مابين الجنون والعبقرية
من الشائع ان بين الجنون والعبقرية شعرة، وهذا بالضبط مااستطاع العلم اليوم ان يؤكده. لااحد يشك بأن البريت إينشتاين كان عبقرياً، ولكن رؤية صوره القديمة، تجعل المرء يتردد بالتعامل معه بجدية، إذ انها تذكر اكثر بتصوراتنا المسبقة عن المجنون. Niles Bohr, ايضاً احد عظماء العلم الحديث، ولكنه تصرفاته تتطابق تماما مع تصوراتنا عن الانسان المهبول، إذ انه يشرح نظرياته بصوت ضعيف يتناقص الى حد الاختفاء، ويقاطع نفسه بنفسه، لينتقل الى جملة جديدة، قبل الانتهاء من سابقتها.
وحتى لو اعتبرنا ان سلوك اينشتاين وبوهر، ليس مختلا إلا ظاهرياً، فليس هناك ادنى شك بأن نخبة كبيرة من المشاهير يمكننا وصفهم بالعبقرية بنفس القدر الذي يمكننا وصفهم فيه بالجنون. الباحث النفسي البريطاني Felix Post قام عام 1994 بالتحقيق في الارشيف الصحي لنخبة من العظماء لمعرفة فيما إذا كان يمكن الحكم على مدى صحتهم النفسية. النتائج كانت مدهشة، لقد ظهر ان 38% من الرساميين و46% من المؤلفين، كانوا يعانون من الكآبة او السوداوية العميقة، او احد الامراض النفسية الاخرى. البقية كانوا ايضا مصابين بمرض من الامراض النفسية ولكن بدرجات اخف.
John Nash الحائز على جائزة نوبل لعام 1994، وصاحب نظرية افتراضات اللعب المحتملة، كان مصابا بالشيزوفرينيا منذ الثلاثين من العمر، وكان يعرف ان المرض يعطيه الفرصة على التفكير الخارق. Nikola Tesla , صاحب مجموعة كبيرة من الاختراعات، كان مصاباً بالشعور بالتأنيب وضرورة القيام بالاعمال، وكان يتكلم مع المريخ، ويخشى النساء اللابسين للاقراط، كما يصر على الالتفاف حول المنزل ثلاث مرات قبل الدخول اليه. Ernest Hemingway, احد اكبر المؤلفين القصصي، كان مدمن، مصاب بالسوداوية، حاول الاطباء معالجته منها بالصعقات الكهربائية، لينتهي الامر بثلاث محاولات إنتحار نجح في الاخيرة منهم.
![[صورة: muhamad-court-justices.jpg]](http://www.geocities.com/lawabak/lawa/muhamad-court-justices.jpg)
نصب للنبي محمد بين عظماء العالم، كجزء من جدارية على حائط محكمة امريكية
الكثير من الباحثين وجدوا علاقة بين الابداع والامراض النفسية، مثل الكآبة والشيزوفرينيا. وحتى لو كانت بعض الابحاث الفردية تملك مساحة خطأ تحليلية كبيرة، غالبا بسبب إختيار الاشخاص المسبق، تبقى النتائج مؤكدة للصورة العامة، القائلة بين الحدود بين العبقرية والجنون لايزيد عن الشعرة.
البحث عن العلاقة بين النبوغ والامراض النفسية والفرق بينهم، شغل الكثير من المختصين. اغلب المعطيات تؤشر الى ان اننا نقف امام مرحلة انعطاف تاريخي في فهم هذه المسألة، " والحلقة الفقودة" على الاغلب، هي خاصية معينة في الدماغ، سنطلق عليها هنا اسم "خاصية الإستبعاد". هذه الخاصية تم الكشف عنها منذ خمسينات القرن الماضي، من خلال دراسة سلوك الحيوان والانسان على السواء، وهي تعبير عن قدرة الدماغ على تصنيف المعلومات المتتدفقة، لإستبعاد ماليس ذو اهمية، مما يعطي الامكانية على التركيز على المعلومات الحيوية.
الدماغ يركز على الجوهر
العالم المحيط بنا، معقد للغاية، ومن خلال حواسنا، يستقبل الدماغ كمية هائلة من المعلومات الى درجة انه من المستحيل الإحاطة بها وإستيعابها. إذا اخذنا مثالا على ذلك المتفرجين في ساحة كرة القدم، نجد انهم يركزون انتباههم على اللعبة فقط لكون الدماغ قادر على إستبعاد الكثير من المعطيات التي تأتي عبر الحواس والاحاسيس، ليبقى المرء قادرا على متابعة الكرة واللاعبين المعنيين، ولايتشوش الانتباه ببقية اللاعبين او الدعاية واصياح البائعين والمتفرجين او حتى المشاكل العائلية.
إذا كانت " خاصية الاستبعاد" قوية، يتمكن المرء من تصفية كل التشويشات والتركيز على اللعبة، اما إذا كانت الخاصية ضعيفة، يغرق الدماغ بالعلومات.
مجموعة من الابحاث على الحيوانات والانسان اظهرت ان المواد المخدرة، كالامفيتامين والكوكايين، تضعف " خاصية الاستبعاد"، بحيث ان إهتمام المرء بمحيطه يزداد وتزداد معايشته لهذا المحيط. وعلى العكس، فمواد اخرى قد تقوي هذه الخاصية، الى درجة إغلاق النفس عن تقبل اي معلومة خارجية وتخفيف التفكير. مواد لها مثل هذا التأثير تستخدم من قبل المعالجين النفسانيين، ضد الامراض النفسية.
الشيزوفرينيا والسوداوية امراض لها سمات مرتبطة بكون المصاب يملك خاصية " إستبعاد" ضعيفة. من الشائع القول انهم يدفعون الى الوقوع في احضان هذه الامراض لانهم مضطرين ان يروا ويسمعوا ويشعروا ويفكروا. بمعنى آخر، فأن " خاصية إستبعاد" مناسبة، امر لاغنى عنه للانسجام النفسي وللنجاح في فصل العمل عن الراحة.
ولكن من جهة اخرى، فعندما تكون "خاصية الاستبعاد" قوية ، يتوقف الدماغ في عالم الواقع عن ، وضع بعض الظواهر تحت التساؤل، عندما تكون مثل هذه الظاهر قد صادفتنا في السابق لمرة واحدة على الاقل، واتخذ الدماغ بشأنها موقف معين. وبهذا يفقد المرء اهتمامه بهم بسرعة، ويغلق الطريق امام المعطيات الجديدة بشأنهم. هذا الموقف يسئ للقدرة على إعادة تجديد القديم وتحديثه، كما لايفيد القدرة على إعادة النظر بالقرارات القديمة والاستفادة منه، إذ عادة تكون الحلول المميزة مرتبطة بإستخدام القديم بطرق جديدة غير متوقعة.
بمعنى آخر، فأن خاصية إستبعاد قوية، ينبغي لها ان تؤدي الى القليل من الابداع. من اجل التأكد من صحة هذه النظرية على ارض الواقع، قامت المختصة في علم النفس، Shelly Carson, من جامعة هارفارد الامريكية، عام 2003، بإجراء تجربة على 182 طالب من طلبة الجامعة نفسها.
من اجل قياس مستوى " خاصية الاستبعاد" عندهم، وضعت المشاركين امام شاشات الكمبيوترات، وكانوا متصلين إنفرادياً من خلال السماعات على آذانهم. في القسم الاول من الاختبار كانت الشاشات مظلمة، في حين سمعوا مقطعاً مؤلف من 150 صوتاً لامعنى له. اثناء الاستماع وفي اوقات غير نظامية كانوا يسمعوا مقاطع قصيرة من التشويش، مؤلف من مختلف الموجات، يستمر لفترة مابين 3-6 ثوان.
كان من مهمة المشاركين في التجربة، حساب عدد المرات التي يسمعون فيها " بيم"، ولكن في حقيقة الامر كان الهدف من هذا القسم تعويد المشاركين على الاصوات المختلفة فقط. المشاركين الذين لهم " خاصية إستبعاد" قوية، سيفهمون من هذه التجربة، أن عليهم إستبعاد التشويش وبقية التعابير فيما عدا " بيم"، وعندما قاموا بسماع الاصوات في القسم الثاني من التجربة، توقع العلماء انهم سيسعون لتجاهل وإستبعاد الاصوات المعروفة لهم والتي وضعوها في خانة الغير ضرورية. في القسم الثاني من التجربة كانت الشاشات مضيئة، وفوراً بعد كل تشويش، تظهر مباشرة صفيحة صفراء على الشاشة. مهمة المشاركين بالتجربة كانت الان، تحديد الصوت الذي يُسمع قبل ظهور الصفيحة الصفراء مباشرة. ومباشرة عندما يصل اي منهم الى الحل الصحيح، ينتهي دوره في التجربة. قسم من المشاركين تمكن بسرعة من ربط التشويش بظهور الصفيحة الصفراء، في حين قسم آخر لم يتمكن من ذلك على الاطلاق، وبين الطرفين كان القسم الاخير الذي احتاج افراده الى اوقات مختلفة للتوصل الى الحل.
في التجربة اعلاه كان هناك قسم من الطلاب شاركوا فقط في القسم الثاني من التجربة، وبالتالي فأن ادمغتهم لم تتاح لها الفرصة على التعود على الاصوات، لذلك لم يكن هناك مجال لتأثير "خاصية الاستبعاد" على خياراتهم. هذه المجموعة توصلت الى الحل الصحيح بعد 15 محاولة في المتوسط، في حين البقية احتاجوا الى 18 محاولة في المتوسط.
من اجل معرفة فيما إذا كانت " خاصية الإستبعاد" قد ارتبطت ايضا بقدرة الابداع عند المشاركين، جرى التحقق من ذلك من خلال اختبارات نفسية قياسية كلاسيكية. جرى تقسيم المشاركين الو مجموعتين، الاولى للمبدعين والثانية للاقل ابداعاً، إنطلاقا من خلفيتهم المعروفة لدينا. وتم مقارنة نتائج هاتين المجموعتين بالنتائج القديمة.
المعطيات أظهرت ان قدرات المجموعة الاولى كانت في المتوسط جيدة في ان تجد الرابط بين الصوت والصفيحة الصفراء، بغض النظر عما إذا كانوا قد تعرضوا للقسم الاول من التجربة ام لا. هذا يعني ان أدمغتهم لم تقوم "بالاستبعاد" تحت تأثير التعود، وانما استمرت بالاتباه وتقبل المعطيات، وربطها بالمطالب الجديدة. المجموعة الاقل ابداعاً كانت نتائجها مختلفة. القسم الذي شارك في مرحلتي التجربة، وبالتالي سمع الاصوات قبل ان يحتاج الى ربطهم بالصفيحة الصفراء، إحتاج الى ستة محاولات اضافية ، في المتوسط، للوصول الى الحل الصحيح. بمعنى آخر، أظهرت خاصية الاستبعاد قدرتها بوضوح عندما جعلت المجموعة الاقل إبداعاً، ان تتفادى وتستبعد معلومات مهمة. عند المجموعة المبدعة كانت هذه الخاصية ضعيفة ولم تستطع تصنيف المعلومات لإستبعادها، وبالتالي التأثير على نوع القرار. لقد كانت الخاصية قوية عند الاقل ابداعا، وضعيفة عند الاكثر ابداعاً.
المبدعين يستغلون المعرفة الشائعة
لايوجد تعريفات دقيقة للعبقري، ولكن اغلبية العلماء يتفقون على ان الابداع يلعب دوراً. بمستوى ابداع عالي يمكن للعبقري إستخدام المعلومات التي في متناول يده، بطريقة جديدة، وإكتشاف تفاعلاتها الداخلية والتوصل الى نتائج جديدة، لم يتوصل اليها احد في السابق بالرغم من ان المعلومات نفسها كانت متاحة للجميع. العبقري، هو الانسان الذي ليس فقط يتذكر كل ماقراة في السابق، وانما ايضاً يستطيع تحليل المعلومات وإستخراج نتائج جديدة منها، تضع بصماتها على المستقبل.
شيللي كارسون، إستطاعت إثبات ان " خاصية إستبعاد" ضعيفة لعبت دوراً كبيراً عند المبدعين الشائعين، ولكنها ارادت معرفة فيما إذا كان لها علاقة بالابداع المتفوق ايضا او حتى العبقري، ام ان هناك عوامل اخرى. لهذا السبب بدأت الباحثة بدراسة تاريخ المشاركين الابداعي.
اظهرت تجربتها الجديدة التي اجرتها على 25 مشارك جامعي، لم يبلغ اي منهم 21 من العمر، انهم مشهورين ضمن ساحات نشاطاتهم خارج اسوار الجامعة، بالرغم صغر سنهم. اثنين منهم قاموا بتأليف ونشر كتب، سبعة منهم حصلوا على جوائز بسبب إكتشافاتهم العلمية، خمسة منهم كانوا مؤلفين موسيقيين معروفين، اثنين لهم براءات اختراع، وسبعة منهم مشهورين في مجال المسرح كمؤلفين او ممثلين او مخرجين.
عند هؤلاء المبدعين المتفوقين، اظهرت الدراسة ان ثلاثة منهم فقط يملك خاصية إستبعاد قوية، وبالتالي دماغ يُبعد جانب كبير من معطيات الاحاسيس والافكار. البقية، 22 شخصاً، لهم خاصية "إستبعاد" ضعيفة، وبالتالي يستقبل دماغهم القسم الاكبر من معطيات الاحاسيس والافكار، ويحولها الى معطيات جديدة. في المتوسط كان مستوى خاصية الاستبعاد لدى القسم الاكثر إبداعا منهم تصل الى 11,1، في حين لدى الاقل إبداعا 19,4.
هذه المرة كانت هي المرة الاولى في تاريخ المعرفة، التي يتمكن فيها الانسان، بواسطة المنهج العلمي، من إثبات ان خاصية إستبعاد ضعيفة مرتبطة بالكثير من الامراض النفسية، في نفس الوقت التي ترتبط بالقدرة على الابداع. الى فترة قصيرة كان اختصاصيي الاعصاب وعلم النفس يعتقدون ان هذه الخاصية ضرورية لاجل الانسجام وقيام الدماغ بوظائفه بشكل طبيعي، وعند الخلل في هذه الخاصية، يصاب المرء بالامراض النفسية، بسبب ان الدماغ يغرق بالمعلومات. بمعنى آخر كان الاعتقاد سائداً ان الخاصية الضعيفة تشكل إنذاراً بالامراض النفسية، وبالتالي فأن نتائج التجربة كانت مفاجأة كاملة، إذ في واقع الامر تعني ان افضل طلبة جامعة هارفارد هم المرضى النفسيين.
من هنا كان من الضروري البحث عن المزيد من العوامل المسؤولة عن ان البعض يصبح مريضاً بسبب " خاصية إستبعاد" ضعيفة، في حين يستغل البعض الاخر، هذه السلبية في الظاهر، ليصبح عبقرياً. شيللي كارسون تقرر البحث عن بقية العوامل المجهولة. لقد انطلقت من فرضية ان الثقافة الفردية، او الخلفية الثقافية(IQ)، قد تلعب دورا مهماً.
جامعة هارفارد يدرس فيها نخبة الطلاب الامريكين، وطلابها تملك مستوى IQ عالي للغاية. شيللي كارسون اجرت قياس لمستوى الخلفية الثقافية، لتجد ان الحد الادنى لها بين الاشخاص المشاركين في التجربة هو 100، وهو متوسط مستوى الامة بكاملها، في حين اقصى مستوى لها هو 148. بعد ذلك جرى تقسيم المشاركين بالتجربة الى مجموعتين، المجموعة الاولى وينتمي اليها المشاركين ذو مستوى الثقافي من 120 فمافوق، في حين يملك افراد المجموعة الثانية المستوى الثقافي مابين 100-119. وانطلاقا من هذا التقسيم قامت الباحثة بإعادة تحليل معطيات التجربة السابقة، لترى فيما إذا كانت هناك علاقة بين الخلفية الثقافية الفردية وخاصية الاستبعاد وبين الابداع العالي. لقد وجدت علاقة.
مجموعة الطلبة التي ملكت اعلى مستوى للخلفية الثقافية واضعف خاصية إستبعاد، كانت مستوى إبداعها اعلى بثلاث مرات على الاقل، من بقية المجموعات. المجموعة التي تأتي بعدها، كانت المجموعة التي تملك مستوى ابداعي مقبول مع خاصية إستبعاد ضعيفة، في حين المجموعة التي تملك خاصية إستبعاد قوية، جاءت في الاخير، وحصلت على خمس ماحلت عليه المجموعة الاولى.
اهمية الخلفية الثقافية العامة والفردية ظهرت جدارتها ايضا عندما جرت المقارنة بين افراد المجموعة العالية الابداع. في هذه المجموعة كان متوسط المستوى الثقافي 129، عند قسم من افراد هذه المجموعة في حين 118، عند القسم الاخر. النتائج اشارت الى ان خاصية إستبعاد ضعيفة، هي سمة من سمات المبدعين، وحتى العباقرة. عند اغلبية الناس، سيكون ذلك مؤشر على رفع الحماية عن الدماغ، وبالتالي الاستعداد للاصابة بالامراض النفسية. بفضل المستوى الثقافي العالي، يتمكن العباقرة والمبدعين من تحويل هذه السلبية الى ايجابية.
الثقافة العالية تحسن قابلية الدماغ على التعامل مع الكمية الكبيرة من المعلومات المتتدفقة، كنتيجة لضعف خاصية التصفية. هذا النوع من الدماغ يتمكن من اللحاق بهذا التتدفق، ليعالجه ويضعه في مكانه المناسب من الذاكرة، او ليربطه مع مايناسبه من المعلومات السابقة، ليخرج من هذا التكوين نتائج جديدة عبقرية.
خطر أصابة العباقرة بالمرض اكبر
بقية الباحثين وجدوا ايضا مؤشرات تدل على المساحة ليست كبيرة بين الجنون والعبقرية. احد هؤلاء الباحثين العالم Jon Karlsson, من جامعة ريكايفيك. ايسلندا جزيرة معزولة في اقصى الشمال، وعدد سكانها القليل ادى الى تنوع الجيني محدود للغاية، بين السكان. إضافة الى ذلك يملك الايسلانديين تاريخ طويل في البحث الجيني والقرابي، الامر الذي يجعلها مكانا مثاليا للبحث عن عوامل وراثية مشتركة بين ظاهرة الامراض النفسية والابداع، ابحاث جون كارلسون التي اجراها عام 2004 استندت على المعطيات المأخوذة من ارشيف 180 رجلاً، قاموا بأداء إمتحاناتهم الجامعية مابين عامي 1871-1960، وحصلوا على اعلى المعدلات. بعد ذلك جرى دراسة ارشيفهم المرضي، ليصل الى ان اربعة منهم دخلوا مستشفى الامراض العقلية. هذا الرقم كان اكبر من المتوقع الاحصائي الذي كان من المفروض ان لايتجاوز الواحد.
ومن جديد قام جون كارلسون بدراسة اعداد المصابين بالامراض النفسية عند اجداد هؤلاء. من بين الاجداد الذي وصل عددهم الى 1016 وجد 22 شخصا، اصيب بأمراض نفسية صعبة، في حين كان المتوقع الاحصائي لايتجاوز الثمانية اشخاص. هذه النتائج تشير الى ان احتمال إصابة المبدعين بالامراض النفسية اعلى بكثير من البقية، إضافة الى ان هذه القابلية وراثية.
العلماء لازالوا لايعرفون ماهي العملية التي تحدث في الدماغ والمسؤولة عن حدوث " خاصية الاستبعاد"، ولكن من خلال الخبرة المتراكمة عن مرض الشيزوفرينيا فمن المبرر تماما الاعتقاد انه من الممكن ان يُلد الانسان بخاصية إستبعاد ضعيفة ، وبالتالي يكون مهيئ منذ الولادة للاصابة بالشيزوفرينيا والامراض النفسية الاخرى، ليكون ظهور اعراض المرض مرتبط بظروف الحياة الفردية.
مجموعة من المواد المخدرة يمكنها ان تضعف سرعة" خاصية الاستبعاد" ، وأستخدام مثل هذه المواد لفترة طويلة يمكن ان يكون السبب لإطلاق تغيير كيميائي مزمن في الدماغ، يؤدي الى بقاء الخاصية ضعيفة بشكل دائم. عند قسم كبير من المدمنين تكون النتيجة تتطور حالتهم الى مرض الشيزوفرينيا او امراض نفسية وعقلية اخرى.
فرويد كان يقترح الكوكايين
مجموعة من النابغين كانوا يمجدون إستخدام الكحول والامفيتامين او الكوكايين، لكونهم قد شعروا ان هذه المواد قد ساعدتهم في التوصل الى افكار جريئة. مؤسس علم النفس الحديث، سيغموند فرويد كان يقترح الكوكايين كمنشط للتفكير، ومن الممكن ان جزء كبير من عبقريته ترجع الى استخدامه لهذا المخدر. الكوكايين يضعف " خاصية الاستبعاد" بحيث ان الافكار تتدفق بحرية. وبفضل IQ عالي عند فرويد، تمكن من التحكم والسيطرة على هذا التتدفق، وبالتالي ساعدته المادة المخدرة على الابداع.
شيللي كارسون وبقية المتخصصين يسعون للوصول الى طريقة تتضمن لهم، بشكل مسيطر عليه، إضعاف " خاصية الاستبعاد". المواد المخدرة مرفوضة مبدئياً، لكونها تملك مجموعة من التأثيرات الجانبية السيئة، ولكن مواد اخرى او تغيير في الروتين اليومي، يمكن ان يؤدي الى اطلاق حرية الافكار، والذي يستمر فترة زمنية متحكم بها، وبالتالي لايؤدي الى المرض. عند إنتهاء فترة التأثير تعود الخاصية الى مستواها السابق، في حين تبقى الافكار مخزونة في الذاكرة، حيث يتمكن المرء من معالجتها بهدوء.
الطريقة الأمن لزيادة الابداع الشخصي المحدود، هو أعطاء الدماغ خفقات جديدة للعمل معها، مثل الانتقال الى بلد ذو ثقافة مختلفة. بغض النظر عن درجة " خاصية الاستبعاد" تعطينا هذه الدفقات الامكانية لمعايشة بيئة جديدة، وبالتالي تفرض علينا تعلم طرق جديدة للتفكير. الكثير من اماكن العمل تجمع، عن وعي، إناس مختلفين بطرق تفكيرهم للعمل مع بعض، إذ ان ذلك يعطيهم خبرات جديدة ويفتح لهم اساليب عمل مختلفة.
من اجل تحسين القدرات الابداعية:
استفيد من ماتوصلت اليه الاقسام العلمية الاخرى:
اغلب الناس تبحث عن الحلول في الاماكن التي يعتقدون انهم سيجدونها فيه. في حين يتجرأ العباقرة على البحث في الاماكن التي لاتخطر بالبال، ولايخافون من السؤال والاستعانة بخبراء من إختصاصات اخرى، لحل المشكلة. اجري تصفية للافكار السيئة وتخلى عنها:
اغلب الافكار التي تنشأ عند النابغين تظهر عادة لاقيمة لها. من اجل الوصول الى الفكرة المتميزة، في وسط هذا الكم من الافكار الفاشلة، يجب ان يكون المرء نابغاً في القدرة على التحليل جميع اطياف الفكرة الجديدة. بعض الباحثين يعتقدون ان IQ 120, كافية ومازاد عن ذلك لايقدم او يؤخر. كن متفتح على افكار الاخرين:
احدى الطرق الاقصر الى الافكار النابغة، ان تكون متفتحا ومنتبهاً على الاخرين، تحسن الاستماع، وتحسن إختيار المجموعة التي تتعاون معها. فرانسيس كريك الذي اكتشف بنية الاحماض الامينية، استخدم بشكل كبير منتاجات ابحاث الاخرين للوصول الى إكتشافاته. إبتعد عن المنشطات:
العبقرية هي عملية سير على حافة الجنون. ولذلك ينبغي على العبقري والنابغة السعي للوصول الى حالة إنسجام وإستقرار في مشاعره الخاصة والابتعاد عن إستخدام المخدرات، التي تؤثر على توازن الدماغ. الازمات الشخصية والتوتر يمكن ان تفرغ الدماغ من موارد التحليل الذهني، الى درجة يفقد معها القدرة على السيطرة على الافكار، الامر الذي يمكن ان يكون كافياً للاصابة بالامراض النفسية.
للوصوالى الى روابط المصادر: إضغط هنا
Creativity tied to mental illness
Galenskap kontra Genialitet
intelligence and insanity
Schizofreni och Kreativitet
Schizophrenia and Creativity
التخلخل في عملية التصفية، تؤدي الى الهلوسة(سويدي)
الشيزوفرينيا(سويدي)
تأثير المخدرات على الدماغ (سويدي)
تأثير الكحول على الدماغ (سويدي)
العلاقة بين نمو الدماغ والهلوسة الدينية (سويدي)
18/2005 s.52-57