل من الغيرة الدينية أو القومية و هكذا ، و لكني سأهمل كلية المداخلات الكيدية . في النهاية لن يكون لي سوى أن أقترح إطارا للحوار يشمل مجموعة من العناصر التي سأوردها الآن ، دون أن تكون ملزمة لي أو الزملاء ، كما يمكن لمن يريد أن يضيف ما يشاء من عناصر ذات الصلة بالموضوع ، أحب أن أؤكد أني لا أسعى خلف طرح أكاديمي جاف هو بالقطع بعيد عن اهتماماتي ، بل لنركز جميعا على كل ما له علاقة بالواقع المعاش .
1. تعريف و مدخل التعصب .
2. مفهوم التعصب خلال علم النفس الفردي و علم نفس الجماعات و النظريات المعرفية .
3. نشأة و صور التعصب .
4. العلاقة بين التعصب و التمييز ,
5. التعصب و الأفكار النمطية و تمييز الذات .
6. التعصب المضاد .
7. دراسة حالات من التعصب المعاصر مثل الوهابية و الصهيونية و الإخوانية و الأصولية الشيعية .... الخ .
للموضوع تكملة تشارك انت فيه .

Array

إن التعصب شر في ذاته حتى لو كان من أجل الخير .

منذ عشر سنوات قال كارل بوبر عن التعصب Prejudice أنه :" .
[/quote]

ملاحظة هامشية ربما, أنه ألفنا ترجمةPrejudice إلى العربية كأحكام مسبقة , ترجمة حرفية يعني
لفت نظري ترجمتها إلى تعصب !
تحرير: كان لازم أغوغل قبل تسجيل تساؤلي هنا, الظاهر أن الكلمة اتسع معناها الحرفي ليتحول إلى مصطلح- سياسي اجتماعي غالباً- يسع مفهوم التعصب ضد الأقليات أو المذاهب أو الإثنيات أو الإديلوجيات.. يعني لم تعد كما تعنيه فقط في عنوان رواية جين أوستن مثلآ... مع أن التعصب كما نفهمه بالعربية يشمل مرحلة من الpostjudice

http://www.m-w.com/cgi-bin/dictionary?va=prejudice
http://en.wikipedia.org/wiki/Prejudice

متابعة واحترام(f)

الغريب ان قرونا من تقاليد التسامح واحترام التعددية يمكن نسفها بحادث واحد كما شاهدنا في 9-11 .عقلية "نحن وهم " تبزغ كلما سنحت لها الفر صة ، امر مؤسف ويدل علي حيوانية الاصل الانساني .

Array
ملاحظة هامشية ربما, أنه ألفنا ترجمةPrejudice إلى العربية كأحكام مسبقة , ترجمة حرفية يعني
لفت نظري ترجمتها إلى تعصب !
تحرير: كان لازم أغوغل قبل تسجيل تساؤلي هنا, الظاهر أن الكلمة اتسع معناها الحرفي ليتحول إلى مصطلح- سياسي اجتماعي غالباً- يسع مفهوم التعصب ضد الأقليات أو المذاهب أو الإثنيات أو الإديلوجيات.. يعني لم تعد كما تعنيه فقط في عنوان رواية جين أوستن مثلآ... مع أن التعصب كما نفهمه بالعربية يشمل مرحلة من الpostjudice

http://www.m-w.com/cgi-bin/dictionary?va=prejudice
http://en.wikipedia.org/wiki/Prejudice
[/quote]
سكيبتك .:97:
شكر لك إهتمامك و الفرصة التي أتيحتيها كي نتعمق قليلا في تاريخ المصطلح .
أود أن أشير إلى حقيقتين أولهما أن مصطلح التعصب يشير في اللغة العربية إلى معنى أكبر مما تشير إليه اللغات الأجنبية ، ثانيا أن الكلمات تولد و تنمو في مسارات مختلفة كالإنسان تماما حتى تفقد أحيانا الصلة بأصلها سوى في أضيق مجال كما تكون علاقة الشيخ بالطفل الذي كانه يوما ، فمفهوم التعصب مشتق في أصله الأوروبي كما يشير ألبورت Allport من الإسم اللاتيني ( الحكم المسبق ) Praejudicium ، و يعني بالإنجليزية Prejudice ، وقد مر مفهوم التعصب بثلاث مراحل ، المعنى القديم حيث كان ينظر إلى التعصب على أنه حكم مسبق قائم على أساس الخبرات الماضية الفعلية ، ثم اكتسب في الإنجليزية معنى الحكم المتعجل premature الذي يصدر قبل القيام بفحص الحقائق المتاحة ، و أخيرا اكتسب مفهوم الصبغة الوجدانية التي تميل إلى التفضيل favorableness أو عدم التفضيل ،و التي تكون مصاحبة للحكم المسبق الذي ليس له أي سند يدعمه .و يعتبر مفهوم التعصب في الإنجليزية من المفاهيم التي تناولها العديد من علماء النفس و لذا تعددت المضامين التي يشير إليها المصطلح . هذا المصطلح prejudice هو المستخدم إعلاميا و أكاديميا للتعبير عن الظاهرة التي نعرفها بإسم التعصب في اللغة العربية حاليا ، و هي تقابل مصطلح prejuge في الفرنسية لو كنت من متحديثها ، وهناك مقال شهير للكاتب هانزبرجر بإسم ( religion and prejudice) كان مثار تعليقات واسعة وقتها .ربما تكونين متأثرة بترجمة لرواية شهيرة للكاتبة جين اوستين هي ( pride and prejudice) و التي تترجم عادة باسم الكبرياء و الأحكام المسبقة ، و لكني أفضل أن تكون الترجمة الكبرياء و التعصب .

سأطرح فهمي للتعصب

التقدير والاحترام وتحقيق الذات هي احتياجات انسانية طبيعية تأتي بعد أن يوفر الإنسان احتياجاته الأولية مثل الأمن والطعام ...الخ كما وضحها هرم ماسلو الشهير


المتعصب هو انسان يريد أن يوفر هذا الاحتياج الإنساني الطبيعي من خلال انتمائه لمجموعة ما ، سواء انتمائه الذي صنعه هو واختاره (مثل الفكر أو الأيدولوجيا) أو انتمائه الذي جاء كقدر عليه مثل أسرته أو قبيلته أو عرقه أو بلده)

التعصب كحالة فكرية أو اجتماعية هي وسيلة يسعى بها المتعصب إلى توفير هذه الحاجة الإنسانية الطبيعية في أعلى هرم ماسلو من خلال جعل الانتماء مدخلا إلى رفع قيمته أمام نفسه إلى الحد الذي يعطيه الحق بالهيمنة والإستعلاء والحط من قدر الآخرين بل وإلغائهم في بعض الأحيان.

بالطبع في المجتمعات المتخلفة والفقيرة سيكثر التعصب لأن الإنسان الذي بالكاد لم يحقق احتياجاته الأساسية في هرم ماسلو لن يكون بإمكانه الوصول بطريقة طبيعية لتحقيق احتياجاته الذاتية في أعلى الهرم وسيلجأ إلى التعصب كأوالية دفاعية كي يعوض ما فقده.

قبل أن تتحدث معي حدد مصطلحاتك . فولتير .

الزملاء الأعزاء .(f)

ما هو التعصب ؟

كل المراجع الخاصة بعلم الإجتماع تتناول تعريف التعصب ، فهناك تعريفات عديدة للتعصب بقدر تعدد مدارس علم النفس و العلوم المعرفية ، و لكن لا ضرورة لغير المتخصص المرور بكل تلك التعريفات ، فسوف نوجزها الآن على نهج الملخصات الدراسية . يمكننا أن نميز نوعين من التعصب ، أحدهما إيجابي و الآخر سلبي ،و الأخير هو الأشهر و الأكثر إنتشارا ، التعصب الإيجابي هو إعتقاد الإنسان أن المجموعة التي ينتمي إليها سواء كانت قبيلة أو شعبا أو دينا هي أسمى و أرقى من بقية الفئات المجتمعية المناظرة ، فالمسلم يرى نفسه وحده حائز الحقيقة المطلقة ، و المسيحي يرى نفسه إبن الرب ، بينما اليهودي هو وحده شعب الله المختار ، و لكن أفضح نماذج هذا التعصب و أكثرها فجاجة و ربما في التاريخ كله هي الوهابية التي تكفر المخالف و تبيح دمه لأهون الأسباب ، أما التعصب السلبي على العكس من ذلك فيشعر الإنسان أن المجموعات الإجتماعية الأخرى أو بعضها أدنى من تلك التي ينتمي إليها أو من غيرها ، فالأمريكي الواسب المتعصب يرى الزنجي مثلا متخلف عقليا و الصيني متبلد المشاعر و المسلم دموي إرهابي و هكذا .
بالتالي فالتعصب في طبيعته الأساسية وجداني emotional جامد ، أي أنه عبارة عن مشاعر .. مشاعر التفضيل أو عدم التفضيل تجاه شخص أو شيء ما ، هذه المشاعر لا تقوم على أساس من الخبرات الفعلية ، بل أن هذه المشاعر تكون إما سابقة لتلك الخبرات أو حتى تبقى حية و فعالة رغم وجود حقائق تتنافى معها و تدحضها ، خطورة تلك المشاعر أنها سرعان ما تتحول إلى سلوك عدواني تجاه الآخر .
هكذا نجد أن التعصب دائما هو موقف غير موضوعي تجاه الأفراد لمجرد عضويتهم في جماعة ما ، هذا الموقف يؤدي إلى التحيز للجماعة التي ينتمي إليها الفرد و أيضا يؤدي إلى المشاعر العدوانية الرافضة للجماعات الأخرى ، وهو يقوم على الجمود و التفكير غير المنطقي و التعميم المفرط و الظلم ،و كلها من المكونات الأساسية للتعصب .

الاتجاه التعصبي .

هناك عدد كبير من العلماء يتبنون حاليا مدرسة محددة تعرف بإسم الإتجاه التعصبي ، و يعرف هذا الإتجاه بالإستعداد readiness المتولد لدى الفرد كي يستجيب بالمحاباة أو العدوان بطريقة متوافقة مع تكوينه تجاه أفكار أو أفراد أو جماعات أو أشياء ، وهذا الإتجاه كغيره مما يعرف بالإتجاهات السيسيولوجية هو نسق يتكون من ثلاث عناصر تتفاعل معا هي ( المعرفية cognitive، الوجدانية emotional ، السلوكية behavioral) ، طبقا لهذا المفهوم فالإتجاه التعصبي :
1- يشير إلى موضوع معرفي .
2- يشتمل على أحكام مسبقة و مشاعر يصعب تغيرها .
3- أكثر من كونه عابر ووقتي .
4- غالبا يشمل استعدادا للتصرف بشكل تميزي سواء ضد أو مع موضوع التعصب .

المحترم طنطاوي .:97:
كل تقدير لدعمك الكريم .

المحترم ثندر .:97:
آثرت تأخير الرد ليكون بعد تعريف التعصب ، فطبقا لتلك المفاهيم سنجد أن اللاعقلانية و التعميم هي المكون الرئيسي للتعصب ، و بهما يمكن تحديد موقفا أو اتجاها كونه تعصبيا أم لا ، بالتالي فالإنتماء إلى تجمعات سياسية أو إجتماعية محددة لن يكون تعصبا طالما أن تلك الجماعات ذاتها ليست مؤسسات متعصبة ، كما أرى أن الإنتماء للأسرة و الوطن و الحزب و الفرق الرياضبة كلها أشياء طبيعية و صحية طالما لم ترتبط بمشاعر متطرفة سلبية أو إيجابية ، إن الفضيلة كما يقولون وسط بين رذيلتين ، الوطنية مثلا هي فضيلة بين الشوفينية المتعصبة و بين اللاإنتماء ، و بالتالي فلا يمكن لأحد أن يقول عن الوطني المتحمس أنه متعصب أو المسلم الملتزم أنه متعصب و لكن عندما يتحول الحماس للوطن إلى عداء غير مبرر للآخرين ، و عندما يتحول الإلتزام الديني إلى كراهية للمسيحي أو للمخالف مذهبيا ، هنا نكون في منطقة التعصب . هذا ما أراه على الأقل و أتمنى أن أكون مصيبا .

الأخوة الطيبون .:97:

هذه المداخلة سأخصصها لعلاقة الأفكار النمطية التي نحملها عن الآخرين مع التعصب ، و موضوع مثل الأفكار النمطية يستحق أن نفرد له شريط أو أكثر لهذا سيكون اقترابنا منها مقصورا على ما يخدم هدفنا لا أكثر و بدون توسعات لا مجال لها هنا ، سوف أتحرر قليلا من القيود المنهجية الصارمة التي ربما تجعل هذا الشريط جافا نوعا ، رغم هذا فلن أبتعد كثيرا فالمنهجية في النهاية هي التي تحول بيننا و بين الإلتحاق بالقردة العليا .
التعصب و الأفكار النمطية .
_____________________________________

الرجال يتميزون بالمبادرة و التهور بينما تميل النساء إلى التحفظ و الإحجام ..:emb:
القرويون سذج و طيبون و لكنهم جهلة من السهل خداعهم :saint: ، سكان الحضر غشاشون و طماعون و يميلون للسفسطة و الخلاعة ..:Asmurf:
الألماني مجد طموح و لكنه عدواني ، الإنجليزي ممل و متكبر و طبقي و لكنه يتميز بروح الفكاهة ، الإيطالي كسول و لكنه أنيق و مرح ، الفرنسي فنان راقي و ذكي لكنه متعالي ..
المصري كثير الكلام و لكنه كفء في عمله ، السوري متخفظ و لكنه مهذب حلو المعشر ، الكويتي أصولي متعجرف ، الإمارتي منفتح خلوق ، السعودي مسالم و متعصب ، الفلسطيني كتوم و صبور و ماهر ، اللبناني جسور و فهلوي ، السوداني طيب و كسول ، العراقي أصيل و لكنه متهور و عنيف .. الخ .
....................................................

هذه و غيرها هي الأفكار النمطية stereotypical ideas ، وهي تعني الصور و المعتقدات التي نكونها و نتمسك بها عن الجماعات الإجتماعية الأخرى ، هذه السمات و الخصائص التي تميز الجماعات قد تكون سلبية أو إيجابية .
إن العالم معقد و متنوع للغاية لهذا فالعقل البشري غير قادر على التعامل معه في صورته الواقعية ، وهو بالتالي يعمد إلى إعادة بنائه في نماذج بسيطة قبل التعامل معها ، و هكذا تكون الأفكار النمطية مجرد آلية تبسيطية للتعامل مع العالم بهدف جعله طيعا قابلا للفهم ، طبقا لهذه الآلية فعندما يحصل الناس على معلومات محدودة عن الآخرين سرعان ما يتجهون إلى توسيعها و تكوين تعميمات كبيرة . هذه الأفكار النمطية لها فوائد عديدة ، فهي تمدنا بمجموعة من التوجهات و الإرشادات التي تقودنا عندما نتعامل مع كل ما يحيط بنا ، هذه الأفكار النمطية بالتالي تنظم العالم من حولنا و تبسطه رغم عموميتها الشديدة ، نعم هناك هذه الفوائد الجوهرية و لكن هناك أيضا مساوئ واضحة ، فهذه الأفكار النمطية تشوش إدراكنا للعالم و تضعه في أنماط محددة شديدة التعميم ، من أهم مساوئ الأفكار النمطية : المغالاة في تقدير الإختلافات بين الجماعات ، في المقابل الإستهانة بالتباينات داخل نفس الجماعة ، تشويه الواقع نتيجة الحكم المسبق على الفرد من واقع انتمائه لمجموعة ما ، و الأخطر هو تبرير الروح العدوانية و الإستبداد .
هناك كثير من الدراسات حول الأفكار النمطية ، هل هي ثابتة أو ديناميكية متغيرة ، كيف تتكون و كيف تؤثر على العلاقة بين المجتمعات؟ . هناك اعتقاد كان شائعا بأن الأفكار النمطية جزء من الثقافة السائدة ، تنتقل إلى الأفراد خلال عملية التنشئة الإجتماعية ،و هناك من يرى أن تلك الأفكار ليست اعتباطية كلية ، فهناك غالبا جزءا أو نواة من الحقيقة حولها تتشكل إدراكات نمطية معينة ، هناك من ينظر للتنميط على أساس أنه نتيجة استجابة معرفية تجاه الآخر ، أي أن الأفكار النمطية ليست نتاجا سيكولوجيا للذات بل أنها نتاج للتبادل الذي يحدث بين الناس الذين ينتمون لنفس الهوية ،و تلك هي الرؤية المعرفية للتنميط ، هناك من يرى أن للأفكار النمطية وظيفة إجتماعية كالتبرير ، هذه الوظيفة لابد من أخذها في الإعتبار عند التحليل المتكامل للأفكار النمطية ، و كتطبيق لهذه الرؤية يمكن أن نلاحظ أن الأفكار النمطية عن المسلم في الإعلام الأمريكي كإرهابي من نوعية أسامه بن لادن إنسان الكهف أو عمر عبد الرحمن المشوه الضرير المتعصب ، هي أفكار تؤدي وظيفة محددة ألا وهي تبرير rationalization إستخدام القوة المفرطة تجاه المجتمعات الإسلامية كما حدث في العراق ، كما تؤدي الصورة النمطية للإنتحاري الملتحي نفس الوظيفة لتبرير العنف الإسرائيلي المفرط .
هناك ترابط شديد إذا بين التعصب و الأفكار النمطية ،و كلا الجانبين يغذي الآخر على نحو ما ،إن التعصب السلبي تجاه جماعة ما يرتبط بشكل آلي بالأفكار النمطية السلبية تجاهها ، و العكس صحيح أيضا ، فعندما تظهر أسباب للتصادم مع جماعة خارجية تتغير أفكارنا عنها بمرور الوقت لتصبح سلبية ، في الخلاصة فالتعصب هو نتيجة حتمية لعملية التنميط .
للموضوع تكملة .

جميل يا بهجت


كلام يستحق الاصغاء و عبر تستحق الاطراء .
:97:


تحياتي.

:Asmurf:

Array
جميل يا بهجت
كلام يستحق الاصغاء و عبر تستحق الاطراء .
:97:
تحياتي.

:Asmurf:
[/quote]

عزيزي أوارفي .:97:
تحية و تقدير لإهتمامك و تشجيعك و أيضا تواصلك الذي يسعدني كثيرا و يعيدني إلى سنوات الحوار القديمة التي كنا فيها أكثر حماسا و ثقة و أقل حكمة ،و لكن من يهتم بالحكمة و هي على قارعة الطريق .
أحب أن أسترسل قليلا عن السبب الذي دعاني لطرح هذا الشريط الذي يكلف مجهودا في وقت يبدوا غير مناسب ، نتيجة ربما للتوقيت الذي ينشغل فيه كثيرون بالإمتحانات و يسبق الإجازات الصيفية .
لا أكتمك أني كثيرا ما أستيقظ في الصباح متوقعا أن تكون الشوارع قد امتلئت بالخراتيت كما حدث في مسرحية يوجين يونيسكو بهذا الإسم ( الخراتيت ) :devil:، أشعر بأن الناس قد فقدوا و أنه فقط أسامه بن لادن و الظواهري موجود ، إن التعصب و الكراهية توزع مجانا و بالجملة ، فقط الحكمة و التسامح بالمفرق و بالعملات النادرة ، في كل مكان تجد التعصب ألوانا ، حتى الأصوات القليلة التي صمدت للإعصار تستسلم الآن تباعا ، الجميع يتحدثون عن التسامح و يمارسون التعصب بأكثر أشكاله فجاجة ، العراقي الذي يحدثك عن تاريخهم الحافل بالتسامح ثم يتمنطق الحزام الناسف و يفجر نفسه بين إخوانه الشيعة ( الكفرة العملاء !) ، بينما زميله الشيعي الأكثر تسامحا يقضي وقته في ثقب رؤوس السنة بالشنيور ( المثقاب الكهربائي ) ، المصريون متفرغون تقريبا للفتن الطائفية و مقاتلة المسيحيين صائحين كله إلا رسول الله ، بينما يرى الأقباط أنهم تحت الإحتلال الإسلامي !، و الجميع يتحدثون عن دينهم الذي يدعوا إلى الرحمة !، اللبنانيون يتجهون إلى حرب أهلية جديدة بلا تبصر يقودهم زعماء عبارة عن كوكتيل من البلطجية و اللصوص و القتلة ، حكام سوريا يتلهون بقتل اللبنانيين و ترويعهم ، السودانيون أصبحوا رمزا لأسوا ممارسات التعصب و المجازر الجماعية في القرن العشرين ، الفلسطينيون متحمسون في حرب أهلية و بشكل يفوق كثيرا حماسهم لتحرير أنفسهم من حكم إسرائيل ، السعوديون ينشرون التعصب و الكراهية بكل الوسائل كصحيح معلوم من الدين و يعجبون أن يتحول شبابهم للإرهاب ،و يبحثون عن أسباب هذا الإرهاب لدى الجميع سوى داخل بلادهم ، الإخوان المسلمون يفردون ظلهم الثقيل على المشهد كله مهددين باختطاف المنطقة إلى الجحيم ، تعصب مجنون في كل مكان بلا معنى ولا هدف ولا منطق حتى منطق اللامعقول . هذا الشريط و غيره لن يصنع شيئا ،و لكنه أيضا لن يضير أحدا .
لكل خالص المودة .

Array

عزيزي أوارفي .:97:
هذا الشريط و غيره لن يصنع شيئا ،و لكنه أيضا لن يضير أحدا .
لكل خالص المودة .
[/quote]

بل سيفعل الكثير يا عزيزي ، بالتاكيد سيفعل ! فالكتابة الطيبة ، اعذرني لاستخدام هذاالمصطلح ، هي نوع من القنابل الموقوتة التي تنفجر بعد حين و يكون تاثيرها كبيرا و مدويا . و هذه الكتابة تضير كل اولئك الذين لحواراتنا دور في التحدث عن خطاياهم بحق الانسانية و حق بني الانسان من حولهم . و لن اعزف كثيرا على الوطنية و القومية و الدين ! فاهم ما في هذا الوجود ، هو قيمة الانسان الحر . انها لا تفدر بثمن . ولا يحصل الانسان على تلك القيمة الا بحصوله على الحرية . فعلى الانسان ان يكون مسؤولا ، كي يكون حرا . لان الحرية مسؤولية كما عبر عن ذلك الكثير من المفكرين و اذكر هنا جان بول سارتر . فالمثقف هو المسؤول و ليس المنتمي . كلنا يعاني مما يحدث في العراق علما انني مثلا لا انتم للعراق . و كلنا يعاني من لاانسانية النظام السوداني في تقتيله اهل دارفور البؤساء ، مع اننا لا ننتمي الى دارفور . لكننا نشعر كاشخاص احرار ، احرار بفكرنا و مواقفنا ، على الاقل في هذا الفضاء السايبيري العظيم ، الانترنت ، الذي يسمح لنا ان نتحدث دون خوف او وجل او نفاق ، الانترنت تجعلنا نكون صرحاء في التعبير عن مواقفنا الحرة و المسؤولة امام الانسانية بعيدا عن الوطنيات الزائفة المتورمة و القومجيات التعبوية الفارغة و المثاليات الديثنية العفنة .
تحياتي . (f)


:Asmurf: