بينما أنا أبحث في مقدمة ابن خلدون عن شيء قرأته قبل فترة طويلة يتعلق بمشروعي في سورة البقرة ، صادفتني فكرة أخرى غاية في الغرابة ، فوجدت له كلاماً يوحي بفكرة التطور الداروينية ، طبعاً ليس بالمعنى الدارويني الحديث ، لكن كلامه يشير بقوة إلى ما انطلق منه داروين و التطوريون سابقاً و لاحقاً عليه حول الأصل الواحد للكائنات الحية .

يقول ابن خلدون في مقدمته :

"و أبدأ من ذلك بالعالم المحسوس الجثماني و أولاً عالم العناصر المشاهدة كيف تدرج صاعداً من الأرض إلى الماء ثم إلى الهواء ثم إلى النار متصلاً بعضها ببعض و كل واحد منها مستعد إلى أن يستحيل إلى ما يليه صاعداً و هابطاً و يستحيل بعض الأوقات و الصاعد منها ألطف مما قبله إلى أن ينتهي إلى عالم الأفلاك و هو ألطف من الكل على طبقات اتصل بعضها ببعض على هيئة لا يدرك الحس منها إلا الحركات فقط و بها يهتدي بعضهم إلى معرفة مقاديرها و أوضاعها و ما بعد ذلك من وجود الذوات التي لها هذه الآثار فيها ثم انظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم الحيوان على هيئة بديعة من التدريج آخر أفق المعادن متصل بأول أفق النبات مثل الحشائش و ما لا بذر له و آخر أفق النبات مثل النخل و الكرم متصل بأول أفق الحيوان مثل الحلزون و الصدف و لم يوجد لهما إلا قوة اللمس فقط و معنى الاتصال في هذه المكونات أن آخر أفق منها مستعد بالاستعداد الغريب لأن يصير أول أفق الذي بعده و اتسع عالم الحيوان و تعددت أنواعه و انتهى في تدريج التكوين إلى الإنسان صاحب الفكر و الروية "

مقدمة ابن خلدون ، المقدمة السادسة ، تفسير حقيقة النبؤة على ما شرحه كثير من المحققين ثم نذكر حقيقة الكهانة ثم الرؤيا ثم شان العرافين و غير ذلك من مدارك الغيب .

مجرد فقرة استوقفتني

تحياتي لكم

فقرة مثيرة للاهتمام حقاً، وهي تشكل مرحلة الملاحظة للانسيابية بين مستويات الكائنات.
ولكن للأسف فإنها اتخذت كدليل وجود الخالق (المكون)، ولم تتخذ على محل جدية علمية بحثية.
وقد ذكرها محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه "كبرى اليقينيات الكونية" كدليل على وجود الله.

(f)

واخوان الصفا اشاروا الى فكرة التطور بشكل أوضح. ولا بد أن الكثيرين قد لاحظوا النمط. ولكن أي منهم لم ينتبه الى الفكرة الأقوى في نظرية التطور وهي الاصطفاء الطبيعي.

مرحباً ختيار ..
فكرة التطوّر ليست وليدة عصر النهضة .. قرأت مرّة لمن هم أقدم من "ابن خلدون" يتحدّثون عن الترابط بين الكائنات الحيّة .. أرسطو مثلاً .. تكلّم عن الترابط بين الكائنات الحيّة بشكل يوحي وكأنّه توصّل فعلاً إلى أنّ هذه الكائنات تطوّرت عن بعضها البعض ..
تحدّث أرسطو عن التشابه البنيوي بين الحيوانات .. وكيف أنّها تتدرّج من الأبسط إلى الأكثر تعقيداً .. وفي الحقيقة فإنّ السبق الدارويني يأتي في الحديث عن "اصطفاء الطبيعي" و"تكيّف" كان وراء هذا التنوّع .. أي أنّ النظريّة "فسّرت" هذا التشابه والتسلسل والتتالي .. لكنّها ليست من اكتشفه ..

أظنّ أنّ كلام ابن خلدون يندرج في الخانة ذاتها ..

خوليو

مرحباً بالأستاذ الختيار
وتحية للجميع

إن التطور الكائنات الحية الذي استغرق أكثر من ثلاثة مليارات سنة وشمل الأرض كلها , له ملاليين الظواهر التي تدل علية , وهو يحتاج إلى عقل الذي يستطيع أن يقرأ هذه الظواهر أو الدلالات .
لذلك أثناء تطور ونمو الثقافات والمعارف الإنسانية بدأت تتكشف وتقرأ هذه الظواهر التي تدل على أن الكائنات الحية كلها هي بنية واحدة نشأت وتطورت لتصبح كما هي عليه الآن .
ونحن نستطيع أن نجد الدلالات الكثيرة التي تظهر أن الكثير من العقول انتبهت أن الكائنات الحية كلها لها أصول واحدة , والبعض توقع أن تكون كل الكائنات الحية هي سلسلة واحدة .
وبالفعل يحق لكل مفكر أن يتصور أن كائن واسع القدرات قام بتشكيلها .
لأنه من الصعب جداً تصور نشوءها بطريق الصدفةوالعشواء .
فمعرفت كل الآليات والعناصرالتي أحدثت هذا التطور صعب جداً .
صحيح أننا الآن متيقنين من أن الكائنات الحية تشكلت من العناصر الطبيعية الموجودة .
ولكن كيف حدث هذا بالتفصيل يحتاج إلى دراسة وعمل كبير جداً .


نبيل

مساء الخير

يعلمنا تاريخ العلوم أنه لا و جود لسبق علمي و معرفي بشكل خالص فكل نظرية علمية لا بد أن تسبقها نظريات مماثلة أو ممهدة لها .

باانسبة لفكرة التطور المؤكد أنها تعود إلى القديم و لها رواسب تعود إلى الديانات البدائية كالطوطمية التي تؤمن بأن هناك جد مشترك عبارة عن حيوان منه ينحدر معتنقوها.

أما بخصوص النظرية الداروينية فمن المؤكد أن أرسطو في كتابه "في النفس" كان قد لاحظ التشابه الكبير بين الكائنات الحية. كما أنه قد سبق درون العديد من العلماء لعل أبرزهم هو العالم الفرنسي لامارك الذي بنا نظريته عن طريق الملاحظة العينية المباشرة فإستنتج أن الكائنات كلها تعود إلى أصل واحد مشترك و لكن كانت نظريته قاصرة بسبب أنها كانت تعتبر أن التطور كان نتيجة تأثير العوامل البيئية الخارجية على صفات المتعضيات(مثال عنق الزرافة الذي و ضعه لامارك). ما يعني إمكانية توريت الصفات المكتسبة وهذا ما أكد علم الجينات إستحالة حدوثه.

هناك شخصية أخرى مثيرة للجدل إستطاعت أن تصل إلى نظرية التطور الداروينية نفسها و هي العالم ألفريد رسل والاس الذي كان يعمل بشواطئ أمريكا الجنوبية. فرغم أنه كان معاصرا لدارون إلا أنهما توصلا إلى هذه النظرية كل على حدة دون أن يعلم الواحد بالآخر. فسميت نظرية التطور بنظرية دارون - ولاس (في الأوساط الأكاديمية المتخصصة طبعا), عكس ماهو معروف عند الهواة بتسميتها بنظرية دارون.

شكراااااااااااااااااا:23:

تسجيل إعجاب ومتابعة (f) لم أكن أعرف أن ولاس له دور في النظرية بهذا القدر ويتضح لي كم أنا جاهل ويجب أن أقرأ المزيد. بالمناسبة، عندي مجموعة قيمة من كتب التطور لمن يريد وهي في أغلبها صادرة عن دار أكسفورد للنشر.

قمنا بجمع تبرعات لـ داروين واشترينا له كمبيوتر لابتوب حتى يعمل أبحاثه بشكل أقل إجهاداً وهو لم يبخل علينا وقرر أن يضع أعماله كاملة على موقع خاص به ويدفع مصاريفه له الشيخ العثيمين لشغفه بالتطور العلمي لكل هذه العلوم :cool:



http://darwin-online.org.uk/

:redrose:

اقتباس:  إبراهيم   كتب/كتبت  
 
تسجيل إعجاب ومتابعة (f) لم أكن أعرف أن ولاس له دور في النظرية بهذا القدر ويتضح لي كم أنا جاهل ويجب أن أقرأ المزيد. بالمناسبة، عندي مجموعة قيمة من كتب التطور لمن يريد وهي في أغلبها صادرة عن دار أكسفورد للنشر.

أهلاً ابراهيم ..
المعروف بدّو سؤال :) ..

بتمنى تزودني بالروابط .. وشكراً سلفاً ..

خوليو

أخي العزيز خوليو:
أتحصل على كثير من الكتب المثيرة للاهتمام من خلال موقع روسي هذا رابطه:
http://www.avaxhome.ru/

وعلى يمين الصفحة ستجد خانة للبحث Search، والمطلوب منك هو أن تكتب وتجرب استخدام هذه الكلمات في البحث عن الكتب:

Evolution, Darwin, Richard Dawkins, Genetics, Genome, Genesis, Species, The Mating Mind

اعتبرها تسلية المساء وجرب استخدام كلمة واحدة أو عبارة من كلمتين في خانة البحث كل مرة.

لو لا تروقك هذه الوسيلة فيمكن أن أجرب رفع الكتب الموجودة عندي على موقع من مواقع الرفع وهذا خيار ثاني. فأرجو أن تطمئنني إلى ماوصلت إليه وبكل سرور مستعد أن أعمل معك إلى أن يصلك جميع ما عندي.

وطبعا عندك الموقع اللي فوق وفيه أعمال داروين كاملة. أرجو أن لا تفوتك كتب ريتشارد دوكينز وهو عالم غني عن التعريف؛ لم أعرف قيمته حتى قرأت اقتباسات من كتبه لبرفوسور طبعت كتبه في كامبريدج وييل. عامة اهتماماتي تتوزع بين الفيزياء والتطور في مجال العلوم.