الفنان بتكوينه وبطبيعته يسعى دائما الى القمة , والقمة في الفن – كما في الحياة – هي قمة معنوية ليس لها اخر, فكلما صعد الي درجة ادرك ان هناك درجة اعلى لم يصل اليها
لذلك الفنان في حالة سعي دائم وبحث عن المجهول وهو يظل كذلك حتى يتوقف بفعل الزمن او يسقط .. بفعل فاعل !!
وعندما تتداخل دائرة الفن مع دوائر السياسة والسلطة , يكون الطموح هو مركز احدي هذه الدوائر , ولكن للاسف فان النتيجة التي نراها هي (احتراق) الفنان بفعل لهيب السياسة , فلا هو نجح في تحقيق طموحه الفكري , او نجأ من السهام الطائشة التي تصوب اليه .
وعندما يتداخل الفن بالسياسة يمتزج به ويصبح وجه آخر له, وعندما يصبح الفنان مصقولا بايمانه بمبادئه فانه يحاول قدر المستطاع ان ينشر همومه بين شعبه
هذه الحالة بدات بالعالم كله ففي هوليود انصقل بعض الفنانين بفطرتهم السياسية ومبادئهم ,ضحوا برصيدهم عند السلطة , ثم اصبحوا فجاة ند للسلطة
فرانك كابرا مخرج امريكي من العصر الذهبي لهوليود , اخرج فيلمين لتعبير عن ايمانه بمبادئه الشيوعية , هما حياة عجيبة , والثاني كان عنوانه مستر ديدز يذهب الى المدينة ويحكي فيلم "حياة عجيبة"عن شخص آمن بفكرة مقاومة كبار الملاك الفاسدين , واستطاع مقاومتهم ومواجهتم وتغيير الحياة في القرية انطلاقا من هذه الفكرة
وبفيلم "مستر ديدز" يذهب الى المدينة يتحدث عن رجل سياسي من احدى الولايات يذهب الى واشنطن , وانتهى امره الى الجنون , ذلك ان واشنطن غير قابله للاصلاح ولا حتى قادرة عليه
فرانك كابرا حدث له بعد ذلك ان حوكم ضمن محاكمات المكارثية التي جرت لعدد من المثقفين والفنانين في امريكا.
تماما كما جرى لشارلي شابلن الذي اتهم بنفس الفكره , الايمان بالشيوعية الماركسية
![[صورة: 1375.jpg]](http://www.omeldonia.com/adminupload/entertainment/celebrity/1375.jpg)
مرلين مونرو شيوعية وتحب الرئيس كيندي
انتشرت شائعات عام 1955، حول احتمال أن تكون مارلين عضوا في الحزب الشيوعي الأميركي، وانها تقدمت بطلب للحصول على تأشيرة دخول الى روسيا. وربما كان سبب هذه الشائعة الجو اليساري الذي كان سائدا في أوساط الممثلين والكتاب في الولايات المتحدة، والذي أدى إلى اتهام زوجها آرثر ميلر ايضا بالشيوعية على أيام المكارثية.
وفي العالم العربي , هناك رصيد كبير لبعض الفنانين الذين آمنوا بالمبادئ الشيوعية وانتهى الحال بهم الى التجاهل او الى السجن
الراقصة هاجر حمدي , بدات مشوارها الفني بالرقص خلف راقصة مصر الاولى انذاك (حورية محمد) , يحكي كمال الشناوي زوجها الاول عن انها كانت مؤمنة لحد الجنون بفكرة العدالة الاجتماعية وكانت من عشاق ديستوفسكي ومكسيم جوركي , آمنت بالفكرة وكانت دائما تسخر من الباشاوات , وهو ما جعلها تقع في مخالبهم وانتهى الحال بها على الجلوس على رف السينما.
ثم كانت الراقصة تحية كاريوكا التي استحوذت لقب راقصة مصر الاولى فيما بعد , وقدمت عروض مسرحية بالخمسنيات , تدعم فكرتها اشهرها مسرحية (زيارة الوفد) التي حوكمت بسببها ودخلت السجن لفترة ليست بالقصيرة , وجعلتها السلطة ندا لها.وكانت بداية النهاية لامراة تربعت على عرش الرقص والسينما
كذلك كانت الراقصة "زينات علوي" التي تحدث عنها انيس منصور في احدى مقالاته . (بأن الشيوعيين ضحكوا عليها) وجعلوها العوبه في يدهم ,و درويشة في حلبتهم
![[صورة: 3afeb9e4e4.gif]](http://www.graaam.com/up/Pic8/3afeb9e4e4.gif)
لعل ايمان "سعاد حسني" بالمبادئ الشيوعية لا يعرفه الكثيرين , فقد تعلمت القراءة على كبر , وفي نهاية الستنيات كانت قد انصقلت تماما وعامت في بحور ستالين كما تقول الناقدة "داليا مصطفي"
قدمت سعاد حسني افلام عدة تتناول الايمان بمبادئها , اشهرها فيلم (خلي بالك من زوزو) حيث قدمت دور فتاة جامعية في بداية السبعنيات وهي الفترة الى كانت الجامعات المصرية عائمة في بحور الماركسيين واليسار والناصرية , وكانت هناك محاولة من انور السادات للقضاء على معقل اليسار باستدعاء الاسلامويين وهو ما جرى لهم فيما بعد بحلول اواخر السبعنيات من انهاء سيطرة اليسار على الجامعة
في احدى فقرات الفيلم , تهاجم سعاد حسني التيار الاسلامي المتمثل بطالب يقف ضدها , وهي تعطيه درس على حركة الاستقلال مع مهاجمة الرجعية , والرجعية هي المعنى المرادف (للاسلام) بتلك الفترة , ثم لحق بالفيلم فيلم اخر هو (شفيقة و متولي) وهو يدعى لبعض الافكار اليسارية مقابل الراسمالية المتوحشة التي كان انور السادات قد بدأ في تدشينها,
كانت تلك الافلام بداية النهاية لسعاد حسني عند السلطة , فقد استبعدت تماما من الوفد الرسمي الذي كان يجلس مع السادات او يسافر مع السيدة جيهان خارج مصر, وبدأت حرب انتاجية من الخفاء للقضاء على اسطورتها واستقدام بديل لها من قبل السلطة ليكون فتاة احلام الشباب , وكانت سهير رمزي
سعاد في طهران تضع يدها في يد الشهبانو فرح ديبا اثناء زيارة لايران بمنتصف السبعنيات
نادية لطفي هي ايضا لها رصيد قوي مع الشيوعيين ولكن لم يتضح بعد, وان كانت قد انضمت لبعض الصالونات السياسية التي نظمها شيوعيين في بداية الستنيات , كذلك فنانة الاغراء برلنتي عبدالحميد زوجة المشير عبدالحكيم عامر فيما بعد , يحكي طاهر البهي في مؤلفه الفن و المخابرات , انها كانت قد آمنت بالمبادئ الشيوعية منذ ان كان يأتي لها مدرس اللغة العربية بمنزلها الذي علمها المردافات الشيوعية , مما جعلها لا حقا مؤمنة حتى النخاع بالمبادئ اليسارية , وكان اول لقاء بينها وبين المشير كما يقول البهي , انه فؤجئ بثقافتها العامة واللامحدودة جدا , وعن قدرتها على تحيليل كتاب "رأس المال" بسهولة , اونها كانت في نظره مدرسة فلسفة من قلعة الكرملين,
هذا توضيح بسيط لبعض الفنانات الذين امنوا بمبادئ تقدمية , لم نعرفها , ولم يظهر لنا سوى جسدهم ولم نحاول ان نلتفت لعقولهم التى كانت تحوى الكثير من عزة وانسانية :redrose: