اقتباس: كيف عرفت انه لم يخلقك عبثآ ماهي الحجج التي لديك تؤكد بعدم خلقك عبثآ...!!! الله ذكر الفائده من الخلق هو العبادة له بقوله وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون (((ما فائدة العباده له؟؟))
وهل تعتقد في نظرك العبادة سبب مقنع للخلق؟
ياليت توضح ما هو المقصود من الحكمه التي تعتقد بها !!؟؟كيف يعني حكمة الله !!........هل هو اعتراف منك بعدم معرفة المقاصد التي بسببها خلق الله الكون؟ لماذا الله لم يوضح الاسباب من اجل ان يقوى الايمان به!!
دليلي على أهمية وجودي ما يلي :
1 ـ أنني ـ أنا بالذات ـ لا أعمل عملاً إلا ومنه فائدة وأهمية ، فمعظم أعمالي مقصودة ، إلا نادراً حينما يخطر ببالي خاطر يجعلني أمل الروتين وفي هذه الحالة فإن الغرض هو التسلية.
2 ـ أن من هداني للإيمان وأهداني القرأن ، وهو أقرب لي من حبل الوريد قال لي ذلك وأنا أصدقه ،
عبادة الجن والإنس تختلف عن عبادة بقية المخلوقات ،
عبادة الإنس تأتي من نور الله الذي ملأ السموات والأرض والذي يهتدي إليه الإنسان بالعلم الذي يطلبه ( العلم المتجرد البعيد عن الغرور والأنانية والجحود والعناد )
الله لا يحتاج لعبادة أحد :
{إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }الزمر7
والإيمان إذاً يوازي الشكر ، والجحود يوازي الكفر،
والعبادة لا تأتي إلا بعد الإيمان ، والعبادة بهذا المعنى هي ما ذكرته سابقاً ( الهداية إلى نور الله وتقديره حق قدره ) أما الطقوس والشعائر فهي تنظيم لها وإلزام للنفس على عدم نسيان خالقها ، وتدريب مستمر للوقاية من مكر الشيطان وحقده ووساوسه فهي حصن يقربه من الخالق ويحميه من العدو ( إبليس اللعين ) ، بدليل وجود عدد كبير من الناس ممن لا يصلي أو يصوم ولكنه مؤمن بالله وبرسوله ويحب الله ورسوله ، فيأتي عليه يوم فيزيده الله إيماناً بإيمانه فيلزم نفسه ويكرسها لعبادة الله تعالى .
أما الحكمة من الخلق فهناك شيء اسمه " الإيمان بالغيب " وهو ما يغيب عن إدراكنا وعلمنا من السموات وسر الخلق والنفخ في الروح ، والموت وغيره ،
وهو ماذكره الله لنا في بداية سورة البقرة :
الم{1} ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ{2} الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{3} والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ{4} أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{5}
القرأن هدى للمتقين ،
المتقون هم الذين ( يؤمنون بالغيب ، وبما أنزله الله ، المصلون ، المنفقون )
والإيمان بالغيب هو الإيمان بكل ما غاب عن أعيننا أو عن عقولنا ، فإذا علمناه ازددنا يقيناً .
والمتقون لهم جزاء مثل ما يلي :
"وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ "الطلاق3،2
"وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً"الطلاق4
" وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً"الطلاق5
وفي الأية رقم (1) يقول :
" وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً"
لأن الذي يتعد حدود الله يظلم نفسه لأن نفسه لا تدري بما سوف يحدث.
والتقوى ( ومنه الإيمان بالغيب ) هو قمة العدل مع النفس، لأن الإنسان لا يعلم الغيب .
ولأن المؤمن الذي عرف الله بالدليل والفطرة والعلم والرسل ،
يؤمن بكل ما يخبر به الله لمجرد أن له المثل الأعلى وعنده علم الغيب ، وهو عالم الغيب والشهادة.
ــــــــــــــــ
"(
وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ،
في سياق بيان الضعف البشري أمام جبروت الخالق تبارك وتعالى فأراد بيان ضعفهم أمام العذاب الخفيف القليل فأتى ب (إن) التي تفيد التشكيك في وقوعه، وأتى بكلمة (المسّ) بدل الإصابة أو الحرق فهو دونها في المرتبة ودون الدخول، وكذلك كلمة (نفحة) مع تنوينها المشعر بضعف العذاب وحقارته و(من) المفيدة للبعضية فلم يأتهم كل العذاب وإنما هي نفحة عابرة يسيرة من جزء صغير من العذاب، ثم العذاب لم يُضف إلى اسم دال على القهر والجبروت بل أضيف إلى أرق اسم دال على الشفقة وهو (رب) ثم أضيف الرب إلى مقرّب محبوب وهو ضمير خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إن الكلمات كلها مسوقة إلى هدف واحد وهو وصف هذا العذاب بالقلة والضآلة والحقارة ليبيّن بالتالي أن المذنبين يندمون ويتأسفون على ما عملوا عند تعرضهم لنفحةٍ بسيطة من عذاب الله "
"النظم القرآني ... جزالته وتناسقه
بقلم الأستاذ الدكتور/ مصطفى مسلم