أعجبني نص "طريف قديم" نقله الزميل العلماني عن صاحب "الأغاني" عن "جارية" كان قد أهداها "أحد ملوك الحيرة اللخميين" إلى "كسرى أنو شروان" مع شرح "لحميد صفاتها" ... يقول:

(إني قد وجهت إلى الملك جاريةً معتدلة الخلق، نقية اللون والثغر، بيضاء قمراء وطفاء كحلاء دعجاء حوراء عيناء قنواء شماء برجاء زجاء أسيلة الخد، شهية المقبل، جثلة الشعر، عظيمة الهامة، بعيدة مهوى القرط، عيطاء، عريضة الصدر، كاعب الثدي، ضخمة مشاش المنكب والعضد، حسنة المعصم، لطيفة الكف، سبطة البنان، ضامرة البطن، خميصة الخصر، غرثى الوشاح، رداح الأقبال، رابية الكفل، لفاء الفخذين، ريا الروادف، ضخمة المأكمتين، مفعمة الساق، مشبعة الخلخال، لطيفة الكعب والقدم، قطوف المشي، مكسال الضحى، بضة المتجرد، سموعاً للسيد، ليست بخنساء ولا سفعاء، رقيقة الأنف، عزيزة النفس، لم تغذ في بؤسٍ، حييةً رزينةً، حليمةً ركينةً، كريمة الخال، تقتصر على نسب أبيها دون فصيلتها، وتستغني بفصيلتها دون جماع قبيلتها، قد أحكمتها الأمور في الأدب، فرأيها رأي أهل الشرف، وعملها عمل أهل الحاجة، صناع الكفين، قطيعة اللسان ورهو الصوت ساكنته، تزين الولي، وتشين العدو، إن أردتها اشتهت، وإن تركتها انتهت، تحملق عيناها، وتحر وجنتاها، وتذبذب شفتاها، وتبادرك الوثبة إذا قمت، ولا تجلس إلا بأمرك إذا جلست).

أما اعتدال الخلق فهو التوسط فيه.

أما نقاء اللون فهو صفاؤه الذي لا يشوبه شائبة.

أما نقاء الثغر فلست أدري ما هو.

أما البيضاء فهي بيضاء لون البشرة وقد كان العرب معجبون جدا بالمرأة البيضاء حتى قال امرؤ القيس في معلقته

وَبَيْضةِ خِدْرٍ لا يُرامُ خِباؤُها
تَمتَّعْتُ من لَهْوٍ بها غيرَ مُعجَلِ

يعني ورب امرأة بيضاء اللون لزمت خدرها. وتشبيه المرأة بالبيضة هو للدلالة على صفاء لونها ونقائه لأن البيض يكون صافي اللون. وربما شبهت النساء ببيض النعام ، وأريد أنهن بيض تشوب ألوانهن صفرة يسيرة كلون بيض النعام ، ومنه قول ذي الرمة:

بيضاء في نعج صفراء في دعج
كأنها فضة قـد مسهـا ذهـب

والنعج هو السمنة فيقال نعجت بغلي أي سمنته. فالنعجاء هي الإمرأة السمينة وهي تختلف عن البهنكة وهي الممتلئة الجسم، ناعمته التي اختلى بها طرفة بن العبيد في معلقته فقال

وَتقصيرُ يوم الدَّجنِ والدجنُ مُعجِبٌ
بِبَهْكَنَةٍ تَحْتَ الخِباءِ الُمعَمَّدِ

ويوم الدجن هو يوم المطر.

هذا عن النعجاء والبهنكة، أما الدعج فهو شدة سواد الحدقة مع سعتها، ويقال عين دعجاء بيِّنة الدعج.

نعود بهذا لوصف الجارية المهداة الى كسرى أنو شروان والتي وصفت بأنها بيضاء قمراء. والمرأة القمراء هي البيضاء الذي يشعّ بياضها كالقمر في ظلمة الليل.

والوطفاء هي كثيرة شعر الحاجبين والاهداب مع استرخاء وطول

أما الكحل فهو غير التكحّل؛ هو أن يعلو منابت أشفار العيون سواد خلقه وأن تسودّ مواضع الكحل. والكحلاء هي التي يعلو عينيها كحل.

أما الدعجاء فقد وصفتها أعلاه.

أما الحور فشدة بياض المقلة مع شدة سوادها. ومن ذلك حور العين التي وعد الله عباده المخلصين وهم جمع حوراء وهي المرأة الشابة الحسناء الجميلة البيضاء شديدة سواد العين. وقد تغنى الشعراء بحور العيون فقال جرير:

ان العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به
وهن أضعف خلق الله انسانا

وليس من المستغرب أن يطيل صاحب الجارية في وصف محاسن عيونها، فالعين لدى العرب هي لسان القلب ونافذة الروح.

فالعين تعرف من عيني محدثها
ان كان من حزبها او من اعاديها

ومن أقوال الشعراء في كلام العيون ما قاله ابراهيم بن المهدي:

اشرت اليها هل عرفت مودتي
فردت بطرف العين اني على العهد

أقف هنا .. وقد أفرد للعيون عن العرب مداخلة خاصة. لكن ليس قبل أن أفكّ طلاسم وصف الجارية هذه.

آه يا كندي (على وزن ياسندي)
جميل وقد أمتعني المقال أصلا لما كتبه العلماني رغم جهلي الفظيع المريع بلغتي التي أتكلمها... (تصور)

شكرا كثيرا لك

لكني أظن أن بيت جرير فيه خطأ مطبعي صغير (شوف القافية)
وهن أضعف خلق الله أركانا

وجرير أعلم

ماتواخذني حمصية

اقتباس:أما نقاء الثغر فلست أدري ما هو.

هو، ببساطة، "نظافة الفم" المتجلية - عادة - ببياض الأسنان.

اقتباس:لكني أظن أن بيت جرير فيه خطأ مطبعي صغير (شوف القافية)
وهن أضعف خلق الله أركانا

الحق معك "دينا"، ولكن قد يقول لك البعض بأن "الحق مع الكندي" !!! ...

يعني هما روايتان، جاءتا في أمهات الكتب، أصحهما - عندي - "أركانا". ولكن بعض "المتأخرين" من المشتغلين في الأدب رووا البيت مع "إنسانا".

يعني شو؟
يعني "الأصفهاني وابن عبد ربه وابن قتيبة" وغيرهم أثبتوا البيت مع "أركانا"، بينما "الدميري وابن تغري بردى وابن حجة الحموي وابن أبي حجلة وأبو الحسن البصري وأبو منصور الثعالبي" أثبتوا البيت مع "إنسانا".

بالنسبة لي لا مجال للمقارنة بين الثلاثة الأوائل والباقين. فأصحاب "الأغاني والعقد الفريد والشعر والشعراء" هم ثقاة كبار. ثم أن البيت التالي لهذين البيتين يستعمل كلمة "إنسانا" في القافية، وليس "جرير" الذي يأتي بكلمات مكررة متتابعة في نفس القصيدة.

مع هذا فلقد أزعجني أديبان رويا البيتين مع "إنسانا"، أولهما: إبن رشيق القيرواني - وهو من هو - وثانيهما "أحمد الهاشمي" في "جواهر الأدب". "فابن رشيق" من كبار رجالات الأدب، وكتابه "العمدة" مشهور معروف طالما عولّنا عليه في الدراسات الأدبية، أما "أحمد الهاشمي" فهو مؤلف "متأخر جداً" عن القدماء، كان يستطيع ببعض المقارنة أن يتحقق من صحة ما يورده.

وردتين للكندي وللحمصية
:redrose::redrose:

واسلما لي
العلماني

الأصدقاء العلماني ودينا،

شكرا لإضافتيكما الجميلتين (f)(f).

دينا! تصوّرت كما سألتني أن افعل. شو أعمل بالصورة؟ :P

والله اللغة في هذا الشريط قد انقرضت مع انقراض ذلك المخلوق الأسطوري المسمى بـ "جارية"..

:angry:
من فين تجيبوا هذا الكلام الخطرشة.. يا أخي الله نفسه لو سألته: تعرف مين هذه المره، بيرد عليكم: ولا في الأحلام :lol:

وميضو
أنا هيك فكرت في البداية
لكن أتت ذاتي التي أعشقها وأجابتني أن الجمال والكمال ليس في المرأة
بل في النص

تحية للكندي اللي تصور وطلع حمصي أكتر مني
علماني
أنا معجبة بك .... بتتجوزني؟

اقتباس:  Deena   كتب/كتبت  

علماني
أنا معجبة بك .... بتتجوزني؟

يا رب يكون الحكي صحيح لحتى أطلب إيدك من جوزك :) ...

(f)

واسلمي لي
العلماني

المشكلة عم أنسى أنه ممنوع تعدد الأزواج

حمصية شو بدك تساوي