{myadvertisements[zone_1]}
أسطورة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
zaidgalal غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 4,570
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #1
أسطورة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
يقول الحق عز وجل:
كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا ءَايَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ. (ص 29)
لابد أن نتأمل في آيات الله عز وجل ونتدبرها. ومن حسن التدبر أن لا نقول في كتاب الله ما ليس فيه. فإن جهلنا أمسكنا ولا نتكلم بغير علم تعظيمًا لذلك الكتاب العظيم.

وقد فتح موضوع الناسخ والمنسوخ الباب واسعًا للطعن في كتاب الله بناءً على الاختلاف الكبير بشأنه بين علماء المسلمين. ومن ثم دعوت الله أن يوفقني لمعالجة هذا الموضوع من جذوره فكان هذا البحث بتوفيق من الله عز وجل.

ربما يسأل سائل: هل قال كثير بعدم وجود ناسخ ومنسوخ في كتاب الله؟
وللإجابة على هذا السؤال. أقول: إن ابن تيمية خالف الأئمة الأربعة في بعض المسائل الفقهية، بل صارت أراؤه هي المشهورة. يقول ابن حزم:

"لقد أخرجنا على أبي حنيفة والشافعي ومالك مئات كثيرة من المسائل، قال فيها كل واحد منهم بقول لا نعلم أحدًا من المسلمين قاله قبله، فاعجبوا لهذا" (الإحكام في أصول الأحكام)

ومعنى هذا أن فهم النص في تغير زمانًا ومكانًا. وفي ظل الحرية يبدع المسلم أيما إبداع. وفي ظل الجهل يُغْلق باب الاجتهاد وإعمال العقل بل ويوسم من يستخدم عقله بالخروج من ملة الإسلام. وقد حرم علماؤنا التقليد وهو الحفظ والترديد دون فهم وإعمال عقل واستعمال المنطق. يقول الإمام ابن حزم:

"إن التقليد حرام، ولا يحل أن يؤخذ قول أحد غير رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بلا برهان" (فتاوى معاصرة. د. يوسف القرضاوي. ج2. ص 113)
لذا قررت تناول موضوع الناسخ والمنسوخ في كتاب الله عز وجل لأثبت بما لا يدع مجالًا للشك أنه وَهْمٌ عَلُقَ بذهن الأمة ردحًا من الزمن وحان الوقت أن تنفضه عن كاهلها.

تعريف النسخ:
النسخ يعني النقل والكتابة والتسجيل. ومثله:
هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. (الجاثية 29)

ويعني الإزالة والمحو:
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ ءَايَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. (الحج 52)

والنسخ بالمعنى الذي نعارضه ونثبت زيفه يعني نسخ حكم سابق بحكم لاحق يقع في الأوامر والنواهي (أي الأحكام) ولا يقع في الأخبار وأصول العقيدة وأصول الأخلاق. ويختلف مفهوم النسخ عند الأقدمين عنه عند المحدثين. يقول ابن قيم الجوزية:

"ومراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ رفع الحكم بجملته تارة وهو اصطلاح المتأخرين، ورفع دلالة العام والمطلق والظاهر وغيرها تارة إما بتخصيص أو تقييد أو حمل مطلق على مقيد وتفسيره وتبيينه، حتى انهم يسمون الاستثناء والشرط والصفة نسخًا لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد. فالنسخ عندهم وفي لسانهم هو بيان المراد بغير ذلك اللفظ بل بأمر خارج عنه. ومن تأمل كلامهم رأى من ذلك فيه ما لا يحصى وزال عنه به إشكالات أوجبها حمل كلامهم على الاصطلاح الحادث المتأخر." (إعلام الموقعين. ابن قيم الجوزية. ج1. ص 39)
وقال بذلك ابن عثيمين إذ رأى أن التخصيص لا يعد من النسخ لأنه ليس رفعًا للحكم، بل هو رفع للحكم عن فرد وهذا ليس بنسخ. ولكن في عرف الأقدمين قد يسمون هذا نسخًا، مثل قوله تعالى: "إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ. (المعارج 30) قالوا نسخها قوله: "وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ" (النساء 23) ومعنى نسخها هنا: خصصها. وقد جاء عن ابن مسعود في قوله: " إِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ." (التوبة 5) أنه نسخ واستثني بقوله: " فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ." (التوبة 5). أي أنه راى النسخ هنا بمعنى الاستثناء والشرط.

وهناك فرق بين النسخ بالمفهوم الحالي والتخصيص.
التخصيص هو إخراج بعض ما يتناوله اللفظ العام. والمخصص إما أن يكون متصلًا لم يفصل فيه بين العام والخاص بفاصل، وإما ان يكون منفصلًا. والمتصل خمسة انواع:

1- الاستثناء: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (النور 4، 5)
2- الصفة: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ. (النساء 23) فقوله: اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ، صفة لنسائكم.
3- الشرط: وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا. (النور 33)
4- الغاية: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ. (البقرة 187) وقوله تعالى وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ. (البقرة 196)
5- البعض بدل الكل: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا. (آل عمران 97) فالناس لفظ عام خصصه بعبارة "مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا".

أما المخصص المنفصل فيقع في مكان آخر غير مكان العام. مثل:
وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ. (البقرة 228) فهذا عام خصصه بقوله:

وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ. (الطلاق 4) .. وقوله:
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا. (الأحزاب 49)

الرضعات العشر والخمس:
يرى البعض أن هذه الرضعات مما نسخ لفظه وبقي حكمه. إلا أن جمهور العلماء خالفوا هذا الرأي وقالوا يثبت برضعة واحدة وهو رأي علي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وعطاء وطاوس وابن المسيب والحسن والزهري ومجاهد وقتادة ومالك والأوزاعي والنووي وأبي حنيفة. وقد اعترض أصحاب مالك على حديث عائشة لأن القرآن لا يثبت بخبر الواحد. يقول الشيخ الغزالي رحمه الله:
"إن القول بآيات نسخ لفظها وحكمها معًا وأنسيها الرسول –صلى الله عليه وسلم- وصحابته جميعًا كلام لا وزن له." (نظرات في القرآن. ص 203)

ما نسخ رسمه وبقي حكمه:
مثل آية الرجم التي استنكر الشيخ ابن العثيمين أن تكون مما كان يتلى من القرآن. يقول:
"وقد اشتهر لفظ الآية المنسوخة "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالًا من الله والله عزيز حكيم." ولكن هذا لا يصح لأن هذا النص مخالف لهذا الحديث إذ أن النص ربط الحكم بالشيخوخة والحديث الصحيح ربط الحكم بالإحصان. ثم إنك تستشعر بركاكة اللفظ، والقرآن كما نعلم لفظه بليغ جدًا فهو بعيد عن أن يكون كلام الله باعتبار لفظه وهو لا يمكن أن يكون الحكم الذي نزل ونسخ لفظه باعتبار مدلوله ومعناه، إذن فاللفظ منكر حتى لو فرض أن السند لا بأس به او حسن أو حتى صحيح فلا يمنع أن يكون شاذًا." (ابن عثيمين. شرح الأصول من علم الأصول. ص 387، 388)
ومن هنا نعلم أن لفظة "آية" لا يقصد بها آية قرآنية، وإنما هي حكم ارتضاه الله.

قوله:
يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ. (إبراهيم 39)
مَا نَنْسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. (البقرة 106)
والآية تعني أن الله لا يمحو آية بمعنى معجزة آتاها نبيًّا من انبيائه أو ينساها الناس لطول العهد بها إلا ورزق الناس معجزة تماثلها أو تفوقها لأنه عز وجل على كل شيئ قدير. وقد وصف الله نفسه هنا بالقدرة وقال بعد الآية مباشرة:
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ. (البقرة 107)
ليمكن أن نفهم أن المقصود هو الآيات الكونية أي معجزات الأنبياء والمرسلين. ويزيد هذا المعنى وضوحًا الآية الثالثة مباشرة:
أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُوَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ. (البقرة 108)

ولو كان معنى "مَا نَنْسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنْسِهَا" هو الناسخ والمنسوخ، فإن الله لم يصرح لنا أنه سينسخ اللفظ ويبقي الحكم أو يسنخ الحكم ويبقي اللفظ، وإنما صرح بنسخ الآية المنزلة أي لفظًا وحكمًا. وهذا ضد من يقول بوجود الناسخ والمنسوخ في كتاب الله.

أما قوله:
وَإِذَا بَدَّلْنَا ءَايَةً مَكَانَ ءَايَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ. (النحل 101)
فالآية في سورة النحل وهي مكية ولم ينزل في مكة أحكام لتنسخ. ونلاحظ أن توجه الرسول إلى بيت المقدس في صلاته ثم توجهه إلى البيت الحرام كان في مكة. والآية تأتي بمعنى "الحكم". أي أنه وقع تبديل لآية (حكم) التوجه لقبلة بيت المقدس بآية (بحكم) اتخاذ بيت الله الحرام قبلة للمسلمين. أضف إلى أن القرآن الكريم كان ينزل متفرقًا، فكان سيدنا جبريل يأمر سيدنا محمد أن يضع هذه الآية لتكون في مكان كذا، فيكون هناك تبديل لأمكنة الآيات فيتقدم بعضها أو يتأخر. فالآية (النحل 101) تتسع لهذه المعاني.
ومن هنا فلا دليل في يد القائلين بوجود الناسخ والمنسوخ في كتاب الله تعالى. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها". فصرح الرسول بأنه نسخ حكم سابق بحكم لاحق. وهذا لا نجده ولو في آية واحدة في القرآن الكريم. فإذا وجدنا اختلافًا بين العلماء في نسخ آية وأمكن الجمع بين الآيتين فالقول بعدم وقوع النسخ أوْلَى لأنه الأصل. يقول الإمام الرازي:
"النسخ خلاف الأصل فوجب المصير إلى عدمه قدر الإمكان." (التفسير الكبير)

وسأتناول بالتفصيل بعون الله جميع الآيات التي يزعم الزاعمون وقوع النسخ بمعناه الحالي فيها لأثبت أن كل آيات القرآن الكريم محكم.

يتبع
09-23-2006, 11:34 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
داعية السلام مع الله غير متصل
وما كنا غائبين ..
*****

المشاركات: 2,222
الانضمام: May 2005
مشاركة: #2
أسطورة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم


سلام الله عليك أخي الكبير زيد جلال

صحيح ماتقول من أن الناسخ والمنسوخ قد زيد فيه وبولغ ... ولكن هذا لايعني نسف الأمر تماما لأن هذا الموضوع قد تعب في بحثه العلماء على مر القرون حتى نضج وأمكننا أن نحكم الان في مسألة غربلته ومعرفة الصحيح منه والباطل ..

وهذا كلام الإمام القرطبي في جامعه لأحكام القرآن حول موضع النسخ أرجو أن تقرأ الصفحة كاملة لخطورة الموضوع ..

http://quran.al-islam.com/Tafseer/DispTafs...TOBY&tashkeel=0


وهذا كتاب هام حول موضوعنا لرجل له قدم صدق في علم أصول الفقه

http://s171537227.onlinehome.us/books/02/0120.rar

شكرا لك أخي زيد

:redrose:
09-24-2006, 02:16 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
zaidgalal غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 4,570
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #3
أسطورة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الداعية

كل عام وانت بخير

أخي يمكن الحكم بإلغائه من جذوره لسبب بسيط هو

أن كل آية يقول انها ناسخة لآية أخرى منسوخة لابد لها من نص صريح من الله او من رسوله صلى الله عليه وسلم

أما ان يأتي ولو عالم كبير ويقول: إن الله كان يقصد أن يلغي حكم آية كذا ويقر لنا حكم آية كذا، فإننا نسأله:

من الذي فوضك لتقول هذا في كتاب الله؟ من الذي أعلمك بهذا؟

تعال نقرأ:

قال الأستاذ أبوإسحاق الإسفرايني: إذا تعارضت الآي وتعذر فيها الترتيب والجمع طلب التاريخ وترك المتقدم بالمتأخر ويكون ذلك نسخاً، وإن لم يعلم وكان الإجماع على العمل بإحدى الآيتين علم بإجماعهم أن الناسخ ما أجمعوا على العمل بها. قال: ولا يوجد في القرآن آيتان متعارضتان تخلوان عن هذين الوصفين. (الإتقان للسيوطي)

هذا عالم يقول لك: إذا وجدت آيتين في كتاب الله متعارضتين فقل هذه نسخت هذه.

هل يعقل هذا؟؟؟

أصدقه ام أصدق الله ربي:

{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} (82) سورة النساء

يتبع
09-24-2006, 04:51 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
zaidgalal غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 4,570
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #4
أسطورة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
[SIZE=6][CENTER]سورة البقرة[/CENTER]

1- وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ. (البقرة 115)
قالوا أن المنسوخ منها هو "فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ".
وقد ذكر ابن الجوزي في كتابه (نواسخ القرآن. ص 42) أن التوجه إلى بيت المقدس اختلف فيه العلماء: هل كان برأي النبي –صلى الله عليه وسلم- واجتهاده أم هو الوحي؟"
والآية ليست ناسخة لأنه لم ينزل من القرآن شيئ يأمر النبي بالتوجه إلى بيت المقدس. فلله المشرق والمغرب وأينما نولي وجوهنا إلى حيث أمرنا الله فثم وجه الله، وقد أمرنا بالتوجه إلى البيت الحرام. فالآية تعالج الموقف قبل وبعد تغيير القبلة وتبين أن القبلة ليست قبلة لذاتها وغنما لأن الله جعلها قبلة. كما تفيد الآية من جهل القبلة في مكان ما فتوجه باجتهاده، أو صلى على او في وسيلة مواصلاته المتحركة والتي تغير مكانها بالتالي باستمرار فصلاته صحيحة. ونلاحظ أن الآية 115 جاءت قبلها الآية:
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ. (البقرة 114)
فيمكن لفاهم ان يفهم أنه إذا تم تدمير المساجد فلن نتمكن من عبادة الله تعالى. فتأتي الآية 115 لتقول أنه كما ان المساجد لله، كذلك له المشرق والمغرب وأينما توجهنا بصلاتنا فثم وجه الله.

2- يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ(178)
قالوا أن "الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى" نسختها "وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ" لأنهم فهموا أن الحر لا يقتل بالعبد ولا الذكر بالأنثى. وهذا خطأ لأن "الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى" لا تفيد الحصر وإنما تفيد التمثيل، فيقتل الحر بالعبد، والرجل القاتل امرأة، والمسلم بغير المسلم. وذلك لعموم قوله:
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى
وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(البقرة 179)
فالمسلمون تتكافأ دماؤهم لدرجة أنه لو أن جماعة قتلوا واحدًا لَقُتِلُوا. فالتخصيص لا ينفي العام هنا بل هو مثال عليه لا حصر له.

3- كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ(180)
هذه آية الوصية للوالدين والورثة. قالوا نسختها آية المواريث:
لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا(النساء 7)
وقالوا نسخها حديث "لا وصية لوارث" (رواه الترمذي وأبو داود)
وذكر ابن الجوزي أن جماعة من السلف منهم الشعبي والنخعي قالوا إن الأمر للندب واستدلوا عليه بقوله "بالمعروف" والمعروف لا يقتضي الإيجاب وبقوله "على المتقين" والواجب لا يختص بالمتقين وحدهم. يقول ابن كثير:
"ومنهم من قال إنها منسوخة فيمن يرث، ثابتة فيمن لا يرث وهو مذهب ابن عباس والحسن ومسروق وطاوس والضحاك ومسلم بن يسار والعلاء بن زياد." ونضيف إلى هؤلاء سعيد بن جبير والربيع بن أنس وقتادة ومقاتل بن حيان. ومن ثم فلم يقع نسخ بمفهومنا الحالي في هذه الآيات. يقول الإمام البيضاوي:
"وفيه (أي في الحديث) نظر لأن آية المواريث لا تعارضه بل تؤكده من حيث إنها تدل على تقديم الوصية مطلقًا. والحديث من الآحاد وتلقي الأمة له بالقبول لا يلحقه بالمتواتر، ولعله احترز عنه من فسر الوصية بما أوصى به الله من توريث الوالدين والأقربين بقوله: "يُوصِيكُمُ اللَّهُ" أو بإيصاء المحتضر لهم بتوفير ما أوصى به الله عليهم "بِالْمَعْرُوفِ" بالعدل فلا يفضل الغني ولا يتجاوز الثلث." (انوار التنزيل وأسرار التأويل).
ويقول النسفي في تفسيره:
"قيل: هي غير منسوخة لأنها نزلت في حق من ليس بوارث بسبب الكفر لأنهم كانوا حديثي عهد بالإسلام ، يسلم الرجل ولا يسلم أبواه وقرائبه، والإسلام قطع الإرث فشرعت الوصية فيما بينهم قضاء لحق القرابة ندباً وعلى هذا لا يراد بـ"كتب" فرض."
ولما لم نجد أي تعارض بين آية الوصية وآية المواريث فلا نسخ وقع البتة. أما من قال إن نسختها هي: " وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا." (النساء 8) فلا يصح إذ القسمة بين الورثة فمن حضرها من غيرهم ففيهم تكون القسمة. فقد خص جزءًا من الأقارب وجعل لهم نصيبًا من الإرث وأبقى الوصية واجبة أو جائزة للباقي من ذوي القربى. وقد قال بعض العلماء أنه يمكن أن يكون للوارث نصيب في وصية فوق ميراثه لكونه فقيرًا أو عاجزًا..الخ، لا يزيد عن الثلث، مع محاولة المورث استرضاء الورثة. وعند التأمل في آية الوصية نرى انها واجبة لمن ملك مالًا كثيرًا يستحق أن يسمى خيرًا، فحري به ان يحسن إلى أقربائه وذويه قبل موته بغير إجحاف للورثة. والآن نرتل آية المواريث:
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً. (النساء 11)
فقوله: "مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ" يوضح بما لايدع مجالًا للشك أن الوصية غير حقوق الورثة وأنهما شيئان مختلفان. فقد حددث الآية: ثلثًا للورثة، وثلثًا يوصي به لمن يشاء قبل موته، وثلثًا لقضاء ديونه إن كان عليه دَيْن. وعلى هذا تعد الآيات من باب التخصيص لا من باب النسخ.

4- وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ. (البقرة 184)
قالوا أنها منسوخة لأنهم فهموا أنها تخيير بين الصوم أو الإفطار مع الإطعام، ونساختها " مَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" (البقرة 185). وهذا لا يصح لأن الآية فيها تخصيص لا نسخ، وقد استعمل الأقدمون النسخ بهذا المعنى. وقد قال ابن الجوزي أن الآية محكمة وأشار إلى الشيخ الفاني الذي يعجز عن الصوم والحامل التي يرهقها الصوم وكذلك المرضع. فلو كان هناك نسخ لما قال الله عز وجل: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ" (البقرة 185). جاء في تفسير المنار:
"الإطاقة أدنى درجات المكنة والقدرة على الشيئ. فلا تقول العرب أطاق الشيئ إلا إذا كانت قدرته عليه في نهاية الضعف بحيث يتحمل به مشقة شديدة، فالمراد بالذين يطيقونه هنا الشيوخ والضعفاء والمرضى الذين لا يرجى برء أمراضهم ونحوه."
وقد روى البخاري عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقرأ "وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ" قال ابن عباس ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فليطعما مكان كل يوم مسكينًا." وبهذا جعل الله الفدية لمن لا يستطيعون الصوم، وجعل القضاء لمن يستطيع ولكن ألمت به ظروف المرض أو السفر.

5- يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَكَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ. (البقرة 219)
والاثم يوجب العقاب ومن ثم فالآية دليل على التحريم. أما قوله "وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ" فلا يدل على الإباحة، وإنما هو تعريف بالواقع. فمن الناس من يُصَنِّع الخمر ثم يبيعها للتجار في الداخل والخارج فيقومون ببيعها للناس. وهذه منافع اقتصادية لهم إلا انها مكاسب حرام لأن الخمر فيها اثم كبير.
أما قوله:
وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ. (النحل 67)
تتخذون سكرًا: تتخذون أنتم من تلقاء أنفسكم دون أمر سماوي يبيح لكم هذا.
وقوله:
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ .... (النساء 43)
ليس بمنسوخ إذ يمكن لمسلم أن يقع في كبيرة شرب المسكر ثم يهم بالصلاة فنطبق عليه هذه الآية ونبعده عن الصلاة إلى أن يفيق وإلا فصلاته باطلة. وتنطبق الآية على من يخضع لعملية جراحية تحت تأثير المخدر فعليه أن لا يُصَلِّ حتى يفيق. فالآية حكم يخص الصلاة لا الخمر. يقول الإمام الرازي:
"تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي الحكم لما عداه إلا على سبيل الظن الضعيف ومثل هذا لا يكون منسوخًا، والمنسوخ حكم لا يُعْمَل به مطلقًا كما هو في تعريف النسخ عند الأصوليين" (التفسير الكبير)
لذا فالآية:
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (المائدة 90)
ليست ناسخة لغيرها من الآيات التي ورد فيها شيء عن الخمر والمسكر. نضيف أن طريقة تعامل الله مع عادة حرام متجذرة في المجتمع وضاربة في تربته لهي درس نتعلمه عندما ندرس معالجة عادة سيئة قد استشرت في المجتمع وأصبح من الصعب القضاء عليها دفعة واحدة. لذلك تقول السيدة عائشة:
4707 حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام بن يوسف أن بن جريج أخبرهم قال أخبرني يوسف بن ماهك قال: "إن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها إذ جاءها عراقي فقال أي الكفن خير قالت ويحك وما يضرك قال يا أم المؤمنين أريني مصحفك قالت لم قال لعلي أؤلف القرآن عليه فإنه مؤلف قالت وما يضرك أية قرأت قبل إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا." (البخاري. ج4. ص 1910)
وقد أخذ بهذا الأسلوب حزب الرفاه التركي بقيادة نجم الدين أربكان. فقد نهوا العاملات في بيوت الدعارة عن الزنى فاحتججن بأنه مصدر رزقهن الوحيد. فكان هذا الحزب يجتهد في إيجاد فرص عمل بديلة ليبعدهن عما حرم الله. وقد حققت تجربته نجاحًا كبيرًا. كذلك نأخذ بالتدرج عندما نعالج مريض الإدمان حتى أن الأطباء يعطونه جرعات قليلة من المخدرات ويتدرجوا في الإقلال منها حتى تفيق أعضاء الجسم فيتوقفون عن حقنها في جسم المريض. وعندما تدرس تجربة لا يصلح أن تدرس الخطوة الأخيرة منها بل لابد من دراستها كاملة ليستفيد منها المتخصصون في كيفية التعاطي مع المشاكل المزمنة ويستفيد منها الدعاة في المناطق التي يذهبون إليها في أفريقيا وغيرها حيث العادات المتخلفة.
يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ. (البقرة 215)

6- {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} (البقرة 219)
قالوا أنها منسوخة بالزكاة المفروضة. والصحيح انها ليست منسوخة لأنها تفسر متى نتصدق، فهي غير حكم الزكاة. وقد فسر الرسول عليه الصلاة والسلام هذه الآية بقوله "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى" (صحيح مسلم)، والعفو هو ما زاد عن الحاجة. ولو كان القرآن يتحدث هنا عن الزكاة لبيَّن أنها فرض وبيَّن قدرها ولما تركها لرأي المخاطَب. لذلك يستخدم الله في الزكاة أسلوب التحديد، وفي الصدقة يترك تقديرها للمخاطب:
وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ. لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ(المعارج 24، 25)
وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ. (الذاريات 19)
بل هناك آية في كتاب الله جمعت بين الصدقة (وَءَاتَى الْمَالَ) والزكاة (وَءَاتَى الزَّكَاةَ):
لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِمَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَءَاتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَءَاتَى الزَّكَاةَ... (البقرة 177)

7- وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ. (البقرة 221)
قالوا ناسختها:
وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ. (المائدة 5)
فمنهم من قال أنه استثنى أهل الكتاب. وسورة المائدة من آخر ما نزل من القرآن، وسورة البقرة من أول ما نزل في المدينة. فكيف يكون السابق ناسخًا للاحق؟! والصحيح أن قوله تعالى "المشركات" لفظ عام يشمل جميع غير المسلمين بما فيهن الكتابيات. وعلى هذا تكون آية المائدة مخصصة لا ناسخة لأنها استثناء خاص من عام، وهو ما قال به ابن عباس: استثنى أهل الكتاب.

8- وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. (البقرة 240)
والمعنى أنه على الذين يتوفون عن أزواجهم أن يوصوا قبل الوفاة أن تمتع أزواجهم حولًا كاملًا يُنْفَق عليهن من تركته وليس من حق أحد أن يخرجهن.
قالوا أنها نسخت بقوله:
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)
نلاحظ أن الآية الناسخة تأخذ رقم 234 والمنسوخة 240. وهذا محال أن ينسخ السابق اللاحق. وقد أورد الإمام الرازي أن المعنى: من يتوفون منكم ويذرون أزواجًا وقد وصوا وصية لأزواجهم بنفقة وسكنى الحول فإن خرجن قبل ذلك وخالفن وصية الزوج بعد أن تنقضي المدة التي ضربها الله تعالى لهن فلا حرج فيما فعلن في أنفسهن من معروف، أي نكاح صحيح، لأن إقامتهن بهذه الوصية غير لازمة. ويرى الرازي أن الآية من أولها إلى آخرها جملة واحدة شرطية: "وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ... غَيْرَ إِخْرَاجٍ"، وجواب الشرط هو فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ. فهي وصية منسوبة للزوج وليست حكمًا فرضه الله تعالى. ولا تخرج الزوجة إلا بعد أربعة أشهر وعشرا إن اختارت الخروج. فالآية الأولى تتحدث عن واجب والثانية عن حق. فواجب على المتوفى عنها زوجها أن تقيم في بيت زوجها أربعة أشهر وعشرا فلا تتزين ولا تخرج ولا تتعرض للرجال وأن لا تواعد رجلًا سرًا بالزواج ولا تعزم عقدة النكاح حتى ينقضي الأجل (4 أشهر وعشرا). وللمتوفى عنها زوجها حق السكنى والنفقة حولًا كاملًا لا تخرج قسرًا ولا جبرًا إلا برغبتها. ومن ثم لا نسخ في الآيتين.

9- وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ. (البقرة 284)
قالوا أن ناسختها: "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها"
روى ابن الجوزي عن ابن عباس أنها لم تنسخ وأن المحاسبة إنما هي إطلاع العبد بفعله السيئ وبما أخفاه في نفسه مما لم تطلع عليه الملائكة. (نواسخ القرآن. ابن الجوزي. ص 90، 89) والآية خبر، والأخبار لا نسخ فيها (الناسخ والمنسوخ. أبو جعفر النحاس. ص 68) ومن نسب لبعض الصحابة قولهم في ذلك بالنسخ فيحتمل أن الصحابي لم ينطق بلفظ النسخ وإنما فهمه الرواي من القصة فذكره (تفسير المنار. رشيد رضا. ج3. ص 118). فمن أضمر في نفسه شرًّأ وأظهره أي أمضاه أو أضمره وأخفاه يحاسبه الله عليه ويضعه بين يديه فإن كان امضاه عاقبه الله وإن لم يكن قد أمضاه لم يعاقبه الله عليه لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها. وهناك عقاب على الإضمار في القلب إذا كان ضارًا بالإيمان كأن تضمر الشك في عقيدة انزلها الله أو تضمر الحقد لأنبياء الله ورسله أو تضمر النفاق وتظهر الإيمان وتتحرك جوارك كما تتحرك جوارح المؤمن إلا أن القلب قاسد. وفي ذلك يقول الحق عز وجل:
لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. (البقرة 284)
لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ. (البقرة 225)
وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا. (الإسراء 36)
إذن فهناك ذنوب يقترفها القلب قد تؤدي إلى النار بل والخلود فيها كالنفاق مثلًا. وكل هذا بإمكان الإنسان التحكم فيه بحبه الله وأن هذا ليس فوق طاقته. ومن ثم لا نسخ في الآيتين.

يتبع (سورة آل عمران)
09-24-2006, 04:53 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
إبراهيم غير متصل
بين شجوٍ وحنين
*****

المشاركات: 14,214
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #5
أسطورة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم

عجيب أنت يا أستاذ زيد.. موضوعك لفت بالي. القرآن يقول: ما ننسخ من آية وما ننسها..

وحضرتك تبدأ: أسطورة الناسخ في القرآن.

وتبدأ معالجتك بآية لا صلة لها من قريب بقضية الناسخ والمنسوخ. ما علينا..
09-25-2006, 04:35 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
zaidgalal غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 4,570
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #6
أسطورة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
اقتباس:  إبراهيم   كتب/كتبت  
 
القرآن يقول: ما ننسخ من آية وما ننسها..

أولًا: الآية مكتوبة خطأ. والصحيح:

{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا

ثانيًا: لم تقدم لنا سيادتكم معنى الآية!!!
09-25-2006, 06:53 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
zaidgalal غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 4,570
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #7
أسطورة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
لو قدم لنا أحد معنى الآية وهو النسخ بمفهومه الحالي. نقول له:

هل صريح الآية ينطق بهذا أم أن هذا فهم واجتهاد المفسر الذي استشهدت به

وبالطبع سيقول: إنه اجتهاد المفسر

ونحن نعلم ان الاجتهاد والفهم متغير لأنه عمل بشري

نستمر

نؤجل سورة آل عمران وأستكمل آيات في سورة البقرة يرى البعض أن فيها نسخ بالمفهوم الحالي. يقولون:

"لأن أغلب الآيات جاءت و فيها أوامر شق على المؤمنين تنفيذها و خفف الله بعدها على المؤمنين بأحكام أقل ألتزاما."

أي أنهم فهموا أن التخفيف يلغي الحكم الأصلي. وهذا جهل بكتاب الله عز وجل. إن الله ينزل للمؤمنين الحكم وتخفيفه فيأخذوا بأيهما حسب الظروف. فالتخفيف لا ينسخ الحكم البتة ولا يمحوه. ودليلي القاصم هو قول الله عز وجل:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (178) سورة البقرة

فأمامنا الحكم وهو أن من قتل يُقْتَل وأمامنا أيضًا التخفيف ولولي الدم أن يختار إما القصاص وإما العفو. وهذا لم يشرعه الله في حد السرقة:

{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (38) سورة المائدة

ولننظر فيما تبقى من آي سورة البقرة:
{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (187) سورة البقرة

هذه لم تنسخ أي آية قرآنية. فلو كان المسلمون يحرمون على أنفسهم إتيان المرأة في ليل رمضان فإن هذا لم يأتِ عبر آية قرآنية تنهى المسلمين عن فعل هذا. ومن ثم لا توجد آية منسوخة بالتالي.

يتبع
09-25-2006, 06:27 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
zaidgalal غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 4,570
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #8
أسطورة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
1- الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (البقرة:3)
) يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) (البقرة:215)

وقد نسختهما آيات الزكاة الموجودة في سورة التوبة ( براءة )
إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (التوبة:18)

شرحنا ذلك من قبل وأثبتنا أن الزكاة لا تلغي الصدقة ولا الصدقة تلغي حكم الزكاة. كما أن الإنفاق في وجوه الخير ذكره الله عز وجل في آيات أخر بعد سورة التوبة:
{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} (الحج 35 – القصص 54 – السجدة 16 – الشورى 38)

2- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. (البقرة:62)
يقولون أن ناسختها:
وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ. (آل عمران:85)
أولًا: علينا أن لا ننسى أننا أثبتنا أن الأولين كان النسخ عندهم بمعنى: الاستثناء والتوضيح والبيان ...الخ
ثانيًا: ثبت من البحوث العلمية وعلم اللغة أن لفظ الجلالة "الله" لفظ إسلامي صرف. فالذين هادوا يؤمون بيهوه / جيهوفة، والنصارى يؤمنون بالثالوث: يهوه والروح القدس والمسيح. بل إن منهم من يقول أن "الله" هو اسم إله وثني او هو إله القمر. ومن ثم من آمن منهم بالله صار مسلمًا بالتالي. وهو ما يتساوى مع الآية الثانية أن الله لن يقبل دينًا من أحد إلا الإسلام. أما من يقول إن الآية ضمت "الذين آمنوا(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا...) فكيف هذا؟ نقول له إن الآية أيضًا تقول " مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً" وبالتحديد "وَعَمِلَ صَالِحاً" لتضم الإيمان مقترنًا بالعمل الصالح.

3- (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ. (البقرة:83)
قالوا: منسوخة بآية السيف.
فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (التوبة:5)
يقولون: أختلف المفسرين فيمن هم المخاطبين في هذه الآية فلو كان المخاطبين في هذه الآية اليهود فلا نسخ أما أذا كان المخاطبين المسلمين في معاملتهم مع الكفار فهي منسوخة بآية السيف .
وهذا خطأ لا ريب فيه لأن الآية الأولى موجهة إلى بني إسرائيل وتتحدث عن ماضيهم. ويكفي أن المفسرين اختلفوا فيها ولنعلم من هذا كيف يتجرأ هؤلاء على كتاب الله فيرمون أي آيتين لا يفهمون مغزاهما بتهمة الناسخ والمنسوخ.

4- وَدَّ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة:109)
يقولون أن ناسختها:
قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (التوبة:29)
أو:
{فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (5) سورة التوبة

الآية الأولى تشير إلى أن من أهل الكتاب من ود لو يتحول المسلمون عن دينهم. وتمني غير المسلم لا يوجب قيام المسلم بالعدوان عليه. فالحسد لا عقاب دنيوي عليه. والآية الثانية فيها أمر بالجزية مقابل الدفاع عن غير المسلم من أهل الكتاب في الوطن الإسلامي إذا لم يشترك في صفوف جيش المسلمين. وهي مقدار بسيط جدًا من المال كل عام يعفَى منه الطفل والمرأة والشيخ والعاجز ولا يدفعه إلا القادر. بل إن بيت مال المسلمين مكلف بالإنفاق على غير المسلم في الوطن الإسلامي إذا ألمت به ظروف تمنعه من الكسب والانفاق على نفسه وأسرته. ولا يحل إجبار أهل الكتاب على الإسلام، بل يخيرون بين الإسلام وأداء هذا المقدار البسيط من الجزية. والآية الثالثة توضح أن المشركين من العرب كانوا في حالة حرب مع المسلمين الذين سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم فأجابهم بقتال المحاربين من المشركين بعد الأشهر الحرم. أما من كان بينه وبين المسلمين معاهدة فلابد من احترام المعاهدات والمواثيق:
إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ. (التوبة 7)
وهكذا جاءت كل آية لتعالج موقفًا معينًا ومن ثم فلا نسخ البتة في الآيات.

5- إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:173)

قالوا أن ناسختها:
أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (المائدة:96)
وَقَدْ خَصَّصَ الْجُمْهُور مِنْ ذَلِكَ مَيْتَة الْبَحْر لِقَوْلِهِ تَعَالَى " أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ "
(ابن كثير)
وقد ذكرنا أن النسخ عند الأولين بمعنى الاستثناء لا المحو والإزالة.
فالآية الأولى تفيد أن كل ميتة وكل دم حرام، والآية الثانية تستثي خاص من عام، فتستثني صيد البحر ولو مات بعد صيده. ومن ثم فكل آية قد أدت معنى وحكمًا مختلفًا. وبالتالي لا نسخ فيهما.

6- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (البقرة:178)
قالوا أن ناسختها:
(وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (المائدة:45)
وهذا خطأ مبين لأن الآية الثانية خاصة ببني إسرائيل والأولى موجهة للمسلمين.

7- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (183) سورة البقرة
قالوا أن ناسختها:
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ. (البقرة:187)
وهذا جهل مطبق لأن معنى كلامهم أن الآية الأولى أصبحت غير ملزمة للمسلم مع أنه ما زال يصوم منذ أن فرض الله عليه صيام شهر رمضان إلى يومنا هذا.

8- وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (البقرة:190)
يقولون أن ناسختها:
(فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التوبة:5)
الآية الأولى تتحدث عن عموم من يقاتل المسلمين فعلى المسلمين حينئذٍ أن يهبوا للدفاع عن أنفسهم بغير انتهاك لحرمات الله وأن يتقوا الله في تصرفاتهم أثناء الحرب فلا يعتدون على النساء والأطفال ولا يحرقون الزرع ولا يقتلون البهائم ...الخ. والآية الثانية نزلت والمشركون في حالة حرب مع المسلمين فأمرهم الله بقتال هؤلاء المشركين بعد الأشهر الحرم. فكل آية أدت موقفًا مختلفًا تمام الاختلاف ومن ثم لا نسخ فيهما.

9- (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِين َ) (البقرة:191)
فالوا أن ناسختها:
(فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التوبة:5)
الآية الثانية شرحناها. أما الآية الأولى فتوضح أن المشركين أخرجوا المسلمين من ديارهم فأمرهم الله أن يطردوا المشركين من المواطن الإسلامية التي دخلوها:
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ. (الحج 40)
ويبين الله للمسلمين أن لا يقاتلوا المشركين عند المسجد الحرام إلا دفاعًا عن النفس. فكل آية شرحت حكمًا مختلفًا فلا نسخ فيهما.

10- (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (البقرة:194)
(يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة:217)

قالوا أن ناسختهما:
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة:36)
في الآية الأولى يأمرنا الله عز وجل برد العدوان بالمثل وأن الحرمات قصاص فمن اعتدى علينا في شهر حرام وجب علينا قتاله في الشهر الحرام ذاته وأن نتقي الله في كيفية رد العدوان فلا ننتهك حرمات الله. والآية الثانية جواب على سؤال للمسلمين أن القتال لرد العدوان فرض في الأشهر الحرم وفي الآية تحذير من تولي سبيل الذين كفروا. وفي الآية الثالثة نهي عن القتال في الأشهر الحرم إلا دفاعًا عن النفس وأن لا تعتدي طائفة من المؤمنين على طائفة أخرى في هذه الأشهر الحرم على وجه خاص، وأن نقاتل المشركين كافة كما يقاتلوننا كافة. فكما نرى أن كل آية عالجت وضعًا معينًا فلا نسخ فيهن.

يتبع
09-26-2006, 01:41 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
zaidgalal غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 4,570
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #9
أسطورة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
القائلون بتهمة الناسخ والمنسوخ
يكذبون على ابن عباس:

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ النَّحْوِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}‏ وَقَالَ ‏{‏ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ ‏}‏ الآيَةَ وَقَالَ ‏{‏ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ‏}‏ فَأَوَّلُ مَا نُسِخَ مِنَ الْقُرْآنِ الْقِبْلَةُ

ومما لا يختلف عليه اثنان أن القبلة لم تنسخ من القرآن شيئًا لأنه ببساطة لم ينزل قرآن البتة يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتوجه إلى بيت المقدس.

11- (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (البقرة:229)
يستشهدون بما يلي:
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ النَّحْوِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ‏}‏ وَقَالَ ‏{‏ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ ‏}‏ الآيَةَ وَقَالَ ‏{‏ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ‏}‏ فَأَوَّلُ مَا نُسِخَ مِنَ الْقُرْآنِ الْقِبْلَةُ وَقَالَ ‏{‏ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ ‏}‏ إِلَى قَوْلِهِ ‏{‏ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاَحًا ‏}‏ وَذَلِكَ بِأَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا فَنَسَخَ ذَلِكَ وَقَالَ ‏{‏ الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ‏}‏ ‏.‏

من شروط الناسخ والمنسوخ وجودهما معًا، أي وجود الآية المنسوخة وناسختها. فهل أمرهم الله بمراجعة أزواجهن وإن طلقوهن ثلاثًا ثم نسخ الله هذا الأمر بهذه الآية؟ لا يوجد قرآن البتة امرهم بهذا. ومن ثم لا وجود للناسخ والمنسوخ هنا.

12- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً. (الأحزاب:49)
قالوا أن ناسختها:
وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. (البقرة:237)
الآية الأولى تبين أن المطلقة الغير مدخول بها ليس عليها عدة ولها حقها المادي على زوجها. فتوضح الآية الثانية هذا الحق فتجعله نصف المهر المتفق عليه إلا إذا صدر عفو من الزوجة أو من ولي أمر الزوجة لكن الآية لا تتحدث عن العدة. وبالتالي لا يمكن أن نستغني عن إحداهما. ومن ثم لا نسخ فيهما. واستخدام سعيد بن المسيب في رواية لفظة "النسخ" فهو بمعنى "التخصيص والبيان".

13- حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (البقرة:238)
999 - حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ شَقِيقِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ
نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
{ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ }
وَصَلَاةِ الْعَصْرِ فَقَرَأْنَاهَا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نَسَخَهَا اللَّهُ فَنَزَلَتْ
{ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى }
فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ شَقِيقٍ لَهُ هِيَ إِذَنْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَقَالَ الْبَرَاءُ قَدْ أَخْبَرْتُكَ كَيْفَ نَزَلَتْ وَكَيْفَ نَسَخَهَا اللَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ مُسْلِم وَرَوَاهُ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ شَقِيقِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَرَأْنَاهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَانًا بِمِثْلِ حَدِيثِ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ. (صحيح مسلم)
يقول ابن كثير:
وأما إن روي على أنه قرآن فإنه لم يتواتر، فلا يثبت بمثل خبر الواحد قرآن ثم قد روي ما يدل على نسخ هذه التلاوة المذكورة في هذا الحديث. قال مسلم: حدثنا إسحاق بن راهويه، أخبرنا يحيى بن آدم، عن فضيل بن مرزوق، عن شقيق بن عقبة، عن البراء بن عازب، قال: نزلت: "حافظوا على الصلوات وصلاة العصر (1) " فقرأناها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله، ثم نسخها الله، عز وجل، فأنزل: { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى } فقال له زاهر -رجل كان مع شقيق -: أفهي العصر؟ قال: قد حدثتك كيف نزلت، وكيف نسخها الله، عز وجل.
قال مسلم: ورواه الأشجعي، عن الثوري، عن الأسود، عن شقيق.
قلت: وشقيق هذا لم يرو له مسلم سوى هذا الحديث الواحد، والله أعلم. (تفسير ابن كثير)
كما أن الأصل يكشف عن خطإٍ في الرواية:
وقوله في متن الحديث: "فقرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم" - هذا هو الصواب الموافق لسياق القول : "فقرأناها" ، والموافق لسائر الروايات . ورسمت في المطبوعة"فقرأتها" . وهو غير جيد . ولعلها رسمت الأصول المنقول عنها على الكتبة القديمة بدون ألف ولا نقط "فقراتها"(تفسير الطبري)

ويقول الإمام الشافعي:
وَأَبَانَ اللَّهُ لَهُمْ أَنَّهُ إنَّمَا نَسَخَ مَا نَسَخَ مِنْ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ وَأَنَّ السُّنَّةَ [ لَا نَاسِخَةً لِلْكِتَابِ ] وَإِنَّمَا هِيَ تَبَعٌ لِلْكِتَابِ بِمِثْلِ مَا نَزَلَ نَصًّا وَمُفَسِّرَةً مَعْنَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْهُ مجَمْلًا . (أحكام القرآن للشافعي)
فالسنة لا تثبت قرآنا البتة، كما أن هذه الرواية الأحادية تتعارض مع رواية أحادية أخرى:
998 - و حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ أَنَّهُ قَالَ أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنْ أَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا وَقَالَتْ إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الْآيَةَ فَآذِنِّي { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى } فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا فَأَمْلَتْ عَلَيَّ { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى }
وَصَلَاةِ الْعَصْرِ { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } قَالَتْ عَائِشَةُ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (صحيح مسلم)
فإذا قرأنا في البخاري:
5959 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ وَلَنْ يَمْلَأَ فَاهُ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ وَقَالَ لَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُبَيٍّ قَالَ كُنَّا نَرَى هَذَا مِنْ الْقُرْآنِ حَتَّى نَزَلَتْ أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ. (صحيح البخاري)
فهذا صحابي جليل يشهد أنه مع بعض المسلمين كانوا يحسبون هذا المذكور في الرواية قرآنا لترديد الرسول له ولم يعرفوا أنه ليس قرآنًا حتى نزلت سورة التكاثر. مما يدل دلالة شديدة على أن القرآن لا يثبته إلا القرآن وأن السنة لا تثبت قرآنًا، وأنه من السهل أن يخطيء الفرد فيظن أن ما سمعه قرآنا وليس دعاءً أو تفسيرًا. فهل يثبت القرآن الكريم بهذا الشكل؟

يتبع
09-26-2006, 05:13 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
zaidgalal غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 4,570
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #10
أسطورة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
1- أ- لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (البقرة:226)
وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)

ب- والذين يُتَوفّون منكم ويذرون أزواجًا وصيّةً لأزواجهم، متاعًا إلى الحول غير إخراج، فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهم من معروف. (البقرة:240)

ج- {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } (234) سورة البقرة

الآية الأولى تبين أن من حلف أن لا يطأ زوجه عليه أن يمهل نفسه 4 أشهر يراجع نفسه فيها. فإن راجع نفسه فرجع عن قراره فإن الله يغفر له ما ارتكبه من ظلم في حق زوجه. وإن أصر على موقفه فعليه أن يطلقها حتى لا تقع فتنة في المجتمع المسلم.
والآية الثانية توضح أن من حق من مات عنها زوجها أن تقيم في بيته عامًا كاملًا ليس بمفروض عليهن. فإن خرجن من بيت الزوجية بهدف الزواج مرة أخرى فلا يكون هذا إلا بعد انقضاء العدة المفروضة عليهن وهي 4 أشهر وعشرا. وهذا ما توضحه الآية الثالثة. وقوله:
{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (4) سورة الطلاق
فهذه عدة الحامل وعدة الزوجة التي لا تحيض لصغر أو لكبر السن. وفي نفس الوقت الذي تفرض عليهن العدة فلهن الحق في الإقامة في بيت الزوجية عامًا كاملًا باختيارهن كما بَيَّنَّا. وهكذا يتضح بجلاء لاريب فيه أن كل آية تؤدي مهمة معينة لا تؤديها الآيات الأخر كما أن السابق لا يمكن أن ينسخ اللاحق وهذا يظهر من أرقام الآيات وسورها. ومن ثم فلا نسخ فيها. وما ألصقوه على لسان بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهو خطأ فاحش إذ يظهرهم أنهم غير فاهمين لكتاب ربهم وهذا لا يعقل.

لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. (البقرة:256)
قالوا أن نواسخها:
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ. (البقرة:193)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (التوبة:73)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ. (التوبة:123)

لا يمكن للآية (البقرة 193) أن تنسخ الآية (البقرة 256) لأن السابق لا يمكن أن ينسخ اللاحق. ولنقرأ سياق الآية:
وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)
تتحدث الآيات عن قوم يقاتلوننا فهم في حالة حرب معنا وهم الذين بدأوا بالعدوان. بل إن أقدامهم وطئت أرض المسلمين وأخرجوا بعض السكان من بيوتهم. وهنا وجب علينا قتلهم في أي بقعة يتواجدون فيها على أرضنا لأنهم محتلون. فعلينا قتالهم حتى لا تكون فتنة بين صفوف المسلمين يستغلها ضعاف النفوس من المسلمين ويستغلها عملاء الاحتلال والمنافقون فيفتنوا الناس في دينهم. وعلينا أن لا ننظر حينئذٍ إلى الأشهر الحرم لأننا لم نبدأ بالعدوان وإنما نقاتل لرده ودحره.
أما الآيتين:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (التوبة:73)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ. (التوبة:123)
فالأولى لم تأمر النبي أن يجبر الكفار والمنافقين على اعتناق الإسلام بل توعدهم الله بالنار والمعنى أنهم سيموتون على حالهم هذه. والآية الثانية تأمرنا بقتال من يقوم بأعمال عدائية ضدنا وأن يجدوا منا غلظة في التعامل والمفاوضات معهم. ولم تأمرنا الآية بإجبارهم على الدخول في الإسلام. ومن ثم لا نسخ في الآيات البتة.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. (البقرة:282)

وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (البقرة:283)

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْجُبَيْرِيُّ، وَجَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَتَكِيُّ، قَالاَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ‏}‏ حَتَّى بَلَغَ ‏{‏فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا‏}‏ فَقَالَ هَذِهِ نَسَخَتْ مَا قَبْلَهَا.

ذكرنا أن الأولين استخدموا لفظة "نسخ" وبقصدوا منه التخصيص والبيان. فالآية الأولى تتحدث عن مسلمين مستقرين في مجتمعهم. ومن ثم فهناك فسحة من الوقت ليكتبوا الدَيْنَ يمليه على الكاتب صاحب الحق بالحق وبالعدل. فإن كان صاحب الحق غير مؤهل قام بالإملاء وليه. ولابد من شهادة رجلين أو رجل وامرأتين كشهود عدل. ولا يلزم هذا في البيع والشراء ويكفي الإشهاد على البيع والشراء. لكن ماذا نفعل لو كنا في سفر والوقت ضيق ولن نجد كاتبًا ولا شهودًا نعرفهم؟ هنا تجيبنا الآية الثانية أننا نلجأ للرهان كما رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعه ليهودي على 30 وسقًا من شعير قوتًا لأهله عليه الصلاة والسلام. ويحق لصاحب الدَيْن أن يثق في أمانة المدين فلا يأخذ منه رهنًا وحينئذٍ على المدين أن يتق الله ربه ويؤدي لذي الحق حقه. وهكذا نجد أن كل آية أدت موقفًا مختلفًا. ومن ثم فلا نسخ فيهما إلا بمعنى مزيد بيانٍ وتخصيص.

وقولهم مستشهدين:
وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف ، فمن قرأه صابراً محتسباً فله بكل حرف زوجة من الحور العين قال بعض العلماء هذا العدد باعتبار ما كان قرآناً ونسخ رسمه، وإلا فالموجود الآن لا يبلغ هذه العدة. (الدر المنثور للسيوطي. ج10)

فهو كلام لا سند له كما أنه يخالف الثابت المتواتر ومن ثم لا عبرة به

يتبع
09-26-2006, 04:04 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  منهج الحوار في القرآن الكريم فارس اللواء 12 2,479 02-23-2012, 10:32 PM
آخر رد: فارس اللواء
  الإعجاز في تحريف القرأن الكريم تمهيد مؤمن مصلح 117 29,585 11-16-2011, 10:51 PM
آخر رد: الفكر الحر
  تفسيرالقرآن الكريم والحقيقة العلمية السيد مهدي الحسيني 4 1,752 11-12-2011, 01:54 AM
آخر رد: السيد مهدي الحسيني
  لفلم الوثائقى الألمانى الذى حطم أسطورة المسيح ابن الله الجواهري 0 759 09-29-2011, 05:59 PM
آخر رد: الجواهري
  التفسيرات الحرفية للقرآن الكريم …بقلم د.عبد الوهاب المسيري فارس اللواء 0 1,163 09-18-2011, 08:38 PM
آخر رد: فارس اللواء

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS